روايات

رواية عن الملك والهوى الفصل الأول 1 بقلم رحمة سيد

رواية عن الملك والهوى الفصل الأول 1 بقلم رحمة سيد

رواية عن الملك والهوى البارت الأول

رواية عن الملك والهوى الجزء الأول

عن الملك والهوى
عن الملك والهوى

رواية عن الملك والهوى الحلقة الأولى

ابتعدت خطوتان للخلف بعيدًا عنه وهي تسأله مستنكرة:
-ماذا تفعل ؟ قلت لك مسبقًا لا يجب أن نكون بمفردنا في أي مكان.
لم يهتم بما تقول بل سألها وعيناه البنية تغوص في نهر العسل الصافي اللامع في عينيها بسبب الدموع:
-لماذا تبكين؟
ارتعشت شفتاها تهدد بالعودة للبكاء وتماسكت بصعوبة وهي تجيبه بفظاظة متعمدة:
-وما شأنك أنت؟
سألها من جديد بلهجة دافئة خافتة افتقدتها كثيرًا، وكان لها التأثير الأكبر في قلبها الغارق في الحنين وقهرة الغيرة:
-هل تبكين لأجلي؟ هل هذه دموع الغيرة؟
وكأنه في لحظة مزق الغطاء السميك الذي كانت تغطي به مشاعرها وكل ما يخالجها، فوجدت نفسها تستسلم لهشاشتها الداخلية وتنخرط في بكاء عنيف مغطية وجهها بيديها معًا، ثم أزاحت يديها عن وجهها وهي تحدق فيه بعدم تصديق مرددة بصوت متحشرج مختنق:
-لقد قبلتها ! قبلتها يا إلياس.
تأكيدها الضمني بالغيرة جعل قلبه يرتج بعاطفة مزلزلة وكأنه تم انعاشه من جديد، فاقترب منها خطوة مضيفًا بنبرة خشنة متقدة بالعاطفة التي بُعثت من جديد بين ضلوعه:
-لا، لا استطيع فعل ذلك حتى وإن أردت، هي مَن فعلت وليس أنا.
صمت برهة ثم أضاف بتوعد عاطفي شرس مُزلزل:
-أخبريني ما الذي حدث وجعلكِ تختفين وتتصرفين بهذه الطريقة، وأقسم أنني سأقبلكِ أنتِ فقط حتى لا تعود شفتاي تتذكر مذاق شفتا أي أنثى غيرك.
دغدغتها كلماته وعاطفته المشتعلة.. متمنية لو كان باستطاعتها الاستسلام وإخباره بكل شيء الآن، ولكن لا يجب عليها أن تفعل ذلك، ستخسر المزيد والمزيد إن فعلت!

عام ١٨٩٠م، في احدى الممالك الكبيرة التي لطالما عُرفت بازدهارها والعدل فيها لولا الانتكاسة التي أصابتها مؤخرًا على يد الملك الذي لم يكن يستحق مُلكها؛ مملكة الناصرية.
تحديدًا في سجن القصر الملكي، ظل قلبها يضيق كلما مرت الدقائق وهي حبيسة ذلك السجن المظلم الذي يتخلله ضوء النهار الخافت ليتركها في اشتياق وحسرة لحرية بدت لها بعيدة المنال.
سمعت صوت الباب يُفتح ببطء وكأنه يتحالف مع الشخص الداخل ليجعل المشهد اكثر ترقبًا واثارة و… خوف!
سمعت صوت الحارس يهتف بصوتٍ أجش:
-دستور… جلالة الملك سيف الدين الناصر.
هبت ناهضة بسرعة وهي تنفض فستانها الذي صار مهترئ تشوبه الشوائب وتحني رأسها كعلامة على الاحترام، وابتلعت ريقها في ترقب وهي تلمحه يدخل، شامخًا رأسه وعباءة المُلك تزده هيبة ووقار عما رأته مسبقًا خارج المملكة بملابس بسيطة، ملامح قمحاوية وسيمة وصلبة غير مقروءة، وجسد رجولي عريض يحتويه ثوبه الطويل الأسود المطرز، عيناه سوداء حالكة ذات نظرة غامضة مخيفة نوعًا ما..
مشطها ببطء بنظرته الغامضة التي جعلت معدتها تتلوى توترًا، بدءًا من فستانها الأزرق البسيط الرقيق منقوش بالورود التي تليق بنعومة صاحبته، ضيق من الأعلى عند الصدر والخصر وواسع بالأسفل.
خرج صوته الخشن عميق وهو يتمتم بإسمها ببطء:
-سلسبيل.
رفعت رأسها التي كانت مُطرقة لتبتعد خصلاتها البنية الناعمة كاشفة عن زرقة عينيها اللامعة ترقبًا وقلقًا.
فأكمل بنفس النبرة:
-اسمك سلسبيل أليس كذلك؟
هزت رأسها مؤكدة وداخلها يتساءل… هل نسي أسمها بتلك السرعة؟ ثم أتى صوت من داخلها ساخرًا منها؛ لم تكوني بتلك الأهمية ليظل متذكرًا اسمك من دون كل جواريه اللاتي تتمنين نظرة منه!
استجمعت شجاعتها أخيرًا لتهتف بهدوء:
-هل لي أن أعلم سبب القبض عليّ واحضاري لهنا مولاي؟
رفع حاجبه الأيسر ساخرًا:
-أ ولا تعلمين؟
-لا، لا أعلم.
رددتها وهي تنفي برأسها والتوتر يشتد فتكًا بأحشائها، فسقط قناع السخرية عن وجهه لتشتد ملامحه بصرامة مُخيفة وهو يهدر بصوتٍ خشن قاسٍ ولكنه هادئ:
-اتفاقنا كان واضحًا، لا أحد يعلم عما طلبت منكِ فعله، وتنسي أنكِ رأيتني يومًا وتنالين حريتك في المقابل.
سارعت بالقول بصوت شاحب إلى حدٍ ما:
-وهذا ما حـ……..
قاطعها بصوت حاد كالسيف:
-لا، لم يحدث، والدك عقد اتفاقًا مع الوزير توفيق ليخبره كل ما حدث بأدق التفاصيل، بل ويحضروكِ كشاهدة طمعًا بالأموال.
شحبت ملامحها البيضاء وانسحبت الدماء منها تمامًا، وصارت دقات قلبها في تزايد فزع، خاصةً حين اقترب منها خطوة وهو يتشدق بلهجة قاطعة قاسية تُنذر بالكثير:
-وهذه خيانة، وأنا لا أتساهل مع الخونة.
راحت تهز رأسها نافية بسرعة وهي تغمغم:
-لم أفعل، أنا لا أخونك مولاي، لم أفعل.
-ولكن والدك فعل، ولا يمكنك أن تنفين صلتك به في لحظة، ربما لو لم يتم القبض عليكِ لكنتِ فعلتي ما أراد.
للأسف هو محق كثيرًا فيما يقول، ولا تستبعد أن يفعل والدها ما قال، وهذا تحديدًا ما أثار فزعها.
اقترب منها أكثر حتى صار أمامها مباشرةً تخترق أنفها رائحته الرجولية النفاذة المؤثرة، وملامحه الرجولية الوسيمة التي لا تخلو من الصرامة صارت أقرب، مد يده لذقنها ليرفع رأسها نحوه ببطء، ثم قال بخفوت خشن وبطء مدروس:
-ولكن ربما أُظهر بعض التسامح مع… جارياتي!
انتفض الأزرق البراق في عينيها وهي تنفي دون تفكير والفكرة كالكهرباء تصعقها:
-ولكني لستُ جاريتك.
ضغط على ذقنها الناعم بأصابعه بقوة منزوعة العنف المبالغ، وأكد بنبرته العميقة مشددًا على حروفه:
-لم تكوني كذلك ولكنك ستكونين.
ظلت تهز رأسها نافية بتلقائية فتابع مؤكدًا برأسه:
-إن أردتِ الحفاظ على حياتك ستكونين، لا شيء يضمن لي عدم خيانتك وانسياقك خلفهم سوى ذلك.
لم تعي لكلماتها العفوية المشبعة بالتمرد العلني المؤقت وهي تردف:
-لا يحق لك ذلـ…..
قاطعها ضاغطًا على ذقنها بقوة أكبر حتى أنّت بألم طفيف، فقال من بين أسنانه بحدة:
-إياكِ، إياكِ وتجاوز حدودك فهذا ما لن أقبل به بتاتًا.
شعرت بأصابعه تتحسس رقبتها ببطء مرسلًا انتفاضة لأعماقها، تزامنًا مع هسيسه الخطير:
-بل يحق لي قطع رأسك الجميلة هذه بتهمة الخيانة إن أردت.
هاجمت الدموع عيناها كغيوم ملبدة أبت أن تدعها تسقط، ابتعد أخيرًا تاركًا لها المساحة لتلتقط أنفاسها، فابتلعت ريقها لتستطرد بصوت مبحوح:
-مولاي أرجوك.. أنا لن أستطيع، لن أستطيع أن أعيش هنا أبدًا.
إلتوت شفتاه في تهكم وهو يضيف بصلابة حملت شيء من غروره الرجولي:
-هل تعلمين كم فتاة تتمنى أن تحظى بتلك الفرصة؟
-الكثير ولكن لست أنا.
قالتها بإباء وشجاعة استحقت وميض الاعجاب الذي برق بظلمة عيناه، ولكنه هز كتفاه باستخفاف بارد:
-رغبتك لن تغير من الأمر شيئًا للأسف، هذا ما لدي؛ إما المحاكمة بتهمة الخيانة او البقاء هنا كجارية مُخلصة لي.
لم تجد بدًا من إعلان التوسل النابض بقلبها خشيةً من القادم، فراحت تسترسل:
-أعدك ألا أفعل ما يريدون مهما حدث، ولكن ليس القصر مرة ثانية أرجوك.
أشار لها بإصبعه بنبرة حازمة مغترة:
-قصري حين أكون أنا مَلِكه ليس كمثل السابق، إياكِ ومشابهته بذلك المستنقع القذر الذي كان فيه.
وقبل أن تعترض من جديد كان يضع نقطة النهاية لذلك الحوار بحروف بدت متسلطة بعض الشيء:
-ليس لدي اليوم بأكمله لأقضيه في النقاش معك، يبدو أن الديمقراطية لا تناسبك عزيزتي.
ثم اقترب منها مرة اخرى، وببطء مثير كان يزيح خصلتها البنية التي تصر على إخفاء بحر عينيها الزرقاء المهتاج، وهمس أمام وجهها بخشونة خافتة:
-استعدي لحياتكِ الجديدة جاريتي!
ثم استدار هكذا ببساطة وغادر دون اضافة المزيد، تاركًا اياها تتهاوى على الأرض كورقة زلزلها مهب الريح، تهز رأسها نافية دون وعي وهي تردد بحسرة يائسة على وشك البكاء:
-لا، ليس ذلك الجحيم مجددًا!
****
بعد فترة …
وصلت “سلسبيل” منزلها الذي كانت تسكنه مع والدها، ولكن بالطبع ليس بمفردها بل يلازمها حرس القصر الذين أرسلهم معها الملك لتأتي بكل ما تحتاجه وتودع والدها؛ وكم كان كريم حين منحها الوداع !
مسحت دموعها بعشوائية بيدها وهي تطرق باب المنزل، ففتح مسرعًا والدها الذي بدا أنه كان ينتظر عودتها، إلتقطها بين أحضانه مسرعًا وهو يهتف بلهفة:
-سلسبيل، الحمدلله.. لا أصدق أنه تركك أخيرًا.
لثوانٍ لم تنطق بشيء بل ظلت ساكنة بين أحضانه تذرف الدموع بسكون مؤلم، إلى أن صدح صوتها الشاحب تخبره:
-لم يتركني.
حررها من بين أحضانه ببطء وهو يسأل مبهوتًا وكأنه لم يستوعب ما نطقت به:
-ماذا ؟
هزت رأسها نافية وهي تكرر ببساطة كانت قاسية على قلبها هي اولًا قبل أن تكون عليه:
-أقول لم يتركني أبي، هو فقط منحني فرصة أخيرة للوداع قبل أن أعود لسجني في القصر من جديد.
أجفلت ملامحه التي شابها الهرم واهتزت حروفه وهو يتساءل من جديد:
-ماذا ؟ مـ… ماذا تعني بذلك؟ أي وداع؟
-هل اتفقت مع الوزير يا أبي؟
سألته مباشرةً رغم التردد الذي كان يجول عقلها محذرًا إياها من اجابة ربما تبتر ما تبقي من روحها، فـ زاغت نظرات والدها مشيحًا ببصره عنها وهو يغمغم بتوتر حاول السيطرة عليه:
-لا أفهم عن أي اتفاق تتحدثين، أنا لم أتفق مع الوزير او غيره.
قالت متيقنة بنبرة مشروخة خذلانًا وألمًا:
-بلى فعلت.
صمتت برهة ثم سألته بحسرة غير مصدقة:
-ولكن كيف؟ كيف تخاطر بي وأنت تعلم أن أصغر خطأ سيُعيدني لذلك القصر الملعون من جديد؟ كيف تخاطر بخسارتي هكذا بكل بساطة؟
ازداد توتره أضعافًا وهو يصرخ بثبات بدأ يتصدع:
-قلتُ أني لم أفعل ألا تسمعين؟ مَن الكاذب الذي أخبركِ أنني فعلت؟
إلتوت شفتاها بما شابه ابتسامة خالصة السخرية:
-الملك، الكاذب هو الملك سيف الدين الناصر، أتساءل هل تستطيع أن تصرخ في وجهه هكذا أنه كاذب؟
أطرق رأسه ولم يجيب فهزت رأسها في انهزام أحسته بكُليتها:
-شكرًا أبي.
ثم تحركت نحو غرفتها لتبدأ بتوضيب الأشياء التي ستأخذها وسط دموعها التي لم تتوقف وتشوش رؤيتها، حتى دخل والدها عليها بملامح منكوبة شاحبة تعلن هزيمة سريعة غير متوقعة، وتابـع متأسفًا:
-أنا حاولت تأمين حياتنا والخروج بأقل الخسائر لأجلكِ يا ابنتي.
لم تتحمل فزمجرت في وجهه بانفعال يشع بشرارات الوجع:
-أ ولم تكن حياتنا في أمان قبل أن تفعل ذلك؟ هل تحاول تأميني بإعادتي كجارية لذلك القصر مرة اخرى؟ إن كنت تظن هكذا فأنت مُخطئ، الحياة ليست كلها تجارة أيها التاجر.
دومًا كانت تشعر أن حياة والدها تصبغت بمهنته كـ تاجر فأصبحت نظرته لمعظم الأمور الحياتية مادية نوعًا ما، ولكنها اليوم تأكدت بأكثر الطرق قسوة.
سمعته يواصل بصوت أجش وهو يضرب على الفراش بانفعال متواصل:
-لم أكن أنا مَن أفسد ذلك الأمان، بل ذلك الوزير هو مَن جاء يهددني، فما الذي كنتِ تريدينني أن أفعله؟ هل أرفض وأعلن معاداته ليذهب ويتهمنا في البلاط الملكي بالخيانة؟
لم تستطع تحجيم السخرية التي انبثقت من حريق الغضب الذي تأجج من كافة خلاياها:
-لا، تستسلم لذلك الوزير الأحمق الذي لا يمتلك سوى التهديد لترمينا في قبضة الملك الذي وضع رقابنا على حافة سيفه وينتظر أصغر خطأ ليُطيح بها!
لم ينبس والدها ببنت شفة ولكن القهر والحيرة رسما خطوطًا عريضة على وجهه المجعد، فتنهدت سلسبيل وهي تتفوه بشجن:
-أنا أسفة أبي، لا تحزن.. لا أريد أن أحتفظ بصورتك في عقلي حزينًا هكذا.
رفع رأسه فجأة منتفضًا ينفي:
-لن تذهبي، سنهرب ولن أتركك تعودي لذلك القصر مرة اخرى، أنتِ لم تولدي لتكوني جارية.
هزت رأسها نافية بأسف مرير:
-أ تظن أنني لم أفكر بذلك؟ ولكن إلى أين سنذهب؟ وهل أنت متأكد ألا تطالنا يده في المكان الذي سنذهب له؟ وحينها لن يتردد في قتلنا دون ذرة شفقة.
صمت من جديد منهزمًا أمام منطقية حديثها، فتحركت نحوه لتحتضنه مرة اخرى ولكن هذه المرة بشوق بدأ يندلع في صدرها منذ الان، همهمت بصوت خفيض وهي تشدد من احتضانه:
-سأشتاق لك أبي.
-وأنا أيضًا، وأنا أيضًا يا غالية أبيكِ.
****
ها هي قد عادت بالفعل لذلك القصر الذي أقسمت ألا تدخله كجارية من جديد !
يا لسخرية القدر الذي جعل من قسمها سوطًا يجلد روحها الأبية التي تكره الخنوع والعيش بهذه الطريقة.
سارت خلف “درية” مشرفة القصر ومربية الملك “سيف الدين” والتي كانت تتجه بها صوب المكان الذي ستبيت فيه بجوار باقي الجواري.
كان المكان كغرفة كبيرة جدًا مُقسمة في تصميمها لمربعات صغيرة حيث يفصل بين كل فراش حائط، أشبه بالسجن!
ابتسمت سلسبيل بسخرية وهي تمشط ذلك المكان غير الجديد عليها بعينيه، لا تدري أ هو يشبه السجن فعلًا ام أنها مَن أصبحت سوداوية الفكر بسبب الضغط النفسي الذي تتعرض له.
أشارت لها درية نحو الفراش الذي سيصبح لها قائلة بهدوء:
-هذا هو مكانكِ، سأذهب الان ونعمة ستُملي عليكِ كافة التعليمات المرجو منكِ الالتزام بها.
ثم استدارت وكادت تغادر ولكنها توقفت متوجهة نحوها من جديد وهي تحذرها بنبرة ذات مغزى:
-بالمناسبة نعمة هي ذراعي الأيمن وكلمتها تعتبر كلمتي، أعني أي مخالفة لِمَ تقول او تقليل من شأنها سأعتبر أنه موجه لي وبطبيعة الحال لجلالة الملك بالطبع!
رفعت “نعمة” رأسها عاليًا بزهو منتشية بحديث درية التي غادرت بالفعل حين قابلت سلسبيل حديثها بالصمت؛ فهي تشعر أنها إن أصدرت صوتًا لن يخرج منها سوى الصراخ بجنون في وجوههم جميعًا.
وقفت نعمة تضع يديها خلف ظهرها والغرور ينضح من عينيها، بدأت حديثها بالقول بنبرة دبلوماسية:
-أنتن أصبحتن سبعة، يوميًا واحدة منكن موكلة بتنظيف غرفة الملك والاهتمام بها، ممنوع السهر او التواجد خارج غرفتكن بعد الساعة العاشرة مساءًا، الاستيقاظ في الثامنة صباحًا والإفطار يكون جماعي.
ثم أشارت لها بيدها متابعة:
-هذا المهم حاليًا والباقي ستعرفينه لاحقًا بالتدريج.
ابتسمت ساخرة دون مرح وأضافت:
-او أنتِ بالفعل ربما تعرفين معظم الأشياء، فـ على حد علمي هذه ليست المرة الاولى التي تدخلين فيها هذا القصر كجارية.
استدارت سلسبيل واتجهت نحو فراشها متجاهلة إياها، فزمجرت فيها نعمة باهتياج:
-توقفي حالًا.
توقفت وهي تتنهد بصوتٍ مسموع، فاقتربت نعمة منها متشدقة بصرامة حادة:
-إياكِ واعطائي ظهرك حين أتحدث، لا تنسي أنكِ مجرد جارية، التصرف حسب اهوائك لم يعد متاحًا هنا، هل سمعتي؟
كزت على أسنانها وهي تؤكد برأسها على مضض:
-نعم سمعت.
-جيد.
تمتمت بها نعمة قبل أن تستدير لتغادر مشابهة في مشيتها الطاووس في غروره!
ما أن غادرت “نعمة” حتى نهضت احدى الفتيات مقتربة من “سلسبيل” التي جلست بسكون على فراشها، كانت حمراء الشعر ذات بشرة شديدة البياض، صاحت في وجهها بغيظ لم تفهم سلسبيل سببه:
-من أين أتيتِ؟
رمقتها سلسبيل شزرًا قبل أن تنهض ببطء وهي تبادلها السؤال ببرود أتقنته:
-وما الذي يخصكِ لتسأليني؟ لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ.
اقتربت منهما فتاة اخرى تسحب الصهباء من ذراعها محاولة تهدئتها:
-كفى لارا لا تثيري المشاكل معها منذ اليوم الأول.
ولكن “لارا” كانت مشحونة بغيرة بدأت تتضح لـ سلسبيل رويدًا رويدًا حيث واصلت زمجرتها:
-ألا تكفي ستة تتنافسن على ليلة واحدة مع الملك ولا تستطعن، لتأتي اخرى تزيد التنافس حرارة بل وتظن نفسها ملكة زمانها.
رمتها سلسبيل بنظرة مستهزئة، فـ كل تلك التراهات والتنافس لا يعنيها ولكنها لن تريح تلك الحمراء، مما أحرق أعصاب لارا التي ظلت تهدر:
-انظري كيف تنظر لنا وكأنها مَلِكَتنا وليست جارية مثلنا ! تبًا لكِ.
حينها نهضت سلسبيل مكشرة عن أنيابها وبحر عيناها الازرق يهتاج وكأنه سيبتلع مَن أمامه:
-اسمعيني جيدًا، أنتِ لستِ ندًا لي على الإطلاق، لذا من الأفضل أن تنشغلي بنفسك علكِ تحظي بليلة مع الملك قبل أن تقتلي نفسك حسرة.
كادت لارا تهجم عليها من فرط غيظها لولا الاخرى التي حالت دون ذلك، مرددة بصوت حادٍ عالٍ:
-بل أنا أكثر مَن تحظى بالليالي معه أنا مُفضلته يا حمقاء، ولكنكِ لن تستطيعي جذب أنظاره نحوكِ أبدًا.
رفعت سلسبيل حاجبها الأيسر ساخرة:
-سنرى، ولكن الحمقاء هي مَن لا تملك ذرة من الثقة في نفسها وبدأت بمهاجمة مَن حولها كالكلبة الضالة.
-سأريكِ مَن هي الكلبة الضالة، لن أدعكِ تهنأين بيوم واحد هنا.
ظلت لارا تتلفظ بتلك الكلمات بتوعد شرس بينما البقية يحاولون اسكاتها وتهدئتها حتى لا تأتي السيدة درية على صوتها وتتعرضن جميعهن للعقاب.
****
في القصر الملكي…
سارت “جميلة” في الرواق وهي تتنهد بإرهاق باعدة خصلاتها السوداء الطويلة المجعدة عن وجهها، لم تتوقع أن تُصاب بالإرهاق من العمل في القصر منذ البداية هكذا، تنهدت بقوة وهي تردد لنفسها حتمًا ستعتاد ذلك هذا مجرد وقت…
شهقت بعنف حين وجدت يد قوية تسحبها تجاه غرفة على اليسار، ودفعها لداخل الغرفة ثم أغلق الباب خلفهما، استندت على الحائط خلفها وهي تلتقط أنفاسها المذعورة، بينما تحدق في الواقف أمامها بعدم تصديق ويبادلها هو بنظرات لا تقل دهشة ولوعة!
خرج صوتها مصدومًا مبحوحًا وهي تدقق النظر لملامحه الرجولية الخشنة التي لطالما عشقتها:
-إلياس.
هز رأسه مؤكدًا وعيناه تلتهمان بشوق مُهلك ملامحها البيضاء الناعمة بجمال مميز وعينيها الذائبتين بلون العسل الصافي.. خرج صوته خشنًا مختنقًا:
-نعم إلياس، إلياس الذي اكتوى قلبه بعشقكِ دون أن ترأفي به.
ابتلعت ريقها وهي تبعد عيناها عنه قاطعة تواصلهما، ثم أردفت بتوتر:
-ماذا تفعل هنا ؟ دعني أذهب حتى لا يرانا أحدهم.
تحركت وكادت تغادر بالفعل ولكنه أمسك بذراعها قبل أن تفتح الباب يزجرها بنبرة أجشة:
-هل تريدين الهرب مني مرة أخرى؟
هزت رأسها نافية والتوتر يزيدها اختناقًا:
-أنا لا أهرب، أنا آآ… أعمل هنا في المطبخ، ولا يصح وجودي معك الآن في هذه الغرفة لربما يرانا أحدهم.
قاطعها بصرامة لا تقبل الجدال :
-هذه غرفتي، لن يدخلها أي شخص دون اذني.
إتسعت حدقتاها وهي تردد بدهشة:
-ماذا ؟ غرفتك؟!
أكد لها ببساطة قاتلة:
-نعم، ألا تعلمين أنني قد أصبحت الحارس الشخصي للملك؟
أ ويمكنها أن تعلم ذلك وتأتي لعقر أزمتها وسبب مخاوفها وقهرها بأقدامها ؟
هزت رأسها نافية بسرعة بصدق:
-لا، لم أكن أعلم، يجب أن أذهب.
ودت المغادرة ولكنها فجأة أصبحت محتجزة بينه وبين الباب، شعرت بأنفاسه الساخنة خلفها تضرب عقنها وعضلات صدره تلامس ظهرها فتزلزل عمق مشاعرها التي ظنت أنها نجحت في دحرها بعيدًا في أبعد نقطة داخلها.
أحاط خصرها بيديه وهو يضغط عليه هامسًا بخشونة جوار اذنها:
-ألم تشتاقي إليّ ولو لحظة طوال الأشهر السابقة؟
صرخ قلبها بجنون أنها اشتاقت.. اشتاقت حتى ذبحها الشوق من الوريد للوريد، ولكن لسانها كان مكبل بتهديد وشعور بالخيانة ومصير محتوم فلم ينطق.
أدارها تجاهه وعيناه البنية الصارخة بالعذاب والشوق تغوص في عينيها المُعذبة بالصمت والشعور بالغدر.. تابـع بنبرة متحشرجة مغموسة بالألم:
-هل شعرت الجميلة بالنفور من الوحش لذلك قررت الهرب من مستقبلها معه؟
تلقائيًا رفعت يدها لتتحسس الندبة العميقة الكبيرة في جانب وجهه والتي أصابته سابقًا وتركته كالوحش ينفر البعض من تدقيق النظر لوجهه ولكنها لم تكن منهم ابدًا.. همست بكلمات تتدفق حنانًا وحبًا:
-الجميلة يمكنها أن تشعر بالنفور من أي شخص إلا أنت.
ثم أبعدت يدها مسرعة وكأنها أدركت ما فعلته.. وراحت تنهر نفسها… لا يجب أن يبتزها عاطفيًا بعدما فعل!
لذا أجلت صوتها وهي تقول بشيء من الغلاظة المتعمدة:
-دعني أذهب إلياس وتوقف عن ذلك.
واستدارت عازمة الذهاب ولكنه أوقفها من جديد، متسائلًا بشيء من التأهب وقد تجمدت ملامحه وخمدت مشاعره التي اشتعلت بالشوق:
-أتوقف عن ماذا ؟
-عن التلاعب بي.
تلفظت بصوت أجش وهي تدفعه بعيدًا عنها، ولكنه جذبها على الفور ممسكًا ذراعيها وهو يهزها بعنف مزمجرًا في وجهها كالليث الجريح:
-هل أنا مَن يتلاعب بكِ؟ هل أنا مَن ترككِ وهرب واختفى تمامًا وقرر الآن الظهور أمامك بداعي الصدفة ؟
نفت ظنونه على الفور بملامحه منكمشة نوعًا ما من انفجاره:
-لم أكن أعلم أنك هنا أقسم لك، أنا بدأت العمل منذ يومين فقط واستطعت العمل هنا بصعوبة.
هدر في وجهها بشراسة تتخللها أنفاسه العنيفة:
-لماذا ؟ لماذا هربتِ مني؟ لماذا ؟
حاولت تحرير نفسها من قبضته وهي تجيب بثبات زائف بينما داخلها يرتعش:
-لم يعد يهم، أنت استطعت أن تنساني بمنتهى السهولة وقمت بخطبة ابنة الوزير بعد مدة قصيرة، يبدو أنني كنت العقبة الوحيدة بينكما.
سألها باستنكار خفي من بين أسنانه:
-هل ترين أنني استطعت أن أنساكِ؟
-نعم.
أكدت بألم فسألها من جديد:
-وأنتِ هل استطعتِ نسياني أيضًا؟
تهربت بعينيها من حصار عينيه وهي تستطرد بنبرة أرادتها باردة:
-نعم، ولِمَ لا أفعل وأتابـع حياتي مع رجل آخر مثلما فعلت؟!
-لأتأكد من ذلك اذن.
تمتم بها وقبل أن تدرك ما سيفعله كان يضع يده خلف رقبتها ليُقربها منه وشفتاه تكتسح شفتاها في قبلة مُزلزلة عنيفة فجر فيها كل غضبه وشوقه وغيرته مما قالت..
باغتها في الثواني الأولى وشعرت بمشاعرها تُذيب كافة حصونها واحدة تلو الاخرى ولكنها استدركت نفسها سريعًا فدفعته بعيدًا عنها بكل ما تملك من قوة ثم صفعته دون تفكير وهي تصرخ فيه بقسوة:
-إياك أن تقترب مني بتلك الطريقة مرة اخرى أو تتجاوز حدودك معي، المعاملة بيننا ستكون في اطار رسمي فقط كأي عاملة في القصر وحارس الملك، هذا إن كنت تكن بعض الاحترام لمَن وعدتها بالزواج.
كز على أسنانه بعنف وغضب ناري مكتوم شعرت به بكل حواسها، وبقبضة من حديد أحكم انفجاره الوشيك بوجهها، وقال بحروف صلدة توازي قسوتها:
-أنتِ على حق، أنا قد نسيتكِ بالفعل، و مَن ظلت جواري دومًا وكانت أنيسة أيامي ووحدتي لا تستحق مني هذا لأجل أخرى أيًا كانت.
ثم هز رأسه ببرود متابعًا:
-أعتذر منكِ سيدة جميلة، خطأ لن يتكرر، اذهبي.
ثم فتح الباب مشيرًا لها بالخروج، فخرجت بأقدام بطيئة مرتعشة تكاد تُسقطها.. ما حدث فجأة هكذا كثيرًا جدًا على قلبها الواهن الذي كانت تجاهد لاعادة ترميمه وتحصينه !
بينما هو ظل ينظر للباب حيث غادرت ويضرب عليه ببطء وهو يردد باحتراق:
-لا تذهبي… لا تذهبي!
****
مرت بضعة أيام…
جاء دور “سلسبيل” سريعًا في تنظيف غرفة الملك، او ربما هي مَن أحست ذلك، واتجهت بالفعل لغرفته وبدأت في تنظيفها على مضض، لا تدري كيف ستتحمل البقاء هنا لمدة لا يعلمها إلا الله وهي لم تتحمل بضعة أيام فقط..
كانت قد انتهت لتوها من تنظيف الغرفة التي لم تكن تحتاج الكثير من الأساس من وجهة نظرها ولكن يبدو أنه طقس تعذيبي ليس إلا كبقية طقوس ذلك القصر اللعين!
انتفضت حين فُتح الباب فجأة ودلف الملك “سيف الدين” وما أن رآها حتى رفع حاجبه الأيسر متسائلًا باستنكار:
-ماذا تفعلين هنا ؟
أشارت للخرقة التي كانت تنظف بها في يدها وهي تجيب ببديهية حملت استخفاف خفي:
-أنظف الغرفة.
بادلها الاستخفاف بآخر مشابه ولكنه علني:
-لست أعمى بالطبع أرى أنكِ تنظفين ولكن من المفترض أن تكوني قد انتهيتِ الان كما الجميع.
رسمت ابتسامة صريحة التزييف وهي تردف:
-اعتذر مولاي، لن اتأخر فيما بعد.
اومأ موافقًا برأسه ثم تحرك نحو فراشه وهو يهتف آمرًا:
-إن انتهيتِ غادري.
استدارت وكادت تغادر ولكنها توقفت بعدما نبض سؤال خبيث في عقلها ولا تدري من أين اكتسبت جرأتها في تلك اللحظة لتفصح عنه، حيث ادارت وجهها نحوه مرة اخرى وهي تستطرد بمكر فربما تدفعه لتحريرها:
-مولاي هل لي أن اسألك سؤال خطر لي؟
همهم سيف الدين موافقًا وهو ينظر نحوها، فأضافت:
-كيف تستطيع التأكد أني لن أفعل ما فعلته مع الملك السابق حين كنت جاريته؟
ظل محافظًا على صلابة ملامحه القمحية للحظات طويلة، قبل أن تفصح عن ابتسامة مستذئبة ملتوية بطيئة وهو يقول بصوته الرخيم:
-جرأتك أعجبتني لذلك لن أحاسبكِ هذه المرة ولكن لا تعتمدي على ذلك الاعجاب مرة اخرى فهو لا يدوم ولن يشفع لكِ المرة القادمة.
لم تنطق في حين اقترب هو منها قليلًا، واستطرد متسائلًا بدهاء ومكر مماثل:
-هل تقصدين تأثره كالأحمق بجمالكِ حتى صار كالخاتم في إصبعكِ تفعلي به ما تريدين؟
لم تجرؤ أن تؤكد سؤاله ولكن نظرة الزهو في عينيها أكدت له ذلك فاسترسل بثقة تضخمت بنبرته الرجولية:
-عزيزتي أنا لست غر مثله لألهث خلف امرأة لجمالها خاصةً إن كانت جاريتي.
ثم اقترب منها أكثر حتى صارت شفتاه على أعتاب اذنها تلفحها أنفاسه اللاهبة لترسل قشعريرة على طول عمودها، وهمس بخشونة:
-أنا حين تعجبني جاريتي أنالها فقط.
وجدت نفسها تنتفض هامسة في ثورة عارضة لا تظهر أمامه كثيرًا:
-هذا لن يحدث أبدًا.
ابتعد عنها وهو يرفع حاجبه الأيسر بسخرية جمة:
-أنا أتحدث عن الجارية التي تعجبني، ما دخلكِ بالأمر؟
شعرت وكأنه صفعها بعنف في عمق انوثتها رغم أن هذا ما تريده، فكزت على أسنانها بغل دفين لم تستطع بصقه في وجهه، فيما اقترب هو منها خطوة اخرى وقال بصوت أجش متملك ولكن تملك ليس موجه لشخصها تحديدًا:
-ثم أنني لا استأذن حين أريد شيء ملكي أخذه مباشرةً.
أخذت تعتصر فستانها بكفها بشدة لاحظها سيف الدين الذي لم تخفى عنه شرارة التمرد المندلعة في عمق زرقة عينيها وربما هي ما تثير في نفسه الإعجاب لتلك السلسبيل.
اقترب منها متحسسًا يدها المتشنجة ببطء فأرختها وهي تقول من بين أسنانها بانفعال مكتوم:
-أنا لست مثلهم، لست سبية، أنا حرة.
هز رأسه مؤكدًا بصدق وبذات النبرة العميقة:
-أعلم أنكِ لستِ مثلهم، ولكنكِ لستِ حرة أنتِ ملكي يا سلسبيل… ملكي وكلما أدركتِ ذلك سريعًا كلما كان أفضل لكِ.
****
بعد فترة…
كانت “سلسبيل” تسير في الرواق بخطى شريدة لا تدري وجهتها بالتحديد ولكنها تنشد الشعور بالحرية؛ الحرية في اختيار المكان الذي ستجلس فيه، وفي اختيار الوقت الذي ستذهب فيه، الحرية لكل شيء!
أوقفها صوت رجل شاب يأتي من الخلف واقفًا خلف الحائط مختئبًا حريصًا ألا يراه أحدهم:
-سلسبيل.
تفحصت بعينيها إن كان أحدهم بالجوار ام لا أولًا، ثم تحركت نحوه بتردد، لتسأله بصوت فظ بعض الشيء:
-مَن أنت ومن أين تعرفني وما الذي تريده مني؟
-اهدئي، أنا هنا لأجلكِ.
حاول تهدئتها بصوتٍ خفيض، فسألته مستنكرة:
-ماذا تعني بـ لأجلي؟ أنا لا أعرفك.
أخرج من وسط ملابسه رسالة ومد يده لها وهو يخبرها متعجلًا:
-هذه الرسالة أرسلها لكِ والدكِ، ستهربان معًا.. اقرأيها على الفور وأحرصي ألا يراكِ او يعلم بها أي شخص.
ثم استدار ليغادر مسرعًا متخفيًا كما جاء، فيما أسرعت سلسبيل بإخفاء تلك الرسالة وسط ملابسها وهي تنظر يمينًا ويسارًا في توجس، قبل أن تغادر المكان عائدة لفراشها…
ولكنها لم تلحظ لارا التي كانت تختبئ خلف العامود تراقب ما يحدث بعينين تلمعان خبثًا وحقدًا، ارتسم على وجهها ابتسامة صغيرة مشبعة بالخبث وهي تهتف بصوت أقرب للهمس:
-الان وقعتِ في يدي أيتها المغرورة ولن يستطيع أي شخص انقاذك، أتلهف لرؤية وجهكِ حين يعلم الملك بما تفعلينه في الخفاء.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عن الملك والهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى