رواية وميض الحب الفصل العاشر 10 بقلم لولي سامي
رواية وميض الحب الجزء العاشر
رواية وميض الحب البارت العاشر
رواية وميض الحب الحلقة العاشرة
تصنف الأشخاص إلى نوعان
إما إيجابية فهي أفعال لا اقول
وإما سلبية فهي بلا اقوال ولا افعال
وما بين هذا وذاك خيط يتأرجح بينهما بالاقوال فأحيانا تصمت فتوشم بالسلبية واحيانا تتحدث فتنعت بالايجابية….
فكيف بإنسان يبدو إيجابي من أفعاله ويتحول لسلبي مع إناس بعينهم
تتمدد بجواره على الفراش لتستيقظ قبله ثم أسندت على مرفقيها وهي تلتف بجذعها إليه تملي عيونها من ملامحه التي تعشقها …
أنفه المدبب ،ذقنه النابتة والتي تشدد عليه بعدم حلقها ، حاجبيه العريضان …
ملامحه الحادة كطباعه …
تتذكر ليلتهم بالأمس وهو يغدقها بحبه الذي لا يظهر إلا قليلا
اخذت تمرر اصابعها على ذقنة وهي تمتم لحالها / لو بس تبقى حنين كدة على طول…
كادت تقترب بسبابتها من شفتاه إلا أنها فوجئت به يقضم سبابتها لتطلق شهقة اثر المفاجأة وهي تقول له / انت صاحي بقى …
اتسعت ابتسامته ومازال مغمض العينين ثم أفرج عن سبابتها من بين اسنانه وفتح عيونه ناظرا لها بعشق واضح وهو يجيبها قائلا / يعني واحدة بقالها ساعة باصة في وشي،
وبعدين تلعب فى وشي البخت مش عايزاني اصحى ؟؟
رفعت صفاء إحدى حاجبيها بتعجب قائلة / دانت صاحي من بدري بقى …
قرص وجنتيها قائلا / من اول نفس منك جه على وشي ….
ثم أردف سائلا / كنتي بتبصي عليا ليه ؟؟
غمز. بإحدى عيونه قائلا/ عجبتك …
اتسعت ابتسامتها وهي تجيبه بحب / كنت بشوف الفرق بين الشقي اللي كان معايا بالليل، وبين البرئ اللي نايم جنبي ….
بلحظة تبدل الحال لتجد نفسها على ظهرها وعادل يعتليها فجأة ويحاوطها بذراعه قائلا باشتياق / والشقي لسه موجود ومستعد يكمل شقاوته حالا ….
أطلقت ضحكتها الصاخبة وهي تحاول إزاحته من عليها وهي تجيبه / اوعى بقى يا عادل انت مبتشبعش ؟؟
أنا مش قدك ….
ثم إنه مفيش وقت اصلا لسه هروح لماما علشان ابارك لعبدالله ….
فجأة اعتدل من عليها وقتمت نظرته ليتراجع بظهره يستند على نافذة الفراش موليا نظره للاشئ امامه وهو يسالها / مين جاي النهاردة عند مامتك ؟؟
أدركت محتوى سؤاله لتحاول اراحته فقالت / مفيش حد أنا وأخواتي وسيد وهند بس ….
ساد الصمت بينهم حتى شعرت صفاء بالرفض يحوم بالآفاق لتضطرب فتحاول تهداة الأمر / ما تيجي معايا يا عادل وتبارك لعبدالله…
انت بتقول انك بتعزه ….
ظل صامتا لا يجيبها ولا يريحها حتى نطقت جملتها / لو مش عايز اروح النهاردة بلاش ابقى ابارك لاخويا يوم تاني !!
شعر أنها تحاول ارضاءه ليغلق عقله عن التفكير بحكمت وبناتها وكيف يحاولون التأثير عليها لينطق منهيا صمته / متتاخريش عن تسعة بالليل …
فوجئت برده الذي لوهلة شعرت أنه رفض حتى أدركت جملته لتعتدل تقبل وجنتيه يمينا ويسارا وهي تكرر / حبيبي ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ابدا….
اعتدل بجلسته دون الرد عليها فبرغم موافقته إلا أنه لا ينكر رفضه وغضبه الداخلي ولكنه صارع حاله حتى ينطق بعكس ما يريده ….
استقام وتوجه للمرحاض وما زال مقتضب الوجه وكأن القرار الذي اتخذه كان عن غير رضا …
بينما هي تنفست الصعداء وهي تنتصب وتبدأ في إعداد ملابسها وملابس الاطفال لحين خروجه من المرحاض …..
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
أما لدى يمنى فقد مر اربع ايام على زواجها لم تشعر بالهناء أو الزواج سوى يوم الصباحية حتى هذا لم يكتمل…
استشعرت مرور أربع أعوام ليس أربع ايام من كم الإجهاد التي تشعر به
لم تكن تتوقع كل ما حدث …
وقفت تعد صينية الافطار وهي تزفر بارتياح اخيرا.
فاليوم هي وزوجها مدعوون لمنزل والدتها …
اذا فكل ما عليها أن تعد الافطار وتعيش معه بعض ساعات من السعادة اللذان افتقدوها بالايام السابقة قبل أن تذهب لوالدتها …
ابتسمت حين تذكرت انها اليوم لن تبذل جهدا كالايام السابقة ،
كما أنها حين تعود ليلا ستكمل ليلها مع رفيق دربها ويقضون لحظاتهم السعيدة معا، فقد اشتاقت لعشقه وحنانه الذي يغدقها به…
أنهت إعداد الصينية لتحملها وتتجه إلى غرفتها حتى توقظ حبيبها بطريقة رومانسية كما خططت ببالها…
دلفت الغرفة لتعقد حاجبيها حينما رأته يجلس على الفراش ويحادث أحدا بالهاتف.
لوهلة شعرت بالاحباط لفساد مخطط ايقاظه لتضع الصينية على الفراش أمامه وتسأله بتعجب / بتكلم مين يا بودي ؟؟
أشار لها بسبابته أن تصمت ثم أشار لها بالانتظار وهو يحاول الابتسامة ويكمل هو حواره مع محادثة / حاضر حاضر أن شاء الله….
عيوني ليكي يا حجة …
احنا لينا بركة غيرك …
مع استماعها لآخر جملتين وعت شخصية المتصل لتزم شفتاها وتنظر للأعلى باقتضاب …
لاحظها عبدالله ليربت على فخذها بعد أن أنهى المكالمة قائلا / عمللنا فطار ابه بقى ؟؟
نظرت له يمنى باقتضاب وهي تشرح له مخططاتها / قومت من جنبك براحة علشان متصحاش وألحق اعملك فطار، علشان اعملك مفاجأة بس يا خسارة اتفاجأت انا لما لاقيتك صاحي ….
ابتلع عبدالله لعابه بصعوبة وهو يتمتم لنفسه قائلا / أمال لو عرفتي المفاجأة التانية …ربنا يستر ..
ثم حاول تصنع الابتسامة وهو يقول / احنا فيها يا جميل اعمل نفسي نايم وأشوف هتصحيني إزاي …
لوحت يمنى بكفها وهي تبدأ بتناول فطورها قائلة / لا ملوش لزوم ……
صحيت وخلاص …..
يالا كل قبل ما البيض والبسطرمة يبردوا …
كانت تتحدث باقتضاب ليبدأوا بتناول فطورهم وسط صمت لا يتمناه كلا منهم .
فهي تريد معاتبته بكل ما مضى إلا أنها فضلت أن تنحي الماضي جانبا وتعيش معه لحظاتها الجميلة.
بينما هو كان يحاول ترتيب ما يريد أن يلقيه عليها …
كان يود التحدث عن مدى شوقه لها وعن نومها بالأمس وتركه يتجرع نار الاشتياق ولكنه تراجع فورا ليتذكر ما هو مقبل عليه ….
فقطع الصمت سائلا إياها بوجه بشوش / مقولتيش يا جميل مخططك ايه النهارده ؟؟
فور سؤاله شقت الابتسامة ثغرها وقد استشعرت منه الاهتمام التي تبحث عنه ورغبته في ترتيب يومهم معا ،
وهذا أسعدها كثيرا فأخيرا يجلسون ويتحدثون بل ويخططون يومهم وربما يتناقشون بوسط جو لا يخلو من اللحظات الرومانسية …
لتعتدل بجلستها وهي تجيبه بوجه مشرق وسعيد / بعد الاكل عملتلك بروجرام رائع اول حاجة هنرقص علشان انت مشفتش رقصي ….
على فكرة أنا برقص حلو جدددا ….
وبعد الرقص هنتفرج على فيلم رومانسي سوا قبل ما نروح لماما ….
ولما نرجع من عندها نسهر مع بعض شوية انت بجد وحشتني اوي يا بودي …
وطبعا مش هكون مجهدة زي كل يوم فهتلاقيني بكل طاقتي معاك ….
اخذت تملي عليه أحلامها بينما هو كان يستمع لهذه الاحلام المشروعة بقلب منفطر …..
لا يعلم كيف يخبرها أنه يشتاق أكثر منها لكل هذا…
بل لو كان بمقدوره فهو لن يتركها تكمل وصلة رقصها حتى يشبعها حبا …..
حاول اصطناع الابتسامة ولكن لاحظته يمنى أنه لا يتفاعل معها حتى ابتسامته تلك لم تكن صافية لتنهي حديثها سائلة إياه / مالك يا بودي شكلك مش مبسوط ايه مبتحبش الرقص؟؟
دانا حتى جايبة بدلة مخصوص جميلة جدا ..
ابتلع لعابه وهو يزيح عن فكره مجرد تخيلها بهذة البذلة ولحظات رقصهم ، ليحتضن وجهها بين كفيه وهو ينظر داخل عيونها ويقول بأسف / انا بموت في الرقص البلدي واكيد نفسي اشوفك وانتي بترقصي….
بس ممكن ناجل البرنامج ده لبكرة !!!
انزوى ما بين حاجبيها لتساله بتعجب / اشمعنا بكرة ليه مش النهاردة …
أنا ما صدقت نبقى فاضيين ومع بعضينا ……
ترك وجهها ليمسك كفيها ويمسد عليهم وهو يقول / أصل الحاجة عزمانا على الغدا فعقبال ما ننزل ونتغدى وبعدين….
لم تنتظر سرد مخططه التي لا تعلم عنه شيئا لتوقفه متسائلة / استنى استنى معزومين فين ؟؟؟
انت قصدك عند مامتي مش كدة ؟؟
حاول جاهدا الاحتفاظ بابتسامته الواهية وهو يؤكد ظنونها الذي لا يعرف كيف يقنعها/ لا اقصد ماما حكمت عزمانا النهاردة تحت عندها…..
قطعت حديثه ثانية لتتحدث هي بعصبية واضحة / معزومين إزاي تحت وانت عارف وماما حكمت عارفة أننا معزومين عند مامتي ….
انت مقولتلهاش يا عبدالله ؟؟؟
زاغت أعين عبدالله وهو يحاول الهروب من نظراتها ويحاول البحث عن مبرر قائلا بتلعثم / لا … لا قولتلها بس هي نسيت خالص…..
اه اه نسيت خالص وعزمت اخواتي واجوازهم وأولادهم …..
بصي احنا ممكن نتصل بماما سعيدة ونقولها تخلي الغدا عشا…..
وبعد ما نتغدى هنا نروحلها ونتعشى هناك ونسهر معاهم ايه رايك كدة …..
ظلت تنظر له بدهشة فهي تعرف عبدالله بايجابيته كيف يتحول للسلبية هذه مع أهله!!!
فهو لا يستطيع حتى أن يعترض….
هذا ما استمعت إليه بنفسها بنهاية المهاتفة فقد واعد والدته دون أدنى اعتراض منه ….
لم تكن من صفات عبدالله بيوم من الايام السلبية بل كانت الإيجابية خصلة أصيلة بشخصيته …
وأكثر ما أعجبها به قلة حديثة ورجاحة أفعاله ولكن امام إخوته وعائلته يتغير حاله تماما للنقيض
حينما طال صمتها توتر عبدالله ليقدم على جبينها ويقبلها قائلا / أنا عارف انك زعلتي بس صدقيني هعوضهالك وهنقضي احلى ايام مع بعض ….
احنا لسه في الاول والايام جاية كتير ….
حقك عليا ولو على ماما سعيدة أنا اللي هستاذنها ….
وبالفعل امسك هاتفه يجري اتصالا بوالدتها يسرد لها ما تم لتطلب منه سعيدة أن يعطي الهاتف لابنتها فما كان منها إلا أن نصحتها بالإستماع لزوجها حتى لا تخلق مشاكل من أسباب تافهه .
فبالنسبة لعزومتها ستحدد يوم اخر حتى تستطيع أن يجلسوا مع بعضهم أطول فترة ممكنة ….
حاولت يمنى الرفض ولكن حين وجدت زوجها يترجاها ووجدت والدتها ترى أن لا داعي للعند فرضخت اخيرا ووافقته….
ليهب مقبلا ثغرها بسعادة ان معشوقته قد راعت موقفه ولا تجعله يقف بينها وبين والدته حائرا كالذي يقف بين المطرقة والسندان …
قررت أن لا تبدي حزنها وان تجنب غضبها حاليا حتى لا يستشعر أحد بوجود خطب ما .
فارتدت عباءة من اللون البنفسج المطرز بالذهبي فكانت غاية بالجمال .
ورفعت شعرها على هيئة ذيل حصان وانزلت خصلتين على جانبي وجهها،
ووضعت بعض اللمسات الخفيفة من مساحيق التجميل فكانت بسيطة وجميلة بنفس الوقت…..
قبل عبدالله جبينها وتأبطها هابطا معها إلى منزل والدته ….
دلفوا سويا لتجد الكل قد تجمع حتى أخته صفاء وابناءها لتستقم صفاء تسلم عليهم وتبارك لها ولاخيها قائلة / الف مبروووك يا حبيبتي…
ثم التفتت ناحية أخيها وأخذت تقبله مرارا وهي تقدم كامل الاعتذارات / مبروووك يا حبيبي الف مبروك….
حقك عليا جت متأخرة يا حبيبي….
بس قولت مقلقأكش واسيبك تتهنى مع عروستك شوية….
كانت يمنى تستمع لمبررها وهي تمتن لها من داخل قلبها وتمتم لحالها / ياريت الكل زيك يا صفاء … محدش سابنا لحد النهاردة …..
الله يسامحهم بقى……
اجتذبت صفاء ايدي أخيها لأقرب أريكة وكانت تتبعهم يمنى بابتسامة بشوشة لتتوقف حينما رات حكمت تلچ عليهم لتبتسم وتقبل عليها ماددة يدها بالسلام لتسلم عليها حكمت وهي تنظر لها من أعلاها لاسفلها وهي تقول بتعجب بعد أن أطلقت مصيص من فمها / ايه ده يا عروسة لابسه ومتزوقة أكنك رايحه عزومة…….
داحنا حتى كلنا نفسنا ندوق أكلك ….
ايه مش هتعمللنا حاجه من ايدك الحلوة ولا مبتعرفيش تطبخي ؟
شعرت يمنى بتيبس حدقتيها من أثر الصدمة فلم تتوقع أن توضع بهذا الموقف …
ثم انتبه عقلها للعدد المطلوب أن تعد له االغداء لتلتفت فجأة ناحية عبدالله والذي كان يثرثر مع أخته صفاء ولم ينتبه للحوار ….
لتجد نفسها في مأزق خاصة حين نطقت سمر / متكسفهاش يا ماما يمكن مبتعرفش تطبخ !!!
لتجيب حكمت مسرعة / اللي مبيعرفش يتعلم..
ايه هتفضل طول حياتها مبتعرفش !؟
حاولت اجتذاب بسمة كاذبة وهي تجيبهم بما تقتنع به ربما أوضحت رؤيتها / لأ… لأ انا بعرف طبعا….
بس يعني أنا عروسة هطبخ في اسبوع فرحي!!
وكمان انا عندي الاكل فوق كتير اوي ويكفينا كلنا ممكن اطلع اجيبه….
ده ماما عامله…………
قطعت حكمت حديثها بصلف واضح قائلة/ ماما اللي عاملاه ده عملاه ليكي فوق ….
ثم ان احنا عايزين ندوق أكلك من ايدك …..
ثم التفتت حكمت لابنها تريد اقحامه بالأمر / جري ايه يا عبدالله مش عايز تدوق اكل من ايد مراتك ولا تدوقنا اكلها ؟؟؟؟.
انتبه عبدالله للحوار واستشعر اضطراب الأحوال ليحاول معالجة الموقف المحتدم بهدوء ليجيب بدلا من يمنى بوجه مبتسم / بصراحة يا ماما يمنى نفسها حلو جدا بالاكل ….
تنفست يمنى الصعداء لشعورها أنه يدافع عنها وأنه سيرفض ارهاقها اليوم تقديرا لتضحيتها ومن المؤكد بأنه سيقول اي مبرر لإنهاء هذا الطلب المفاجئ …
إلا أن حدقتيها قد اتسعت حينما فوجئت بما أردف به قائلا / بصراحة يا يمني انا وحشني أكلك فعلا وماما كمان نفسها تدوق من ايدك من كتر ما بشكر في أكلك ….
ثم اقترب منها ممسكا بكفها ولثمها مردفا / هتدقوا احلى اكل من ايد يمنى وهتعرفوا أن عندي حق ….
ثم رفع نظره لها ليجدها محدقة به لا تصدق ما يطلبه فحاول الابتسامة بوجهها حتى نطقت حكمت التي كانت تراهن على رد فعل ابنها قائلة / اهو جوزك نفسه قالك نفسه في الاكل من ايدك ….
ايه هتكسفيه ؟؟
ثم تقدمت حكمت لتسحب يمنى من أمام ابنها قبل أن تؤثر به من نظراتها الراجية / يالا يا قمر انا مجهزالك كل حاجة جوة اللحمة والمكرونة أو الرز زي ما تحبي شوفي عايزة تعملي ايه وتاكلينا ايه….
شعرت يمني وكأنها زجت لمكان ليس لها وبطريقة لم تستلطفها….
فبعد أن نظرت لعبدالله ووجدته صامت وينظر أرضا لا ينظر لها ذهبت حيث المطبخ وفي طريقها سمعت حكمت تقول لها / اعملي حساب الكل ذودي ميهمكيش….
كاد أن يهم عبدالله ليتبع زوجته إلا أن صبري اقبل بجواره ممسكا يده وهمس بجوار أذنه قائلا / رايح فين ؟؟
لو دخلت وراها هتخلي الستات تتمرد علينا……
ده غير امك هتحطها بدماغها …..
اقعد وعدي الموضوع…
سقط عبدالله جالسا ليفكر محاولا فعل شئ لانقاذ يمنى ليلتفت لصفاء التي من المفترض أنها الأقرب لروحه من وسط اخواته ليهمس لها راجيا / صفصف حبيبتي ادخلي ساعدي يمنى….
اكيد زمانها متوترة وتايهة لوحدها جوة …
ربتت صفاء على قدم أخيها محاولة بث الطمأنينة بقلبه قائلة بهمس / عنيا يا حبيبي بس اصبر عشر دقائق كدة علشان ماما متلاحظش حاجة…
وبعدها هفضل جنبها على طول…
تنفس عبدالله الصعداء ممتنا لصفاء ليهم باتجاه غرفته القديمة لتوقفه والدته سائلة عن سبب انصرافه من جمعهم فيجيبها / داخل انام شوية يا ماما ….محدش يصحيني.
استنكرت حكمت حديث ابنها فقالت معارضة / يوه انت جاي تقعد معانا ولا تنام ؟؟
مانت بقالك فوق تلات ايام نايم يوم ما تنزل وسطنا تسيبنا وتنام .!!!
امسك عبدالله بمقدمه رأسه واجاب على استنكارها / معلش مصدع شويه .
ثم نظر تجاه صفاء التي وعت ما يريده لتومأ برأسها مطمئنة إياه …
دخل غرفته قاصدا الهروب من ذاته قبل الهروب من مواجهتها …
وربما اراد معاقبتهم بعدم جلوسه معهم لعلهم يدركون فداحة فعلتهم…
…………………..
بالمطبخ دلفت يمنى تحاول استيعاب موقفها …
فليس هناك مخرج من هذا المازق …
وقفت تنظر حولها تحاول الإلمام بما لديها من موارد.
وتحاول ترتيب خطواتها فهي مطلوب منها إعداد وليمة لعدد كبير …
انتبهت لصوت ضحكاتهم لتلتفت لمدخل المطبخ ربما وجدته يدلف خلفها ولكن ضاعت آمالها هباءا
بدأت بترتيب أفكارها وتحضير ما قررت فعله فقد قررت إعداد وجبة بسيطة وسهلة وسريعة فقررت أن تكون ( كباب حلة ومعكرونة )
حتي تسهل لنفسها ولا تجهد نفسها في عمل أصناف عدة ….
استشعرت بالبداية بالتوهه فهي بمطبخ ليس بمطبخها ولا تعلم اين تجد ما تحتاج إليه…
إلا أنها بدأت بحملة استكشاف سريعة حتى تتوصل لكل ما تريده وبالفعل أنجزت عملها على أكمل وجه لتنتهي من بعد مرور ساعتين من البحث والإعداد والتجهيز ….
خرجت اخيرا من المطبخ لتجدهم مجتمعين يضحكون ويتسامرون وكأنها لم تكن موجوده بالحسبان ….
لاحظت عدم وجود عبدالله لتشعر بالغربة بينهم فجلست على طرف الأريكة لتسألها حكمت بصلف شديد / خلصتي يا حبيبتي علشان نجيب الاكل ؟
اومأت يمنى وهي تشعر بإحساس سئ لتسأل بدورها عن زوجها فتجيبها والدته / دخل ينام من بدري قومي بقى اعملي عصير عشان بنحبه جنب الاكل عقبال ما اخواتك تجهز مكان الاكل …
حاولت يمنى الهروب أو البحث عن امانها فقالت بتلعثم / طب هصحي عبدالله الاول…….
استقامت حكمت وتوجهت تجاه لغرفة ابنها وهي تجيبها بتبجح / لا اعملي إنتي العصير عقبال ما اصحيه أنا ….
ثم التفتت تكمل طلباتها من بناتها وهي على عتبة غرفة عبدالله وكأنها توزع المهام بالمساواة / وانتوا يا بنات حد يساعد يمنى،
والباقي يغرف الاكل عقبال ما اصحي اخوكم …..
بالفعل بدأن الاخوات اعداد طاولة الطعام بينما هند ادعت أنها تستقبل مهاتفة تليفونية ليتوجه صبري لداخل المطبخ قائلا/ تسلم ايدك يا مرات اخويا …
انتفضت يمنى في مكانها حينما استمعت لصوت صبري فكانت تتوقع اي من الفتيات لتشعر بالحرج وهي تلتقط ما أعدته من عصير وتقدمه إليه قائلة/ تسلم يا صبري ….
هستاذنك تودي العصير ده بره وتخلي دعاء ولا سمر يحولوا معايا الاكل ….
التقط صبري منها صينية العصير وعلى وجهه ابتسامته السمجة وهو يجيبها / عيوني بس كدة …
ويا ستي أنا بنفسي اللي هحول الاكل ….
لم تستطيع الرد على حديثه فهي لا تعرف لماذا الجميع بالخارج ولكنها أكملت ما كانت تفعله في ملئ الاطباق بالطعام ….
خرج صبري حاملا العصير ليواجه من تقدم عليه سائلة إياه وهي متخصرة وتنظر إليه من أعلاه لاسفله / خير يا صبري بتعمل ايه هنا ؟؟….
بدا التوتر على ملامح صبري وزاغت حدقتيه وكأنه يبحث عن مبرر لفعلته فقال مجيبا عليها / رايح اساعد الغلبانه اللي دبستوها لوحدها جوة وسيبتوها .
أمسكت هند بما يحمله وهي تزغر له بحدقتيها تقول له / ملكش دعوة انت انا هدخلها …
وبالفعل بدأت هند تساعد يمنى في تحويل الطعام حتى لاحظت يمنى خروج عبدالله من الغرفة بحوزة والدته ثم أقبل عليها مقبلا رأسها قائلا بابتسامة / تسلم ايدك حبيبتي….
ثم جلس وبدأ يأكل وكأن شيئا لم يكن….
بينما كانت تشعر هي باحتراق دماءها وخاصة عندما بدأ الجميع يطلقون آراءهم اللاذعة / المكرونة محتاجة ملح ….
إلا المكرونة؛ لو صلصتها مش مظبوط ملح وبهارات متتظبطتش خالص…
بس اللحمة حادقة اوي وكانت محتاجة تستوي شوية ….
اه عارفه لو كان عليها صلصلة كان هيبقى الطعم في حتة تانية ….
ظلوا على هذا المنوال كلا منهم يقيم اداؤها حسب مقايسهم الشخصية ويعبرون عن آراءهم بفساد الطعام دون مراعاة لمجهود من أعدته .
ولم ينالها كلمة شكر واحدة أو اطراء من أحدهم …..
حتى عبدالله ظل جالسا يتناول طعامه بصمت تام وكأن على رأسه الطير ….
شعرت يمنى بحاجتها الشديدة في البكاء ولكنها ظلت جالسة حتى لا تشعر أحدهم أن حديثهم قد أثر بها حتى انتهوا من الطعام ….
اخذوا يلملمون الأواني لتنطق حكمت اخيرا بكلمة حسنة ولكن للاسف كان لها مقصد اخر / تسلم ايدك يا يمني…
أنا عايزة بقى قهوة من ايدك الحلوة دي وشوفي عبدالله هيشرب شاي ولا قهوة ….
فجأة بدأت تنهال عليها الطلبات ما بين شاي وقهوة باذواق مختلفة لتدلف للمطبخ تعد ما طُلب منها وقد وصلت لذروة غضبها ….
وما آثارها أكثر حينما استشعرت تهامس وتغامز اخوات زوجها عليها ….
خرجت من المطبخ حاملة طلباتهم وشيطانها يوسوس لها بالذهاب فورا لمنزل والدها والاحتماء به والبكاء باحضانه …
لتتضع ما تحمله على الطاولة أمامهم دون أي كلمة وتلتفت متوجهة إلى السلم حتى اوقفتها حكمت سائلة /رايحة فين مش هتشربي حاجه او تستني عبدالله؟؟
وقفت تغمض عينيها جاهدة أن لا تزرف الدموع أمامهم واجابتها بدون أن تدير ظهرها أو حتى وجهها / انا مبشربش حاجه بعد الاكل وعبدالله عارف….
ولما يخلص معاكم يبقي يطلع سلام عليكم.
صعدت يمني الي شقتها وخطواتها توحي بغضبها ليصل لقلب عبدالله مدى غضبها….
لينهي فنجانه سريعا ولحق بها وسط تزمرات والدته على انصرافه ليجيبها مبررا / هجيب حاجة من فوق وجاي حالا ………
اسرع عبدالله على الدرج حتى وصل لشقته وقبل أن يدلف بها استمع لبكاءها ونحيبها الذي من الواضح أنها فقدت السيطرة على حالها حتى يصل صوتها لخارج الشقة
دخل عبدالله وبكاءها يمزق قلبه ولكنه حاول أن لا يظهر ذلك بل ويدعي المفاجأة…
دلف غرفته ليجدها جالسة على الفراش وتضم قدميها الي صدرها دافسة رأسها بين ذراعيها التي تحاوط باقدامها وتبكي بصوت عالي وقهرة….
اغلق عيونه متأثرا من حالها ليقترب منها ويحاول احاطتها بذراعه إلا أنها انتفضت وابعدت ذراعه.
ليربت على كتفها محاولا تهدأتها وهو يسأل السؤال الذي ياليته لم يسأله /مالك بس يا قلبي ايه اللي حصل لكل ده!؟
رفعت راسها وتبدلت نظراتها الحزينة الذابلة بأخرى غاضبة لتزيل يده من عليها وهي تنظر له بعيون يغمرها دموع القهرة /مالي !!!
لا مفيش…
انزل تحت علشان تخلوني الخدامة لحضراتكم…
تقعدوا تضحكوا وتهزروا والخدامه اللي نزلتها جوة بالمطبخ شغالة لوحدها……
ظلت تنظر يمينا ويسارا وهي تستعيد ما تم معها وتنطق وكأنها تهزي / اعملي شاي يا يمني ….
اعملي قهوة يا يمني…
اعملي عصير للعيال يا يمني …..
خلصتي الاكل ولا لسه يا يمني….
ثم نظرت له فجأة وهي تنطق بجملتها / وفي الاخر تتريقوا عليا …..
لا مش مستوي كويس….
لا لا ده زايد ملح ….
لالالا ده ناقص توابل ….
واللي زاد وغطى كمان أن حضرتك قاعد وسامع ولا نطقت كلمة واحدة حتى تدافع عني بيها ….
ولا حتى جيت تساعدني بدل ما كنت تنام …..
وجاي تسالني مالك ؟؟
لا ابدا مفيش حاجة أنا بدلع بس ….
عادت مرة أخرى تدفس رأسها بين قدميها مطلقة لدموعها العنان بينما عبدالله يستمع لبكائها وشعر أنه يقطع نياط قلبه ولكن لم يستطيع فعل شئ فهذه عائلته التي يقدرها ولا يستطيع على اغضابهم ……
.حاول ايجاد أي مبررات لفعلة عائلته ومبرر اخر لما فعله حتى احتضنها وهو يقول /حبيبتي اكيد هما ميقصدوش اللي حسيتي بيه …
كل الموضوع أن هما كانوا قصدهم يدوقوا أكلك من كتر ما بشكر فيه ….
ولو أنا كنت حسيت أن الموضوع فيه إهانة اكيد كنت هدخل….
إنتي بس اللي حساسة زيادة شوية ….
رفعت رأسها تنظر له بحسرة ليكمل هو / أنا شايف أنهم كانوا بيتكلموا عادي ومش قصدهم تريقة خالص …
ويا ستي لو زعلانة انك طبختي لوحدك أنا والله قولت لصفاء تساعدك بس اكيد انشغلت في حاجة ونسيت …
وانا يا ستي هعاتبها إزاي تسيبك لوحدك…
أطلقت ضحكة ساخرة وهي تمتم بصوت مسموع له / اه انشغلت بالرغي والضحك ….
كنت سامعة صوت ضحكهم واصلي لحد المطبخ …
ثم أكملت بسخرية / انت عارف القاعدة الحلوة متتعوضتش برضه…
زم شفتيه يحاول عدم التعليق على سخريتها اللاذعة
وحاول التربيت على كتفها لتزيح كفه مرة أخرى ليكمل هو باقي مبرراته على نومه قائلا / على فكرة أنا دخلت نمت علشان كنت مصدع جدا ….
لا يعرف لما قال ذلك ربما ليبعد عن فكرها إحساسه بخطأ عائلته وربما لمحاولة منه استجداء عطفها وقلبها الرقيق …
ثم حاول الاقتراب لتقبيل جبينها ولكنها أولت وجهها للجهة الأخرى ليردف هو محاولا ارضاءها /خلاص بقى يا يمنى متكبريش الموضوع…
ماما بس كان نفسها تدوق أكلك ….
صدقيني مكنتش تقصد حاجة من اللي في بالك خالص…
فرحانة بيكي يا ستي …
رفعت نظرها تجاهه مستنكره اخر كلماته وقالت من بين انتحابها / فرحانة بيا !!!!
أطلقت ضحكة ساخرة وعلقت موضحة الموقف ربما لم يراهه من جهته / فرحانة بيا تدخلني المطبخ اعمل اكل للعيلة كلها رابع يوم جوازي……
وانا اصلا امي بعتالي اكل اسبوع علشان مدخلش المطبخ اطبخ لنفسي ولجوزي بس .
امي برضه اللي اكيد فرحانة بيا بس يهمها راحتي وسعادتي مش عايزه تتعبني والسلام …
هدر بها عبدالله حينما شعر تطاولها على والدته بطريقة مستتره / يمنى خلي بالك من كلامك ….
أنا بحاول اراضيكي بقالي ساعة بالرغم أن الموضوع ميستاهلش ….
ويا ستي كل واحد بيعبر عن فرحه بطريقته ودي طريقتها …
رفعت حاجبيها وهي ترى شراسته فور التلميح لاي حديث يمس والدته بسوء من قريب أو بعيد…
لتلتفت معطيه إياه ظهرها كرفض وجوده بجوارها ….
أطلق عبدالله تنهيده عالية كمحاولة لتهداة روحه
ثم مسد على ظهرها محاولا ارضاءها مرة أخرى / طب حقك عليا أنا يا ستي وادي رأسك اهي ابوسها ….
قبل رأسها ثم هبط بقبلاته على رقبتها محاولا ازاحة حالة التوتر التي بينهم لتفهم يمنى ما يرمي اليه عبدالله لتنتفض مبتعده عنه ثم تتسطح على الفراش ومازالت معطيه إياه ظهرها..
وضعت الوسادة أعلى رأسها ليزم عبدالله شفتيه سائلا إياها / مش هتسهري معايا شوية ؟؟
يا لبجاحته !!!
هكذا تمتمت يمنى بداخلها لتجيبه بتلميح واضح / أنا اشتغلت كتير لوحدي وتعبانة ….
وحضرتك كنت نايم من حقي انام شوية وارتاح من الهم اللي كان عليا النهاردة….
أنهت حديثها ودثرت نفسها من رأسها لاخمص قدميها .
اطبق عبدالله شفتيه وتنهد غاضبا …
ثم استقام ليشغل التلفاز ويشاهد ما به ببال مشغول لما حدث وكيف سيتكلم مع والدته أن لا تعيد هذه الأفعال مع يمني مرة اخري…..
ولكنه يعلم والدته فهي عنيدة وإذا تحدث معها ستزيد مما تفعله ..
فتوصل لاختيار الصمت ووجده حلا افضل لربما انقضي الموضوع وكأنه لم يكن.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وميض الحب)