روايات

رواية سدفة الفصل التاسع 9 بقلم آية شاكر

رواية سدفة الفصل التاسع 9 بقلم آية شاكر

رواية سدفة الجزء التاسع

رواية سدفة البارت التاسع

رواية سدفة الحلقة التاسعة

“إيه يا نداء إنتِ مش فرحانه ولا ايه؟!”
تلعثمت نداء قائلة:
“بـ… بابا… أ… أنا مش عايزه أروح”
رشدي بحزم:
“كلنا هنروح أنا إديت الراجل كلمه جهزوا نفسكوا هنمشي بكره الصبح بدري”
لم يقبل والدها أي عذر تفوهت به وبعد دقائق كانت منزوية أعلى فراشها وساخطة، تمنت لو يحدث أي شيء يُعطل تلك الرحله…
انتشلها من خضم أفكارها دخول «دينا» للغرفة قائلة بحمـ…اس:
“قومي بقا نشوف الهدوم اللي في الشنطه دي واللي يناسبك منها”
نظرت «نداء» للحقيبه الكبيرة بيد والدتها والتي تحملها بصعوبة أثر ثقلها، ابتسمت بسخرية فها هي الحقيبة التي ترسلها خالتها ساره كل عام من ملابس استعملها بناتها وأولادها وزهدن فيها أو لم تعد تناسبهم لأي سبب، فقد اعتمد والديها على تلك الملابس لأعوام ولا تتذكر أنها اشتريت ملابس جديدة غير مرتين أو ثلاثة على الأكثر!
نداء باستغراب:
“هي خالتو ساره جت هنا امته؟!”
هزت والدتها رأسها نافية وهي تقول:
“لأ دي جيباهم من أخر زياره بس أنا نسيتهم خالص”
أومأت نداء فلم يسبق لها أن تمردت رغم سخطها الدائم، تنهدت بعمق ووثبت لترتدي الثياب تباعًا…
وقفت نداء قبالة المرآة تُطالع انعكاس صورتها وهي ترتدي أخر فستان بالحقيبة باعجاب فقد كان باللون التيفاني الفاتح تنتشر به ورود بيضاء مطرزة بفصوص لامعة كما كان له حزام باللون الأبيض ربطته من الخلف للحد من اتساعه، سحبت نداء حجاب أبيض ووضعته على رأسها ثم قالت:
“أنا هروح بـ ده”
دارت دينا حولها تُطالعها بإعجاب وهي نمط شفتيها لأسفل ثم قالت:
“جميل أوي عليكِ…. والباقين برده هكويهم وأطبقهم كويس وناخدهم معانا تغيري فيهم”
قالتها دينا وهي تشير نحو الثياب المبعثرة أعلى الفراش، تنهدت نداء بقلة حيلة قائلة:
“ماشي”
لملمت دينا الملابس وخرجت من الغرفة تاركةً نداء التي هوت جالسة وزفرت متنهدة وهي تقول برجاء:
“يارب”
بقلم آيه شاكر
استغفروا♥️
★★★★★
انحنت «رغدة» ولطمت وجه «ريم» بخفة وهي تصرخ في أخيها بصوت مبحوح:
“منك لله يا صالح…. عملت في أختك ايه؟!”
كان «صالح» متخشبًا ينظر لجسد ريم بوجه خال من التعابير متسائلًا هل ماتت؟ أقتـ…ل أخته على حين غفلة؟!
كانت «فاطمة» تصرخ في وجهه و«مؤمن» يلكمه في صدره وهو لا يحرك ساكنًا فقط أنفاسه تتزايد وصدره يعلو ويهبط بانفعال…
وفي تلك اللحظه باغتهم فتح باب المنزل ودخول والدهم متلهفًا فزعًا من أصوات الصراخ وخلفه «رامي» الذي كان يطرق الباب بعنفوان حتى وصل عمه «ضياء»…
“فيه ايه؟!!”
قالها«ضياء» بصدمة وحين ابصر جسد ابنته القابع على الأرض وأختها التي تهزها بلا فائدة، سقط قلبه بأخمص قدميه وقال بفزع:
“ريــــــم… ايه اللي حصل؟!”
حدج رامي صالح بحدة وهدر به:
“إنت عملت فيها إيه يا بني أدم؟!”
لم يرد صالح كان فزعًا يُطالع الفراغ بصدمة، فأدرك رامي أنه ليس وقتًا للجدال انحنى لمستواها وأخرج زجاجة صغيرة من العطر النفاذ ويداه ترتجفان وأخذ يقربه من أنفها ويُسمي الله ثم قال بأنفاس ثقيلة واضطراب:
“فتحي يا ريم… يلا يا ريم… فتحي”
مرت لحظات ثقيلة وضياء يرفع رأس ابنته لتستنشق العطر عله ينبهها فتستيقظ، والأم تلطم وجهها وتصرخ باسمها ورغده ومؤمن يترقبان ما يحدث بقلق، حتى فتحت جفونها بوهن وأول ما أبصرته كان ضباب ثم وجه رامي الذي ابتسم فور استجابتها وقال متنهدًا:
“الحمد لله”
ظلت ريم تمرر بصرها بينهم حتى تذكرت ما حدث وكان «ضياء» جوارها يقبل يدها، فقالت بلسان ثقيل:
“بابا… إنت جيت؟”
انهمرت دموعها فضمها ضياء وهو يقول:
“حبيبة أبوها اللي منوره حياته”
انهارت «ريم» باكية على ما حدث لها، ووالدها يربت على ظهرها ويهدئها فلطلما كانت مدللة أبيها وقرة عينه لكنه في أخر ثلاثة أعوام أصبح يغيب عن البيت كثيرًا ولا تراه لأشهر عده…
استشاط رامي غضبًا أثر بكائها ووثب يرنو من صالح وضـ..ربة بظهر يده على صدره قائلًا بنبرة حادة:
“استرجل شويه ومتمدش ايدك على أخواتك…”
طأطأ صالح رأسه ومازال ساكنًا كالصنم ولم يرد، فجذبه رامي من ملابسه وقرب وجهه من وجهه قائلًا وهو يوقع كلماته:
“وخصوصًا ريم…”
ترك «رامي» ملابس صالح ودفعه للخلف بعنـ..ف ولم يُعقب صالح خوفًا من أبيه…
مرت دقائق حتى اطمئنوا على «ريم» ودلفت لغرفتها برفقة رغدة ووالدتها، في حين ارتدى صالح ثيابه وخرج من البيت متعجلًا كي لا يسمع كلمة أخرى…
شكر ضياء رامي وعانقه مربتًا على ظهره ثم أخرج الأموال من جيبه وقال وهو يمد يده بها:
“خد يا رامي كل سنه وإنت طيب”
رامي بحرج حاول إخفاؤه:
“وإنت طيب يا عمو بس إيه ده إحنا كبرنا على الحاجات دي خلاص وبقينا إحنا اللي نوزع العيديه دلوقتي”
هز ضياء النقود وقال بإصرار:
“امسك ياد كبرت ايه!!! خد مصروفك من عمك”
أخذ رامي النقود وقال:
“ماشي يا عمو كل عام وإنت بخير”
ساد الصمت لبرهة وقطعه رامي قائلًا بتردد:
“عمو أنا كنت عايز حضرتك في موضوع وأتمنى توافق عليه”
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ♥️ طين
★★★★
“قولتلك كام مره بلاش طولة لسان بتعاندي في أخوكي ليه!!!”
قالتها «فاطمة» بنظرات حادة معاتبة ريم، فرمقتها ريم بضعف ولم تُعقب فقد اعتادت على اللوم المستمر، هم لا يخطئون هي المخطئة الدائمة بكل شيء، فكل يوم يزيد مُقتها لجدران هذا البيت…
رغده بحده:
“وواقفه تتكلمي مع رامي كمان!! إنتِ أصلًا محتاجه تتربي من جديد”
هزت رغده رأسها يمنة ويسرة باستنكار وأردفت بسخرية:
“أنا أصلًا شاكه فيكم وفي نظراتكم لبعض… إنتوا مرتبطين صح؟”
صكت فاطمة صدرها وهدرت بها:
“مرتبطين!!! دا أنا كنت أقتـ…لها بايدي… عاوزه تتجوزي في بيت شيرين اكتر واحده بتكره أمك!!”
هزت فاطمة عنقها وكأنها تقلب الكلام في رأسها وقالت بشرود:
“دا مش بعيد تكون هي اللي مسلطه الواد عليكِ عشان تاخدك مني!”
نظرت فاطمة بعمق في عيني ريم وصاحت بغضب:
“إنتِ مبترديش ليــــه!!”
لاذت ريم بالصمت فسألت رغدة بترقب:
“ردي يا ريم فيه حاجه بينك وبين رامي؟!”
وقبل أن تنبس بكلمة تناهي لمسمعهم هتاف ضياء مناديًا إسم ريم لينقذها من ذلك التحقيق المباغت، فوثبت لتلبي نداءه وتبعاها…
وقفت قبالة والدها وقالت في هدوء:
“نعم يا بابا”
“رامي ابن عمك طلب مني طلب… ورأيي متوقف على رأيك إنتِ”
ابتلعت ريقها في اضطرات وقلبها ينتفض بضـ..ربات متوالية وهي تترقب ما سيقوله والدها، وتبدل نظرها بين فاطمة ورغدة ثم رامي الذي تحاشى النظر نحوها وظل يُحدق أسفل قدمه، فظنت أنه ربما طلبها للزواج!
أطرقت بصرها أرضًا في حياء وهي تبلل شفتيها بارتباك حتى قال والدها:
“رامي عايزك تسافري معاهم اسكندريه بكره تغيري جو مع بنات عمك ايه رأيك؟”
تنهدت بارتياح ودون أن تفكر اومأت رأسها قائلة باندفاع:
“مـ… موافقه… أيوه أنا محتاجه أغير جو…”
تدخلت فاطمة وقالت وهي ترمقها بنظرات حادة:
“لأ مش هتروح في مكان… إنت مدلعها وده غلط”
تنحنح ضياء وتجاهل كلامها قائلًا لـ ريم:
“روحي يا ريم جهزي نفسك وجهزي هدومك… ولو عايزه تروحي معاها يا رغده جهزي نفسك”
رغده بغلظة:
“مش عايزه اروح في حته”
ونظرت لـ رامي من أعلى لأسفل بحدة ثم خرجت غاضبة، فوثب رامي وقال:
“طيب يا عمو أستأذن بقا”
نهض ضياء وقال:
“سلملي على أبوك يا رامي على ما نتقابل”
“يوصل يا عمو”
خرج رامي من البيت، فقالت فاطمة بحدة:
“إنت مسمعتنيش يا ضياء قولتلك البت مش هتروح”
رمقها ضياء ببرود وقال متجاهلًا إياها:
“حضريلي الفطار يا فاطمه”
وخرج من الغرفة وتركها تصفع كفًا بالأخر وتقول:
“هو الراجل ده ماله!!!… أكيد شيرين سحرتله هو كمان!!”
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★★
في صباحٍ جديد تعالت شقشقة العصافير في تناغم وكأنهم يطلقون الزغاريد احتفالًا باليوم الثاني من أيام عيد الأضحى…
كان الجميع يستعدون للرحلة بحمـ…اس إلا «نداء» التي ثقُل صدرها وكانت ملامحها العابسة تشي بمدى تذمرها وامتعاضها…
كانت تحمل حقيبة ظهرها السوداء تضع بها ملابسها وقنينة مياه ودفترها وحبلًا لتمارس رياضة قفز الحبل….
وقفت لبرهة تُطالع هاتفها القابع أعلى المكتب مقررة تركه وكأنها نسيته! فلا تريد إظهاره أمام أحد لكنها عادت ووضعته في حقيبتها ثم ارتدت الأسورة «الأنسيال» حول معصمها وظلت تتأملها بإعجاب حتى تناهي لسمعها صوت والدها:
“يلا يا ولاد عشان علي هيوصلنا بالعربية ومستني تحت”
دينا باستغراب:
“هنركب ازاي في العربية كلنا!!!”
رشدي:
“أنا اللي هسوق وهنركب قدام وعلي هيركب ورا عشان يبقا يرجع بالعربية”
نفخت «نداء» متضجرة فما كان ينقصها غير رؤية علي هو الأخر….
كان علي يتحاشى النظر نحوها، فلم يقل غير جملتين لوالديها:
“كل سنه وانتوا طيبين… تنعاد عليكم الأيام بخير”
ربت رشدي على كتفه مرددًا:
“وإنت بالصحه والسلامه يا غالي”
رمقها بطرف خفي وقد سحره فستانها الذي زادها جمالًا
ركب علي بصندوق السيارة المفتوح وأخذ يتخيل حاله فرد من تلك العائلة اي زوجًا لـ نداء ويتخيل أنه يخبرها كم هي جميلة فتبتسم على استحياء وهي تردد أحبك، وهنا لفح الهواء الطلق وجهه بعنفوان وكانه يضـ…رب خديه ليستيقظ من أحلامه تلك…
بقلم آيه شاكر
★★★★★
كانت سيارة الأجرة تقف أسفل منزل دياب تضم ثلاث مقاعد واسعة كل مقعد يسع لثلاث أفراد كان رامي يقف أمام السيارة يضع الحقائب إما فوقها أو بداخلها….
خرج «رائد» من البيت يحمل حقيبة سفر في يده، ويركض أمامه عمرو وعامر فتعثر أحدهما، قال رائد بضجر:
“على مهلك يا عمرو براحه”
“أنا مش عمرو أنا عامر”
رائد بابتسامة صفراء:
“طيب على مهلك يا عامر”
صباح الأخر من خلفه:
“أنا مش عامر أنا عمرو”
ثم انفـ…جرا ضاحكين فطالعهما رائد بغيظ وضحك رامي هو الأخر وهو يقول لأخيه:
“روق يا رائد عيال بقا ما احنا كنا عيال!”
انفرج ثغر رائد بابتسامة وهو يهز رأسه يمنة ويسرة مستنكرًا وأخذ يساعد رامي في عقد الحقائب وتثبيتها أعلى السيارة…
من ناحية أخرى فتح عامر باب السيارة الأمامي وقال
“أنا هركب جنب عمو السواق”
عمرو بتذمر:
“لا أنا اللي هركب جنب عمو السواق”
دياب بنفاذ صبر:
“اركبوا انتوا الإثنين بلاش صداع”
صاحا مبتهجين:
“هيييييه”
★★★★★
في ردهة البيت كانت «ريم» تقف قبالة المرآة تُطالع ملابسها كانت ترتدي فستان واسع باللون الأحمر وعليه حجاب وردي يتخلله بعض الورود..
اقتربت من المرآة تتأمل وجهها المرهق وتلك الحبة الخاصة بكل عيد والتي عكرت صفو بشرتها..
وحين تذكرت «رامي» وإعجابه بها انفرج ثغرها بابتسامة مضيئة، وأخذت تمرر يدها على بشرتها وتتحدث في سريرة نفسها بأنها ليست ذميمة كما تعتقد بل تمتلك ملامح رقيقة هي فقط عليها الإهتمام ببشرتها التي لفحتها شمس الصيف الحـ..ارقة…
جال في خاطرها فكرة فأخذت تعدو للغرفة وأخرجت من حقيبة رغدة بعض مساحيق التجميل وأخذت توزعها على بشرتها ولونت شفتيها الباهتة ووجنتيها ببعض الحمره فتجلى جمال ملامحها، أجفلت عندما دخل والدها من الشرفة فلم تكن تره، قال:
“يلا يا ريم العربية تحت”
وحين استدارت نحوه قال بإعجاب:
“إيه الجمال ده كله… الله أكبر عليكِ”
ابتسمت بحياء، فدنا منها والدها وضم وجهها بين راحتيه ثم قال بحب:
“خلي بالك من نفسك… وكلميني أول ما توصلي”
ابتلعت ريقها بارتباك وقالت بامتنان:
“شكرًا يا بابا…. أنا بحبك أوي”
ضمها والدها وقال بضحك متخابثًا:
“حبيب بابا المسكر على رأي الواد رامي..”
لطلما كان والدها هو صديقها قبل أن يكون أبيها، ودومًا تحكي له عن رامي وما يقوله لكن لم تقل له بعد عن عرضه للزواج…
أطرقت بصرها أرضًا في حياء وقاطعها دوي صوت جرس الباب فقال والدها:
“تلاقيه رامي… يلا…”
فتح ضياء الباب فأطل منه رامي بهيبته التي تلاشت حين نظر نحوها وقال بابتسامة:
“يلا يا مسكر…”
قال ضياء بتبرم زائف:
“يبني قول صباح الخير الأول… وبعدين ايه مسكر دي! إنت بتعاكس البت قدامي!”
قبل رامي وجنتي عمه بالتبادل وقال:
“صباح الفل يا عمو… متيجي معانا إنت كمان”
ضياء متنهدًا:
“أجي فين أنا مصدقت أجي أقعد يومين هنا… خلي بالك إنت من ريم…”
أشار رامي لعينيه وقال:
“في عنيا…. متقلقش عليها يا عمو”
لا تعلم لمَ شعرت بخفقة مريبة وغصة تتلوى في حلقها حين قال والدها جمتلة السابقة وكأنها تخيلت حالها ترتدي فستان زفاف ووالدها يودعها فكادت دموعها تنهمر لولا أن انتشلها من خضم أفكارها صوت والدها:
“يلا يا ريم”
نزل معهما ضياء ووصى دياب على ابنته للمرة الثانية قبل أن تمضي السيارة للأمام وكانت ريم تجلس في المقعد الأخير تُلوح لوالدها وتبتلع غصة حلقها حتى أنها كادت تُوقف السيارة وتعود أدراجها لبيت والدها لكن جذبها من تلك الأفكار صوت وئام التي مالت نحو أذنها وقالت:
“بس إيه الحلاوة دي يا روما”
ابتسمت ريم في حياء وقالت:
“مفيش أحلى منك”
كان رائد يجلس في المقعد الأمامي وشيرين ورامي في المقعد الأوسط ورامي يجلس جوار النافذة بجسد مائل ليتسنى له أن يختلس النظر إليها من حين لأخر وكانت هي تُطالع الطريق عبر النافذة دون التفات…
توقفت السيارة في انتظار عائلة «نداء» فقال رائد متعجبًا:
“انتوا واقفين ليه؟!”
دياب موضحًا:
“مستنين رشدي وعياله”
رائد بصدمة:
“رشدي!!! مين رشدي!!”
لم يكن يعلم!! انتفض قلبه وتشتت مشاعرة واضطربت فلم يفسر حقيقتها أهو فرح لرؤيتها أم خائف!
صاحت هيام من الخلف:
“هو إنت متعرفش يا أبيه!!! دي نداء هتيجي معانا أنا بجد فرحانه أوي”
لم يعقب رائد فقط ابتلع ريقه عدة مرات ثم تنحنح واعتدل في جلسته…
نظرت شيرين لـ… رامي وقالت:
“قوم يا رامي أركب جنب أخوك عشان نداء ومامتها يركبوا جنبي”
خطـ…ف رامي نظرة نحو ريم ثم وثب وجلس جوار أخيه الذي سأله:
“إنت كنت عارف إنها جايه مع عيلتها؟!”
رامي بجدية:
“لا والله لو كنت عارف كنت هقولك”
اومأ رائد واعتدل جالسًا ولم يُعقب….
******
من ناحية أخرى ارتجلوا من السيارة كانت مضطربة تتعثر في مشيتها من خلفها علي ونظراته ومن أمامها رائد…
أخرجت قنينة المياه من حقيبتها وشربت كثيرًا رغم أنها لم تكن عطشى ثم مسحت فمها بظهر يدها، فلكزتها والدتها في ذراعها وقالت:
“مش هايزين ”عايزين” فضايه ”فضايح””
حاول رائد تحاشي النظر إليها بعد أن تفحصها بنظرة سريعة وابتسم….
ارتفع صوت هيام ووئام باسمها في آن واحد تزامنًا مع وقوف نداء المضطربة أمام باب السيارة فاتسعت ابتسامتها وصعدت للسيارة سلمت على جميعهن دون الالتفات للشابين حرجًا وحياء منهما…
دقائق أخرى وانطلقت السيارة كانت الجو يعبق بتلاوة عطرة لسورة يوسف وصمت الجميع ينصتون حتى صاح عامر:
“عمو شغل أغنية عمرو دياب… يا عمو شغل أغنية عمرو دياب يا عمو… يا عمو… يا عمو ”
مال رائد للأمام وقال بضجر:
“أغنية ايه اللي هنقفل القرآن عشان نشغلهالك… أقعد ساكت يا عمرو”
التفت له عامر وقال بسماجة:
“أنا مش عمرو أنا عامر”
رائد بنفاذ صبر:
“إنت مش عامر إنت بارد”
التفت له عمرو وقال بنفس سماجة أخيه:
“أنا مش بارد أنا عمرو”
تدخل رامي وهو يقول بضحك موجهًا كلامه لـ عمرو:
“الظاهر كده إنت حافظ مش فاهم يابا”
ضحك الجميع ثم أطبق عليهم الصمت كلٌ شرد في عالمه عدا دينا وشيرين اللتان لم تتوقفا عن الحديث..
وبعد ساعة ونصف أخرجت شيرين السندوتشات ووزعتها على الجميع للإفطار، وتوقف القرآن فأخذت هيام تُغني ولم يكن صوتها عذبًا فقال رائد بتهكم:
“يا ست ام كلثوم مصدعين والله… الله يكرمك تسكتي”
ضحكت هيام وقالت:
“لعلمك بقا يا رائد أنا صوتي حلو وواثقه في نفسي ومش واحد زيك اللي هيزعزعلي الثقه دي”
أكملت دندنه فصاح رامي دون التفات:
“يا ريم حطي إيدك على بوق البت دي الدبان اتلم”
انفـ…جر الجميع بالضحك فقالت هيام لـ نداء:
“زي ما إنتِ شايفه كده يا نداء إخواتي أكتر ناس بيشجعوني”
بقلم آيه شاكر
★★★★★
مر الوقت ووصلوا الإسكندرية، وقفوا أمام بيت من أربعة طوابق غير الطابق الأرضي ويحاوطه سياج خشبية وأمام بابه حديقة صغيرة…
وكان البحر يبعد عنهم مسافة شارع واحد…
رفع رائد بصره لأعلى ليرى أن كل طابق يقف في شرفته أطفال أو شباب، فقال لوالده:
“بابا هو البيت متأجر ولا ايه!!”
دياب:
“أيوه بس الدور الأرضي فاضي هنقعد فيه”
رائد بصدمة:
“كلنا؟!!!”
دياب:
“أيوه يابني ما هو واسع هيكفينا وزياده…”
أردف دياب وهو ينظر لرشدي ويضحك:
“واللي منلاقيلهوش مكان ينام في الجنينه”
دخلوا جميعًا للبيت كلٌ يحمل متاعه وكانت نداء تحاول حمل حقيبة سفر قد تركتها والدتها وكادت تتعثر في سيرها فالحقيبة ثقيلة، فدنا منها رامي وقال:
“سيبيها… سيبيها وأنا هدخلها”
رمقته في سرعة وأومأت، مد رامي يده ليأخذ الحقيبه في ذات اللحظه التي كانت تتركها نداء فأبصر الأسورة حول معصمها، اتسعت حدقتاه في ذهول، وهو يردد:
“معقول!!!”
كان رائد يترقب ما يحدث في صمت، وهرولت «نداء» للداخل وقبل أن تدلف من باب البيت ناداها رامي متلعثمًا:
“استني… نـ… نداء…”

التفتت له نداء وزم رائد جفونه بتركيز مترقبًا ما يفعله رامي….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سدفة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!