روايات

رواية خطايا بريئة الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ميرا كرم

رواية خطايا بريئة الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ميرا كرم

رواية خطايا بريئة الجزء الرابع والثلاثون

رواية خطايا بريئة البارت الرابع والثلاثون

رواية خطايا بريئة
رواية خطايا بريئة

رواية خطايا بريئة الحلقة الرابعة والثلاثون

ألا يحق لقلبي الصغير أن يحلم معك دون إن يستيقظ على صوت خطواتك ترحل ؟ .. عدني عندما تأتي أن تمسك يدي جيداً وتصرخ في وجه الغياب كي يرحل عنا ”
-خولة حمدي
(في قلبي انثى عبرية)
————————-
كانت الوحدة التي وضعها بها قسرًا تكاد تصيبها بالجنون وتجعل العديد والعديد من الأفكار السوداوية تداهمها وكم عبث الشيطان برأسها حينها وأوهمها بالكثير ولكنها جاهدت بشدة و استعانت بالصلاة كما علمها هو سابقًا وكان حافز لها لتواظب عليها، والآن لايوجد لديها حيلة لتكبح وساوسه عنها سوى بالتضرع لله فكانت رغم بكائها وانقطاعها عن الطعام إلا أنها كانت صامدة من أجل مالك قلبها فروحها متشبثة به ولا تقدر على مفارقته وقد أقسمت أنها لن تفلته وستصمد من أجله، وحين اطلقت “مُحبة” سراحها استغربت كثيرًا عندما اخبرتها أن “دعاء “سبب في ذلك…وتوقعت انها فعلت ذلك لغرض ما في نفسها وحقًا هي لا تهتم سوى بخبر مجيئه لمقابلة ابيها ورفضه له لذلك هرولت لغرفة مكتبه قاطعة خلوته وتفكيره العضال بكل ما جرى بقولها:
-ليه رفضته…ليه عملت كده حرام عليك!
زفر “فاضل” انفاسه دفعة واحدة وقال بهدوء مريب:
-انتِ عارفة السبب كويس.
عاتبته بنبرة تفيض بالخذلان:
-اسبابك متهمنيش…أنتِ ليه بتعمل فيا ليه كده! أنت وعدتني انك هتعمل أي حاجة علشان تشوفني مبسوطة ليه بتقسى عليا وعايز تحرمني منه.
تنهد “فاضل” بضيق وتسأل والفضول يتأكله بعد حديث “محمد” الواثق له:
-الولد ده يعرف إيه عنك أنا معرفهوش؟
احتلت الحسرة تقاسيمها حين أجابته:
-انت متعرفش عني حاجة اصلاً يا بابي ولا عندك وقت تعرف…
تساءل” فاضل” مشكك بها:
-يعني ايه؟
صرحت هي بمكنون قلبها وهي تظنه سيتفهمها:
-يعني “محمد” يعرفني أكتر من نفسي و أنا بحبه ومش هقدر اعيش من غيره ولا أكون لحد غير ليه
-يا خبر كلامك ده معناه أن اللي وصلني صح يا “ميرال”
قالتها “دعاء “بخبث مقيت وهي تدخل من باب غرفة مكتبه مدعية صدمتها من حديثها.
زاغت نظراتها بعدم فهم بينما تساءل “فاضل” بحدة:
-ايه اللي وصلك عنها اتكلمي يا “دعاء” أنتِ تعرفي شيء أنا معرفهوش
مطت” دعاء” فمها وادعت حسرتها:
-اليومين اللي قالت انها مسافرة مع اصحابها فيهم وصلني أنها كانت قاعدة معاه في بيته يا” فاضل”…انا مكنتش مصدقة لكن بعد كلامها انها مش هتنفع تبقى غير ليه ده اكدلي أن في حاجة حصلت بينهم
لم تتحمل “ميرال” ادعائها لتصرخ بحمئة وبنظرات كارهة:
-أنتِ أزاي بالحقارة دي أنا مش مصدقة…أنتِ شيطان…شيطان
زمجر ابيها وانقض على ذراعيها يسألها بنبرة يقطر منها الشك:
-حصل…كنتِ قاعدة معاه في بيته؟
حاولت هي التوضيح:
-بابي متصدقهاش دي كدابة أنا مكنتش قاعدة معاه في نفس البيت هو…
صفعة قوية جعلتها ترتد على أثرها بالعة باقي دفاعها بجوفها تنظر له بعيون متسعة غير مستوعبة أنه بالفعل تطاول عليها بالضرب لأول مرة بسبب تحريض زوجته وادعائها عليها، لتبتلع غصة مريرة بحلقها كمر العلقم حين صرخ بها بإنفعال شديد وهو يقبض على رسغها:
-هي للدرجة دي وصل بيكِ الاستهتار للدرجة دي معرفتش اربيكِ…وهو لو فاكر أنه علشان ضحك عليكِ وخلاكِ فرطي في نفسك هيقدر يحطني قدام الأمر الواقع ويجبرني أوافق يبقي غلطان… الولد ده هتبعدي عنه نهائي وتقطعي كل صلتك بيه…أنتِ فاهمة…
نفت برأسها بقوة لا تصدق كون ابيها يشكك بها حتى فرت دمعاتها من بحر عيناها وقالت بقهر لا مثيل له نابع من خذلانه لها:
-أنا مش هدافع عن نفسي ولعلمك انا مقدرش اسيبه عارف ليه… علشان هو اكتر حد فارقلي في الدنيا هو اللي شكلني من تاني وصلح فيا اللي انانيتكم وإهمالكم عملوه فيا….لتشهق بحرقة وتستأنف حديثها المغلف بالحزن دفعة واحدة ودمعاتها تزف حسرتها:
-أنت متعرفش عني حاجة انت طول الوقت كُنت مشغول عني وعندك ألف حاجة أهم مني…ومتعرفش إني كنت كل كام يوم بصاحب واحد علشان نفسي في الأهتمام…نفسي في حد يفكر فيا ويشغل باله بيا وبحياتي…متعرفش إني كنت باخد حبوب مخدرة علشان مفكرش واهرب من كل حاجة حواليا…ولا تعرف كام مرة حاولت اخلص من حياتي وأموت نفسي متعرفش…متعرفش عني حاجة… بس هو يعرف هو عطاني الحنية والأمان اللي عمرك ما عرفت تدهولي… وعلشان كده مليش احلام غيره وعايزة اكمل باقي عمري معاه… لتنظر له نظرة طويلة متمعنة وكأنها تودعه بها وتقول بكل إصرار وهي تراه يقف مشدوهاً أمامها وقد غرغرت دموع الندم عينه:
-انا هسيبك زي ما أمي سابتك وعارف كمان أنا لما حبيت بطلت ألومها وفهمت ليه سابتك وفضلت عليك راجل تاني…
قالت آخر جملة بشجاعة نابعة من اقتناع تام وهي تهرع من أمامه باكية تاركته ينظر لآثارها بقلب يتمزق من قسوة تلك الحقائق التي لطالما تهرب منها
وحينها داهمته الكثير من الذكريات التي جمعته بوالدتها واشعرته بالاختناق ليحل رابطة عنقه حين تشدقت “دعاء “كي تزيدها عليه وتستغل الأمر لصالحها:
-شوفت يا “فاضل” بنتك وجبروتها كنت بتعارضني علشان خايفة عليها أهو اللي طول عمرك خوفت منه حصل وهتخرج عن طوعك وهتعمل زي امها وتسيبك علشان واحد جربوع…
أنتظرت لكي تحصل منه على رد يبرد نيرانها ولكن كان “فاضل” أبعد ما يكون عن افكارها فكان بعالم موازي يفكر ويفكر وحديث ابنته يتردد صداه برأسه كجرس إنذار كاشف الستار عن تلك الخطيئة التي عرتها ابنته أمامه وجردتها من مبرراتها و كان يظنها بريئة .
—————–
-اسمع يا ولدي أنا صبري نفذ ومجدمكش حاچة غير حل من اتنين…انا خابر أنك هتحب مرتك وعشان إكده مش هجبرك تطلجها بس حط في اعتبارك بعد كام يوم وبعد ما تنقجضي العدة هيكون كتب كتابك على بت عمتك
قالها “عبد الرحيم” بنبرة قاطعة لا تفاوض بها وهو يجلس بكل اريحية وكأن ما تفوه به هو المنطق بحد ذاته
مما جعل “حامد “تتسع عينه بعدم استيعاب ويقول برفض قاطع:
-بتجول ايه يا بوي أنا معوزش اتجوز على مرتي… وبت عمتي كيف اختي تمام
ليكرر “عبد الرحيم” بصوت جهوري منفعل:
-هي كلمة واحدة ومش هتترد يا “حامد” يأما جَسم ب الله لتكون ولدي ولا اعرفك وتكون حكمت على مرتك بالمرار الطافح
ابتلع “حامد” غصه مريرة بحلقه وعاتبه :
-بتهددني يا بوي
-لع يا ولدي بعجلك انا أجدر اجبرك تطلجها واخدها من يدها بجُرصة وارجعها لأهلها ومحدش هيحط عليا عوار بتهم معيوبة
ظل “حامد” متمسك بدفاعه:
-مرتي مش معيوبة يا بوي وانا هحبها ولو انطبجت السما على الأرض أني مهفرطش فيها…
زمجر “عبد الرحيم “غاضبًا:
– يعني أيه الحديت ده على أخر الزمن هتعصاني يا” حامد”
اجابه “حامد” بطولة بال خوفًا من سخطه:
– يا ابوي لا عاش ولا كان اللي يعصاك بس أنا عيشت العمر كلاته تحت طوعك ومبكسرش كلمة تجولها عشان ارضيك وانول رضا ربنا لكن لما تأمرني بشيء زي ده مجدرش اطاوعك يا بوي…ده حتى النبي عليه افضل الصلاه والسلام جال: ( لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف)
ليفاوضه” عبد الرحيم” في سبيل إقناعه:
-وانا معوزش معصية أنا عاوزك تتچوز بحلال ربنا وتكتب على بت عمتك هي لحمنا وعرضنا ولابد نحافظ عليها وعلى مالها وانا خابر زين أنها متعلمة ومتنورة وممكن ما تجبلش تتچوزك بس متجلجش انا هجنعها وهي لاممكن تعصاني
-تجنعها بأيه… يا بوي بت عمتي مش چاية من ورا الچموسة
حانت من “عبد الرحيم” بسمة متغطرسة وقال وهو يسند ذقنه على عصاه الابنوسي:
-هتوافج ذوج أو عافية هتوافج
عاتبه “حامد” وهو يجثو امامه:
-هتچبرها…حرام يا بوي جبت الجسوة دي من فين!
زفر “عبد الرحيم “بقوة وقال والجشع يقطر من حديثه:
– دي مش جسوة ده العدل مال خيتي لازم ولابد يرچع تحت يدي وانت لازم تساعدني و واچب عليكِ الطاعة
مرر “حامد” يده بخصلاته وقال وهو يهب و يدور حول نفسه يشعر أنه على حافة الجنون:
-لو طاوعتك يا بوي هكسر جلب “جمر” وانا الموت عندي اهون…
دب “عبد الرحيم” الأرض بعصاه وهب واقفًا بكل جبروت أمراً اياه:
-هي كلمة ومش هتنيها كتب كتابك على بت عمتك بعد عدتها بيوم ومعوزش أي نجاش تاني
ليغادر “عبد الرحيم ” المندرة تارك ولده يرتمي على أحد المقاعد ويكوب رأسه بيده وهو لا يصدق أن ابيه تفاقم جشجعه لذلك الحد الذي أعمى بصيرته وجعله يستغل كل من حوله بهذا الشكل .
——————-
أما عنها فقد انتظرت ليلحق بها كعادته كي يراضيها ولكنه لم يأتي لذلك توجهت لغرفة “نادين” باكية تقص عليها ماحدث بعفوية وبسلامة نية تخبرها بكل صدق كون الغيرة دبت قلبها وحينها ابتسمت “نادين” قائلة:
-غيرانة على جوزك مني يا “قمر” ده زي اخويا بالظبط
اجابتها “قمر” من بين شهقاتها:
-خابرة اللي في ضميرك بس جلبي بيجولي أن عمي ناوي على نية عِفشة…
تنهدت “نادين” بضيق وقالت بشجاعة واهية يكمن خلفها خوف عظيم:
-هيعمل ايه يعني؟
تلعثمت” قمر “وهي تكفكف دمعاتها :
-ممكن يجبره يطلجني و…..
لم تواتيها الشجاعة لتستأنف تخمينها ولكن “نادين” تفهمت إلى ماذا ترمي لذلك اجابتها بثقة:
-أنا لا يمكن اقبل يا “قمر”…متقلقيش وبعدين اتفائلي وإن شاء الله كل اللي بتفكري فيه ده هيطلع ملوش اساس… وبكرة ربنا هيكرمك وبالك هيرتاح
أمنت هي على دعائها بعدما طمئنها حديثها:
-يااااارب يسمع من خشمك ربنا لتتنهد بضيق عندما تذكرت ما ينغص راحتها:
-بس كيف بالي يروج و أما “ونيسة” وعمي “عبد الرحيم” بيجطمنوي في الرايحة والچاية وهيفكروني بِعلتي
تنهدت” نادين” بضيق تشعر بمعانتها فمن الوهلة الأولى لها بذلك المنزل لاحظت خنوع “حامد” وسلبيته في طاعتهم فخالها وزوجته ينهالون على تلك المسكينة بأحاديثهم الجارحة بسبب تأخر إنجابها غير عابئين بمشاعرها ولا بقلة حيلتها ولا بذلك التأثير السلبي الذي يتركه حديثهم في نفسها، لذلك حاولت أن تواسيها قائلة:
-أهم حاجة جوزك بيحبك وراضي بقضاء ربنا وأنت قولتي أنه علطول بيدافع عنك وبيزعل على زعلك قدامهم ودي حاجة تخليكِ مبسوطة وتأكدلك أن لو الدنيا كلها مالت بيكِ جوزك هيسندك
توهجت “قمر” بشدة واخبرتها وهي تضع طرف وشاحها على طرف فمها بخجل:
-“حامد” طيب وهيعشجني عشج ولا ممكن يفرط فيا وده اللي مصبرني
تجمدت نظرات “نادين” في الفراغ فياليت كان لديها نصف الثقة التي تتحدث بها “قمر” عن حب زوجها لها…وكيف تفعل وهو اختزل كل شيء وتبخر وكأن عشقه وحبه لها سراب خادع لا وجود له.
-واه مسهمة فأيه؟
نفضته من تفكيرها سريعًا كي لا تفضحها دمعاتها وتكشف عن هشاشتها من دونه وردت تشجع “قمر”:
-هاااا ولا حاجة بصي يا “قمر” أنا عايزاكِ تلحي على “حامد” وتخليه يأثر على خالي ترجعي تتابعي عن الدكتورة
احتل الأحباط تقاسيم وجهها الصبوح قائلة بِفطنة:
-مش هيعرف يجنعه وعمي هيسمعه حديت ماسخ وينجرزني زي عوايده…لتسترسل بتلقائية استحوذت على انتباه “نادين” بالكامل :
-خابرة يا “نادين” جَبل سابج كنت كل ما راسي تلفلف شوي ولا معدتي تجرص عليا اتوهم واجول أني حِبلة واعشم “حامد” معايا وبعد ما اعمل الاختبار احس إني هموت من حسرتي… لكن دلوجت مبجتش اركز و سلمت أمري لربنا ومتعشمة خير…
كانت تستمع لها وتفكيرها يتركز عند نقطة معينة تنطبق على شكوكها وكم تمنت أن يكون حدثها بمحله، ورغم تلك التوقعات التي تدور برأسها إلا أنها حاولت تشجيعها من جديد:
-ونعم بالله… بس برضو لازم تحاولي وتقنعيه دي حياتك أنتِ وجوزك محدش ليه يتدخل فيها بالشكل ده حتى لو كان أبوه
أومأت لها “قمر” باقتناع بينما هي تنهدت بضيق وجلست على ذات الأريكة وشردت كعادتها في تلك الإطلالة الرائعة مما دفع “قمر” أن تحاول تطيب خاطرها:
-متخديش على خاطرك من أما “ونيسة “هي طبعها جاسي إكده وكلامها كيف الدبش بكرة تتعودي عليه انا كنت زيك إكده لكن خلاص دلوجت خدت مناعة
انقبض قلبها بشدة حين ذكرت “قمر” أنها ستظل هنا لتقرص على شفاهها تكبت رغبتها بالبكاء وتمد أناملها تحتضن موضع خافقها وكأنها تطمئنه، ثم غمغمت بصراحة مُطلقة:
-انا مزعلتش منها وعارفة انها مبتحبنيش…بس مش مهم…أنا مستعدة استحمل اصل مفيش حاجة قدامي غير إني استحمل انتو اهلي ومبقاش ليا مكان غير هنا وسطكم….لترتعش نبرتها وتستأنف بقلة حيلة:
-أنا اللي فعلًا قاهرني أن ماما “ثريا”وحشتني أوي… أنا بطمن عليها بس فكرة انها لوحدها قلقاني لتخفت نبرتها وتشعر برجفة تنتاب اطرافها حين اضافت بحسرة:
-رغم إني مشيت من هناك بإرادتي بس ياريت كان ينفع أرجع وابقى معاها بجد أنا محتجاها أوي و حاسة إني اتيتمت مرتين في غيابها… قالت أخر جملة ودمعاتها تتهدل تعاندها كي تنعي فراق تلك السيدة التي تحمل لها امتنان العالم أجمع، لتحاوط ذاتها بذراعيها قائلة من بين شهقاتها بحزن عظيم نابع من غضب أعظم:
-هو السبب… أنا لا يمكن اسامحه…
اقتربت منها “قمر” تواسيها بطيبة:
-لساتك هتحبيه يا حزينة
حانت منها بسمة ممزقة من بين شهقاتها وتمسكت موضع قلبها المنفطر هامسة بقهر وبدمعات جارية:
-على أد ما حبيته على أد ما كرهت نفسي على حبي ليه…هو كسرني ووجع قلبي أوي لما اتخلى عني… تخيلي واحد اتربيت على ايده وكبرت قصاد عينه وكان واهمني بالحب فجأة كده الوعود اتبخرت و الحب اختفى وشكك فيا ورفض يصدقني وخرجني من حياته وكأني لعنة وما صدق خلص منها…أنا لغاية دلوقتي مش قادرة استوعب أزاي هونت عليه وقدر يعمل فيا كده…
ضمتها “قمر”قائلة بود حقيقي وبعيون غائمة تأثرًا بها:
-ياعيني عليكِ يا حزينة وانا اللي چيالك عشان تواسيني واتاريكِ معبعبة لحالك ورايدة اللي يواسيكِ ويطيب بخاطرك
كبحت هي دمعاتها بصعوبة بالغة بعد بعض الوقت وجاهدت كي تشجع ذاتها وتحثها على الصمود فقد اقسمت سابقًا أن لا تذرف الدموع من أجله ولكن كل شيء يعاندها حتى ذلك اللعين الذي مازال رغم خذلان مالكه لها وغضبها العظيم منه إلا أنه يعاندها و ينبض فقط من أجله.
———————
-مستحيل ارجع هناك متحاولش
قالتها “ميرال” بإصرار بعدما لجأت إليه وحاول اقتناعها أن ما فعلته خاطئ ولكنها لم تقتنع مما جعله يكرر بجدية:
-مينفعش تسيبي بيت ابوكِ لأي سبب الأصول بتقول كده
-انا مش هرجع يا “محمد” ومش لازم نستنى اكتر من كده انت لازم تتجوزني
نفى برأسه بعدم اقتناع وقال بإنفعال بكامل صوته الأجش:
-أنتِ بتقولي أنتِ اكيد اتجننتِ عايزاني اتجوزك من غير موافقة ابوكِ ومن وراه
-“محمد” متصعبهاش علينا بابي مش هيوافق واظن انت شوفت رد فعله كان ايه
اجابها بعقلانية شديدة:
-انا لو وافقت ابقى بأكدله شكوكه فيا وفيكِ
-مش هتفرق معانا في حاجة كده او كده مش هكون غير ليكِ ومستحيل اسيبه يفرقنا
اجابها بتلك القناعات الراسخة التي تكمن بعقله ولا شيء يغيرها:
-لأ تفرق لما تبقي مراتي و واخدك من اهلك في النور وقدام كل الناس غير لما ابقى شبه الحرامية واحس إني باخد حاجة من ورا صاحبها ومن غير رضاه.
احتل الحُزن معالم وجهها وكوبته مغمغمة ودمعاتها تتهدل من بحر عيناها تعاتبه:
-انت ليه بتعمل فينا كده حرام عليك ليه دايماً بتصعبها عليا
اغمض عينه بقوة وزفر بضيق واقترب منها يزيح يدها عن وجهها قائلًا بنخوة وبرزانة لطالما كانت من شيمه:
-في حاجات مينفعش نسهلها ونختصر طريق الوصول ليها وانا مستحيل اطاوعك علشان اللي مقبلوش على اختي مستحيل اقبله عليكِ يا”ميرال” ليتأمل ثورة أمواجها العتية ويغرق بها دون أمل النجاة ويستأنف بنبرة يغلفها إصرار عظيم:
-أنتِ لازم ترجعي بيت ابوكِ وانا وعد مني عمري ما هخل بوعدي ليكِ وهحاول بدل المرة ألف علشان اقنعه واخد موافقته
نكست رأسها بحزن وقالت بنبرة فاض منها الخذلان:
-بس أنا مش عايز ارجع يا “محمد” ده مد ايده عليا وصدق “دعاء” وكدبني
تنهد “محمد” وحاول اقناعها بحكمته المعهودة وهو يجلسها على أقرب مقعد ويجثو مقابل لها:
-هو ابوكِ يا “ميرال” ومفيش في الدنيا حد هيحبك أده ومش معنى انه بينشغل عنك أو علشان قسى عليكِ مرة يبقى تسبيه بالعكس أنتِ لازم حاولي تقربي منه ومتسبيش فرصة لمراته تعمل اللي في دماغها…انا عارف انه ظلمك بس اللي اعرفه واتربيت عليه ان اللي ملهوش خير في اهله ملهوش خير في حد
دائماً يفاجئها بمنطقه ودائمًا يستطيع أن يجعلها تنصاع له وتقتنع بحديثه بكل طواعية وكأنه هو من يملك زمام عقلها ويقوم بفرز تلك الأفكار الفاسدة واستقصائها وابدالها بأخرى صالحة، فقد اقتنعت وها هي تهيم ببندقيتاها التي دائمًا تفيض بالأهتمام وهي لاتعلم للمرة الكام التي وقعت بحبه، لتهمس بصدق نابع من قلبها المتيم به:
-أنا “بحبك” يا “حمود” وهموت لو بعدت عني ومرعوبة لما أرجع يحرمني منك ويتمسك برفضه
نفى برأسه واخبرها بثقة وبإصرار قوي طمئنها وهو يغرق دون قصد في بحر عيناها صانع معها لا اراديًا تواصل بصري أجج مشاعره:
-لو أخر يوم في عمري مش هيأس يا حلو علشان أنا كمان بحبك ومقدرش اتخيل حياتي من غيرك
تنهدت هي تنهيدة حارة مفعمة بالكثير وهمست راجية وهي تمرر أناملها على وجهه بطريقة اربكته:
-قولها تاني يا “حمود” عايزة اسمعها واطمن بيها
رغم ربكبته وكلماتها التي زلزلت قاع قلبه ككل مرة ولكنه قال بنبرة تقطر بمكنون قلبه الطاهر:
-بحبك… والله بحبك وهعمل المستحيل علشان تكوني حلالي
حانت منها بسمة واسعة وهي تهيم به بطريقة لم يعد باستطاعة قلبه تحملها مما جعله يبتلع ريقه ويستغفر بسره ويقول بإرتباك وهو يزيح بوجهه و يهب واقفًا:
-يلا قومي هروحك
حاولت هي استعطافه:
-طب ينفع مش النهاردة بجد تعبانه خليني ابات في الشقة اللي فوق
-مش هينفع
-“حمود” علشان خاطري النهاردة بس اديني فرصة اهدى وارتب افكاري
هنا تدخلت “شهد” التي تركتهم لبعض الوقت كي تعد لها كوب من الليمون ليهدئها، فقد ناولته لها قائلة:
-اشربي وروقي دمك إن شاء الله كل عُقدة وليها ألف حلّال
شكرتها “ميرال” وارتشفت بضع رشفات ثم قالت تستعطف “شهد”:
-قوليله يا “شهد “بجد اعصابي بايظة ومش عايزة أروح دلوقتي
تنهدت “شهد” واقترحت عليه:
-خلاص سيبها يا خويا معلش بكرة ابقى روحها
-مينفعش يا “شهد” ابوها هيقول ايه لو باتت معانا
لتحاول “شهد” إقناعه بعدما نكزتها “ميرال” كي تضغط عليه:
-خلاص هطلع انا وهي و”طمطم” نبات فوق مع بعض وانت خليك هنا
هزت هي رأسها تؤيد اقتراحها وترجوه بنظراتها بينما هو زفر انفاسه دفعة واحدة وقال مضطر:
-أمري لله انا كنت متأكد انكم هتتفقوا عليا …خليكم انتو هنا وانا هطلع فوق…ليتحمحم ويضيف:
-كلمي ست “محبة ” وقوليلها انك بايتة مع “شهد “وفهميها
اومأت له بطاعة ليخبرها بتنهيدة مثقلة:
-“نادين” كلمتني وكانت قلقانة عليكِ وانا قولتلها على اللي حصل
لتتسائل بقلق:
-طب هي كويسة…مفيش جديد
زفر وأجابها:
-“يامن” بعتلها ورقة الطلاق وسابت الست “ثريا “وسافرت مع خالها
شهقت متفاجئة وقالت بعدم استيعاب:
-معقول أنا مش مصدقة
لتعقب “شهد”:
-عيني عليها والنعمة البت صاحبتك دي غلبانة وقطعت قلبي بعد اللي حصلها وجوزها ده ميستهلش حبها ولا قهرتها عليه
-صح أنتِ عندك حق…
ليقول “محمد “وهو يهم ويذهب في طريقه لباب الشقة:
-معلش ربنا يصلحلهم الحال …انا هطلع عايزين حاجة
امنت “ميرال” على دعوته بينما ردت “شهد ” :
-لا يا خويا عايزين سلامتك
ابتسم ل “شهد “و نظر ل “ميرال ” نظرة حانية متساءلة جعلتها تضع الكوب من يدها على الطاولة الصغيرة أمامها ثم هرولت إليه قائلة بنظرات تشبه نظرات الجرو الصغير:
-“حمود” هو ينفع انام في أوضتك
ضرب كف على آخر ورد مشاكسًا:
-أنا كنت متأكد انك داخلة على طمع والله
نكزته بكتفه بتلقائية وأطرقت نظراتها ليقهقه هو على خجلها وتلك الحمرة المحببة التي كست وجهها ويقول وهو يغمز بعينه:
-ماشي أمري لله الأوضة وصاحب الاوضة تحت أمرك يا حلو
ابتسمت “شهد” على مناقرتهم الشقية ودعت الله بسرها أن يجمع بينهم كي يكلل ذلك الحب العفيف الذي يشابه طهارة قلوبهم، بينما هي همست وهو يهم بفتح باب الشقة:
-تصبح على خير يا “حمود”
كاد يرد عليها ولكن اندثرت بسمته و انحصر الحديث بحلقه واتسعت عينه عندما وجد أمام باب شقته أخر شخص توقع أن يراه أو يأتي إليه.
——————-
-فين الخاتم بتاعي اكيد واحد فيكم اللي سرقته
قالتها “دعاء” بصوت جهوري تتهم بها كل الخدم بعدما جمعتهم صف واحد أمامها ومن بينهم “مُحبة” التي منذ مغادرة “ميرال” وهي تبكي من شدة حزنها
تعالى دفاع الخدم عن ذاتهم وكل واحد منهم حاول أن يقنعها ببراءته ولكن هي لم تقتنع وحين لم يجيبها أحد هددتهم بطردهم وكان أخر حيلها أنها دخلت مكتب” فاضل” صارخة بإنفعال اجادته:
-الخاتم بتاعي مش لقياه يا “فاضل” انا مبقتش اثق في حد وعايزة أطرد كل اللي شغالين في القصر من غيظي
رفع “فاضل” نظراته لها وأجابها بعدم اكتراث لأمرها وهو تحت تأثير صدمة مغادرة ابنته:
-انا دماغي هتنفجر يا” دعاء” سبيني لوحدي
تأفأفت هي قائلة:
-يعني ايه بقولك حد سرقني والخاتم مش لقياه وانت بتقولي سبيني لوحدي
زفر هو بينما هي اقترحت آخر حيلة لديها:
-انا شاكة في “محبة” تعالى معايا نفتش أوضتها وباقي الأوض بتاعتهم
نفى “فاضل” بعدم اقتناع:
-“محبة” بقالها سنين معانا ومتعملش كده
-ما يمكن هي استغلت ثقتنا فيها وفكرة انها فوق الشُبهات هي اللي خلتها تسرقنا
نفى برأسه من جديد بعدم اقتناع ولكنها اقنعته وأثرت عليه كعادتها المتلاعبة…وبالفعل قاموا بتفتيش كافة الغرف ولم يجدوا شيء وحين جاء دور غرفة “مُحبة ” وجدوا الخاتم بين أغراضها مما أثار دهشة “فاضل” ولكن” مُحبة” حاولت الدفاع قائلة:
-والله ما سرقت حاجة يا بيه ده انا لحم كتافي من خيرك وبقالي سنين معاكم…ده اخرتها بتسرقوني
تنهد” فاضل” وقال بخيبة أمل:
-الخاتم كان وسط حاجتك يا ست “محبة “أزاي عايزانا نصدقك
هنا تدخلت “دعاء” بكل تبجح وبخبث مقيت :
-أنت ليكِ عين تكدبي يا حيزبونة والله لأحبسك واوديكِ في داهية
-حرام عليكِ يا ست” دعاء “انا معملتش حاجة …لتوجه نظراتها ل “فاضل” وتقول بحزن:
-بقى كده يا بيه هتسيبها تحبسني
تدخل “فاضل”:
-بلاش حبس يا “دعاء” سبيها تمشي من سكات
هزت “دعاء” رأسها وصرخت بها:
-طب يلا لمي هلاهيلك دي وتغوري من هنا مش عايزة اشوف وشك تاني
نظرت لها “مُحبة” نظرة عميقة عبثت في ثبات “دعاء” وخاصةً حين قالت بقلة حيلة:
-حسبي الله ونعم الوكيل…
-أنتِ بتدعي عليا يا ولية يا حيزبونة
-ربنا اسمه العدل وقادر يوقعك في شر أعمالك
لتوجه نظراتها ل”فاضل” وتضيف قبل أن تلملم اشيائها كي تغادر:
-يا خسارة يا بيه سمحتلها تخليك زي اللعبة في ايدها وخلتها تخسرك بنتك والله اعلم هتخسرك ايه كمان…فوق يا بيه قبل فوات الآوان واعرف أنها كدابة و كل اللي بيحصل ده من ترتيبها هي
قاطعتها “دعاء “بجبروت وتسلط قهرها:
-اخرسي خالص أنا مشوفتش في بجاحتك اتفضلي من غير مطرود بقى وخلصينا
ذلك أخر ما تفوهت به قبل أن تغادر موقعها ساحبة “فاضل” خلفها كالكبش الذي سُلبت ارادته تاركة” مُحبة ” وتلملم اغراضها وهي تشعر بمهانة وظلم لا مثيل له.
—————-
كانت تجلس شاردة كعادتها تسترجع كل ما مر بها حين تناهى إلي مسامعها نحيب قوي وصراخ يأتي من غرفة “قمر” و”حامد” الملاصقة لها.
انتابها القلق وهبت من جلستها ترتدي مأذرها الثقيل فوق منامتها ورغم شعورها انها ليست على مايرام إلا أنها قاومت وفتحت باب غرفتها كي تستبين الأمر.
في حين كانت”قمر”تولول قائلة بعدما أخبرها:
-ابوك رايد يجهرني ويموتني بحسرتي يا “حامد” وأنت مش هتجدر تقوله لع وهتوافج انا خابرة زين أنت متعصاش أمر ليه واصل
حاول “حامد” طمئنتها:
-يابت ده أنتِ حبة الجلب ومجدرش اوافج ولا اكون غير ليكِ وانا چاي اخبرك باللي صار عشان تفكري معايا مش عشان تولولي وتجلبيها مناحة عاد
كادت ترد عليه لولآ طرقات على باب غرفتهم جعلت “حامد” يزفر حانقًا:
-عاچبك إكده زمان ابوي وصله صراخك وچاي ينجرزنا زي عوايده
نفت هي برأسها واخبرته وهي تكفكف دمعاتها وتتناول وشاحها تضعه على رأسها:
-لع عمي “عبد الرحيم” وأما “ونيسة “مش في الدار راحو زيادة لبيت مچاور
تنهد هو وفتح باب الغرفة ليجد “نادين” تقف أمامه متلعثمة بحرج:
-اسفة يا “حامد” بس قلقت… هي “قمر” كويسة
-كويسة يا بت عمتي بس جلباها مناحة
تقدمت “قمر” تعاتبه:
-واه عاوزني أعمل ايه بعد اللي جولتهولي أتحزم وارجصلك
-اتحشمي يا “جمر”
-وان متحشمتش يا “حامد” هتعمل ايه هترميني لأهلي زي ما ابوك رايد مش إكده
تدخلت “نادين” وهي تدلف للداخل وتغلق الباب خلفها:
-ممكن تهدوا وتفهموني مالكم
تحدثت “قمر “وهي تقف مواجهة له وقد جن جنونها:
-خَبر بت عمتك أيه اللي صابنا وجولها ابوك ناوي على ايه؟
انفعل “حامد “من طريقتها الغريبة عليه:
-سكري خشمك يا “جمر” أنا غلطان إني اتحدثت معاكِ
أحالت “نادين” بينهم وقالت:
-“حامد” لو سمحت اهدى وفهمني؟
اغمض “حامد” عينه بقوة وزفر انفاسه ولم يجيبها لتبادر “قمر”:
-انا هجولك اللي كنت خايفة منيه حوصل وابوه عرض عليه يكتب عليكِ بعد ما عدتك تُخلص
حانت من “نادين” بسمة ساخرة وتسألت:
-ده اللي هو أزاي عايز يجوزني من غير ما ياخد رأي هيجبرني مثلًا..
هنا استفاضت “قمر” دون أن تحسب حساب تلك الغصة التي تكونت بحلق زوجها أثر حديثها:
– انت متعرفيش وش عمي الحجيجي و لا تعرفي يجدر على ايه…لو وصل بيه الحال هيغصبك واظن أنتِ خابرة زين غرضه إيه
زفر “حامد” بحنق و ابتلع غصته المريرة كمر العلقم بجوفه:
-بكفياكِ واوعاك تنسي ان اللي هتتكلمي عنه ده ابوي
-لع منستش يا “حامد” ولعلمك بجى أنا مش هجف اتفرچ واستناك تجهرني وأنت مطاطي لأوامر ابوك…طلجني يا “حامد” واعمل ما بدالك
شهقت “نادين” بينما هو عاتبها:
-اطلجك…هانت عليكِ الكلمة الواعرة دي تخرج من خشمك يا “جمر”
رفعت نظراتها الباكية التي فسد كحلها لعيناه فلم تتمكن من نطق كلمة أخري أمام عتاب نظراته لذلك انفجرت باكية وكوبت وجهها وهي تشعر بالأرض تميل بها حتى انها كادت أن يختل توازنها لولآ أنه حاوطها بذراعيه قائلًا بلهفة:
-أنتِ كويسة
هزت رأسها وتشبثت بذراعيه ليمرر هو كف يده على وجهها قائلًا بحنان وبمشاعر جياشة:
-طب بكفياكِ بُكى…يا جمري انا محجوجلك
لتغمغم هي بندم:
-أنا اللي محجوجالك ياريت كان انجطع لساني جَبل ما اجولها يا “حامد”
ابتسمت” نادين “وغامت عيناها تأثرًا بتلك المشاعر التي تجيش بينهم وتحمحت بحرج:
-أنا مكنتش فاكرة وجودي بينكم هيعمل كده ولا جاية ابوظ حياتكم… ومتقلقيش يا “قمر” أنا لا يمكن اوافق وهو ميقدرش
يجبرني مفيش جواز بالعافية
لتوجه نظراتها ل “حامد” وتضيف:
-وأنت يا “حامد” لازم تتأكد أن مفيش حد من حقه يتدخل في حياتك حتى لو كان ابوك…
هز “حامد” رأسه بأقتناع بينما تركتهم يتعاتبون وغادرت لغرفتهامن جديد تقرر التأكد من حدثها وتأمل ان يكون صائبًا كي ينهي ذلك الجدل ويكون رادعًا لخالها غافلة كون الايام المقبلة ستتكفل بالأمر من تلقائها.
——————–
كانت تدور حول نفسها تدعي انفعالها حتى انها نفذت ما برأسها وقامت بطرد جميع الخدم بحجة أنها لم تعد تثق بأحد وكل شيء كان يسير كما خططت تمامًا لولآ تلك المربية التي عبثت بثباتها وزرعت في رأس “فاضل” بجملتها الأخيرة الشكوك حتى انه انهال عليها من حينها متسائلًا:
-دعااااااااااااااء قولي الحقيقة أنا عارفك كويس وعارف ألعيبك دي
راوغته هي تتدعي البراءة:
-أنت هتصدق الولية الخرفانة دي بتقول كده علشان تداري على عملتها السودة وسرقتها ليا
لم يقتنع “فاضل” وكرر سؤاله بثقة جعلتها تزفر متأفأفة وتقول بنوايا ليست بريئة كما تدعي بعدما أدركت أن لا سبيل من الإنكار أكثر:
-يووووه اه انا عملت كده…علشان ابعده عنها…الجربوع ده طمعان فيها وفي فلوسك وعامل لبنتك غسيل مخ وخلاها متعملش أي اعتبار ليك..
احتدت نظراته وقال بصدمة عارمة:
-يظهر أن مش بنتي بس اللي معملتش اعتبار ليا يا “دعاء”
قلبت عيناها وقالت بتبجح:
-أنت كنت عايزني اعمل ايه اقف اتفرج في غيابك عليها وهي بتضيع كان لازم اتصرف
-تقومي تأجري بلطجية يضربوه وتحطي نفسك موضع شُبهات وتجاذفي بسمعتي وبسمعة بنتي
نفخت اوداجها وردت ساخطة وبكل تبجح:
-انت بتلومني ده بدل ما تشكرني إني كنت عايزة اخلصك منه
-بس أنت عملتك مغيرتش حاجة وأهو اتجرأ وجه طلبها مني ومش بس كده ده خلاها عصتني
اجابته هي بغيظ وبنبرة تقطر بالحقد:
-ودة اللي غايظني انه نفذ اللي في دماغه وطلع ذكي و ضمن بنتك وضحك عليها علشان يضغط عليك وتضطر توافق
تهدل جسده على احد المقاعد وقال ما توسل له عقله:
-اللي مستغربه أنه كان فاضل شوية ويبوس ايدي علشان اوافق عليه…
حرضته بخبث من جديد:
-ده تخطيط منه صدقني علشان يثبت لبنتك انه بيحبها ويفهمها انه عمل اللي عليه ويخليها تعصاك وانا عملت اللي عملته ورطت نفسي علشانك وعلشان بنتك…
نفى” فاضل” برأسه ولام عليها بعدم رضا:
-اللي عملتيه جريمة يا”دعاء” الولد كان ممكن يموت كان في ألف طريقة غير العنف
جذت على نواجذها من حديثه المغيظ لها ثم ادعت البراءة و أجهشت في بكاء وهمي حتى تستعطفه وتؤثر عليه بخداعها:
-في الأخر بتلومني وطلعت وحشة انا بجد مصدومه فيك يا “فاضل” ده جزاتي
تطلع لانهيارها وهو صامت لا يعرف بما يجيب او يسايرها فكان عقله يضج بالكثير من الأفكار المتضاربة مما اثار اعصابها أكثر وجعلها تصيح بإنفعال وهي مازالت محتفظة بدموع التماسيح خاصتها:
– انت كمان ساكت حرام عليك انا اعصابي مبقتش متحملة ولا قادرة استنى هنا دقيقة واحدة انا هروح لماما ولما تعرف قيمتي يا “فاضل” وتقدر اللي عملته علشانك وعلشان بنتك ابقى تعالى خدني
ظل محتفظ بصمته المريب ذلك حين غادرت ولم يكلف ذاته بكلمة واحدة ترضي غرورها مما جعلها تصر أكثر على ما برأسها دون لحظة تراجع أو ندم واحدة.
———————-
في تلك الأجواء التي يعمها الحماس والهتاف كانت تجلس بتلك المدرجات الخشبية تشاهد صغيرها وهو يلعب أول مباراة ودية له برفقة زملائه، فقد سمحت له بعد نصيحة “سعاد” لها قبل سفرها.
ومنذ ذلك الوقت وهي تجعله يواظب على التدريبات الخاصة للعبته المفضلة، حانت منها بسمة مليئة بالفخر وهي تشاهد مرونته في الملعب فقد أثبت صغيرها من خلال ادائه اليوم أنه موهوب بالفطرة…قطع انتباهها جذب “شيري” لملابسها مثأثأة:
-مامي عايزة اروح toilettes
مطت “رهف” فمها فلا تريد أن يفوتها شيء وخاصةً أن المباراة على وشك الانتهاء ولكن ماذا تفعل مضطرة هي لتنهض برفقتها وتوصي المربية الملازمة لهم أن تنتبه ل “شريف” لحين عودتها.
بينما عند الصغير فبعد مجهود خزعبلي استطاع أن يستحوذ على الكورة ويمررها بخفة شديدة كان يسدد أول هدف بأخر دقيقة للمباراة وينقذ فريقه من الخسارة المحتومة.
هللوا رفاقه احتفالًا بالهدف الذي احرزه وقد مدحه مدربه فور انتهاء المباراة بينما هو كانت سعادته لا توصف وهو يوجه نظراته نحو مقعد والدته وشقيقته ولكن اندثرت بسمته حين لم يجدهم و وجد فقط المربية تجلس بمقعدها وتراعيه بنظراتها من بعيد ليحتل الحزن معالم وجهه فكم كان يود أن يشاركوه اللحظة ويشهدوا على أول انجاز صغير له.
صوت صافرة مشجعة وتصفيق حار يأتي من مؤخرة المدرجات لفت انتباهه وجعله ينظر مشدوه فاغر الفاه لا يصدق وجود ذلك الشخص الذي ترك موقعه بذلك الركن البعيد واقترب منه قائلًا بفخر ظهر جلي في نبرته:
-براڤو عليك يا بطل رفعت راسنا
توسعت عين الصغير حين تعرف عليه و مدحه ب البطل لثانِ مرة ليتسأل ببسمة طفولية واسعة:
-هو حضرتك كنت هنا! و شوفت الجول بتاعي؟
انحنى “نضال” لمستواه وقال بحاجب مرفوع مشاكسًا:
-شوفته يا عم وعجبتني اوي وانت بترقص الكورة ومدوخهم وراك
ليرد الصغير مستفيضًا بحماس طفولي:
-حضرتك اكيد شوفت كمان لما واحد في الفريق التاني حاول يوقعني وياخد مني الكورة بس أنا هربت منه و روحت شايطها ببطن رجلي كده
قهقه “نضال” على طريقته و وحماسه الذي يقطر مع حركات جسده واخذ يعبث بخصلات شعره يبعثرها قائلًا:
-أنت موهوب فعلا يا “شريف” وإن شاء الله ليك مستقبل هايل وابقى قول “نضال” قال
تهللت أسارير الصغير وقال:
-حضرتك طيب اوي يا عمو “نضال” انا حكيت ل مامي على كل الكلام اللي أنت قولتهولي قبل كده…وبصراحة أنت اللي شجعتني وخلتني اتحايل عليها
-طيب دي حاجة كويسة وبعدين انا اللي مبسوط اكتر علشان ليا صاحب بطل زيك
تعززت ثقة الصغير بذاته كثيرًا بعد حديثه وكم تمنى لو بالفعل اصبحوا اصدقاء لذلك تسأل متلهفًا:
-هو حضرتك عضو في النادي
هز رأسه واخبره بصدق:
-ايوة عضو في النادي من زمان بس مش باجي غير قليل وبالصدفة كان عندي ندوة و شوفتك
-صدفة حلوة اوي حضرتك ياريت تتكرر علطول يا عمو
قلب “نضال” خضراويتاه من تلك الرسميات القاتلة بالنسبة له وقال مشاكسًا الصغير بخفة:
-يخربيت حضرتك هي حضرتك دي وراثة في العيلة ولا ايه ارحموني أنا عندي فوبيا
قهقه الصغير بقوة و وضع يده على فمه من دعابته ليستأنف “نضال” بنبرة حاول ان تكون جادة:
-قولي “نضال” بس
نفى الصغير برأسه مستنكرًا:
-عيب مامي قالتلي لازم احترم اللي اكبر مني
اعتلى حاجبيه وقال ببساطة وهو يزم فمه بطريقة مضحكة جعلت الصغير يقرقر ضاحكًا:
-هي” نضال” شتيمة ولا أيه! عادي ياعم أنا راضي وبعدين انا مليش دعوة ب مامي إحنا اصحاب وبذمتك عمرك شوفت واحد بيقول لصاحبه حضرتك بتاعتكم دي
قال كلمة حضرتك بملامح متقلصة مشمئزة جعلت الصغير يتعالى صوت ضحكاته أكثر بمرح غريب شاركه “نضال” به وهو يشعر بقلبه يرفرف بشعور لطالما تمناه من قلبه ولكن الله لم يمن عليه به…
اقتربت المربية منهم قاطعة ضحكاتهم قائلة:
-مامتك راحت toilettes مع “شيري” وقالتلي اخلي بالي منك
أومأ لها “شريف” ثم قال وهو يمط فمه:
-كان نفسي تشوف الجول بتاعي
واساه “نضال” مشجعًا وهو يربت على كتفه:
-معلش مامتك كانت مضطرة تتعوض يا بطل ولسة المباريات جاية كتير وإن شاء الله هتجيب اجوال اكتر واكتر
تنهد الصغير ببسمة مليئة بلأيجابية التي بثها به ذلك ال “نضال” وإن كاد يرد رد ممتن له لتشجيعه استأنف “نضال”بمكر ساخر:
-طب تعالى افرجكك على نفسك
-مش فاهم؟
اجابه “نضال” وهو يقرص وجنتة الصغير مداعبًا:
-صورت مقطع فيديو للجول انما ايه عجب
تفاجئ الصغير وتسأل متلهفًا:
-بجد صورتني… يعني ماما لما تيجي ينفع افرجها عليه
تحمحم “نضال” وقال وهو يمسد منحدر انفه بتردد:
-لا يعم متفقناش على كده بصراحة انت مامتك صعب اوي
ومش عايز احتك بيها انا حتى همشي قبل ما….لم يكمل باقي حديثه إلا وجاء صياحها من بعيد:
-“شريف”
اغمض عينه يلعن حظه العسر ويلعن غباءه الذي يضعه بذات الموقف معها في كل مرة وبالطبع لم تقصر هي في ردود افعالها المتعجرفة وحقًا منذ آخر لقاء لهم في مكتبها وهو مستاء بشدة ورغم أن “سارة” اعتذرت منه عبر الهاتف إلا أنه لم يقبل باستمرار اتفاقهم بشأن تنفيذ عيادته…فأهانتها له والتقليل من شأن اختياره جعله يفقد عزيمته لذلك اعتدل بوقفته وزفر انفاسه دفعة واحدة وهو يصر أنه لن يصمت تلك المرة ايضًا ويتركها تخرب إيجابيته، فقد هرول الصغير لها وبحماس اخبرها:
-ماما اتأخرتي ليه انا جبت جول وعجبت المدرب و…
قاطعت هي وصلة حماسه قائلة بهدوء حاولت الالتزام به:
-براڤو يا حبيبي معلش سامحني علشان مشوفتهوش…ممكن تغير هدومك عقبال ما اختك والمربية يجيبوا الشنطة علشان نروح
-بس يا ماما عمو صورني و…
قاطعته بنبرة رغم ثباتها إلا أنها صدرت منها منفعلة بعض الشيء جعلت ذلك المتسمر بأرضه يدرك انها لن تمرر الأمر لذلك تحفز لها:
-“شريف” يلا لو سمحت اسمع الكلام هنتكلم في البيت
هز الصغير رأسه وانصاع لها بعدما لوح ل “نضال” بيده يودعه وبالفعل المربية اخذت “شيري” وذهبت لإحضار الحقيبة من المدرجات بينما هي كانت تنظر ل “نضال” بنظرات مبهمة لم يستشف معناها…ورغم ذلك اقترب بملامح ثابتة واخرج من محفظته بطاقة تعريف تؤكد عضويته وقدمها لها مبررًا بكل بساطة وكأن ما يفعله هو المنطق بحد ذاته:
-انا كنت في ندوة هنا وده كارنيه النادي لو حابة تتأكدي ممكن تسألي الأدارة هيقولولك إني عضو هنا من سنين ومش بتطفل عليكِ ولا عندي أي نية اسمع كلام مستفز منك
حقًا صراحته الزائدة و وضوحه اربكها وخاصة كونه دائمًا يمنحها اجابات وافية دون سؤال منها، لذلك تنهدت بعمق كي تتحكم بزمام نفسها وقالت بنبرة هادئة استغربها هو:
-بس انا مسألتش يا دكتور…
رغم هدوئها الغير معتاد معه ولكنه لم يستطيع كبح رغبته في قول:
-وانا مش ببرر انا بس بفهمك علشان متنفعليش على الولد زي باباه وتكسري فرحته بالجول بتاعه وهو ملهوش ذنب
تقسم انها حاولت أن تهدأ وتتعامل معه بكل هدوء حتى انها كادت تعتذر منه ولكنه استفزها بشدة تشبيهه لذلك هدرت بشراسة وهي ترفع سبابتها بوجهه:
-انا مش زي باباه ولوسمحت يا دكتور التزم حدودك مش من حقك تدخل في معاملتي مع ابني
-انا عارف حدودي اوي يا بشمهندسة ومش كل ما تشوفيني هتسمعيني كلام ملوش لازمة
وبعدين انتو ناس تفكيرها غريب جدًا أيه المشكلة أني اتكلم مع الولد أنا مش هاكل منه حتة ولا هخطفه مثلاً…
اجابته بتسرع وبنبرة منفعلة غافلة بتأثير كلماتها في نفسه:
-لو كنت في مكاني كنت هتخاف على ولادك بطريقتك ومحدش كان هيبقى ليه حق يتدخل
تجمدت خضراويتاه واحتلها الحزن تقاسيم وجهه لثوان جعلتها تبتلع ريقها تستغرب ما أصابه ليجيبها هو برضا تام وبنبرة استطاعت هي استنباط الحزن بها:
-انا عمري ما هبقى مكانك يا بشمهندسة و مقدر خوفك بس ده ميدكيش الحق تجرحي فالناس عمال على بطال عن اذنك…ومن غير حضرتك
زفرت انفاسها بضيق لذات السبب فكلما ارادت التحكم بأعصابها تفشل فشل ذريع وخاصةً عندما يتعلق الأمر به لذلك ورغم كونها لم تستوعب ما الخطأ التي تفوهت به تلك المرة واحزنه لذلك الحد إلا انها قررت أن تلاحق الأمر وتعتذر منه على كل ما سبق لذلك حين خطى هو خطوتان بعيد عن موقعها تلعثمت قائلة:
-استنى ارجوك يا دكتور
اغمض عينه بقوة وكور قبضته وهو يترقب انها ستقول شيء أخر يزيدها عليه ولكنها فاجأته حين تلعثمت واقتربت من موضعه:
-آسفة…
جعد حاجبيه ونظر لهيئتها المحرجة مستغربًا في حين هي استأنفت:
-انا بعترف كُنت قليلة الذوق معاك في المكتب وقبليها بس انا كنت مضغوطة وأعصابي متوترة و …
خانها التعبير وفرت الكلمات ولم يسعفها عقلها بأستئناف اعتذارها فكانت تفرك بيدها وتنظر لكل شيء عداه هو…لذلك دون حاجته لمبرراتها قال بجدية بعدما استعاد هدوء أعصابه :
-ولا يهمك يابشمهندسة…بس زي ما انتِ عايزة الناس تعذرك لازم انتِ كمان تفهمي ان مش كل الناس مضطرة تتحمل طريقتك وقلة ذوقك ومش معنى انك مريتي بتجربة صعبة يبقى تاخدي وضع الهجوم دايمًا و تدي نفسك الحق تجرحي في كل اللي حوليكِ وتفتكري انهم مجبرين يعذروكِ … وعلى فكرة كلنا بنمر بتجارب صعبة مش انتِ بس…عن اذنك
ألقى حديثه دفعة واحدة بوجهها وغادر من أمامها تاركها مشدوهة تتطلع لأثاره وهي تلعن غبائها فقد استطاع ذلك ال “نضال” أثارت دهشتها بصراحته فرغم حديثه المراوغ في بعض الأحيان ودعاباته التي لا تنضب وتثير اعصابه إلا أنه كان الأن حديثه عقلاني و صائب
بشكل كبير جعلها تشعر بالخزي من نفسها.
—————-
صباح يوم جديد دون شيء يذكر سوى ذلك الشيء الذي اكتشفته واصرت التكتم عليه لغرض ما في نفسها.
وهاهي تجلس مع خالها و يمهد لها بعدما انفرد بها في ساحة المندرة التي تنفصل عن المنزل ويحيل بينهم باب خشبي ضخم.
فكانت تستمع له بملامح ثابتة حين استأنف:
-محدش هيخاف عليكِ ولا على مصلحتك جدي يا جلب خالك وعشان إكده معوزكيش تنضامي من بعدي وعاوز اكون مطمن عليكِ
ابتلعت هي ريقها وتسألت تدعي جهلها وعدم معرفتها المسبقة للأمر:
-تطمن عليا أزاي يا خالي؟
اجابها بود يكمن خلفه نوايا عدة:
-جصدي يا بتي حالك ومالك مين بيرعاه دلوجت المال السايب يعلم السرجة يا جلب خالك ويلزمك راچل يكون جلبه عليكِ
ويراعيكِ ويحطك فوج راسه
-مش فاهمة يا خالي؟
– بصراحة يا بتي عاوزك تتچوزي واهي عدتك خلاص كام يوم وتنجضي على خير
اعترضت هي بنبرة واثقة:
-مينفعش يا خالي افكر حتى في الجواز
جز “عبد الرحيم” على نواجذه وتسأل من بين أسنانه:
-ليه عاد يا بتي ده “حامد” راچل زين وهيحطك جوه حباب عنيه
-“حامد” متجوز يا خالي وبيحب مراته
-وفيها إيه عاد الشرع محلل اربعة
دافعت هي:
-“قمر” بتحبه وبكرة ربنا يكرمهم بلاش تخرب عليهم يا خالي وياريت تقفل الموضوع ده معايا نهائي علشان لا يمكن اوافق
زمجر “عبد الرحيم” من جديد وقال ببسمة صفراء يكمن خلفها غيظ عظيم:
-بس أني المسؤول عنك وشايف ده الصالح ومينفعش تعصيلي امر يا بت “غالية”
-هتجبرني يا خالي
حانت منه بسمة خبيثة لأبعد حد وتهكم قائلًا:
-الچواز سُترة يا بتي…وبعدين كل طلباتك مچابة هعملك فرح يتحاكا بيه أهل البلد لسنين جدام وهچبلك دهب يوزنك
ده غير أن هجهزلك الچناح الغربي كلاته على ذوجك
نفت برأسها وقالت برفض قاطع وهي تهب من مقعدها:
-لأ مينفعش يا خالي مينفعش ارجوك متضغطش عليا علشان مستحيل يحصل
زفر “عبد الرحيم” بغيظ من رفضها ونهض يتقدم منها قابض على ذراعها بقوة آلمتها مهسهس بنبرة تقطر بالوعيد:
-مفيش حاچة اسمها مستحيل واللي انا رايده هو اللي هيحصل برضاكِ أو غصب عنيك يا بت خيتي هتچوزي “حامد”وبالجوة لو حكم الأمر
-عايز تجوز مراتي وهي لسة على ذمتي يا حج…
قالها هو بصوت جهوري واثق يكمن خلفه غضب حارق يكاد يهلك بنيرانه الأخضر واليابس حين دفع باب المندرة بقوة نفضتهم وجعلت قلبها يهوي بين قدميها وهي تراه يقف امامها بكامل هيبته وتحاوطه تلك الهالة الطاغية التي دومًا يشملها بها، بينما عن “عبد الرحيم” فقد جمدت الدماء بجسده وكادت عينه تخرج من محجرها و تلعثم بحروف متقطعة تنم عن صدمته:
-الغَريب…
————–

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطايا بريئة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!