رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الجزء الحادي والعشرون
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني البارت الحادي والعشرون
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الحلقة الحادية والعشرون
﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ ﴾”
وامنُن عَلَيَّ برَحمَةٍ تَسْكُنُ قَلبي فَيَسْكُن”
____________________________
أنتفض زين من مكانه بفزعِ بعدما تذكر ما قصته عليه ياسمين من ذهابها إلى المقابر وهذا قد يشير أن من صنع لها هذا السحر وضعه بالمقابر!
لم ينتظر حتى الصباح بل قفز من مكانه مهرولاً إلى الأسفل نحو منزل والديه متجهاً إلى غرفة ياسمين يطرق باباها بلهفة وقد حمد الله بأنه مازال يمتلك نسخة من مفتاح المنزل كي لا يستيقظ والديه ثم أنتظر دقائق حتى فتحت له ياسمين وهي تفرك عيناها بنعاس هاتفه بقلق:
“فيه حاجه يازين ولا اي بت…”
قطع حديثها وهو يتحدث بلهفة قائلاً:
“فين المكان اللي روان راحته لما كانت في المقابر؟”
نظرت له ياسمين بتعجب وقد بدأت تستفيق فهزت رأسها بالنفي وهي تقول:
“لأ مش عارفه”
صمتت قليلاً وكأنها تتذكر شيئاً ما ثم هتفت مكملة:
“بس ممكن يكون عمو ربيع البواب عارف لإن أخوه اللي شغال في المقابر هو اللي شافها هناك”
هز زين رأسه بإيماءة دون أن يجيب ثم إستدار مسرعاً فلحقت به ياسمين تمسكه قبل أن يرحل وهي تقول بعدما شعرت بالقلق وأن هناك شيئاً ما.. فما الذي سوف يجعل أخيها يسأل عن المقابر الآن!.
أردفت وهي تنظر إلى ملامحه القلقه وهي تهتف:
“فيه اى يا زين قلقتني وبتسأل عن المقابر ليه دلوقتي؟”
أبعد يدها عنه قليلاً ثم رحل وهو يقول بعجالة:
“هبقى أحكيلك لما أرجع”
وقبل أن تلحق به ياسمين مجدداً كان قد رحل فهو إن أخبرها لن تتركه يذهب وحده وهو ما كان ليأخذها معه في هذا المكان الموحش وخصيصاً بهذا الوقت.
نزل مهرولاً نحو الأسفل فوجد بواب العمارة يجلس متكأ على المقعد وقد ذهب في سُباتِ عميق جعل زين يتردد لوله قبل أن يوقظه وفكر أن ينتظر للصباح ولكنه لا يطيق صبراً لذا أقترب منه وهو يشعر بالذنب حتى أخذ يهزه برفق وهو يقول:
“عمي ربيع.. أصحي ياعمي ربيع”
ظل يهزه وهو يناديه حتى استيقظ الرجل وهو يتثآب وما إن أبصر زين أمامه حتى أعتدل في جلسته ثم هب واقفاً وهو يقول بإحترام:
“لمؤاخذة يا ابني.. أمريني”
“الأمر لله وحده.. انا بس كنت محتاج أستفسر منك على حاجه”
صمت زين يفكر من أين يبدأ وهو يحك ذقنه حتى هتف وهو يقول بهدوء:
“حضرتك تعرف المكان اللي كانت موجودة فيه روان زوجتي لما راحت المقابر؟”
نظر له الرجل بتوتر من معرفته بالأمر ولا يدري أيخبره ام لا ولا يعلم من أخبره فقد أصرت عليه ياسمين بالا يخبر زين بالتحديد وما إن رأي زين تردده حتى هتف:
“ياسمين حكتلي اللي حصل.. ياريت حضرتك لو تعرف المكان تقولي لان الموضوع ضرورى جداً”
هز الرجل رأسه بتفهم ورغم فضوله الشديد لمعرفه السبب الذي جعله يأتي مسرعاً كي يعلم المكان ولكنه كبح فضوله وهو يقول:
“أني معرفش المكان صُح بس أخوي شغال إهناك وهو اللي چابها إهنه أكيد يعرفوا مكانها”
“طب وهو موجود فين دلوقتي؟”
“هو هناك شغال في المقابر روح أرتاح دلوق والصباح رباح وأني بنفسي اللي هوديك إهناك”
هز زين رأسه بالنفي وهو يقول بإصرار:
“لأ انا لازم اروح دلوقتي قولي بس حضرتك فين مكانه بالظبط وانا هروحله”
ظهر التوتر بوضوح على وجه الآخر ولا يدرى ماذا يفعل فلا يجب أن يتركه وحده ولا هو يستطيع أن يذهب معه فأردف في محاوله لردعه قائلاً:
“ميصوحش نروحوا هناك دلوق نستنى الصبح وأچي معاك”
بينما زين كان قد أتخذ قراره بأنه سيذهب مهما أحتمل الأمر ولن يتردد ثانية واحده لذا هتف بإصرار وهو يقول:
“لأ انا لازم أروح هناك دلوقتي ضروري من فضلك يا عمي ربيع قولي مكانه فين وانا هروح وحضرتك خليك هنا”
هز الرجل رأسه بالنفي وهو يقول بتنهد:
“لاع مش هسيبك واصل تروح المكان دي لوحديك انا چاي معاك ورچلي على رچلك”
هم زين ليرفض بعدما رأي خوفه ولكن الأخر أصر عليه بأن يذهب معه فكيف يتركه يذهب وحده بهذا الليل ومهو مازال شاب صغير في ريعان شبابه وهو من تقدم به العمر ويخشي الذهاب وحده!.
سار معه في طريقهما إلى المقابر والتي لم تكن تبتعد كثيراً عنهما ورغم ذلك ذهب زين بسيارته كي يكتسب وقت أكبر وهو يشعر بتسارع دقات قلبه.،
فالجان الذي وُكل لزوجته ليس بهينِ وهذا السحر الذي صُنع ليها أيضاً يصعب فكه بسهوله وقد ذاد الأمر تعقيداً وهو يخشي عليها ولكن ثقته وإيمانه بربه كبيرة.
وطوال الطريق وهو يحوقل بنية أن يكون هذا السحر بالفعل دُفن هناك وأن يجده وقد طال الطريق على غير عادته وهذا لإستعجاله الشديد بأن يصل بأسرع وقت لديه ومازال يشعر بالتوتر خشية ألا يجد شيئاً.
أوقف زين السيارة عند مقدمة المقابر وهو ينظر حوله ويحاول رؤية اى شيء يدل على أن هناك أحداً هنا وقد كان السكون يعم المكان إلا من صوت بعض الحشرات وصوت الرياح والظلام يحيطهما من كل جانب.
نزل من السيارة وهو يغلق الباب خلفه بهدوء وهو يهتف قائلاً:
“السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين انتم السابقون ونحن إن شاء الله اللاحقون رحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين”
“اللهم أغفرلي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات”
بينما بقى ربيع ينظر حوله بخوف شديد حتى تعرق جسده وقد أخذ عقله يتخيل أبشع السنيورهات وأن أشباح من يسكنون هذه القبور يطوفون حولهما الآن ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض عليهما.
فاق من خياله المرعب على صوت زين وهو يقول:
“فين مكانه ياعمي ربيع”
أبتلع الآخر ريقه وقد بلغ منه الخوف عندما نزل من السيارة ثم أقترب سريعاً من زين حتى أصبح ملتصقاً به وهو يهتف بخوف:
“جد.. جدام (قدام) شوية اهنه ”
أومأ له زين ثم هم ليذهب فأوقفه صوت الآخر وهو يقول بدهشه:
“طب والعربية هنسيبوها إهنه تنسرج؟ (تنسرق)”
“العربية في رعاية الله ياعمي ربيع”
أجابه زين بهدوء ثم تقدم نحو الجهه التي أشار إليها ربيع فلحق به الآخر وهو يردد:
“ونعم بالله… بس بردك لازم تخلى بالك منيها ربنا بردك أمرنا نكون حرصين”
هز زين رأسه ببسمه دون أن يجيب فقد كان عقله شارداً ثم أكمل السير وقد بدا يشعر بالرهبة قليلاً من المكان فقد كان مظلم للغاية وحولهما الكثير من القبور مما جعله يتسآل كيف حالهم الآن؟ تُري على اى شيء مات هؤلاء هل على حسن خاتمه ام سوء خاتمه؟ هل كان يعلم أحدهما بأن ملك الموت سوف يأتيه هو ويقبض روحه!.
أبصر قبرين بجاور بعضهما فتسآل عن حال كلاهما تُرى هل كانت أعمال هذا يشبه من يجاوره! هل كلاهما سعداء ام أحدهم يُعذب والآخر مرتاح في قبره!.
تنهد بحزن حتى أخذ يترحم على جميع من بالقبور وكلما مر بجانب قبر كلما دعى لصاحبه فقطع الصمت صوت ربيع الخائف وهو يهتف بإرتجاف:
“هو يعني يابني كان هيچرى حاچه لو أستنينا للصبح احنا إكده هنقلق منامهم ودي مش حاچه زينه”
بينما زين لم يكن يبالي فهو لا يخشى شيء لأن قلبه معمر بالإيمان وذكر الله وقد كان النبي صل الله عليه وسلم يذهب إلى البقيع ليلاً دون أن يخشى شيئاً.
بينما شعر بتأنيب الضمير وهو يرى خوف الآخر وهو ليس له ذنب لأن يأتي معه الآن لذا هتف وهو يحاول تهدئته قائلاً:
“متخفش يا عمي ربيع مفيش هنا حاجه تخوف
قول بس ( بسم الله الذي لا يضر مع أداسمه شيئاً في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) 3 مرات وقول (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) 3 مرات ومفيش بإذن الله تعالي حاجه هتمسك”
ظلا يسيران وسط القبور بين الأموات والسكون يعم المكان حتى شعر ربيع بشيء ما يمسك قدمه فجأه فصرخ برعب وهو يتشبث بزين قائلاً بفزع:
“شبح شبح الميتين صحيوا الميتين صحيوا”
ظل يصرخ بهلع وهو يهذى حتى أوشك صوته أن يوقظ الأموات من قبورهم ومازال يخشى النظر كي لا يُصدم بما يمسكه من قدمه وفجأة شعر بهذا الشيء يبتعد عنه
فابتلع ريقه برعب وهو يبحث عن زين فوجده يقف جواره وهو يمسك قطا ما ويقول بهدوء:
“دي كانت قطه يا عم ربيع متخفش… طالما قولت الأذكار مفيش حاجه وحشه هتمسك”
حسس زين على القطه وقد كانت ترتجف من البرد وهي مازالت صغيرة وحالتها سيئة ولا يوجد أحد هنا يساعدها فلم يشأ أن يتركها بل حاوطها بين كفيه حتى تشعر بالدفء ولو قليلاً ثم تابع السير وهو يقول:
“احنا لما بتقول الأذكار مش بنقول اى كلمتين والسلام لأ احنا بنقول واحنا عندنا ثقة فعلا بالله إنه هيحمينا والأذكار هي حصن المسلم ف انا لما بقول بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيئاً في الارض ولا في السماء بقين إن مفيش حاجه هتمسني ف مفيش حاجه هتمسك المهم إن الإيمان بالله يملي قلبك عل…”
قاطع حديثه صراخ ربيع مجدداً وهي يتشبث بثياب زين بقوة حتى كاد ينتزعها من عليه عندما سمع صوت أقدام مهروله تقترب منهم وقد بلغ الخوف منه وهو يهتف:
“اهو قلقنا منامهم وطلعوا ينتقموا منينا”
توقف زين هو الآخر وقد شعر بالفعل بأقدام تقترب منهم فرفع هاتفه كي ينير له في وجه الآخر والذي أتضح أنه رجلاً يقترب منهم وهو يقول بدهشة:
“ربيع!؟ انت بتعمل اهنه ايه”
ترك الآخر ثياب زين عندما سمع صوت أخاه الذي يعمل هنا بالمقابر وقد هدأ قليلاً وحاول إستعادة توازنه مجدداً وهو يقول بزفير:
“الحمد لله طلعت انت يا توفيق”
اقترب منهم توفيق وهو ينظر إلى زين الذي علمه على الفور وهو يقول بتوضيح:
“سمعت صوت حد بيصرخ خوفت ليكون حد چراله حاچه وچيت أچري على ملى وشي”
هز الآخر رأسه وهو يقول بعجاله كي يعود إلى مكانه فلا يعلم كيف يستطيع أخاه المكوث هنا وحده دون خوف:
“الشيخ زين اللي ساكن في العمارة عايز يعرف لجيت مرته فين لما كانت اهنه”
نظر له توفيق بتعجب وربيه.. فما السبب الذي جعله يأتي الآن بهذا الوقت دون حتى أن ينتظر الصباح فسأله وهو يقول بفضول:
“خير يابني فيه حاچه ولا ايه”
“معلش بس كنت عايز أتاكد من حاجه ضرورى لو حضرتك فاكر المكان ياريت تدلني عليه”
أخذ توفيق يفرك رأسه كمحاوله لتذكر المكان الذي وجدها فيه ورغم أنه كان منذ فترة إلا أن ذاكرته كانت جيدة حتى تذكر وهو يقول:
“كانت عند مچابر (مقابر) الشيخ آمين امشيوا ورايا أوديكم اهناك”
سار معه زين وربيع الذي قد هدأ خوفه قليلاً وهو يلتفت حوله كل دقيقة خشية أن يستيقظ أحد من في القبور
فجأة بينما زين أستمر في الدعاء لهؤلاء الموتى وهو مازال يحتضن بيده تلك الهرة التي أستكانت وهدأت بين يديه.
“كانت اهنه يابيه شوفتها واجفه تصرخ فچيت چرى على صوتها ولما شوفتها عرفتها على طول”
أهتز قلب زين وهو يتخيلها تقف هنا وحدها في هذا المكان وقد بحثت عنه تستغيثه فلم تجده.. تذكر تلك الكوابيس التي لطالما رأتها وأخبرته فيقول لها بأنها أضغاث أحلام ولم يكثر لها.
وضع القطة جانباً ثم انار هاتفه وأخذ يبحث عن شيئاً ما وربيع يتابعه بجهل ولا يدري عما يبحث بينما توفيق قد بدأ إستيعاب ما يبحث عنه هذا الرجل وأيضاً أن قدوم زوجته هنا لم يكن لانها تسير وهي نائمة بل لأنها كانت مسحوره.. وسحرها دُفن هنا.
أخرج هاتفه ثم أضاءه وأخذ يبحث هو الآخر مع زين دون أن يتحدث بشيء بينما ظهرت الريبة على ربيع عندما وجد أخاه ينضم إلى زين دون سابق إنذار.
أستمر الوضع لما يقارب الساعة دون أن يُعصرا على شيء حتى بدا على زين الإرهاق وقد بدأ يفقد الأمل في أن يجد ما جاء لأجله فأستقام في وقفته وهو يقول بتنهيدة:
“الظاهر مفيش حاجه هنا”
ورغم برودة الجو إلا أن جسده قد تعرق بسبب المجهود الذي بذله في البحث ورغم ذلك لم يجد شيء وقبل أن يتحدث سمع صوت توفيق وهو يصيح قائلاً:
“لجيته”
استدار زين صوبه بلهفه فوجده يجثو على ركبتيه ويحفر في التراب وقد أخرج شيئاً ما من تلك الحفرة فركض زين نحوه مسرعاً كي يرى ما بيده وهو يدعو الله أن يصدق حسه..
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
كانت راقده على الفراش كعادتها وهي تنظر إلى السقف بشرود كما باتت تفعل حديثاً والدموع تتساقط من عينيها بألم تتمنى فقط لو أن تغمض عيناها فلا تفتحمها مجدداً.
وضعت يديها على بطنها تتحسس طفلها بشرود وتشعر بأنها لا تستحقه بل لا تستحق أن تكون أماً من الأساس فهو من اول يوم لها داخل رحمها وهو يعاني فكيف بعدما يأتي إلى هذه الدنيا! والأدهي أن والدته بهذا الضعف ولا تستطيع حتى المقاومة.
خرجت شهقه منها وهي تضع يدها على وجهها تمنع بكائها الذي سئمت منه.. لا تريد شيء سوى أن تعود حياتها كما كانت.. حياتها التي كانت وردية ولكنها لم تكن تشعر بنعمتها..
تريد أن تقف كي تصلي القيام… القيام الذي أنقطعت عنه منذ فترة حتى أنها لا تتذكر متى آخر مرة صلت فيها ولكنها غير قادرة.. تشعر بوجع شديد بجسدها وظهرها
وأيضاً أقدامها.. وكلما فكرت في الصلاة يضيق صدرها
يالله حتى الصلاة غير قادرة عليها.. لقد سُلب منها كل شيء راحتها وزوجها و.. وعبادتها.
باي ذنب فعلت كي تُعاقب بهذا الشكل؟ ومن وضعت لها هذا السحر تنام الآن في فراشها براحه بينما هي تشعر بسكاكين تغرز في جسدها لن تسامح من فعل هذا بها ولو بينه وبين الجنه ذنبها فقط.
هي تتألم الآن وتشعر بأنها مقيدة من كل شيء ولا تستطيع اكمال حياتها.. لقد حرمتها من أقل حقوقها
ترى ما عقاب هؤلاء عند الله تعالى! نعم أخذت تصبر ذاتها بأنها مؤجوره وكل ما يحدث ما هو إلا ابتلاء من الله تعالى وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله حتى هذا السحر لم يصيبها إلا بإذن الله تعالى اذا فهي سوف تصبر وتحتسب تعبها عند الله تعالى.
لم تستسلم بل جاهدت نفسها كي تقوم من مكانها وبصعوبه بالغه وثقل شديد توضأت وقبل أن تتوجه ناحيه القبلة أبصرت وجهها في المرآه والذي أصبح باهت كثيراً وعيناها الذابله ووجهها الشاحب حتى شعرت بأنها تري ملامح شخص آخر غريب عنها وليس هى.
لم تكثر لكل ما تشعر به بل نزعت كل تلك الأفكار من عقلها ثم وقفت امام سجادة الصلاة وقد كان جسدها يأن وجعاً ورغماً ذلك أرغمت نفسها على الصلاة.
وما إن وقفت وهي تكبر حتى ارتجف جسدها بعنف ثم تابعت وهي تقول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم… بسم الله الرحمن الرحيم)
توقفت عن القراءة وقد بدأت أنفاسها تتسارع وهي تشعر بالخوف الشديد وكأن شخصاً ما خلفها يريد إزهاق روحها ورغم ذلك تجاهلت هذا الشعور ثم أكملت وهي تقول بسرها:
“الحمد لله رب العالمين.. الرحمن الرحيم… مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين”
بدأ جسدها يرتحف أكثر وذاد خوفها بشدة حتى وصلت إلى (اهدنا الصراط المستقيم) وعند هذا الحد انهار جسدها حتى وقعت أرضاً وهي تبكي بعنف وجسدها ينتفض وقد شعرت بالألم يسرى في جميع أوردتها وما كان لها سوى أن تدعي الله فليس لها ملجأ إلا سواه.
“يارب..”
أخذ تردد هكذا الكلمه وجسدها ينتفض أكثر ورغم ذلك لم تتوقف بل وكأنها تعاندهم وتخبرهم بأنها لم تعد ضعيفة بل هي الأقوى بإيمانها بالله وقرآنها.
إن كانت لا تستطيع الصلاة فسوف تقرأ القرآن لذا وبإيدِ مرتجفه أمسكت مصحفها ثم فتحته على سورة (ق)
ثم أخذت تقرأ منهم بصوتِ مرتفع وكلما علا صوتها كلما أذدادت وتيرة أنفاسها وأرتجف جسدها حتى بدأت تشعر وكأن هناك خيالات تدور حولها ورغم ذلك لم تبالي بل أكملت حتى أنهت السورة وهي تشعر بالتعب الشديد ورغم ذلك لم تستسلم بل أخذت تقرأ آيه الكرسي:
“اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”
وبمجرد ما أن بدأت بالقراءة حتى اهتز جسدها هذه المره بقوة أكبر وكأن من بداخلها يعادنها ورغم الألم الحارق التي تشعر به إلا أنها أيضاً لم تستسلم وتابعت القراءة بقوة أكبر وصوت مرتفع وهي تهتف:
“واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنـزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله”
وبعدما أنتهت من هذه الآيه بالتحديد أخذت تصرخ من شده الألم وهي تلتوى في الأرض وقد شعرت أن الغرفه تهتز بها.. الألم شديد حتى أنها لم تعد قادرة وقد توقف لسانها عن القراءة وأذدادت وتيرة أنفاسها بشدة وهناك سكاكين تغزو جسدها حتى شعرت بغمامه سوداء تسحبها بعيداً عن هنا حتى توقف كل شيئِ فجأة وأستكانت حركتها ثم فقدت الوعي.
🌸سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم🌸
الا بذكر الله تطمئن القلوب
“وريني كدا”
أقترب منه زين ثم أخذ منه تلك اللفافة من يديه ثم أخذ يحاول فكها ولكنه لم يستطيع فقد كانت موصدة بطريقة يصعب حلها بينما زين يعلم أنه لا حول له ولا قوة لذا سمى الله اولا أخذ يدعو الله كي تنفك وتلاها وهو يقرأ الإخلاص والمعوذتين وبالفعل بدأت تلك الخيوط تستجيب له شيئاً فشيء حتى أستطاع زين فك أولها وبعدها أخذ يفك باقى تلك الخيوط حتى أنحلت جميعها وظهر ما كان بداخله.. فقد كان قميصه!!.
تراجع زين إلى الوراء قليلاً ورغماً عنه سرت رجفه خفيفه بجسده وتسارعت دقات قلبه ثم قام بفتح قميصه فوجد به الكثير من القازورات والمجاسات ودماً فاسد وعندما ركز توفيق الأضاءة عليه أبصر زين بعض الخصلات فعلم بأن تلك الخصلات تعود إلى شعرها هي
واول ما نطق به زين هو:
“حسبي الله ونعم الوكيل اللهم أجعل كيد هذا الساحر في نحره”
ثم أبتلع ريقه ولأول مرة بحياته يدعو على أحد ولكنه لم يستطيع أن يمنع نفسه وهو يقول بغضب مكتوم:
“اللهم أقلب هذا السحر على من فعله.. اللهم أرني فيه عجائب قدرتك.. اللهم أيقظه على فاجعه لا يطمئن بعدها أبداً… اللهم انتقم من كل كافر مشرك تعدى على عبادك وآذاهم”
أقترب توفيق منه يرتب على كتفه بعدما قد رأي حالته وغضبه الذي فشل في إخفائه ثم هتف:
“الحمد لله ياولدي إن مرتك بقت زينه قول الحمد لله وربنا يأذي كل مأذي يارب وينتجم منهم أشد الإنتجام إني كل يوم بفضل ادور اهنه واهناك وبطلع حاچات من دي اكتير وبفكها بفضل الله وعلشان كدا متمسك اني افضل احرس المقابر وكل ما أفكر أسيبها مجدرش أجول ربنا چعلني سبب علشان الناس دي”
وإن كان أولاد الحرام كثيرون فمازال هناك إناس جيدون حمد زين ربه وهو يزفر براحه وهو يردد الحمد وأنه علم مكان هذا السحر ثم توقف عقله فجأة عندما تذكر شيء..
لولا ما حدث وذهابها إلى المقابر ما كان ليعلم مكانه! يالله وهو من كان غاضب بشدة عندما علم لأنه كان يجهل الحكمة وراء ما حدث! أنكس رأسه أسفل بخزي وهو يشعر بالخجل من الله فدائما كل ما يحدث معه من شر ظاهر يكون ورائه خير خفي يجهله.
فاق من شروده على صوت ربيع وهو يطلب منه العودة فنظر لتلك النجاسات ذات الرائحة الكريهه وقميصه الدامي وهو يشعر بالإشمئزاز الشديد ثم هبط بطوله أرضاً نحو القطة كي يأخذها معه فتحدث ربيع وهو يقول بتعجب:
“هتاخد الجطه معاك ولا ايه”
أبتسم زين وهو ينظر للقطة التي كان جسدها يرتجف وتفتح فمها وقد كان وجهها مشوهاً ولا تستطيع فتح عيناها حتي أستشف زين بأنها فقد بصرها وهناك العديد من الجروح بجسدها وكأنها تعرضت لهجومِ مبرح فنظر له زين وهو يقول بهدوء:
“لعلى وعسى مجيتنا هي كانت مخصوص علشان ننقذها
لإن زي ما انت شايف هي عميه ومفيش حاجه تاكلها هنا وكانت هموت وربنا حاشا لله مبيناش حد حتى ولو كان حيوان لا حول ليه ولا قوة”
ثم رفع رأسه قبل أن يرحل نحو توفيق وهو يقول بإمتنان:
“انا مش عارف أشكر حضرتك ازاي.. ربنا يجازيك خير على كل خير بتعمله”
أبتسم الآخر وهو يقول بصوتِ خشن:
“متجولش اكده يا والدي أني معملتش حاجه كله بتوفيج (بتوفيق) ربنا”
“ونعم بالله.. يلا أستودعك الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”
سار زين عائداً ومعه ربيع الذي ذاد خوفه أكثر بعدما رأى تلك الأسحار وعقله يفكر كيف لإنسان جاحد وقد نُزعت من قلبه الرحمة للحد الذي يجعله يصنع أسحاراً لإشخاصِ أبرياء لم يفعلوا شيئاً.
توقف زين عند سيارته ثم صعدها ووضعه القطة بجانبه ولف القميص في شيء ما وصعد جواره ربيع فقام زين بإشغال السيارة حتى تحركت تاركه خلفها غباراً وقد كان يسير مسرعاً على غير عادته ومازال الغضب يعتريه
وقلبه حزين بسبب من فعلوا بزوجته هذا وبغيرها.
لا يعلم كم من الوقت مر عليه حتى وجد نفسه أمام العمارة فأستدار إلى ربيع قليلاً بنصف جسده وهو يقول:
“شكراً جدا ياعمي ربيع الله يجازيك خير وآسف علشان تعبتك معايا”
“الشكر لله يابني”
نزل من السيارة وقد ظن بأن زين سوف ينزل هو الآخر ولكن تفآجأ به يشغل مقود السيارة مجدداً فسأله وهو يقول:
“انت معتنزلش ترتاح؟ الوجت اتاخر”
هم زين كي يجيبه إلى أين سيذهب ولكنه تراجع ولم يشأ أن يخبره عن السبب ثم هتف بعجاله:
“لأ انا لسه ورايا مشوار سريع كدا.. عن أذنك”
تحرك بالسيارة ثم ظل يدور إلى فترة كبيرة وهو يبحث بالطرقات ويسأل من يراها حتى توقف أخيراً أمام عيادة بيطرية ثم حمل تلك القطة معه والتي يبدو عليها أنها تتألم ثم سار بها نحو الداخل وقد كانت العيادة أوشكت على الغلق فحمد الله أنه لحقهما ثم قطع كشفاً ودخل عند الطبيب كي يفحصها والذي بدوره أخبره أن حالتها ليست جيداً وأنه سوف يحتجزها حتى تخف.
ترك لهم زين مالاً يكفي علاجها وأيضاً طعامها ثم ترك هاتفه إلى الطبيب ورحل بعدما قد تأخر الوقت أكثر وقد أوشك آذن الفجر لذا صعد سيارته وقرر بأنه سوف يذهب إليها فلا طاقة له بالعودة دونها.
🌸اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد🌸
كانت تقف بمكانِ موحش ومظلم وحدها وحولها الكثير من الحشرات الضارة والمؤذية وجميعهم ينظرون نحوها هي بالتحديد وهي تشعر بالخوف الشديد وتنادي عليه كي يغيثها ولكنه لم يكن معها.
ظلت تلك الحشرات تحاول الإقتراب منها بينما هي تحاول الإبتعاد وهي تتراجع إلى الوراء بفزعِ ولكن تشعر بصعوبة بالغة في السير وكأن احداً ما قيد حركتها حتى توقف جسدها ولم تستطيع تحريكه وتلك الحشرات بدأت بالأقتراب منها أكثر.
فجأة تذكرت شيئاً هاماً قد أتى على بالها وهي آيه الكرسي فحاولت قرأتها ولكنها لم تستطيع وقد كان لسانها شديد الثقل للدرجه الذي جعلتها غير قادرة على النطق فحاولت جاهدة تحركه حتى بدأت بالتلاوة
بصوتِ مرتفع فتوقفت تلك الحشرات عن الإقتراب ولكنهم لم يرحلوا بل توقفوا فقط وما إن بدأت بالتلاوة حتى وجدت حشرات مثل التي تقف أمامها تخرج من جسدها!.
وكلما قرأت كلما خرجت تلك الحشرات من جسدها حتى أنتهت وقد خرجت العديد من الحشرات منها تحت ذهولها.
بينما الحشرات التي كانت تلاحقها يقفوا على بعد صغير منها فقط وبعدما توقفت عن القراءة أخذوا يقتربون منها مجدداً حتى أوشكوا على لمسها فأغمضت هي عيناها بخوف ولكنها لم تشعر بشيء ففتحت عيونها فجأة فلم تبصر شيئاً.. لقد أختفوا جميعاً من أمامها!..
سمعت صوت أقدام خلفها فأستدرات كي ترى من فوجدته هو يقترب منها ببسمة بعدما قد أبعدهم عنها ثم أحتضنها وهو يقول بحب:
“كل حاجه أنتهت خلاص”
فتحت عيناها على وسعهما وهي تلهث بشدة وتحاول أخذ أنفاسها فشعرت به يجلس جوارها ورائحته تنتشر في المكان ولا تعلم هل هي مازالت تحلم ام إنه بالفعل معه! قامت من مكانها وقد وجدته بالفعل يجلس بالقرب منها فبعدما كان ينام جوارها محتضناً إياها مجرد أن شعر بها تتململ لذا أبتعد عنها مسرعاً فهو لا يريد إرغامها عليه ويقدر جيداً مشاعرها وتشتتها.
بينما هي أستيقظت على آذان الفجر والعجيب أنها تشعر بالراحه راحه لم تشعر بها منذ فترة وقد أنزاح هذا الثقل الذي كان يستوطن صدرها وأيضاً وجع جسدها قد خف فأرادت التأكد وأنها لا تحلم لذا نزلت من على الفراش حتى لامست قدميها الأرض فعلمت أنها لا تحلم وقد زال هذا الأذى عنها فنظرت له بتعجب وهي تقول:
“هو.. هو اى اللي حصل!؟”
“محصلش حاجه كل ما في الأمر انك خفيتي والسحر اللي كان عندك أتفك”
لم تسأله كيف إنفك ولا أين علم.. لم تكن حالتها تسمح لها بالإستسفار بل فقط توجهت نحو المرآه نظر إلى ملامحها الذابلة ورغم شحوب وجهها إلا إنه أصبح مشرقاً.. نعم هذا وجهها وهذه هي ملامحها الجميله.. هنا فقط تيقنت بأن هذا الأذي ذهب عنها بالفعل.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
كانت جالسه أرضاً وهي تحاول نزع تلك السلاسل الحديدية عنها بغضبِ شديد وقد سئمت من جلوسها هنا فقط تنام وتستيقظ فتجده قد وضع لها الطعام أمامها ويرحل قبل أن تراه ومازالت تجهل السبب الذي حمله على خطفها.
زفرت بعصبية بعدما يأست من فك تلك السلاسل فقامت من مكانها تطوف في هذا الكوخ وهي تفكر في وسيلة لهروبها ولكن عقلها مشتت فهي حتى لا تعلم أين هي.
أبتلعت غُصة مريرة بحلقها عندما اتى على بالها أن هناك من أفتقدها.. بالتأكيد الجميع انغمس بحياته ولم يتذكرها أحد.. هي وحيدة بهذه الدنيا وستظل هكذا بقية حياتها.
سمعت صوتا بالخارج فعلمت أنه اتى وبالفعل ثواني معدودة حتى وجدت الباب يُفتح ويدخله هو بهيبته وقبل أن تفتح فمها للصراخ عليه توقفت بصدمة عندما رأته يقف أمامها وقد كان دون قناع!.
نظرت إلى ملامحه وقد شردت بها وبعيناه ولا تعلم لمَ ولكنها في هذا الثناء شعرت بأن ملامحه مألوفة لها
عيناه سوداء بشدة ورموشه الكثيفة وبشرته الحنطية المايلة إلى الإسمرار.. وهذا.. وهذا الجرح الذي يزين خده ويبده أنه قديم..
فاقت من تأملها على صوته الساخر وهو يقول:
“اى رأيك فيا؟ عجبتك مش كدا”
طالعته بغيظ شديد ورغم أن رؤيته لوجهه ليست بالشيء الجيد وتعلم بأنها سوف تدفع ثمنه ولم يفعل هذا دون سببِ ورغم ذلك أجابت:
“وأخيراً الباشا اتكرم يورينا جمال خلقته”
ورغم أنه يعلم أنها تسخر منه إلا إنه أبتسم بخفة وهو يقول:
“بعضاً مما عندكم يا جميلة الجميلات”
دققت النظر به فقد كان وجهه مُندى ويده عليها بعض قطرات المياة وأيضاً شعره فتوسعت عيناها لما وصل إلى عقلها وهي تهتف بعدم تصديق:
“انت كنت بتصلي!؟”
نظر إلى ملامحها المصدومة لما وصل إلى عقلها بينما هو أجاب بهدوء وهو يقول:
“مش معنى إني أتوضيت يبقى صليت”
نظرن له بجهل دون أن تفهم مقصده من الحديث بينما هو أكمل حديثه وهو يقول:
“كل إنسان فينا مهما بلغ شره بيفضل جواه شعرة خير بتحاول تخليه إنسان إلا اذا هو فكر يقضى على الشعرة دي وعايز يكون كله شر وبس”
لم تفهم شيء من الألغاز التي يتحدث بها ولكنها شعرت في هذا الوقت بأنه شخصِ جيد وليس كما يظنه الجميع
ربما تعرض لما أوصله إلى تلك الحاله ورغم ذلك مازال به جزء بخير.
“حاسه اللي سماك قناص ظلمك وانت غير كدا”
صمتت قليلاً تنظر له ثم أردفت وهي تقول مكملة:
“انت طلعت حرامي طيب وانا ظنت فيك سوء”
وما إن أنهت عبارتها حتى وجدته يقترب منها مشهراً سلاحه في وجهها فنظرت له بصدمة سرعان ما أستوعبت ما يحدث وهي تقول ساخرة:
“فطلعت أسوء مما أظن”
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
حنونًا
يُصلح ما أفسده العالم،
ويُعِيد لِـ قلبي طمأنينته وسَلامه.
كان يقف أمامها وهو ينظر إليها بصمت ومازالا في منزل عمر وبالتحديد غرفته التي أستقلتها مؤخراً.،
أنهمرت دموعها وهي تنظر له وقد كانت تشعر بوجع شديد داخل صدرها وها قد علمت سبب كل ما كان يحدث معها في الآونة الأخيرة وهذا جعلها تشهق وهي تضع يدها على وجهها وأذداد نحيبها وهي تشعر بمشاعر عديدة مؤلمة وأنها كانت ضحية كل تلك الأيام فنظرت إليه وهي تقول ببكاء:
“زين انا.. انا مش”
توقفت عن الحديث وهي لا تدري بماذا تقول وقد هربت الكلمات منها وفشلت في وصف ما تريد قوله.
“هششش..مش محتاجة تقولي حاجه أهدي وبس”
قاطعها وهو يقترب منها ويدرك جيداً ما تشعر به ثم نظر إلى وجهها الباكي وملامحها الذابلة وعيناها المنتفخة من أثر البكاء حتى رفع يده يمسح على رأسها قائلاً:
“بسم الله على قلبك حتى يهدأ… بسم الله على روحك حتى تطمئن… بسم الله على أوجاعك حتى تخِف… بس الله على أحزانك حتى تزول”
أخذ يردد عليها بعض الأدعية وهو يسمع أنفاسها العالية وشهقاتها المتقطعة فأستمر بالدعاء عليها والتلاوة حتى أستكانت وتوقفت عن البكاء بعدما أخرجت كل ما بقلبها.
مسح دموعها بأنامله ثم اراحها على الفراش وهو ينظر إليها يتفحص وجهها ثم سألها بترقب قائلاً:
“حاسة إنك بقيتي أحسن دلوقتي!”
أومأت له وهي تهز رأسها قليلا فجلس هو جوارها وهو يقول بحنو:
“كل حاجة هتكون بخير وكل حاجه هتكون تمام”
قطع حديثه وهو يضع يده على بطنها يتحسس طفله قائلاً ببسمة ممزوجة بحنين:
“بكرة عيالنا ييجوا الدنيا ويكون بيتنا كله مليان عيال ونقعد نحكيلهم عن كل اللي مرينا بيه”
رفع رأسه وهو ينظر إلى ملامحها التي أشتاقها كثيراً وهو يقول:
“أوعدك إن كل حاجه هتكون بخير وانا هنا جنبك ومش هسيبك أبداً”
بينما هي أبتلعت ريقها وهي تشعر بغصة في حلقها ومازالت لا تستوعب كل ما حدث حولها في الفترة الماضية وحياتها التي أنقلبت مرة واحدة وهذا جعلها مشتتة كثيرة..
ورغم أنها تعلم جيداً أن بداخله محطم أيضاً إلا أنه يحاول مداوة جروحها والتي تظن بأنها لن تطيب يوماً.
نظرت له وهي تقول بتعب ونبرة مرهقة:
“ينفع تسيبني لوحدي شوية! حاسة إني مش قادرة أشوف حد”
نظر إلى عيونها بقوة وهو يقول بثبات:
“حتى انا!؟”
“بالأخص انت”
هز رأسه بهدوء وهو يحترم رغبتها في الاختلاء بنفسها وما تشعر به لذا قام من مكانه بخفه حتى ظنته خرج فتفاجأت به يُطفأ جميع أنوار الغرفة حتى أصبحت مظلمة تماماً إلا من ضوء القمر الذي يتسلل من النافذة.
رأت شبح جسده يتحرك أمامها حتى عاد إليها وهو يتسطح جوارها مقترباً منها وهو يقول بهدوء:
“كدا مبقتيش شايفة حد..، حتى انا”
لن يرحل عنها ولن يتركها مجدداً حتى لو هي من طلبت هذا.. فليس بعد أن تعود إليه أخيراً فهو لن يسمح لها بالإبتعاد أبداً.
أبتسمت بألم وهي تغمض عيناها وترخي جسدها تترك نفسها للرحة أخيراً.. الراحة التي أفتقدتها لايام عديدة.، بينما هو ظل يمسح على وجهها ورأسها وهو يتلو عليها بعض الآيات بصوته العذب وهذا جعلها تشعر بالهدوء والسكينة ثم قّبل جبينها بحنان فنظرت له في هذا الظلام وهي تقول بإمتنان:
“شكراً.. شكراً لوجودك يازين وشكراً إنك مسمعتش كلامي”
أبتسم لها وهو يحمد الله بداخله ويدعو الله أن يحفظها ويبعد عنها كل مكروه ثم تنهد وهو يخرج كل ما بصدره ويتذكر تلك الفترة التي مرت عليهما ثم أغمض عينيه كي يرتاح أخيراً بعد أيام عجاف دونها.
وها قد عادت إليه مجدداً ولا يدرى بأن ما حدث لم يكن سوى البداية فقط وأن القادم ليس بهينِ.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
“بس انا قررت أقضى على الشعرة دي وابقى كلي شر بس”
هذا الشخص غامض للحد الذي جعلها تصعب فهم ما يقول لا تعلم اهو شخص جيد ام سيء بل كل ما تعلمه لأنه شخص غريب الأطوار.
لم تتفآجأ بل هي أدركت هذا جيداً عندما رأته يدخل وهو ينزع قناعه فعلمت أن هذه نهايتها.
“طب وليه مقتلتنيش من اول ما خطفتني؟ وليه خطفتني من الأساس!؟”
أسئلة كثيرة تدور داخل عقلها على الأقل إن قتلها بالفعل يخبرها أولاً عن السبب وقد يبدو أن هذا أيضاً لن يحدث فهتف ببرود وهو يقول:
“متعودتش أبرر أفعالي لحد”
وما إن أنهي عبارته حتى أشهر السلاح في وجهها مجدداً وهذه المرة سمعت صوت تعمير هذا السلاح هل تلك ستكون القاضية؟.
“بس ولإني شخص عادل شايف إن دي موته متلقش بحد زيك الصراحة فقررت أموتك موته تليق بيكي”
نظرت له بغير فهم بينما هو أقترب من تلك السلاسل التي تقيدها ثم فكها عنها وأخذها معه نحو الخارج والعجيب أنها تسير دون ادنى مقاومه.
وقف خارج الكوخ وهي بجانبه تنظر للمكان حولها والذي أشبه بغابة ثم هتف وهو يقول:
“انا هسيبكم تمشي”
طالعته بريبة وقد شكت بأن هذا الشخص بالفعل مجنون وقد أن تتحدث أكمل هو حديثه وهو يقول:
“بس هيكون وراكي أسد وذئب وديب وشوية تعابين وعقارب كدا لو قدرتي تخرجي من هنا سليمة يبقى تستحقي إنك تنولي شرف أنك تعرفيهم مكان القناص”
وما إن أنهي عبارته حتى أخرج سكيناً من جيبه يغرز كتفها دون سابق إنذار فتأوهأت وهي تضع يدها وتنظر له بغضب أعمي هل يتسلي بها!؟ فتابع وهو يقول:
“ودا علشان لو فكرتي تستخبي منهم يمشوا ريحة دمك”
أبتسم بخبث وهو ينظر إليها ثم أقترب منها بشدة حتى وضع فمه أمام أذنها وهو يهتف:
“لو مخدتش حقك منهم… انا بنفسي اللي هخلص عليكي”
نظرت له بصدمة وقد أتسعت عيناها ولا تصدق ما قاله… هل.. هل هذا يعني بأنه هو من أنقذها سابقاً وظل يردد عليها تلك الجملة!؟ هو من بحثت عنه بكل مكان كي تجده ولكنها فشلت!.
وقبل أن تسأله عن اي شيء أو تستفسر صفر مرة واحدة وهو يقول:
“العد بدا وكل ثانية بتمر خطر على حياتك”
وبالفعل وجدت الثلاث حيوانات التي أخبرها عنهم يقفون على بعد منهم ينتظرون إشارته كي يلتهمونها
فعلمت أن هذه بالفعل نهايتها.
سمعت صوته يقول بخبث:
1… 2.. 3… ”
وما إن أنهي عبارته حتى أعطى لهم الإشارة كي ينقضوا عليها فأستوعبت هي الأمر سريعاً ثم أبتعدت عنه مسرعة تركض بكل ما لديه من قوة.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني)