رواية غرام المغرور الفصل الثاني 2 بقلم نسمة مالك
رواية غرام المغرور الفصل الثاني 2 بقلم نسمة مالك |
رواية غرام المغرور الفصل الثاني 2 بقلم نسمة مالك
ساحرة!!..
بإحدى المناطق الشعبيه.. داخل منزل قديم..بالطابق الأول نجد شقه صغيره للغايه يبدو على اثاثها المتهالك الفقر الشديد.. تجلس امرأه بأواخر عقدها الرابع على الفراش.. حامله حفيدتها على قدميها التي لا تستطيع تحريكهما نهائياً..فقد أصيب منذ سنوات بحادث افقدها القدره على السير، وأصبحت قعيده بالفراش،وحتي لم تستطيع شراء كرسيي متحرك نظراً لضيق الحال، وثمن علاجها الباهظ..دموعها تنهمر على وجنتيها دون توقف.. تبكي بمرار على بكاء الصغيره التي تتلوي بين يدها من شدة جوعها.. تحاول تهدئتها بكافة الطرق، ولكن دون جدوى.. رفعت عينيها للسماء متمتمه بتوسل.. “يارب يا حنان يا منان حن على البنت اليتيمه دي لأجل حبيبك محمد”.. ضمتها بحنان العالم أجمع داخل صدرها، وتابعت من بين شهقاتها.. “يا تري أنتي فين يا إسراء يا بنتي؟!.. قلبي واكلني عليكي يا ضنايا”.. لم تكف الصغيره عن البكاء.. بل ذاد حدة بكائها وصرختها أكثر حين ذكرت جدتها اسم والدتها.. ربتت على ظهرها بحنو، وغمرتها بسيل من القبلات كمحاوله منها لأسكاتها ولو قليلاً، ولكنها فشلت كالعادة.. فلم تجد أمامها سوا قراءة بعض الآيات القرآنية التي تحفظها، وهي تمسد بيدها على كافة جسدها وقلبها يستجدي المولى عز وجل أن يرأف بتلك الصغيره.. بدأ بكائها يهدأ رويداً رويداً حتي غلبها النعاس، وغرقت بالنوم داخل حضنها، واضعه إحدي أناملها الصغيره بفمها.. “الحمد لله انك نمتي يابنتي.. يارب تفضلي نايمه على ما أمك ترجع بسلامة وترضعك، ويمكن ربنا يكون رضاها وتجبلك حاجه معاها تبل ريقك يا ضنايا”.. قالتها “إلهام” بتمني وهي تزيد من ضم الصغيره مكمله بألم.. “الله يرحمه أبوكي عمره ما حوجنا لمخلوق من يوم ما خطب أمك، ومن بعد ما راح واحنا الدنيا والناس عماله تلطش فينا شمال ويمين لما استوينا على الأخر، وأمك المسكينه مش عارفه تفطمك علشان مش لاقيه حاجه تاكلهالك يا بنتي.. ويا عالم الأيام مخبيلنا أيه تاني.. بس إحنا راضين بأمرك يارب.. راضين وصابرين الحمد لله على كل حال”.. طرقات هادئه على الباب جعلتها تزيل عبرتها سريعاً ، وتسمح للطارق بالدخول بلهفه حتي لا تزعج الطرقات حفيدتها.. ” أدخل يلي بتخبط الباب مفتوح”.. خطت فتاه شابه بأوائل العشرينات ترتدي إسدال للصلاه.. حامله بيدها طبق مملوء بالطعام مغطي بالخبز الطازج ، واقتربت من “إلهام” وأردفت بابتسامة بشوشه، وهي تضعه على كرسيي صغير بجوار الفراش.. “سلام عليكم يا خالتي.. عامله ايه انهارده”.. بادلتها “إلهام” الابتسامه وبتنهيده قالت.. “وعليكم السلام يا إيمان يا بنتي”.. تنقلت بنظرها بينها وبين الطعام وتابعت بعتاب.. “ليه بس التعب دا يا بنتي.. احنا مستورين والحمدلله”.. ربتت “إيمان” على كتفها برفق، ومالت على الصغيره تقبلها بحب وهي تقول.. ” ديماً مستورين يارب يا خالتي.. بس انا قولت لازم ادوقك الفته من ايدي وتقوليلي رأيك عرفت اعملها زيك المرادي ولا لاء”.. تلفتت حولها مكمله بتساؤل.. “هي البت إسراء فين علشان تدوقها هي كمان.. لسه مرجعتش من بره ولا ايه؟”..اجابتها “إلهام” بقلق بادي على ملامحها.. “لسه يا بنتي، وخارجه من صباحية ربنا.. قبل ما الساعة تيجي 7 حتي.. لبست عبايتها وخدت ورق جوزها الله يرحمه، وجريت على الشركه اللي كان شغال فيها.. ادعيلها ربنا ينصفها المرادي، وترجع مجبورة الخاطر”.. ظهر الحزن على وجه “إيمان”، وتحدث بإحراج قائله.. “والله يا خالتي انا وشي منك انتي و إسراء في الأرض من عمايل “تامر” جوزي”..صمتت لبرهه تحاول التحكم بعبراتها، وتابعت بدهشه.. ” من ساعة موت “رامي” أخوه وانا مش عارفه ايه اللي جراله..جاب القسوه دي مين علشان يقسي بالشكل دا على مرات أخوه وبنتها اللي من لحمه ودمه؟!”.. أطبقت ” إلهام” عينيها بقوه وبأسف قالت.. ” جوزك مفكر أن “إسراء” السبب في موت أخوه ، ومش ناوي يسيب بنتي في حالها يا إيمان..أول ما يعرف انها اشتغلت في اي محل، ولا عياده يروحلها ويعملها فضيحه لحد ما يطردوها، واهي يا حبة عيني طلعت من بدري قبل ما هو يصحي ويشوفها وهي خارجه ويتخانق معها زي عوايده، وناسي انه كده يقطع رزق بنت أخوه قبل ما بيقطع رزقنا.. بس ربنا كبير وقادر ينور بصيرته، ولا يبعتله اللي يوقفه عند حده” .. بكت” إيمان” وهي تقول.. ” والله يا خالتي أنا غلبت معاه أفهمه، واقوله أن موت أخوه دي حاجه بأيد ربنا.. بس هو بقى صعب أوي، وأسهل حاجه عنده بقت الضرب”.. رفعت ” إلهام” يدها ومسحت عبراتها، وربتت على وجنتيها بحنان مغمغمه بتعقل.. ” متقفيش قصاده تاني يا بنتي، ولا تجبيلو سيرتنا علشان ميتخانقش معاكي، ويله من غير مطرود ارجعي بيتك ليجي فجأه ويعملك حكايه”.. أمسكت طبق الطعام، ومدت يدها به لها مكمله.. ” وخدي الأكل دا معاكي أنا وبنتي مش عايزين حاجه من ناجية جوزك غير أنه يسبنا في حالنا”.. تطلعت بها ” إيمان” بأعين تملؤها الحزن، وبعتاب قالت.. “كده يا خالتي عايزه ترجعيني بالأكل و تكسري بخاطري”.. ” إلهام” بنبرة حانيه.. “يا بنتي انا مش قصدي أكسر بخاطرك..انتي عارفه اني بعتبرك زي إسراء بنتي.. بس مش عايزه أعملك مشاكل زياده مع جوزك”..” لو بتعتبرني زي بنتك فعلاً يبقي لازم تدوقي عمايل ايديا، واطمني يا خالتي الأكل دا انا جيباه من فلوسي اللي أمي بتدهالي لما تيجي تزوني.. مش من فلوس جوزي”.. قالتها “إيمان” وهي ترفع الخبز عن الطبق ليظهر اسفله الكثير من الأرز الأبيض فوقه قطع من اللحم الشهي وبدأت تطعم” إلهام” بيدها مكمله.. “انا عارفه ان ليكي علاج و لازم تاكلي الأول قبل ما تاخديه”.. ابعدت” إلهام” وجهها سريعاً، ورفعت يدها ربتت على كفها وهي تقول.. “تسلم يا بنتي بس انا مليش نفس دلوقتي.. هستني إسراء لما تيجي وناكل سوا.. قومي أنتي روحي عشان متتأخريش أكتر من كده”.. وضعت “إيمان” الطعام من يدها،وهي تقول بخوف ظهر على محياها.. ” عندك حق يا خالتي.. انا همشي انا قبل ما يرجع والمرادي ممكن يقطم رقابتي”.. ابتسمت لها” إلهام” قائله.. “مع السلامة يابنتي.. ربنا يهدي سرك ويراضيكي بالخلف الصالح يا إيمان يا بنت مني قادر يا كريم”.. آمنت” إيمان” على دعائها، وسارت بخطوات مهروله نحو الخارج.. لتسرع” إلهام” بإيقاظ الصغيره بمنتهي الرفق وهو تقول.. ” قومي يا ضنايا كلي ربنا عالم بيكي، وبعتلك رزق على ما أمك ترجع يا بنتي”.. هبطت عبراتها على وجنتيها من جديد حين شعرت بقبضه قوية تعتصر قلبها من شدة قلقها على وحيدتها.. “ربنا يحفظك يا إسراء يا بنتي، ويفرحك بشبابك، ويعوضك عن حزنك، وكسرت قلبك يا ضنايا”..
………………………………….
.. شركة “فارس الدمنهوري” المتخصصه لصناعة السيارات..
داخل عياده الشركة الخاصه.. يجلس” فارس” على إحدى الكراسيي واضعاً ساق فوق الأخرى..يتابع الطبيبه وهي تعالج جرح تلك المجنونه التي ألقت نفسها بطريقه حتي سقطت بين يديه.. “خلصتي؟!”.. قالها “فارس” بلهجته الحاده الصارمه..جعلت الطبيبه تنتفض بفزع، وأجابت على الفور.. “أيوه يا فندم خلصت..جرحها خد 6 غرز”.. هب واقفاً وسار بخطوات بطيئه نحو النائمه على الفراش حتي وقف أمامها يتأمل وجهها الملائكي بنظرات جامده يخفي بها إعجابه الشديد بملامحها الفاتنه الرقيقه.. بل الساحره.. نعم تمتلك هي سحر خاص لم يراه بحياته على أي امرأه رغم علاقاته المتعدده.. تأمل ملامحها بدقه لا تخلو من وقاحته.. من بداية حجابها التي نزعته عنها الطبيبه ليظهر شعرها الحريري اللامع كخيوط من الذهب الخالص، وعينيها الواسعه التي تزينها اهدابها الكثيفه، أنف صغير منمق، وشفاه مكتنزه كحبة كريز طازجه.. ابتلع لعابه بصعوبه حين هبط أكثر بعينيه لعنقها المرمري، وتابع تأملها بوقاحه وجرئه أمام أعين الطبيبه المنذهله من تصرفاته.. فهو ظل جالساً حتي وهي تخلع عنها عبائتها السوداء بمساعده إحدي الممرضات لتتمكن من الوصول لجرحها، ولكنها استطاعت إخفاء جسدها عن عينيه الماكره حين دثرتها جيداً بغطاء ازرق اللون.. ضيق عينيه بدهشه حين لمح بقع كبيره تملئ الغطاء فوق صدرها، وتزداد اتساع بصوره ملحوظه.. فتحدث بتساؤل دون أن يبتعد بنظره عنها.. “ايه اللي بيحصل دا؟!”..اجابته الطبيبه بعمليه.. “واضح أنها بترضع يا فندم”.. عقد حاجبيه ونظر للطبيبه نظره حارقه مردداً.. “بترضع؟!”.. الطبيبه بتوتر.. “احححم ايوه يا فندم،ودا بيحصل للأم لما البيبي بيكون جعان”..”فارس بيه”.. همست بها “إسراء” بضعف، وهي تجاهد لفتح عينيها.. همسها وصل لسمع ذلك الواقف.. فعاد بنظره لها.. يرمقها بنظرات ساخره وقد ظن أنها مثل معظم النساء التي تحلم بالوصول له حتي ترتمي أسفل حذائه.. “فوقيها”.. قالها “فارس” بأمر موجه حديثه للطبيبه.. فقالت الطبيبه بتأكيد.. “هي فعلاً فايقه..أنا مديها بنج موضعي.. بس عندها هبوط شديد نتيجه قلة غذا، والمحلول اللي في ايديها هيساعدها تفوق أكتر”..حرك رأسه بالايجاب، وأشار لها بالانصراف.. فسارت للخارج خلفها مساعدتها في الحال.. وضع يده بجيب سرواله، ووقف يتابعها وهي تستعيد وعيها ببطء، وتتأوه بصوت خفيض أربكه، وأشعل شرارة رغبته خصتاً حين أعادت همسها بإسمه بصوتها المتعب، ولكنه ناعم، ورقيق للغايه.. “فارس بيه من فضلك ساعدني”.. تراقصت ابتسامة خبيثه على ملامحه الوسيمه، واقترب منها، ومال عليها بوجهه واضعاً كلتا يده حولها،وتحدث بابتسامة مصطنعه أمام شفتيها قائلاً.. “امممم ياتري عايزاني أساعدك في أيه بالظبط يا مدام؟!”.. جحظت عينيها حين شعرت بأنفاسه الساخنه تلفح بشرتها، فأسرعت برفع يدها حتي تدفعه بعيداً عنها..لكن جسدها الضعيف لم يسعفها.. ف إحدي ذراعيها مصاب بجرح ليس بهين، والأخر موضوع به أبره بكف يدها تصل بمحلول معلق بجوار الفراش.. احتقن وجهها بحمرة الخجل، ورمقته بنظره غاضبه وتحدثت بصوت مرتجف قائله.. “أبعد عني” .. رفع يده وسار بسبابته على وجهها يرسم ملامحها، وهو يقول بعبث.. “انا كنت بعيد عنك فعلاً، وأمرتهم يضربوا عليكي نار علشان أحذرك تقربي مني..لكن واضح إني عجبك أوي، وداخل مزاجك على الأخر لدرجة إنك مستعده تضحي بحياتك علشان توصليلي؟!”..”انت بتقول أيه يا سافل أنت..أبعد عني احسنلك بدل ما أصوت واعملك فضيحه”.. قالتها بأنفاس متلاحقه من شدة رعبها، وهي تبتعد بوجهها عن يده بشمئزاز ظاهر على محياها..”سافل،وفضيحه؟! “.. قالها وهو يرمقها بنظره غاضبه وملامح لم تبشر بالخير أبداً، وبلحظه كان قبض على عنقها بقوه، وتحدث بصوت عالِ يدل على شدة غضبه قائلاً.. ” انتي مين يا بت انتي، ومين اللي بعتك؟”.. استجمعت قوتها، ورفعت يدها بضعف شديد تحاول أبعاد يده عنها، ولكن يده كالصخر لم تتزحزح انش واحد مما جعلها تلتقط أنفاسها بصعوبه بالغه،وعبراتها تهبط بغزاره على وجهها، وبصوت يكاد يسمع قالت.. “انا مرات موظف كان شغال عندك هنا في الشركه، ومات من 7 شهور”.. تأوهت بألم، وبضعف تابعت.. “وجايه أطلب منك تساعدني أخد معاشه علشان أصرف منه على بنتي اليتيمه كنت فكراك بني آدم زينا.. بس طلعت غلطانه!!”.
تم
متشوقة
جدا جميل
ابداع
اكملي
جميله
راويه جميله