رواية غرام الوتين الفصل الخامس عشر 15 بقلم سمسم
رواية غرام الوتين الفصل الخامس عشر 15 بقلم سمسم |
رواية غرام الوتين الفصل الخامس عشر 15 بقلم سمسم
لم يفلح فى كبت ضحكته من كلام تلك الفتاة التى لا تنمق كلامها بل تقوله بعفوية ربما تجعل الآخرين يظنون انها فتاة تفتقد إلى الذوق، عندما هم بالمغادرة استوقفه صوتها
آية:” استنى يا استاذ انت نسيت تاخد ده”
التفت إليها خالد تقدم منها لمعرفة ماهو هذا الشئ الذى نسى ان ياخذه فهو لم يطلب شئ من البداية ولكنه لم يمنع نفسه من ان يطيل الوقت فى رؤية تلك الفتاة سليطة اللسان
خالد:” حاجة ايه دى اللى نستها يا دكتورة آية”
آية:” نسيت تاخد البرشام ده”
مدت اليه ببعض اقراص الدواء تناوله من يدها يقلبها بين يديه بجهل فهو لا يعرف ما فائدة تلك الأقراص
خالد:” برشام ايه ده”
آية:” ده مسكن علشان الالم يلا بقى ورينا جمال خطوتك يا استاذ”
عادت مرة اخرى الى ما تفعله تتجاهل وجوده، بالرغم من انه مازال واقفا مكانه يحدق فى الاقراص ببلاهة، ظلت رقيت تنقل بصرها بين صديقتها وبين ذلك الشاب الذى تصنم فى وقفته، لمحت دلوف زوجها فهو أتى ليعيدها إلى المنزل تعجب من وجود صديقه فى الصيدلية
يحيى:” السلام عليكم ايه ده انت بتعمل ايه هنا يا خالد”
انتبه خالد على كلام يحيى فخرج عن صمته يبتسم ابتسامة خفيفة
خالد:” دا انا ايدى انجرحت فجيت علشان اشوف علاج ليها”
نظر يحيى تلقائياً الى يده التى غطتها بقع الدماء، فاقترب منه يسأله بقلق
يحيى:” وايدك اتعورت من ايه يا خالد”
خالد:” اتعورت من ازاز مكسور بس كانت احلى صدفة”
نظر اليه يحيى بعدم فهم فلماذا يتحدث بتلك الألغاز الآن؟ الا انه تتبع نظره فوجده ينظر الى صديقة زوجته
يحيى بلؤم:” الف سلامة عليك يا خالد مش اخدت الدوا يلا روح بقى”
آية:” ماهو ده اللى بنقوله من الصبح وهو واقف زى ما يكون رجله لزقت فى الأرض بلزقة الفيران”
ادار يحيى وجهه حتى لايرى صديقه ضحكته التى يحاول ان يواريها عنه حتى لا يضايقه، وكذلك رقية احنت رأسها تحاول ان تخفى وجهها تكبت ضحكتها
خالد:” عاااش يا دكتورة آية بسم الله ماشاء الله بتحدفى دبش”
آية:” ولو ممشتش فعلا دلوقتى هقوم اجيب دبشة من الشارع وافتح بيها دماغك”
تعالت صوت الضحكات فى المكان تزيد من حنق خالد وغيظه من تلك الفتاة التى تقذفه بكلامها كأنها قاذفات من لهب حارق تتساقط على مسامعه، رأى انه من الافضل ان يذهب الآن فيكفى ما سمعه منها اليوم
خالد:” انا ماشى كفاية عليا كده النهاردة سلام”
رمقها بنظرة سريعة قبل خروجه،ذهب الى سيارته وهو لايستطيع اخفاء تلك السعادة التى ارتسمت ملامحها فى بريق عينيه وابتسامته
ظل يحيى ينتظر زوجته حتى تنتهى هى وآية من غلق الصيدلية لتذهب آية الى سيارتها، وذهبت رقية الى زوجها الذى اعتدل فى وقفته بعد ان كان يستند على السيارة يهديها ابتسامة عاشقة جعلتها تخفض نظرها خجلاً فنظراته اصبحت اشد جرأة وخاصة بعد ان استطاع ان يزيل تلك العقبات التى كانت تحيل بينه وبينها
يحيى بهمس:” وحشتينى اوى”
تناول يدها بين يديه الا انها سحبت يدها سريعا تزجره بنظرة طفيفة غاضبة
رقية:” يحيى احنا فى الشارع”
التفت حوله الا انه لم يجد الكثير من المارة لايوجد بالشارع أحد سوى فرد او اثنان
يحيى بمزاح:” هو الشارع فى حد ما الشارع فاضى اهو ومتخافيش بوليس الاداب مبيمشيش من هنا”
اشارت اليه بيدها ان يذهب الى السيارة فهذا ليس وقت المزاح
رقية:” يلا يا يحيى خلينا نمشى مش وقت هزارك دلوقتى”
يحيى:” حاضر يا قلبى”
فتح لها باب السيارة تستريح فى جلستها ليدور حول السيارة يتخذ مكانه خلف المقود لينطلق بالسيارة سريعاً للعودة إلى المنزل، يحثه شوقه على الإسراع فهو يظل طيلة اليوم يتحين تلك اللحظة التى يراها فيها بمفردهم
????????????
فى أحد البيوت المتهالكة فى إحدى المناطق المعزولة نسبياً عن الأماكن المأهولة بالسكان، تدلف تلك المرأة إلى غرفة صغيرة تعج بأطفال من مختلف الأعمار بها ضوء شحيح لا يكفى ليرى احد الآخر تشدقت بكلماتها التى خرجت من جوفها بصوت عالى
انشراح:” يلا ياواد انت وهو اصحوا بقى يا حليتها خلينا نلحق اليوم من اوله يلاااااا”
تثير الرعب فى قلوب هؤلاء الأطفال الأبرياء كهيئتها المرعبة فهى تشبه احدى الشخصيات الشريرة من تلك الأفلام الكارتونية التى يشاهدها هؤلاء الصغار
لمحت دلوف رجلين خلفها فهم من يقومون بخطف هؤلاء الأطفال وسلبهم من أحضان أهليهم تقدم احدهم ويدعى شاهين:” ايه يا معلمة انشراح صوتك جايب اخر الدنيا”
نظرت اليه تمصمص شفتيها امتعاضا من كلامه لتضع يدها بخصرها تنظر اليه من رأسه إلى قدميه لتردف بسخرية
إنشراح:” صوتى جايب اخر الشارع من بلاويك اللى انت جيبهالى يا اخويا جايبلى عيال بترطنلى انجليزى وبتقولى يا طنط”
وضع الرجل الاخر يده على فمه ليكتم ضحكته، ولكنها لمحت فعلته فهتفت بأسمه
انشراح:” فتحى بتضحك على ايه انت دلوقتى”
نظر اليها حمحم قليلاً ليجلى صوته يتصنع الجدية الا انه لم يفلح فى ذلك فتعالت صوت ضحكته فاقتربت منه تقبض على ملابسه تنظر اليه بغضب
انشراح:” انت بتضحك على ايه انت دلوقتى ها”
فتحى:” ابدا يا معلمة انشراح سامحينى يا معلمة توبة مش هعمل كده تانى ثم ان العيال دى لقيناها بالصدفة واحنا معديين من الشارع اللى كانوا بيلعبوا فيه هو احنا بنقى حظنا يطلعوا عيال ولاد ناس انا لو اعرف ابوهم هناخد منه فدية قد كده بس العيال مش راضية تتكلم وتقول هم ولاد مين وخصوصا العيل اللمض ده اللى اسمه رائد”
قامت بدفعه ليترنح فى وقفته الا أنه اعتدل سريعاً يُعدل من هندامه، فأقترب شاهين من هؤلاء القابعين بأحد اركان الغرفة يفترشون الأرض ومازال النعاس عالقا بأجفانهم، هذين الطفلين اللذان كانوا ينعمون بثراء أبيهم أصبحوا الآن بملابس رثة ورائحة كريهة لتكسى وجوههم الجميلة ذرات التراب لنومهم على تلك الأرضية المتسخة
رؤوف بإعياء شديد:” انا عايز اروح لبابا وماما عايز اروح بيتنا”
رائد:” وانا كمان عايز اروح لماما”
جثى شاهين على احدى ركبتيه يمد يده يمسك بفك ذلك الصغير
شاهين:” الواد ده شكله عيان جسمه ساخن يا معلمة انشراح”
اقتربت تلك المرأة تتحسس حرارة ذلك الصغير الا انها لم يرق قلبها ولم يرأف بحاله
انشراح:” لا ساخن ولا حاجة حتى لو عيان كده البت عطيات هتيجى تاخده دلوقتى علشان تخرج تشحت بيه وهى كده هتلم غلة حلوة لأن الناس هتشوفه فعلا عيان وانتوا يا عيال يلا كل واحد يروح يشوف هيعمل إيه واخر النهار ترجعوا باللى لمتوه واللى هيخنصر من الغلة هحرقه بالنار”
ابتلع هؤلاء المساكين ريقهم ليهرولوا سريعاً من تلك المقبرة المسماة غرفة لتنفيذ ما طلبته تلك المرأة منهم، الا ان رائد رفض ترك شقيقه بمفرده فظل بجواره يحتضنه بقوة كأنهم جسدا واحدا لا ينفصل، لمح نظرة تلك المرأة له فاردف بطفولية
رائد:” انا هخرج مع رؤوف مش عايز اخرج لوحدى”
فأسرع ذلك الرجل المدعو فتحى اليه يسحبه من يده بدون شفقة فكاد ان يحطم عظام ذلك الصغير بين كفه الغليظ
فتحى:” قوم ياواد انت يلا روح مع العيال وبطل وجع دماغ انت من ساعة ما جيت ما بطلتش لماضة”
نوسة:” سيبه يا فتحى خلى عطيات تاخده هو وأخوه اهو يعملوا معاها شغل حلو”
خرج ثلاثتهم من الغرفة فعاد رائد إلى جوار شقيقه يحاصره بذراعيه كأنه يحميه الا ان دموعه فرت ساخنة على وجنتيه فرفع رأسه ومازالت دموعه تذرف على حاله وحاله شقيقه الذى ربما سيضنيه المرض بسبب سوء المعاملة والمعيشة
رائد:” يارب بابا وماما ييجوا بقى يارب رؤوف عيان والست دى بتضربنا احنا عايزين نرجع البيت يارب بابا يعرف احنا فين وييجى يارب”
ظل ذلك الصغير يبتهل ويدعو الله وهو بات الأمل يتسرب من داخله فربما ستزرع بذور اليأس فى نفسه الآن من ان ربما يستدل والده على مكان وجودهم ليأتى لإنقاذهم
????????????????
مازال جالساً مكانه عيناه ترصد حركاتها المتململة وهى نائمة تحرك رأسها على الوسادة كأنها تشير بالرفض إلى شئ لايراه فربما هى تحلم الآن لم يتيقن من ذلك الا عندما وجدها تهب جالسة من نومها وصوت صراخها يصم الأذان وهى تهتف باسم أطفالها
وتين:” رؤؤؤؤؤف رااااااائد”
تركت فراشها سريعاً فانتفض من جلسته يقترب منها قبل ان تفعل بنفسها شيئاً فهى منذ اختفاء أطفالها وهى بتلك الحالة فقد مر أسبوعين لم يذق احد منهم طعماً للراحة وكيف لهم ذلك وقرة اعينهم لا يجدوا لهم طريقاً.اقترب منها رأته نظرت اليه بأعين باكية وشفتين أصابها الارتجاف و صوتاً متوسلاً إليه
وتين:” ثائر انا عايزة ولادى انا عايزة رؤوف ورائد قلبى بيوجعنى اوى يا ثائر مبقتش قادرة انا بموت بموت يا ثائر”
لم تعد قدميها قادرة على الوقوف بدأت تسقط أرضا تجذبه هو ايضا معها فهى متشبثة بملابسه، جثى على ركبتيه بعد ان تهاوى جسدها على الأرض
وتين:” ثائر انت مبتتكلمش ليه رد عليا قولى انك هترجعلى ولادى طمنى يا ثائر قول”
هو حقاً لايجد ما يقوله فهو يبحث عنهم إلى الآن فى كل مكان ولكن يعود بخيبة أمل وفشل فى إيجادهم ، فهو حتى يشعر انه غير قادر عن الكلام فلسانه كأنه معقود إلا ان خرجت كلماته بصوت خافت
ثائر:” ان شاء الله هنلاقيهم يا وتين بس اهدى انتى “
تجمعت خيوط التعاسة الرمادية على ذلك المنزل الذى كان يشع سعادة وبهجة بسبب وجود أطفاله ، اصبح يخيم الحزن والألم بكل ركن من أركان المنزل ، قام بحملها لوضعها على الفراش ثانية فهى بحاجة الى الراحة ولكن كيف السبيل اليها؟، تناول أقراص دوائها الموضوعة على الكومود بجوار فراشها يحثها على تناولها الا انها أبت ان تتناولها
وتين:” انا مش عايزة دوا انا عايزة ولادى”
أطلق تنهيدة خافتة فهو لم يعد يحتمل ما يحدث معه، ربما لو كان شخص اخر غيرها الآن فلربما كان نفث فيه جام غضبه ولكنه حاول ضبط أعصابه، فهو يحتاج الى ان يتريث فى معاملته معها حتى تمر تلك السحابة السوداء التى اصبحت تغيم على أفق حياتهم الزوجية
ثائر:” وتين علشان خاطرى خدى الدوا انا كمان اللى فيا مكفينى وبجد مبقتش قادر يعنى هو انا مش حزين على ضياع ولادنا لو وصفتلك احساسى مش هتصدقيه، لما اشوف ولادى اللى كنت بحلم باليوم اللى يكبروا فيه ويبقوا سندى الاقيهم ضاعوا منى ومش لاقيهم انا كمان قلبى محروق يا وتين قلبى اللى كل ما أحس انه خلاص عرف طعم الفرحة والراحة تحصل حاجة ويرجع يوجعنى تانى”
اسدلت جفونها لتتسلل من بينها دموعها، تضع يدها على فمها تكتم صوت بكاءها، فدنا منها أكثر قام بسحبها الى أحضانه، لتدفن وجهها فى تجويف عنقه تمزقه بأنينها الباكى الذى لم تعد لها سيطرة عليه، ظل يربت على جسدها لعلها تكف عن ذلك البكاء الذى لم يبارح عينيها منذ ماحدث، ابعد وجهها قليلا عنه لينظر إليها
ثائر:” يلا خدى الدوا يا وتين”
هزت رأسها بالموافقة فتناولت تلك الأقراص من يده تضعها بفمها ترتشف من ذلك الكوب الذى ناولها إياه لتضعه على الكومود مرة اخرى، لتنظر اليه
وتين:” انا اخدت الدوا اهو يا ثائر “
نهض عن الفراش يقف بجوار السرير لينحنى قليلاً يجعلها تستلقى على فراشها يدثرها بالغطاء، تنظر اليه كطفلة تنظر إلى والدها
ثائر:” يلا نامى يا وتين نامى يا حبيبتى”
زحف النوم الى عينيها بفعل ذلك الدواء الذى تناولته لتغلق عينيها، فطبع قبلة خفيفة على رأسها ومد يده يسمح آثار تلك الدموع عن وجهها التى بللت وجنتيها، فهى أصبحت شاحبة لا تتناول من الطعام الا القليل، حتى هو أصبح لا يفارق منزله الاعندما يخرج ليستقصى اى شئ او خبر يدله على مكان وجود أطفاله، وجد نفسه يدلف الى الحمام ليتوضأ وبعد الانتهاء افترش سجادة الصلاة يقف يستجمع شتات نفسهِ يلجأ الى الله يدعوه ليرد اليه أبناءه فهو على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سيجيب دعوته عاجلاً غير آجلا ً
????????????
خرجت لشراء بعض المستلزمات المنزلية برفقة جارتها التى تعرفت اليها حديثاً يثرثرن ببعض الأحاديث النسائية لتفاجئ بصوت زوج جارتها يناديهم
سراج:” بهيرة استنى”
نظروا خلفهم وجدوه يقطع المسافة بينهم بخطوات واسعة ترتسم ابتسامة عريضة على شفتيه تاركاً زوجته متعجبة من سلوكه فمنذ متى وهو يبتسم بوجهها فهو دائماً عابس الملامح يجلدها بنظراته القاسية وكلماته التى تكون اشد قسوة من نظرته
سراج:” استنى انا جاى معاكى اساعدك”
فغرت فاها تنظر اليه باندهاش وصل إلى حد الصدمة، هل قال سيساعدها؟ فمنذ متى وهو يفعل ذلك؟ فربما هذا الذى يقف أمامها لم يكن سراج زوجها الذى تعرفه فتلعثمت فى كلامها
بهيرة:” تتتساعدنى انا”
نظر إليها بابتسامة مقتضبة ترافقها نظرة تحذيرية من عينيه التى ارتسمت بداخلها تهديدا صريحا بالتعنيف اذا هى لم تجاريه فى حديثه المهذب معها أمام الآخرين
سراج:” ايه غلطان يعنى ان خايف عليكى تشيل كل الطلبات لوحدك وتتعبى نفسك”
تقف هيام على بعد مسافة صغيرة منهم تتابع بعينيها حركات المارة حتى تنتهى جارتها من الحديث مع زوجها إلا أنها رأتها قادمة برفقته، فعقدت حاجبيها قليلاً فتقدم نحوها يلقى عليها السلام
سراج:” السلام عليكم ازيك يا مدام هيام”
هيام:” وعليكم السلام الحمد لله نحمد ربنا”
سرعان ما حاولت ان ترسم البشاشة على وجهها برغم مما يعتمل بصدرها من ضيق لوجود هذا الرجل معهم فهى بالرغم من انها شعرت بالراحة لرفقة زوجته الا انها لا ترتاح لوجوده ولا تعرف سببا لذلك فهو حتى الآن لم يفعل ما يثير ريبتها،فابتسمت بهيرة ابتسامة متوترة كعادتها دائماً
بهيرة:” يلا بينا يا هيام”
هيام:” ماشى عن اذنك يا استاذ سراج”
فهتف بهيرة موضحة :” هو هييجى معايا يساعدنى”
تفاجأت هيام بكلامها الا أنها لم تعلق بشئ، فتقدت خطوة تسبقهم سرعان ما أصبحوا بجوارها، تهدر بداخلها متاففة من وجود ذلك الرجل التى تنضح ملامحه بالسماجة على حسب معتقدها، فهى لا تجد سببا لذلك الكره الذى يتأجج بداخلها من رؤيته، وصلوا الى احد المتاجر لبيع السلع الغذائية ولكنها وجدت تكدس من الافراد الذين يتهافتون على شراء مستلزماتهم
بهيرة:” دا المحل زحمة اوى كده ليه النهاردة”
هيام:” النهاردة اول الشهر وكله بيجرى يشترى طلبات البيت دا احنا كده هنقف كتير”
أشار اليهم سراج بالذهاب الى احد الاسواق التى من الممكن ان يبتاعوا منها باسعار منخفضة عن تلك المتاجر
سراج:” تعالوا فى سوق أعرفه بيبيع الحاجات باسعار اقل من هنا واحسن كمان”
تقدم خطوات قليلة الا ان المرأتين لم يتبعوه، فهيام توجست خيفة من ان تتبع ذلك الرجل الذى لا تعرفه
هيام:” لو عايزين روحوا انتوا انا هستنى دورى وهشترى من هنا روحى انتى يا بهيرة مع جوزك”
تقدمت هيام من احد الصفوف تنتظر دورها كباقى الأفراد ، باتت تتمنى من قلبها ان ينصرف ذلك الرجل، الا انه تقدم منها يطلب منها ان تستريح هى ليجلب هو ما تحتاجه
سراج:” خلاص اقعدى انتى يا مدام هيام انتى وبهيرة وقوليلى عايزة ايه اجبهولك”
فمد يده لاخذ تلك الورقة التى تحملها بيدها مدونة بها كل ما تحتاجه، فتلامست اطراف أصابعها بيده لتسحبها سريعا بغضب وعندما همت بالكلام وجدت من تنظر اليها بابتسامة تتلوى على شفتيها
زينات بسخرية:” ازيك يا ام رهف اخبارك ايه وفادى اخباره ايه والباشمهندس علاء جوزك فين كده مش شيفاه مين الاستاذ”
فاذدرت هيام ريقها تخشى أن تفسر تلك المراة ماحدث تفسير خاطئ وخاصة انها لا تحمل فى قلبها وداً لها
هيام:”ده الاستاذ سراج جارنا ودى مراته”
نظرت زينات الى حيث اشارت هيام بيدها فوجدت امرأة تقف بقربها بعد أن نهضت من مكانها التى كانت تجلس به
هيام:” بهيرة دى الحاجة زينات تبقى جدة فادى”
بهيرة:” اه اهلا وسهلا بحضرتك”
مدت يدها تصافحها فمدت زينات يدها تلامس يد بهيرة بأطراف أصابعها كأنها تتأنف من مصافحتها
زينات:” عن اذنكم”
غادرت زينات ولكن قبل ان تختفى من المكان التفتت لهيام مرة اخرى تبتسم ابتسامة لم تفهم هيام مغزاها ولكنها عادت الى ما تفعله تريد الانتهاء من شراء تلك الأغراض لتذهب الى منزلها حتى تتخلص أيضا من رفقة ذلك الرجل
????????????
دلف عمار الى غرفة شقيقته بعد ان طرق الباب، لتنظر اليه باستفسار عن سبب قدومه الى غرفتها فى هذا الوقت المتأخر
سلاف:” فى ايه يا عمار انت لسه منمتش”
تقدم عمار خطوات ليقف فى منتصف الفرفة ينظر إلى الأرض تعتلى وجهه نظرات الأسف ليرفع وجهه يناظرها
عمار:” جدو فى المستشفى يا سلاف وتعبان اوى”
كأنها لم تستوعب ما قاله فرمشت بعينيها عدة مرات تحرك رأسها قليلا
سلاف:” انت بتقول ايه يا عمار جدو ماله”
عمار:” فى المستشفى وتعبان اتصلوا عليا وقولولى فجيت اقولك علشان نروح له المستشفى”
وجدت نفسها تذهب مسرعة الى غرفة ملابسها تنتقى ثوبا ترتديه تخرج على عَجل تنظر لشقيقها بخوف اعتمل بصدرها فبالرغم من قسوة جدها معهم إلا انها لم تمنع نفسها من القلق والخوف عليه
سلاف:” يلا بينا بسرعة يا عمار”
تبعها عمار بصمت برغم من انه كاد ان يجزم ان عندما تسمع شقيقته بما حدث لجدهم ستتصنع اللامبالاة ولن تأخذها الشفقة عليه ليفاجئ بلهفتها فى رؤيته وصلوا الى السيارة اقترح عليها شقيقها ان يتولى هو قيادة السيارة
عمار:” هاتى المفتاح انا هسوق بلاش انتى”
ناولته مفتاح السيارة تجلس بجواره فهى تشعر بارتجاف يديها، اغمضت عينيها تضغط بيدها عليهم لتخفف من وطأة تلك الدموع التى تجمعت بمقلتيها
سلاف:” بسرعة شوية يا عمار هى المستشفى لسه بعيد”
عمار:” لاء خلاص شوية وهنوصل بس هو انتى زعلانة على جدو يا سلاف”
فهى بالرغم ما حدث منه بحقها الا انها لم تنسى انه من قام بتربيتها هى وشقيقها بعد وفاة والديهم، ارتسمت فى مخيلتها تلك الايام عندما كانت فتاة صغيرة عندما كان يدللها
سلاف:” ايوة طبعا يا عمار متنساش انه جدنا وهو اللى اخد باله مننا بعد موت بابا وماما”
ولكن لا تعرف لماذا تبدلت معاملته لها منذ معرفته بحبها لثائر العمرى ففى ذلك الوقت أصبح جدها شخص اخر لا تعرفه تعامل معها بجفاء وقسوة حتى وصلت الأمور بينهم الا ما صارت اليه.وصلوا إلى المشفى تحث الخطى على الاسراع حتى وصلوا الى غرفته بعد ان استدلوا عليها من احد العاملين، قامت سلاف بطرق باب الغرفة لتدلف هى وشقيقها
سلاف بخوف:” الف سلامة عليك يا جدو بعد الشر عليك”
نظرت اليه وهو مستلقى على سرير المشفى متصل بيده أسلاك بعض الأجهزة الطبية وموضوع على وجهه قناع التنفس، مدت يدها تلامس يده فوضع جابر كفه الآخر على يدها،سحب قناع الأكسجين يبتسم بضعف
جابر:” كويس انك جيتى يا سلاف كنت عايز اشوفك سامحينى يا سلاف على اللى عملته فى حقك”
ينظر إليها بوهن تمتلئ عيناه بعبارات الأسف ولكنها غير كفيلة بمحو تلك الأيام العصيبة التى عاشتها حفيدته والذى كان هو السبب فى ذلك المصير، رفعت سلاف كف يده تقبله ولكن امتزجت قبلتها ببعض دموعها التى فرت نزولا من عينيها
سلاف:” ارتاح يا جدو بلاش تتكلم كتير وتتعب نفسك”
أدار رأسه ينظر الى عمار الذى كان مازال واقفا قرب الباب فهو أيضاً لم يسلم من قسوته ولكنه اشار اليه بأن يتقدم منه
جابر:” تعال يا عمار قرب منى انت كمان”
اقترب عمار ليقف بجواره على الجهة الاخرى من السرير يردف بنبرة هادئة ولكنها لم تخفى ذلك الخوف والقلق الذى يشعر به
عمار:” ألف سلامة يا جدو ربنا يشفيك ان شاء الله”
حاول جابر الاعتدال في جلسته فأسرع عمار بوضع الوسائد خلف ظهرته ليستريح فى جلسته فنظر اليه بشكر وامتنان
جابر:” تسلم يا عمار انا عايزكم تسامحونى على اللى عملته واللى عارف ان مفيش حاجة تغفرلى ذنبى فى حقكم وخصوصاً انتى يا سلاف انا هدمت حياتك سامحينى يا سلاف”
اختلجت شفتيها بابتسامة هادئة فهى لا تصدق ان جدها يعتذر لاحد ذلك الرجل القاسى التى كانت تتجسد به كل معانى القوة والقسوة والجبروت
سلاف:” المسامح ربنا يا جدو المهم انك تقوم بخير”
فكلماتها لم تزده الا احساسا بدناءة معاملته لها وحقارة موقفه منها، زادته مرارة ربما ستظل تلازمه كلما تطلع اليها ويجدها تتعامل معه بطيبة برغم سوء معاملته لها
جابر:” انا كتبت كل املاكى ليكى انتى وعمار يا سلاف جايز تسامحونى”
عمار:” احنا مش عايزين حاجة يا جدو المهم انك تقوم بخير”
سلاف:” ايوة يا جدو المهم انت دلوقتى”
رمق جابر حفيديه بحب يمد لهم يديه يدنيهم منه يطوقهم بحنان كان قد خبا منذ سنوات فكأنهم عادوا صغاراً الآن فتذكر كيف كان يشعر بالسعادة فى تلك الأيام السالفة، فلو تبقى له ساعة واحدة فى هذه الدنيا سيكفر عن اخطائه بحقهم مترجياً الصفح والغفران
????????????
يهرول ذلك الصغير بهذا المكان ليبحث عن شربة ماء يسقيها لشقيقه الذى بات يأن من المرض حتى عثر على زجاجة بها بعض القطرات التى لا تكفى ولكن لايوجد غيرها اقترب من شقيقه يمد له الزجاجة الشبه فارغة
رائد:” رؤوف فى شوية ماية اهو اشرب”
نظر إليه شقيقه بنظرات زائغة ووجه اصبح اشد احمرارا بفعل ارتفاع حرارة جسده، وضع رائد فوهة الزجاجة على فم اخيه ليبتلع رؤوف تلك القطرات من المياه ليعود ويفترش الأرض ثانية يرتجف بشدة، نظر اليه رائد باشفاق تحرك ناحية ذلك الباب المتهالك يطرق الباب بشدة لعل احد من هؤلاء الناس عديمى الرحمة تأخذهم الرأفة بحال اخيه ويذهبوا به الى الطبيب فرائد بات يشعر انه هو المريض وكيف لا وتؤامه هو من يشعر بالمرض
رائد بصراخ:” يا طنط يا طنط رؤوف عيان وديه للدكتور”
سمع صوت خطوات تقترب من الباب فابتعد عن الباب، فتحت تلك المرأة الباب بنظرات نارية من صراخ ذلك الصغير
انشراح:” فى ايه يا واد انت ايه وجع الدماغ بتاعك ده بطل دوشة”
تقدم منها بنظرات راجية وأعين دامعة يخاطبها بعينيه البريئة قبل لسانه
رائد:” طنط رؤوف عيان اوى وديه للدكتور”
انشراح:” اوديه لايه يا روح امك يلا ياض انت بلاش دوشة اقعد مكانك”
قامت بدفع الصغير الذى لم يتحمل غلاظة تلك المرأة ليسقط على الأرض لينفجر هو بالبكاء
رائد :” انا هقول لبابا على اللى عملتيه فينا وهو هيضربك زى ما ضربتينا”
انحنت اليه تجذبه من تلابيب ملابسه تنظر اليه بنظرات حقد وكره من ذلك التهديد والوعيد الذى يخبرها به
انشراح:” وهو فين ابوك ده خلاص يا حيلتها مفيش بابا وماما تانى فى انك هتفضل هنا انت واخوك دا لو اخوك عاش ومماتش من المرض”
أثارت الرعب فى قلب ذلك الصغير من تلك الصورة السوداوية التى رسمتها لمستقبله هو وشقيقه، عندما همت برفع يدها لصفعة لمحت دلوف إمرأة إلى الغرفة تتضع بفمها علكة تتشدق بها
عطيات:” صباح الخير يا معلمة انشراح”
التفتت اليها لتستقيم فى وقفتها تنظر اليها بغضب هى الاخرى لتأخرها اليوم أيضا
انشراح:” هو انتى يا اختى على راس ابوكى ريشة بتجيلى بعد الضهر مبتجيش بدرى ليه”
تشدقت عطيات اكثر بعلكتها لتهتف :” اعمل ايه يا معلمة على ما بخلص شغل البيت يلا ما علينا مين هيخرج معايا النهاردة يا معلمة”
انشراح:” خدى معاكى العيلين دول”
نظرت عطيات الى الصغيرين تقيمهم تقدمت من رائد وضعت يدها تحت ذقنه تدير وجهه يميناً ويساراً”
عطيات:” الواد حلو اوى يا معلمة محدش يصدق انه ابنى الواد شبه الأجانب ثم الواد التانى باين تعبان ومش هيقدر يمشى وانا مفييش حيل اشيل عيال انا عايزة عيل يمشى معايا”
انشراح:” يعنى افصلك عيل على مزاجك يا روح امك نا تاخدى الواد وانتى ساكتة”
اذعنت عطيات لكلام المرأة لخوفها منها ولكنها أبت ان تأخذ رؤوف فأكتفت بأخذ رائد فسحبته من كفه الصغير تجره معها كالشاه الصغيرة الضالة، يمشى منكس الرأس يلتفت خلفه يلقى نظره على شقيقه كأنه يخشى ان يعود ولا يجده…بقلم سماح نجيب”سمسم”
????????????
بعد ان انتهى من تجهيز نفسه للذهاب إلى عمله الذى لم يذهب اليه منذ ان حلت بهم تلك الكارثة، القى نظرة على زوجته النائمة تحتضن صغيرتهم، تقدم منهن وضع على جبين كل منهن قبلة صغيرةخرج من الغرفة ليهبط إلى الأسفل قابلته ابنة اخيه
ثائر:” صباح الخير يا مريم”
مريم:” صباح النور يا عمو هى وتين صحيت ولا لسه وانت رايح فين”
لم تترك مريم او زوجها هذا المنزل منذ ماحدث فهم يقيمون بغرفتها التى كانت تقطنها قبل زواجها فهى لم تشأ ان تترك عمها او زوجته فى تلك الظروف العصيبة التى يمرون بها
ثائر:” وتين لسه نايمة وانا رايح الشركة هو رمزى مشى”
مريم:” ايوة من حوالى ساعة طب ثوانى اخليهم يحضرولك الفطار”
عندما همت بالذهاب لاخبار الخادمة بتحضير طعام الافطار له استوقفها بصوته
ثائر:” لاء يا مريم مش عايز افطر انا ماشى”
خرج قبل ان تتمكن حتى من الرد عليه فهو يعرف انها ستلح عليه بتناول الطعام ولكنه لا يرغب فى ذلك، كأنه اصبح زاهداً فى كل شئ، نظرت مريم لاثره بحزن فابتهلت الى الله ان يفرج تلك الكربة التى ألمت بهم فهى أيضاً يتفتت قلبها خوفا وحزنا على ابناء عمها وخاصة ان من بينهم رؤوف ذلك الطفل التى تعشقه لكونه يذكرها دائما بإسم ابيها الراحل
يقود سيارته بذهن شارد لم يفيق الا على صوت بوق تلك السيارة خلفه ليسرع ويتقدم بسيارته قليلاً فى ذلك الزحام حتى شعر انه غير قادر على القيادة فقام بركن سيارته جانباً يضغط بيده على مقود السيارة حتى ابيضت مفاصل يده احنى رأسه الى الخلف يريحه على طرف مقعده، يغمض عينيه بتعب شديد وخوف نهش كل إنش بروحه اليائسة،سمع صوت طرقات على زجاجة نافذة السيارة القاتم، لم يتبين وجه الطارق فاخفض زجاج النافذة، لم يصدق ما يراه فهذا ضرب من الخيال إلا انه هتف بلهفة
ثائر:” رائد …..”
يتبع..
لقراءة البارت السادس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عشقت قوتها للكاتبة مريم مصطفى
قلبي وجعني