Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الثالث عشر 13 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل الثالث عشر 13 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثالث عشر 13 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثالث عشر 13 بقلم سهام صادق

والقاعدة التي كان يسير عليها راشد لم تكن خافية عنه..إنه يُدرك تماماً نواياه .. وهل يغفل الرجال عن طبائع كل منهم
– شكلك ياسليم مستخسرها فيا .. ده أنا صاحبك حتى .
– راشد .. أنا فاهمك كويس بلاش نلف وندور على بعض… فتون مرات حسن السواق يعني من رجالتي وأنت عارف أقصد إيه ..
انتفخت أوداجه غضبًا فراشد يذكره بوالده ويعيد إليه ذكريات ظن أنه قد نسيها مع الزمن ..
– وبلاش تبقى زباله قوي .
رمقه راشد متمهلاً إلى أن انفجر ضاحكاً ينهض من مقعده
– مش عارف ليه حاسس إن الخدامة دي مميزة.
طالعه سليم بغضب ناهضًا هو الآخر يمد إليه يده مصافحاً
– نورت يا راشد .
– ماشي ياسليم أطردني. . بس أوعي الخدامة توقعك لأحسن أنا عارفهم أسمع نصيحة صاحبك .
سار أمامه وضحكاته تعلو وكأنه لا يُصدق أنه اليوم استطاع أن ينال شرف رؤية غضبه..
رمقه بنظرات قاتمة ولحظها العسر كانت تقف أمامه تسأله
– هو صاحبك مشي يا بيه ؟
شملها بنظرة جعلت جسدها يرتجف وقد أصابها الذعر. تجاهلها وكأنه لم يسمع شيئاً مُتجهاً لغرفة مكتبه
طالعت الباب الذي أغلقه خلفه مندهشة من تجاهله لها وقد ظنت أنه سيمدحها على الطعام وسرعان ما تلاشت دهشتها تتذكر حديثه القاسي معها تنظر نحو قميصها .
– الظاهر إن البيه لسه زعلان مني .. بس أنا مكنتش واخده بالي وأهو خفيت القطع .
لم تلمه على قسوة كلماته التي لا تعرف لها سببًا إنما لامت حالها… رب عملها بطل والأبطال دائماً فرسان والفرسان لا تُخطئ
وبين رجل قاس ورجل لا يُعاملها إلا شفقة كانت هي الضائعة .
زفرت أنفاسها وأتجهت نحو المائدة تُجمع ما عليها ومازالت في شرودها .
. . . . . . . . . . . .
التخبط وحده ما كان يعيشه وهو يسير في حجرة مكتبه ذهابًا وإيابا…المشهد عاد مقتحمًا عقله وصوت والدته يدوي في أذنيه وهي تسحبه نحو تلك الغرفة
– تعالى شوف أبوك المحترم بيخوني .. أنا صافي هانم بنت الحسب والنسب أبوك بيخوني مع الخدامة .
طفل في الرابعة عشر يرى والده في أحضان الخادمة..المشهد يًعاد أمامه بأدق تفاصيله ..لقد ظل لأيام يستوعب ما رآه .. الخادمة تركض أمامهم تداري جسدها بالغطاء ووالده يُهرول لارتداء ملابسه .
وأمه تقف على أعتاب الحجرة تصرخ وتُهدد وهو يقف ينظر نحو الفراش اَلْمُبَعْثَر .
” فنون مفتونة بيك ويمكن كمان تكون حبتك .. فتون لازم تمشي من هنا يابيه .”
والحقيقة التي تغافل عنها تعاطفًا ذكٓره بها راشد اليوم . دماء الحقارة تسري داخل أوردته حتى لو أجاد رسم صورة الرجل العطوف.. هناك جينات داخله تُحركه وزيجاته العديدة لم تكن إلا ليتفادى شهواته ولكن فتون ستكون سهلة المنال ونظرته كرجل تُخبره بذلك .
وعند تلك النقطة كان يفتح باب الغرفة مُتجهاً إليها
توقف مكانه عندما التقطت عيناه جسدها وهي مُنحنية تمسح أرضية المطبخ .. أغمض عينيه بقوة ثم أشاحهما بعيداً
– فتون تعاليلي مكتبي
انتفضت مفزوعة على أثر صوته تعتدل في وقفتها
– حاضر يابيه .. أعملك قهوتك
ألتف بجسده مُغادراً يُعطيها الإجابة بنبرة مقتضبة
– لأ .
طالعت خطواته تستشعر الخوف من نبرته الصارمة
لقد غادر الضيف منذ ساعة وانفرد هو في غرفة مكتبه
– هو البيه هيعوزني في إيه ؟! ده حتى مرضيش أعمله القهوة . شكله لسه زعلان منك يا فتون .
ارتسم البؤس على ملامحها مجددا وعادت تؤنب حالها فلم تكن تقصد أن تُخالف أوامره أو تظهر أمام ضيفه إلا لتشرفه في تقديم الضيافة .
أخذ عقلها يدور دون هوادة بين تفاصيل اليوم ..تُقارن حديثه معها في الصباح وتعامله معها منذ وصول ضيفه .
أدركت للتو أنها أطالت في شرودها. . فأسرعت نحو محرمة المطبخ تمسح يديها تُفكر في صنع القهوة له وقد تناست أنه منذ دقائق كان يرفض تناولها
دلفت حجرة مكتبه تتجه نحوه بخطوات مرتبكة فعينيه كانت لا تحيد عنها وكأنه كان ينتظرها
– أنا مطلبتش قهوة
طالعت فنجان القهوة وقد انتبهت لحماقتها .. التفت بجسدها حتى تعيدها للمطبخ
– حطيها مدام اتعملت
عادت تنظر إليه تبحث عن تلك النظرة التي تطمئنها ولكنها لم تجد شيئا إلا ذلك الجمود الذي يُخاطبها به .
وضعت الفنجان أمامه تطرق بعينيها أرضاً تحاول أن تتحكم في دقات قلبها النابضة
– قولتلي إنك عايزني يابيه
رفعت عينيها عندما طال صمته… فاتسعت حدقتاها وهي ترى ذلك المظروف الذي يمده إليها
– إيه ده يابيه ؟!
– مكأفاة نهاية خدمتك هنا يافتون .
ابتلعت لعابها وقد جف حلقها من الصدمة تنظر إليه لا تستوعب حديثه .
– نهاية خدمتي هو أنا عملت حاجة تزعلك ياسليم بيه ؟
– مش لازم تكوني عملتِ حاجة يافتون .
– لا أنا أكيد عملت حاجة زعلتك مني ..أنت كنت مبسوط مني امبارح والنهارده الصبح .
وأردفت تبحث عن سبب وعيناها تدور هنا وهناك .
– طيب الأكل طعمه وحش .
تعلقت عيناه بها. . أراد التراجع في قراره ولكنه حسم أمره
– فتون خدي الفلوس وياريت تجمعي حاجتك وتمشي ولو على حسن أنا هفهمه .
– أبوس إيدك ياسليم بيه متمشنيش من هنا .. الله يخليك يابيه .
انحنت تقبل كفه فأسرع ينتشلها من ذلك الوضع المخزي الذي أصاب نقطة ما في قلبه… إنه يكره ضعف وذل الناس .
– فتون إيه اللي بتعمليه ده .. فتون وجودك عندي في بيتي مينفعش .. أنا راجل معارفي كثير وأغلبهم عينهم زايغه . هيشوفوا وجودك في بيتي إنك لقمة سهلة .
– أرجوك يابيه خليني أخدمك.. أنا مبسوطة هنا.. ولو على اللي عملته النهارده أوعدك مش هخرج من المطبخ تاني .
سقطت دموعها تستجدي عاطفته
– مش هتحس بوجودي بعد كده .
زفر أنفاسه يُطالع نظراتها الكسيرة.. عاد قلبه يرفق بها يُخبره أنها استثناء.. عقله يُطالبه ألا يتراجع وقلبه يحثه على الأمر يُطالبه ان ينظر في ملامحها الطفولية.. ينظر نحو عينيها التي لا تحمل إلا الضعف .
تأملها بعينين ليست كعينيه حين يُطالع نساءه .. هن يحركن به شهوته ولكن هي لا تُحرك فيه إلا المشاعر النظيفة كما كانت
” سيلا ” تفعل
– سليم بيه أرجوك
ورجاءها بصوتها الضعيف المرتعش كأنه كان ينقصه ولا يعرف بعدها كيف أومأ برأسه موافقاً على مكوثها بعدما كان أتخذ قراره بثبات .
ضمت كفيها ببعضهما وانسابت دموعها غير مصدقة .
– مش هضايقك تاني يابيه..هنضف وأحط الأكل وأمشي على طول ..كل حاجه هتقول عليها هسمعها .
سعيدة هي.. سعيدة بذلها أمامه سعيدة بأنه أعطاها فرصة أن تظل خادمة وهو يقف يُطالعها بسكون يتشرب تفاصيلها ضعفها ويرتوي داخله ولكن ارتواءه لم يكن إلا علقمًا .
– روحي يافتون
– يعني آجي بكره ؟
تسألت وقد عادت إليها الحيرة فمازال مقتضبًا في حديثه
– تقدري تيجي يافتون
ألقى عبارته مُغادراً الحجرة هاربًا من عاطفته التي نسي مع الزمن أنها داخله وهاهي تعود لتتحكم به .. طالعت طيفه وعادت الدماء لوجهها مجدداً فعالم دون سليم النجار ترفضه و قليل القليل هي ما تُريده ” العطف ” .
…….
خطفت رائحة الفطائر الشهية أنفاسها.. وقد عبَّق المكان برائحتها .
أسرعت في إخراجها من الفرن تنظر الي صنيعها برضى
” ماما إحسان هتتبسط قوي وكمان الأستاذ عصام بيحبها “
عصام الذي أدمي قلبها بكلماته الجارحة هذا الصباح.. وقفت هي ليلاً منهكة القوى تصنع له ما يحبه .
وضعتهم فوق طبقً جميل فعصام ضيفً والضيف يجب أن ينال كل ماهو نظيف وجميل هكذا كانت تفعل والدتها .
ابتسمت وهي تتذكر اتصالها بهم أمس إنها اشتاقت لهم بشدة وما يصبرها على هذا أن حسن وعدها بعدما تدخر راتبها معه ويخرجون منه مصروف البيت سيأخدها إليهم.. ستنتظر شهرين آخرين حتى تجمع مبلغ لا بأس به وتذهب إليهم محملة بالهدايا
حملت الطبق وسارت به نحو شقة السيدة إحسان وكالعادة منذ مجيئه هو من يفتح لها الباب
– مساء الخير
تفحص الطبق الذي تحمله وتلك المرة لم يُطالعها بنظراته المزدرية لكنه تجاهلها وهو يفسح لها المكان حتى تدلف لوالدته
– يعني راجعه من شغلك يابنتي تعبانه تقومي تعمليلي فطاير.. أعمل فيكٕ إيه يافتون .
– عشان تفطري بيهم ياماما
طالعتها بحنو فرمقها عصام ثم نظر نحو الفطائر يلتقط منها واحدة
– تسلم إيدك .. بتفكرني بطعمهم من إيدك يا أمي .
أسرعت في الرد وقد أسعدها حديثه معها حتي لو كانت بضع كلمات
– ماما إحسان هي اللي علمتني أعملهم إزاي .
ابتسمت السيدة إحسان تفتح لها ذراعيها.. لم تنتظر ثانية لتفكر فقد ألقت بنفسها بين أحضانها تستمد منها الدفء .
طالعهما عصام وقد صدق حديث والدته عنها فهى ليست إلا فتاة صغيرة ألقاها الفقر والجهل في زواج ليست مؤهلة له ومع حديث والدته عما يفعله بها زوجها رق قلبه ففي النهاية هو أب لثلاث فتيات ولكن قراره في أخذ والدته معه لن يتراجع عنه مهما أصرت وحاولت
– اقنعيها تسافر معايا يافتون.. هي بتسمع كلامك .
تعلقت عيناه بعيني والدته التي رمقته بلوم فبعدما أخبرها أنه سيفعل لها ما تُريد هاهو يتحدث في الأمر مُجدداً
– تسافر.. تسافر فين ؟
تسألت وقد ألجمها ماسمعته تنظر للسيدة إحسان تنتظر جوابها
– عصام أنا قولت مش هسافر يعني مش هسافر.. أرجع لمراتك وولادك… أنا مش هسيب بيتي .
نهضت من مقعدها وقد ضاقت ذرعاً من ضغطه عليها.. طالعت فتون الباب الذي أغلقته خلفها وارتكزت عيناها عليه لا تستوعب ما سمعته للتو
– فتون ممكن تقنعيها.. أنا مش قادر أسيبها لوحدها أكتر من كده والحمدلله وضعي المادي بقى كويس هناك .
تعلقت عيناها بذلك الواقف الذي اقترب منها يطلب منها مساعدته
– هي بقت متعلقة بيكٕ قوي وبتسمع كلامك.. وأنا هفهمك تقوليلها إيه عشان تقنعيها .
وأردف متسائلاً ينظر لها
– هتساعديني مش كده ؟
……..
– بتقولي إيه ياختي.. مالكيش نفس تحضريلي العشا أنا وصاحبي قومي بدل ما أنتٕ عارفاني يافتون .
– ماليش نفس.. قولتلك ماليش نفس أعمل حاجه هو أنا مش زي بقية الناس .
ارتفع كلا حاجبيه دهشةً ينظر إلى تكورها فوق الفراش
– ماشي يافتون… أنا هعرفك إزاي تردي عليا .
قبض على خصلات شعرها يسحبها من فوق الفراش دون أن يعبأ بصراخها.. صرخت قهراً ولم يعد لديها طاقة للتوسل فقواها اليوم قد نفذت
– حرام عليك ياحسن.. حرام عليك.. أنا تعبت .
– بتقوليلي حرام يافتون..وكمان تعبتٕ .
تعالى صراخها وصفعاته تتوالى على وجنتيها تفيض إليه بحزنها لعله يسمعها لمرة واحدة
– ماما إحسان هتسيبني وتسافر.. هتسيبني لوحدي .
– يعني عملالي المناحة دي عشان الست أم أربعة وأربعين هتمشي.. ما تمشي ولا تروح في أي داهية هي وابنها اللي عامل نفسه ابن ذوات .
ترك خصلاتها ينفضها من بين يديه وكأنها مجرد غبار
– ساعة وآلاقي الأكل معمول وبعدها تخشي تنامي وملمحش خلقتك قدامي طول ما مسعد صاحبي موجود .. سامعه .
– سامعه ياحسن.. سامعه .
……….
ألقت هاتفها بعدما ضجرت من مُهاتفته ومطالعة حساباته الشخصية.. ميادة لم تُخبرها إلا بسفره الذي أتى فجأة وقد علموا به وهو يودعهم.. هي تعرف صديقتها جيداً لو كان أخبرها بشيء لأخبرتها به على الفور .
عادت تلتقط هاتفها تدق عليه للمرة التي لا تعلم عددها.. إنها تعلم إن الغلق قد يكون بسبب متعلق بالشبكات.. أخذها عقلها لأخر لقاء بينهما وتلك القبلة التي كلما تذكرتها رفرفت مشاعرها رغم احتقارها لنفسها من حرمتها إلا أن قلبها اتخذها في أحلامه ملاذاً له .
تعالى رنين هاتفها فأسرعت
بالتحديق بشاشته وقد ظنته هو ولكن لم تكن إلا خالتها كاميليا
نظرت نحو هاتفها تستغرب مكالمة خالتها وموعدهم غداً !!
خفق قلبها وهي تتذكر كلام رسلان معها بأنه سيعلن حبهما..وارتجف قلبها وهي تستشعر ماهو قادم فقلبها يُخبرها أنها سعادتها وعليها ألا تضيعها .
………..
جلست بالمطبخ شاردة تنتظر رحيله..كانت تفكر بصوت مسموع لا تُصدق أن السيدة إحسان سترحل وستتركها فهى من هونت عليها غربتها في وطنها بكنف زوج لا يفعل شيئاً سوي ضربها كلما اعترضت أو سُمع لها صوت .
تحسست ذراعيها المكدومتين تحت ملابسها تغمض عينيها من شدة آلامها .
– فتون أنا هتغدا بره تقدري تمشي بدري لما تخلصي شغلك .
لم يُطالعها وهو يتحدث.. تمنت أن تجد نظرته الحانية تلك اللحظة ولكن ماهي إلا خادمة تستجدي العطف من الآخرين
– حاضر يابيه هخلص شغلي وأمشي .
خانته عيناه وهو ينظر إليها..ولكنه تراجع للخلف ملتفًا بجسده راحلًا
– هي لو مشيت أنا هعمل إيه يابيه ؟
قطب حاجبيه يُطالعها بعدما استدار بجسده نحوها
– مين اللي هتمشي ولا مشيت.. أنتِ بتكلمي نفسك يافتون !!
– ماما إحسان.. ابنها عايز ياخدها معاه .
رفرفت بأهدابها تمنع هطول دموعها ولكنها فشلت في منعها
– ماما إحسان مين يافتون.. أنتٕ ليكٕ أهل هنا ؟!
نفت برأسها ترثي حالها… حسن لا يسمعها ولم تجد إلا هو لتبوح إليه…تناست أن الواقف أمامها هو رب عملها الرجل الذي كاد بالأمس يصرفها من عملها دون سبب .. الرجل الذي أنحنت تُقبل يده تتوسله .
كل شئ تلاشي في لحظة وهي تفيض له بأوجاعها
وقف يستمع لها ولأول مرة يعيش دور المنصت يستمع لغيره باهتمام
– كفايه عياط يافتون لو هي بتحبك مش هتسيبك .
– هتسيبني وتمشي.. قلبي حاسس إنها هتمشي .
– فتون كفايه عياط… لو مشيت لازم تتعودي إن محدش بيفضل مع حد .
سليم النجار يقف يواسي ويعطي نصائحه ومع من مجرد خادمة
يتعجب من حاله ولكنه يشعر أنه مسلوب الإرادة يعلم أنه لا يخصها إلا بالعطف ولكن هل يظل العطف عطفًا بين رجل وامرأة .
توقف عقله عند تلك النقطة ومازاد الأمر سوءًا أنه انتبه للتو أن عينيه لم تحد عنها
– أنا رايح المكتب.. وتقدري تمشي بدري زي ماقولتلك
انسحب من أمامها ..هربً.. يُصارع داخله ما لم يفهمه
……………………………
دارت بعينيها بين خالتها وذلك الجالس الذي أخذ يتفحصها بنظراته.. طالعت ميادة الصامتة وقد انشغلت بهاتفها
– أعرفك بالأستاذ أحمد ياملك محاسب في بنك.. ودي ملك بنت أختي مُدرسة .
أومأ الجالس برأسه يرفع نظارته قليلاً مُدققًا النظر في ملامحها
– تشرفنا يا أستاذ أحمد …
طالعتهم كاميليا بنظراتها الفاحصة.. وإعجاب ذلك الجالس كان واضحاً .
ارتبكت ملك من نظراته.. فنظراته لا توحي إلا بأنه يضعها تحت الفحص
– ميادة قومي معايا نتمشى شويه ونسيب أستاذ أحمد وملك مع بعض .
أتسعت عيناها تنظر نحو ميادة التي نهضت تتبع خالتها
– ميادة أنتٕ رايحه فين ؟
وميادة لم تملك إلا أن تنفذ الأوامر في صمت.. أن تخسر ملك حبها أهون من أن تخسر عائلتها وتكتشف تلك الحقيقة.. هكذا اقتنعت وأقنعتها والدتها
– ميادة استنى..
– أستاذة ملك ياريت تقعدي نتكلم مع بعض شويه ونتعرف..
استنكرت حديثه وقد فهمت الآن سبب نظراته تلك..
– بصراحة أنتٕ عجبتيني وياريت تاخديلي معاد مع والد حضرتك .
وقفت ميادة تُطالعها من بعيد وقلبها يؤنبها لا تُصدق أن قصة حبها هي وشقيقها ستنتهي هكذا
– أنا بحذرك ياميادة تعملي أي خطوة.. والحمدلله إن أخوكٕ تليفونه مقفول… الدور دلوقتي علي ناهد تخلي عبدالله يوافق على العريس .
………………..
أتسعت عيناها وهي لا تُصدق أن والدها يقف أمامها.. لم ينسها والداها كما ظنت .. و هاهو والدها بملامحه الطيبة يفتح لها ذراعيه
– مين يافتون ؟
دلف والدها ينظر نحو حسن الذي ارتبكت ملامحه
– أنا ياحسن ياولدي
– حاج عبدالحميد نورت ياحاج وأنا أقول المكان منور ليه..
– روحي يافتون أعملي لقمة للحاج تلاقيه على لحم بطنه .
تعلقت عينا والدها بها يستغرب هيئتها تلك الساعة
– اومال أنتٕ كنتٕ خارجة يابنتي السعادي ؟!
ارتبكت ملامحها فبما ستخبر والدها.. إنها تعمل خادمة وقد كانت آتية من عملها
– لأ ياحاج دي فتون لسه راجعة من شغلها في الحضانة .. أصل
الحضانات هنا عندنا في صبح ومسا.. مصر بقى ياحاج مش زي البلد عندكم .
جلس الحاج عبدالحميد على أقرب مقعد قابله ينظر للشقة وأثاثها برضى … وفي نظرات عينيه البسيطة يتأكد أن ابنته قد صبرت ونالت
– أنا مش عارف ليه ياحسن يابني لازمته الشغل ما أنت بتقبض حلو وفتون مدبرة زي أمها .
حذرها بنظراته قبل أن يردف بحديثه
– دي رغبة فتون ياحاج.. وأنا بصراحة طول اليوم مش قاعد في البيت فقولت وماله مدام الشغل مش عيب وهي بتشتغل مرافقة للأطفال وأهو تتعلم تربيتهم قبل ما نخلف .
– تعالي يابنتي قربي عايز اشبع منك .
ارتكزت عينا حسن عليها… فقد أجاد رسم الدور وماهي إلا مستمعة فعن ماذا ستتحدث فهو أخبرها من قبل أنها لو سعت للخراب فهى وحدها من ستحصد أما هو فرجل والرجال في مجتمعنا لا شئ يعيبهم
صمتت عن كذبه ورسمت لوالدها دور السعادة التي تحياها
وحسن كان خير مضيف لوالدها
– جهزتٕ أوضة للحاج يافتون ؟
أماءت برأسها تضع كؤوس الشاي أمامهم بعدما انتهوا من طعامهم
– والله ياحاج البيت نور ولا إيه يافتون .
ارتسمت السعادة والفخر على شفتي الحاج عبدالحميد وهو يرى كرم زوج ابنته وكيف يُعاملها برفق
– ابن أصول ياحسن يابني… أنا نظرتي فيك مخيبتش .
دلفا لغرفتهما بعدما خلد والدها للنوم… طالعها حسن وهي تقترب منه
– يعجبني فيكٕ عقلك يافتون…
اقترب منها يعبث بخصلات شعرها ويتحسس عنقها
– بكره هاخدلك أجازة من سليم بيه.. حسك عينك أبوكٕ يعرف إني بشغلك خدامة .
ابتلعت لعابها تنظر إلى نظراته المحذرة إلي أن شعرت بأنفاسه القريبة..أشبع رغبته وغفا بعدها سعيداً من بطولته .
……..
استيقظت تعد الإفطار له ولوالدها ولكن المنزل كان خاليا… تعجبت من عدم وجودهما .. وبعد ساعتين كان يدلف حسن للمنزل يُدندن بسعادة
– فين أبويا ياحسن ؟
رمقها حسن مُلقيًا بمفاتيحه مُتجهاً نحو الأريكة
– أعمليلي فطار يافتون.. وأجهزي عشان تروحي شغلك مدام أبوكٕ مشي .
– هو لحق يجي عشان يسافر ؟!
– ما جه أخد اللي عاوزه ومشي
اقتربت منه تتأمل ملامحه السعيدة
– الحاج عبدالحميد كان معذور في قرشين وأنا راجل ابن أصول مينفعش حمايا يكون معذور ومفكش زنقته ولكن كله بحساب
وتلك الورقة التي يُحركها أمامها كانت هي ذلك الحساب
يتبع..
لقراءة الفصل الرابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى