روايات

رواية بك أحيا الفصل التاسع عشر 19 بقلم ناهد خالد

رواية بك أحيا الفصل التاسع عشر 19 بقلم ناهد خالد

رواية بك أحيا الجزء التاسع عشر

رواية بك أحيا البارت التاسع عشر

رواية بك أحيا الحلقة التاسعة عشر

الفصل التاسع عشر “مُنقذ”… رواية #بكِ_أحيا
“دروس الماضي لا تُهمل، فقط تبقى هناك في أحد خانات الذكريات، وتظهر في الوقت المناسب، تحديدًا في الموقف المناسب تمامًا! ”
انتبهت لجملة” رنا” وهي تقول بود:
_ مش كده وبس، ده احنا كمان بقينا صحاب، مش كده يا ديجا؟
” ديجا” لم يكن عليكِ قولها يا رنا.. أبدًا!
تغيرت ملامحها مائة وثمانون درجة، وجمت بشدة وهي تستمع لِمَ اطلقته” رنا” بكل عفوية للتو، ضغطت على أسنانها بقوة تحاول كبح جماح ذكرياتها كي لا تنفجر الآن في عقلها ونتيجتها لن تُحمد عقباها، لكنها فشلت وهي تستمع لصوته المميز يخرج من بين ذكرياتها وهو يردد نفس الاسم منذُ سنوات عِدة بكنيتها المفضلة له..
“ديجا”.. “ديجا”… “ديجا”..
رفعت رأسها بغتة بعدما كانت تنكسها وللحظة استسلمت لذكرياتها، ولكن لم تترك لذاتها العنان اكثر كي لا تسوء حالتها، وحين رفعت عيناها رأى ما خشاه، رأى غضب مهول سكن نظراتها، وتمرد سافر وهي تقول بابتسامة أدرك حقيقتها الزائفة:
_ متقوليش الاسم ده تاني يا رنا لو سمحتِ.
تفاجئت “رنا” من طلبها، لتسألها مستغربة:
_ ليه؟ ده الدلع الدارج لأسم خديجة.
ضغطت على ذاتها بشدة وهي تخبرها بهدوء يكبح خلفه الكثير:
_ معلش مبحبوش بيضا’ يقني.
اقتنعت “رنا” بحديثها، بل وأيدتها وهي تقول:
_ معاكي حق، انا كمان مبحبش دلع رنوش.. بحسه تقيل على قلبي، بحب رانو اكتر.
ابتسامة لم تصل لعينيها زينت ثغرها وهي تردد:
_ ماشي يا رانو.
ولكنه لم يقبل بنصف اجابة رغم علمه بتكملتها، لكنه أصر أن يسمعها منها، لا يعلم لِمَ! ربما تمنى قلبه الأحمق أن تخالف توقعه وتكمل اجابتها بشيء آخر غير الذي وصل له، وألمه كثيرًا، لذا سألها بمرح زائف:
_ بس اكيد في سر ورا عدم حبك للدلع ده، وعندي فضول اعرف بصراحة.
نظرت له فوقعت عيناها في داخل عيناه تمامًا، وفي تلك اللحظة صور لها عقلها أنها تحدثه هو بذاته “مراد”، ربما لأن عيناه تذكرها بهِ بشكل ما، فوجدت الغضب يشتعل داخلها من جديد وهي تنظر لعيناه مباشرةً هذه المرة وكأنها انفصلت عن واقعها، وهتفت من بين أسنانها بعداء:
_ لأني بكره الي سماني بيه، عشان مش طايقة افتكر اي حاجة عنك حتى لو كان اسمي، لو كنت اقدر اغيره كنت غيرته.. لو كنت اقدر الغي من عقلي كل ذكرياتي معاك كنت عملتها.
كل كلمة منها كانت بمثابة طعنة سُددت لصدره، ملامحه كانت جامدة ولم يظهر بها شيء، ولكن بداخله بركان ثائر من القهر والحزن فقط.. ليس غضبًا عليها ولا منها، الأمر يتعدى هذا بكثير، انتبهت لذاتها على هز “رنا” لذراعها وهي تهتف بتعجب:
_ خديجة مالك؟ أنتِ بتكلمي زين كده ليه؟
انتبهت لأين هي وماذا تقول، لتخفض نظرها لأسفل مستغفره ربها، وقد حدث ما خشته وانفلتت زمام السيطرة على ذاتها من بين يديها، أخذت نفسًا عميقًا ناهره ذاتها بغضب قبل أن ترفع رأسها وهي تتحاشى النظر له مرددة بهمس:
_ أسفة يا جماعة، بس فكرتوني بحاجات مبحبش افتكرها..
رفعت نظرها له بخجل حقيقي وهي تكمل باعتذار:
_ أنا اسفة يا استاذ زين مقصدتش الي قولته.
بالكاد رسمَ بسمة بسيطة على ثغره وهو يردد بوجه واجم:
_ ما قولنا بلاش استاذ.
رفرفت بأهدابها خجلاً وهي تغمغم محاولة تخطي الموقف:
_ أسفة يا زين.
اومئ برأسه وقبضتيهِ ابيضتا من شدة الضغط عليهما، يكبح حزنه وسخطه على ما آلت إليه الأمور، لا يلومها، لكن لا يعرف مَن يلوم؟ كل ما في الأمر انه حزين لحد لا يمكن وصفه، وللأسف في مثل تلك الحالة دومًا ما يلجئ لِمَ ينسيهِ حزنه وقهره، ألا وهو “الخمر” أو ما يسميهِ باللغة الأجنبية العصرية ” فودكا”.. والآن هو في أشد الحاجة إليها، لكن للأسف بقى على انصرافه ساعتان كاملتان.
“ابشع انواع الألم هي ما لا يمكنك التعبير عنها، او يرغمك الموقف على كبت كل ألآمك، البركان حين يثور ولا يجد له مخرجًا يأكل نفسه بنفسه، وهذا ما يحدث معه الآن.
تسلل إلي مسامعهم اصوات متداخله تأتي من الخارج، ورويدًا تميز صوت امرأة تصرخ وصوت هادر لرجل، وكالعادة قادهم فضولهم للتحرك للخرج لعلم ماذا يحدث، والمقصود بهم” مراد و رنا” أما” خديجة” فكانت على عِلم مُسبق بما يحدث خارجًا، فهذا ليس بأمر جديد عليها، او على المنطقة حتى، التي وقف كل من بها ينظر للمشهد بصمت، وبعضهم أخذ يتهامس بعدم رضا ولكن لا يمكنه التدخل.
وكان المشهد كالآتي :
رجل ينهال ضربا على امرأة بكل قوته في منتصف الشارع حتى أنه جردها من حجابها، من فرط ما جذبها من شعرها ليكيل لها اللكما’ ت والضر’ بات كما يقول الكتاب، وقفا “مراد ورنا” بدهشة مما يحدث، والأمر كان مختلف لدى كلاً منهما، فهو مندهش أكثر من سلبية الناس الذين وقفوا يشاهدون دون تدخل، والادهى أن المرأة تترجاهم لينقذوها من بين يدي ذلك الوحش المفتر’ س، و”رنا” كانت مندهشة من قسوة ذلك الرجل في ضر’ به فقد بدى كأنه يلاكم رجل مثله! حتى أنه أدمى وجهها من كثرة عنفه!
_ الحقوني يا ناس، الحقوني يا خلق الراجل هيموتني.
صرخت بها تلك المرأة المكلومة، ليزيد ذلك الحقير من ضرباته وهو يسبها بألعن الألفاظ:
_ بس يا بنت ال*****، ولا دكر يقدر ينجدك من ايدي يا بنت ال**** يا ****.
اشتعلت مراجل الغ’ ضب بداخله وهو يناظر ما يحدث ببركان إن انفجر سيهلك كل من حوله، وهذا المشهد أمامه أعاد له ذكريات لا يريد تذكرها، أعاد له مشاهد كثيرة مشابهة لهذا.. وأحدهم..
كان عام ٢٠٠٥…
كان مازال طفلاً في عامه العاشر، طفل يرتجف بخوف بالغ حين رأى وحشًا يشبه أبيهِ يغلق باب الغرفة عليهما من الداخل، ويلتف له بملامح غاضبة، مش’ تعلة، وبيده يقبع ما يثير ذعره حقًا، ذلك السوط الذي يستخدمه “محمود” في ترويض الأحصنة التي تقبع في اسطبل منفصل مجاور للفيلا، استعاره والده لعقابه!
اقترب بخطوات دبت الفزع في قلب الصغير، كل خطوة منهُ كانت تسقط على قلبه وليست على الأرضية، ويردد من بين أسنانه المطبقة:
_ بقى أنتَ تجيب في الامتحان ٨ من ٢٠! ابن حسن وهدان يبقى اخيب واحد في الفصل!؟ بقى أنا حتة مدرس ابن**** يكلمني ويقولي شِد على ابنك شوية في المذاكرة عشان درجاته وحشة!
وبارتعاش انتاب كل ذرة بهِ كان يجيبه بدموعه الغزيرة:
_ بابا، انا… انا والله مش بفهم من المدرس ده، انا بجيب كويس في كل المواد والله بس.. بس هو… انا مش بفهم منه.
ابتسامة غامضة زينت ثغر الواقف أمامه قبل أن يردد بغموض:
_ لا مانا هعلمك ازاي تفهم، وهعرفك مكانتك ايه والمفروض تبقى ايه.. مش ابني أنا الي يبقى فاشل.
كانت آخر جملة نطق بها قبل أن يلاقي الصغير ما لم يتحمله جسده، وفي غيبات عقله كان يستمع لصراخ والدته من الخارج وضربا’ ت قوية فوق الباب حتى كاد ينخلع.. وبنهاية الأمر كان يسقط أرضًا غير قادرًا على رفع يده حتى او فتح عيناه، لم يتقبل ما فعله والده، حتى وإن كان من باب انه يريده أفضل! أو هكذا كان يظن قبل أن يستمع لجملة والده التي قالها حين فتح الباب وأصبح مواجهًا لليلى..
“عشان تفكري ألف مرة قبل ما تقرري من دماغك وتروحي تشتري بيت من ورايا، كنتِ بتفكري في ايه ها؟ إنك هتقدري تاخديه وتهربي؟ إذا كنت عرفت برغبتك في شرى البيت من أول ما كلمتي الراجل عشان تسأليه عن السعر! لا وبتختاريه في اسوان.. قال كده مش هعرف اجيبك؟ غبية يا ليلى، غبية وابنك هيتحمل نتيجة غبائك”
صرخة قهر خرجت منها متبعة بجملتها” ربنا ينتقم منك يا حسن، ربنا ينتقم منك بحق الي بتعمله في طفل ملوش ذنب”.. وكانت الجملة الأخيرة التي سمعها قبل سقوطه فاقدًا للوعي..
الآن…..
عاد من ذكرياته على صرا’ خ المرأة بصوت اعلى، نظر ل” خديجة” ليراها تبكي بصمت دون رد فعل، اقترب منها وهو يسألها بغضب ظهر في نبرته:
_ هم واقفين يتفرجوا عليها؟
نظرت له من بين دموعها وهي تجيبه بقلة حيلة:
_ الراجل ده شراني محدش بيقدر عليه، بلطجي وشايف نفسه، وهي مراته، لما حد بيتدخل بينهم مبيسلمش من أذيته.
جحظت عيناه بقسوة وهو يسألها:
_ هي مش أول مرة؟
نفت برأسها بحزن شديد وهي تجيبه:
_ أول مرة! ده كل يومين كده، واهلها غلابة ميقدروش يدخلوا، يوم ما اخوها اتدخل المفتر’ ي ده ضربه لحد ما عمله ارتجاج في المخ، وكانوا هيخسروه.
لا يستطيع الوقوف مكتفي الأيدي، يعلم جيدًا أن الشخص في مثل هذا الوضع يتمنى لو ينقذه أي شخص، واستنجادها ليس مجرد استنجاد عادي، بل يحمل رجاء وتمني أن ينقذها أحد بالفعل، وهو خير من يفهم مثل هذه المشاعر، فكم تمنى في كل مرة يقع فيها تحت يد والده أن تستطيع والدته انقاذه، او يأتي ملاك من حيث لا يدري وينقذه، لذا لن يتوانى عن المساعدة..
ولكن ماذا عنها تلك التي تقبع جواره؟ أراد الظهور أمامها كشخص طبيعي، مسالم، وما سيقبل على فعله لا يمت للمسالمة بصِلة، ولا يريدها أن تخشاه أو يثير ذعرها وشكها تجاه، لذا سيسلك دربًا آخر… ولأول مرة “مراد وهدان” سيحل المشكله بالتفاهم والحكمة قبل أن يستخدم يده او سلاحه!
أخذ خطواته تجاه حتى أصبح قريبًا منهُ، فهتف بصوتٍ مرتفعٍ قليلاً تحت نظرات “خديجة” المندهشة والخائفة من القادم وقد رددت هامسة “يخربيتك هتودي نفسك في داهية”..
_ يابرنس ميصحش كدة، هتموت في ايدك، بعدين مش دي مراتك؟ ازاي تقلعها طرحتها وتهينها كده قدام الناس؟ المفروض كرامتها من كرامتك!
توقف ذلك الجثة الضخمة وقد تركها من يده لتركض سريعًا لوالدتها التي كانت تقف على بُعد، فالتقطتها في أحضانها وارتفع بكاء كلاً منهما بق’ هر، رفع حاجبه الأيسر النصف مقطوع وهو يقول بغلظة:
_ وأنتَ مالك يا ننوس عين أمك، انجر ياض اقف بعيد بدل ما امسح بكرامة اهلك الأرض.
حسنًا… يبدو أن الحِكمة لن تُجدي نفعًا!
_______________
ترجلت من السيارة أمام ذلك الصرح الكبير، والذي يعد قصرًا فخمًا يبين ترف حياة ساكنيه، صعدت الدرجات القليلة حتى وصلت للباب ودقته ففتحت الخادمة على الفور سامحة لها بالدلوف، خطت بكعب حذائها فوق الأرضية المصقولة حتى توقفت حين أبصرته أمامها يجلس باسترخاء وهو يردد ما إن أبصرها:
– Well done baby.
“أحسنتِ حبيبتي”
ابتسامة واثقة زينت ثغرها قبل أن تجيبه وهي تجلس فوق الكرسي المقابل له:
_ تلميذتك يا دياب باشا.
مدَ يده لتعطيه ما حرزته، افتر ثغره عن ابتسامة قبل أن يمد أصابعه في جيب سترته ويخرج ورقة صغيرة مدها لها وهو يقول :
_ اتفضلي، حقك وعليهم ٥٠٠ الف زيادة لسرعة تنفيذ المهمة.
نظرت للورقة التي بيدها بابتسامة وهي ترى رقم ثلاثة وزُين بستة أصفار تجاوره، ثم نظرت له وهي تغمز بمكر:
_ جوجو دايمًا في الخدمة.
ضحك مقهقهًا وهو يهز رأسه متفهمًا وقال:
_ اممم، مادام فيها ملايين هتكوني في الخدمة طبعًا يا بيبي.
نهضت بعنجهية وهي تعقب:
_ دياب باشا كلنا بنسعى لمصلحتنا، مش في حب الوطن!
ضحك “دياب” على جملتها واومئ برأسه مأكدًا صِدق حديثها، فأكملت بجدية:
_ ميعادنا النهاردة هو هو ولا اتغير؟
وبنفس الجدية أجابها:
_ لا هو هو، حضري نفسك كويس.
التوى فمها ساخرًا وهي تخبره:
_ مش مهم انا يا باشا، المهم حضرتك تحضر نفسك لضبط الأعصاب، حضرتك عارف لو أعصابك فلتت لما تشوف ابن وهدان هتحصل كا’رثة والعملية مش حِمل غلطات.
اشت’ علت عيناه على ذِكر غريمه، لكنه ردد بهدوء خارجي:
_ متقلقيش، ولا هيهزني.
رفعت حاجبيها بعدم اقتناع:
_ اتمنى.
قالتها وانطلقت بعدها للخارج، تاركة إياه سابحًا في ذكرياته مع غر’ يمه، عداء بدأ منذُ سنوات وامتدَ للأن، يعترف أن نقطة البدء كانت من عنده، ولكنه لم يتحمل أن يأتي شاب اصغر سنًا وأقل خِبرة وتُسلط الاضواء عليهِ في المنظمة، حتى بعد أن كان نجمها الساطع أصبح مجرد كومبارس!
نهض بطوله الفارع، ممرًا أصابعه في خصلاته السوداء القاحلة، وعيناه ذات اللون الرمادي الداكن تلونت بنظرات حاقدة، يتمنى لو يصبح ابن وهدان ذات يوم بين قبضته.
______________
ضغط على شفته السفلى بأسنانه يكبح غض’ به، لكن لم يستطع بعد جملة الآخر المستفزة لرجولته، لمح بطرف عينيهِ تقدم “مينا” ورجل آخر من رجاله، ليشير له بعينيهِ ألا يتدخل، فتوقف الآخر محله مرغمًا، اقترب رافعًا أكمام قميصه الخاص بالمطعم بحركات رتيبة، حتى جعله عند كوعيهِ…
اقتربت “رنا” من “خديجة” القلِقة مما سيحدث، لتهمس لها بحماس:
_ تفتكري هيضربه؟
رمقتها “خديجة” بجانب عينيها بضيق وهي تجيبها ساخرة:
_ لا، بيشمر عشان يغسله المواعين.. نقطينا بسكاتك.
ذمت “رنا” شفتيها بضجر وهي تلتزم الصمت وتتابع ما يحدث.
اصبح أمامه تمامًا، ورغم أن الآخر يفوق” مراد” طولاً بخمس سنتيمترات تقريبًا، ألا أن “مراد” بدى مناطحًا له، نظر في عيناه بقوة، عيناه التي أصابت قلب الأخيرة برجفة لم يعلم مصدرها، لكن يعترف أن عين هذا الرجل الواقف أمامه مخيفة، بظلمتها التي زينتها الآن، وهسيسه الشابة بالفحيح الذي تسلل لمسامعه وهو يقول:
– واضح إنك واد ابن**** و*** مينفعش معاك الذوق، مين الي ننوس عين امه يابن ال*** يا***.
ورغم قل’ ق الواقف أمامه منهُ إلا أنه استشاط غضبا من كم الإهانة التي تعرض لها من ذلك الغريب، فرفع قبضته وبكل غِل كان يطيح بوجه “مراد” للجهة الأخرى..
_ هو بيقوله ايه؟
تسائلت بها “رنا” بفضول حين رأت وقوف مراد أمام ذلك الضخم ويهمس بكلمات غير مسموعة، لتجيبها “خديجة” بتوقع:
_ شكله بيحاول يتفاهم معاه.
وحين أنهت جملتها حتى شهقت الفتاتان بقوة بعدما لكم ذلك الرجل “مراد” وجهر بصوته وهو يقول:
_ مش مجدي الوحش الي يقف قدامه عيل زيك ياروح امك.
اعاد “مراد” وجهه له وقال بهمس ونظرات الم’ كر لمعت في عينيهِ:
_ غلِط.. وكنت مستنيك تغلط.
وبدأت الحرب بلكمة قوية سددها مراد للوحش في وجهه أسفرت عن خروج دما’ ء من فمه، وبعدها لم يعرف الوحش من أين أتت اللكمات والركلات حتى بات يشعر كأن من يضر’ به أكثر من شخص، لأنه لا يعلم أكثر المهارات التي تميز “مراد” ألا وهي السرعة.. سريع كالبرق.. وقوي كالرعد، وبعد دقيقتان كان “الوحش” ملقى فوق الأرض بأنفاس لاهثة، عدلَ “مراد” من ثيابه ومالَ عليهِ هامسًا:
– عرفت مين ننوس عين أمة يا حليتها!
واستقام بعدها ناويًا التراجع لكنه توقف على صوت المرأة حين ركضت ناحيته تترجاه:
_ ابوس ايدك خليه يطلقني، ابوس ايدك انجدني منه، بقالي سنة بطلب الطلاق ومش عاوز وبيهددني لو رفعت عليه قضية هيقتلني.
عاد الغضب يشتعل بعينيهِ فأشار لها بالتراجع:
_ ارجعي ورا..
وبالفعل تقهقرت للخلف، حتى بات هو والوحش في نطاق ضيق منفردين، انحنى عليهِ مرة أخرى وفي الخفاء وبمهارة أخرج ذلك السلاح ذو النصل الحاد “مطواة” من جوار قدمه وغرزه بجانب الآخر المقابل له وهو يهدده:
– ها الطلاق ولا غزة تشيلك الطحال! او يمكن تيجي في مكان حيوي وتموت.
تردد في رد فعله، أراد الغد’ ر بهِ، فعاد “مراد” يهدده بعدما قرأ عيناه:
– صدقني مش هتلحق ترفعك دراعك حتى ومطوتي هتسبقك، ومحدش من الي حولينا هيشهد معاك لو فضلت عايش، اصلهم بيحبوك اوي.
وبالفعل بعد ثواني حين شعر بسِن النصل يصل لجلده كان يهتف بصوتٍ عالٍ وُصم بالق’ هر والذل لرجل لطالما كان عزيزًا بين ناسه، ولم يستطع أحد منهم رفع عينه فيهِ، حتى أتى هذا الغريب:
_ أنتِ طالق…
_ بالتلاتة يا برنس.
رددها “مراد” بأمر، ليرغم الوحش على قولها:
_ طالق…. طالق بالتلاتة.
_ اسمك ايه بقى!؟
نظر له “مجدي” بتوعد قرأه “مراد” بوضوح فابتسم ساخرًا:
_ مجدي… مجدي الوحش.
رفع حاجبه مستنكرًا:
_ وحش!! ماشي يا دودو..
ونهض بعدما اخفى سلاحه بمهارة، ووقف عائدًا للمطعم وهو يستمع لرنين صوت زغردة المرأة، وكأنها حُررت من محبسها، وقف أمامها تمامًا، مبتلعًا ريقه بوجل من رد فعلها، لطالما اخبرته أنها لا تفضل العنف مهما كان السبب، خشى أن تكون قد أخذت منهُ موقفًا بسبب ما فعله، فبدى كطفل صغير يبرر لوالدته كي لا تغضب وهو يحاول التبرير لها:
– مكنتش هضربه، هو الي ضر’ بني الأول و…
قاطعته وهي…..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بك أحيا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى