روايات

رواية وكأنها عذراء الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم أسما السيد

رواية وكأنها عذراء الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم أسما السيد

رواية وكأنها عذراء البارت الثاني والعشرون

رواية وكأنها عذراء الجزء الثاني والعشرون

وكأنها عذراء
وكأنها عذراء

رواية وكأنها عذراء الحلقة الثانية والعشرون

“كنت أعلم من البداية أن رؤيتها لن تمر مرور الكرام، لقياها كان قدرا لا فرار منه، ومن منا بإمكانه تغيير الاقدار”
أغمضت ليليا عيناها اخيرا، بعد وصله انهيار لن تغيب عن ذكراه ابدا ، ومؤكد لن تنساها هي ، انهيارها اليوم ليس مجرد حاله استثنائية، بل إنها لحظات ثقال، لحظات صعبة ، تشبه هجوم عدواني مفاجئ بإحدى نوباته الليلة بالجيش، لحظه تحوي بداخلها تفاصيل لن تُنسي، ولن ينفع مع ما خلفته أي ترميم الا برد الهجوم أضعاف أضعاف،
انهارت وانهار قلبه معها، حصونه المتينة التي ظل لسنين طويلة يشيدها حول قلبه، انهارت أمامها، الجمود الدائم كان حال قلبه مع الجميع، لم يظهر مشاعره يوما لأحدهم حتي أبويه لم يستطيعا تغييره، كان جامدا كجلمود صخر، هكذا كان ابيه يصفه
الحنان ولين القلب كانوا من أكثر الصفات التي يكرهها ما أن خطرت له علي بال، لم يتخيل يوما ان ذلك القلب ستنهار حصونه ذات يوم ويشعر بذلك الانهيار
الان وبتلك اللحظة تدمرت حصونه، وضاعت هيبته أمام الجميع..
نظر لها طويلا، يتأمل هيئتها الشاحبه، يديها التي مازالت تتشابك بيديه كطفله تخشي ترك يد ابيها، طالت نظرته لكفيهم المتشابكان وعقله يردد اخر جمله، أو بالاخص تلك الكلمه التي لفظت بها قبل أن تغمض عيناها ، تلك الكلمة التي هدمت آماله، وربما أعلمته أنه لا يجب عليه التوهم
( ابيه يزيد انا خايفه، خليك جنبي)
كلما حاول الفرار والهروب من جانبها، قلبه يذكره بانهيارها، فيحن قلبه لها، ولكن ما أن يتذكر ذلك اللقب ، الف شعور متناقض بقلبه يتحاربان معا، ويجعلوه كالمجنون، وسؤال وحيد يفتك به..
ماذا حدث له، حتى يشعر بكل ذلك الحزن من أجل احداهن، أيعقل أنها غريزة الدم، الذي يسري بأوردتهما، الدم يحن لمن منه ، وإن كان كذلك، ما به قلبه يدق لها كمجنون ما أن تلفظ اسمه
زفر أنفاسه بتوتر، يحاول تجميع نفسه المشتته، حرر يده من يدها، بينما خانت يداه، وامتدت لتبعد شعرها الكثيف الذي غطي وجهها، أنه الآن يتأمل وجهها الذي لم يجد الراحه حتي بنومه الاضطراري هذا، مازالت صغيرته يرتسم علي وجهها الرعب، وهذا أكثر ما يؤلم قلبه
انها صغيره جدا علي هذا الالم كله..نعم انها صغيره
ترددت هذه الكلمه بداخل عقله مرارا، يتأمل معناها الحقيقي ، وعقله يؤنبه ويستنكر ذلك الشعور الذي يشعر به، يخبره أن الفرق كبير
وأنه بالفعل لا يليق به إلا أن يكون اخيها..وانتهي الامر، عليه تلقين نفسه تلك الااجابه، ودراستها جيدا، حتي لا يفشل
تنهيده متعبه، خرجت من صدره، عاد بظهره للوراء يستند علي المقعد الذي يجلس عليه امامها، والم ذراعه بدأ يعود إليه..
صوت خطوات بطيئه من خلفه جعلته ينتفض بغضب، أخبرهم الا يدخل عليهم احد، لكنه ما أن راي جده أمامه إلا وخرس..
_ جدي، انت
ربت الجد علي كتفه، وهو ينظر الي حفيدته الاجمل من بينهن، تشبهها كثيرا، كلما نظر إليها تذكرها
تشبه زوجته الحبيبه رحمها الله، يقسم أنه ما أن رآها اعتقد انها هي
كم ظل لسنين طويلة يتمني لو يستطيع رؤية اولاد ابنه الجاحد أحمد السباعي وصمة العار الوحيده بحياته هو وابنة أخيه تلك الحيه التي أنجبت ملاك كهذه، ومؤكد أشقائها كذلك، اه لو يصل إليهم، اه لو يستطيع فقط، أن يعوضهم كل شيء مُر بالحياة قد لاقوه علي أيدي آبائهم، كم يؤلم قلبه فكرة أن أحفاده لاقوا ما لاقوه مع ذلك الحقير ابنه ، ليته لم ينجبه، أنه عمله الفاسد في الأرض، نبته فاسده يدعي بحرقة لو يقتلعها الله ويرحم من في الارض منها، وان كان سيؤلم قلبه، لكن موته افضل، لن يؤذي أحد بعد
_ جدي انت سرحان في ايه، لتكون تعبان
هز الجد رأسه بالرفض ببطء، وزفر بالم، وهو يسأله عنها:
_ كيفها ياولدي دلوك، ام السعد خبرتني باللي حصل، ريتني ما نزلت النجع؟
عاود يزيد النظر لها، كلما نظر لها يشعر وكأن قلبه سينفجر، يريد الانتقام، هناك شيء متأكد منه أن خلف احداث قضيتها افعال لم تذكر بعد، انهيارها ليس طبيعياً، عقله يعمل بكل اتجاه يتوقع كل شيء، ويعود لينفيه بكل غباء، سيجن حتما سيجن ، والحل مؤكد في ذلك الاسم التي ذكرته “الخاله فاطمه”، التي ذكر اسمها كشاهد بما حدث بملف القضيه المغلق قبل البدء به، مؤكد معها مفتاح الحل، يقسم لو كانت تسببت باذي لها، ليجعلها تقاسي ما قاسته وأشد..ولكن سؤال وحيد يقلقه، ويشغل فكره
( هل الجد يخفي شيء عنه، ومن تسبب بانهيارها اليوم كيف لم يفكر من قبل؟)
_ يزيد، روحت لفين ياولدي
_ بخير الحمدلله
اجاب يزيد سؤال جده باقتضاب، عند عودته لتلك النقطه وما حدث لتصل لذلك الانهيار، النار تشتعل بقلبه، ويحتار بأي الطرق يطفيها
_ بااه يزيد ياولدي، مالك ياولدي..انت زين؟
نظر يزيد له، واومأ بهدوء؛
_ معاك يا جدي ..معاك اهو، بس
عاود الجد النظر له ، مد يده وامسك بكتفه، واردف بمغزي:
_ مالك يايزيد ياولدي، من ميتا وانت هتخبي عن جدك ، نظرة عنيك بتقول غير اكده، حاسك مهموم علي غير العاده، في عنيك اسئله كتير محتاجه اجابه
نظر له يزيد بصمت، يرتسم فقط علي وجهه نظره حيرة، قبل أن يقطع تواصلهم، صوت هاتفه، والذي لم يكن إلا من القائد مسلم
يهتف به بغضب:
_ حضرة المقدم يزيد قدامك ٢٤ ساعه بس وتكون في وحدتك ، انت وباقي التيم بتاعك، والا هتضطروني اتصرف معاكم بنفسي، اظن انت عارفني يابن السباعي ..
جز يزيد علي اسنانه، والهم ارتسم فجأه علي وجهه، وهو يعلم أن وقت العمل تضيع الصداقة بينه وبين مسلم ، وهو خير من يعلم بالعواقب لو نفذ مسلم تهديده ،هتف بطاعه:
_ امرك يا فندم، علم وينفذ
*********
_ يعني انت دلوقتي بقيت من غير أهل زيي ؟
همست روضه بتلك الكلمات الحزينه، بعفويه صادقه لامست نياط قلبه، نبرة صوتها المختنقه بعباراتها ، جعلت دموعه تنهمر غصبا عنه
بينما يتمدد على تلك الأريكة، ورأسه يضعه علي تلك الوساده الفاصله بينهم
لا يعلم ما الصح وما الخطأ ولكنه أخذ قراره بأسرها تحت كنفه مدي الحياه، لم يعد يجد راحته الا بين هاتين اليدين التي تمدها بحياء، تملس علي شعره بحنو، زفر نفساً حاراً من صدره، وهمس بوجع:
_ مبقاليش حد في الدنيا غيرك يا ملاكي، خليني معاكي بقي وخلاص، ايه رأيك؟
عبست بوجهها، وهتفت سريعاً:
_ اخترلي اسم يا فارس بقي ، عزيزه قالتلي ان ده مش اسم، دا دلعك ليا، وبعدين انت ..
صمتت ما أن اعتدل سريعاً، يستمع لنبرتها الجديده
اعتدل، بعينين متسعه، يقسم أن الحظ فقط من لعب لعبته اليوم مع عزيزه التي تبدلت موعد ورديتها ليلا ، لولا ذلك لكان لقنها درسا قاسيا حقا، لقد أمرها أن تعتني بها، لا أن تبدل ملاكه بتلك الطريقه المهلكه لقلبه، حتي شعرها ما أن انتبهت أسرعت وارتدته تخفيه عنه، لقد بدلت حال ملاكه وفتحت رأسها لأشياء كان هو يجهلها حقا
_ وقالتلك ايه تاني بقي ست عزيزه، ها..؟؟
وجهه لا يبشر بالخير، لكن لا ..ستثبت وتخبره، خصوصا بعد ما قاله من دقائق، وتصريحه المعلن بأنه سياخذها لتعيش معه بالقاهره حيث يعمل، ومع موت والدته التي اخبرها من قبل ببقائها معهم، مع من ستعيش إذا ، امعه وحيده؟؟
_ فارس انا..
نظر لها، ولربكتها، تحاول قول شيء لكنها متردده
جلس قابليتها بهدوء، وتصنع التفهم:
_ انتي خايفه مني، قولي كل اللي في نفسك يا ملاكي، انا سامعك؟
أجبرها بحنو أن تتحدث، بالنهاية هي لم تعد تلك الصفحه البيضاء التي لا تفهم شيء، لقد اقتنعت بما اخبرتها به عزيزه، وكأنه من قبل كانت تفعله كما تخبرها عزيزه، لقد أخبرتها عزيزه بغيابه كل شيء عن المرأة المسلمة، ما يجب أن تفعله، وما لا يجب
ما يصح، ومالا يصح، لقد أعادت لها جزءا مما قد تكون نسته، حتي انها علمتها الصلاة، والقرآن، والتي تفاجات انها تعلمهم، حتي وضعهما هكذا، ونومه بتلك الطريقه حرام، ومد يدها علي مالا يحل لها، حرام، استغفرت عن ذنبها، وقلبها ينبض خوفا، وخجلا
_ ملاكي..قولي اللي عوزاه، انتي قلقانه مني!
نظرت له، وحسم امرها، وهتفت بحديثها مره واحده..
_ فارس ، انا وانت مينفعش نعيش مع بعض زي ما بتقول، مينفعش بأي شكل من الأشكال نكون بالقرب ده..واحنا منعرفش بعض
استقامت كالملسوعه، من جواره، وهو كمثل، صرخ بجنون:
_ نعم ..انتي بتقولي ايه؟
سحقت شفتيها بعنف، الأحوال تتبدل، تدعي الله بإخلاص لو تتذكر وتنتهي معاناتها ، قبل أيام كانت تتمنى قربه باستماته، لكن بعد ما فهمت وعرفت لا والف لا، هي ليست هكذا، كيف ستقابل ربها، خائفه هي من كل شيء
_ بصيلي هنا، واتكلمي
أدارها بجنون، وخوف تربي بقلبه من كثره الفقد، يخشي أن تتركه هي الاخري، ويفقدها، لن يتركها ابدا، الا هو جثه هامده
إجابته بقوه مصطنعه، وحديث غير مقتنعه بصحته:
_ فارس انا مش صغيره، يمكن إبان صغيره بس، انا، انا انسه وانت شاب، ومينفعش يجمعنا بيت من غير محرم، انا فكرت أني هعيش مع مامتك، بس دلوقتي انت لوحدك، مينفعش، انا فكرت أن انت ممكن توديني أي سكن للمغتربين..أو اي…دار ايتام..
_ ايه…ملجأ ، وسكن مغتربين ، انتي اتجننتي..انتي جبتي الكلام الفاضي ده من انهي داهيه
حاول اقناعها، لكنها كانت مصره، كان يسمعها مصدوما، يلعن عزيزه، ويلعن تلك الظروف، وكل شيء
اصرت باستماته علي رايها، ومع إصرارها هذا، جعلته ينتفض كالمجنون، صارخا بها وقد توصل عقله لحل نهائي وأبدي:
_ كده تمام، طب اسمعي بقي، انتي تنسي خالص انك تبعدي عني، فاهمه، انا وانت قدرنا مع بعض، ملكيش خلاص ابدا مني، تقولي مجنون، تقولي متعصب، قولي اللي تقوليه، عاوزه محرم..مش كده، طيب انا هاحلهالك خالص يا ملاكي:.
انتفضت، وارتجف جسدها من صوته الغاضب، حاولت الحديث، لكن لم تستطع إلا لفظ بعض الأحرف:
_ يعني ايه؟
أمسك بيدها يسحبها خلفه:
_ دلوقتي تعرفي، يالا بينا
دفعت يده ، وهتفت بالحاح:
_ انا عاوزه اعرف دلوقتي يا فارس، والا مش همشي معاك انت ملكش حكم عليا
نظر لها بأعين مشتعلة، سيجن منها، ومما تلفظ به، ازداد غضبه من تلك الممرضه، وبنفسه يتوعدها بالهلاك، وهتف بحسم:
_ هتجوزك يا ملاكي
_ ايه..لا..انا.
_ ولا كلمه، قدامي
*********
_ انت بتقول ايه يافارس انت اتجننت..
هكذا هتف ابراهيم به بغضب، قبل أن يكبح بصعوبه فرامل سيارته قبل أن يفتعل حادثاً، غير منتبها لمن ارتطمت رأسها بزجاج السياره
_ ااه.
صوت تأوه بيلا، جعله ينتبه اليها، مد يده يرفع نقابها، ولكن سبابه علي ابن عمه وما يريد فعله لم ينتهي
_ انت تشيل الفكره الهباب دي من دماغك، فاهم يا فارس، انت فاهم
نظر إبراهيم للهاتف بصدمه، بعدما اغلق فارس الهاتف بوجهه، وهو يخبره أنه سيفعل وعليه أن يرضي بالأمر الواقع
تشجعت بيلا، بينما تمسح مقدمه رأسها بهدوء:
_ ابراهيم مالك وماله فارس في ايه، جراله حاجه؟
اقترب ابراهيم منها يتفحص رأسها، بينما لم تتغير معالم وجهه، الصدمه، والغضب والف حرب برأسه من التساؤلات..
أولهم كيف خطر بباله ذلك الحل المجنون
هتفت بالم من تدليكه لجبهتها التي تورمت قليلا:
_ ابراهيم جاوبني؟ انت قلقتني؟واوعي انت كده بتوجعني اكتر.
انتبه كليا لها، زفر بهم، ومال مقبلا جبهتها، واردف بهدوء:
_ اسف ، حقك عليا ، انا اتعصبت ومخدتش بالي، كان هيموتنا ابو الهم ده
ابتسمت، وصمتت ، حينما رأته بتلك الهيئه المضطربه، ولكنه لم يثلج قلبها بإجابة، فعاودت سؤالها بكل براءه:
_ فارس كويس، طمني عليه؟عمل ايه لكل ده؟
اعتدل بوجهه ينظر لها، نظر لها بتمعن، نظر لالحاحها بالسؤال علي فارس، طالت نظرته، وذكري اخر لقاء جمعه بعمته عاد بقوه ينهش عقله، قبل رحيلهم حينما نسي هاتفه وعاد ليجلبه من الغرفه، صدم بها وبما قالته:
_ طول عمرك طيب ياولد محمود، ايمان زرعت بقلبك حنيتها وعبطها
علي ذكر والديه، اشتعلت عيناه، وهتف بغضب:
_ تعرفي لو مكنتيش عمتي، كنت اتصرفت تصرف هموت واعمله من زمان
لم تهتز، كجماد بلا مشاعر، ولا قلب، بل أكملت بخبث:
_ فاكرها هتحبك يااك، انت طيب جوي ياولد اخوي
_ تقصدي مين بكلامك ده؟
لا يعلم لما كان يخشى الاجابه، رغم أنه بدهائه علم من تقصد؟
_ هتكون مين يعني، اقصد بيلا، بتي ، فكرك اني ام قاسيه اوي، لاااه ياولد اخوي، اني ام صحيح إبان قاسيه، بس عارفه مصلحة بتي وين تكون، ولولا شي كنت عارفه ومتوكده أن بنتي عاشقه ابن اخوي فارس، ماكنتش ابدا حاولت..
_ انت اتجننتي، أخرسي
لم يدعها تكمل، انقض عليها كالاسد الثائر كاد ذراعها الذي يمسك به، ينكسر بيده
_ انتي ايه، ها، حيه خبيثه، بتبخي سِمك في اي حد، واي مكان، فكرك اني صدقت حكايه موت مرات عمي، انا عارف ومتأكد انك انتي ورا كل اللي بيحصل دا، عشان الدنيا تخلالك، وتقشي وتكوشي انتي وعمي الخرفان الورث، كنتي فاكره فارس هو اللي هيقش، طب ايه قولك بقي أن جدي الله يرحمه كتب كل شيء ليا ولفارس بالنص
_ ايه، هتقول ايه انت ياولد الفرطوس
صرخت بوجع، وإبراهيم يدفعها بكل قوته، لتقع علي الدرج من خلفها:
_ ولد الفرطوس دا راجعلك من تاني، اوعي تفكري ان أنا ولا فارس هنبعد مش راجعين تاني، لا تبقي بتحلمي، الأرض والبيت وكل اللي نملكه من عيلة البدري، لينا، هنعاود ولبين منعاود عيشيلك يومين ياعمه
لهجته، وطريقته تقسم انها تشبه لهجة ابيها، لطالما كان ابيها سبب رعبها، ابراهيم يشبهه كثيرا بالشكل، لذلك لم تحبه يوم، والان اثبت لها أنه ليس شبهاً بالشكل فقط بل بكل شيء
الخوف ظهر جليا علي وجهها، خافت أن يكشف المستور، ويعود الماضي بلا رحمه يجلدها
ابتلعت ريقها، وحاولت أن تبدو طبيعيه، واردفت بخبث:
_ خوفت اني يااك، عموما كان قصدي انبهك، ابقي راقب منيح تصرفاتهم ، شكلك واثق اوي، اظاهر انك مدخلتش لسه دنيا
_ ابراهيم، ياابراهيم مالك بس، انت كويس
عاد من شروده علي دفعة يديها الهادئه
_ ابراهيم مالك بجد انا خفت اوي
ابتلع ريقه، وهو يستغفر الله بسره ويعاود لعن تلك الحيه عمته، التي جعلته ولاول مره بحياته يشك بابن عمه، ورفيق دربه
_ استغفر الله العظيم يارب
_ ابراهيم..
همست برعب، ومدت يدها تمسك كف يده التي رفعها ليعاود القياده
_ انت بخير
ابتسم لها، وهو يحتوي كف يدها بيده
_ بخير اهدي ابن خالك بس هيجنني
ابتسمت بحنو له، ولم تعلق، فقط همست
_ اهدي بس، اقعدوا واتفاهموا، المهم تكونوا بخير.
اوما بصمت، وعاود القياده وقد قرر تشتيت فكره عن تلك الأفكار الخبيثة التي وضعتها عمته، وبدأ يسرد عليها بعضا من حياته هو وفارس بالجيش، والتي لم تقتصر عليهم فقط، بل كان يزيد السباعي مشاركا لهم بالاحداث بقوه، وهي كانت خير منصت..حتي دفعها الفضول للسؤال:
_ ابراهيم ؟
_ نعم..
_ يزيد السباعي ده، اللي هو…الحفيد اللي بيقولوا عليه المنبوذ
ضحك ابراهيم بقوه تعجبت لها:
_ انت بتضحك ليه كده، خوفتني وعلي فكره
_ خفتي من ايه يا بيلا؟
_ هو ولا مش هو؟
أشفق عليها واجابها :
_ هو..يزيد رفيع محمد السباعي
شهقت، وبصعوبه سيطرت عليها:
_ انت مجنون، انت ناسي التار اللي بينا
قبل أن يجيبها، رن هاتفه، أجابه سريعاً:
_ يزيد
_ انت فين يازفت انت، لف وارجع، انا لأمتي هتحمل مصايب ابن عمك الغبي دا لوحدي
__ فارس..ماله
_ ابدا ياخويا عاوز يتهبب يتجوز..
*********
_ دا انتي حكايتك حكايه ياروح الروح انتي؟
_ احضنيني اوي يا خاله ساليمه، انا خايفه اوي اوي
_ تعالي ياقلبي انتي .
_ الله ودي مين بقي اللي هتاخد مكاني يا خالة ساليمه
انتفضت روح، فهتفت ساليمه بعتاب:
_ صبا، اخص عليكي خضيتي البنيه يابومه انتي..
*********
_ روح، روح، افتحي بقي يارخمه
_ ام روح، انتي عاش من شافك يابنتي
_ خالتي رابعه، ازيك، وحشتيني، فين روح وريحان اختي
_ يانضري يابنتي، انتي متعرفيش
_ معرفش ايه؟
_ دول تعيشي انتي ، اتاخرتي ياأم روح اتاخرتي اوي يابنتي
_ روووووح..لا
*****
يتبع..
الفصل الثاني والعشرين
من رواية/
وكأنها عذراء
أسما السيد
**********
“كنت أعلم من البداية أن رؤيتها لن تمر مرور الكرام، لقياها كان قدرا لا فرار منه، ومن منا بإمكانه تغيير الاقدار”
أغمضت ليليا عيناها اخيرا، بعد وصله انهيار لن تغيب عن ذكراه ابدا ، ومؤكد لن تنساها هي ، انهيارها اليوم ليس مجرد حاله استثنائية، بل إنها لحظات ثقال، لحظات صعبة ، تشبه هجوم عدواني مفاجئ بإحدى نوباته الليلة بالجيش، لحظه تحوي بداخلها تفاصيل لن تُنسي، ولن ينفع مع ما خلفته أي ترميم الا برد الهجوم أضعاف أضعاف،
انهارت وانهار قلبه معها، حصونه المتينة التي ظل لسنين طويلة يشيدها حول قلبه، انهارت أمامها، الجمود الدائم كان حال قلبه مع الجميع، لم يظهر مشاعره يوما لأحدهم حتي أبويه لم يستطيعا تغييره، كان جامدا كجلمود صخر، هكذا كان ابيه يصفه
الحنان ولين القلب كانوا من أكثر الصفات التي يكرهها ما أن خطرت له علي بال، لم يتخيل يوما ان ذلك القلب ستنهار حصونه ذات يوم ويشعر بذلك الانهيار
الان وبتلك اللحظة تدمرت حصونه، وضاعت هيبته أمام الجميع..
نظر لها طويلا، يتأمل هيئتها الشاحبه، يديها التي مازالت تتشابك بيديه كطفله تخشي ترك يد ابيها، طالت نظرته لكفيهم المتشابكان وعقله يردد اخر جمله، أو بالاخص تلك الكلمه التي لفظت بها قبل أن تغمض عيناها ، تلك الكلمة التي هدمت آماله، وربما أعلمته أنه لا يجب عليه التوهم
( ابيه يزيد انا خايفه، خليك جنبي)
كلما حاول الفرار والهروب من جانبها، قلبه يذكره بانهيارها، فيحن قلبه لها، ولكن ما أن يتذكر ذلك اللقب ، الف شعور متناقض بقلبه يتحاربان معا، ويجعلوه كالمجنون، وسؤال وحيد يفتك به..
ماذا حدث له، حتى يشعر بكل ذلك الحزن من أجل احداهن، أيعقل أنها غريزة الدم، الذي يسري بأوردتهما، الدم يحن لمن منه ، وإن كان كذلك، ما به قلبه يدق لها كمجنون ما أن تلفظ اسمه
زفر أنفاسه بتوتر، يحاول تجميع نفسه المشتته، حرر يده من يدها، بينما خانت يداه، وامتدت لتبعد شعرها الكثيف الذي غطي وجهها، أنه الآن يتأمل وجهها الذي لم يجد الراحه حتي بنومه الاضطراري هذا، مازالت صغيرته يرتسم علي وجهها الرعب، وهذا أكثر ما يؤلم قلبه
انها صغيره جدا علي هذا الالم كله..نعم انها صغيره
ترددت هذه الكلمه بداخل عقله مرارا، يتأمل معناها الحقيقي ، وعقله يؤنبه ويستنكر ذلك الشعور الذي يشعر به، يخبره أن الفرق كبير
وأنه بالفعل لا يليق به إلا أن يكون اخيها..وانتهي الامر، عليه تلقين نفسه تلك الااجابه، ودراستها جيدا، حتي لا يفشل
تنهيده متعبه، خرجت من صدره، عاد بظهره للوراء يستند علي المقعد الذي يجلس عليه امامها، والم ذراعه بدأ يعود إليه..
صوت خطوات بطيئه من خلفه جعلته ينتفض بغضب، أخبرهم الا يدخل عليهم احد، لكنه ما أن راي جده أمامه إلا وخرس..
_ جدي، انت
ربت الجد علي كتفه، وهو ينظر الي حفيدته الاجمل من بينهن، تشبهها كثيرا، كلما نظر إليها تذكرها
تشبه زوجته الحبيبه رحمها الله، يقسم أنه ما أن رآها اعتقد انها هي
كم ظل لسنين طويلة يتمني لو يستطيع رؤية اولاد ابنه الجاحد أحمد السباعي وصمة العار الوحيده بحياته هو وابنة أخيه تلك الحيه التي أنجبت ملاك كهذه، ومؤكد أشقائها كذلك، اه لو يصل إليهم، اه لو يستطيع فقط، أن يعوضهم كل شيء مُر بالحياة قد لاقوه علي أيدي آبائهم، كم يؤلم قلبه فكرة أن أحفاده لاقوا ما لاقوه مع ذلك الحقير ابنه ، ليته لم ينجبه، أنه عمله الفاسد في الأرض، نبته فاسده يدعي بحرقة لو يقتلعها الله ويرحم من في الارض منها، وان كان سيؤلم قلبه، لكن موته افضل، لن يؤذي أحد بعد
_ جدي انت سرحان في ايه، لتكون تعبان
هز الجد رأسه بالرفض ببطء، وزفر بالم، وهو يسأله عنها:
_ كيفها ياولدي دلوك، ام السعد خبرتني باللي حصل، ريتني ما نزلت النجع؟
عاود يزيد النظر لها، كلما نظر لها يشعر وكأن قلبه سينفجر، يريد الانتقام، هناك شيء متأكد منه أن خلف احداث قضيتها افعال لم تذكر بعد، انهيارها ليس طبيعياً، عقله يعمل بكل اتجاه يتوقع كل شيء، ويعود لينفيه بكل غباء، سيجن حتما سيجن ، والحل مؤكد في ذلك الاسم التي ذكرته “الخاله فاطمه”، التي ذكر اسمها كشاهد بما حدث بملف القضيه المغلق قبل البدء به، مؤكد معها مفتاح الحل، يقسم لو كانت تسببت باذي لها، ليجعلها تقاسي ما قاسته وأشد..ولكن سؤال وحيد يقلقه، ويشغل فكره
( هل الجد يخفي شيء عنه، ومن تسبب بانهيارها اليوم كيف لم يفكر من قبل؟)
_ يزيد، روحت لفين ياولدي
_ بخير الحمدلله
اجاب يزيد سؤال جده باقتضاب، عند عودته لتلك النقطه وما حدث لتصل لذلك الانهيار، النار تشتعل بقلبه، ويحتار بأي الطرق يطفيها
_ بااه يزيد ياولدي، مالك ياولدي..انت زين؟
نظر يزيد له، واومأ بهدوء؛
_ معاك يا جدي ..معاك اهو، بس
عاود الجد النظر له ، مد يده وامسك بكتفه، واردف بمغزي:
_ مالك يايزيد ياولدي، من ميتا وانت هتخبي عن جدك ، نظرة عنيك بتقول غير اكده، حاسك مهموم علي غير العاده، في عنيك اسئله كتير محتاجه اجابه
نظر له يزيد بصمت، يرتسم فقط علي وجهه نظره حيرة، قبل أن يقطع تواصلهم، صوت هاتفه، والذي لم يكن إلا من القائد مسلم
يهتف به بغضب:
_ حضرة المقدم يزيد قدامك ٢٤ ساعه بس وتكون في وحدتك ، انت وباقي التيم بتاعك، والا هتضطروني اتصرف معاكم بنفسي، اظن انت عارفني يابن السباعي ..
جز يزيد علي اسنانه، والهم ارتسم فجأه علي وجهه، وهو يعلم أن وقت العمل تضيع الصداقة بينه وبين مسلم ، وهو خير من يعلم بالعواقب لو نفذ مسلم تهديده ،هتف بطاعه:
_ امرك يا فندم، علم وينفذ
*********
_ يعني انت دلوقتي بقيت من غير أهل زيي ؟
همست روضه بتلك الكلمات الحزينه، بعفويه صادقه لامست نياط قلبه، نبرة صوتها المختنقه بعباراتها ، جعلت دموعه تنهمر غصبا عنه
بينما يتمدد على تلك الأريكة، ورأسه يضعه علي تلك الوساده الفاصله بينهم
لا يعلم ما الصح وما الخطأ ولكنه أخذ قراره بأسرها تحت كنفه مدي الحياه، لم يعد يجد راحته الا بين هاتين اليدين التي تمدها بحياء، تملس علي شعره بحنو، زفر نفساً حاراً من صدره، وهمس بوجع:
_ مبقاليش حد في الدنيا غيرك يا ملاكي، خليني معاكي بقي وخلاص، ايه رأيك؟
عبست بوجهها، وهتفت سريعاً:
_ اخترلي اسم يا فارس بقي ، عزيزه قالتلي ان ده مش اسم، دا دلعك ليا، وبعدين انت ..
صمتت ما أن اعتدل سريعاً، يستمع لنبرتها الجديده
اعتدل، بعينين متسعه، يقسم أن الحظ فقط من لعب لعبته اليوم مع عزيزه التي تبدلت موعد ورديتها ليلا ، لولا ذلك لكان لقنها درسا قاسيا حقا، لقد أمرها أن تعتني بها، لا أن تبدل ملاكه بتلك الطريقه المهلكه لقلبه، حتي شعرها ما أن انتبهت أسرعت وارتدته تخفيه عنه، لقد بدلت حال ملاكه وفتحت رأسها لأشياء كان هو يجهلها حقا
_ وقالتلك ايه تاني بقي ست عزيزه، ها..؟؟
وجهه لا يبشر بالخير، لكن لا ..ستثبت وتخبره، خصوصا بعد ما قاله من دقائق، وتصريحه المعلن بأنه سياخذها لتعيش معه بالقاهره حيث يعمل، ومع موت والدته التي اخبرها من قبل ببقائها معهم، مع من ستعيش إذا ، امعه وحيده؟؟
_ فارس انا..
نظر لها، ولربكتها، تحاول قول شيء لكنها متردده
جلس قابليتها بهدوء، وتصنع التفهم:
_ انتي خايفه مني، قولي كل اللي في نفسك يا ملاكي، انا سامعك؟
أجبرها بحنو أن تتحدث، بالنهاية هي لم تعد تلك الصفحه البيضاء التي لا تفهم شيء، لقد اقتنعت بما اخبرتها به عزيزه، وكأنه من قبل كانت تفعله كما تخبرها عزيزه، لقد أخبرتها عزيزه بغيابه كل شيء عن المرأة المسلمة، ما يجب أن تفعله، وما لا يجب
ما يصح، ومالا يصح، لقد أعادت لها جزءا مما قد تكون نسته، حتي انها علمتها الصلاة، والقرآن، والتي تفاجات انها تعلمهم، حتي وضعهما هكذا، ونومه بتلك الطريقه حرام، ومد يدها علي مالا يحل لها، حرام، استغفرت عن ذنبها، وقلبها ينبض خوفا، وخجلا
_ ملاكي..قولي اللي عوزاه، انتي قلقانه مني!
نظرت له، وحسم امرها، وهتفت بحديثها مره واحده..
_ فارس ، انا وانت مينفعش نعيش مع بعض زي ما بتقول، مينفعش بأي شكل من الأشكال نكون بالقرب ده..واحنا منعرفش بعض
استقامت كالملسوعه، من جواره، وهو كمثل، صرخ بجنون:
_ نعم ..انتي بتقولي ايه؟
سحقت شفتيها بعنف، الأحوال تتبدل، تدعي الله بإخلاص لو تتذكر وتنتهي معاناتها ، قبل أيام كانت تتمنى قربه باستماته، لكن بعد ما فهمت وعرفت لا والف لا، هي ليست هكذا، كيف ستقابل ربها، خائفه هي من كل شيء
_ بصيلي هنا، واتكلمي
أدارها بجنون، وخوف تربي بقلبه من كثره الفقد، يخشي أن تتركه هي الاخري، ويفقدها، لن يتركها ابدا، الا هو جثه هامده
إجابته بقوه مصطنعه، وحديث غير مقتنعه بصحته:
_ فارس انا مش صغيره، يمكن إبان صغيره بس، انا، انا انسه وانت شاب، ومينفعش يجمعنا بيت من غير محرم، انا فكرت أني هعيش مع مامتك، بس دلوقتي انت لوحدك، مينفعش، انا فكرت أن انت ممكن توديني أي سكن للمغتربين..أو اي…دار ايتام..
_ ايه…ملجأ ، وسكن مغتربين ، انتي اتجننتي..انتي جبتي الكلام الفاضي ده من انهي داهيه
حاول اقناعها، لكنها كانت مصره، كان يسمعها مصدوما، يلعن عزيزه، ويلعن تلك الظروف، وكل شيء
اصرت باستماته علي رايها، ومع إصرارها هذا، جعلته ينتفض كالمجنون، صارخا بها وقد توصل عقله لحل نهائي وأبدي:
_ كده تمام، طب اسمعي بقي، انتي تنسي خالص انك تبعدي عني، فاهمه، انا وانت قدرنا مع بعض، ملكيش خلاص ابدا مني، تقولي مجنون، تقولي متعصب، قولي اللي تقوليه، عاوزه محرم..مش كده، طيب انا هاحلهالك خالص يا ملاكي:.
انتفضت، وارتجف جسدها من صوته الغاضب، حاولت الحديث، لكن لم تستطع إلا لفظ بعض الأحرف:
_ يعني ايه؟
أمسك بيدها يسحبها خلفه:
_ دلوقتي تعرفي، يالا بينا
دفعت يده ، وهتفت بالحاح:
_ انا عاوزه اعرف دلوقتي يا فارس، والا مش همشي معاك انت ملكش حكم عليا
نظر لها بأعين مشتعلة، سيجن منها، ومما تلفظ به، ازداد غضبه من تلك الممرضه، وبنفسه يتوعدها بالهلاك، وهتف بحسم:
_ هتجوزك يا ملاكي
_ ايه..لا..انا.
_ ولا كلمه، قدامي
*********
_ انت بتقول ايه يافارس انت اتجننت..
هكذا هتف ابراهيم به بغضب، قبل أن يكبح بصعوبه فرامل سيارته قبل أن يفتعل حادثاً، غير منتبها لمن ارتطمت رأسها بزجاج السياره
_ ااه.
صوت تأوه بيلا، جعله ينتبه اليها، مد يده يرفع نقابها، ولكن سبابه علي ابن عمه وما يريد فعله لم ينتهي
_ انت تشيل الفكره الهباب دي من دماغك، فاهم يا فارس، انت فاهم
نظر إبراهيم للهاتف بصدمه، بعدما اغلق فارس الهاتف بوجهه، وهو يخبره أنه سيفعل وعليه أن يرضي بالأمر الواقع
تشجعت بيلا، بينما تمسح مقدمه رأسها بهدوء:
_ ابراهيم مالك وماله فارس في ايه، جراله حاجه؟
اقترب ابراهيم منها يتفحص رأسها، بينما لم تتغير معالم وجهه، الصدمه، والغضب والف حرب برأسه من التساؤلات..
أولهم كيف خطر بباله ذلك الحل المجنون
هتفت بالم من تدليكه لجبهتها التي تورمت قليلا:
_ ابراهيم جاوبني؟ انت قلقتني؟واوعي انت كده بتوجعني اكتر.
انتبه كليا لها، زفر بهم، ومال مقبلا جبهتها، واردف بهدوء:
_ اسف ، حقك عليا ، انا اتعصبت ومخدتش بالي، كان هيموتنا ابو الهم ده
ابتسمت، وصمتت ، حينما رأته بتلك الهيئه المضطربه، ولكنه لم يثلج قلبها بإجابة، فعاودت سؤالها بكل براءه:
_ فارس كويس، طمني عليه؟عمل ايه لكل ده؟
اعتدل بوجهه ينظر لها، نظر لها بتمعن، نظر لالحاحها بالسؤال علي فارس، طالت نظرته، وذكري اخر لقاء جمعه بعمته عاد بقوه ينهش عقله، قبل رحيلهم حينما نسي هاتفه وعاد ليجلبه من الغرفه، صدم بها وبما قالته:
_ طول عمرك طيب ياولد محمود، ايمان زرعت بقلبك حنيتها وعبطها
علي ذكر والديه، اشتعلت عيناه، وهتف بغضب:
_ تعرفي لو مكنتيش عمتي، كنت اتصرفت تصرف هموت واعمله من زمان
لم تهتز، كجماد بلا مشاعر، ولا قلب، بل أكملت بخبث:
_ فاكرها هتحبك يااك، انت طيب جوي ياولد اخوي
_ تقصدي مين بكلامك ده؟
لا يعلم لما كان يخشى الاجابه، رغم أنه بدهائه علم من تقصد؟
_ هتكون مين يعني، اقصد بيلا، بتي ، فكرك اني ام قاسيه اوي، لاااه ياولد اخوي، اني ام صحيح إبان قاسيه، بس عارفه مصلحة بتي وين تكون، ولولا شي كنت عارفه ومتوكده أن بنتي عاشقه ابن اخوي فارس، ماكنتش ابدا حاولت..
_ انت اتجننتي، أخرسي
لم يدعها تكمل، انقض عليها كالاسد الثائر كاد ذراعها الذي يمسك به، ينكسر بيده
_ انتي ايه، ها، حيه خبيثه، بتبخي سِمك في اي حد، واي مكان، فكرك اني صدقت حكايه موت مرات عمي، انا عارف ومتأكد انك انتي ورا كل اللي بيحصل دا، عشان الدنيا تخلالك، وتقشي وتكوشي انتي وعمي الخرفان الورث، كنتي فاكره فارس هو اللي هيقش، طب ايه قولك بقي أن جدي الله يرحمه كتب كل شيء ليا ولفارس بالنص
_ ايه، هتقول ايه انت ياولد الفرطوس
صرخت بوجع، وإبراهيم يدفعها بكل قوته، لتقع علي الدرج من خلفها:
_ ولد الفرطوس دا راجعلك من تاني، اوعي تفكري ان أنا ولا فارس هنبعد مش راجعين تاني، لا تبقي بتحلمي، الأرض والبيت وكل اللي نملكه من عيلة البدري، لينا، هنعاود ولبين منعاود عيشيلك يومين ياعمه
لهجته، وطريقته تقسم انها تشبه لهجة ابيها، لطالما كان ابيها سبب رعبها، ابراهيم يشبهه كثيرا بالشكل، لذلك لم تحبه يوم، والان اثبت لها أنه ليس شبهاً بالشكل فقط بل بكل شيء
الخوف ظهر جليا علي وجهها، خافت أن يكشف المستور، ويعود الماضي بلا رحمه يجلدها
ابتلعت ريقها، وحاولت أن تبدو طبيعيه، واردفت بخبث:
_ خوفت اني يااك، عموما كان قصدي انبهك، ابقي راقب منيح تصرفاتهم ، شكلك واثق اوي، اظاهر انك مدخلتش لسه دنيا
_ ابراهيم، ياابراهيم مالك بس، انت كويس
عاد من شروده علي دفعة يديها الهادئه
_ ابراهيم مالك بجد انا خفت اوي
ابتلع ريقه، وهو يستغفر الله بسره ويعاود لعن تلك الحيه عمته، التي جعلته ولاول مره بحياته يشك بابن عمه، ورفيق دربه
_ استغفر الله العظيم يارب
_ ابراهيم..
همست برعب، ومدت يدها تمسك كف يده التي رفعها ليعاود القياده
_ انت بخير
ابتسم لها، وهو يحتوي كف يدها بيده
_ بخير اهدي ابن خالك بس هيجنني
ابتسمت بحنو له، ولم تعلق، فقط همست
_ اهدي بس، اقعدوا واتفاهموا، المهم تكونوا بخير.
اوما بصمت، وعاود القياده وقد قرر تشتيت فكره عن تلك الأفكار الخبيثة التي وضعتها عمته، وبدأ يسرد عليها بعضا من حياته هو وفارس بالجيش، والتي لم تقتصر عليهم فقط، بل كان يزيد السباعي مشاركا لهم بالاحداث بقوه، وهي كانت خير منصت..حتي دفعها الفضول للسؤال:
_ ابراهيم ؟
_ نعم..
_ يزيد السباعي ده، اللي هو…الحفيد اللي بيقولوا عليه المنبوذ
ضحك ابراهيم بقوه تعجبت لها:
_ انت بتضحك ليه كده، خوفتني وعلي فكره
_ خفتي من ايه يا بيلا؟
_ هو ولا مش هو؟
أشفق عليها واجابها :
_ هو..يزيد رفيع محمد السباعي
شهقت، وبصعوبه سيطرت عليها:
_ انت مجنون، انت ناسي التار اللي بينا
قبل أن يجيبها، رن هاتفه، أجابه سريعاً:
_ يزيد
_ انت فين يازفت انت، لف وارجع، انا لأمتي هتحمل مصايب ابن عمك الغبي دا لوحدي
__ فارس..ماله
_ ابدا ياخويا عاوز يتهبب يتجوز..
*********
_ دا انتي حكايتك حكايه ياروح الروح انتي؟
_ احضنيني اوي يا خاله ساليمه، انا خايفه اوي اوي
_ تعالي ياقلبي انتي .
_ الله ودي مين بقي اللي هتاخد مكاني يا خالة ساليمه
انتفضت روح، فهتفت ساليمه بعتاب:
_ صبا، اخص عليكي خضيتي البنيه يابومه انتي..
*********
_ روح، روح، افتحي بقي يارخمه
_ ام روح، انتي عاش من شافك يابنتي
_ خالتي رابعه، ازيك، وحشتيني، فين روح وريحان اختي
_ يانضري يابنتي، انتي متعرفيش
_ معرفش ايه؟
_ دول تعيشي انتي ، اتاخرتي ياأم روح اتاخرتي اوي يابنتي
_ روووووح..لا
*****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وكأنها عذراء)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى