روايات

رواية شبح حياتي الفصل السادس 6 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل السادس 6 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الجزء السادس

رواية شبح حياتي البارت السادس

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة السادسة

من بين الكل ، كنتِ أنتِ من أشعر معهُا بالألفة الصادقة ، ‏كالنُور يعبُر ضوئكِ ظلام روُحي لتُبدديه دون أن تدركين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقت بعد الظهيرة في مجمع راقي
داخل فيلا صغيرة نوعا ما
امرأة في أوائل الخمسينيات من عمرها كانت جالسة بهدوء تحتسي فنجان قهوة في صمت ، بينما نزلت امرأة أخرى من أعلى السلم بخطوات مسموعة كسرت هذا الصمت بسبب الكعب الطويل الذي تحب أن ترتديه بإستمرار.
قالت السيدة الأولى بابتسامة : كل دا نوم يا ميرو و بعدين ايه الشياكة دي كلها!!
إبتسمت الآخري بغرور يليق بأناقتها ، وعلي عينيها نظارة شمس كبيرة نوعا ما تخفي ورائها ملامحها ، وقالت بنعومة : ميرسي يا ماما .. انتي عارفة اليوم اجازة عندي
سألت السيدة الأولى ، وحاجبها مرفوعًا عندما وجدتها تتجه نحو باب المنزل رغم أن اليوم عطلة كما ذكرت من برهة : انتي خارجة ولا ايه؟
توقفت عن الحركة لحظة ، ثم التفت إليها ، وقالت بنبرة رقيقة لكنها مليئة ساخرة : اه يا ماما .. هروح اشوف الهانم للي قاعدة في شقة جوزي من غير استئذان دي
أومأت إليها بفهم وقالت بعدم اهتمام : تمام انا شوية كدا و هخرج كمان هروح النادي اشوفك هناك بقي
لوحت لها بيدها ، ثم استدارت نحو الباب لتغادر ، وهي تهتف بسرعة : اوكي .. يلا باي
★★★
كانت سماعة الأذن في أذنها ، وهي تتحدث في الهاتف أثناء القيادة
زفرت الهواء من رئتيها ، وقالت بإمتعاض : عايزني ماروحش اشوفها ليه؟ انت ناسي انه جوزي!!
أطلق ضحكة ساخرة لم يستطع كتمها ، وقال مصححًا : قصدك طليقك شكلك نسيتي انك اطلقتي منه
جادلت في استنكار ، مشوب ببعض بالغيرة : لا انت اللي نسيت بدر هيفضل جوزي لحد ما جثته تظهر و استلم كل حاجة تخصه .. ماتنساش كمان اني وريثته الوحيدة
التوى فمه متهكمًا وتمتم بنبرة ذات مغزى : انتي مابتشبعيش ابدا ولا مكفيكي اللي عندك!! وهو حيلته ايه غير العمارة والمكتب اصلا اللي هتورثيهم؟
أردف بصوت غاضب حين استنتج أن كلماتها مجرد حجة تجادله بها ، ويبدو أن الأمر الأهم لا تكترث به : انا مش ناسي يا هانم .. زي ما انا مانستش ان اللي كنت عايز اوصله قبل مايموت .. لسه ماوقعش في ايدي ولسه ماتأكدناش من موته حتي
أدارت تارة السيارة بعصبية ، وعيناها على الطريق قائلة بتوتر : مافيش تفسير عن اختفائه غير انه مات وبطل اسلوبك دا عشان بيخوفني
صاح فيها بتحذير : لازم تفضلي خايفة عشان سواء اللي معه ظهر او هو ظهر انا وانتي هنخسر كل حاجة
نفخت خديها بحنق ، وهدرت فيه بإنفعال : يوووه احنا مش هنخلص بقي من الكلام دا .. اومال انا عملت اللي عملته دا من الاول ليه و ورطت نفسي معاك!!
تشدق صدغه بسخرية ، و قال بنبرة باردة : اللي ورطتك في دا كلو امك يا بنت خالتي
لم تعد قادرة على تحمل كلماته أكثر من ذلك ، لتقول بنبرة حاولت إخراجها هادئة قدر الإمكان : خلاص خلاص كفاية اقفل يا كريم انا وصلت عمارة بدر
زفر الهواء بهدوء مقرراً تأجيل هذا الحديث لوقت لاحق ليغمغم : ماشي هقابلك بليل في النادي
دمدمت بعجلة : طيب باي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شقة بدر
جالسان بجانب بعضهما البعض على الأريكة بصمت ، ويشاهدان التلفزيون بينما تضع حياة القط في حجرها وتمسد رأسه برفق.
سأل بدر فجأة ، محاولاً قطع هذا الصمت بينهما : مين معاذ دا ؟ وقبل ماتسألي عرفت ازاي .. انتي قولتي اسمه وقت ماكنتي بتكلمي نفسك
سحبت حياة الهواء على صدرها بقوة قبل أن تجيب بهدوء : كان خطيبي
قال بدر بسؤال كأنه يريد استفزازها لسبب غامض عنه شخصيًا : ولما سابك جيتي علي هنا؟!
نظرت حياة إليه بحاجب مرتفع ، وأجابته بإندفاع : انا اللي سيبته .. عشان خاني
حدق بدر فيها بذهول ، وسألها باهتمام : خانك .. ازاي!!
حياة عبست ملامحها بلطافة ، وردت بسخرية مشوبة بقليل من المرارة : شوفته قاعد قعدة رومانسية جدا مع وحدة في مطعم
قوس بدر شفتيه للاسفل بإستغراب ، و تساءل بإستخفاف : هو اي وحدة يخونها خطيبها تسيبله البلد و تهرب؟
نظرت حياة إلى القط وهو نائم بهدوء و استسلام على ساقيها ، ثم رفعت بصرها نحو بدر ، وقالت بخفوت : انا ماهربتش .. كل الحكاية انه اخو جوز اختي وهي كانت هتضغط عليا زي كل مرة عشان ارجعلو بس المرة دي انا مادهمش فرصة لكدا
إستفهم بدر بجدية : كنتي بتحبيه؟
تجعدت حاجبيها وهي تنظر بحزن إلى اللا مكان ، بينما تضع مرفقها على حافة الأريكة خلفها ، وأجابت بصدق : يمكن اكون حبيته انا كنت معجبة بيه قبل ما نتخطب .. عارف انسحرت بشكلو وهيبته .. بس بعد ما اتخطبنا لاقيت احساسي نحيته بيتغير وهو ماقصرش الصراحة .. بالعكس ساعد كتير بتصرفاته يخليني اتجنبه
غمغم بدر بإبتسامة حين أنهت جملتها بإنفعال : طيب خدي نفسك وهدي اعصابك
ابتسمت حياة إبتسامة حزينة ، ثم تمتمت بأسي على حالها بطريقة مضحكة : انا في منتهي الهدوء .. شوفت حظي الحلو يعني بعد كل المشاكل اللي هربت منها دي .. وقعت في كارثة هتدخلني العباسية
أضافت بنبرة ساخرة : معرفش انا ايه مقعدني مع شبح و مستغربة من نفسي اني لحد دلوقتي ماجاليش انهيار عصبي بعد دا كله
لمعت عيناه بريق غامض قبل أن يتكلم بتأنى : وانا عمري ماكنت حاسس اني وحيد ومحتاج لحد معايا قد ما انا محتجالك دلوقتي يا حياة
رفعت حياة عينيها إليه لتجده يحدق بها بعينين ثاقبتين بنظرة غامضة تجاهها ، لكنها شعرت بالإرتباك يغلفها من كلامه ، فتجاهلت الإجابة وقالت بسؤال : هو ازاي انت بتقول ان اميرة دي طليقتك وعم حمزة بيقول انها مراتك و انها عادي بتيجي هنا؟!
نظر بدر إلى الجانب الآخر وقال بهدوء : معرفش اجابة السؤال دا زي اسئلة كتير مش لاقي لها تفسير
همت حياة للرد عليه ، لكن حديثهما انقطع بصوت جرس الباب ، فقالت بمزح مليئ بالتحذير ، وهي تنهض وتضع القط على الوسادة الدافئة بجانبها : هقوم افتح الباب .. خليك انت هنا جنب ميجو
ابتسم لها ، وهو يومئ برأسه في موافقة ، لكنه لم يستطع الجلوس وشعر بالفضول يحرضه على النهوض ، فذهب خلفها مباشرة ، لكن الابتسامة اختفت من على وجهه بعد أن رأى المرأة الجميلة التي هو متأكد من أنها ليست زوجته كما تدعي تقف أمام باب منزله ، لكن ليس لديه دليل سوى شعوره بذلك.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
أمام بوابة البناية
كان حمزة يضع قدمه على المقعد الخشبي ويتكئ بمرفقه عليه ، ناظراً نحو الفراغ ، ويبدو شارد الذهن.
تساءلت كريمة بإستغراب بعد أن جلست بجواره : في ايه يا حمزة سرحان في ايه!!
أطلق حمزة زفيرًا شديدًا قبل أن يجيب بصوت خافت : مستعجب يا ام كرم
جعدت حاجبيها بعدم فهم ، وتساءلت : من ايه خير!!
تحدث حمزة بقلق وغرابة شديدة : محدش عارف بمكان المفتاح الاحتياطي غيري انا و استاذ بدر حتي مراته ماتعرفش بيه
أردف بإرتياب : ازاي حياة لاقيته!!؟
ردت كريمة بسذاجة : يمكن لاقيته بالصدفة
لوح بيده غير مقتنع قائلا بتوجس : الله اعلم .. بس اللي مستغرب له اكتر .. سؤالها عن مرات استاذ بدر وليه قالت انها طليقته واللي حصل معاها بليل .. اول مرة ساكن يشتكي أنه شاف حرامي في البيت .. اشمعنا هي !؟
غمغت كريمة بتبرير : يمكن بيتهيألها البنية صغيرة وغريبة عن المكان اكيد كانت خايفة من القعدة لوحدها
أومأ لها برأسه ، وهو يحك أذنه قائلا بهدوء : كل شئ جايز
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بالأعلي في منزل بدر
خلعت المرأة النظارة عن وجهها ، وهي تقف أمام حياة.
رشيقة ، مرتدية ملابس أنيقة وتبدو ثمينة للغاية و رائحة عطرها قوية ومميزة كحضورها ، قائلة بابتسامة رقيقة تشبه نبرة صوتها الناعمة : مساء الخير .. اكيد انتي حياة!!
أومأت حياة برأسها بالإيجاب ، وسألت بهدوء : ايوه انا .. مين حضرتك!!؟
تقدمت منها خطوة ، ومدت يدها وصافحتها برقة ، قائلة بنبرة واثقة : انا اميرة مرات بدر عز الدين
حدقت بها حياة مندهشة ، فهذه الأميرة جميلة جدا ، ترتدي بنطال ضيق مناسب لقوامها النحيف ، بخصر مرتفع بلون زيتوني ، وبلوزة بأكمام طويلة وكتف مائل باللون البيج مع تداخل اللون الزيتي من منطقة الكم اليمين ويصل إلى الركبة من الخلف ويصل إلى منتصف الفخذ مائلة من الأمام وترتدي حذاء بكعب عال ، وتحمل حقيبة يد صغيرة في يدها باللون البيج ، ولها أيضا وجهاً لطيف.
حياة شعرت بغرورها من الطريقة التي نظرت بها إليها ، لأن أميرة إعتقدت أنها ستذهب لتلتقى بأنثى ماكرة ، ولكن حياة تبدو من هيئتها البسيطة أنها متواضعة الجمال.
: اهلا وسهلا .. اتفضلي..
قالتها حياة بتوتر طفيف ، وحاولت إبعاد ذلك الشعور عن طريق العض على شفتيها بخفة ، عندما لمحت بدر واقفا خلفها يحدق في أميرة بنظرات متجهمة في صمت.
دخلت أميرة المنزل بخطوات رشيقة ، ثم أشارت إلى القط في اشمئزاز ، الذي عندما رآها صار مواءًا نسبيًا بصوت عالٍ ، ونزل من الأريكة متجها نحو حياة.
هتفت أميرة في دهشة : القطة دي لسه موجودة هنا ليه انا قولت لحمزة يسربها !!؟
تساءلت حياة بغرابة : يسربها ليه ؟ هي مش بتاعت استاذ بدر!!
هزت أميرة رأسها بالإيجاب ، قائلةً بصوت غير مبالٍ وهي جالسة بشكل مريح أمام حياة : ايوه بس انا مابحبش القطط عندي فوبيا منهم
انحنت حياة وإلتقطت القط ، ثم عانقته بلطف على صدرها حتى يهدأ ، وكأنه يشعر بكراهية تلك المرأة الفاتنة له قائلة بهدوء : بس دا حرام اعتبريها قطتي انا لحد ما يرجع استاذ بدر واخدها منه لو مش عايزنها
مطت أميرة شفتيها بعدم إهتمام وغمغمت : اوكي
حاولت حياة التحلى بصبر رغم الضيق الذي أصابها من أسلوب هذه المرأة ، ثم قالت بإبتسامة مجاملة : تشربي ايه!!
ضحكت أميرة بصوت ناعم قائلة بنبرة متعجرفة ممزوجة بالسخرية : دا واجب عليا يا حبيبتي .. اول مرة اشوف الضيفة بتعزم علي صاحبة البيت!!
نظرت حياة إلى المرأة المتكبرة ببرودة زائفة ، لكنها لا تنكر أنها بدأت في إثارة غضبها الذي إذا اشتعل ، يمكن أن تلقى بها من الطابق الخامس دون ذرة ندم.
كنت على وشك الرد عليها ، لكن صوت بدر المحتد قطعها : دي طليقتي يا حياة مش مراتي قوليلها كدا
وزعت حياة نظراتها التائهة بين بدر الذي يقف بجانب المرأة التي تجلس على أحد الكراسي أمامها ، وتضع قدمها فوق الأخرى وتنظر إلى حياة بنظرة متعالية.
إبتلعت حياة ريقها بخفة متسائلة : انا كنت عايزة اسألك .. فين استاذ بدر؟
استغربت أميرة من سؤال حياة غير المبرر ماذا تريد من بدر حتى تسأل عنه ، لكنها أجابت ببرود : بدر مسافر في شغل
جلست حياة على الكنبة مقابل أميرة لتقول بارتياب : يعني بيكلمك!
نظرت إليها أميرة بازدراء ، وتمتمت بريبة : بتسألي ليه!!
أخذت حياة نفسا عميقا ، في محاولة لتهدئة أعصابها ، وفركت كفيها ضد بعضهما البعض ، ثم قالت بتبرير : عادي زي ما انتي شايفة انا هنا من امبارح وشقتي عبارة عن مقلب زبالة حتي العفش اللي فيها ماينفعش استعمله واللي هيحل المشكلة دي هو استاذ بدر
استندت أميرة على الكرسي بارتياح بعد اقتناعها بتبرير حياة قائلة ببرودة استفزازية : بدر بقاله كام يوم تليفونه مقفول ومش عارفة اوصله .. غالبا هو في مكان مفهوش تغطية
استفسرت حياة بعد أن رمقت بدر المقتحن وجهه بقوة : يعني هو بيترافع في قضية برا القاهرة!!؟
مدت أميرة شفتيها إلى الأمام ، وأجابت بلا مبالاة : انا الحقيقة معرفش تفاصيل شغله و مابحبش اسأله عنها
استأنفت أميرة حديثها وهي تنهض مستعدة للمغادرة : عموما خليكي هنا لحد ما يرجع معنديش مانع
زفرت حياة بحنق من برودة تلك الكائنة الفاتنة ، وقالت بضيق : ميرسي لذوقك
همهمت حياة بغيظ بعد أن أغلقت الباب خلفها : مراته دي لا تطاق ابدا بس مزة اوي الصراحة!!
“أميرة احمد يسري”
“28 سنة”
“تعمل في شركة إعلانات”
“متزوجة من بدر عز الدين”
“لديها شخصية طموحة وأنانية تسعى لتحقيق اهتماماتها في جميع جوانب حياتها ، تفضل دائما الاختلاط مع الطبقات الاجتماعية الراقية ، لديها القدرة على الإحتيال وخداع الآخرين بأسلوبها الدبلوماسي الخبيث ، وجاذبيتها الكبيرة ، وثقتها العالية بالنفس.
تغضب بسرعة من الأشياء التافهة ، وتعبر عن توترها بكلمات مؤذية ومضرة ، كما أنها تتشبت برأيها فهي عنيدة ولا تتوقف حتى تحصل على ما تريد.
رقيقة و ناعمة للغاية وتتمتع بجمال مبهر لأنها رشيقة ونحيلة ، كعارضة أزياء بمشيها وشكلها وجسمها الفاتن ، بجمالها الفريد وجاذبيتها الفطرية ، ووجهها المستدير ببشرة ناصعة البياض ، و لديها شعر بني حريري طويل ، وعيناها رمادية ذات نظرات ساحرة ، وشامة تزين الجزء العلوي من شفتيها الممتلئة.”
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في صباح اليوم التالي
كان جالسًا طوال الليل بجانبها على السرير ، يحدق بها بنظرات غامضة وغريبة ، كأنه يستشف شيئًا من وجهها ، كأنه أمام لوحة جميلة يجب التأمل فيها بتركيز ، ويدرسها بأقصى درجات الرصانة والهدوء دون تعب أو ملل ، بينما لسان حاله يردد لقد تجلَّت لي الحياة في هذا الوجه.
أحب إطلالتها الرقيقة أثناء نومها ، محتضنة وسادته بين ذراعيها ورجليها بطريقة لطيفة للغاية ، وكأنها طفلة صغيرة رغم أن نومها كان متقلبًا وحادًا مثل شخصيتها.
اتسع بؤبؤ عينه مع بريق غامض ، عندما سقطت عيناه على خصلاتها البرتقالية الزاهية بشدة بسبب أشعة الشمس عليها ، حتى أصبحت ومضات من مشاهد خاطفة لذلك الشعر المتموج في تمرد يمر مثل شريط فيلم أمامه.
كان مستغرقًا في أفكاره ، غير منتبهاً إلى التي استيقظت تفرك عينيها بشدة ، وتتثاءب بصوت عالي حتى صرخت في استغراب عندما رأته واقفاً أمام السرير : انت بتعمل ايه هنا!؟
تفوه بدر بلا وعي : ايه!!
نظرت حياة إليه وعيناها منتفختان من النعاس ، وشعرها فوضوي وفي حالة يرثى لها ، كما لو كانت قد خرجت للتو من معركة حربية.
قالت بابتسامة ساخرة ، و تحك رأسها بكلتا يديها بخفة لتجعله أشعث أكثر : عمرك ماشوفت حد نايم قدامك قبل كدا .. انت عارف لولا اني متأكدة انك شبح .. ومش بتفكر بقلة ادب كنت شوفت مني وش احنا الاتنين هنتفاجأ بيه..
نظر إليها بدر بإنشداه من هجومها عليه ، ثم تمتم بتعجب ساخر : ابلعي ريقك و خدي نفسك!
تجاهلته حياة ، ونظرت بعيون شبه مغلقة في الهاتف بعد أن أسندت جسدها على ظهر السرير ، ثم مرت برهة قبل أن تنتفض فجأة من نومها وتقول بفزع : يا نهار مش فايت الساعة سبعة و نص!!!
عقد بدر حاجبيه بعدم فهم ، متسائلا بدهشة : فيها ايه؟
قامت حياة من السرير ، واستدارت دون هدف محدد ، وأجابت بتذمر : اتأخرت علي الشغل .. حرام عليك ماصحتنيش ليه!!
رفع حاجبيه بدهشة لأنه علم لأول مرة أنها تعمل ، قائلا بصوت مذهول : شغل ايه..؟
أضاف بضحكة ساخرة ، وعيناه تتبعانها ، متجهة نحو زاوية من الغرفة : ولحقتي تنسي تهديدك ليا لو حاولت اصحيكي يا مروشة انتي
عادت له حياة وهي تحمل إحدى حقائبها التي بدت ثقيلة عليها ، وألقتها على السرير الفوضوي بسبب نومها المتقلب.
صرخت حياة بسخط ، مشيرة إليه بإصبعها السبابة ، وهي تبحث عن حذائها الرياضي : اهو دا اللي باخدو منك تريقة و المرة الوحيدة اللي المفروض تصحيني فيها ماعملتهاش
لم تحصل منه على إجابة ، لتستغرب وتلتفت إليه ، فرأته يسير وراءها بفضول.
توقفت حياة وحدقت به بغضب ، وهدرت بنفاذ صبر : ممكن تبطل تتحرك ورايا كدا .. خليني اشوف هلبس ايه!!
أدارت حياة ظهرها إليه ، وانحنت لتفتح حقيبتها ثم أخرجت الملابس منها بلا مبالاة حتى ملأت السرير بالكامل بملابسها ، ونظرت إليها بحيرة وهي تحاول اختيار شيء مناسب لتلك المقابلة ، بينما تراقبها عيناه بتمعن وهو منتصباً بشموخ ، ويداه داخل جيب بنطاله.
سحبت حياة الملابس التي اختارتها ، ثم استدارت إلى باب الغرفة لتذهب إلى الحمام الخارجي ، وتغير ملابسها فيه ، وهي تهمهم بإستياء : صحيح اللي عنده دم احسن من اللي عنده عذبة!!
بعد عدة دقائق
عادت حياة بخطوات سريعة ، مرتدية جميع ملابسها ، والتي تتكون من بنطلون قماش ضيق بني فاتح ، وقميص شيفون أبيض ، ومعطف طويل بلا أكمام من قماش مفتوح من الأمام باللون البني ، بدرجة أغمق من البنطال.
وقفت أمام المرآة ، وأخذت تشهق ممسكة بشعرها المجعد من أطراف أصابعها : يووه نسيت خالص اغير لونه ودلوقتي متأخرة ودا بياخد وقت..!!
سأل بدر من ورائها عندما رآها تبحث في حقيبتها عن شيء ما ، ثم أخرجت قبعة قطنية عالية بنهاية عريضة وأنيقة من اللون الأبيض لتغطي شعرها تحتها : ليه عايزة تعملي كدا!؟
وقفت حياة تقوم بتعديل خصلاتها المتمردة خلف الطاقية ، وردت بعفوية ، دون أن تدرك ما تقوله ، لأنها كانت منشغلة بما كانت تفعله : عشان مديش لحد فرصة يتريق و يتنمر عليا
أنهت حياة جملتها بينما بدر عيناه تلمعان بوميض غريب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى