رواية وكأنها عذراء الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أسما السيد
رواية وكأنها عذراء البارت الثالث والعشرون
رواية وكأنها عذراء الجزء الثالث والعشرون
رواية وكأنها عذراء الحلقة الثالثة والعشرون
_ انت كنت عارف ياعمران، كنت عارف، طب ليه، انا عمري ما اذيتك، من يوم ما حبك دخل قلبي وانا عمري ما فكرت للحظه اني اوجعك، ليه جبتني هنا، ياريتك كنت سبتنى عايشه على امل..
ألقت حديثها المنتحب، وصمتت تستجدي الصبر، تنظر له بتلك النظره المعاتبة التي تجلده، كان يعلم أنها ستجلده بعتابها المرير، هو من الأساس قبل عتابها له يجلد حاله، يعلم أنه الاناني الوحيد بالحكايه، أو ربما جلاد القصة بأكملها من البدايه أن استطاع وصف نفسه.
نظر لها والألم يتسرب لكل خليه منه، انهيارها يعني انهياره، خانته دموع عيناه، دموع رجل قاسي مالم ينتقل له ما تعانيه كأنها معاناته هو الشخصية، تظن أنها الوحيدة من تتألم لكن لا..
هي لا تعي كم هو حجم الم رجل يعز عليه كبرياؤه، وكرامته أن يحكم عليه بالعيش بجوار أكثر شخص يمقته، أكثر انسانه كرهها بحياته، ليست انسانه واحده، بل حكم عليه بالعيش مع التوأمين الأكثر شرا من الشيطان ذاته، ألم الفقد التي تعانيه الان، لن يكون أشد من أن يعيش أحدهم عمرا يبحث عن فلذة كبده ليتفاجيء بالنهاية أنه ليس من صلبه، آه كتمها عمران بين طيات صدره، وهو يحتويها بقوه بين ذراعيه، يتحمل ضربات يداها العشوائية هنا وهنا تلكمه بعنف وقوة نابعة من حرقة قلبها وغيرها المبرر له منه، بكائها الهستيري، وسبها له، حتى ادعائها الكره هذا يقسم أنه يتقبله بصدر رحب..الحب لعنة أبدية يتمناه كل شخص لكن ما أن يصاب به يتمني بصدق لو لم يكن صادفه يوم.
_ سامحيني يا سلوي..عارف ان صعب بس صدقيني كنت راجع وناوي بكل قوتي اصلح اللي بسبب طيشي وعشقي ليكي عملته
صرخت به، اظافرها تنهش صدره بكل جنون، تراه الان جلاد قصتها الوحيد، تتذكر كم مره هربت منه لتعود لابنتها، كم مره استغاثت بالجيران، كيف نقلها من مكان لمكان، من كثره تسببها له بالمشاكل، لم تهدأ الا حينما علمت أنها حامل بطفلها الاول منه، حينها قررت الاستسلام خصوصا بعدما اقسم لها أنه يرسل لابنتها ما كانت تحتاج إليه ، وعدها ولم يصدق وعده حتي هيئته هذه، وتلك الفيلا اللعينه، ثيابه ، وطريقة حديثه، أنه رجل آخر غير الذي عرفته، هل غابت كثيرا بغيبوبتها لهذا التحول
_ انت لعنه، لعنه، انا فين، أنا عايزه بنتى، عاوزه بنتي منك لله ياعمران..
_ ماما..
اقترب ابنها الصغير عمار يمسك بكف يدها حينها بكت كما لم تبكي من قبل، وهي تستمع لحديثه الذي استرسله:
_ هي روح راحت عند ربنا يا ماما جد؟
_ لا..روح مماتتش، صدقيني انا متاكد انها عايشه..
انتفض الجميع على صوت الشاب الذي دلف صارخاً بحرقة
اقتربت سلوي منه حتى كادت تسقط ارضا، لولا أنه أحكم امساكها بين يديه:
_ انت مين، وتعرف بنتي منين، هي عايشه صح، طب وديني ليها ارجوك..
كاد يضمها شفقة عليها لولا صرخة عمران الذي جن جنونه عليه واقترب خاطفا اياها بين ذراعيه:
_ مجد، انت بتخرف بتقول ايه؟
دفعته سلوي بكل غضب منه:
_ سيب ايدي خليه يوديني لبنتي أرجوك وديني ليها.
صرخ عمران بها بينما قلبه ينزف قهرا عليها:
_ روح الله يرحمها ياسلوي، مجد اللي مش مستوعب، ياحبيبتي مراية العشق ساعات بتخلي الراجل مننا يعيش طول عمره في الوهم وهو عشان كان بيحب روح متوهم وهيخرف.
_ بس أنا مش بتوهم ياعمران بيه، قوله يابابا اني صح، ازاي اقنعوني، مادام دا بيدق، يبقي هي مماتش صح يابابا..
_ عقل ابنك يا محمود وكفاية كده، كفاية …!
لم تتحمل سلوي ما تسمعه، دوامه ابتلعتها وسقطت أرضا مجددا، وهي تتمني لو تلحق بهم، تناديها بقلب يأن ألمًا وحسرة:
_ روح…!
******
_ انت اتجننت يا مجد، انت عاوز تقول لعمران الحقيقه!
صاح محمود الحسيني به بغضب، يحاول تمالك أعصابه لكنه لم يستطع، اقترب ممسكا بتلابيه ألا يكفيه ما تسبب به من انهيار تلك المسكينة سلوى احب الناس لقلب صديق عمره عمران ..
_ وبعدين هيفيد بايه معرفته بيك، انت عارف أنه بالنهاية مش ابوك
_ اديك قولت هيفيد بأيه، انا عاوز ارحمه وارحم نفسي، الراجل ده لسه حاسس بدفا حضنه ، انا حاسس بالذنب من ناحيته ياابويا.
غضب اعتري قلب محمود، وغيره احتلت قلبه، بعد كل ذاك العمر لم يستطع ملء فراغ عمران بقلبه
أغمض عينيه، وهو يحاول استيعاب الصدمة، شعر مجد به واقترب منه بعد ابتعاد محمود عنه.
_ بابا انت مش فاهمني، انت متتقارنش يا بابا صدقني، انا بس..
_ انت ايه يا مجد، ايه ؟
_ معقول مش حاسس بالحرب اللي جوايا يابابا! كنت فاكر انك هتقدر مشاعري؟
يختبره ربيبه باقوي واصعب الاختبارات، ويعود ليجيبه بكل عتاب.
أغمض محمود عينيه بعدما التمس العذر له، بالنهاية يشعر به، أنه يستشعر الحيره، والخوف، والضياع من نظره عينيه، اللعنة على راجيه اللعينة وشقيقتها كيف تفعل به ذلك؟
كيف للمرء أن يترك طفله، فلذة كبده، وقطعه من روحه للضياع هكذا، ألم يحن قلبها له؟؟
بالماضي تمني لو يدفع عمره كله، وما يملك فقط من أجل طفل من صلبه، وليت ما يتمناه المرء يدركه، فالمعادله لا تكتمل لأحد، سنه الخلق لا مجال للتذمر والرفض.
جلس محمود بتعب على الاريكه، فاقترب مجد منه، وجلس أمامه، مردفا بحزن:
_ بابا..انا..
قاطعه محمود وهو يرفعه ليجلس بجانبه، طاوعه مجد بتعب، لكن والده هتف بحب وهو يشير علي فخذه الذي كان يحتله صغيرا بكل الحب والعطف:
_ شكلك كبرت عليا يابن محمود!
ابتسم مجد بصدق وحنين للذكرى، وهو يريح رأسه علي فخذه، ويد محمود تتغلغل خصلات شعره تربت عليها بحنو:
_ ياااه بقالي كتير مسمعتش اسمك بعد اسمي.
هتف محمود بكره، وغيظ:
_ من يوم ما انت قررت ترجع سبب الخراب كله لحياتنا يا مجد واحنا حياتنا خربت والسلام اللي حاربنا علشان نعيش بيه ونوصله اتحول حرب.
ابتلع مجد ريقه بصعوبه ويؤمن على صدق حديثه:
_ كنت فاكر انها بقت واحده تانيه، الفراق غيرها، اكتشفت أن اللي تخطف اختها وتخون جوزها، واهلها استحاله تتغير، وتبقي انسانه صالحه، يارتني سمعت كلامك، ياااريت ما رجعت انبش في حكاوي الماضي، ياااريت..
_ كلمة ياريت مبترجعش العمر ياولدي، اللي فات مش بايدينا، ولا اللي جاي هنقدر نتحكم فيه، اقداار يا ابن عمري.
أغمض مجد عيناه، قلبه يؤلمه، ابيه الروحي محق، كل ما يخبره به حق، حتى تحذيراته من الوقوع بالحب علم فحواها الان بعد الفقد.
دموع عيناه سالت علي خده، يتذكر كل شيء وكل لحظه جمعته بها عشق الصبا والشباب وكل وقت..
هي تعتقد أن أول لقائهم بذلك اليوم فقط، صدفة عابره لكنه كان يعرفها من قبل، يعرفها ويعرف عنها كل شيء، لقد كان السبب في مصدر رزق خالتها لسنوات، أنه سره هو، وأقسم أنه لن يبوح لها به الا وهي بين ذراعيه، زوجة له بالحلال أمام كل الكون.
والده حذره مما هو مقدم عليه قبل سنوات حينما ظهرت بوادر العشق عليه لكنه لم يهتم له، أراد الوقوع بالعشق بقوة، وملء ذلك الفراغ الداخلي الملازم له، ودونا عن سائر نساء الكون أرادها هي ووقع بعشقها هي صاحبه اجمل ضحكه بالعالم، واحلى صوت واحلى عينين..تُري هل هان قلبه عليها لتتركه بتلك الطريقه القاسيه، تُري أنه صدقا يستحق ما حدث له؟
بكي بحرقه، بكاء مرير، ووالده يحتويه بين ذراعيه كما كان قبل سنوات حينما كان طفلا فاقدا لكل شيء، هل عاد ابنه لنقطه الصفر.
_ وحشتني اوي يابابا..وحشتني وياريتني انا اللي فارقت الدنيا كلها وفضلت هي لكل اللي بيحبوها، ذنبه إيه عمران يتحمل اللوم دا كله لوحده، انا السبب، انا اللي ضيعتها، اكيد انا عملت حاجه..اكيد خلتها اختارت الرحيل والبعد عني، أنا اكتر شخص اناني يا بابا.
أغمض محمود عينيه، واختار لحظة انهياره هذه ليعترف له بكل شيء، حتى لا تعاد تلك اللحظات المؤلمه مجددا:
_ عمران عارف كل حاجه يا مجد .
_ عارف ايه؟؟
_ عارف ان ميمس مش ابنه، وان الي في بيته امينه، مش راجيه
_ ايه…!عرف ازاي؟..طب عرف اني؟
_ انك ايه ..يا مجد..؟
_ عمران..؟؟
*******
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وكأنها عذراء)