رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم |
رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
اتسعت عينيً ولاء بصدمة قوية عندما رأت شقيقها والدكتور فهمي قائلة بذهول : أخوي حسان …… !!!!
اقترب منها حسان وقلبها يرتجف من الخوف أن يكون فهمي قد أخبره بالحقيقة ، شعر بها وبنظراتها فقال لها بجمود : أخوكي حسان جاي علشان يشوفك بعد ما جلتله على الحادث اللي تعرضيله من يومين بس وانتي رايحه الكلية .
حدقت به بدهشة فها هو يسرع في توضيح الأمر لها قبل أن تخطيء فقال لها حسان : ألف سلامة عليكي يا خيتي
فقالت بصوت مرتجف : الله يسلمك يا أخوي ثم صمتت مستغربة فها هو أخيها قد تغير كثيراً هذه ففهو كان يعاملها بقسوة دائماً ، فلماذا هذه المرة قد تبدل الوضع .
شعر بتفكيرها فهمي فقال لها بجمود : أخوكي حسان أول ما خبرته بالحادثة جه طوالي وكان جلجان عليكي .
تحدث حسان قبل تتحدث هي قائلاً لها : الحمد لله إنك بخير متعرفيش أني كنت جلجان عليكي جد إيه .
فقالت له بدهشة : بجد يا اخوي ، خفت عليه ، فقال لها بحنان : طبعاً يا خيتي ، دانتي خيتي الوحيدة ، وأول ما بلغني الدكتور فهمي ربنا يكرمه جيت طوالي على إهنه ، أدمعت عينيها متأثرة بما يحدثها وهي التي خانت ثقته وثقة أهلها بها ، أشاحت بوجهها بعيداً عن نظرات شقيقها ونظرات فهمي الذي يرمقها بعينين حادتين ، متهمتين كأنه يقول لها ، ها هو شقيقك الآن هنا ويخشى عليكي كثيراً ولم يكن هناك أي سبب وراء ما فعلتيه ، من جرم في حقه أو حق أهلك عليكِ .
أخرجها معه حسان ، إلى دارهم لقد أصر على ذلك من المشفى ، وافق فهمي على ذلك بشرط على استكمال على علاجها في البيت وإتيانها المشفى في حالة استدعاء الأمر لحالتها الصحية .
مر يومين ولم تظهر سماح مرةً أخرى ، ومن وقتها ومصطفى قد تغير بعض الشىء ، لاحظت ذلك عليه زوجته قائلة : مصطفى ممكن أعرف بقى فيك إيه اليومين دول .
تنهد قائلاُ بشرود : مفيش حاجه ، مشاغل الشغل بس ، حدقت به باستغراب قائلة : بس ده مش طبعك وعُمر الشغل ما غير أحوالك بالشكل ده ، زفر بضيق قائلاً لها : على فكرة أنا نقلت سالي القاهرة ، ولو عايزة من النهاردة ترجعي القاهرة أنا معنديش مانع .
صدمت زوجته قائلة بذهول : مصطفى إنت في وعيك للي بتقوله ده ، إنت مش كنت رافض واتحايلت عليك من فترة ، لغاية ما وافقت بالعافية ، وسألتك كمان على الورق قلتلي بياخد فترة كبيرة لغاية ما يخلص ، ومرة واحده تيجي تقولي كده بكل ببساطة بنتك أنا نقلتها .
صمت مصطفى طويلاً لا يعرف بأي شيء يجيبها ، فهو بالفعل كان رافضاً للأمر من البداية ، ووافق من إلحاحها ، وسارع أكثر عندما وجد سماح تظهر من حياته من جديد .
وخشيةً أن تعلم زوجته بحقيقة الأمر ، زاده إصراراً على ما يفعله ، حدجها بنفس الضيق والحيرة قائلاً لها بجمود: وديني أهوه عملت اللي قولتيلي عليه وده كان طلبك من البداية ، و كمان لغاية ما جاتني الموافقة على نقلها بعدها بفترة .
حدقت به بنفاذ صبر قائلة له بضيق : مش عارفه ليه حاسه بحاجه تانية ، أنا مراتك وفهماك كويس يا مصطفى .
رمقها بهدوء مفتعل قائلاً باختصار : ممكن تسبيني لوحدي ….. تركته وهي ترمقه بضيق وتساؤلات كثيرة تخطر على بالها .
اتصل مصطفى على رضوان قائلاً له : عايزك تجيب ليه بيانات محتاجها ضروري عن واحده اسمها سماح عبد القوي ضروري من القاهرة ، والمعلومات كلها تبقى عندي في خلال يومين فاهم
فقال له باستغراب : حاضر يا مصطفى بيه ، فيه حاجه تانية .
رفض مصطفى قائلاً له : لأ مفيش وأنا هكون بانتظارك متغيبش عليه ، عاد مصطفى شارداً في مقعده ، متذكرا ما قالته سماح له آخر يوم .
دخلت أم ياسين غرفة نوال في الصباح ولم تجدها فاستغربت ، سألت ابنتها مها عنها قائلة لها : أمال فين نوال ، أنا روحتلها إوضتها ملقتهاش .
قالت لها بهدوء : نزلت المحل يا ماما لسه شايفاها من شوية نازلة ، استغربت والدتها قائلة بحزن : نوال صعبانة عليه أوي من اللي بيعمله أخوكي فيها ، زي ما يكون بينهم تار هما الأتنين .
فقالت لها مها بحيرة : ماما انتي مش شايفة انه بيعاملها غير أي حد بيتعامل معاه ، تأففت قائلة : ماهو ده اللي هيجنني من أخوكي ومضايقني منه ، ومخليني مش قادرة افهم تصرفاته ، ولا خطوبته دي كمان ، اللي لا كانت لا على البال ولا على الخاطر .
تنهدت قائلة بتساؤل : ماما إنتي صحيح مش هتروحي الخطوبة ، دي خلاص قربت ، تنهدت وهي تجلس على فراش ابنتها ، والله أبوكي محيرني معاه هوه كمان ، عارف اني مش موافقة ويقولي لازم تروحي وتفرحي ده ابنك الوحيد .
جلست مها بجوارها وامسكت يد والدتها قائلة بحنان : ماما طب ونوال ، هتعملي إيه معاها ، رمقتها بحيرة قائلة : مش عارفه يا مها ، أتصرف إزاي معاها ، وخايفة ما أروحش ، معاملته ليها تزداد سوء ويعاملها أسوء من الأول .
ربتت ابنتها على يدها قائلة لها : خلاص روحي يا ماما وفهميها كده وأظن ان نوال هتقدر ده كويس أوي .
زفرت بضيق قائلة لها : نفسي والله يابنتي ، نوال تفهمني ، دنا مكسوفة من اللي بيعمله أخوكي معاها .
فقالت لها مها : خلاص يا ماما علشان المشاكل كلنا نتجنبها ، لازم تروحي خطوبته مع بابا ، طالما دي خطوبة ابنك الوحيد .
قالت لها بغيظ مفاجئ : بقى يسيب نوال العسل دي اللي عارفينها وعارفين أخلاقها كويس ، حتى ان معرفناش أهلها مين ، ويروح لواحده منعرفش عنها أي حاجه ولا أهلها عاملين إيه ، أنا بستغرب أخوكي ده ، أكيد جرى حاجه في مخه من ساعة ما سافر وهوه متغير .
قالت لها مها بعطف : خلاص يا ماما إهدي وأكيد لو اللي هيخطبها دي مش كويسة ، أكيد ربنا مش هيسيبه يقع في حبها ويتجوزها كمان طالما بتدعيله على طول .
تنهدت بعدم ارتياح قائلة : يارب يا بنتي قادر ربنا يتقبل دعايه له وربنا يشيل الغشاوة من على عينيه ، ده ناوي يشلني بتصرفاته الغبيه معاها .
قالت لها بانزعاج : بعد الشر عليكي يا ماما ، متقوليش كده ربنا كبير ، ان شاء الله خير .
كان ياسين في هذا التوقيت قد انتهى من ارتداء ثيابه ، على موعد محدد بخطيبته نهى ، لانتقاء فستان خطوبتها .
مرعليها ياسين وكان بانتظارها بأسفل البناية، ابتسمت له قائلة : صباح الخير ، جيت في وقتك مظبوط .
ابتسم لها قائلاً : ما انتي عارفه مواعيدي دايماً مظبوطة ، ضحكت قائلة : دايماً إنت كده واثق من نفسك أوي ، ابتسم بهدوء قائلاً بهدوء مفتعل : يمكن يا نهى … يمكن …. ها جهزتي كل حاجه .
ركبت بجواره في سيارته مبتسمة له بدلال قائلة : طبعاً جهزت ، إنت عايز يوم خطوبتي يطلع كده يوم أي كلام ولا إيه ، بس صحيح نسيت أسألك ، ضيق حاجبيه قائلاُ لها : تسأليني عن إيه .
فقالت له باهتمام : عملت إيه في الموضوع اللي بابا كلمك عنه ، تنهد قائلاً لها بجمود : موضوع إيه …؟ تأففت بضيق قائلة : أوام لحقت تنسى يا ياسين موضوع الشقة .
ذم شفتيه بضيق قائلاً لها : أنا مش عارف ليه مصممين على شقة جديدة وأنا عندي شقتي جاهزة من كل حاجه ولا هوه تبذير وخلاص .
فقالت له بضيق : ياسين أرجوك إذا كنت بتحبني هاتلنا شقة تانية بدالها ، أنا بصراحة كده مش بحب الشارع بتاعكوا ده .
صُدم ياسين قائلاً لها : إزاي يعني مش فاهم ، إنتي هتتجوزيني أنا ولا هتتجوزي الشارع .
فقالت له برجاء : ياسين أرجوك افهمني صح ، انا بس كل الحكاية إن الشارع ولا المكان مش مرتحالهم خالص ، أرجوك غيرلنا الشقة ، أنا نفسي أعيش محدش يعكر صفونا أنا وانتَ .
رمقها بغضب قائلاً بحدة : نهى تقصدي إيه … بجملتك الأخيرة دي ، تلجلجت نهى قائلة بتوتر : مقصدش يا ياسين ، متفهمنيش غلط ، فقال لها بجمود : طب ممكن بقى تقفلي على الموضوع ده دلوقتي لان منيش طايق نفسي من الأساس .
اضطرت أن تصمت من أجل كلامه الغاضب وخوفاً من اتمام خطوبتها دون أي مشاكل ، وذهاب سعادتها بصحبته أدراج الرياح
ترجل ياسين معها أمام أحد المتاجر الخاصة بالأثواب الراقية ، دلفا معاً إلى الداخل ، وقفت نهى حائرة بين انتقاء ثوب محدد فكل الأثواب راقية وجميلة ولا تعرف أي ثوباً تنتقيه لترتديه .
فقالت له : طب ساعدني يا ياسين علشان حيرانه في الأختيار .
صمت ياسين متأملاً أحد الأثواب فأعجبه قائلاً لها : شوفي ده كده ، ألقت نظره عليه بحيرة قائلة : طب استناني هنا وأنا هدخل أقيسه وجايه على طول .
بعد قليل خرجت من غرفة متخصصة لقياس الثياب قائلة له بتساؤل : ها إيه رأيك يا سين ، رفع ياسين بصره إليها وللحظة تخيل نوال هي التي ترتديه ،فشرد بذهنه قائلاً بهمس : جميل أوي عليكي .
ضحكت نهى قائلة : بجد يا ياسين يعني خلاص عجبك ، أخرجه سؤالها من شروده هذا قائلاً لها بتوتر : آه عجبني …. بس بردو لازم يكون عجبك إنتي كمان .
ابتسمت له قائلة : عجبني طبعاً مادام عجبك كده ، ثواني هرجع أغيره وأجيلك تاني .
استيقظت مهجة من نومها فوجدت جلال قد انتهى من تبديل ثيابه ، ذاهباً إلى عمله قائلاً لها بجمود : ياريت ما أرجعش من شغلي ألاجيكي عاملة مصيبة جديدة من مصايبك ، الي مش بترتاحي إلا لما بتعمليها .
حدقت به قائلة : متخافش يا عمدة مش هعمل حاجه ، تركها مغادراً الغرفة على الفور ، تأملت الباب المغلق وراءه بشرود قائلة : كل مرة تقول كده لما زهقت وأنا بصراحة مش ببقى مرتاحة إلا لما بعمل حاجه تخليني أطلع من الملل إللي آني فيه ده .
هبت من فراشها متأففه ثم دخلت إلى دورة المياة ، وقفت أمام الخزانة تتأمل ماذا ترتدي ، فوجدت ثيابها القديمة أمامها بأسفل الخزانة ، البنطال المقطوع من على ركبتيها ، والذي كان نبهها من قبل على عدم ارتداؤه .
ارتدت ثياباً أخرى وهرولت إلى الأسفل ، ووجدت الحاجه فاطمة تتناول إفطارها مع زوجها إسماعيل ، ابتسمت لها حماتها قائلة : تعالي يا بتي إجعدي ويانا علشان تفطري تلاجيكي مأكلتيش حاجه ، هزت رأسها وهي تجلس بجوارها قائلة لها : بصراحة لساتني مفطرتش .
ابتسمت لها قائلة : خلاص إفطري ويانا ، ده حتى العمدة مرضيش يفطر ويانا ومشي على شغله طوالي ، فقالت لها بتردد : أصله …. أصله كان مستعجل شوية .
تنهدت قائلة : ربنا يوفجه يا بتي ، رمقت اسماعيل باحراج فقال لها : كيفك يا بتي ، فقالت له بهدوء مفتعل : بخير يا بوي ، فقال لهم : آني خلاص شبعت وهمشي آني كمان أروح شغلي ، يالا عايزين حاجه ، فقالت له فاطمة : عايزين سلامتك يا حج
كانت تريد مهجة الخروج بره هذا الدار ، وارادت أن تتحدث إلى حماها الذي ، كان عرض عليها من قبل ، أن تذهب معه إلى أراضيه الزراعية .
أسرعت مهجة في تناول طعامها ، فاستغربت الحاجه فاطمة قائلة : مالك يا بتي بتاكلي بسرعة ليه إكده ، فقالت لها بارتباك : أصل …. بصراحة إكده عايزة أخرج مع ابوي أروح معاه الأرض .
قطبت حاجبيها قائلة : وهينفع تروحي يا بتي ، هزت كتفيها قائلة لها بتردد : مفيهاش حاجه يا اماي ، ابوي كان عرض عليه جبل إكده وآني اللي رفضت .
فقالت لها بهدوء : إذا كان إكده آني موافجة بس متتأخريش علشان العمدة ، قبلتها على وجنتها وهي تنهض مسرعة قائلة لها : آني متشكرة أوي يا اماي عن إذنك .
ضحكت فاطمة قائلة : إذنك معاكي يا بتي مع السلامة .
أسرعت مهجة باللحاق بوالد زوجها جلال قائلة باحراج : أبوي …. أبوي …. وقف مكانه وإلتفت إليها بدهشة قائلاً لها : مالك إكده …. بتجري ليه ، عايزة حاجه مني .
فقالت له بتوتر : بصراحة إكده ….. نفسي آجي وياك ، زي ما جولتلي جبل سابج ، ابتسم قائلاً : وياترى جايلة للعمدة ، ولا لأ .
توترت أعصابها أكثر قائلة له : بصراحة إكده يا ابوي لا مش جايله بس إستأذنت من أمي .
ضحك قائلاً بهدوء : طب تعالي وياي وربنا يستر بجى من اللي هيعمله العمدة إذا عرف ، فقالت له لتطمئنه : ما آني هاجي جبل ما ييجي على إهنه .
فقال لها باستسلام : طب يالا بينا …. علشان تلحجي تتفرجي على الأرض جبل ما ييجي العمدة .
كانت نوال في المحل عندما جاءت إليها مها عائدة من الدرس قائلة لها بهدوء : كنت جايه من الدرس قلت أعدي عليكي فابتسمت لها قائلة : طب كويس تعالي اقعدي ، وأتت لها نوال بمقعد لتجلس عليه
جلست مها وهي تلاحظ نظرات الحزن على وجه الأولى ، قائلة لها : مالك يا نوال فيه حاجه ، هزت رأسها بسرعة رافضة بقولها : مفيش يا مها أنا بخير وكويسة أهوه قدامك .
فقالت لها مها بتردد : أنا قلت لتكوني لسه زعلانة من كلام أبيه ياسين ، ارتبكت نوال بعض الشيء متظاهرة بالهدوء وقالت لها : مها حبيبتي ، أنا مش زعلانة منه وهوه خارج تفكيري خالص .
شعرت مها بأن كبرياء نوال هو الذي يتحدث فقالت لها بعطف : نوال … طب وخطوبته اللي يوم الخميس دي .
حبست نوال دموعها بشدة قائلة لها بتوتر : هوه حر … يخطب ولا لأ ده شيء يخصه هوه … براحته وأنا مليش صلة باللي بيعمله وهيعمله لسه .
فقالت لها باستغراب : بسهولة كده هتسبيه وتتخلي عنه ، رمقتها بضيق قائلة بتوتر : وأنا أطلع مين علشان أدخل وامنعه من أي حاجه هوه عايزها ، أنا ولا حاجه بالنسبه له وهوه كذلك بالنسبة ليه وأنا خلاص نويت أدور على مكان وهمشي من عندكم خالص .
اتسعت عينيّ مها بصدمة وجزع وأمسكت بيد نوال قائلة لها : نوال بتقولي إيه ، فقالت لها بوجع : بقول اللي كان لازم أعمله من زمان يا مها ، كفاية أوي لغاية كده ، أنا تقلت عليكم وبقى دمي تقيل ، وكمان مش عايزة أم تخسر ابنها الوحيد علشاني .
فقالت لها مها بجزع : بس لا يا نوال متقوليش كده البيت بيتك وماما عمرها ما هتتخلى عنك ، ولا هتسيبك .
لمعت عينيها بالدموع قائلة بحزن : بس ده أسلم حل يا مها وكفاية إهانه ليه ولكرامتي لغاية كده .
لم تستطع مها النطق ، فهي على دراية بما فعله شقيقها بها ، لهذا قالت لها بعد فترة طويلة من الصمت : طب وهتروحي فين ، أشاحت نوال وجهها قائلة : هروح أي إوضة تانية فوق السطوح وأرض الله واسعة وأكيد ربنا مش هيتخلى عني .
فقالت لها باستسلام : طب وهيهون عليكي تسيبيني يا نوال وتسيبي ماما ، تنهدت بحرارة وحزن قائلة لها : أنا يعلم ربنا أنا حسيت معاكم بالأمان أد إيه ، وبحبكم أوي أد إيه بس خلاص جه الوقت اللي ابتدي حياتي من غير مساعدة أي حد غير ربنا .
فقالت لها باعتراض : بس إحنا مش أي حد يا نوال ، هزت رأسها بالموافقة وقالت لها : عارفه بس خلاص أنا أخدت قراري ومنيش ناوية أرجع فيه .
تركتها مها على أمل أن تهدأ ، وغادرت إلى منزلهم ، قابلتها والدتها قائلة بدهشة : إيه يا حبيبتي ، يعني إتأخرتي النهاردة من الدرس .
كادت أن تخبرها ولكنها لم تستطع فا نوال لم تتركها إلا أن أبلغتها أنها لم تبلغها بالحقيقة حتى لا تمنعها من الذهاب إلى مكان جديد .
أغمضت عينينها قائلة : أبداً يا ماما كنت مع واحدة صاحبتي قعدت معاها شوية وجيت ، فقالت لها : طيب يا حبيبتي روحي غيري لبسك لغاية ما أحضر الغدا ونتغدى كلنا .
قام مصطفى بالاتصال على جلال وحدد معه اجتماع للعمل ، وافق جلال على ذلك مبتسماً بانتصار ، فقال له : موافق الأجتماع الساعة كام .
فأبلغه قائلاً له : النهاردة الساعة تلاته .
أغلق معه الهاتف وهو يفكر بجدية نحو مهمته والتي تسير بنجاح إلى الآن إلى أن تذكر وجهها قائلاً : ما عدا مصيبتي الكبرى مهجة ، اللي مش هترتاح غير لما أرتكب فيها جناية .
وصل جلال مبكراً إلى الدار ، حتى يقوم بتبديل ثيابه من الاجتماع ، فتح باب منزله وبحث عنها فيه ولم يجدها ، صرخ بغضب : رحتي فين يا مجنونة إنتي .
فتح باب المرحاض أيضاً فلم يجدها فقام بتبديل ثيابه على عجل ، ناظراً في ساعة يده بعصبية قائلاً : إن ما وريتك ، يا مهجة أيام أسود من شعرك مبجاش آني جلال .
هبط بالأسفل فوجد سعاد فقط ولم يجد والدته ، فسأل عنها قائلاً : أماي فين يا سعاد …. فقالت له : مهياش في الدار ، خرجت بره ، وشوية وراجعة .
قطب حاجبيه قائلاً بتساؤل : طب ومعاها الست مهجة ، فقالت له : لأ يا بيه .
ضم شفتيه بغضب قائلاً له : طب روحي إنتي ، نظر في ساعته مرةً أخرى فرأى أن ميعاده قد قارب على الوقت المحدد .
انصرف فوجد مجدي بانتظاره والذي ما أن لمحه حتى فتح له باب السيارة ، جلس جلال بداخلها يشعر بغضب وغيظ منها ومن خروجها بدون إذنه .
وصل جلال إلى الاجتماع وعقله مازال منشغلاً بسببها ، كان باستقباله مصطفى ورضوان .
دخل جلال إلى غرفة بها طاولة كبيرة ، يجلس عليها بعض رجال الأعمال الذين يشاركون ، مصطفى في كافة أعماله .
حدق جلال بتمعن في وجوههم جيداً ، وهم يرحبون بقدومه ، فقال لهم مصطفى : النهاردة زي ما انتم عارفين ده اول اجتماع مع جلال بيه واللي كلمتكم عنه كتير .
ابتسم جلال بخبث قائلاً له : ويا ترى كلام حلو ولا وحش ، ابتسم مصطفى بتوتر قائلاً : طبعاً كلام حلو يا جلال بيه سمعتك سبقاك دايماً واحنا كلنا لينا الشرف إنك تنضم لينا وتشتغل معانا مش كده ولا إيه ، رد أحد الجالسين قائلاً : طبعاً يا جلال بيه ، كلنا نتشرف بالعمل معاك .
ابتسم في وجوههم قائلاً لهم باختصار : طب ممكن نبدأ شغلنا بجى علشان أتعرف عليكم أكتر وأكتر .
دخل ياسين على والدته في غرفتها بعد الغداء قائلاً بضيق : ماما إنتي لسه بردو مش عايزة تيجي خطوبتي .
أولته ظهرها قائلة له : أيوة منيش جاية ولو سمحت أقفل بقى على الموضوع ده لان منتهي بالنسبه بالي .
صُدم ياسين قائلاً بعدم تصديق : علشان إيه كل ده ، علشان واحدة منعرفش عنها أي حاجه ، حتى أهلها منعرفش بردو عنهم أي حاجه ؛ وعايزة تخسري ابنك الوحيد كمان علشانها وفي الآخر هيه واحده متستاهلش كل ده .
إلتفتت إليه بحدة قائلة بغضب : ياسين ….. كفاية تجريح في البنت بدون سبب ، ثم ان اللي بتقول عنها منعرفش عن أهلها حاجه دي ، يكفيني انها متربية في وسطينا ، البنت اللي بتتكلم عنها دي صغيرة على كلامك الجارح ده .
زفر بحدة قائلاً : لا مش صغيرة ولا هيه طفلة علشان تقولي عنها كده ….. قاطعته بقوة قائلة : لأ صغيرة لما تبقى عشرين سنة وحضرتك تلاتين ، تبقى صغيرة ولا لأ ومحتاجة إننا نراعيها كمان ؛ اعتبرها يتيمة يا سيدي ، مش ذنبها إنها اتولدت لقت أب وأم غير مسئولين .
صمت ياسين برهةً وأتى ليتحدث بنرفزة أكثر ، أتت مها مهروله تقول بنفس متقطع : …… ماما إلحقي نوال سابت البيت .
كان عبدالرحيم قد انتهى من تناوله الطعام هو وابنه حسين بعد صلاة العصر ، دخلت عليه زوجته قائلة : الشاي يا حاج عبدالرحيم .
تناوله منها وأخذ يرتشف منه ببطء وعقله شارد ، أما ولدها حسين ، لاحظ على وجه والدته بعض القلق والاضطراب قائلاً لها بتساؤل : مالك يا اماي …. فقالت له بتوتر : مفيش يا ولدي .
قطب عبدالرحيم حاجبيه قائلاً لها : ما تردي يا حرمه ، وشك بيجول إكده إن فيه حاجه .
أشاحت بوجهها بعيداً بعض الشيء قائلاً لها : آني بس جلجانه على بتي ، بجالي فترة إكده جلبي واكلني عليها .
ضيق عينيه قائلاً لها : يمكن بيتهيألك بس ولا حاجه ، تلاجيها ملخومة بكليتها .
هزت رأسها بقلق قائلة له : لا يا حاج كانت بتيجي ولا بتتصل حتى عليه ، علشان تطمني عليها بردك .
تنهد قائلاً لولده حسين : ابجى إدله عليها يا ولدي في بيت الطالبات خلي أمك تبطل نج وزن على بتها الحيلة .
أسرعت تقول لولدها : ايوة يا ولدى إبجى روح وطمني عليها ، داني جلجانه جوي جوي عليها .
تأفف حسين قائلاً : حاضر يا أماي رغم ان بتك بخير بس هدلى عليها يومين إكده ، فقالت له بحزن : لا يا ولدي كتير إبجى روحلها بكره .
زفر بضيق قائلاً لها : حاضر يا ماي هروح بكرة في حاجه تانية ، فقالت له : لا يا ولدي كتر خيرك ، فقال لها عبدالرحيم : إياكشي ترتاحي إكده وتبطلي زن ، يالا روحي شوفي حالك بجى خليني أتحدت مع ولدي شوية على راحتنا .
حدقت بهم قائلة بسرعة : حاضر …. حاضر يا حاج ، ما ان انصرفت حتى تطلع عبدالرحيم لولده قائلاً له : فلوس البضاعة وصلتني النهاردة من العمدة .
اتسعت عينيه بذهول قائلاً له : أوام إكده يا ابوي ، مط شفتيه قائلاً لها : طبعاً يا ولدي ، إنت خابره زين ، وكلمته واحده زي السيف ، ومع إني مش بطيجه بس راجل جد حديته معاي .
تنهد حسين بغيرة قائلاً له : خابر يا ابوي وآني كمان منيش بطيجه من ساعة ما جه وأخد منصب كنت بحلم بيه من زمان ، بس بردك هوه كمان معاه فلوس كتير يجدر يشتري بيها أي حاجه طوالي .
تنهد قائلاً لها : صوح يا ولدي ، علشان إكده آني بعتله البضاعة بسرعة ، ومترددتش .
قطب حسين حاجبيه قائلاً بحيرة : بس لساتك مخبرتش الراجل اللي الحاح فضله عنينا مين هوه .
ارتشف قليلاً من كوب الشاي قائلاً بضيق : في خبريه جاتني امبارح إن اللي عمل إكده مصطفى محرم .
شرد حسين بذهول قائلاً له : رجل الأعمال اللي صيته مسمع في نواحي البلد كلاتها .
فقال له بغيظ : أيوة هوه يا ولدي ، مين غيره اللي شركته كبيرة حدانا في البلد .
فقال باستغراب : بس يا ابوي ده مش بيشتغل في محاصيل زراعية ، آني أسمع إنه بيشتغل في حاجات تانية كتيرة جوي .
زفر بضيق قائلاً له : مخبرش آني أهم حاجه عندي إن البضاعة بتاعتنا هتتباع .
فقال له : صوح يا ابوي ، رغم اني مستغرب بس بردك إكده افضلنا بكتير .
فقال له عبدالرحيم : ما آني علشان إكده ما صدجت إن البضاعة هنخلصوا منيها بدل ما تجعد في المخزن وتفسد .
ما ان انتهى من عبارته حتى أتت زوجته تقول : يا حاج عبدالرحيم …. قاطعها بضيق قائلاً لها : في إيه يا حرمه جايه متسربعه ليــه إكده
فقالت له بتردد : في واحد عايز يجابلك بره ، قطب حاجبيه باستغراب ورمق ولده حسين بدهشه قائلاً لها : مين اللي عايزني دلوك يا ولية إنتي ، فأسرعت تقول له بلهفه : بيجول إن اسمه الدكتور يحيي ولد الحاج إسماعيل المنياوي .
كانت مهجه جالسة تحت شجرة كبيرة تلقي بظلالها على الأرض ، تخيلت فارسها الوحيد آتياً من بعيد على جواده .
يبتسم في وجهها كما تمنت ، دق قلبها بسرعة من شدة تخيلها .
وابتسمت لنفسها بهيام قائلة : يا سلام يا جلال يا حليوه ، لو يبقى الخيال حقيقة وتبتسم في وشي مرة واحدة بس .
تسمرت مهجة فجأة من مكانها تحت الشجرة ، متسعة العينين بذهول وذعر شديدين ، تطلع إليه بأعينً جاحظة ، فاغرة الفم غير مصدقه ما تراه عيناها ، فاهو يأتي فارسها وفارس أحلامها على جواده مهرولاً به من بعيد ، بطريقة مختلفة ، عكس ما كانت تحلم به منذ قليل .
تكاد ملامحه تتحول إلى كرة من النار تريد الانفجار بي وجهها ، فأسرعت تقول لنفسها بهلع : جالك الموت يا تارك الصلاة .
يتبع..
لقراءة الفصل السادس والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي