Uncategorized

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السادس عشر 16 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السادس عشر 16 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السادس عشر 16 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السادس عشر 16 بقلم نهال مصطفى

اتكأ هشام للخلف وهو يتأمل جمالها الذى لم ينجح الحزن فى ان يحجبه بدون مستحضرات تجميل وشعرها المبلل المنسدل خلف ظهرها فتجاهل كل هذا و بعد صارع طويل مع نفسه قرر ان يفجر غضبه قائلا
– انت ما قولتليش ليه انك متجوزه من الزفت ده ؟!!!!! 
لم تستوعب صاعق سؤاله المفاجئ .. ظلت ترمقه بعيون طائفه هنا وهناك مسحت بهما ارجاء المكان .. فرمقها بنظره حادة شلت حركتهم العشوائيه وهو يقول بنبره أكثر قوة 
– اكيد مش بسألك عشان تسكتى !! 
بللت حلقها مستجمعه الكلمات به وهى تقول بارتباك 
– هى كانت هتفرق ؟! 
عض على شفته مغتاظا 
– هو أنا المفروض اسال السؤال يترد عليه بسؤال ! 
ثم ما لبثت ان تقول نافيه 
– لالا والله مش قصدى .. بس انا قولت هربت يوم فرحى هتفرق في ايه اذا كان كاتب كاتبه ولا لا ؟ 
لا زال يصارع ليحافظ على ثباته وهو يقول بحسره 
– ااه معاك حق مش هتفرق .. والدليل اهو مش لاقيين حل للمصيبه دى .. 
رفعت انظارها المرتعشه إليه قائله
– أنا ممكن اروح اعترف فى النيابه أنك مالكش دعوة بالحوار ده كله …
– أنا طلبت منك تفكري ؟! 
زفرت باختناق : انا مش عاوزه حد يتورط معايا اكتر من كده !! 
– ولما تروحى تعترفى هو ده الحل ؟! مش هندخل فى سين وجيم وانى قعدت واحده هاربه عندى ؟! 
– بحاول القى معاك حل مش اكتر ..
تغلفت ملامحها بدماء الياس وهى تردف جملتها بنفاذ صبر و تجفف ما فر من قنواتها الدمعيه .. فأخذ يسب فى نفسه سرا 
– ناقص انا زن نسوان !! _ ثم رفع نبرة صوته قائلا _
– خدى كلى اي حاجه .. لحد ما نشوف اخرتها . 
هزت رأسها نفيا وهى تقول 
– لا مش عاوزه اكل هقوم انضف المكان ..
اخرج من جيبه سيجاره واشعلها متسلحا بالتجاهل 
– اعملى اللى تعمليه المهم تختفى من وشي .. 
وان حل الصمت كضيفا مرحبا بهما ولكن لم تكف عيناهم عما تفيض به من اسئله وحيره .. ظلت ترمقه شذرا وهى تقول 
– هو انا مش اعتذرت !! اعملك اى تانى عشان تعاملنى باسلوب احسن من كده ! 
رفع حاجبه الايسر وبمنتهى الهدوء قال :” تخرسي” 
■■■
– انت ما قولتيش معلومة مُفيده من الصبح !! 
انتهى زياد من ارتداء بنطاله الجينز ويقف امام المرآه الخاصه بناريمان ليصفف شعره ويرمق صورتها المنعكسه فى المرآه بنبرة حاده ضاعفت ارتباكها ..
– زى ما قولتلك .. جانى عرض اعلى من شركه منافسه ليكم .. اضطريت اوافق ..
دار نحوها بهيئته المفتوله 
– ما أنت طول عمرك بيجيلك عروض وبترفضيها ..
نهضت من فوق مخدعها وبيدها قميصه التى ساعدته فى ارتدائه وهى تقول 
– معرفش عقلى كان فين .. محستش بالمصيبه غير وانا بمضى معاهم..
بحركه مباغته غرز زياد انامله فى لحم ذراعها وجذبها عنوة فمال شعرها الطويل جنبا.. وبنبره تهديديه 
– عارفه لو كنت بتكذبى ان ممكن اعمل فيك إيه ؟! 
تتملص وجعا بين يديه متوسله له بأن يتركها .. وبعد عناء فك قبضته القويه التى تركت أثرها على ساعدها 
– وانا من امتى بخبى عنك حاجه يا زياد .. اخر حاجه كنت اتوقعها انك متصدقنيش !! 
لم تخل انظاره من الشك فدار نحو المرآه ليواصل قفل ازرار قميصه ولكنها بدلال انثوي تحركت ووقفت امامه لتخفى صورته فى المرآه وتقفل له القميص قائله بنبره مغريه 
– زياد انا بحبك .. ومعنديش استعداد اخسرك ..
سقطت عيناه على شفتيها التى تسكره فاطلق زفيرا قويا محاولا محاربة ميوله قائلا 
– الاوراق هتكون عندك الليله عشان تديهم للمحامى بتاعك ..
فزعت لتقف على طراطيف قدمها وتلقى بنفسها بين ذراعيه بفرحه عارمة 
– أنت احلى زيزو فى الدنيا كلها !!
■■■
– نشات بيه .. اخر حاجه قالهالى هشام انه هيفاتح حضرتك فى موضوع البت دى يوم السبت اللى هو النهارده .
اردف مجدى جملته الاخيره وهو يجلس بجوار مكتب اللواء نشأت الذي رضخت ملامحه بدماء الغضب 
– هشام فعلا كان واخد منى معاد .. بس مقاليش بخصوص إيه ! 
– يبقي لازم نقف جمبه !! 
زفر اللواء باختناق
– طيب هو فين ؟! 
اجابه مجدى بتردد : قاعد في بيت واحد من صحاب زياد .
ظل مجدى يتأمل ملامح اللواء الثابته التى لم يستدل منها بأى رد .. فقرر ان ينتظر رده وبعد مرور وقت كافيا من التفكير اردف 
– تمام .. خليه مختفى اليومين دول لحد ما نوصل لحل .. هشام طالما رجله جات فى الموضوع ده يبقي لازم نقف جمبه ..
تبدلت ملامح مجدى باليأس : ازاى معاليك … كل الطرق مسدوده والموضوع لابسه .. وكمان نقطه سودة فى تاريخ ظابط زى هشام..
– أنا عارف يامجدى .. وعارف هشام عمل كده لانه أكيد بيفكر فى حاجه … 
تفوه مجدى بتردد : أنا عندى حل .. بس مش عارف ممكن اضراره توصلنا لفين !
رفع اللواء نشات حاجبه منتظرا حل مجدى المقترح الذي اردف قائلا
– أنا ممكن اساوم زيدان بالتسجيل اللى معايا مقابل انه يتنازل وكده هنخرج هشام من الورطه دى ! 
بدون تردد اجابه 
– ونبقى كشفنا ورقنا قدامه .. والقضيه فشلت .. وزيدان هيحطك فى دماغه .. وكمان مش هيتنازل بسهوله غير لما نسلمله البت .. وكده يبقي إحنا بنرميها وسط النار ..
صمت مجدى ليفكر فى كل كلمه قالها سياده اللواء ثم قال 
– طيب ما ممكن البنت دى تنفى علاقتها بهشام وتقول إنه ملهوش ذنب .. وأنها هى اللى ورطته ..
نهض نشات من فوق مقعده ويربت على كتف مجدى قائلا
– ودا عذر اقبح من ذنب .. لما ظابط فى مكانة هشام يتورط فى موضوع عبيط زى ده ويتستر على واحده هاربه … واعداء هشام كتير وما هيصدقوا يلاقوا بقي ووو .
اغمض مجدى عينيه حائرا : والحل معاليك ..
بمهاره عسكريه اردف اللواء قائلا
– نرمى طُعم لزيدان نخليه ينشغل بيه اليومين دول ، لحد ما نفكر لهشام فى مخرج ….. 
ثم واصل قائلا بعد تفكير : مجدى … انا لازم اقابل هشام والبت دى !!! 
■■■
– مالك بس ياماما مضايقه ليه ؟! 
اردفت رهف جملتها إثر صخب ملامح أمها وزفيرها المتتالى الذي انتهى بالقاء هاتفها أرضا قائله 
– ما بقاش في غير ست فجر ؟! 
اعطت بسمه ثمرة الفاكهه المُقشره لرهف وهى توجه حديثها لخالتها
– حصل آيه ياخالتو ؟!
– الصحافه والاعلام وكله طالب ست فجر بالاسم .. ده غير العروض اللى جاتلها من اكبر الشركات العربيه .. وشركه فرنسيه شافت صورها عاوزه تتواصل معاها .. وحقيقي أنا مبقاش عندى حجج اقولها ..
تفوهت رهف بانبهار 
– يابت المحظوظه يافجر !! ارزاق ؟! 
بسمة بتسائل : طيب هتعملى ايه فى الورطة دى يا خالتو!! 
زفرت عايده بقلة حيله وهى تقول
– مبقتش عارفه .. وكلها عروض متترفضش .. البت دى حظها منيل اوى لو كانت سابتلى نفسها كنت هوصلها لمكانه تانيه خالص .. بس نقول ايه فقر هشام اخوكى كرف عليها ..
فكرت رهف لوهلة محاولة رج الكلام فى عقلها لاستنباط مخرج .. فهبت قائله وهى تضرب كف على الاخر 
– لقيتها !!
عايده باهتمام : هى إيه ؟! 
– فجر تمضي مع شركه الفاشون اللى بره وتسافر تعيش هناك ومنها تبعد عن الراجل المفتري ده وفى نفس الوقت تبعد عن سكة هشام .. ايه رايك ياماما !! 
ردت بسمه سريعا وبنبره لا تخلو من السخرية 
– بلاش ذكاوة انت بنفسك لسه قايله انه المفترى ده جوزها .. يبقي مش هتقدر تطلع من البلد غير بإذنه يافالحه .. !!
ضاقت عيون رهف بيأس : امممم بتقولى كلام حاسه انه صح !! 
– حااسه ؟! خدى خدى كلى وبطلى تقترحى حاجات عبيطة .. 
دخل زياد عليهم الغرفه .. فانتقلت حيرتهم الشاغله اليه .. فاردفت عايده بتسائل
– انت فينك من الصبح ؟! 
تغلفت نبرته بالكلل : ابدا كان عندى شغل ضرورى لازم اخلصه .. 
ثم انتقلت انظاره الى رهف وهو يسير ببطء جالسا على طرف السرير مقابلا لبسمه 
– عامله ايه يابت انت ؟! 
اتسعت ابتسامتها : انا زي الفل .. اتخضيت عليا امبارح مش كده ؟! 
قعد جبينه ساخطا : بس عشان مكنتش طايقك ..
كتمت رهف صوت ضحكتها : الاخ الحنين زرق ياجدعان ..
– والاخت الزنانه اللى زيك ابتلاء …. 
ضحكت بسمه بهدوء وهى تأكله بانظارها التى تحولت من القلق الى الشوق .. ولكنه استقبلها بنظرة حرص إثر تواجد عايده التى هتفت 
– انا نازله يلا خلى بالك منها يابسمه ..
ردت بسمه : روفا فى عينيا ياطنط ..
ثم وثب زياد قائما متأهبا للذهاب 
– وانا كمان هروح أنام ساعتين .. اخيرا هنام من غير زنك ياست رهف !! 
– كده يا زياد !! 
– بطلى زن بقي .. 
خرج زياد خلف أمه .. فشرعت بسمة أن تلحقه فتشبثت بها رهف بحرص
– استنى خالتك تمشي .. دى لو عرفت انكم اتصافيتوا هتطلقكم .. 
صمتت بسمه لبرهه بيأس 
– هى ليه خالتى رافضه ارتباطى بزياد .. ومصممه تبعدنى عنه ..
-بوسم حبيبي خلينا متفقين أننا كلنا رافضين جوازك من زياد .. ده فلاتى وضايع وبتاع بنات !! عاجبك فيه ايه !! 
رمقتها بنظره انكسار : بحبه للدرجه اللى مخليانى مش شايفه عيوبه .. هقوم اشوفه عشان شكله تعبان اوى ..
مسكت رهف ريموت التلفاز جازعه 
– اطفحيه ياختى !! 
■■■ 
– والله زمان يازيدان بيه .. عاش من شافك !! 
اردف الصياد حماه جملته مرحبا به فوق متن السفينه .. فاحتضنه زيدان قائلا
– مشاغل والله .. كيفك وكيف الشغل على حسك ..
– كله عال عال يا عمده ..
سرعان ما شاركتهم مهجة الحديث وهى تقبل يد والدها 
– زيدان صمم انه مستحيل يجى اسكندريه من غير ما يشوفك … 
– اصيل ياابو نسب .. تعالوا اتفضلوا .. 
ثم جهر قائلا : الشاى يا ولد …. 
جلس زيدان على مكان ما اشار له صهره قائلا
– طمن قلبى .. الشغل اى احواله ؟! 
تنهد الصياد بارتياح : كله عال والشحنه والجديده هتوصل كمان ٩ ايام ..
– عال قوى .. نكون رتبنا عملية شحنها .. 
تدخلت مُهجة سريعا : قولى يابا لو كنا بندور على حد فى اسكندريه نجمعه كيف ..
نظر لها زيدان بانبهار : تعجبينى انك عتجيبى من الاخر ..
اردف والدها : لو على السواحل فى ظرف يومين يكونوا عندك … الساحل كله يعتبر تبعنا … 
اخرح زيدان صوره صغيرة لفجر 
– وزعها على رجالتك .. يقلبوا عليها اسكندريه .. 
الصياد وهو يتأمل صورتها : الموضوع عندى يا زيدان .. اطمن .. 
■■■ 
طرقات خفيفه على باب غرفة زياد الذي انتهى من نزع حذائه .. تقدمت بسمة بخطوات هادئه كهدوء نسمات الربيع عكس صخب قلبها الذي قادها إليه متلهفه لتعانق 
– كنت هتجنن عليك !! كُل ده تأخير يا زياد ؟! 
ربت على كتفها بحنان وهو يطبع قبلة خفيفه على جبينها 
– معلش والله .. كان عندى كام حوار كده عاوز اخلصه ..
ابتعدت عنه قليلا وهى تطيل النظر فى عيونه وملامحه الذي افتقدتهم كثيرا .. قائله بولهٍ 
– وحشتك ؟! جيت على بالك فى زحمه يومك !! 
انعقد ما بين جبينه وهو يرمقها بعيون ضيقه 
– بصراحه لا ..
ابتعدت عنه بخيبة امل .. ولكنه اقترب مجددا منها محاولا طى المسافة التى ابتعدتها هامسا بنبرته التى تمتاز بقدرتها العذبه ليشبع شهية الانثى : 
– اللى بيفتكر ده ناسي .. انت عاوزه تيجى على بالى ازاى وانت ساكنه قلبى !! 
رمقته بنظرات تنعش الحب المكبوت .. وسرعان ما حركها قلبها لتقف على طراطيف قدمها لتظفر من شهد شفتيه بقبله تروى عطش يومها .. كانت تريد ان تتأكد من وجوده .. تطمئن على قلبه لازالت بداخله ام تجاهلها كعادته !! مثلها تخاف ان تفقد ارضها التى ترعرت فيها .. اتدرك ما معنى ان يعيش المرء ايامه خائفا .. خائفه من ان يختفى فجاة بذات الطريقه التى ظهر بها وحاصر عالمها بعطره .. 
استجاب زياد لافعالها التى تفتح شهيته على الحياه .. ولكنها ابتعدت عنه قائله بشوق تعمدت ان تخفيه كعادتها 
– هجيبلك تتغدى !! 
غمز لها بطرف عينه : بتهربى ؟! 
هزت رأسها نفيا وهى تحاصره بانوار حبها التى توهجت إثر قبرها مردفه بدلال 
– انت عارف انى مقدرش .. بس شكلك تعبان هسيبك ترتاح شويه .. اجهزلك تتغدى ..
داعب شعرها بغزلٍ وهو يدفن راسها فى صدره : والله عندك حق ، انا متفرهد اصلا .. هرتاح شويه واجى نكمل كلامنا . 
اطرقت بخجل وهى تبتعد عنه 
– هجيبلك تغير لبسك .. عشان متتعبش ..
&&جروب / روايات بقلم نهال مصطفى &&
■■■
يقف على باب الشاليه ينفث دخان سيجارته التى اوشكت على الانتهاء فى يده ثم ألقاها على الارض وضغط عليها بغل .. بعد رحلته الاسكشافيه التى قضاها على الشاطئ استغرقت حوالى نصف ساعه. فعاد الى الشاليه مرة اخرى وعلامات الانبهار بنظافته وترتيبه احتلت عقله متسائلا بينه وبين نفسه 
– هى لحقت تنضفه بسرعه كده !! 
جلس على الاريكه يتفقد المكان وشعور الارتياح يملأه .. تناول مجله مُلقاه امامه ظل يقلب فيها بزهد .. الى أن ظهرت امامه بهيئتها المثيره لاشتعال نيران جوفه .. وهى تقول
– اصلى معرفش اقعد فى مكان مش مرتب .. معلش عارفه انه لا يناسب مع فوضويه حياتك بس مضطرين نستحمل بعض ..
القى المجله بعشوائيه وهو ينهض فجاة قذفت الرعب بقلبها 
– دانت نهارك مش فايت !! 
تراجعت خطوة للخلف لانها فهمت مغزى ما يشير إليه 
– فى حاجه ؟! 
– انت مين سمحلك تلبسي قميصي ؟! 
رمقه بعيون ضيقه : انا سمحت لنفسي عادى ..
حز على اسنانه بنفاذ صبر ابرز عروقه 
– يعنى انت سيبانى قاعد كده عشان طمعانه فى القميص !! 
– ايه ايه طمعانه والجو والعبيط ده .. اكيد مش ده الموضوع ..
دنى منها خطوة فتراجعت هى خطوة لتفسح مجالا كافيا للحوار
– هدومى اتبهدلت وانا بروق .. فغسلتهم وملقتش غير قميصك البسه .. فين المشكله !! ساعه وهرجعولك ..
زفر مختنقا : اللهم طولك ياروح … افهمها ازاى دى؟! 
– انا فاهمه انك عاوز تجر شَكل وخلاص. 
اصبح وجهه مضرجًا بدماء الغضب فتعالت اصوات النقاش بصوت محتدم :
– انا ما بحبش حد ياخد لبسي ياستى ؟! 
– طيب والحل دلوقت .. !!
اغمض عينه محاولا تمالك غضبه 
– اتفضلى اقلعيه حالا 
– لا ده جنان رسمى !! 
رد باصرار : لا دى قلة ادب .. اتفضلى يلا … 
تسرب اليها شعور القلق .. و ارغمتها نظراته الحاده ونبرة صوته القويه ان تبتلع ما علق فى حلقها من كلمات مستسلمة .. ما كادت لتخطو خطوة للأمام فتوقفت إثر ندائه 
– استنى … 
رفعت انظارها اليه : نعم !! 
شعور بالندم يقرضه من الداخل .. فتمتم قائلا
– روحى اعمليلنا حاجه نطفحها على بال ما هدومك تكون نشفت … 
لو كان جنيًا لصرفته ، ولكنه شبح بشري رمته الاقدار امامى متمردا استطاع ان يخضع كل جيوشى له ، ناثرا عطرا تملك خدر جميع اعضائى حتى باتت تفضل اشواكه .. فمن الغباء ان ينتشي جسد لوجود محتله .. 
ارتطمت نظراتها بابتسامه واسعه مرتسمه على ثغره .. علمت بأن النقاش معه غير مُجديا فلأول مرة تشعر بنفسها منكسره امامها ولاول مره يتلهف ثرثرتها وتصيبه بخيبه امل .. اومأت ايجابا وهى تسير امامه نحو المطبخ 
– تمام ..
ظلت انظاره تحرق ظهرها بنيران الحرب التى انتصرت فيها بصمتها .. واشعلت نوعا اخرا من النيران بصدره بات يتلهف ليحفظ معالمها بمنتهى الدقه .. فبين كل فرصه والاخري يختلس نظرة طويله يجهل سببها .. ولو كان يعلم تاثيرها عليه لتمنى أن لو وُلد كفيفا .. 
■■■
– مهجة هانم .. اتفضلى !
اقتحمت مهجة مكتب عايده بدون سابق معاد كعادته مما ثار الفضول فى رأس عايده .. فهتفت مهجة بفرحه مصطنعه
– متتصوريش فرحانلك ازاى .. بجد التصميم تحفه والموديل قمررر ..
اشارت لمديره مكتبها وهى تقول : هاتى حاجه لمهجة هانم يا هاجر ..
ثم استدارت نحو مهجة بابتسامة واسعه 
– بجد زيادتك دى فوق راسي .. ومبسوطة أوي ان التصميم عجبك .. 
– وهو انت تقدمى حاجه وحشة بردو يا ملكه!! انت خلاص عديتى ووصلتى للعالميه ..
– كله بفضل ربنا الحمد لله ..
طافت عينى مهجة بمكر : هى فين البنت الموديل بصراحه عجبانى اوى وعاوزاها تبقي موديل للشحنة بتاعتنا الجديده ..
بسذاجة شرعت عايده لتقص الحقيقه لمهجة ولكنها توقفت للحظه عندما ادركت بأن كذبتها ستنكشف .. فاردفت بفظاظة
– والله جوجو ملهاش فى الاضواء والجو ده .. وسافرت القاهره لاهلها عشان يومين وراجعه اوروبا ..
ابتلعت مُهجة خديعة عايده بابتسامه منحوته من حجر صخرى .. وهى تقول بندم 
– ياخسارة .. البنت قمر .. وباين عليها بنت ناس ..
دخلت هاجر لتنقذ عايده من تلميحات مهجة الغريبه لتضع مشروبها .. فشكرتها عايده بامتنان .. ولكن هاجر توقفت للحظه 
– مادام عايده فى حاجه حصلت ولازم تعرفيها ..
التفتت عايده لكلام هاجر باهتمام
– خير يا هاجر ..
– فستنان المهرجان !! 
– ماله ؟! 
– اتحجز بسعر 3 اضعاف سعر المزاد !! 
انعقد ما بين جبين عايده بانبهار
– أنت بتقولى ايه .. ومين حجزه ..
– ماهو ده اللى مستغرباه .. وكمان المقدم كان من حساب بره مصر .. 
زام الفضول حول رأس عايده واشتعلت نيران الحيره 
– رجل اعمال يعنى !! 
– معرفش والله مفيش ايه معلومات .. وانا شايفه انه عرض كويس جدا .. ومهما كان المزاد مش هيوصل للسعر ده .. 
عايده بتفكير : تمام ياهاجر اكدى البيع .. بس اعرفيلى مين اللى اخده الاول ..
هاجر بياس : هحاول …
لازالت عايده سابحه في اعماق فضولها ولكن فاقت على نداء مهجه 
– لا واضح ان حضرتك مش معايا خالص .. اجيلك وقت تانى بقي ..
– هااا لالا ابدا .. سورى بامهجة هانم دربكة الشغل وكده .. اتفضلى كملى ..
تلملم مهجة فى اشيائها وهى تقول
– ابدا كنت عاوزه ااكد عليك على معاد الشحنه وانها لازم تكون جاهزه بعد ٩ ايام ..
اردفت عايده مرحبة : طبعا طبعا .. وفى اقل من كده كمان متقلقيش .. احنا مواعيدنا بالساعه ..
– واهو ده العشم ياهانم ..
امراة من نسل ابليس .. تلعب هنا وتحرق هناك .. كحربايه تتلون بلون وسطها المحيط .. عيونها مغموسة بسم الغدر المتغلف بعسل الود .. تحركت وهى تتعود لعايده واكاذيبها ولكن عايده لازال الفضول يفيض من رأسها عن هوية مشترى الفستان المجهول !!! 
■■■
وضعت فجر اطباق المكرونه بالفراخ المقليه على المنضده التى تتوسط مجلسهم .. وكان هشام يُشعل المدفأه الحجريه الخاصه بالشاليه متجاهلا صدح جرحه .. انصرفت فجر لتبدل ملابسها وعادت حامله قميصه على معصمها .. فوجدته يقلب فى هاتف رهف .. غمغمت بهدوء
– قميصك اهو .. متشكرة . 
رفع انظاره إليها ووثب ليتناول قميصه .. فابتعدت عنه وجلست فوق مقعدها المُقابل له .. 
شرع هشام فى ارتداء قميصه فألبس ذراعه السليم اولا قبل موضع الاصابه .. فتنهد متألما عاجزا عن خلع القميص مرة آخرى ..
ظل يُعاند اوجاعه محاولا اخفائها .. لفت انتباها آهاته ومحاولاته الفاشله .. فوثبت على الفور وساعدته فى خلع قميصه .. فادركت حجم الخطر على قلبها عندما تدلت انفاسه على ملامحها .. وفوجئت بنظرته لها كنظرة نائم ايقظه شعاع الشمس .. 
تجاهلت صخبها .. وفيض المشاعر الغير مفهمومه الذي يتسرب لها إثر وجوده دائما .. قاقتربت منه بحركات هادئه كهدوء الحق حريصه ألا تؤلمه .. البسته من ذراعه المصاب اولا .. فقربها منه ولمساتها الخفيفه جعلته يتناسي اوجاع ذراعه واقعا فى حقل اشواك اهدايها التى خدشت جدار قلبها وكأنهم يبحثون عن ممرٍ للتعشش بداخله ..
دارت حوله فحرك ذراعه الايمن فبرزت عضلاته القويه .. هجم على قلبها شعور الاحتراق .. ان قلبها بات متقد كالنار .. ادخلت كمه بحرصٍ .. لازال مستسلما لقربها .. لمساعدته .. شعر بتحطيم حجار عناده فوق قلبه .. رفعت عينيها التى تحاشت النظر إليه وهى تقول بنبره مرتعشه 
– تمام كده !! 
لاول مرة يحب ضعفه الذي أدى به إليها .. بات يتسلح بالضعف ليظفر بوجودها الفريد .. فالقوة لا تزيدها الا ابتعادا .. لم يخجل من اظهاره امامها بل اصبح سلاحه الاقوى ليحارب به .. رجل لم يغلب من قبل ولكنها الاولى التى لا يُمانع هزيمتها .. راق له فكرة اعلان هزيمه هى انتصرت فيها على جيوش قلبه ..
لازالت نبرته مغلفة بالكبر 
– اقفليه … 
اغتالها بكبريائه فزفرت مستسلمه محاوله تجنب اي شجار معه .. فشرعت بقفل بانامله مرتجفه وجسدٍ مهزوز .. فهمس مُلتاعا 
– انت خايفه ولا ايه ؟! 
فزعت كالملدوغه : هاااا .. وهخاف ليه .. احم انا قفلته كده كويس .. الاكل برد على فكرة .. انا هاكل …
اكتفت بقفل ثلاث ازرار فقك وفرت من عيونه التى لا ترحمها وفضحتها امامه .. فاصبحت تردف كلمات غير متصله ببعضها .. لاول مرة ارتسمت على ثغره ابتسامة انتصار اخفاها عنها قبل ما تلتقطها عيونها .. انشغلت بالاكل لتهرب من اتهاماته الصريحه .. 
جلس هو ايضا ليأكل بشهية مفتوحة ثم قال ساخرا 
– مش اوفر الضجه الجامده اللى اتعملت عشانك دى !! 
– ضجة ايه ؟! 
رمقها بعيون ضيقه : اى متعرفيش !! الميديا كلها ملهاش سيرة غيرك … 
ثم اخفض نبرة صوته : مش عارف مكبرين الموضوع ليه مع انك تحت العادى كمان !! 
كانت ردوده مباغتة لكل التوقعات .. فرفعت انظارها مردفه بثقة غرزت سهما بقلبه 
– رايك وانت حر فيه مع انه مش هيفرق كتير .. المهم راى الجمهور !! 
– اممم شايفك مبسوطه بالشو والجو الهش ده ..
– ولا مبسوطه ولا حاجه .. كنت بقدم مساعده لامك مش اكتر .. انا اخر واحده ممكن تهتم بحوارات البنات العبيطة دى .. 
– اومال ايه اللى بيهمك ..! 
يُقال أن اول سهم يصيب القلب عندما يحب .. هو سهم الفضول .. ان ينتابك شعور من أنك تود لتغرز براثينك بداخل عقل من تحب لتشبع غريزتك .. تود ان تراه امامك عاريا فكرا وقلبا ولكن منارة الحب تظل دوما فى الاثارة والشغف والاكتشافات المتتاليه .. فأن روى الاخير فضوله ماتت رغبته فالبقاء .. 
ولكنها امراة مثقفه قرات عن الحب حتى ارتوت بحب شخصٍ لا تعرف له طريق قائله بمكر 
– انت مركز معايا ليه !! مع ان المفروض يكون فى دماغك حاجات اهم من انك تعرف ايه اللى بيهمنى ..
ظل يتأكل فى شفته السفلية وتمنى ولو يضعها تحت فكيه لينتقم .. ولكنه رجل شرير بطبعه اعتاد ان يصمت عندما يراوده شعور العجر .. اكتفى بابتسامه ساخره ثم عاد ليتناول طعامه .. 
كانت عيونه تحمل رساله صريحه فى شغفه للحديث معها حتى ولو كان شجار ولكنها اعلنت عليه التحدى رافضه الانضمام لدولاب انتصاراته .. فعليه أن يشعر بأن تمرده افقده شيئا على الاقل … 
ساد الصمت الشفاه دون الاعين مجلسهم ولكن لم يستمر طويلا حيث قطعه صوت طرق الدكتور رؤوف..فنهض هشام ليفتح له الباب .. فاستقبله الطبيب بابتسامه مرحبه 
– لا بقينا عال يا سيادة الرائد !! 
– حضرتك الدكتور اللى تبع زياد ؟
اومئ رؤوف ايجابا : ااه وقولت للانسه انى هعدى عليكم بالليل عشان اطمن على جرحك ..اشار اليه هشام بالدخول 
– اتفضل اتفضل ..
التقت اعين الطبيب بعيون فجر فاتسعت ابتسامته هاتفا
– اهلا بالبطله بتاعتنا ..
تجمدت خطاوى هشام ناظرا بغل ياكلهم .. فاستقبلت فجر ترحيبه بابتسامه واسعه بعد ما لاحظت تبدل ملامح هشام 
– مكنش قدامى حل تانى .. الرائد هشام اخ غالي علينا كلنا ولازم نضحى عشانه .. 
شيعها بنظرة افقدتها القدره على الكلام كأنه تعلق بحبالها الصوتيه وهو يتحدث من خلف اسنانه المنطبقه
– روحى هاتى حاجه للدكتور يشربها .. وانت يادكتور اكشف وخلصنا .. _ثم سب مع نفسه سرا_ ” معرفة زياد ! هكون مستنيه ايه ؟! امام بسبحه !” 
مدد هشام جسده فوق الاريكه وبدا الطبيب فى فصحه ولكن لازالت عيون تحرق فجر التى تعمدت ان تظهر نفسها امامه مستمتعه بنظرات هشام الناريه … شرع فى تطهير الجرح وهو يشكر فى فعلها الشرس 
– بصراحه ياسياده الرائد عمرى ما اتخيلت واحده زى الانسة فجر يطلع منها قلب قوى وانها تكويلك جرحك .. بحييها 
جز هشام على اسنانه : لا اتخيل عادى .. 
– لالا بس ده فعل فوق العادى.. والمفروض تشكرها لانها انقذت حياتك .. 
انكمشت ملامح هشام: واى يعنى .. لسه فى العمر بقية يادكتور ..
جلست فجر بجوارهم وهى تقول :
– والله يا دكتور كان شعور صعب عليا جدا .. اصلى مش بستحمل اشوف اى كائن حى خلقه ربنا بيتوجع .. 
يسب هشام مع نفسه سرا : كائن حي !!! وحياة ابوكى لاوريكى .. 
واصل الدكتور غزله : كنتى مبهره فى المهرجان.. وبصراحه من حسن حظى انى قاعد قصاد واحده مكسرة الدنيا بره وكله هيموت على صورة منها .. مزمازيل فجر ممكن الواتس اب بتاعك .. 
كتمت فجر اصوات ضحكها إثر رؤيتها لملامح هشام المحترقه التى اصبحت كجمرات النار ثم رفع نبرة صوته 
– ما خلصنا يا دكتور ! اى هيجى الصبح وانت بتلف فى دراعى !!
ارتبك الطبيب اثر ضجة هشام الحاده .. وانتهى سريعا من عمله ولملم اشيائه ولكنه توقف قبل ما ينصرف يبدى اعجابه الشديد بها مرة ثانيه وهو يمد يده ليصافحها ..ولكنه فاق على كف هشام الخشن وهو يعصر كفه قائلا
– شرفت يا دكتور .. مكنتش زياده خفيف نهائى ..
حاول رؤوف تملص يده من قبضة هشام ولازالت اعينه متراقصه .. وبعد معاناة فك هشام قبضة يده على باب وبكل قوته قفل الباب فعاد إليه بنيرانه 
– عاجبك انت جو الهىء والمىء والمسخرة دى !! 
بمعجرة كتمت اصوات ضحكها التى اندمعت لألأ من عينيها متظاهره بالتجاهل 
– وانا كنت عملت ايه يعنى !! لازم ارد عليه بذوق .
– ذوق ولا مسخرة !! شكلك كده طلعت من اياهم !! 
عقدت ساعدها امام صدره وهزت ساقها متحديه
– هما مين ؟! 
فجر كبته قائلا : اللى بيحبوا يظهروا ويلفتوا انتباه الشباب ليهم عشاااان …. اكيد عارفه ..
– هو عشان انت دماغك مفيهاش غير القذارة دى يبقي كل الناس بتفكر زيك ..
هبت زعابيب غضبه : صوتك ما يعلاش عليا ياروح امك ..
– لو كنت مفكر عشان بسكت وبعدى اتهاماتك البذيئه دى .. فده عشان حاسه بالذنب ناحيتك مش اكتر … 
قهقهه ساخرا وهو يوليها ظهره : لا كتر خيرك ..
اسرعت الخطى لتقف امامه معارضه طريقه
– انت اصلا مين عطاك الحق تمد ايدك عليا امبارح ..
حكت بظفرها عنقها فطبعت حُمره خفيفه اشعلت بقلبه شهية التذوق ولكنه تفاداها بصوته العال 
– نفس اللى عطاكى الحق تمدى يدك عليا فالقسم ..
– عشان حسيتك موهوم فحبيت افوقك ..
رد سريعا : وانا حسيتك اتوهمتى فحبيت افكرك بأصلك !! 
علق خنجر كلماته فى صدرها محاوله تمالك دموعها من الانهيار
– انت ليه مصمم تخلينى اكرهك !! 
– ومين قالك انى عاوزك تحبينى !! 
– تصدق حلال فيك المرمطه دى .. والود ودى اروح اعترف عليك بانك خطفتنى يمكن فرعنتك وشوكتك دى تنكسر ..
كانت اخر جمله القتها قبل ما يلفها بجسدها ويكتم انفاسها بيكفه الثقيل فبات ظهرها جزءا لصيقا بصدره واتسعت عيونها إثر افعاله المباغتة دوما هامسا بحرص 
– اشششششششش .. فى صوت بره .. اكتمى !! 
يتبع…
لقراءة الفصل السابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!