رواية غرام المغرور الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نسمة مالك
رواية غرام المغرور الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نسمة مالك |
رواية غرام المغرور الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نسمة مالك
أحبيني أكثر!!..
بحديقة قصر الدمنهوري..
“إلهام”..
تجلس على كرسيها المتحرك حاملة الصغير “محمود” على قدم، وحفيدتها “إسراء” على القدم الأخرى.. تقبلهما بحب وتتحدث بفرحة موجهه حديثها ل “إيمان” الجالسه أمامها على أريكة بجوار “خديجة”..
“ربنا يباركلك فيه، ويجعله بار بيكي يا إيمان يا بنتي”..
غمغمت “إيمان “بابتسامة واسعه تدل على فرحتها الغامرة.. “يسمع منك ربنا يا خالتي” ..
تنهدت “إلهام” بصوت عالِ، وتحدثت بقلق قائله..
“يا تري يا إسراء يا بنتي عاملة أيه؟”..
ضحكت “إيمان” بخجل قائله..
“عروسة يا خالتي الله.. يعني هتكون عامله أيه.. ادعليها ربنا يفرح قلبها، ويعوضها خير عن التعب اللي شافته”..
رمقتها “إلهام” بنظرة ذات مخزي،وهي تقول..
“ما انا بدعيلها والله يا بت يا إيمان، وبدعيلك انتي كمان يا حبيبتي بس انا قصدي ان بنتي بتخاف أوي .. من صغيرها عمرها ما كانت ترضي تركب مرجيحه، ولا عجلة، ولا مركب في النيل زي زميلاتها،واتحايل عليها أقولها يابنتي العبي وأفرحي معاهم تقولي لو ركبت المرجيحة ولا مركب بحس أني دايخة جامد وبفضل أرجع”..
وضعت يدها على موضع قلبها، وتابعت بخوف ظاهر على محياها الطيبة..
” أمال هتعمل أيه بقي وهي راكبة الطيارة ومتشعلقة بين السما والأرض كده؟! “..
ربتت” إيمان ” على يدها برفق متمتمه بابتسامتها الحانية.. “أنا عارفة يا خالتي إن إسراء خوافة .. بس اطمني جوزها معاها، وشكله بيحبها أوي، وحبه ليها هيطمنها، ويضيع خوفها دا متقلقيش”..
وجهت” إلهام ” نظرها ل” خديجة” التي تبتسم بشرود، وعينيها ثابته على شيء ما.. عقدت” إلهام ” حاجبيها، وتطلعت لما تنظر له.. وجدت “تامر” زوج” إيمان ” يقف على مسافة منهم برفقة رئيس الحرس الجديد” هاشم الرفاعي”..
يقف بهيبة، وهنجعيه تليق به كثيراً.. يرتدي بدلة أنيقة من اللون الأسود، وقميص من نفس اللون، يخفي عينيه الثاقبه التي تتابع كل شيء حوله بتركيز شديد خلف نظارة شمسية، ويتحدث من حين لأخر بجهاز اللاسلكي الموضوع بأذنه يملي أوامره على طاقم الحراسة الخاص به بمهارة، واحترافيه..
ابتسمت “إلهام” بخبث، وتحدثت بجدية مصطنعة قائله..
” شكله شديد أوي اسم النبي حارسة هاشم دا.. مش كدة يا خديجة يا أختي؟!”..
أنتبهت “خديجة” على نظرتها التي اقتربت للبلاهه قليلاً، وابتعدت بنظرها عن “هاشم” الذي انبلجت شبه ابتسامة على ملامحه الصارمة اخفاها سريعاً حين لمح توترها، وتفهم أن” إلهام” قد لاحظت نظرتها له.. فعينيه تراقبها من خلف نظارته..
” أيوه فعلاً يا لوما.. شكله شديد خالص”..
قالتها “خديجة” برقتها المعهوده، وقد توردت وجنتيها بحمرة الخجل حين رأت نظرة “إلهام” العابثه لها، وابتسامتها الواسعه تخبرها بها أنها قرأت ما يدور بخاطرها، وإعجابها بهذا ال “هاشم” ظاهر على ملامحها البريئه بوضوح..
ابتلعت لعابها بصعوبة، وهبت واقفه فجأة، وتحدثت باستعجال قائله..
“أنا هروح أشوف مارفيل، وديمة صحيوا ولا لسه”..
“اقعدي بس يا خديجة ما أنتي قولتيلي قبل كده أنهم بيصحوا المغرب، ولا بعد المغرب كمان.. عايزاكي تتصلي على فارس واسراء نطمن عليهم الأول..نشوفهم وصلوا بالسلامة ولا لسه”..
“هتصل عليهم حالاً من عنيا يا لوما”..
قالتها” خديجة” بابتسامة، وهي تجلس مره ثانيه، وامسكت هاتفها تطلب رقم” فارس “.. زمت شفتيها، وقالت بأسف..
“التليفون مغلق برضوا .. يبقوا في الطريق لسه”..
” توصلي بألف سلامة أنتي وجوزك يا إسراء يا بنتي”.. غمغمت بها” إلهام ” بسرها، وهي تمسد بيدها على شعر حفيدتها الكستنائي الحريري الذي يشبه شعر ابنتها بالمثل..
هبت “خديجة” واقفة، وتحدثت بخجل، وارتباك قائله..
“أنا هروح اعمل حاجة نشربها كلنا”..
“وماله يا حبيبتي، وبالمرة اعملي حساب أسى الأستاذ هاشم معاكي”..
قالتها “إلهام ” بجدية مصطنعه، وهي تنظر بتجاه “هاشم” الواقف على مقربه منهما، واستمع لحديثهما فتوجه بنظره نحوهما، وأبتسم لهما أبتسامتة الرزينه قاصداً بها تلك الرقيقه” خديجة”..
……………………………….
..بمكان آخر..
جزيرة الجفتون من أجمل مواقع الغردقة، و من أهم المقاومات السياحية..
هبطت الطائره الهليكوبتر الخاصة بمجموعة شركات الدمنهوري..
على “جزيرة الجفتون”.. “giftun island”
تعتبر هذه الجزيرة الأولى من حيث الأهمية للقطاع السياحي حيث أنها الجزيرة الوحيدة المسموح بالنزول عليها..تتميز بموقعها القريب من مدينة الغردقة وبرمالها الناعمة وما يحيط بها من مواقع غوص..وتعتبر من أفضل الأماكن السياحة ..
هبطت الطائره على مقر خاص بها أعلى إحدي الفنادق الذي يملكها “فارس”..
من أفخم وأشهر فنادق الغردقه..
“وصلنا يا روحي”..
قالها “فارس” بأذن “إسراء” المنكمشه على نفسها داخل حضنه..تختبئ بوجهها بصدره.. ممسكة بقميصه الأبيض بكلتا يديها..
رفعت رأسها ببطء، ونظرت له بملامح شاحبه من شدة خوفها، وهمست برجاء بصوت مرتعش متقطع..
“الحمد لله.. نزلني بقي يا فارس بسرعة بالله عليك”..
تعرقت جبهتها بشدة.. ارتجف جسدها بين يديه بقوة، وشعرت بالهواء ينسحب من رئتيها، وقبضت على يده فجأه بأناملها الباردة..
“أهدي حبيبتي.. متخفيش أنتي في حضني”..
أردف بها “فارس” وهو يقوم بفك حزام الأمان من حوالها، وحزامه أيضاً..
لف يده حول خصرها، ورفعها بيد واحده، وهب واقفاً بحذر، وهبط بها بتراوي على درج الطائره حتي، وقف على الأرض..
عدل وضعها داخل حضنه، واضعاً يد أسفل ركبتيها، والأخرى خلف ظهرها، وحملها بين يديه وسار بها نحو المصعد..
شهقت هي بضعف، وهمست بوهن..
“فارس نزلني عايزه أرجع” ..
اعتلت ملامح “فارس” القلق، وانتفض قلبه بهلع حين شعر بشدة تعبها وجسدها الذي تراخي بين يديه..
“هات باسكت بسرررعه”..
قالها “فارس” بلهجة حادة لإحدى حراسه.. الذي هرول مسرعاً وعاد حاملاً صندوق صغير وضعه أمامها أرضاً..
أنزلها بحرس شديد،وطوقها بذراعيه القويتين.. ظهرها مقابل صدره، ومال معها للأمام لتبدأ هي تتقيأ بعنف، وتأن بألم حاد..
بينما هو يمسد على معدتها بحنان بالغ متمتماً بلهفه..
“خدي نفسك براحة.. إسراء أهدي يا روحي.. متخفيش أنا معاكي”..
“أنا أسفه.. بس دي أول مرة اركب طيارة والله”..
همست بها بصعوبة بالغة من بين آهاتها الحادة..
“هششش.. أهدي أنا عارف”..
قالها “فارس” وهو يزيد من ضمها له، ويده مازالت تمسد على معدتها تاره، وعلى جبهتها ووجنتيها تاره.. ويمسح فمها بأنامله تاره أخرى وهو يبتسم لها ابتسامته المطمئنة..
هدأت نوبة الزعر التي كانت تداهما بقسوة، وألقت بثقل جسدها على جسده متمتمه بخجل..
” قولتلك بلاش أنا اركب الطيارة، وأنت اللي صممت”..
حملها بلهفه لتسرع هي بلف يدها حول رقبته، ودفنت وجهها بعنقه..
تابع سيره بها نحو المصعد.. مال على جبهتها قبلها قبله طويله عميقه وهو يقول بصوت يكاد يكون مسموع حتي لا يصل لسمع حراسه الواقفين خلفه..
“نوصل بس جناحنا يا بيبي، وهساعدك تاخدي شاور جامد هفوقك بيه بطريقتي وهخليكي ترجعي زي الحصان “..
رفعت وجهها ونظرت له بأعين متسعه، وقد أشتعلت وجنتيها بحمرة قاتمة.. بينما هو التمعت عينيه ببريق متوهج من شدة إشتياقه، ورغبته بها..
“أنت مش قولتلي عندك أجتماع مهم”..
همست بها بعدما خطي بها داخل الجناح، وأغلق الباب خلفه مستند عليه بظهره، وبدأ يغمرها بقبلاته الساخنه التي تذيب عظامها، وتدفعها للأستسلام الكامل له..
“هطمن عليكي الأول وبعدين احضر الاجتماع،وأرجع اطمن عليكي تاني وتالت، ورابع”..
سيطرت على مشاعرها معه بصعوبة بالغة، ودفعته عنها من كتفيه بكلتا يديها بضغف، ولكنه ظل يقبلها بلهفه دون توقف.. ينثر قبلات صغيرة على كافة وجهها..نظرت له بأعين تترقرق بها العبرات متمتمه..
“أنا اللي عايزه اطمن عليك يا فارس،وعايزة أعرف أنت ناوي على أيه الأول مع مامتك وديمة؟”..
ابتلعت غصه مريره بحلقها، وحاولت كبح عبراتها التي خانتها وهبطت ببطء على إحدي وجنتيها، وهمست بنبرة يملؤها الآسي..
“أنا ماعنديش إستعداد أبداً أخسرك، ولا هستحمل أشوفك داخل عليا في يوم متعور، ولا سايح في دمك زيي ما شوفتك قبل كده.. مش هستحمل أشوف حياتك في خطر كده دايماً وممكن لقدر الله تروح مني في أي وقت”..
صمتت لبرهه، واجهشت بالبكاء مكمله بجمله جعلت قلبه يعتصر ألماً وكأن تلقي طعنه قوية بسكين بارد حين قالت بتقطع..
“أنا عايزاك أنت اللي تدفني يا فارس.. فاهم”..
توقف عن تقبيلها بصدمة.. جملتها كانت بمنتهي القسوة.. تصلب جسده للحظات، ومن ثم خطفها بعناق محموم كاد أن يكسر عظامها من قوة ذراعيه على جسدها الصغير..
طال عناقهما وكل منهما لا يود الإبتعاد عن الأخر لعل هذا العناق المحموم يهدأ ارتعاد قلبهما..
عادت ملامح” فارس” الهائمه بها لصرامتها فجأه.. وسار بها نحو الفراش.. اجلسها عليه برفق.. وجذب مقعد وجلس عليه أمامها ممسك يدها بين كفيه..
ساد الصمت للحظات تقطعه صوت شهقاتها التي تجاهد للسيطرة عليها..رغم أن هناك جزء بقلبه أكثر من سعيد بخوفها هذا عليه.. إلا أن جملتها الأخيرة جعلت الفزع، والرعب يتملك منه.. خائف عليها هي أكثر من نفسه..
“قوليلي الأول حاسه إنك أحسن دلوقتي؟”..
همس بها “فارس” بنعومة، وهو يرفع يدها على شفتيه يقبلها بعشق..
حركت رأسها بالايجاب، وهمست بستحياء..
“الحمد لله أحسن شوية”..
وضعت يدها الصغيرة على وجنته، وتابعت بابتسامتها الخلابة..
“اتكلم قولي اللي جوه قلبك أنا سمعاك”..
أخذ نفس عميق، وتحولت ملامحه لأخري شرسه مدمدماً..
“اطمني أنا ناوي على كل خير، وهاخد حقي وحقك وحق ديجا كمان من اللي هددوها بيا علشان كدة قالتلك تسبيني اتجوز ديمة”..
صمت لوهله يلتقط أنفاسه، وتابع وهو يصطك على أسنانه بغضب، وغيظ شديد..
“مارفيل هتاخد عقابها على كل اللي عملته فيا”..
“بس عايزه أقولك حاجة مهمة.. لو هي نسيت إنك ابنها.. أوعى أنت تنسي أنها أمك يا فارس”..
قالتها” إسراء “وهي تمسد بكف يدها على صدره، وكأنها تمتلك مفعول السحر لمحي الألم الحاد الذي يكمن داخل قلبه بحركتها هذه التي بات يعشقها “فارس” مؤخراً..
أغلق عينيه بستمتاع من قربها، وتنهد براحة، وهو يضم يدها لصدره بيده بقوه مغمغماً..
“فاكر يا إسراء وعمري ما نسيت أنها أمي وإلا كان زماني مخلص عليها من ساعة ما عرفت أنها هي اللي ورا كل محاولات القتل اللي اتعرضت ليها في حياتي”..
صمت لبرهه، وتابع بتأكيد..
“وبالنسبة لخطوبتي من ديمة أنا هنهيها الليله و مش هاتجوزها طبعاً لأني ببساطة”..
غمز لها بمكر مكملاً بشقاوة لا تخلو من وقاحته..
“بحب مراتي اللي هي أنتي يا بيبي، ومستحيل واحدة غيرك أنتي تشيل أسمى أو حتي تدوق حضني يا إسراء”..
اعتلت ملامحه ابتسامة خبيثه، وهب واقفاً أمامها.. خلع معطفه والقاه على المقعد بأهمال..
كلماته الصادقة جعلت قلب “إسراء” يتراقص بسعادة، وعضت على شفتيها بخجل وضحكت بغنج حين رأته بدأ يفك أزرار قميصه واحد تلو الأخر وهو يقول بمكر…
” حضني، وقلبي وكلي ملكك أنتي وبس يا بيبي، ودلوقتي بقي سبيني اطمن عليكي بطريقتي، وكمان في مفاجأت كتير عاملها ليكِ انهارده أنا واثق أنها هتعجب القمر بتاعي”..
اقترب منها حد الألتصاق واضعاً جبهته على جبهتها، وهمس أمام شفتيها، وهو يحملها، ويسير بها تجاه الحمام الخاص بالجناح..
” أشتاقك يا نبع الدماء بأوردتي،واطمئني ساحرتي لن أتخلي عن قلبك الذي ينبض بحبي.. فقط أحبيني أكثر وأكثر، ودعيني أنا أغمرك بعشقي”..
“بتجيب الكلام اللي يجنن دا منين بس يا أبو الفوارس؟!”..
همست بها، وهي تقبل لحيته قبله رقيقه على استحياء تشنج جسده بقوة أثارها، وأطارت بها اللُب من عقله، وزادت جنونه بها أضعاف مضاعفه..
………………………………….
.. بالقصر..
“يعني ايييييه سافر فجأة يا ديجا؟!”..
صرخت بها “ديمة” بغضب شديد.. لترمقها “خديجة” بنظرة حارقه مردفه بأمر..
“وطي صوتك دا وانتي بتكلمني يا ديمة، وفارس سافر علشان عنده شغل مهم”..
دارت” ديمة” حول نفسها بجنون، وتحدثت بذهول..
“دا أنا بقالي كام يوم هنا معاه في القصر ومش عارفة اتلم عليه.. يقوم يسافر،وميقولش هو رايح فين حتي؟!”..
“عزيزتي ديمة حدثي والدك وأخبريه عن أفعاله المشينه معكِ، وبالتأكيد سيكون على علم بمكانه ويخبرك”..
أردفت بها” مارفيل ” ببرود، وهي تتناول سيجارها برفقة كأس الخمر المعتاد لها..
ابتسمت “ديمة” ابتسامة مصطنعه تظهر بها الحقد، والشر بعينيها، وتحدثت موجهه حديثها ل “خديجة”..
” انا هعرف هو فين، وهروح له لو حتي في المريخ”..
أنهت جملتها، وسارت لخارج القصر ساحبه حقيبة ثيابها خلفها..
انتظرت” خديجة” حتي تأكدت من ذهاب” ديمة” وتحدثت بصوت عالِ فجأة قائله بلهجة حادة جديدة كلياً على شخصيتها الهادئه..
” نادي رئيس الحرس حالاً يا صابرين”..
هرولت” صابرين” مندفعه نحو الخارج أمام أنظار “مارفيل” الساخرة، وعادت بعد لحظات برفقة “هاشم” الذي خطي خلفه أكثر من عاملة غير “صابرين”..
زحف الرعب لقلب “مارفيل” حين لمحت نظرة “خديجة” المتشفيه المسلطة عليها، وتحدثت دون إبعاد نظرها عنها قائله بأمر..
” خدو مارفيل هانم لمكانها الجديد”..
غمغمت “مارفيل” بعدم فهم قائله..
“ماذا يحدث هنا خديجة؟!”..
ابتسمت لها “خديجة” ابتسامة زائفه مردفه بأسف مصطنع..
” حان وقت عقابك مارفيل”..
سقط الكأس الكريستال من يدها أرضاً تحطم لأجزاء بعدما ارتجف جسدها بفزع، ونظرت للعاملات اللواتي اقتربن عليها بنظرات زائغه تدل على شدة خوفها،وقد أدركت أنها من الآن ستدفع ثمن جرائمها الشنعاء بحق وحيدها..
…………………………………….
..بعد مرور عدة ساعات..
خيم الليل بستائره السوداء التي تلتمع بها رونق النجوم..
داخل الجناح الخاص ب “فارس” وساحرته..
على فراش وثير مملوء بأروع الورود من اللون العنابي، والأبيض، وعلب من القطيفه تحتوي على أرقى و أفخم المجوهرات، وقطع الماس التي تعتبر نادره..
تغص “إسراء” بينهما بنومٍ عميق من شدة إجهادها..
رنين الهاتف المستمر جعلها تتملل بنومها بعدما شعرت ببروده تجتاح أوصلها حين وجدت نفسها وحيدة بالفراش.. ليست داخل حضن زوجها الذي يحتويها، ويضمها بحماية تطمئن قلبها وتشعرها بالدفء والأمان ..
فتحت عينيها ببطء، واعتدلت جالسه بتكاسل، تبحث عنه في الغرفة ذات الإضاءة الخافته..
ليصدع رنين الهاتف مجدداً فمدت يدها، ورفعت السماعة وضعهتها على أذنها.. ليأتيها صوت والدتها تتحدث بلهفه..
“الو.. إسراء انتي معايا يا ضنايا”..
دمدمت “إسراء” بصوت هامس.. “امممم..أيوه ياماما انا معاكي يا حبيبتي.. طمنيني عليكي ،وعلى إسراء عاملة أيه وديجا كمان”..
أطلقت “إلهام” أنفاسها الحبيسه أثر قلقها عليها، وضحكت بعبث قائله..
“احنا زي الفل.. طمني قلبي عليكي أنتي وعلى أحوالك يا حبيبة أمك “..
تنهدت “إسراء “براحة وهي تتقلب بين الورود وتستنشق عبيرها بستمتاع مغمغمه..
” أنا الحمد لله كويسة أوي يا ماما، وفرحانه ومبسوطة أوي وحاسة كأني عايشة حلم جميل مش عايزه أصحى منه أبداً”..
التمعت أعين” إلهام “بدموع الفرحة، وتحدثت بحب شديد..
” ربنا يفرح قلبك ويسعد أيامك، ويجعل فارس عوض ليكي وأنتي عوض ليه، ويرزقكم بالذرية الصالحة اللهم امين يارب العالمين يا حبيبتي “..
كانت ابتسامة” إسراء ” تضئ وجهها، وظلت تأمن على دعاء والدتها،ولكن تلاشت ابتسامتها شيء فشيء حين دعت لها بالذرية الصالحة..تذكرت حينها تلك الوسيلة التي تمنعها من الحمل..
” ماما اقفلي هعمل حاجة وأكلمك تاني”..
قالتها باستعجال، وهي تستعد بمغادرة الفراش..
” افتكرتي الوسيلة اللي قولتلك شيلها من بدري يا إسراء مش كدة؟”..
أردفت بها “إلهام” بنبرة عاتبة.. لتستطرد دون أنتظار سماع رد منها..
“انتي جوزك جنبك؟!”..
اجابتها “إسراء” بنبرة مرتجفه تدل على شدة توترها..
“لا عنده شغل مهم قالي هيخلصه متأخر شوية ويرجع”..
أخذت” إلهام “نفس عميق، وتحدثت بتعقل قائله..
“طيب اسمعيني كويس يا حبيبتي .. خليكي صريحة مع جوزك من أولها يابنتي، وقوليله الحقيقة وهو يوديكي لدكتورة يا إسراء.. متخبيش عنه أي حاجة ممكن تعمل مشكلة بينكم لو عرفها من برة يا بنتي”..
احتقن وجه” إسراء “بحمرة الخجل، وببوادر بكاء همست..
“اقوله أيه بس يا ماما..هتكسف وهخاف كمان اقوله حاجة زي دي.. مضمنش رد فعله هيكون أيه او هيفكر فيا إزاي “..
صمتت للحظه وتابعت..
“هو قالي لو احتجت اي حاجة أطلبها بالتليفون.. فأنا هطلب دكتورة تطلعلي هنا في الأوضة قبل ما يجي”..
“إلهام” بنبرة راجية.. “يابنتي ريحي قلبي وأسمعي كلامي وقولي لجوزك ومتخفيش انتي مش عاملة حاجة غلط.. لكن لو خبيتي تبقي بتوقعي نفسك في غلط أنتي في غني عنه”..
“إسراء “بعدم اقتناع وقد هيئ لها عقلها بأن” فارس” من الممكن يسيئ بها الظن حين تخبرة انها تستعمل وسيلة لمنع الحمل وزوجها توفي له عام كامل..
“طيب يا ماما خليني بس أجرب كده وأسأل حتي دكتورة واشوفها هتقولي أيه قبل ما فارس يجي وهرجع أكلمك تاني”.. غمغمت بها وهي تستعد لإغلاق الهاتف..
“طيب يا بنتي.. هستناكي تطمنيني”..
قالتها “إلهام” بيأس وقد أدركت أن ابنتها لن تستمع لحديثها قبل أن تنفذ ما يدور بعقلها..
” حاضر يا حبيبتي اطمني، وبوسيلي إسراء.. مع السلامة “..
أغلقت الهاتف، واسرعت بطلب رقم أملاه عليها زوجها إذا احتاجت لأي شيء..
“تحت أمرك يا هانم”..
هكذا إجابتها إحدي العاملات المخصصه لها وحدها..
عضت “إسراء” على شفتيها وهمست بخجل..
“لو سمحتي عايزه دكتورة أمراض نسا تطلعلي الأوضة عندي حالاً”..
………………………………………….
.. داخل المكتب الخاص ب فارس..
يجلس “فارس” على رأس طاوله بوجهه يظهر عليه الغضب الشديد.. يتحدث بصرامته المعهودة..
جعل الجميع يتأهب له ويتابعونه باهتمام وخوف ليطول غضبه أحدهم ..
“عايز في خلال ربع ساعة بالكتير يكون قدامي هنا كل الملفات الخاصة بشغلنا مع رئيس الوزراء.. مفهوم”..
دوي صوتهم بنفس واحد.. “مفهوم يا فارس باشا”..
حرك “فارس” رأسه بالايجاب.. وفتح اللاب الخاص به يتفحصه بتركيز شديد..
ساد الصمت قليلاً والجميع يتابع عمله بنشاط واجتهاد..
ليصدع صوت رنين هاتفه.. فأسرع بالضغط على زر الفتح وتحدث بلهفه..
” ايه الأخبار؟ “..
” فارس باشا الهانم طالبة دكتورة عندها في الجناح حالاً، وصوتها باين عليه التعب سيادتك”..
سقط قلب “فارس” أرضاً بعدما تملك منه الهلع من شدة خوفه على زوجته.. انتفض واقفاً فجأة، وسار بخطي شبه راكضه نحو الخارج مغمغماً بأمر قبل أن يغادر الغرفة..
“محدش يتحرك من مكانه.. كملوا شغلكم وابعتولي التقرير على جناحي”..
أنهى حديثه وغادر الغرفة بهروله متوجه نحو جناحه الخاص به هو وساحرته..
…
باقى القصه
باقى القصه