روايات

رواية يوميات مراهقة الفصل السابع 7 بقلم نورهان ناصر

رواية يوميات مراهقة الفصل السابع 7 بقلم نورهان ناصر

رواية يوميات مراهقة الجزء السابع

رواية يوميات مراهقة البارت السابع

يوميات مراهقة (1)
يوميات مراهقة (1)

رواية يوميات مراهقة الحلقة السابعة

تبادل منذر النظرات مع والدته التي تطالع والد هاله بأعين متسعة من الصدمه ، وهي تعقد حاجبيها باستغراب وتحدقه بنظرات مستنكرة ، بينما عاد منذر بنظره إلى والد الفتاة التي يعشقها ، وهو يبتلع لعابه بتوتر من تجهم ملامح وجهه ، وقبل أن ينبس بحرف تهدل كتفي والد هاله وأعربت شفتيه عن ابتسامة واسعة وهو يقول بينما يربت على كتفه بفخر :
_” أنا مش عارف أعمل إيه أرد بيه موقفك مع بنتي؟ لا شكر هايسعفني ولا أي حاجه ، أنت حميت عرضي وشرفي ، اطلب أي حاجه يا منذر ومهما كانت هنفذهالك ، أنا صحيح مخلفتش ولد وربنا كرمني بالبنات بس عوضني بيك أنت أخ ليهم واقف في ضهرهم ، عايزك تفضل على طول أخ لهاله وتقف معاها زي ما طول عمرك واقف في ضهرها ربنا يحفظك يا ابني ويبارك فيك”.
كان منذر يستمع لحديثه بصمت تام وعندما أخبره بأن يطلب أي شيء وهو سينفذه ، كان اسم ابنته على طرف لسانه ، ولكن عندما استمع لباقي حديثه التزم بالصمت أسفًا وهو مطرق الرأس ، ثم رفع رأسه ونظر إليه وهو يجاهد ليبتسم مرددًا بحزن أخفاه تحت هدوئه المصطنع ، بينما بداخله يصرخ بأنه لا يريد هذا الدور ، هو يحب ابنته بل يعشقها ولكن ماذا عساه يقول ووالدها يطلب منه أن يكون أخ لفتاة هو بعشقها غارق بالأساس لذا هتف بما جال على خاطره :
_” عمي مش محتاج تقول كل ده ، هاله ووطن في عيوني الأتنين وأنت مش محتاج تشكرني لو بتعتبرني ابنك فعلا ، لأن مفيش أب بيشكر ابنه علشان دافع عن …”.
انعقد طرف لسانه وما استطاع نطقها ، اشفقت والدته على حاله ، بينما ابتسم والد هاله قائلا :
_” تسلم يا ابني ، المهم تعالى علشان نروح القسم مع بعض هاله تعبانه ومرهقه ينفع ما ناخدهاش”.
أخبره منذر أسفًا :
_” للأسف لأ ؛ لأن هي صاحبة الشكوى وإفادتها ضرورية الموضوع مش هياخد وقت إن شاء الله وكل ما أنجزنا كان أفضل “.
وافق والدها على حديثه ثم استأذنهم ليحضر ابنته .
…………………………………..
ملست برفق على وجنتيها وهي تنظر لعينيها الباكيتان ، تقول برفق :
_” الموضوع خلص يا هاله الحمد لله على كل حال يالا اجهزي علشان تروحي مع بابا “.
رمشت هاله بهزة بسيطة من عينيها ثم بدأت ترتدي ملابسها المشتحة بالسواد ثم خرجت لهم ، وقعت عينيها على منذر ، الذي ما إن رآها حتى تهرب بعينيه منها وكم ألمها فؤادها على حركته تلك.
تهرب منذر بعينيه منها خوفًا أن تفضحه نظراته المتلهفة لها ويبادر لسانه معبرًا عن خوفه ولهفته عليها ،استفاق الجميع من صمتهم على والد هاله يردف بهدوء وهو يطمئن زوجته :
_” خلاص بقى يا وليه قولتلك هابقى أكلمك سلام عليكم”.
لف ذراعه حول كتف ابنته ومنذر سبقهم للأسفل وبعد نزولهم ، تحدث منذر ببسمة صغيرة:
_” أنا هاطلع على رأس الشارع أوقف تاكسي وانتوا ابقوا تعالوا ورايا علشان بس منلفتش نظر “.
أومأ والد هاله برأسه ، فتعلقت هاله بذراع والدها تهتف بنبرة باكيه:
_” بابا في موضوع عايزه أقولك عليه لأني متعودتش اخبي عليك حاجه و …”.
قاطعها والدها وهو يديرها نحوه لينظر لعينيها مباشرة :
_” موضوع إيه ده ؟”.
قبل أن تجاوبه صدح صوت هاتفه فهتف والدها وهو ينظر للرقم:
_” ده منذر يالا بينا ونبقى نكمل كلامنا بعدين “.
أومأت هاله برأسها بحزن ، وسارت معه وهي من داخلها تعلم أنها لن تملك الشجاعه لإخباره.
………………………………………
كان يجلس على طرف الأريكة ينظر له بنظرات مستنكرة وهو يقول بنبرة معاتبه :
_” متوقعتش منك كدا بجد صدمتني “.
لم يرد عليه ، فتابع حديثه بغضب شديد:
_” كنت فاكرك إنسان محترم وطالب مجتهد بس طلع كل ده كدب إزاي عملت في نفسك كدا ؟ دمرت مستقبلك يا غبي “.
فرك إسلام أصابع يديه بقوة وهو يقول بندم :
_” أنا مكنتش هاعملها حاجه صدقني أنا بس كنت بخوفها …بعدين هما مش زي ما أنت شايفهم هاله ومنذر بيحبوا بعض وأنا شوفتهم أكتر من مرة بوضع مش لطيـف”.
رفع مروان إصبعه السبابه بوجهه مرددًا بتحذير :
_” اسكت يا إسلام بلاش مبررات واهيه ، وماتنزلش من نفسك أكتر من كدا ، ثم إني مش مصدقك وحتى كلامك ده ميعنيش أي حاجه ،ولا يخفف من المصيبه اللي وقعت نفسك فيها كمان هتزود على نفسك تهم زيادة “.
تمتم إسلام بضيق شديد وهو يتجاهل حديثه :
_” بس أنا ما اعتدتش على حد ولا لحقت أعمل حاجه أنا ضربتها بالقلم بس …”.
قاطعه فتح باب الغرفة ودخول الضابط المسؤول لينهض مروان وهو يسلم عليه ثم اتجه الضابط إلى مقعده خلف مكتبه ثم تحدث بنظرات حادة موجهًا حديثه إلى إسلام :
_” نبدأ التحقيق أنت عارف طبعًا أنت متهم بإيه ؟ ليه عملت كدا ؟”.
_” مش هتكلم بدون محامي “.
خرجت تلك الجملة من فم إسلام الذي قطب بين حاجبيه بضيق واضح ، بينما بداخله يرتعب خوفًا من القادم ، فضحك الضابط بتهكم وهو يقول :
_” حقك طبعا بس أظن محاميك مش هيقدر يعملك حاجه أصل كله متصور من اول ما حبستها لمحاولتك للتعدي عليها الإنكار مش هايفيدك ، فخلينا حبايب واحكي لي ، ليه حبست البنت دي وحاولت تهتك عرضها ؟”.
انزعج إسلام من المسمى الذي قاله الضابط ، يضخم الأمور وكأنها ليست بالفعل متضخمة وأنه كاد يتسبب بكارثه ، وقال يبرر ما حدث :
_” أنا ما هتكتش عرض حد ولا حتى لمست البنت ، ومش هنطق بدون محامي أنا عايز تلفوني أكلم أهلي يبعتولي محامي “.
نهض مروان قائلا :
_” عيلة البنت على الطريق أنا هاستناهم برا “.
قال الضابط بهدوء :
_” تمام أستاذ مروان لو تعرف حد من عيلته بلغهم “.
أومأ برأسه ثم خرج وأغلق الباب خلفه ، عاد الضابط بأنظاره إلى إسلام ونظر إلى الكاتب بجواره :
_” تمام يا حمدي نستنى شوي “.
صمت ثم نادى على أحد عساكره والذي لبى النداء على الفور فأخبره الضابط بنبرة صارمة :
_” خدوه على الحجز الاحتياطي وأول ما عيلة البنت تاجي دخلهم “.
أومأ العسكري ثم اتجه صوب إسلام المقيد وسحبه من ذراعه وهو ينظر له بتهكم ، تزامن ذلك مع وصول هاله وأبيها ومنذر ، ليصرخ إسلام بانفعال موجها حديثه إلى والد هاله:
_” بنتك كدابه أنا ما اتهجمتش عليها ولا حتى لمست منها شعره واحده ، هو اللي نزل فيها أحضان و بوس وكله متصور ، بيضحكوا عليك عايزين يلبسوني قضيه ؛ لأني كشفتهم الأتنين مستغفلينك وبيحبوا بعض وأسأل كل زمايلهم ، بنتك المحترمه مش جايه تدرس وتتعـلم …..”.
دفعه العسكري بغضب وهو يصرخ بتهكم عندما تقدم منه منذر وقام بلكمه بغضب وهو يمسكه من مقدمة قميصه :
_” اخرس قطع لسانك كل هرتلاتك دي مش هاتفيدك أنت خلاص انتهيت ومش هتخرج من هنا “.
مسح إسلام الدم عن شفتيه وهتف بكُره :
_” مش أنا بس اللي هخسر لوحدي انتوا كمان وهاتشوفوا والصور صاحبي هاينشرها وابقوا وروني هترفعوا رأسكم إزاي ؟ “.
زفر منذر أنفاسه في ضيق شديد وهو يرد عليه :
_” اللي يطلع بإيدك أعمله وماتقصرش ده لو طلع بإيدك حاجه يعني “.
سحبه العسكري وهو يهتف بضيق شديد:
_”امشي بقى يا زفت أنت واسكت وأنت اتفضل حضرة الظابط مستنيكم جوا “.
تبادلت هاله ومنذر النظرات سريعًا وهي تبكي بصمت ولم تقدر على رفع رأسها باتجاه والدها ، تقدم منهم مروان يخرجهم مما حدث بقوله مشيرًا إلى باب غرفة الضابط :
_” اتفضلوا الضابط مستنيكم جوا “.
…………………………………..
كانت تجلس وهي تخفض رأسها أرضًا أكلت أصابعها من شدة التوتر ودموعها تهبط بصمت ، بينما والدها يجلس مقابلها على المقعد ومنذر يقف بقربهم ، تحدث الضابط بنبرة هادئة:
_” آنسه هاله أهدي لو سمحتي واحكي لنا إيه اللي حصل معاكِ ومتخافيش من أي حاجه “.
اكتفت هاله بالبكاء فربت والدها على يديها يحثها على الحديث ، وعقله مشغول بما ردده ذلك الوغد .
هتف منذر باندفاع ولم يعد يطيق سماع صوت بكائها :
_” هاله كفايه تعبتيني أهدي لو سمحتي “.
مسحت هاله دموعها ثم تحدثت بنبرة منخفضه :
_” أنا كنت مستنيه بقيت زمايلي علشان نحضر المراجعه واحده منهم روحت البيت والتانيه كانت معايا بس خرجت تتكلم في التلفون وأنا قاعده لقيت الباب اتقفل مرة واحدة روحت علشان افتحه اتفاجئت إنه مقفول بالمفتاح …..”.
ضغطت على شفتيها مكملة بضعف بعد أن انتهت من سرد ما حدث عليهم :
_” بس لولا وجود منذر معرفش كان عمل فيا إيه ؟”.
أشار لها الضابط بيده وهو يقول :
_” تمام ارتاحي دلوقت ، منذر احكي لنا اللي حصل معاك بالظبط “.
أومأ منذر برأسه ثم بدأ يسرد على مسامعه ما قصته هاله أيضًا وبعد أن انتهى قال الضابط موجهًا حديثه إلى هاله :
_” احنا شوفنا الفيديو هو حاول فعلا يتهجم عليك بس هو بينكر كل ده وبيقول بس إنه كان بيخوفك ” .
نظرت هاله إلى منذر ثم عادت ببصرها إلى الضابط :
_” هو الأول كان بيحاول يخوفني فعلا زي ما قولت لحضرتك كان عايز يلوي دراعي علشان أوافق عليه بس بعدين اتحول والتهديد كان هايبقى فعل واظن محاولته بردو جريمة وترهيب الناس مش هزار أنا عايزه حقي ثم إنه بيهددني بنشر صور ليا كمان وعايز يسئ لسمعتي ولأهلي”.
حرك الضابط قلما ما بيده وهو يقول :
_”متقلقيش حقك هيرجعلك ، بس مش غريبه إنه كان هايعمل ده في القاعه اللي فيها كاميرة المراقبه “.
تدخل منذر قائلاً بضيق :
_” لأنه غبي أو مفكرش إن الأمور هتوصل لكدا “.
نظر له الضابط وتحدث :
_ ” جايز بردو ، على العموم أنا خلصت كدا معاكم “.
قال والدها بعد أن كان يلتزم الصمت:
_” هو إيه اللي هيتم دلوقت ؟”.
رد الضابط بعمليه شديدة :
_” هيتحبس أكيد لأن الفيديو دليل عليه وموضح كل حاجه وكمان شهادة بنت حضرتك ومنذر ولا حضرتك مش هتشتكي؟”.
قال والدها بانفعال :
_” ده أنا لو أطول أخنقه بأيدي مش هتأخر ده كان هيكسر بنتي تقولي مش هشتكي ده أنا عايزُ يعفن في السجن ، علشان يعرف إن الله حق وميلعبش ببنات الناس “.
هز الضابط رأسه بتفهم ثم أشار لهم بالخروج ، نظر لهم مروان بتساؤل :
_” ها عملتوا إيه؟”.
أجابه منذر بهدوء :
_” حكينا اللي حصل طبعًا ، هما لسه محققوش معاه ؟”.
_” سيادته رافض يتكلم من غير المحامي وأنا كلمت أهله وهما على الطريق متقلقوش مش هيعرف يخرج منها روحوا دلوقت وارتاحوا “.
نظر محمد والد هاله إلى مروان قائلا بشكر :
_” بشكرك على وقفتك دي وإنك تسلمه بنفسك للبوليس ومقدر تعبك حقيقي تسلم “.
ابتسم مروان قائلا بحرج :
_” هاله زي بنتي وبعدين عندي اللي زيها ربنا يسترها على ولايانا “.
_” آمين “.
أكمل حديثه وهو ينظر إلى هاله التي لا تزال تبكي :
_” هاله يا بنتي ركزي في مذاكرتك وسيبي الموضوع ده عليا وبعون الله مش هيخرج منها “.
ابتسمت في وجهه وهي تمسح دموعها بإصبعها .
………………………………………
كان الصمت مسيطر عليهم بعد خروجهم من قسم الشرطة ، رأت هاله مقعد على زاوية في الطريق فتقدمت نحوه ثم جلست عليه بتعب ، بينما توجه منذر إلى أحد محلات السوبر ماركت ، ليشتري بعض الاشياء ، في حين جلس محمد والد هاله بجوارها وهو يلف ذراعيه حول كتفيها وهي تستند برأسها على كتفه تبكي بصمت ، بينما والدها يربت على كتفها بحنان ثم قال بعد صمت :
_” هاله الحيـ.وان ده كان يقصد إيه بكلامه؟ وصور إيه دي اللي بيقول عليها وعايز ينشرها؟”.
خفق قلبها بشدة وتوترت أنفاسها ، بقت صامته لبضع ثواني ثم هتفت بنبرة مهزوزة :
_” بابا …الموضوع إن …”.
قطع حديثها منذر وهو يمد يده بزجاجة مياة ، فرفعت عينيها له لثواني قبل أن تخفضها سريعًا صوب يديه ثم أخذت منه الزجاجه ، وارتشفت القليل منها فقال منذر وهو يمسح ما بين عينيه بإرهاق:
_” يالا يا عمي ولا لسه فيه حاجه”.
نهض محمد وحدق بهما لثواني قبل أن يشيح ببصره عنهما وقرر بداخله أن يستفسر من ابنته أولا ، فابتسم قائلا :
_” لا يابني يالا نروح !”.
………………………………………..
كادت تذهب إلى غرفتها وهي تتنفس بعمق ولكن صوت والدها استوقفها وهو يضيق عينيه متسائلا:
_” هاله استني يا بنتي مكملناش كلامنا في حاجه كنتي هتقولي لي عليها “.
أردفت هاله بنبرة متعبه وهي تتهرب منه:
_” بابا أنا مرهقه جدًا ومحتاجه أنام علشان أركز في المادة اللي جايه”.
نظرت له زوجته بأعين متسائلة :
_” في حاجه ولا إيه ؟ مش خلاص قدمتوا الإفادة والاستاذ طمنك إنه مش هيخرج منها ، عايز من البنت إيه سيبها ترتاح؟ اللي حصل مش سهل بردو “.
نقلت هاله نظراتها ما بينهما حتى تنهد والدها وأشار لها بالذهاب ، فدخلت إلى غرفتها ، ارتمت على فراشها وانكبت على وسادتها بالبكاء وهي تنتفض بشهقات خافته.
……………………………………….
|• بعد مرور ثلاثة أيام•|
كانت تحرك القلم في يدها بشرود بعد أن انتهت من حل جميع الأسئلة ، انتبهت على صوت المعلم يعلمهم بما تبقى من الوقت ، مسحت هاله ما بين عينيها وبدأت بمراجعة إجاباتها ثم نهضت وسلمت ورقتها .
وما إن خرجت ، كان منذر قد سلم ورقته هو الآخر وخرج خلفها ، رآها تجلس على إحدى المقاعد في حديقة المدرسة فتوجه إليها وسألها بحنان يفيض من نبرة صوته :
_” مالك ؟”.
همهمت هاله بحزن وبلا شعور غزت الدموع عينيها:
_” مفيش “.
نظر منذر لحالتها تلك ولم يخفى عليه بحتها الباكيه ليقول بلطف :
_” لا فيه بتعيطي ليه دلوقت الموضوع خلص …”.
قاطعته هاله وهي تردف بضيق شديد:
_” لا ما خلصش لسه ، أنت عارف بابا سألني إيه من تلت أيام وأنا بتهرب منه ومش عارفه أرفع عيني في عينه “.
_” بتتهربي منه ليه ؟ وسؤال إيه ده اللي سألهولك؟”.
مدت هاله أناملها تمسح دموعها وهي تردف بينما تنظر إلى عينيه :
_” سألني عن كلام إسلام وأنا معرفتش أقوله إيه ؟”.
استوعب منذر حديثها فمسح على شعره وهو يقول :
_” تقولي اللي حصل ومتخافيش من حاجه دي كانت رد فعل مش أكتر وأنتِ متقصديش حاجه ومفيش حاجه تخليك توطي رأسك يا هاله “.
_” عايزني أقف قصاده أقوله إيه إني بحبك مثلاً ، وإني بضحك على أهلي ، وخونت ثقتهم فيا أكدب على بابا وأقوله إن مفيش حاجه وهو فيه للأسف حتى لو من ناحيتي بس ، أنا مش عارفه أنت عملت فيا إيه ؟ “.
دار ذلك الحديث بداخل هاله التي بقت تنظر له بصمت لثواني ،ثم ببكاء قالت وهي تنتفض :
_” أنا مقدرتش أقوله صعب ….”.
قاطع حديثها صوت نرمين وهي تنادي على منذر فتحدثت هاله وهي تنهض تحمل أشيائها :
_” الحبوبه بتاعتك بتنادي يالا روحلها لحسن تزعل منك ، سلام ولو شوفت جنات وسهام قولهم إني مشيت”.
ابتسامه لطيفه اعتلت محياه وهو يقول بمرح :
_” أعتبرها غيره دي ؟”.
ارتبكت هاله من نبرة صوته فهتفت بما جال في خاطرها :
_” وأنا أغير عليك ليه ؟ براحتك اعمل اللي يريحك “.
ابتسم منذر بسمة لم تصل لعينيه وهو يقول :
_” عندك حق ، المهم ما تمشيش إلا مع صحباتك جنات جايه أهي “.
أتت جنات والقت عليهم السلام ، فاستأذن منذر وذهب ، حينها كانت عيني هاله تتبعانه بقلبٍ تخفق دقاته بقوة .
بدأت جنات تتحدث عن الامتحان كالمعتاد وهاله في عالم ثاني حيث منذر ، توقفت جنات عن استرسال الحديث وهي تقول بعيون ضيقه :
_” بت يا هاله أنتِ بتحبي منذر ؟”.
توسعت حدقة عيونها وهي تردف بتلعثم:
_” إيه بتقولي إيه أنتِ ؟”.
ردت جنات وهي تضم يديها إلى صدرها:
_” بقول اللي شايفاه في عيونك ، هاله إحنا مش هنخلص من المراهقه دي بقى يعني من فترة كان إسلام ودلوقت منذر بجد مش معقول “.
بحزنٍ شديد أجابت هاله وهي تمسح على عينيها:
_” مش مراهقه آه منكرش إني أعجبت بإسلام اللي ميستحقش أي حاجه أصلا وقد إيه كرهت نفسي بسببه ؟ وندمت على أي مشاعر حسيتها تجاهه حتى لو كان مجرد إعجاب عابر ، أنا خلاص اتعلمت درسي ومش هضيع مشاعري في كلام فاضي بس قلبي واجعني أوي يا جنات ، أنا المرة دي واثقه من مشاعري ناحيته بس خلاص فايدتها إيه ؟ وهو بقى في حد في حياته “.
وضعت جنات يدها أعلى كتف هاله وقالت وعينيها عليها :
_” هاله أحسن حاجه علشان تتخطيه قللي احتكاك معاه ، أنتِ مش كنتي حكتي لي إن باباك شاكك في حاجه بينك وبينه ولو حاجه زي دي حصلت صورة منذر هتتهز في نظر والدك ، فبلاها هو بيحترمه وبيعزه كأنه ابنه وكمان علشان متثبتوش كلام إسلام بس أنتِ ليه موضحتيش الأمور لوالدك افرضي سأل منذر”.
تنهدت هاله بحزن وهي تقول بنبرة باكيه:
_” عارفه الكلام ده يا جنات بس مش بأيدي مبقدرش ما افكرش فيه بحبه غصب عني ، أنا اتحرجت احكي لبابا خصوصًا إن عيوني هيفضحوني قدامه أفضل حل يسأل منذر أهو حتى مبيحبنيش فهيكون صادق لما ينكر العلاقه دي لكن أنا مقدرش أقف قدام والدي وأكدب وأنا في الحقيقه بعشق منذر “.
تطلعت جنات صوب السماء للحظات ثم عادت ببصرها إلى هاله قائلة بعد تفكير :
_” الموضوع كل مدى بيتعقد أكتر مش عارفه أقولك إيه صراحه ؟”.
نظرت هاله حولها للحظات ثم قالت بحزن :
_بس أنتِ صح قولي لي أعمل إيه واحافظ على مشاعري ونفسي “.
ابتسمت جنات بلطف وهي تقول بنبرة حانيه :
_” قربي من ربنا ، وصلي كتير التزمي بصلاتك وادعي الله بخشوع إنه يطهر قلبك ويحفظه من هوى النفس والشيطان وكل الأفكار السيئة ، وادعي إن كان خير ليك فـ ربنا يجعله من نصيبك يا حبيبتي بس راعي الله في كل خطواتك يا هاله ، وربنا يقرب البعيد ، أنا عارفه إنه صعب عليك بس معلش خلينا واقعيين منذر مش أخوكِ فاتعاملي على الأساس ده اجتنبيه تمامًا وبطلي عيونك تلاحقه في كل مكان احتفظي بحبك في قلبك مش لازم يظهر قدام الكل كدا “.
بادلتها هاله البسمة بأخرى وهي تردف بحب :
_” هاعمل كدا إن شاء الله ، بس مش هقدر أبطل أحبه المتخلف ده “.
ضحكت جنات مردفة :
_” محدش قالك بطلي تحبيه بس بينك وبين نفسك وبس وزي ما قولتلك جربي تبعدي يعني كلامكم يبقى بحدود وفي أضيق الظروف مثلاً “.
………………………………………..
كان عائدًا من عمله بعد يوم عمل شاق ، عندما استوقفه أحدهم وهو يشير إليه ليقترب منه ، ابتسم محمد وهو يمد يده ليصافحه قائلا بنبرة هادئة:
_” عاش من شافك يا سُمعه إيه يا عم الغيبه دي ؟”.
بادله المصافحه وهو يقول بهدوء :
_” معلش بقى أشغال الدنيا تلاهي يا عم محمد ، بس أنت ليه مقولتليش يا راجل أنت ؟ ، بقى أسمع من الغريب “.
ضيق محمد عينيه و هو يطالعه باستغراب قبل أن يسأله :
_” مقولتلكش إيه؟”.
ضحك المدعو بـ سُمعه وهو يقول:
_” إنك خطبت للدكتورة “.
الذهول فقط ما اعترى ملامح محمد وهو يرد عليه بنفس النظرة :
_” الدكتورة وهو أنا عندي دكاترة وأنا معرفش بتقول إيه يا اسماعيل ؟”.
صمت المدعو بـ اسماعيل ثم قال بعد لحظة صمت:
_” أقصد آخر العنقود مش هي هاتبقى دكتورة إن شاء الله “.
_” أها إن شاء الله قول يارب ربنا يكرمها ، بس هاله لسه صغيرة على الكلام ده خطوبة إيه أنت بتهزر يا اسماعيل ؟ “.
تهدل كتفي اسماعيل وهو يقول :
_” اللي سمعناه إنها هي وابن ماجد لبعض يعني وأنكم مستنيين أما يروحوا الجامعه “.
رد محمد بصدمه :
_” أنت قصدك منذر ؟”.
أومأ اسماعيل بهدوء ثم تابع :
_” أيوه منذر هو أصلا والله واد جدع وانتوا مش هتلاقوا زيه وأهم متربيين سوا “.
_” استنى بس كدا ما تاخدنيش على مشامي منذر أنا بعتبره ابني اللي مخلفتوش وهو أخ لبناتي وعمرنا ما فكرنا في الموضوع ده طول عمرهم أخوات ، إلا أنت سمعت الكلام ده منين ؟”.
أشار اسماعيل إلى تلك القهوة القريبة وهو يقول :
_” طب تعالى نشرب كوبيتين شاي واحكيلك واحشني يا صاحبي”.
ابتسم محمد مرددًا :
_” وأنت والله ، تعالى يا سيدي “.
بعد أن استقروا على مقاعدهم هتف اسماعيل مخاطبًا صبي القهوة :
_” اتنين شاي يا درش “.
أشار الصبي على عينيه وهو يقول :
_” من عيوني يا عم اسماعيل هوا ويكون الشاي عندك “.
_” تسلم يا درش “.
اتجه بنظره إلى محمد ليقول مبتسمًا بهدوء :
_” الموضوع وما فيه إن متولي كان بيدور على عروسه لابنه والكلام جاب بعضه مش عارف مين قال على بنتك فردوا وقالوا إن هاله لـ منذر ومن الكلام ده بحكم إنهم على طول مع بعض يعني واللي يشوفهم يقول لايقين على بعض جدا يعني “.
وضع الصبي الشاي أمامهم فابتسم محمد في وجهه ثم قال :
_” زي ما قولتلك يا سمعه مفيش الكلام ده خالص طول عمرهم أخوات”.
_” أنا قولتلك اللي الناس ملاحظينه أصل ما تأخذنيش هما مش أخوات حقيقي ولا حتى في الرضاعه فالنسب متاح وكلام الناس مبيخلصش فأنت أحسن حل تقلل احتكاك بنتك بيه علشان محدش يتكلم عليها “.
…………………………………………..
كانت متسطحة على فراشها تطالع سقف الغرفة بشرود قبل أن تتقلب على جانبها الأيمن ، تفكر في كلام جنات معها ، رفعت رأسها قليلا باتجاه طاولة صغيرة قرب سريرها ثم مدت يدها إلى هاتفها ، نظرت إلى الساعه كانت تشير إلى الثامنة مساءا ، أخذت نفسًا عميقًا ثم اعتدلت نصف جلسه وهي تقلب في هاتفها بملل ، وبعد مرور عدة دقائق ألقت الهاتف وهي تزفر بثقل وقعت عينها على أحد كتب منذر الذي قد استعارته منه منذ فترة ولم تقرأ به ، نهضت عن فراشها والتقطت الكتاب وبدأت بالقراءة .
وبالخارج :
أغلق محمد الباب خلفه وملامح وجهه لا تفسر ، طالعته زوجته باستغراب قبل أن تردف :
_” مالك يا راجل جاي عامل كدا ليه ؟”.
وضع المفاتيح على الطاولة واتجه إلى أقرب مقعد قابله وارتمى عليه ، وهو يضع رأسه بين يديه ، ظلت زوجته تحدق به لثواني ثم اتجهت صوبه وجلست على مقعد قريب منه ، مدت يدها تمسك بيده وهي تقول بقلق :
_” مالك يا محمد مهموم ليه كدا ؟ حصل حاجه في الشغل ؟”.
حرك محمد رأسه وهو لا يزال على وضعيته يحجز رأسه بين كفيه ويزفر زفرات طويلة تعبر عن مدى همه ، ثم قال بعد لحظة صمت:
_” أنتِ إيه رأيك في منذر ؟”.
ضيقت زوجته عينيها باستغراب ثم رددت بدهشه:
_” رأيي فيه ؟ ايه اللي جه على بالك وبتفكر في إيه ؟”.
رفع محمد رأسه ونظر إلى عينيها قائلا:
_” جاوبيني بس “.
_” هقولك إيه ما انت عارفه كويس وعارف أهله هو شاب محترم وأخلاقه عاليه وكمان متربي مع بنتنا وبنعتبره ابن لينا “.
أرجع محمد رأسه للخلف وهو يقول :
_” كل ده أنا عارفه تفتكري ممكن يبقى بينه وبين هاله حاجه واحنا منعرفش ؟” .
حركت عينيها تردف بضيق:
_” حاجه إيه أنت هتصدق كلام المخبول ده ولا إيه؟”.
_” مش حكاية أصدق بس أنتِ شايفه بنتك بتتهرب مني إزاي ؟ والحيوان ده بيقول إنه مصورهم وحتى بنتك أثبتت الكلام ده في المحضر “.
صمتت تفكر في ما سمعته منه قبل أن تقول:
_” طب يا محمد أنت شوفت الصور دي اللي قال عليها “.
مسح محمد على لحيته وهو ينظر إلى باب غرفة هاله :
_” لأ ما شوفتهاش بس أنا أب ومن حقي اطمن على بنتي ، أنتِ مش عارفه الناس مطلعين عليها إيه قال هي ومنذر هيتجوزوا وبيحبوا بعض ومش عارف إيه؟ نفس الكلام اللي قالوا إسلام ده بردو أنا عقلي هيشت مني”.
سألته زوجته بعيون قلقه :
_” أنت هتعمل إيه؟ أنا واثقه في بنتي وعلاقتها مع منذر قدام عنينا لا عمرنا شوفنا منهم تصرف مش ولا بد الاتنين متربيين سوا كأنهم أخوات “.
اتجه محمد إلى غرفة ابنتهم وهو يقول :
_” هافهم من بنتك صور إيه دي ؟ وإيه حكاية الشائعات اللي طالعه عليها دي هي وابن ماجد”.
ختم حديثه وهو يطرق على باب غرفتها ، ليصله ردها بعد ثواني ، أدار مقبض الباب واطل بوجهه وهو يرسم ابتسامه لطيفه على شفتيه ، في حين نظرت له هاله بتوتر وهي تقول :
_” خير يا بابا “.
تقدم محمد أكثر وجلس على طرف فراشها وهو ينظر نحوها بعيون متفحصة :
_” خير يا قلب بابا ، لوله أنا ربيتك على الصدق مش كدا وكنا أنا وأنتِ اصحاب مش مجرد اب وبنته صح ؟ فليه مقولتليش على اللي بيحصل معاك ؟ ليه خبيتي الموضوع ده عني يا هاله ؟”.
شحب وجه هاله وهي تطالع والدها بأنفاس مضطربة لتتعرق بشدة وهي تقول بتوتر :
_” خير يا بابا إيه المقدمة الطويلة دي وموضوع إيه اللي خبيته عنك ؟”.
زفر محمد هواء من أنفه وهو يتنهد بتعب:
_” موضوعك أنتِ ومنذر يا هاله لايمتى هتتهربي مني ؟ أنا والدك ومن حقي أعرف إيه اللي بيحصل مع بنتي ؟فاتفضلي اشرحي لي إيه حكاية الصور دي ؟ وايه الكلام اللي بسمعه عنك أنتِ وهو ؟”.
فركت هاله أصابعها بتوتر شديد ، وهي تتعرق بغزارة من شدة الخوف ، ليقول والدها بحنان يكوب وجهها بين كفيه:
_” من غير خوف يا لوله احكي لي “.
اخفضت هاله بصرها صوب يديها التي تضغط عليهم من التوتر وهي تجاوبه بصوت منخفض حرج :
_” لما حصل اللي حصل ده وقدرت أفتح الباب جريت على منذر و …و حضنته فـ إسلام صورنا كذا صورة وهدد إنه هينشرها ويفضحنا خصوصا إن في إشاعات عني وعن منذر بس يا بابا إشاعات كدابه ومش صحيحه “.
شد والدها على شعره وهو يقول بضيق :
_” إيه حكاية الشائعات دي بقى ؟ “.
_” لأن منذر بيهتم بيا زي ما انتوا موصيينه فزمايلنا مش شايفين ده شايفين إننا يعني …زي ما أنت فاهم بس أدي كل الموضوع “.
صمتت هاله لثواني تطالع ملامح وجه أبيها لتجده هادئ إلى حد ما ثم تابعت وهي تتجنب النظر إلى عيني والدها المركزة عليها:
_” بس منذر أصلاً مش في باله الموضوع ده يا بابا هو طول عمره شايفني أخته وبيتعامل معايا على الأساس ده ، وأصلا في بنت معانا معجب بيها فالموضوع منتهي أصلا حضرتك مش محتاج تقلق من حاجه “.
كانت هاله تتحدث ببحه ينبعث منها البكاء حيث خفتت نبرة صوتها ليقول والدها وهو يطالعها بشك :
_” ده بالنسبه لـ منذر ماشي وبالنسبه ليكِ أنتِ بقى ؟”.
_” أنا إيه؟”.
مد والدها إصبعه السبابه يرفع ذقنها لتقابل عينيه عينيها التي تتهربان منه :
_” أنتِ إيه مشاعرك من ناحية منذر ؟”.
توترت أنفاسها وهي تردف بتهرب :
_” بابا لو سمحت …”.
قاطعها والدها وهو ينظر لعينيها:
_” بلا بابا بلا زفت اخلصي يا هاله أنت بتحبي منذر؟ آه أو لأ أنا هنا صاحبك مش بس أبوك فاتكلمي معايا بدون احراج “.
عضت هاله على شفتيها ولمعت عينيها بالدموع واكتفت بالصمت ، وهي تشعر بالحرج الشديد ، قبض محمد على يديه بانزعاج قبل أن يجذب رأسها إلى صدره وهو يربت على شعرها بحنان أبوي، لتجهش هاله بالبكاء بقوة ، تهمس بوجع بائن:
_” بابا أنا آسفه”.
تنهد والدها يقول بحزن وهو يبعدها بينما يديه لا زالت تحتفظان بوجهها :
_” هاله من انهارده تقطعي علاقتك بيه ، أنا غلطت إني سيبت العلاقة دي تستمر بعد ما كبرتوا ، كان لازم أراعي الله أكتر في تربيتكم أنا واثق فيك يا بنتي ومش معنى كلامي إن ثقتي فيك اتهزت أبدًا أنا عارف تربيتي كويس بس أقصد اختلاطكم ببعض والاحتكاك ده هو اللي ولد جواك الشعور ده وأنا مرضالكيش ده أبدا ، صحيح منذر مفيش غبار عليه والحق عمري ما شوفت منه حاجه وحشه بالعكس ، هو كان قد الدور اللي سلمتهوله من صغره ، أنا حتى بردو لسه كنت طلبت منه إنه يفضل أخ ليك “.
أسندت هاله رأسها على كتف والدها ودموعها تهبط بصمت بينما تستمع لحديث والدها ، لف يده حول عنقها وهو يضمها إليه مكملاً حديثه بنبرة حازمة:
_” عارف إن الموضوع هايبقى صعب بس انا كان لازم اعمل الخطوة دي من بدري بس كل حاجه في أوانها بقى ، ده آخر كلام عندي ، منذر ابن جيرانا فقط احتكاك معاه ممنوع يا هاله سمعاني؟؟”.
أجلت صوتها تهتف بنبرة باكيه:
_” سمعاك يا بابا “.
أكمل والدها حديثه وهو يرفع رأسها وهو يضم وجهها بين كفيه:
_”خلاص مبقتش متحمل أسمع كل يوم حاجه شكل يا هاله مش عايز الناس تتكلم عنك ولو بنص كلمه ، والحاجه اللي شوفتها في عيونك دي مش عايز أشوفها تاني ركزي على حلمك ومستقبلك وسيبك من الكلام الفاضي ده انا عايز أرفع رأسي بيكِ وقول بنتي بقت دكتورة زي ما طول عمري بتمنى مش عايزك تخذليني يا حبيبة بابا “.
بحرج ردت على والدها وهي تبكي :
_” حاضر يا بابا أوعدك مش هعمل حاجه غير إني اخليك فخور بيا “.
ابتسم محمد وهو يمسك برأسها يقبلها بحب وهو يقول :
_” هي دي بنتي حبيبتي ، ربنا يقدملك اللي فيه الخير والصلاح “.
اعتدل محمد واقفًا ليقع عينه على الكتاب الذي كانت تقرأ به حدق بالعنوان في ذهول وهو يردد بتعجب :
_” أبي الذي أكره !”.
ابتسمت هاله ببلاهه لتقول عندما لاحظت نظرات والدها المختلطة بالذهول والعتاب :
_” مش زي ما أنت فاهم يا بابا ده مجرد كتاب بيناقش سلوك الأبوين على تربية الطفل والنشأة “.
وأيضًا لم تتغير نظرة والدها لتردف هاله بتوتر بينما تمسك الكتاب تضعه خلف ظهرها :
_” بابا أنا بحبك على فكره “.
كلمة واحدة نطق بها والدها وهو يقطب حاجبيه:
_” منذر اللي عطاك الكتاب ده ؟” .
هزت رأسها بايماءة بسيطة وهي تبتسم بتوتر ليقول والدها بحنق:
_” واهو ده سبب كمان علشان تقطعي علاقتك بيه بيحرضك على كره أبوك أما أشوفك يا منذر ” .
………………………………………
مضت الأيام سريعًا وها قد انتهت فترة الامتحانات على خير ، وطوال الايام الماضية كانت هاله تتجنب منذر بقدر الإمكان رغم احتجاج قلبها على هذه الأوامر ، وصعوبتها عليه ، ولكنها أعطت والدها وعدًا بأن تركز فقط على دراستها وهي لن تخون الوعد حتى لو على حساب روحها .
تقابلت مع جنات وبعض زملائهم يتحدثون عما سيفعلونه في العطلة الصيفية وبدأت كل واحدة منهن تخبرهن بمخططها لذلك ودار بينهم هذا الحوار.
_” أنا أهلي عايزين يروحوا الصعيد عند عمي “.
خرجت تلك الكلمات من فم جنات وهي تتنهد بحزن لتردف سهام ضاحكة :
_” الصعيد طب والله يا بختك يا بت ده أجواء الصعيد ترد الروح يا جنات والجو بيبقى حلو أوي ومفيد للاسترخاء خصوصا إننا داخلين على الوحش يابنتي “.
أكدت على حديثها زميلة لهم تدعى رحاب :
_” سهام معاها حق أنا قرايبي في الصعيد بردو ومقولكيش بستنى الأجازة علشان أروح لهم إزاي ؟”.
ابتسمت جنات مردفة بضحك :
_” عارفه يا بنات وأنا بحب أروح هناك أصلا “.
صمتت لثواني وهي تحرك عينيها باتجاه هاله الصامته على غير العادة:
_” مالك يا هاله ساكته ليه كدا ؟”.
قالت هاله بابتسامه شاحبه :
_” أبدا بسمعكم”.
وضعت رحاب يدها على كتفها تردف ببسمة لطيفة:
_” طيب ماقولتيش مخططك للأجازة”.
ضمت هاله كتبها إلى صدرها وهي تقول بلامبالاة :
_” عادي لسه مش عارفه هيعملوا إيه ؟ المهم هتخرجوا ولا أروح ؛ لأني واقفه بالعافيه أصلا ومرهقه “.
رفعت جنات كتفيها قائلة ببسمة :
_” أنا عن نفسي جعانه نوم عايزه أنام براحتي بقى يا ناس بس بردو عايزه أخرج معاكم مش عارفين هنتقابل تاني إيمتى؟ “.
اقترحت سهام عليهم :
_” طب إيه رأيكم ندخل سينما يا شباب ؟”.
ضمت جنات شفتيها وهي تفكر قليلا ثم قالت برفض :
_” لا يا ستي أهالينا مش هيوافقوا شوفوا حاجه تانيه “.
تذمرت رحاب وهي تقول مؤيدة فكرة سهام :
_” بس السينما حاجه جديدة وبعدين إحنا كل مرة بنعمل إيه؟ بنروح نتغدى مع بعض ونتمشى شويه على الكورنيش غيروا بقى “.
وفي أثناء نقاشهم كانت عيني هاله تنظران حيث يقف منذر بعيون لمعت بهما الدموع قبل أن تعود بأنظارها صوب رفيقاتها .
……………………………………..
كان يقف وهو يستمع لحديث أصدقائه وبين الثانية واختها يختطف نظرة لـ هاله التي لسبب ما تتهرب منه ، فطوال فترة الامتحانات كان حديثهم قليل جدًا ، لا تسمح له برؤيتها أو الوقوف معها كما في السابق وهذا الأمر أزعجه وعليه مواجهتها ، انتبه على ضربة علاء على كتفه وهو يقول:
_” يا عم أنت ساكت ليه ما تنطق هتهببوا إيه؟”.
أبعد منذر يد علاء عن كتفه وهو يردف بضيق:
_” مش فارقه اعملوا اللي تعملوه وانجزوا بقى الشمس كلت دماغي “.
تحدث صديق لهم وهو ينظر إليهم:
_” مش عارف تيجوا نروح سينما في فيلم جديد نازل عرض أول وبيقولوا حلو البوستر بتاعه يجذب بصراحه “.
أيده علاء مبتسمًا باتساع:
_” فعلا شوفت البوستر بتاعه وعجبني طب يالا يا شباب “.
…………………………………….
بإصرار هتفت رحاب وهي تخرج هاتفها مشيرة لهم على إحدى الصور :
_” شايفين البوستر بتاعه يجنن بجد وباين عليه جامد ما تنجزوا بقى مش هنتأخر آخرنا سته المغرب “.
حركت هاله كتفيها قائلة ببسمة صغيرة:
_” والله يا رحاب أنا عايزه أروح بس ممكن بابا ما يوافقش لأننا …”.
قاطعتها رحاب وهي تقول بينما تمط شفتيها:
_” ياستي ما احنا شله أهو وكمان داخلينها في النهار ومتقلقوش الدار أمان جربوا بس وقولولهم” .
تبادلت هاله وجنات النظرات فأشارت لها جنات بالموافقه وهي تقول :
_” خلاص كلنا نكلم أهالينا نستأذنهم واهو كلها ساعتين بس والسينما أهي في وسط البلد مش بعيده “.
ابتسمت هاله بخفوت وهي تفتح حقيبتها تخرج هاتفها ، وفي أثناء ذلك أشارت لها جنات بعينيها ، ضيقت هاله عيونها باستغراب لم يدم طويلاً عندما اقتحم عطره أنفها ، ليزداد خفقان قلبها بقوة ثم وضعت الهاتف على أذنها تزامن ذلك مع وقوف منذر خلفها وهو يقول :
_” هاله ممكن دقيقه “.
التفت له هاله وهي تشير بيدها إلى الهاتف ثم انسحبت من بينهم بصمت ، تاركة خلفها منذر الذي يحدق بظهرها بذهول ، دام لثواني ثم قال موجهًا حديثه إلى الفتيات :
_” انتوا قررتوا هتروحوا فين ؟”.
كادت رحاب تجاوبه فأمسكت سهام بيدها تمنعها ، بينما ردت جنات عليه بإيجاز:
_” لسه بنتناقش علاء بيشاورلك أهو روح له “.
أومأ منذر برأسه بخفوت ثم عاود أدراجه وأثناء ذلك تقابلت عينيه مع عيون هاله التي تهربت منه كالعادة ، ولكن مهلا يكاد يقسم أنه لاحظ بعض الدموع في عينيها .

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية يوميات مراهقة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى