رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم دعاء أحمد
رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الجزء التاسع والثلاثون
رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الفصل التاسع والثلاثون
رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الحلقة التاسعة والثلاثون
«ما قبل البداية»… دعاء أحمد
كل القصص جعلتني أتيقن من شئ واحد،
أن يحبك شخص بندباتك بعقدك بحروبك وهزائمك، وأن تتَّسع يده لأحلامك وذراعيه لروحك المُتوعكة، أو لا يُحبك“.
أجاب جلال بعد أن رأي رقم مجهول الهوية لياتيه صوت شخص ما بتلهف و توسل:
-“اللحقني يا جلال هيموتني”
يبدو الصوت مألوف بالنسبة له ليقول بارتياب:
-“شمس؟!”
أجابت «شمس» بسرعة و خوف :
-“اللحقني يا جلال، عزت هيموتني و حالف انه هيرجع و هيطلع عليا القديم و الجديد و أنا خايفة و مش عارفه اعمل ايه و معنديش حد اروحله بالله عليكَ يا جلال أنا خايفة”
وضع جلال يديه بجيب بنطاله ببرود مغمغاً بحدة:-
-“عايزه ايه يا شمس تاني، ايه اللعبة الجديدة اللي بتدبريها؟ ”
ردت الأخرى مهرولة بخوف و انكسار :-
-” و الله العظيم يا جلال ما في اي حاجة في دماغي، بس انا تعبت و ماليش حد بعد ابويا الله يرحمه و عزت الله يجحمه اخد دهبي و مراته الأولى طلعت عليا كل اللي عملته معاك انت و حياء، ابوس إيدك ساعدني يا جلال لو لسه خالتي نوارة غالية عليك، لأن صدقني لو مساعدتنيش هتيجي تلقيني جسده هامده. ”
رد جلال بجدية و صرامة:-
-” ماشي يا شمس لما اشوف اخرتها معاكي و خالي في بالك ان لو ساعدتك هيكون بس علشان صلة الدم اللي بينا غير كدا لا يا شمس و اظن المعلومة وصلت”
أغلق الهاتف دون أن ينتظر ردها في حين نظر لإحدى الشباب الموجودين بالساحة قائلا:-
-” عثمان تعالي شوف مكينه الكهرباء دي، أنا خارج عندي مشوار ”
كاد ان يغادر المنزل الا عندم وجدها تنادي عليها تركض نحوه قائلة بجدية:
-” رايح فين يا جلال، و بعدين معقول هتسيب الناس اللي جاين يباركوا لك، اظن ميصحش كدا”
غمغم جلال بجدية قائلا بكذب لم يرد ازعجها بالحديث عن شمس:
-“موضوع كدا يا حياء هخلصه و اجي على طول، سلام”
شعرت بالارتياب و الضجر من حديثه الجاف هامسه لنفسها بريبة:
-“حاسة كدا ان في مصيبة و الله أعلم ، استر يارب”
في شقة صالح
ابتسمت زينب بسعادة وهي تقف أمام المرآة تنظر بسعادة عارمة لانعكاسها، تبدو جميلة متألقة بل فاتنة في ذلك الثوب الأسود الطويل و الذي يبرز رشاقتها
لكنها لم ترى ذلك الذي ينظر لها بابتسامة لعوبة تزين ثغره و عينيه تتفحصها باشتياق، تبدو في غاية الجمال و هي تتمايل برقة أمام المرآة تبدو أنثى فاتنة شعرها الحريرب الذي يمتد لخصرها، رماديتيها اللمعه برونق خاص. كل شيء بها يبدو في غاية الجمال يجعله يقترب منها دون شعوره بذلك.
انتفضت زينب بفزع و هي تشعر بيد تحاوط خصرها بينما دفن وجهها بشعرها يستنشق عطرها لترخي دفاعتها قائلة بابتسامة:
-“صالح”
قاطعها مغمغم بهمس عاشقاً :
“شش… وحشتيني، أخيراً عرفت أشوفك بعيد عنهم كنت حاسس ان شوية كمان و ابوكي هيطردني من البيت مش بلحق اشوفك”
ابتسمت بسعادة قائلة بخجل :
-“طب ابعد بس كدا علشان هم مستنينا برا و الولاد لوحدهم يا صالح”
رد بصوت اجش متحشرج أثر مشاعره :
-“الولاد مع ايمان تحت في شقة بابا، مفيش حد هنا غيرنا، اظن كفاية كدا يا زينب انا معدتش قادر على البُعد كفاية الاسبوع اللي فات كله كنتي معاهم و أنا بنام تحت خالص كدا من حقي بقى يخلوني اعرف انام براحتي”
ردت زينب بنبرة ساخرة :
-“ليه هما بيعذبوك تحت ما انت بتنام لوحدك بعيد عن زن الولاد و… ”
رد مقاطعاً اياها بهمس و حرارة وهو يقبل جبينها:
-” بس مش في حضني، ازاي هكون مرتاح وانتي بعيد عن حضني ”
غمغمت زينب بخجل من طريقته قائلة بخفة وهي تضع يديها على صدره مُبعده اياه:
-” صالح سيبني اخرج لهم، و بعدين نتكلم في الموضوع دا”
رفع رأسه عن عنقها اخيرا مديراً اياها بين ذراعيه و تصبح مواجهه له، جذبها نحوه ليصطدم جسدها بجسده الصلب و لم ينتظر كثير و هو يستولي على شفتيها في قبلة قوية لكن حنونة في ذات الوقت.
استرق منها بضع دقائق دون أن يشعر بما يحدث حوله الا انه أبتعد بسبب احتياجهما للهواء، حاولت تنظيم أنفاسها و هي تغمض عينيها بينما اصبغت وجنتيها بلون أحمر قاني لم تستطيع فتح عينيها من شدة الخجل و الاضطراب بسبب هجومه الضاري و المفاجي
تأمل احمرار وجهها الشديد انفها و وجنتيها و عينيها المغمضتان ابتعد قليلا قائلا بجدية تنافي تلك المشاعر قبل قليلا قائلا:
-“انا هنزل بدل ما يلاحظوا اختفائنا و انتي تجهزي و ابقى انزلي و غيري العباية دي ضيقة و تلمي شعرك، شعره واحدة تبان يا زينب أنتي حرة”
غادر الغرفة حتى أنه لم ينظر لها بعد تلك الجملة، بينما جلست على الاريكة تتحسس وجنتها الحارة هامسه بخجل لنفسها قائلة:-
-“اهدي خالص هو مشي” وضعت يديها موضع قلبها تستمع لنبضات قلبها الثائرة بعنف و ضراوة، عضت على شفتيها بخجل و هي تخبي وجهها بيديها.
______________________
بعد مرور نصف ساعة
نزلت زينب الدرج ببطئ و اضطراب بعد أن بذلت ثيابها لأخرى فضفاضة رغم ان الضيوف هم نساء المنطقة لكنها تخشي اي اصطدام معه و تعلم أن غيرته و ربما تفتك بها و به.
ابتسمت بيلا مقتربة من زينب التي دلفت الى داخل شقة والد زوجها للتو قائلة بهمس و خبث:
-“اتاخرتي يعني يا ملك و بعدين ايه دا انتي غيرتي العباية مش كانت عجباك و لا ايه”
اشاحت زينب بعينيها عن والدتها متمتمه بخجل :-
“اصل حسيت أنها ضيقة شوية و ممكن اي حد يطلع من الرجالة و.. و ساعتها هتبقى مشكلة”
غمغمت بيلا بخبث قائلة بسعادة :
-“اه قولتيلي ضيقة طب هو صالح كان بيعمل ايه فوق و سايب الرجالة تحت مش أصول برضو يقف معهم وخصوصا ان والده مش موجود”
كانت زينب تفرك كفيها ببعضهما قائلة بارتباك و خجل:
-” كان.. كان، اه صحيح كان عايز يقولي انه خالص جهز شهادات الميلاد بتاع الولاد”
-“بس كدا” سألتها بشك
الان ان زينب ردت بنفاذ صبر و خجل:
-” اومال يعني هيكون عايز ايه يا ماما، هو كدا بس”
قبلتها بيلا قائلة بسعادة و حب:
“ربنا يسعدكم يا حبيبتي و بعدين جوزك اكيد زهق من قعدتنا معاكي و اكيد الاولاد وحشينه “صمتت للحظات قبل أن تتابع بخبث :
-“و اكيد انتي كمان وحشاه”
أخفضت زينب بصرها ثم اتسعت ابتسامتها جعلت بيلا تشعر بالسعادة لاجلها متمنيه لها حياة سعيدة مع زوجها قاطعهما في تلك اللحظة صوت حياء قائلة بحناان و جدية:
-” انتم واقفين هنا و سايبين الضيوف ياله عايزين نفرح شوية و كمان نفرق السبوع ياله يا بيلا زوبا ورايا ”
ابتسمت بارتياح و هي تدخل للصالون الشاسع حيث تقف إيمان في منتصف الغرفة تضع يونس في الغربال و خلفها حبيبة و عائشة كل منها تُمسك غُربال و تضع به فتاة و يلتف حولهم الأطفال و النساء ، بعض العادات المصرية
أطلقت السيدات الزغاريد بسعادة وهم يقتربون من زينب محتضنين اياها و مباركين لها بينما بادلتهم ذلك بسعادة و طيب نفس.
كانت النساء يغنين و يقوم برش الملح و الأطفال تلتف حوالهم مر الوقت بسعادة ومرح دون الشعور به
______________________
في إحدى الأحياء بالاسكندرية
صف جلال سيارته بجوار تلك البنايه القديمة حيث تقطن شمس و زوجها ذلك المدعو عزت رغم ان جلال لم يهتم كثيرا بالأمور المتعلقة بشمس الا انه عرف بعض المعلومات عن عزت منها انه يصغر شمس بثلاث سنوات، ذات شخصية طامعه من القاهرة و جاء للاسكندريه قبل بضع سنوات حيث تزوج من شمس و هو زوجها الثاني، متزوج من امرآه اخري، يلعب القمار في ذلك الكبارية المعروف بأنه ملك امرأه تدعي سونيا…..
صعد الدرج و هو يذكر الله لكن سمع صوت صرخات عاليه ليري بعض الجيران يقفون مقيدين الأيدي أمام شقة عزت وهم يستمعون لصرخات تلك المرأه مستنجده بمن حوالها الا انهم لم يستطيعوا التدخل بين الرجل و زوجته.
حاول جلال العبور خلالهم و دلف الي الشقة حيث كان الباب مفتوح على مصراعية
في تلك اللحظة
كان «عزت» يضرب«شمس»و يسبها بافظع الشتا”ئم الا عندم رأي «جلال» يقف داخل المنزل، تركها بخوف و توتر بينما رفعت شمس عينيها بانكسار ليري عينيها المليئة بالدموع و وجهها المتورم أثر صفعات عزت لها. لا يعرف لما شعر بالشفقة عليها
لكن الله عادل ما فعلته بالماضي لحياء عندما جعلتها تتجرع من كأس الغيرة و الانكسار و العتاب من الجميع ذلك الشخص يُحاسبها عليه… لا تظن أنك تحيا وحدك بتلك الحياة…
ركضت شمس مهرولة نحو جلال لتقف خلفه بتضرع و رجاء و هي تمسك بذراعه بقوة و خوف بينما التمعت عينيها بدموع الانكسار مغمغمه بحزن:
-“متسبنيش يا جلال هيموتني”
رفع جلال بصره ينظر لذلك الرجل يبدو في نهاية الأربعينات، ذات جسد رياضي.
وضع جلال يديه في جيب بنطاله مقترباً منه ليقف أمامه مباشرتا:-
-“من أمتي و الرجاله بتضرب حريمها اه صحيح ما انت يمكن مش من تصنيف الرجاله علشان تسيب الجيران تتفرج عليكم بالشكل دا. ”
ابتلع عزت الغصة التي تشكلت بحلقه بارتجاف لكن أجاب بقوة و حدة:
-“جلال بيه مسمحلكش، مراتي و بادبها أنت اصلا وجودك هنا مالوش اي لازمة، و لا تكون كلمتك تنجدتها بنت ال”
كاد ان يسب والدتها بافظع السُباب الا ان قبضة جلال على عنقه جعلته يتراجع للخلف بفزع و الأخرى يضغط بعنف على عنقه هامساً بفحيح أفعى :
-“اللي أنت عايز تسبها دي تبقي خالتي أنا يعني ممكن اقطعلك لسانك فيها، مش ابن الشهاوي اللي يتقاله بتعمل ايه هنا، البيت دا بكل اللي فيه يبقى ملك شريف الهلالي يعني أبويا الروحي فبلاش تخليني أعلمك الأدب، اصل الأدب مش بفرد العضلات على واحدة ست، و لا أنك تخليها تصرف عليك يا نطع”
حرر عزت نفسه من قبضة جلال متراجع للخلف و هو يغمغم بصوت مرتجف:-
-” أنت مالك انت، و بعدين مش هي دي اللي كانت هتموت عليك زمان و أنت سيبتها علشان ست الحُسن بتاعتك، اصل هي حكيتلي لما كنا بنشرب سوا يا عيني كانت فاكره اني لما افوق مش هفتكر حكاية الغرام الكبيرة اللي كانت عايشه فيها لكن غبية يا شمس كل كلمة كنتي بتقوليها و انتي مش في واعيك انا فاكرها كويس اوي.
ليكمل باستفزاز آثار غضب و غيرة جلال :-
-“بس الصراحة يا جلال أنت عندك حق حد يسيب الفرسة أم عود فرنساوي
اللي انت متجوزها و يفكر في البومة دي”
لم ينهي جملته الا و إصابته قبضة جلال في وجهه مما جعله يترنح للخلف و يسقط أرضا. حاول النهوض الا ان جلال لم يتيح له الفرصة حيث سدد له لكمة أخرى جعلت الدماء تتناثر على أنفه و لم يكتفى بذلك فقد سدد له اللكمات في أماكن متفرقة من شدة الغضب و الغيرة و هو يلمح نظرة الخبث في عيون ذلك الحقير .
تدخل الجيران في تلك اللحظة مُفرقين بينهما بينما وقفت شمس تلطم على خدييها بحسرة و خوف
وقف جلال و كان اشبة بالاعصار يدمر كل ما حوله بسبب غضبه و غيرته التي كانت تحرق روحه.
مسح العرق الذي كان يتصبب على جبينه قبل أن يهتف بانفاس لاهثه أثر مجهوده السابق قائلا بحدة:-
-“الزبالة دا كان بيضربك ليه؟”
ردت شمس بانكسار و ضعف قائلة :-
-“اخد الدهب بتاعي باعه و خسر فلوسه في القمار و جاي عايز فلوس بس والله مش معايا حاجة كان عايزني امضي على تنازل بيت ابويا له”
نظر جلال بسخرية له قبل أن يتمتم بصرامة:
-“عايزاه تاني؟”
ردت بسرعة دون تفكير قائلة بتضرع و توسل:-
-“لا خالص، انا كل يوم بطلب الطلاق بس بيبهدلني”
وقف جلال أمامه بشموخ قائلا بحدة:-
-” ارمي عليها اليمين.. ”
كاد عزت ان يرفض الا ان ركلت جلال لبطنه أقرب له من التذمر و الرفض ليقول بألم واضعاً يديه على بطنه يئن من الالم:
-“أنتي طالق يا شمس بالتلاته”
وضع جلال يديه بجيب بنطاله:-
-” دلوقتي تقوم تطلع برا، و المحامي هيعرف ايه اللي لينا و ايه اللي عليك و الله ما انا سيبك الا لما تتعلم ان الله حق، و انتي ورايا يا شمس” ثم نظر لإحد الرجال الموجودين قائلا بجدية:-
-“عم خليل الكلب دا بعد ما يمشي تاخد منه المفتاح و تقفل الشقة، و انا هبعت النجار يغير الكالون”
أومأ له الرجل بجدية بينما غادر جلال المنزل و خلفه شمس التي كانت تسير بخطوات مرتجفه و حزن و هي تضع راسها أرضا.
صعد سيارته و هي جواره ليقوم بتشغيل محرك السيارة و مغادرة ذلك الحي.
رفعت شمس بصرها تنظر له لكن اشاحت بنظرها عنه اوقفها تلك الدماء على يديه لتقول بفزع:-
-“جلال أيدك بتنزف…..”
لم يبالي بحديثها بينما يقود سيارته في طريق منزله لتخفص راسها بخجل و حسرة لكنه قاطع الصمت تلك المرة قائلا:
-“هتيجي عندي البيت يومين لحد ما اتصرف مع اللي اسمه عزت و اوضبلك بيت ابوكي لانه مقفول من بدري”
همست شمس بندم و حسرة قائلة :
-” مالوش داعي يا جلال، حياء مش هتكون مرتاحة لو شفتني معاك خليني أنا اروح بيت ابويا و هوضبه و أنا قاعده، حقيقي مش عارفة اقولك ايه انت انقذتني”
أدار جلال وجهه ينظر لها و لوجهها الأحمر المتورم ليقول بجدية:
-” اعتبريه امر و حياء مالكيش دعوة بيها هندخل من الباب الوراني لان في ضيوف في البيت اظن مش هتحبي حد يشوفك كدا ”
أخفضت بصرها تنطر لثيابها المغبرة القديمة، ربما هي السبب في كل هذا، ربما لأنها اختارت قلب لم يكن لها من البداية و تعلقت به و هي على يقين انه لن يحبها مقدار ذرة واحدة، و بدل ان تبتعد عنه قررت الاقتراب و حاولت تخريب زواجه لكن بعد عدة محاولات فشلت و ابعدها هو عنه ثم جاءت هي و اختارت شخص آخر خطأ.
و دارت بها الايام تدفع ذلك الحساب القديم.
و يالسخرية القدر هو نفسه من دافع عنها…
بعد مرور عشر دقائق
ترجل جلال من سيارته ثم دلف الي منزله من الباب الخلفي و خلفه شمس التي كانت تسير بارتجاف و خوف من لقاء حياء.
صعد الدرج برفقتها كاد ان يصعد لشقة صالح ليجعلها تبقى بها حتى انتهاء حفل السبوع لكن لمحته حياء مغمغه بابتسامة:
-“جلال استنى، رايح في….”
بترت سؤالها تبتلع ما بحلقها و هي ترى تلك التي تقف خلفه و كيف يمكن أن تنساها و هي كانت أبشع كوابيسها يوماً ماً.
سألته بحدة مقتربه منه:
-“بتعمل ايه هنا دي؟”
اشاح جلال بنظره عنها مغمغما بعصبيبة كلما تذكر كلمات عزت عنها:
-“حياء اخفي من وشي حالا انا عفاريت الدنيا بتنطط ادامي”
فغرت شفتيها بصدمة من طريقته الحادة و التي قليلا ما كان يتعامل بها معها، لكن تملكتها الغيرة و الغضب و هي تنظر لشمس التي أخفضت بصرها بحرج:
-“أنت بتكلمني كدا علشانها؟ طب انا بقى مش همشي الا اما أعرف دي بتعمل ايه هنا يا جلال، انت فاهم؟! ”
جز على أسنانه محاولا منع نيران غضبه من الفتك بها الان فهو حقا لا يرى أمامه في تلك اللحظة و هي أدركت ذلك لكن غيرتها و غضبها جعلوها تتمادى.
مال عليها هامساً بفحيح مخيف :-
-” لو باقية على بينا غوري من وشي يا حياء، علشان حقيقي أنا دلوقتي ممكن اعمل مصيبة”
التمعت الدموع بعينيها قائلة بغيرة تحرق روحها و لم تبالي كثير بحديثه:
-“ماشي يا جلال هغور و هفضيلك الجو انت و السنيورة ما هي اللي معرفتش تعمله زمان جايه دلوقتي علشان تكمله بس صدقني مش قاعده لك فيها يوم واحد ”
دلفت لداخل شقتها لا اردايا انسابت دموعها و لاحت عليها ذكريات الماضي و كيف تسبب شمس في المشاكل لهما و خصوصاً حينما تركها جلال اكثر من شهر و سافر الي بورسعيد بعد شجارهم بسبب ما فعلته شمس من تبديل علبة الشامبو بحمض الهيدروليك راغبه في تشويه جسد حياء.
مرت بين الضيوف دون أن يلمحها احد ثم توجهت نحو غرفتهما في حين لاحظتها بيلا و لاحظت شجارها مع جلال على الدرج قبل لحظات.
ما ان دخلت الغرفة حتى جلست فوق الفراش ذرفت دموعها المكبوته أثر غيرتها و عقله يؤلف لها اسوء السيناريوهات عن علاقة جلال و شمس….
تبدو امرأه ناضجة بعقل فتاة مراهقة في تلك اللحظة، أحيانا الغيرة و الغضب عندما يجتمعان بامراه لا يهتما بالسن أبداً
مرت لحظات لتجد طرقات فوق باب الغرفة، مسحت دموعها بسرعة سامحه للطارق بالدخول.
دلفت بيلا الي الداخل بحرج مغمغه بابتسامة وهي تغلق الباب خلفها:
-“انتي كويسة ؟”
ارتجفت شفتيها قائلة بذعر خفي:
-“اه الحمد لله بس…. هو ازاي يزعقلي ادامها؟ و ازاي يجيبها تاني لحد هنا؟”
ابتسمت بيلا قائلة بخبث :
-“انتي غيرانة و لا انا بيتهيألي؟”
ردت حياء بصراحة و جدية:
-“ايوة غيرانة هو حرام اني اغير على جوزي لا و البيه بيزعقلي طب و ربنا يا جلال لاقرفك و بيتي مش هسيبه لك انت و السنيورة قاعدة على قلبك ”
صدحت ضحكت بيلا قائلة بمزاح:
-” طب بالراحة بس بدل ما يتجنن منك انت مش لسه قايله له مش هتقعديله فيها… انا والله سمعتك من غير قصد. ”
ردت حياء بود قائلة:
-” لا دا كلام حريم عادي متاخديش بالك منه و بعدين هو انا انا غبية عشان اسيبه ليها بس لما ينزل و افهم اللي بيحصل يا جلال”
ابتسمت بيلا بحنان قائلة بطيبة:
-” مهما كان اللي ناوية تعمليه بلاش تسبيه يا حياء و لا تسيبي البيت لان مفيش وجع زي وجع البُعد.”
أومأت حياء لها لتقول بيلا بحماس:
-” الناس بيمشوا خالص، أنا هطلع اقعد مع البنات”
غادرت الغرفة تاركه خلفها حياء تجلس على الفراش بحزن….
_______________________
في الشقة في الدور الرابع في منزل
آل«الشهاوي»
فتح جلال باب الشقة ليدلف للداخل قائلا بجدية:
-“ادخلي يا شمس، عندك هنا كل حاجة تحتاجيها، المفتاح خليه معاكي ”
-” أنا أسفة مكنتش عايزة اعمل مشاكل بينكم و الله العظيم”
كاد ان يغادر الشقة لكنه التفت نحوها قائلا بجدية:
-“المهم تعيدي حساباتك يا شمس، لأن اللي باقي في العمر مش اد اللي فات يا شمس و اللي بينا صلة رحم ، فكري يا شمس. ”
لم يتنظر ردها مغلقاً الباب خلفه، نظر لطيفه بحسرة و دموع، والله لم يخطي القلب حين أحبك أيها المليح، لكنك لست مقدر لقلبي لان قلبك مُحتل من قبل أخرى، أخرى فتنتك و اذاقت قلبك لوعة العشق، أخرى هزت كيانك باكمله، حتى أنها لم تفشل يوماً في جعلك تغار عليها و كأنك حديث العشق و لم يمر عليك سنوات في غمرة تلك المشاعر المحرقة لروحك…..
_________________________
دلف جلال الي شقته و قد غادر الجميع تقريبا الا نساء العائلة حتى حبيبة تجلس برفقة أيمان في إحدى الزوايا، و بيلا تجلس برفقة زينب، البيت هادئ تمام يبدو وكأن الصغار قد ناموا..
أغمض جفونه وهو يقف أمام باب غرفتهما متذكرا حديث ذلك الأحمق عن شعلته، تلك الفاتنة..
نظر ليديه التي تنزف، أطلق هدير صاخب هو يشعر بالم في ذراعه و الشعور الأسوء هو ذلك الألم الذي يعصف بقلبه، لكن لم يدري لما ارتدي قناع الحدة الذي تركه منذ سنوات، منذ أن رآها و أحبها، ما الذي حدث ليرتديه مره أخرى، هل توقفت عن حبها؟!
اي غباء هذا، والله ما توقف للحظة عن إدمان وجودها، رحيقها في حياته يسلبه عقله،ينتزع منه أي ذرة من الحدة او الكره فقط يبقى العشق فهو متيم بها و بجنونها
دلف الي الغرفة دون النظر إليها، تابعته حياء ببرود و هو يدلف الي المرحاض لكن شعرت بالذعر و هي ترى بعض قطرات الدماء متناثرة على أرضية الغرفة، انتفضت في جلستها ثم تابعته لتقف خلف باب المرحاض، سمعت صوت المياة المتدفقة من الصنبور و صوت تاوهاته المتالمه تعالا للحظات و يبدو أنه أسرع التحكم بنفسه حتى لا تستمع له.
اطرقت على الباب عدة مرات أجاب بحدة قائلا:
-“ثواني….”
حاول إيقاف ذلك النزيف و تمكن بصعوبة ليقوم باخذ عدد من أوراق المناديل ليضعه على ثم مسح يديه و خرج من الحمام لكنه لم يجدها.
جلس على ذلك الكرسي بينما اغمض عينيه بتعب مستندا على ظهر الكرسي خلفه.
لم يشعر بها و هي تجلس أرضا بجوار الكرسي وضعت علبه الاسعافات بجوارها.
فتح عينيه مخفض بصره نحوها في حين أمسكت يديه و التمعت الدموع في عينيها،
لم يصطدم من فعلتها كثيرا بل هو اعتاد على ذلك الحنان. لم يستطيع فعل شي سوي التحديق بها و كان الأمل حاد ساحقاً يضرب بعمق في قلبه و يغمر عروقه بالدف المهدئ.
هدد الضغط الذي قبض على صدرها بسحق قلبها و هي تستمتع لصوت تاوهاته بينما تقوم بتنظيف الجرح و لم تنظر له حتى.
ظل جلال يتابع بصمت ما تفعله متناسياً ذلك الألم الذي كان يشعر به قبل قليل، و خضراوتيه تمر بشغف علي ملامحها التي أسرته، عينيها البنيه الداكنه و أهدابها الثقيلة، وجنتيها اللتان تشتعلا بالحمرة أثر بكائها قبل قليلا.
حاول نزع يديه الا انها أمسكت بكفه بقوة و ضراوة حتى انتهت، كادت ان تتركه الا أنه جذبها بعنف نحوه ضامماً أياها بين ذراعي بشدة لدرجة أنه شك في قدرتها على التنفس، قام بدفن وجهه في شعرها يستنشق رائحتها بعمق، بينما كانت مستسلمة و كأنها مفتقدة اياه، احتضنته هي الأخرى تغلق عينيها بقوة، تخاف بل ترتعب من شعور فقدانه فهي أخبرته من قبل أنه تحبه و لكن ليست فقط كزوج و زوجة لكنها تحبه كفتاة فقدت ابيها لدهر كامل و حين وجدته و غمرها بحبه أصبح كالهواء،
قصه احتياج افترس بقلوبهما،
أحتياج جعل منه أبيها و حبيبها و زوجها و صديقها المخلص.
احتياج جعل منها أبنته المدللة و زوجته و فاتنة روحه.. روحه المفقودة منذ سنوات و لم يجدها الا عندم رأي عينيها.
قاطع ذلك الهدوء صوته بنبرته المتحشرجة أثر غمرة المشاعر تلك:
-“حياء اوعي عقلك يجي في يوم يقولك إني بطلت أحبك و تصدقيه، أنا على عهدي أدام ربنا”
ردت بخفوت و حزن مغمغه بارتباك:-
-“و ايه اللي يخليك تجيبها هنا يا جلال؟ أنت متعرفش انا بسببها حصلي ايه،عارف زمان كل يوم كنت بموت من فكرة أنك بتحبها و متجوزني علشان الوكالة انا عارفه ان دا كله كان لعبه منها هي و نوارة بس انا بني ادمه يا جلال عندي قلب، و قلبي بسببهم تعب اوي.
ربت بحنان على ظهرها قائلا بجدية:
-“بس انتي عارفة اني بحبك و كمان مش بعد العمر دا كله هاجي اعمل حاجة يعني، كل الحكاية انها طلبت مساعدتي و أنا عمري ما اتخلى عن حد تستنجد بيا يا حياء، كفايه عملتها مرة واحدة زمان و اتخليت عنك و للأسف كنت هخسرك لا يا حياء مقدرش اشوف حد بيطلب مني حاجة و مساعدهوش كفاية مرة واحدة”
نظرة الندم و الحزن بعيناه و هو يتذكر ما حدث بالماضي عندم تركها دون النظر خلفه جعلتها تشفق على حاله الان لتميل عليها طابعه قبلة طويلة على خده قائلة بابتسامة مشاغبة:-
-” طب و الله انت زوج لقطة هات بوسة يا جدع”
ضحك الأخر قائلا بحنان:
-” وحشتيني يا حياء وحشني اوي يا شعلتي ”
ابتسمت برضا قائلة باستغراب :
-“وحشتك ليه هو احنا بنبعد علشان اوحشك”
تمتم وهو يُبعد خصلاتها عن وجهها قائلا بابتسامة :
-“هتصدقيني لو قولتلك أنك بتوحشيني و انتي معايا يا حياء”
ردت قائلة بدلال:
-“لا مش هصدق و اوعي بقى ”
غادرت الغرفة بسرعة بينما جلس مرة أخرى على ذلك الكرسي قائلا بهمس:
-“هتجنيني معاكي يا بنت الهلالي”
__________________________
“كان كافيًا أن تجد شخصًا يختارك حين تنطفئ و حين تخطئ، وحين يرى النور في غيرك ويختار عتمتك.”
كان«عمر» يقف في مدخل الحي، يضع يديه في جيب بنطاله الكحلي يقف بشموخ و ثقة اعتاد عليها، فحقاً ذلك الوسيم ياسر القلوب
اخرج هاتفه ليجري اتصال بثائر رد عليها الاخر بسرعة :
-“عمر باشا اومرني”
أبتسم عمر مغمغما بهدوء وهو يحك ذقنه الخفيفة :
-“ثائر مجموعة محمود الدمنهوري ايه ايه اخر الاخبار فيها”
رد ثائر بجدية :
-“زي ما حضرتك أمرت المحامي بتاعنا عرف نصيب مدام بيلا من المجموعة و من وقت اللي حصل و مفيش مناقصة واحدة عرف ياخدها و للاسف أتعرض لخساير كتيرة، هو انا ممكن اقول رأي يا عمر”
رد بجدية و صرامة:
-” طبعا يا ثائر.. ”
-” أنا شايف انه كفايه كدا محمود بيه كدا أتعلم ان الله حق و عرف ان الفلوس مش كل حاجة، بس كدا مجموعة الدمنهوري هتعلن افلاسها و اكيد مدام بيلا لو عرفت هتزعل دا مهما كان اخوها ”
تنهد عمر بخفوت قائلا بحزم:
_” سيب موضوع محمود عليا و دلوقتي مهمتك المجموعة و المشروع اللي بنقوم بيه، لازم تاخد كل التصاريح قبل 12/4″
غمغم ثائر بهدوء قائلا:
-“تمام يا عمر بيه ايه حاجة تانية.”
رد عمر بخبث و مشاغبة قائلا:
-“اليخت بتاعي تجهزه النهاردة عايزه ميكنش ناقص من اي حاجة تكفى فردين لمده أسبوع، صحيح متنساش تظبط كل حاجة للفرح”
شعر الاخر بسعادة قائلا بفرح حقيقي:
-“الف مبروك يا عمر حقيقي أنا فرحانلك اكتر من اخويا مع انه جيه متأخر شوية بس الف مبروك و الف مبروك القطط الصغيرة دول شكلهم حلو اوي بجد ربنا يحفظهم لك و لامهم و ابوهم يارب”
غمغم عمر بحزن و هو يعبث بخصلاته قائلا:
-” منهم لله اللي كانوا السبب بس خالص كفاية اوي لحد كدا، تسلم يا ثائر أنا لو كان عندي اخ مكنش هيحبلي الخير زيك… ”
ابتسم الاخر بود و مرت بضع لحظات حيث يتحدثان بالعمل ثم أغلق الخط معه.
اجري اتصال اخر ب بيلا ليخبرها بأن تجهز للخروج معه في مكان ما و لم يضيف اكثر من ذلك.
بعد مرور عدة دقائق
صعدت بيلا الي السيارة قائلة بابتسامة :
-” في ايه؟ ”
رفع يدها الي فمه يطبع براحتها قبلة عميقة قبل أن يغمغم بخبث :
-“هيكون في ايه يعني؟ هنخرج و نسيبهم بقى حاسس ان صالح شوية و يخنقني بس عنده حق أنا لو حد بعدني عنك يوم واحد ببتجنن،فخليني نسيبهم علب راحتهم شوية هاخدك لمكان خاص بينا احنا و بس…”
ابتسمت بسعادة قائلة بمرح:
“هنروح فين؟”
أبتسم مغمغم برفق:
-“مش مهم هنروح فين، المهم أننا سوا”
في صباح يوم مشرق متفتح بالسعادة لأجل هذا الثنائي الذي عانا من ظلم الحياة و قسوته لياتي اليوم الذي تتفتح لاجلهما أبواب السعادة.
جلست بيلا على رمال الشاطيء أمام ذلك الشالية الذي أتت اليه بالأمس برفقة عمر
قد انهمكت في بناء قصر من الرمال بطريقة متقنة بينما يجلس عمر برفقتها يقوم بخلط المياة و الرمال بينما تشكل ذلك القصر بسهولة و احترافيه
أبتسم بحب وهو يجلس على الرمال يضمها بحب بين ذراعيه من الخلف ليغمغم بسعادة قائلا:
-“تعرفي ان دي اول مرة اعرف انك شاطرة اوي كدا في تشكيل الرمل بالجمال دا، انتي اتعلميه امتى”
أبتسمت بيلا برقة و هي تُبعد خصلات شعرها عن وجهها بينما اخذ الهواء يلامس بشرتها الناعمه بتروِ و رذاذ البحر يتناثر حولهما منعشاً الجو غمغت بحزن و عينيها تلمع بطبقة من الدموع:
-” ماما الله يرحمها هي اللي علمتني ابني قصور من الرمل كنا نيجي هنا سوا في اسكندرية مع تيته نبيلة و نعوم كتير اوي كانت بتحب الغطس، و كانت دايما تاخدي معها في اي تجربة جديدة تعملها و نضحك سوا و نلعب كتير اوي يا عمر، و تيته نبيلة كانت تقعد تضحك و هي بتتفرج علينا، كنا نقعد و نفضل نبني قصور من الرمل لحد ما الموج يجي و يهدها، عارف يا عمر كانت دايما تقولي أنا نفسي اشوفك يوم فرحك يا بيلا وقتها هفضل اوصي عريسك عليكِ، لكن كانت بتتعب كتير بسبب بابا لانه مكنش بيحبها كان بيحب عمتك كوثر علشان كدا رفضك بنفسي الطريقة اللي جدك رفضه بيها لكن وقتها امي دفعت التمن، تعرف كانت بتقولي انها لو خرجت من علاقتها خسرانه قيراط فهي كسبت أربعة و عشرين قيراط انها خلفتني، بس مكنتش تعرف ان بنتها هتتوجع هي كمان بسبب الحب، مكنتش تعرف ان بابا هيلينا ندوق من نفس الكأس، بس الفرق انه عرف يكمل حياته و يتجوز و يخلف لكن انا حياتي وقفت مكانها ”
ابتسم عمر بندم و هو يضمها بحماية اليه و يتذكر قسوة الايام التي مرت عليها قبله و أنه بغبائه تركها تعاني من كل هذا وحدها، و كان سيظل الاثنان في تلك الدوامة لولا معرفته بالحقيقة ليشعر بالم يهدد بسحق قلبه.
أدارها اليه يقبل عينيها و يزيل دموعها برفق :
-” حقك علي عيني يا بيلا حقك علي قلبي انا، بس علشان خاطري و الله العظيم ما قادر اتحمل دموعك، ربنا يقدرني و اعوضك عن كل الألم اللي شفتيه في حياتك”
حاوط عنقه بذراعيها قائلة بارتياح :
-بس أنا دلوقتي فرحانه بجد يا عمر”
سالته بهدوء قائلة بابتسامة:
-” صحيح يا عمر أنت حسيت امتى أنك بتحبني”
حاوط خصرها هامساً و قد أشعلت بداخله نيران العشق من جديد:
-“عارفه اول مرة لما شفتك في اوضتي وقتها انبهرت بجمالك الصراحة و قلت اكيد دي مش فلاحة لان لبسك كان بسيط جدا لكن لما اتخنقتي مع عصمت و ضربتيها وقتها فاكر الجملة اللي انتي قلتيهالي
-“يعني هتكون مين ابن بارم ديله الكونت دي مونت كريستو، مكتشف الذرة وانا مش عارفة هتكون مين يعني واحد من ملزقين عيلة الرشيدي”
لم تستطيع بيلا كبح ضحكتها الرنانة و هي تنظر له متذكره تلك الليله حيث اول لقاء بينهما ليكمل عمر بشغف و عشق:
-“بصراحة من اللحظة دي و أنتي سرقتي النوم من عيني و بعد ما كسرتي ازاز العربية وقتها شوفت بنت جميلة اوي و كاريزما خفيفه على الروح و مرح كأنها طفلة بتحب الحية حقيقي كنت بحسك طفلة و الغريب اني مش بلاقي راحتي الا معاكي، بموت فيكي لما بتتكسفي، لدرجة ان أول ما كتبنا الكتاب كنت مش مصدق أنك اخيراً بقيت ملكي لوحدي، لسه في بالي أول مرة قطفت الورد من خدودك. بموت في شقاوتك و هزارك و لسانك الطويل و بحب هدوءك و ضحكتك اقولك انا برضو مش برى اوي كدا كان عندي علاقات كتير بس كنت بعتبره تسليه خروج من هم الشغل و الصفقات و كمان مفيش التزامات بحاجة، كانت علاقات سهلة لكن في حرم أدبك و أخلاقك كان لازم أقع على بوزي، في الأول قلت هقابلك كم مرة لحد ما الهالة اللي حواليك تنطفي و اعرف اركز في شغلي و حياتي لكن من غير ما احس لقيت نفسي واقع في المصيدة و كل لحظة بينا كانت بتزيد شوقي و عشقي ليك يا بيلا”
ابتسمت بسعادة قبل أن تطبع قبلة سريعة على شفتيه، كاد ان يقترب اكثر الا انها ابتسمت بخبث طفولي و هي تنهض بعيد عنه.
استقام مهرولا خلفها وهو يضحك، ركض بقوة إليها و كانت هي تركض على رمال الشط حافية الأقدام بجمال و أناقة تليق بجميلة كهذه امرأه بروح مراهقة
التقط عمر يدها في لحظه خاطفة فصرخت بيلا بفزع و هي تستدير له قائلة بمرح
-“عمر…استني بس هفهمك”
لما يمهلها فرصة لقول ما لديها بينما حملها بين ذراعي متوجهاً نحو البحر و امواجه الهائجة
ملقياً اياها برفق لتشهق بفزع مغمغه بغضب :
-“مش عايزه اعوم دلوقتي حرام عليك”
أبتسم بخبث و هو يمسك يدها ساحباً اياها نحو الاعماق، مر وقت طويل و هي تسبح بمهارة أسفل المياة، ترى الاسماك و المخلوقات البحرية بينما مر الوقت بسرعة برفقته يبدو وكان القلب عادت له روحه برفقتك ايها الوسيم.
________________________
في صباح يوم جديد
استيقظت نور بكسل على صوت ذلك الكنبة المزعج، نهضت من فوق الفراش خرجت من الغرفة متجهه نحو المرحاض بعد أن اخذت ثياب أخرى لتبدلها.
انتهت من اداء فرضها، أحضرت طفام الفطار لأجل اشقائها و والدها لكنها لم ترد ايقاظهم فالوقت مازال مبكراً و اليوم هو السبت حيث لا مدرسة.
اخذت رغيف وضعت به أصابع البطاطس المقلية ، زفرت بحنق و هي تأخذ قضمة كبيرة من من السندوتش قبل أن تغادر المطبخ متجهها نحو غرفته أخيها.
نور بهمس:
سيف، سيف قوم
استيقظ بازعاج من اشعة الشمس قائلا بهدوء :
-“ايوه يا نور”
ردت بجدية و حزم قائلة:
-“شوية و ابقى صحي بابا و عبده و اقعدوا افطروا الاكل في المطبخ و ابقى اسقي الصبار و النعناع اللي برا، و اقعد ذاكر و ذاكر لاخوك معك و بلاش تخليه ينزل يلعب بدل ما حد يضربه”
رد سيف بجدية قائلا:
-“مين دا اللي يضرب اخويا دا أنا اوديه في داهية”
ردت نور بسرعة مغادرة الغرفة:
-” مش عايزه مشاكل يا سيف الله يرضا عليك مش ناقصة”
غادرت المنزل قائلة بصوت مسموع:
-” يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ”
كانت تمشي في جانب الطريق بحذر من الأيادي الطائشة حتى نادي عليها شخص ما.
نظرت خلفها نحو محل الجزاره حيث يقف ذلك الرجل الضخم أمام المحل يمسك بين يديه سكين حاد قائلا بلهفة :
-” ست نورهان يا نورهان، خد ياض السكين دي و اوزن للزبون اللي عندك”
أقترب منها ليقف أمامها يبرم شاربه بحركة مستفزه لنور قائلا بمراوغة:
-“يا أرض احفظي ما عليكي، نورتي المنطقة و الله من يوم ما رجعتي، هو حصل حاجة بينك و بين البية جوز حضرتك ”
غمغمت نور بحنق و هي تحدج به بضجر:
-” هو في ايه يا معلم سلطان هو انت ليك فلوس عندي لا انا بشتري منك اللحمة و بدفع حقها عايزه ايه انت بقى”
-“ننول الرضا يا جميل، و لا احنا مش اد المقام و القلب مش بيميل غير لولاد الذوات، مش طلقك برضك”
اخذت نفس عميق بغضب قائلة من بين اسنانها:
-“بقولك ايه يا معلم سلطان ست توحة لو عرفت انك واقف معايا دلوقتي هتزعل و هتزعلك وأعتقد انت مش اد زعلها، فانجز و قول عايز اي مني علشان عندي شغل”
وضع يديه على بطنه و حركها قائلا بخبث:
-” طالب ايدك يا نور انتي لسه صغيره و زي القمر و حرام يضيع شبابك في الشغل و المرمطة دي انتي صغيرة عليها انتي عايزه اللي يستتك”
زمجرت نور قائلة من بين أسنانها :
-” عارف انت لو مامشيتش من ادامي هعمل فيك ايه؟ قسما برب مُحمد هصوت و الم عليك أمة لا اله الا الله، و ساعتها ابقى وريني هتعرف تقف ادامي كدا ازاي بالاذن يا معلم”
رد سلطان باستفزاز و لمعة عيناه بخبث و اعجاب:
-” هتعبر نفسي مسمعتش حاجة و هستنا ردك يا جميل..”
عضت على شفتيها بغيظ و غضب قبل أن تتركه و هي تسبه من شدة الغضب..
________________________
في قصر «العلايلي»
ركض باسل بقوة لداخل القصر بعد أن اتاه اتصال من زينه بأن والده فقد الوعي قبل وقت و حالته تسوء.
ابتسمت إحدى الخادمات باعجاب و هي تراه يدلف لداخل القصر مهرولا، يبدو في غاية الوسامة تلك الملامح الحادة قليلا تزيد من وسامته الطاغية و عسلياه الضاريتان يلمعان بحدة و كأنه نمر ينتظر فريسته ليفترسها، هيئته الرياضية تأسر قلوب الكثيرات
هو مثال للوسامة الطاغيه و الملامح الرجولية المميزة
صعد الدرج بسرعة في أقل من دقيقة كان يقف أمام غرفة والده بينما رأي الطبيب يخرج من الغرفة و الحزن جلياً على وجهه
سأله باسل بلهفة قائلا بحزم يليق به :
-“زيدان باشا كويس؟”
اخفض الطبيب رأسه بحزن قائلا:
-“للأسف حالته بتسوء و مش قابل انه يروح المستشفى و الأعراض اللي عنده اعراض الجلطة”
ضيق باسل ما بين حاجبيه بارتياب و حزن قائلا بجدية:
-“يبقى ننقل كل الاجهزه للقصر و اي حاجة هيحتاجها في المستشفى توصل القصر”
رد الطبيب بهدوء قائلا:
-“بس يا باسل بيه الموضوع هيكون صعب و.. ”
قاطعه باسل بحزم و صرامة متناهية :
-” مفيش بس انت فاهم، كل الاجهزه تتنقل هنا أدام النهاردة لو مظبطش كل دا، اعتبر ان المستشفى بتاعتك مقفوله و دا مش تحذير دا تهديد…. ”
ابتلع الطبيب ما بحلقه بارتجاف قائلا بهدوء:
-“الأجهزة هتوصل النهاردة ان شاء الله ”
وضع باسل يديه بجيب بنطاله قائلا بشموخ و ثقة:
-” للأسف معندكش حل غير دا، اتفضل شوف شغلك. ”
أومأ له بجدية قبل أن يغادر القصر، في حين خرجت زينه من غرفة والدها و هي تبكي بحزن و صمت، لكن ما ان رأت باسل حتى ركضت نحوه محتضنه اياه”
ربت على ظهرها بحنان و حب، اخذت تغمغم ببعض الكلمات :
-” بابا تعبان اوي يا باسل، ارجوك ادخله هو عايزك هيرتاح لما يتكلم معاك علشان خاطري انا و ماما”
زفر بحرارة و حنق و هو يحملق في الفراغ لتقول بتضرع :
-” علشان خاطري يا باسل ارجوك”
مسح وجهه بيده قبل أن يومئ لها بالموافقة، ابتسمت بسعادة وهي تمسك يده تأخذه لداخل الغرفة .
وقف باسل في تلك الغرفة الشاسعة ينظر لوالده الراقد بارهاق فوق الفراش مغمضا الاعين.
غادرت زينة الغرفة و هي تدعو الله أن ينهي ما بينهما من شجار.
ظل واقفا مكانه لعدة لحظات ثم أقترب منه ليجلس على الكرسي بجوار الفراش.
شعر زيدان به ليفتح عينيه بلهفة قائلا بحزن:
-“باسل”
كان يحاول النهوض الا انه تتوه بالم وهو يضع يديه على قلبه، شعر باسل بالذعر قائلا:
-“خليك مرتاح، أنا جانبك”
لا يعرف كيف نطق لسانه بتلك الكلمات، ابتسم زيدان و معالم الحسرة و الندم تعتلي وجهه بوجوم و تعب:
-“حقك عليا يا باسل، انا عارف اني اذيتك باللي عملته، و عارف ان مكنتش الاب المثالي ليك و لا لأختك و مش هبرر موقفي انا غلطت في حقك انت و نيرة و زينة و لما حاولت أصلح اللي بينا اتسببت في جرح نور كمان، أنا بس كنت عارف ان هي دي اللي هتعرف تغيرك علشان كدا دخلتها حياتنا ”
سعل بقوة في نهاية حديثه ليقوم باسل بجذب كوب المياة الموضوع على الكومود معطيا اياه لوالده، اخدةذه زيدان ليرتشف منه ببطئ ثم وضعه جانبا ليقول بدموع و ندم:
-” حقك عليا يا ابني والله العظيم حقكم عليا بس اديني فرصة و أنا هحاول أصلح اللي كسرته صدقني انا محتاجك جانبي يا باسل”
اخفض باسل بصره لتاتي على باله بعض الآيات القرآنية التي حفظها منذ فترة قصيرة
قوله تعال
[وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا»، [النساء:36].
وقوله سبحانه: «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» [الأنعام:151].
وقوله جل شأنه: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ (البقرة: 83).
وقوله: «قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا» (مريم: 30-32).
وقوله جل وعلا: «وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (العنكبوت).
وقوله تعالى: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا»، (نوح: 28).
حقاً ان الهدى هدى النفس فاستعن بالله يا فتى.
رد باسل بجديه حانية :
-“خلينا ننسى اللي فات انا خالص معدتش فارق معايا كتير، أنت ليك حق عندي و ربنا يقدرني و اديه و حقي عندك أنا مستعوضه عند ربنا، و بالنسبة لأمي فأنت لازم تصافيها لان حرام اوي اللي عملته فيها و اللي هي استحملته علشانا.”
ربت زيدان على كتفه قائلا بضعف :
-“طب و نور”
ابتسم باسل ساخر ليجيب بخفوت:
-” نور ربنا يسعدها مع الشخص اللي يستاهلها، أنا خالص معدتش افكر في موضوع الجواز و لا عندي طاقة لأي حاجة غير الشغل حالياً و غير اني افهم نفسي. ”
ربت على كتف والده بحنان قائلا بجدبة:
-“متقلقش على الشغل انا هظبط كل حاجة و ان شاء الله هرجع الشركة تاني من النهاردة”
غادر الغرفة دون أن يضيف حرف اخر
_________________________
بعد مرور أسبوع
في منزل عمر بالاسكندرية
وقفت زينب علي ذلك الكرسي الصغير لتصبح في مواجهة والدها تقوم بضبط الجرفتة هامسه باعجاب و شغب:
-” البدلة شيك اوي عليك يا بابا حقيقي لو مكنتش ابويا كنت طلبت الطلاق من صالح و طلبتك للجواز”
ضحك عمر بصخب قائلا بسعادة:
-“ابوكي طول عمره شياكة يا بنت، الف مين تتمناني بس القلب بقى، ها مظبوطة كدا؟”
نزلت عن ذلك الكرسي قائلة بغمزة شقاوة:
-“زي القمر يا برنس خالي في علمك انك هتتحسد لازم ارقيك من العين”
جذبها عمر نحوه مقبلا قمة راسها بسعادة:
-” تعرفي أنا مستني اليوم دا من امتى يا ملك ياااه من اكتر من اتنين و عشرين سنه من اول مرة عيني وقعت عليها وقتها اخدت قلبي و سرقتني من نفسي”
أبتسمت زينب بسعادة و حماس قائلة :
-” خالص و اهو جيه اليوم اللي بتتمناه المهم اوعي اوعي تحاول تزعلها يا بابا انا بقولك اهوه اه بنتنا لو زعلت هيكون فيها كلام كبير “
-والله”
غمزت له بحب قائلة: والله
بعد مرور نصف ساعة
تدق الطبول وتُعزف الزمامير على أوتار الحبيب الواقف في اخر الدرج ينتظر العروس وعيناه تتوهج بالفرح والحب وهو يراها تنزل برفقة أبنتها و زوجها تتأبط ذراعه بخجل من الموقف، والسعادة تطل من بنيتها الكحيلة البراقه بالحب، كل خطوة تخطوها على الدرج بتمهل يخفق قلبه شوقاً معها
وكانها تسير على حافة قلبه العاشق.
وصوت الزفة يكمل جمال المشهد وتأثيره عليهما مع الزغاريد الغالية المنطلقه حولهما من الأحبة حيث يقف شاركهم الكثيرون
(حبيبة و نور و إيمان و حياء و زينب و مريم و كذلك صفا
و نساء المنطقة المقربين من حياء جاء الكثيرون ليشاركوها تلك الفرحة»
كانت جميلة اليوم اكثر من اي يوماً مضى جمالها راقي بريء كثوبها الأبيض وحجابها الناصع وآه من طلتها بالابيض عليه فقد خطفت قلبه اكثر من السابق واعجزت حواسه فظل واقفاً مكانه متسمر ضائع في جمالها يتأملها من أول زينة وجهها الرقيقة مع لفة الحجاب الرائعة الذي يراه به لأول مرة
حتى اطرف تنورة ثوبها المميز والذي يليق بمعذبة قلبه و معشوقته،
انها هي الحب ولن يكن الحب دونها حباً !.
رفعت بيلا عينيها عليه وخفق قلبها بجنون وهي تراه يقف عند آخر درجات السلم ينتظرها بحلة العرس الانيقة والتي ازداد بها وسامة كنجوم السينما و كيف لا وهو يملك من الوسامة ما تجعل قلبها يخفق بضراوة
وكانها صممت خصيصاً له حتى يتمكن من خطف قلبها اكثر من السابق
انتبهت للبسمة الجذابة على محياه وتوهج عيناه بالحب والسعادة وقد لاحظت باقة الورد الحمراء الصغيرة الذي يحملها بين يداه منتظر قدومها حتى تاخذها منه
لا تعرف لماذا ترقرقت الدموع بعينيها لكنها شعرت ان السعادة في قلبها كانت أكبر وأجمل مما تحتمل
لذا تجمعت في مقلتيها دموع السعادة والشكر لله على تلك النهاية الرائعة فقد جمعها في نهاية
بالحلال بمن تحب بعد سنوات عجاف من البعد سنوات تالمت في بُعده ….
تأثر الجميع بهذا المشهد وخصوصاً ملك التي تقدمت منها كذلك وظلت في احضانها لفترة، ابتسمت زينب بسعادة وهي تقبل وجنة بيلا قائلة بسعادة:
-“الف مليون مبروك يا ماما”
شعرت بيلا بالنفور من ذلك الزفاف رغم سعادتها لكن تشعر و كأن الموقف سخيف
تقدم عمرو منها وأخيراً اتى الدور عليه لمباركة زوجته فقدم لها باقة الورد بصمت فاخذتها منه بخجل وتوتر، لتجده يقترب منها ويطبع قبله على جبهتها طويلة حسية عميقة المعاني جعلتها تغمض عينيها ويخفق قلبها بجنون مع لذة اللحظة
لتجده يبتعد عنها ناظراً لعينيها البنيه يأسرها فتركت لعينيها حرية تأمله اكثر من اي يوماً مضى.
فكان وسيم لدرجة ضاعت في نظر اليه لبرهة حتى أن خصلاته البيضاء زادت من وسامته و ها قد جاء اليوم الذي تمنت لسنوات .
لتجده يهمس بصوتٍ أجش…….
-“مبروك يابيلا” ثم مال عليها هامسا بصوت لم يسمعه احد سوها قائلا برجاء:
-“افرحي يا بيلا علشان خاطري و انسى الماضي و اوعي كلام الناس يأثر فيك لان محدش فيهم عاش في المرار اللي احنا دوقناه يبقى مش من حقهم ينكدوا علينا في الليلة اللي بنفرح فيها”
ابتسمت بيلا وضاعت نظراتها الهائمة به أكثر لتجده في اللحظة التالية يعتقل خصرها بين يديه بحب لتلف كفها حول ساعده
صفق الجميع لهما وصاح صالح و اصدقاءوه الشباب بتشجيع له
بينما اطلق ثائر صفير عالٍ وهو يصفق لهما وكذلك علي الذي يقف جواره يتالق ببذله سوداء انيقة
اتجهت بيلا معه نحو السيارة الي القاعة المقام بها حفل الزفاف ليبدأ الاحتفال
في القاعة
جلست بيلا بجوار عمر بسعادة و ها قد آت ذلك اليوم الذي تمنته منذ دهر طويل
على إحدى الطاولات التي يجتمع عليها الشباب
نظر صالح لعلي و يوسف قائلا:
-“لا يا شباب مش هينفع كدا خالص عايزين نولع الليلة دا حمايا برضو”
رد يوسف بغمزة شقاوة و سعادة:
-“يبقى لازم نعمل معاهم الواجب و لا ايه يا على”
وافقه على ليتجه نحو مهندس الصوت ليهمس له ببعض الكلمات
بعد لحظات
وقف صالح في منتصف القاعة و جواره من الناحية اليمين يوسف و من الجهة الأخرى يقف على
اقتربت الفتيات من الشبان الثلاثة
صدحت الأغنية الصاخبة حولهم بدأ الغناء والرقص…….
(حلوة وبتحلي أى مكان وتنوره
والله ما تلاقوا زيها لفوا الدنيا ودوروا
دى جمالها معدى واللى يشوفه بيقدره
والله ما تلاقوا زيها
زيها مين بتهزروا……..)
مسك عمر كف بيلا متجها نحو الشباب و كذلك جلال الذي صعد للتو برفقة حياء
إصدارها عمر عدت مرات وهو يغني مع الاغنية بسعاة
بينما ساد جو من المرح بين الشباب و كذلك عمر لينظر له صالح ثم غمز لها بحب رغم حنقه منه بعض الأوقات ليرد له عمر بابتسامة ليردد صالح الأغنية و هو ينظر لزينب
“تؤمر تتأمر ما هى دى اللى عليها منمر
طبعاً حقها تدلع، تتبغدد قوى، تتمنع…..”
مسك صالح كف زينب ورقص معها وهو يشارك في الغناء بمرح ليغمز لها قائلا:
(قصاد الغمزة إحنا تلامذة، قصاد المشية إحنا الحاشية ودى السلطانة وتتسلطن، نغنى معاها ونتسلطن قصاد الغمزه إحنا تلامذه، قصاد المشية إحنا الحاشية
ودى السلطانة وتتسلطن نغنى معاها
ليل يا عين يا ليل يا عين يا ليل
عين يا ليل يا عين يا ليل يا عين”
مسك جلال كفي حياء ونظر لعينيها وهو يردد مع الأغنية بشقاوة وهي تموت خجلاً وسعادة من جمال اللحظة بين يداه وتمنت كثيراً ان يقف عمرها هنا ولو قليل ولا تنتهي أجمل اللحظات بينهما ليهمس قائلا بعشق؛
(الورد إتنقى بالواحدة عشان خدها
يا جماعة مش ممكن لأه
دى لا قبلها ولا بعدها
مبتدلعش ما هي دلوعه لوحدها
الرقه يا ناس ربانى
ربانى يا ناس بُعدها”
بأخر جملة ضحكت حياء بقوة وهو أخذ باله من الجملة فغمز لها سراً
وجواره ردد يوسف باقي الأغنية امام عينا ن ايمان والتي كانت تهتف بتناغم وسعادة مع اوتار الموسيقى ليصيح بجنون وهو يرفع يديه……
” أنا مش هتكلم أنا رافع إيدى مسلم
القد يا ناس يتدرس منه الغزلان تتعلم
ده أنا مش هتكلم أنا رافع إيدى مسلم
القد يا ناس يتدرس منه الغزلان تتعلم……
تبدلا الشباب الرقص فاصبحت بيلا و زينب و مريم و صفا والفتيات مع بعضهن
والشباب في الجزئية الأخرى وصياح الشباب كان أعلى وهما يرددون الباقي من الأغنية بحماس و سعادة
“قصاد الغمزة إحنا تلامذة، قصاد المشية إحنا الحاشية ودى السلطانة وتتسلطن نغنى معاها ونتسلطن قصاد الغمزة إحنا تلامذه، قصاد المشية إحنا الحاشية ودى السلطانة وتتسلطن نغنى معاها
ليل يا عين ياليل يا عين يا ليل
عين يا ليل يا عين يا ليل يا عين”
أقترب عمر من بيلا محتصن وجهها بين يديه قائلا بسعادة:
-” بحبكك…. ”
ابتسمت بسعاده تنظر للجميع حولها و كم السعادة التي تحيط بها و كل شاب يمسك بيد حبيبة و يرقص على أوتار الموسيقى بتالف و تناغم
ردت بيلا بسعادة و خجل :
-” و انا بموت فيك يا عمر، بس الشباب قاموا بالواجب حقيقي مكنتش متخيلة انه هيكون بالجمال دا”
أقترب صالح منها قائلا بسعادة و حب:
-“لسه الليلة في اولها يا بيلا يا قمر انتي ليه الجمال دا يا قمر”
طبع قبلة على جبين بيلا ليصيح عمر بغضب :
-“بتعمل ايه يالا انت اتهبلت”
أبتسم صالح بخبث و استفزاز و هو يقبل راس بيلا بحماس:
-” ايه هو حلال ليك تبوس مراتي و انا لا يا حمايا العزيز و لا ايه، تعرفي يا بيلا انتي النهاردة بجد أجمل واحدة شافتها عيوني ايه الجمال دا “
كاد عمر ان ينفجر من الغيظ و الغيرة لتقهقه بيلا بحماس قائلة:
-” والله انتي اللي قمر يا صالح لو كنت اكبر شوية و مش جوز بنتي اكيد كنت هتجوزك فورا يا ابو عيون خضراء يا قمر انت”
زمجر عمر بغيرة قائلا:
-” طب ما اجيبلكم اتنين لمون و امشي انا ”
قهقه صالح و هو يهز كتفه بسعادة تناغم مع الموسيقى ليتجه نحو زينب تاركاً العروسان.
كانت نور تجلس على الطاولة تنظر لهم بحزن تمنت لو تراه الان و تصرخ به بل و تحتضنه و تخبره انها تفتقده منذ أن تركها و كسر قلبها رغم أنها أخبرته انها ترغب بالبقاء معه لكن لم يبالي بذلك و تركها
أخيراً رفعت عيناها البنيه لتقع عينيها على عسليته المهلكة و هو يدلف لداخل القاعة
وكان هو في غاية الأناقة ببذلة كلاسيكيه بعصرية رفيعة باللون الكحلي، كانت رائعة
عليه وكانها صممت اليه خصيصا
وقد صفف شعره الاشقر الغزير للخلف فأصبح جذاب بدرجة مهلكة…. مما جعلها تخفض عينيها بارتجاف بينما تتعالى دقات قلبها
بلعت غصة الانكسار في حلقها وهي تشعر بتجمد أطرافها.
دلف باسل الي داخل القاعة بخطوات شامخة يبدو في غاية الوسامة، ادار عسليته في القاعة و كأنه يبحث عنها لا يعلم لما يفعل ذلك لكن قاده قلبه الي البحث عنها، ليجدها تجلس على إحدى الطاولات وحدها تتالق في ثوبها الأزرق الطويل و حجابها الأسود الذي يبرز بشرتها البيضاء الجميلة، اختطف عدة لحظات و هو يتمعن النظر اليها باشتياق اخرق قلبه الملتاع لها
كانت الصحافة هنا و هناك تقوم بتصوير كل اللحظات في ذلك الحفل الاسطوري الذي يجتمع به أشهر راجل الأعمال و أشهر الشخصيات المعروفة بمدينة الاسكندرية
تشنج وجه باسل بحزم و شدة وهو يري ذلك الشاب يقترب من طاولة نور مبتسم يمد يده نحوه قائلا بلهفة :
-“تسمحلي بالرقصة دي يا هانم”
رفعت نور عينيها تنظر حوله لتشعر بأنه مألوف بالنسبة لها، وجهت نظرها لذلك الواقف مكانه و عيناه تبعث الشرار، و البخار يتصاعد من اذنه من شدة الغضب و كأنه ينتظر ردة فعلها.
ابتسمت برقة مغيظه له لتضع يديه بيد ذلك الشاب، ليتجه نحو المنصة بجوار الشباب يرقص معها برقة و تناغم على تلك الموسيقى لتساله نور بهدوء :
-“هو احنا اتقابلنا قبل كدا؟”
رد الشاب بتوتر قائلا:
-“هو انا كنت شغال مع باسل بيه و شفتك كذا مرة معه فيمكن تكوني عرفاني اسمي عيسى ”
أومات له بلا مبالة و عينيها تسترق النظر لذلك الوسيم الذي أقترب من المنصة برفقة امرآه انيقه مثيرة!
جزت على أسنانها من شدة الغضب قائلة بهمس:
-” جوز الأربعة قليل الادب، السافل”
صعد باسل المنصه مباركا لعمر ثم نظر لتلك المرأه و اخذ يراقصها بجوار نور و هو يسترق السمع لما يحدثها الشاب به
بينما كان عيسى يتحدث لنور التي حاولت التركيز قدر المستطاع الا ان رائحة عطر ذلك الوسيم داهمت انفها لتجعلها تشعر بالضياع.
الا عندم سالها عيسى بخبث قائلا:
-“نور انا عارف انك انفصلت عن زوجك و الصراحه عارف ان الموضوع هيكون مفاجي ليك بس انا حابب احد رقم والدك و صدقيني يا نور انا عارف انك اتاذيتي منه بس اديني فرصة اعوضك”
ابتسمت دون وعي ليجن جنون ذلك الأشقر معذب قلبها ليصرخ بغضب و هو يدفع الفتاه بعيدأ عنه ثم توجه نحو عيس يمسكه من تلابيد قميصه قائلا بعيون سوداء من الغيرة:
-” و عايز رقم ابوها ليه أن شاء الله يا روح امك”
ابتلع عيسى ما بحلقه قائلا بتوتر؛
” كنت هطلب ايديها للجواز و الله على سنة الله و….”
لم يكمل جملته بينما صرخ باسل بغضب :
“عايز تجوز مراتي يابن ال***…..”
عجله باسل بلكمة قويه اسفل فكه على أثرها تراجع عيسي للخلف وهو ينظر اليه
بوحشية تكاد تفتك به، لكمه باسل مجدداً اسفل عيناه وهو يصرخ به بقوة…..
“هتعوضها ها، كل الرجالة اغبيه وانت الذكي بروح امك”
ركله باسل في بطنه وهو يقول…..
” كل الرجالة اغبية وانت الذكي اللي فينا…..فين النخوة والمروءة وانت حاطت عينك على وحدة متجوزة وبتحب جوزها ياغبي….. “
دافع عيسى عن نفسه ولكم باسل في صدغه……..
وهو يقول بقرف :
“اي مبتعرفش تكلم غير بايدك معندكش لسان…”
تحسس عيسى فكه بيده بغضب وقذف الدماء من فمه وهو يناظر باسل بغضب ثم سأله ببرود
“افهم من كده انكوا متجوزين ازاي و انت طلقتها…..”
استشاط باسل غضباً من حديثه الفاتر معه بعد كل هذا الضرب،بل ويساله وكانه صديقه او من افراد العائلة، شهق باسل بازدراء
-” انت مال اهلك يالا واحد و مراته حصل بينهم مشكلة فجأة كدا تطلعهم أطلقوا”
كانت نور تقف بجوار زينب بفزع و سعادة خفية وهي تتابع ما يحدث و تلك الفوضى اللي اثرها باسل في حفل الزفاف لكن تملكها الغضب من تقلبات لتقول بحدة:
-“مرات مين يا جدع انت و بعدين احنا انطلقنا و مالكش دعوة بيا”
صرخت في نهاية جملتها و يقترب منها محذر اياها بغضب و شر الا انها استمرت قائلة:
-“ايه فاكرني بخاف و لا ايه ايوه اطل…..
صرخت تلك المرة بقوة و هو يحمله على كتفه بلا مبالة كأنه يحمل(شوال أرز) على كتفه، وسعت عينيها بصدمة و هي تضربه بظهره لكنه لم يبالي
ضحك عمر بسعادة قائلا بخبث:
-” رغم ان تمثيلك يا عيسى معجبنيش بس برافو عليك اهو اتحرك”
فغرت زينب شفتيها قائلة بصدمة:
-“بابا؟!”
غمز لها لها بشقاوة قائلا بخبث لبيلا:
-“مش ياله بينا و لا ايه يا مزة”
ردت بيلا بخجل و سعادة:
-“احترم نفسك يا عمر”
_”قُلْ لِلمليحِ -وإنْ تباعدتِ الخُطَى-
تَبْقَى القريبَ، وليْسَ بعدكَ مِن هَوى”.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2))
جميله جدا
تم
التكمله
التكمله فين
روعه