روايات

رواية يناديها عائش الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الجزء الخامس والخمسون

رواية يناديها عائش البارت الخامس والخمسون

يناديها عائش
يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة الخامسة والخمسون

الطمأنينة الوحيدة التي تسكُن قلبي دائمًا ..
هي أني تحت رعاية الله في كل ظرف.
3
********
“الحمدلله جت سليمة”
” لو مكناش لحقناه.. كان زمان أهله بيقروا عليه الفاتحة دلوقت ”
“كله بفضلك يا دكتورة شمس”
“الفضل يرجع لربنا”
“والله القمر ده خسارة في الموت”
“ما تتلمي يا بت بقى هو أنتِ أي حد حلو تحبيه”
“هو ده حلو و بس! ده عليه شوية شعر يخطفوا قلب الواحد”
2
” هو اسمه إيه صحيح ؟ ”
” بدر.. بدر محمد الخياط ”
“وصلتوا لأهله ولا لسه ؟ ”
“ايوه.. دكتور أشرف كلمهم و جايين في الطريق”
وصل أطرف الحديث لمسامع ذاك الذي يبدو أنه في غيبوبة مؤقتة بفعل اصطدام رأسه بسور الكُبري الحديدي، فعندما انتبه للسيارة قادمة نحوه بسرعة، توقف عقله عن العمل و لم يدرِ ماذا يفعل فقفز من أعلى الكبري قبل أن تصطدم السيارة به كليًا، و انقلبت السيارة عدة مرات وبدا المشهد أنها تحتضن بدر و تقفز به للبحر، ولكن بدر في الحقيقة قفز قبلها بثوانِ و من خلفه السيارة؛ لذا لم يكن جرحه كبير.. فقط نزيف في الجبهة تم مداوته و خياطته بأربعة غرز.
ذلك الحديث الذي وصل لآذان بدر، كان يدور بين اثنين من الممرضات تقفين مع الطبيبة التي حضرت الحادث و قامت بإسعاف بدر بسيارتها الخاصة للمشفى الخاصة بها.
سمع همساتهن وهن يتغزلن به، فتبسم خلسة بسخرية متذكرًا ذلك اليوم الذي طلبت عائشة منه أن يتحجب بسبب تغزل أصدقائها به.
***
“ادخل العربية حالًا
تساءل بعدم فهم
–في ايه ؟
–اخلص
قالتها وهي تحاول كبح غضبها.. فنفذ أوامرها دون جدال.. ركبت بجانبه قائلة
–أنت ايه اللي موقفك كده للي رايحه واللي جايه تبحلق فيك !!
تأملها بدهشة ليقول بعفوية
–اهدي بس.. ايه اللي حصل.. أنا عملت ايه ؟
انفجرت عائشة تصيح بـ غيرة وهي تلوح بيدها هنا وهناك بحركات طائشة
–أنا عايزه أعرف دلوقت ايه اللي مطلعك تقف قدام العربية وعاملي فيها توم كروز
كاد أن يتحدث ولكنها لم تدع له فرصة، حيث تابعت بصياح

2
رغمًا عنه ضحك على شكلها الغاضب وذلك اغاظها أكثر فضربته في صدره بخفة هاتفة
–أنت ليك عين تضحك..
أخذت تقلدهم لتقول بمياعة مصطنعة
–شعره أحلى من شعر الممثل التركي معرفش اسمه ايه.. عليه فورمة جسم خطشيرة.. ياربي عليه و على جماله. ”
**
رغمًا عنه صدرت منه ضحكات تنم عن اشتياقه لكل مواقفه مع عائشة، من الواضح أنه لن يستطيع التخلص من حبه البائس، لن يستطيع نسيان ابنة عمه أبدًا، فكل شيء يحدث له يذكره بها.
4
تبادلت الممرضتان النظرات باستغراب لتقول واحدة منهن
“هو مجنون ولا ايه ؟ ده أول ما فاق قعد يضحك ! ”
1
فترد الأخرى
” سبحان الله.. الحلو ما بيكملش ”
2
زادت تعليقاتهن تلك الساذجة من ضحك بدر، فظل يضحك حتى تلاقت عيناه بأعين الطبيبة “شمس” التي كانت تطالعه بصمت دون إبداء أي ردة فعل.. توقف بدر عن الضحك ثم حاول النهوض من فِراشه مستعينًا بالكومود بجانبه، فجسده ما زال متعبًا.. قال بلا مبالاة
” أنا همشي ”
أشارت الطبيبة بنظراتها للمرضتان لتخرجا، ثم اقتربت من بدر و سحبت كرسي لتجلس أمامه مباشرة قائلة بحدة
” مش قبل ما أكشف على قواك العقلية ”
3
تحولت ملامح وجهه للغضب، فوجد نفسه يهتف بدون وعي للكلمات
” نعم يا روح أمك !! قوايا العقلية !! أنتِ هتعملي عليا دكتورة يا بت ولا ايه ”
20
نهضت الطبيبة شمس لتصيح بغضب هي الأخرى
” أنت ازاي تكلمني بالطريقة دي ؟!! ”
1
“مش أنا مجنون ! يبقى أعمل اللي أنا عاوزه من غير ما حد يلومني”
2
قالها بدر وهو ينهض من على الفراش ليقف أمامها ببرود ونظرات عينيه لا تنبئ بالخير، توترت الطبيبة و ابتلعت ريقها خوفًا من أن يتهور ويفعل بها شيء، فقد أصبحت على دراية تامة الآن أنه بالفعل مريض عقلي !
1
نطقت شمس بتوتر
” ايه.. هـ.. هـتعمل ايه !! ”
قال بدر ضاحكًا وهو ينظر لها بخبث ويمد يده أسفل ظهرها، مما زاد ذلك من توتر و خوف الطبيبة، رفع المعطف الطبي الذي ترتديه ليصل بأطراف أصابعه لجيب البنطلون الخلفي..
12
________
في قلبي شخص واحد لا أقارنه بأحد مهما حدث.
1
****
ارتدت عائشة اسدال يشبه الفراشة أزرق اللون وعلى الصدر رسمة فراشة ذهبية، ذلك الإسدال الذي أهداه بدر لها في عيد ميلادها قبل السابق، ولكنه ما زال جديدًا نوعًا ما، و ارتدت جدتها خمارها على العباءة البيتية للذهاب للشارع المجاور لهم؛ لشراء السمن و القشطة من أم رحيم.
2
في الطريق كانت نظرات أهل البلدة تكاد تأكل عائشة، و تعالت الهمسات بينهم متسائلين من تلك الفتاة التي تسير برفقة المرأة إخلاص يا تُرى ؟
شعرت عائشة بالرهبة منهم، فسألت جدتها عن أسباب تلك النظرات، قالت الجدة إخلاص
“مستغربين اكمن قاعدة لوحدي ومنديش بنات، وهما عارفين إن جميلة خالتك مسافرة و مبتنزلش هي وعيالها غير كل كم سنة مرة، و كمان عارفين عيالها، يعني أنتِ أول مرة يشوفوكِ”
” اممم.. محسسني إنهم شافوا عفريت ”
1
ردت الجدة ضاحكة
” ده أنا بنتي قمرين.. لما يعرفوا إنك حفيدتي.. مش هنلاحق على العرسان ”
2
“لا عرسان ولا بتنجان.. السيرة دي بتموع نفسي”
3
تابعت إخلاص بضحك
” خلاص وصلنا.. ده البيت.. اللي في الوش ده ”
نظرت عائشة للمنزل الراقي بدهشة هاتفة
” ده !! مش باين عليه خالص أن صحابه بيربوا فيه بهايم و يعملوا سمنة و قشطة !! ”
قهقهت الجدة قائلة
” لا هما فعلًا عندهم مزرعة مواشي بس في الأرض اللي وراهم.. أما ده بيتهم.. يعتبر أحسن بيت في القرية ”
” اشمعنا يعني ؟ ولاد ذوات ! ”
قالتها ساخرة، فأجابت إخلاص بتأكيد
” هما فعلًا ولاد ذوات.. جوزها الله يرحمه كان ظابط في الجيش و عندهم فدادين و مزرعة يرمح فيها الخيل.. ربنا يزيدهم ”
” طب هنفضل نتكلم عن أم رحرح كده كتير..
أنا جُعت ”
” أم رحرح مين ؟ ”
” مش بتقولي اسمها أم رحيم.. أكيد ابنها اسمه رحيم ودلع رحيم رحرح.. و لا ده أصلًا اسمها مولودة بيه ؟ كُنية يعني.. زي أم الشلاتيت كده ؟ ”
2
” أم الشلاتيت !! معتيش تنامي بالنهار تاني.. أنتِ أما بتنامي العصر في يوم بتقعدي أسبوع تخرفي بعده”
3
قالتها الجدة و هي تضحك من قلبها على ما تتفوه به عائشة من سخافات، كانت إخلاص بالفعل في حاجة لونيس يؤنس وحدتها وها قد منّ الله عليها بحفيدة اتخذتها إبنة لها، و كانت عائشة بحاجة لأم لترتوي من حنانها فساق الله إليها تلك الجدة طيبة القلب.
ضغطت إخلاص على الجرس ليأتيها الصوت بعد لحظات يتساءل من الطارق، فالبوابة الكترونية و تعمل بخاصية تشبه الهاتف، كشفت إخلاص عن هويتها لتفتح المرأة البوابة بالزر الإلكتروني، دخلت إخلاص تسحب عائشة في يدها، و ماهي إلا لحظات و نزلت أم رحيم لترحب بهن.. إمرأة في منتصف الخمسون سمينة قليلًا، بيضاء الوجه هادئة الملامح و البسمة العذبة لا تفارق شفتاها.. سلمت على إخلاص بحفاوة كأنها لم تراها من مدة، ثم سلمت على عائشة وهي تتساءل بإعجاب واضح
1
” مين الأمورة دي يا إخلاص ؟ ”
تبسمت إخلاص وهي تنظر لعائشة التي بدا الخجل عليها
” دي عائشة.. بنت بنتي الله يرحمها ”
توسعت حدقتي المرأة لتقول في دهشة
“هي ناهد كانت مخلفة ؟؟ ”
أومأت إخلاص بهدوء
” آيوه.. بس مكنتش أعرف لأن أنتِ عارفة اللي حصل وقتها و احنا مكناش على اتصال بيها أصلًا ”
هزت المرأة رأسها بتفهم و بلطف منها، تخطت الموضوع و تغاضت عن الحديث فيه، لتقول بنبرة حنونة
” زي القمر يا عائشة.. بسم الله ما شاء الله”
ردت عائشة بخجل
” شكرًا يا طنط ”
” أنتِ قد ايه بقى ؟ ”
” أنا في أولى هندسة ”
” ما شاء الله.. ربنا يوفقك يا حبيبتي..إما أقوم أعملكم حاجة تشربوها ”
اعترضت الجدة شاكرة اياها
” اقعدي ما تتعبيش نفسك.. أنا كنت عاوزه كيلو سمنة و كيلو قشطة عشان عائشة نفسها في الفطير ”
تبسمت المرأة قائلة
” من العين دي قبل العين دي.. بس لازم تشربوا حاجة الأول.. ولا عاوزه عائشة تقول علينا بُخلا ! ”
بادلتها عائشة الإبتسامة دون تعليق، و ذهبت أم رحيم للمطبخ لإعداد العصير، في تلك الأثناء خرج شاب في مقتبل الثلاثون من غرفته يرتدي فانيلا بحمالات سوداء اللون، و سروالًا قصيرًا يصل لأعلى الركبة بقليل، يضع منشفة على كتفيه، والعرق يتصبب من جسده بسبب ممارسته الملاكمة في الكيس المعلق في منتصف الغرفة.. فارع الطول، عريض المنكبين، حنطي اللون، ذو رموش كثيفة كأنه يستخدم ماركة عالية من الماسكرا، حليق الذقن و شعره أسود قصير به خصلات بيضاء ورثها عن جده منذ صغره، عيناه تميل للون الكهرماني و هو أصفر برتقالي داكن، برغم ملامحه الجذابة، إلا أنه يكره أن ينعته أحدًا بالوسيم، و يكره أن يكون الرجل ذو ملامح جميلة، لأنه في نظره يرى أن النساء لا تنجذبن إلا للرجال الجذابين ولا يلتفتن للشخصية أو الطبع وغيره من الصفات الأخرى، لا يحب أن تعجب به إمرأة من أجل وسامته أو جسده الرائع أو ثروته الكثيرة؛ لذلك هو لا زال أعزبًا ولا يريد الزواج.
8
ألقى التحية على إخلاص و عينيه معلقة على عائشة، التي فور أن رأته أخفضت بصرها في الحال و احمر وجهها من رؤية رجل شبه عاري هكذا.
” ازيك يا خالتو ”
” ازيك يا حبيبي.. عامل إيه”
” الحمدلله.. أخبارك ايه و صحتك عاملة ايه ؟ ”
“في نعمة والله يابني.. الحمدلله”
اتجه للمطبخ، بينما عائشة همست لجدتها بضيق
“مش تقوليلي يا تيته إن عندها رجالة كبار.. مكنتش جيت”
ضحكت جدتها قائلة
” والله ما كنت أعرف إنه هنا.. أصل هو ظابط وعلطول برا بيتهم”
3
“برضو.. كنتِ عرفيني”
” أهو ده بقى رحرح ”
ضحكت عائشة لتقول بسخرية
” الهلف ده كله رحرح ! ”
لمعت عيناها وهي تحدث نفسها بصمت
” بدر كان طويل كده برضو.. بس بدوري مفيش في حلاوته.. آه لو بس أشوفه تاني.. وحشني أوي.. يا ترى هو بيعمل ايه دلوقت.. و مشتاقلي برضو زي منا مشتقاله كده ولا نساني ؟ ”
7
_____________♡
بحركة سريعة منه، قام بسحب الحقنة من جيب بنطالها الخفي و التي اتضح أنها أخفتها عنه؛ لئلا يراها و تثير ثائرته، فهو في نظرها مجنون !
2
أخذ بدر الحقنة و ثني الإبرة ثم ألقى بها بعيدًا في انفعال ليصرخ بتعصب
” أنا مش مجنون يا دكتورة عشان تعملي حسابك في حقنة مهدئ تدهاني على غفلة.. ولا واحد بريالة عشان يضحك عليه.. أنتِ عملتي معايا واجب و خيطي الجرح.. لحد هنا و شكرًا، و ابعدي من سكتي خليني امشي ”
وقفت شمس أمامه بشجاعة مزيفة تمنعه من الخروج قائلة بلوم
” لو مش مجنون مكنتش حاولت تنتحر، عشان كده نطيت من فوق الكبري بعربيتك ”
3
نظر لها بدر بصدمة من قولها، و ردد
” حاولت انتحر! .. و نطيت من فوق الكبري !.. أنتِ متأكدة أنك دكتورة ! شكلك لسه طالبة و جايه تدربي على أمي و هتقرفيني معاكِ ”
4
زفرت شمس بضيق من أسلوبه و قالت بتهديد
” ممكن تتكلم بطريقة أحسن من كده ! ”
” أنتِ عبيطه ! هو أنتِ مش مفكراني مجنون ! يبقى اتكلم زي منا عايز بقى ”
خافت شمس من نبرة صوته، فلجأت لطريقة أخرى لجعله يهدأ وهي أن تثير شفقته على نفسه.. قالت موضحة الحادث
” ممكن تهدى عشان أقولك اللي حصل ؟ ”
“ايه اللي حصل !؟”
قالها بدر وهو يزفر بضيق، أشارت له شمس بأن يجلس، فانصاع لأوامرها ببرود منصتًا لها.. تابعت بهدوء
“أنا كنت سايقه عربيتي رايحة المستشفى، لقيت ناس كتير ملمومة عند الحافة بتاعت البحر كده وشفت اتنين شباب بيطلعوك من المية و أنت كنت فاقد الوعي وبتنزف، وشفت العربية بتغرق جنبك، فخليتهم يركبوك معايا بعد ما عرفوا إني دكتورة وخدتك على المستشفى، بعت جبتلك لبس والممرضين غيرولك ده بعد ما خيطلك الجرح، و عرفنا من بطاقتك الشخصية اسمك و للأسف ملقناش تليفونك.. بس قدرنا نوصل لعيلتك و بلغناهم وهما على وصول”
صاح بدر بانفعال
” قولتلهم ايه !! ”
ردت شمس بحذر
“مرضناش نقولك انك حاولت تنتحر.. قولنالهم بس انك تعبان وفي المستشفى عشان يجوا يخدوك.. بصراحة خفنا تحاول تنتحر تاني”
1
صرخ بدر عليها
” برضوا هتقولي حاولت اتهبب انتحر.. العربية دي مش بتاعتي.. واحد كان سايقها ومعرفش يسيطر على الفرامل راح ناطط منها وسابها نزلت في الميه، ولولا إني نطيت أنا كمان في البحر كان زمانها جابتني نصين.. افهموا قبل ما تفسروا على مزاجكم ”
1
شعرت الطبيبة بالأسف حياله، و اعتذرت منه بأسى
” حقك علينا.. المهم أنت حاسس بإيه دلوقت ! بقيت أحسن ؟ ”
” أنا عايز أمشي ”
” مش قبل ما نطمن عليك الأول ”
1
” ياستي أنا كويس.. امضيلي يلا على خروج عشان اتنيل أمشي ”
” هو أنت عصبي كده ليه ! طب حتى اصبر لما أهلك يجوا ”
1
” ملكيش دعوة.. أنا هعرف اتصرف.. ابعدي عن طريقي لو سمحتِ ”
بدت كالبلهاء وهي تسأله بفضول
” معلش هو أنا ممكن أعرف أنت أول ما فقت كنت بتضحك أوي كده على ايه ؟ ”
طالعها بدر للحظات بدهشة من سؤالها، و أثناء مطالعته لها تحولت ملامحه من الدهشة للتعجب وليس الإعجاب فالفرق بينهما كبير لو تعلمون..
فتاة نحيفة، قصيرة القامة ذات بشرة قوقازية و عينان عسلية فاتحة، لها شعر بني تربطه كذيل الحصان يصل لمنتصف ظهرها، و ملامحها تبدو أنها في المرحلة الإعدادية و ليست فتاة ناضحة في آخر سنة لها من كلية الطب البشري!
6
رد بدر رد أكثر غرابة من سؤالها الفضولي
” هو أنتِ جايبينك من تانية أول تشتغلي دكتورة ! ”
احتقن وجهها لتقول وهي تشهر سبابتها في وجهه
” احترم نفسك أحسنلك.. المستشفى اللي أنت فيها دي أنا ابقى صاحبتها ”
” بجد والله ! اتصاحبتي عليها امتى ؟ ”
3
” أنت هتهزر ! ”
” اومال أسيبك تهزري لوحدك ! ده حتى يبقى عيب في حقي.. بقولك ايه يا شاطرة روحي العبي بعيد عني و سيبيني أمشي ”
” مفيش مشيان غير أما اطمن أنك بقيت كويس.. و اهلك يجوا يستلموك.. من فضلك سيبني اقوم بواجبي كطبيبة ”
1
لم يستطيع بدر تمالك نفسه من الضحك ليقول ساخرًا من طريقة كلامها الطفولية
” هو ايه اللي أهلك يجوا يستلموك ! هو أنا في حضانة هنا.. شكلك أول يوم تدريب ليكِ انهارده و ملقتيش غيري اللي تمارسي هطلك عليه ”
” مسمحلكش.. احترم نفسك بعد إذنك ”
” حاضر هحترم نفسي”
قالها وهو يعود للضحك بشدة، حتى دخل أحد الأطباء الرجال كانت الممرضة قد أخبرته أنه مجنون ووصل لمسامعهم شجاره مع الطبيبة شمس قبل قليل، فاتجه إليه و قبل أن يرى بدر حقنة المهدئ، أعطاها له ليسكن جسد بدر بعد ثوانِ لحين مجئ عائلته.
26
____________♡
فور رؤية قُصي لكارمن تقف أمام منزله، فتح فمه بدهشة و اتسعت عينيه بذهول غير مصدق ما تراه، ظل هكذا للحظات ينظر لها بدهشة و فمه مفتوح على مصراعيه حتى لاحظت ذبابة ذلك و كانت تمر في سلام من أمامه ووجدت فمه مفتوح فظنت أنها مغارة علي بابا، وكادت أن تدخل لولا أنه استوعب الصدمة أخيرًا و أغلق فمه.
3
” أنتِ ايه اللي جابك !!؟ ”
تصنعت كارمن الاستياء لتقول
” كده برضو يا كوكي.. و أنا اللي قلت أنك هتفرح عشان عملتلك مفاجأة ”
” هي مفاجأة فعلًا.. و هيطلع عين أهلي انهارده ”
كانوا صبية الحارة يقفون متجمعين بالقرب من منزله ويحدقون في كارمن وهم يضحكون و يدفعون ببعضهم البعض للاقتراب منها، انحنى قصي ليجمع بعض الحصى في يده ثم أخذ يضربهم به و هو يقول
“يلا يالاه أنت وهو من هنا.. أول مرة تشوفوا لحم أبيض.. يلا ياض منك له”
1
ضحكت كارمن برّقة ثم تعلقت في ذراع قصي لتسحبه لداخل الحديقة قائلة
” مش يلا بقى عشان تعرفني على حمايا و حماتي ”
1
هتف قصي سريعًا وهو يراقب المكان من حوله خوفا أن يراه والده
” لأ مش دلوقت خالص الكلام ده.. هما معندهمش علم أنك هتيجي انهارده و البيت مش مترتب وكده.. وأصلا هما نايمين.. عشان بابا تعب امبارح وروحنا بيه المستشفى ولسه جايين يادوب من شوية..”
” قصي.. أنت مبتحبنيش ! ”
قالتها باستعطاف و بدموع مزيفة، مما اندفع قصي ليقطف وردة من الحديقة و يقدمها لها قائلًا
” ازاي تحكمي على قلبي أنه مبيحبكيش و أنا قتلت الوردة عشانك.. قطفتها و حرمتها أنها تكبر وتكون شجرة عشان بس أثبتلك إن الوردة دي قدام جمالك ولا حاجة.. أنتِ الحُب الأول و الأخير.. أنتِ الهوا اللي بيطير.. أنت أم عاطف و سمير
13
” عاطف و سمير مين !
1
“ده عشان القافية بس.. خليني أكمل لو سمحتِ.. متقاطعنيش.. ماشي !
2
” ماشي ”
“أنتِ اجمل من عبير، لحمك ولا لحم الحمير
3
” أنت بتقول ايه ؟؟؟
” قولتلك متقاطعنيش.. متقطعيش حبل أفكاري.. كفاية حبل الغسيل بتاع أمي اتقطع و أنا بتمرجح عليه
1
” قُصي.. ولا يا قُصي.. مين اللي كان بيرن الجرس؟ ”
كان ذلك صوت والده، مما ألقى قصي الوردة من يده وبدأ اللف حول نفسه بتوتر، يفكر كيف سيخفي كارمن
” يلهوي أبويا.. استخبي بسرعة ”
1
شعرت كارمن بالتوتر هي الأخرى فقالت بقلق
” استخبى فين ؟ ”
” في بير السلم .. لأ استني.. تعالي ادخلك أوضتي من الشباك.. لأ مش هتعرفي.. أنا عامل حتة أوضة ليا على السطح بتاعتي محدش بيخشها غيري.. مسميها أوضة هدوء الأعصاب.. عشان اما بكون مخنوق بريح فيها أعصابي.. بس دلوقت هريحك أنتِ ”
“هتعمل ايه !! ”
” هريحك من التوتر يعني.. يلا يلا قبل ما نتقفش ”
أخذها ليصعد بها في الخفاء و بحذر فوق السطح، ثم أدخلها تلك الغرفة الصغيرة ليقول لها بصوت خافت
” خليكِ هنا خمسة كده على ما أنزل اظبط الدنيا تحت ”
قالت ببراءة مصطنعة
” متغبش.. أنا بخاف ابقى لوحدي ”
رد بغمزة لعوب
” و مين قالك أنك هتبقي لوحدك.. أنا هطلعلك أخويا ”
تركها في حيرة و دهشة من أمرها، بسبب جملته الأخيرة، و أيضًا شعرت للتو أنه أحيانًا يحبها و أحيانًا يراها فتاة للتسلية فقط.. توعدت نفسها بغيظ
” قريب أوي يا قُصي.. هانت ”
1
حاول قصي المحافظة على هدوئه وهو يدلف للداخل، وجد والده يجلس أمام التلفاز في الصالة.. قال له بدهشة
” ايه اللي مصحيك يا بابا دلوقت.. هو أنت لحقت نمت ! وبعدين مش الدكتور قالك ترتاح.. مصمم تتعب نفسك ليه ؟ ”
تجاهل والده أسئلته ليبادر بسؤال استعد له قصي
” مين اللي كان بيرن الجرس.. وغبت كده ليه برا ؟ ”
” ده واحد صاحبي عاوزني نروح نلعب بلايستيشن.. قولتله بالليل عشان مشبعتش نوم بصراحة و مش قادر افتح عيني ”
“طب ادخل نام”
أومأ دون أن يقول شيء، ثم دلف لعند أُبَيّ كان ما زال نائمًا، هزه قصي ليوقظه وهو يهمس بجانب أذنه
” بيبو.. أُبَيّ.. الحقني.. كارمن هنا ”
ما إن سمع أُبَيّ اسم كارمن، اعتدل مكانه في الحال متسائلا بدهشة
“هنا ازاي ؟؟ ”
أشار قصي لإصبعه للسقف
” فوقك.. على السطح ”
“عملتها يا قصي.. أنت مش هتبطل تعمل اللي في دماغك بقى.. ابوك لو عرف هيطربق الدنيا فوق راسنا”
حك قصي شعره بقلة حيلة
“والله ما كنت أعرف انها هتيجي من غير ميعاد”
3
نظر له أُبَيّ نظرات ذات مغزى يفهمها قصي جيدًا، ثم جذبه من شعره برفق الذي طال مؤخرًا.. ليقول بهمس خوفا أن يسمعهما أبيهم
” أنت طالما طلعتها في الأوضه اللي فوق يبقى أنت عارف كويس هتعمل ايه.. ومش مستني مني مساعدة.. لأن كارمن سواء جات بميعاد أو من غير.. فأنت كده كده مش ممانع و خطتك ماشية زي ما أنت راسمها بالظبط.. مش كده ولا ايه ! ”
تبسم قصي من تفهم شقيقه لكل ما يدور في رأسه
“كده يا باشا.. بس بجد قلقان من أبوك.. مش عاوزه يشوفها دلوقت أو يعرف بالموضوع”
“متقلقش مش هيعرف حاجة.. كمل اللي أنت ماشي فيه وسيبلي الباقي”
لحظات و سمعا صوت الباب وهو يُفتح، فاصطنع الاثنان النوم سريعًا..
دلف مجاهد باتجاه قُصي و وجهه يتهلل فرحًا، أخذ يهزه وهو ينادي عليه بنبرة فرِحة
” قُصي.. ولا يا قُصي.. اصحى يالاه
اصطنع قُصي أنه يريد النوم، فصاح بصوت ناعس
_ايــــــه.. في ايــــه !!!
” أنت طلعت الأول مع مرتبة الشرف ”
“دي غير مرتبة النور !”
قالها وهو يفرك عينيه الناعسة
“مرتبة نور ايه ! يابني بقولك أنت طلعت الأول مع مرتبة الشرف ”
4
“طلعت معاها فين ؟ ”
“كمل نوم.. أنت اللي زيك يتستت ويقعد في البيت”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية يناديها عائش)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى