روايات

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل التاسع عشر 19 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل التاسع عشر 19 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الجزء التاسع عشر

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني البارت التاسع عشر

وسولت لي نفسي الجزء الثاني
وسولت لي نفسي الجزء الثاني

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الحلقة التاسعة عشر

«يتهامسونَ بذنبِ فلانٍ .. وَفلان يَتهامس بتوبتهِ معَ اللهِ تَعالى»
بَاءوا بإثمهِ وفازَ هُو بأجرهِ!
________________________
كانت جالسه تنظر إلى السقف بشرود دون أن ترمش عيناها حتى فقط تنظر أمامها ولا تفكر بشيء بل وكأن رأسها أصبحت خاليه من الأفكار ومن كل شيء حولها..،
تريد أن تظل باقى حياتها بهذا الهدوء دون أن تبصر أحد أو أن ترى أحداً وكأنها هكذا تطلب المستحيل فما لهم أن يتركوها وشأنها!.
وفي الخارج طُرق الباب عدة طرقات فوقفت ناريمان متوجهه نحو الباب لترى من فتفآجأت بها حكمت والدة زين تقف أمامها والتي ألقت عليها السلام وهي تقول بهدوء:
“السلام عليكم.. أزيك يا ناريمان”
عقدت الأخرى حاجبها بضيق شديد وما كان لها إلا أن تفصح لها الطريق وهي تقول بإقتضاب:
“وعليكم السلام اهلا يا حكمت أتفضلي”
دخلت حكمت والدة زين إلى المنزل تنظر حولها وتبحث بأعينها عنها ولكنها لم تجدها فأردفت بهدوء وهي تقول:
“امال فين روان عايزة أشوفها”
“جاية تاخديها!”
سألتها ناريمان بتوجس وهي تنظر إليها فأومأت حكمت وهي تهز رأسها قليلاً قائلة:
“كفاية قعدة هنا لحد كدا أظن ليها بيت تقعد فيه”
تحركت الأخرى صوب المقعد حتى جلست عليه ثم وضعت قدماً فوق الأخرى وهي تهتف:
“غريبة إنك جاية بنفسك علشان تاخديها أفتكرتك مش هتهمتي ما انتِ طول عمرك مبتحبيش أمها اى اللي أتغير دلوقتي!”
“اللي أتغير إنها بقت مرات ابني وفي مقام بنتي ودلوقتي هي مسئولة مننا”
“طب ولو هي مش عايزة تيجي وعايزة تطلق هتاخديها بالعافية!”
نظرت لها حكمت بضيق شديد ثم تحدثت بنبرة حازمة وهي تقول:
“والله هي اللي تقرر مش انتِ يا ناريمان.. ودلوقتي قوليلي هي فين علشان انا مستعجله”
لم تتحرك من مكانها وهذا أغضبها بشدة بل تفوهت ببرود شديد وهي تشير صوب الباب قائلة:
“في الأوضة اللي هناك.. وأتمنى متطوليش عليها علشان هي مش قابلة تتكلم مع حد”
نظرت لها حكمت قليلاً دون أن تجيبها.. يالله لن تتغير حتى وفاة أختها لم تغير بها شيئاً بل ستظل طوال حياتها بتلك العجرفة والغرور ورغم أنها لم تحب عفاف يوما إلا إنها لم تكن بهذا الغرور كبقية عائلتها.
تركتها ثم تحركت نحو الغرفة التي أشارت عليها ثم دخلت بعدما طرقت على الباب دون أن تسمع رد بل توقعت أنها نائمة لذا لم تجيب عليها ولكن الغريب بأنها مستيقظة شادرة في اللاشيء..
“أزيك يا روان”
أنتفضت روان من مكانها وهي تجد أمامها زوجة عمها ووالدة زوجها فعدلت في جلستها قليلاً ثم أردفت بوهن:
“كو.. كويسة الحمد لله”
أقتربت الأخرى منها حتى جلست على بُعد مسافة مناسبة بينهما ثم رفعت رأسها تتأمل ملامحها التي أصبحت ذابله وجسدها الذي بات أنحف عن ذي قبل
وشعرها الأشعث بسبب عدم أهتمامها به
كان حالها يُثرى إليه ورغم ذلك تجاهلت كل ذا وهي تقول:
“مش ناوية ترجعي البيت بقى ولا ايه!”
صمتت وقد شعرت بالإختناق من فكرة العودة فهي لا تريد الذهاب هناك مطلقاً ولكنها لم تقوى على إخبارها هذا فتحدثت زوجة عمها مجدداً وهي تقول:
“انا سبق وقولتلك إنك من يوم ما بقيتي مرات ابني وبقيتي زيك زي عيالي وانا مقدرة اللي انتِ فيه دلوقتي
وانك زعلانة وحزينة ودا حقك لكن في الاول والاخر الواحدة ملهاش إلا بيت جوزها.. أرجعي بيتك وكلنا حواليكي ومعاكي”
أبتلعت ريقها وهي تشعر بالضغط الشديد وكأنها تطلب منها شيء يفوق قدرتها وهو بالفعل يفوق قدرتها
أستجمعت شجاعتها ثم أردفت وهي تقول بتوتر:
“بس.. بس انا مش عايزة أرجع”
“ليه!؟”
سألتها حكمت كلمة واحدة.. كلمة من ثلاث أحرف لم تجد لها إجابة لمَ لا تريد العودة؟ هي لا تعلم ما تعلمه فقط أنها لا تريد الذهاب إلى اي مكان.
سقطت العبرات من عيناها وهي تشعر بالعجز وقد ضاق صدرها وودت لو تصرخ بأنها كي تتركها وترحل ولكن ما أستطاعت فعله هو أنها هتفت ببكاء قائلة:
“مش عايزة أرجع وخلاص انا هفضل هنا”
طالعتها حكمت بهدوء وهي تنظر لها دون أن تبدي اي ردة فعل وهي تراها تبكي هكذا لمجرد أنها تطلب منها العودة إلى بيتها!.
“مش عايزة ليه!؟ علشان زين صح..، قوليلي هو عملك ايه وإن طلع غلطان انا بنفسي اللي هحاسبه”
أطرقت رأسها أرضاً ولم تجد إجابة وقد هربت الكلمات منها ولم ينقذها سوى دخول عمر بعدما عاد من الخارج وتفآجأ بوجودها فالقى عليها التحية ثم أقترب منهما وما إن رأته روان حتى تشبثت بملابسه وكأنها تحتمى به فأعادت عليها الأخرى السؤال مجدداً وهي تقول:
“ها مقولتليش يا روان مش عايزة تيجي ليه”
ذاد بكائها ثم رفعت رأسها تنظر إلى عمر كي ينقذها من تلك التساؤلات التي لا تجد لها إجابة فلم يتحدث بل إنتظر هو الآخر أن يسمع إجابتها ولكنها لم تتحدث.
وما أن طال صمتها حتى قرر عمر التدخل وهو يتحدث سريعاً قائلاً:
“هي قاعدة هنا ياطنط يومين بس تريح نفسيتها وبعدين انا بنفسي اللي هجيبها”
لم ترضيها إجابته ولم يرضيها جلوسها هنا بل اى نفسية تجلس لتحسنها وقد ذادت حالتها سوءاً منذ أن جاءت! إن كانت ترى حالتها قد تحسنت بالفعل لتركتها على راحتها وهذا شجعها على موقفها وهي تهتف:
“بس انا مش شايفاها أتحسنت من وقت ما جات بالعكس يبقى ملوش لزوم قعدتها هنا وترجع بيتها”
هزت رأسها بالنفي وقد شحب وجهها من فكرة عودتها مرة أخرى وكأن منزلها أصبح وحش بالنسبه لها يريد أن ينقض عليها لذا أردفت بتصميم وهي تقول برفض تام:
“لا لا انا كويسة هنا انا مش عايزة اروح هناك”
وقفت حكمت أمامها مباشرة وقد بدت تنزعج من تصرفاتها ورغم ذلك ظلت محافظة على هدوئها وإتزانها
ثم تحدثت بحزم قائلة:
“أفهم من كدا إنك عايزة تطلقي فعلا زي ما بيقولوا”
توسعت عيني عمر بصدمة ويرفض هذه الفكرة وقبل أن يتدخل أشارت له حكمت بيدها كي يصمت ثم عادت بنظرها إلى روان التي كانت تجلس وهي منكمشة على ذاتها تكرر عليها الحديث مجدداً بصيغة أخرى وهي تقول:
“كلمة واحدة يا روان اه ولا لأ!؟”
لم يكن لديها الشجاعة الكافية لتجيب على سؤالها كل ما إستطاعت فعله أنها هزت رأسها بالموافقة وأنها بالفعل تريد الطلاق بينما حكمت لم تأخذ بإشارتها بل تمهلت رويداً وهي تقول بهدوء:
“لأ.. عايزة أسمعها منك”
هنا ولم تعد قادرة على التحمل أكثر لتصرخ بوجهها وهي تقول ببكاء ممزوج بغضب وقد تحولت عيناها تماما:
“ايوة عايزة أطلق عايزة أطلق”
وما إن أنهت عبارتها حتى وضعت يدها على وجهها وقد أخذت تبكي مجدداً بينما عمر اقترب منها معتذراً وهو يقول بلهفة:
“انا آسف بالنيابة عنها يا طنط هي بس نفسيتها تعبان..”
قطعت حديثه بعدما حملت حقيبتها ثم تحدثت قبل أن ترحل:
“نفسيتها ملهاش علاقة باللي هي بتعمله يا عمر ولا انا ولا ابني قصرنا معاها في حاجه”
ثم إستدرات إليها قليلاً تنظر لها نظرة أخيرة وهي تقول:
“خليكي فاكرة إنك انتِ اللي خربتي بيتك بأديكي ياروان”
رحلت غاضبة دون أن تسمع حديث عمر او تلتفت إليه وما ما خطت خارج الغرفة حتى وجدت ناريمان التي تطالعها بشماته تقول:
“ياريت تخلى ابنك عنده كرامة بقى ويطلقها أديكي سمعتيها بنفسك”
تجاهلتها حكمت ورحلت دون أن تجيب عليها بينما الأخرى ما إن تأكدت من رحيلها حتى دلفت إلى روان المنهارة تهدئها ثم أردفت:
“أحسن حاجه تعمليها إنك تطلقي منه دول عالم معقدة وهم اللي وصلوكي لكدا بتشددهم دا”
زفر عمر وهو يمسح على رأسه بغضب حتى وقف أمام والدته وهو يقول بعصيبة شديدة:
“لأ يا ماما مش عالم مقعدة ولا هم اللي وصلوها لكدا.. هو دا زين نفسه اللي وقف جنبها وقت مرضها ومسبهاش لحظة وهو اللي فضل وراها لما أتخطفت
وهو نفسه اللي طول عمره بيهتم بيها بس الظاهر إن أهتمامه بيها ودلعه الذايد هو اللي وصلها لكدا”
كان يشعر بالغضب الشديد وهو يراها تخرب حياتها بهذا الشكل وليس راضِ عما تفعله لإنه يدرك أنها بدون زين لن تكن سعيدة بتاتا.
ظل يأخذ أنفاسه بشدة ثم تابع حديثها وهو يقول بغضب:
“عايزة تطلقي منه! حاضر انا بنفسي اللي هجيبه وأخليه يطلقك ومترجعش تزعلى لما يتجوز اللي تحافظ عليه وتقدره ووقتها متبقاش تلومي إلا نفسك”
وضعت يدها على رأسها كي لا تسمع حديثه ثم أخذت تصرخ به كي يصمت فهي لن تقبل بأن يتركها ويذهب لغيرها رغم أن هذا ما تريده! ما عادت تفهم ما يدور حولها ولا ماذا تريد وهل زين حبيبها ام عدوها!.
ظلت تصرخ وهي تلقى كل شيء حولها وكانت بحاله يرثى لها مما جعل عمر يقترب منها برعب عندما رأى حالتها هكذا ثم قيد حركتها وللعجيب أنها دفعته بقوة أسقطته أرضاً جعلته يتأوة بصدمة.. تلك الدفعة التي تلقاها من المستحيل أن تكون من هذا الجسد النحيف الذي أمامه بل أن تكون من رجل حتى!.
وقبل أن يقترب منها مجدداً هتفت والدته قائلة:
“أبعد عنها ياعمر وسيبها في حالها.. أهدي يا روان أهدي ياحبيبتي واللي انتِ عايزاها انا هعملهولك.. انا معنديش أعز منك انتِ وأمك الله يرحمها”
ظلت تهدي بها حتى أستكانت حركتها وهدئت وأنفاسها عالية بشدة فتركتها وذهبت تفعل شيء ما بعدما أتخذت قرارها بينما بقى عمر ينظر إليها بيأس وتعب شديد حتى أقترب منها يجلس جوارها ثم همس بأسمها:
“روان”
لم تجيبه بل أحتضنت وسادتها وقد أنكمشت على ذاتها أكثر تريد لو تهرب من الجميع بينما عمر وضع يدها يمسح على رأسها وهو يقول:
“انا زعقت من خوفي عليكي انا مش ق…”
قاطعته وهي تبعد يده عنها بقوة هاتفه ببكاء:
“أبعد عني محدش ليه دعوة بيا انا بكرهكم كلكم”
توقفت عن الحديث وقد عم السكون في المكان إلا من صوت شهقاتها حتى تابعت بألم:
“وبكره نفسي انا كمان”
سقطت دمعة من عيني عمر وهو يشعر بالعجز ومازال يجهل السبب الذي أوصلها إلى تلك الحالة فمها كان تعلقها بوالدتها ما علاقته بأن تتصرف هكذا!؟.
لم يتحدث بل ظل جالساً جوارها حتى ذهب في سباتِ عميق فقد كان يشعر بالإرهاق الشديد حتى أنه نام دون أن يشعر ولا يعلم كم من الوقت مر عليه ولكنه يشعر بأنه نام كثيراً وعندما أستيقظ لم يجدها جواره مما جعله يعقد حاجبه بتعجب فهي منذ أن جاءت من أيام وهي تمكث في غرفته ولا تغادرها مطلقاً وقبل أن يذهب للبحث عنها دخلت والدته إلى الغرفة بهدوء وهي تقول:
“أطلع علشان تسلم على أخوالك”
نظر إليها بتعجب من مجيئهم في هذا الوقت المتأخر من الليل فسألها وهو ينظر إلى ساعته قائلاً بقلق:
“جايين دلوقتي ليه وبعدين فين روان”
“جم علشان ياخدوها تقعد هناك ومصممين يطلقوها”
توسعت عيني عمر بصدمة وهو يطالع والدته بعدم إستيعاب حتى قفز من مكانه وهو يقترب منها قائلاً:
“انتِ اللي قولتيلهم ياماما”
هزت رأسها وهي تقول بنبرة عالية:
“أيوة.. امال عايزيني أشوفها بتموت قدامي بالبطيء وأسكت! أفهم بقى هي خلاص مش عايزة تعيش معاهم تاني وخالك عاصم بالذات ما صدق وجه علشان ياخدها وهي طول ما هي هنا وهو هيحاول يرجعها ليه وهي مش عايزة”
هز رأسه بالنفي لا مستحيل أن يتركها تذهب والاهم أنها هي أيضاً بالتأكيد لن تذهب فرفع رأسه وهو يقول:
“روان مش هتوافق طبعا”
أبتسمت والدته بسمة صغيرة أعلمته جيداً موافقتها ثم هتفت قبل أن ترحل:
“روان قاعدة معاهم برة علشان تمشي”
تراجع عمر للخلف وهو يشعر بالتشتت والتوهان ويعلم بأنها إن ذهبت معهم لن يتركوها تعود إلى زين ابداً لذا أول شيء أتى على ذهنه هو أن أخرج هاتفه من جيبه مسرعاً ثم هتف بلهفة:
“الحق روان يازين بسرعة عايزين ياخدوها”
لم ينتظر أن يفسر له الأمر بل خرج مسرعا يبحث عنهم فوجدها ترتدي ثيابها ونقابها وعلى استعداد للرحيل ويجلس خاله الأكبر عاصم وابنه محمود الذي يكبر عمر وخاله الأوسط معتز فالقى عليهم السلام ثم جلس جوارهم حتى تحدث خاله عاصم قائلاً:
“احنا جايين ناخد روان وهنطلقها من جوزها”
نظر له عمر بغضب مكتوم ثم أردف بضيق قائلاً:
“روان أختي وسواء أطلقت او لا مش هتتحرك من هنا”
هز خاله رأسه وهو يقول بتأييد:
“هي أختك وانا خالها ياعمر وبعدين انت مش شايف حالتها هنا عامله ازاى!؟ مستنى لما تموت مننا ولا اى”
نظر لها عمر قليلاً ثم عاد ببصره نحو خاله وهو يقول:
“والله أظن نفسيتها بسبب الظروف اللي هي بتمر بيها
وانا قادر أخلى بالي منها كويس يا خالي شكراً لتعبك معانا”
وقف عاصم من مكانه ثم أردف بعصبية شديدة قائلاً:
“وانا مش هسيب بنت أختى تموت قدامي زي ما سبق وسبت أمها تعمل اللي في دماغها وأتجوزته لكن مش هكرر غلطي مرتين وبعدين هي عايزة تيجي معانا”
نظر إليها ينتظر ردها بينما هي كانت شاردة تشعر بالضياع الشديد ورغم ذلك أومأت له بالموافقة دون أن تدرك عواقب ما تفعل بل كل ما تريده فقط أن ترحل من هنا وتذهب إلى مكان بعيد لا يعرفها فيه أحد.
بينما عمر لم يأخذ على كلامها وهو يوجه حديثه إلى خاله بصوت مرتفع قائلاً:
“هي مش عارفه مصلحة نفسها وانا مش هسيبها مهما كان”
“عمرر أسمع كلام خالك عاصم وسيب البنت تمشي معاه مش شايف حالتها عاملة ازاى!؟”
تحدث خاله الآخر معتز بينما عمر نظر إلى محمود ساخراً وهو يقول:
“وانت يا حودة مش عايز تقول حاجه!”
نظر له محمود ببسمة سمجه دون أن يعلق وقد كان عمر ينظر إليهم بغضب ورغم ذلك حاول التحكم بأعصابه فهو يعلم بأنهم إن أصروا على شيء لن يرحلوا إلا اذا فعلوه..
“انا قولتلكم يا خالي روان أختي ومش هسيبها تمشي من هنا ولو انتوا حابين تقعدوا معانا مفيش مشاكل تنورنا”
تحدثت والدته هذه المرة وهي تقترب منهم قائلة:
“سيبها ياعمر تمشي معاهم لحد ما تتحسن وانت عارف خالك عاصم هيهتم بيها اد اى”
كانت تتحدث بصدق فقد كان عاصم أكثرهم تعلقاً بعفاف أخته والذي قاطعها عندما زوجت بوالد روان كما فعل الجميع بسبب رفضهم له وإصرارها عليه حتى بعد وفاته رفضت الذهاب ليهم وبقيت بمنزلها وأصبحت علاقتها معهم بعيدة إلا من زياراتهم لها كي يرون أبنتها روان وقد حرصوا على أن تظل على علاقة بيهم.
أقترب عاصم منها يرتب عليها ثم أمسك يدها وهو يهتف بحزم:
“يلا ياروان علشان نمشي”
وقف عمر أمامهم بتصميم وهو يحاول أخذها منه قائلا:
“انا لحد دلوقتي ماسك نفسي وبتكلم بحترام وقولت هي مش هتتحرك”
أمسكه محمود يبعده وهو يقول بحزم:
“بابا قرر خلاص يا عمر ولو حابب تيجي تعالى معاها لكن من هنسيبها هنا لحد ما تتعب أكتر من كدا”
صمت قليلاً ثم نظر إليه وهو يتابع:
“ولا انت بقى حابب تخليها هنا علشان ترجعها غصب عنها لجوزها اللي الله اعلم عمل فيها اى علشان يوصلها للي هي فيه”
“وتطلع مين انت علشان تقرر مراتي هترجعلي ولا لأ”
التفتوا جميعاً حول مصدر الصوت فكان زين يقف عند مقدمة الباب يطالعهم بغضب شديد بينما عمر تنهد براحه ما إن رآه وقد شعر بالإرتياح لتمسكه بها.
دخل زين بهدوء حتى وقف أمامهم قائلاً بإصرار ونبرة عالية:
“روان لسه على ذمتي.. وطول ما هي مراتي محدش ليه حكم عليها اي أن كان هو مين”
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
فتحت عيونها بوهن وهي تشعر بالألم الشديد في جميع أنحاء جسدها فتأوهت بتعب وهي لا تستطيع التحرك فنظرت حولها فوجدت جميع الجدران بيضاء وهناك أجهزة حولها فعلمت أنها بالمشفى ولاتدرى كيف جاءت إلى هنا.
فجأة وجدت الباب يُفتح ويندفع منه زين بهلع وهو يقترب منها يتفحصها قائلاً:
“عايدة عايدة انتِ كويسه اى اللي حصل ومين اللي عملوا فيكي كدا احنا قلبنا الدنيا كلها عليكي”
كان يتحدث بلهفة ومازال لا يصدق عندما هاتفه أحدهم يخبره أنها بالمشفى بعدما أفتقدوها لسنة كاملة لا يعلمون عنها شيء ورغم أن زين لم يكن كبيراً وقتها بل مازال في مرحله الجامعة إلا إنه تصرف بتمهل ولم يخبر أحد كي لا يبصرونها بتلك الهيئة.
ظل ينظر إليها ويتفحصها برعب وهو يرى جروح وجهها التى أخفت ملامحها تماما وجسدها الملىء بالجروح والكدمات وحالها يثرى له يالله ما الذي حدث معها كى تصل إلى تلك الحالة!؟.
دخل الطبيب فوجد زين يحاول أن يطمئن عليها وهو يكاد يجن فاقترب منه وهو يقول بهدوء:
“حضرتك تقربلها”
هز زين رأسه وهو يقول بلهفه محاولا الأستفسار عما حدث معها:
“هي.. هي حالتها اى يادكتور ومين اللي جابها هنا”
“أتفضل معايا بره الأول”
خرج زين معه وقلبه ينبض بعنف فمنذ أن تزوجت ولا يعلمون عنها شيء وقد يأسوا في العثور عليها وعندما يجدوها تكون بتلك الحاله! أبتلع ريقه وهو ينظر إلى الطبيب ينتظره أن يخبره حالتها وياليته لم يفعل.
“للاسف هي أتعرضت للتعذيب لفترة كبيرة لدرجة إن جسمها متحملش كل اللى حصلها.. وكمان أتعرضت لإعتداءات كتيرة ودا خلاها تدخل في صدمه.. احنا لازم نبلغ البوليس”
توسعت مقلتي زين بصدمة وهو يتراجع قليلا إلى الوراء حتى شعر بأن الدنيا أسودت من حوله هو حتى يجهل كيفيه العذاب التى تعرضت له.. بل اى عذاب يوصلها إلى تلك الحاله!.
جلس على أقرب مقعد أمامه ثم وضع رأسه بين كفيه وأخذ يبكي لطالما كانت عايدة مقربه له ولم يعتبرها يوما خالته بل أتخذها صديقته فهما من نفس العمر..
لقد أمنتعت عن الكلام ولم تتحدث بشيء ومازال ما حدث معها لغز حير الجميع وبعدما قد بدأ جسدها في التعافي قليلاً علم الجميع بحالتها وقد كانت صدمة كبيرة عليهم.
تم نقلها إلى مستشفى الأمراض النفسية والعقلية حتى تعود كما كانت والغريب في الأمر هو تلك الرسالة التي ظلت طوال فترة إقامتها تتلقاها دوما..
كانت تستيقظ من نومها فتجد تلك الورقة مطوية بجانبها وكلما فتحتها وجدت بها نفس الكلام دون تغيير
(لو مخدتيش حقك منهم انا بنفسي اللي هخلص عليكي)
لم تكن تهتم بها ولا تكثر لها رغم أنها تتلقاها يوميا حتى مر ثلاثة سنوات وهي على نفس حالتها ولكن في اليوم الأول من السنة الجديدة تغيرت هذه الرساله قليلا عن كل مرة سابقة.
(لو مخدتيش حقك منهم.. انا بنفسي اللي هخلص عليكي
آخر يوم قدامك هو النهاردة)
ورغم أنها طوال الثلاث سنوات كانت تنتظره يأتي وينفذ تهديده ويخلصها من هذا العذاب إلا أنها شعرت بأن حان الوقت بالفعل كي تأخذ حقها.. فها هم من فعلوا بها يحيون حياة سعيدة وهي تجلس هنا وحيدة بعدما أنعزلت عن العالم!.
خرجت من المشفى وقد أستقلت مكان خاص بها دون أن يعلم أحد وقد بذلت قصارى جهدها حتى التحقت بكلية الشرطة وتركت جامعتها وبدأت بالإجتهاد كي توقع شباكهم جميعا وقد كانت تعلم عنهم كل صغيرة وكبيرة
وطوال سنين كليتها تتابعهم من بعيد دون أن يعلمون عنها شيء حتى أوقعت بهم جميعا عدا شخص واحد…شخص واحد لم تسلمه للشرطة بل كان هذا هدفها الأساسي.. لقد قتلته بأبشع الطرق كما فعل معها تماما.. لوثت يدها بدماؤه ولكنه كان يستحق..
فاقت من شردوها على صوت أقدامه تقترب منها وقد كانت حينئذن تشعر بالغضب الشديد لذا ما إن وقف أمامها حتى أردفت بقوة:
“ممكن أفهم نهاية اللعبة دي اى وجبتني ليه”
🌸سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم🌸
“طب ولو هي مش عايزاك!؟ هتخليها تعيش معاك بالغصب برضو!؟”
أردف عاصم بغضب وهو ينظر إلي زين الواقف أمامه بثبات ولكنه لم يهتم بينما زين أردف وهو يطالعه قائلاً وهو يضغط على أسنانه:
“هي مش واعية للي هي بتعمله واظن منقدرش نحكم عليها هي عايزة اى في بحالتها دي”
“وهو مين اللي وصلها للحاله دي مش انت! جبتلها عقدة وكرهتها في نفسها ياخي عايز منها اي تاني وعاملي فيها شيخ ومش شيخ… مش المفروض برضو يا شيخ متقعدش معاك واحدة بالغصب وهي كارهك”
قطع حديثه يلتفت إليها كي تؤكد كلامه بينما هي أبعد ما تكون معهم فقد كانت تشعر بالضياع والتشتت وأيضا تشعر بالنفور من الجميع وبالأخص منه..
هزت رأسها بالموافقة ثم أردفت وهي تقول مبتلعه ريقها:
“ايوه.. مش عايزة أعيش معاه”
أغمض زين عينيه وقد تأكد من شكوكه وأنها بالفعل بها شيء ورغم ذلك لم يفصح عما بداخله لعدة أسباب فسمع صوت عاصم الساخر وهو يقول:
“أديك سمعت بنفسك ياريت تخلى عندك دم وكرامة بقى وتطلقها”
بينما زين كان قد وصل إلى أعلى مراحل غضبه وقد نفذ صبره وفشل في التحكم بأعصابه حتى هتف أمامها بصوت مرتفع وهو يصرخ به قائلاً:
“وانا قولت طول ما هي مراتي محدش ليه دعوة بيها ومش هطلقها غير لما أكون عايز”
ثم أقترب منهم ساحباً إياها عنوه وهي تحاول الإبتعاد عنه فاقترب منه عاصم يأخذها منه مجدداً وقد أشتبكوا جميعاً حتى سمعوا صوتاّ من خلفهم يهتف قائلاً بنبرة عالية:
“فيه ايه.. ا اللي بيحصل هنا دا”
دخل السيد والد عمر وقد فهم ما يدور بالداخل بعدما عاد من سفره فأقتربت منه ناريمان كي تراه بينما هو تجاهلها وهو يتقدم نحو عاصم قائلاً:
“فيه اى يا عاصم هي الأمور بتتحل بالشكل دا برضو!”
نظر عاصم والذي كان يشعر بالغضب الشديد ثم هتف وهو يقول بعصيبة:
“بنت أختى وهاخدها يا سيد وبعد أذنك متدخلش.. انت مش شايف حالتها عامله ازاى وبعدين هي مش عايزه ترجعله”
بينما سيد والذي كان يهابه الجميع دوماً عند غضبه وقف أمامه ثم أردف بهدوء كي لا تسوء الأمور تعقيداً وهو يقول:
“تقوم تيجي تاخدها من بيتي بالشكل دا وكمان تاخدها بالعافيه من جوزها!؟ وانا وانت عارفين هي أد اى بتحبه ودا نفسه الراجل اللي وقف جنبها ومسبهاش ولا انت عايز تاخدها علشان تعوض غياب عفاف بعد ما أتجوزته بدون موافقتكم على حساب الغلبانة دي!؟ فوق ياعاصم وأعقل اللي انت بتعمله”
“متفتحش في اللي فات ياسيد انا مبعملش دا إلا لمصلحتها”
“وانت عارف إن مصلحتها مع جوزها ودول شوية خلافات بينهم وهتتحل”
هز رأسه بالنفي ولم يعجبه الحديث حتى هتف قائلاً بعناد:
“ولحين ما الخلافات دي تتحل هاخدها عندي تريح نفسيتها”
جلس السيد على المقعد ومازال يشعر بالإجهاد من سفره ثم أردف وهو يقول:
“وبيتي مفتحوحلها تقعد تريح نفسيتها فيه ولا انت ناسي انها كانت أخو ابني الله يرحمه في الرضاعة!؟”
“بس…”
قاطعه السيد وهو يهتف بقوة ناهياً الحوار وهو يقول:
“شرفتونا يا عاصم ياريت تبقى تكرر الزيارة”
أشتعل الآخر غضباً ولم يقوى على الرد وهو يعلم عناد سيد جيداً ورغم أنه زوج أخته إلا إنه يهابه ويخشى غضبه لذا رحل غاضباً بعدما أخبره أنه سيعود مجدداً وإن لم تتحسن سوف يأخذها معه.
تنهد السيد أخيراً براحه بعدما رحلوا ثم زفر وهو يقول:
“ياستير عليكم عيله غم”
رفع رأسه نحو روان والتي كانت تريد الذهاب معهم ثم هتف وهو يوجه حديثه إلى عمر قائلاً:
“خدها ياعمر ترتاح وشيلها البتاع اللي على وشها دا علشان متتعبش”
أومأ له عمر وهو يزفر براحه فقد أتى والده بالوقت المناسب ثم أخذها إلى غرفته مجدداً بينما زين تقدم منه وهو يقول بإمتنان:
“شكراً ياعمي سيد”
أبتسم له الآخر وهو يربت على كتفه ثم أردف قائلاً:
“متشكرنيش يابني معملتش حاجه”
تنهد يأخذ أنفاسه بتعب ثم تابع حديثه وكأنه تذكر شيء هام:
بس لو عايز تشكرني فعلا وتعمل فيا معروف تاخد مراتك وعمر ابني وتكمل المعروف وتاخد ناريمان بالمره وسيبوني أرتاح”
أبتسم زين على مزاحه فرغم أن السيد شديد الغضب إلا إنه مرح للغاية وقد ورث منه عمر هذا بينما ذهب زين نحو غرفتها وترك معه ناريمان الغاضبة على ما فعل وهي تلومه وبشدة.
تقدم زين نحو الغرفه وهو يحمد الله بأنهم ذهبوا دون أن يتطور الأمر فهو ما كان ليتركهم أن يأخذوها حتى لو وقف أمامهم جميعاً ما كان يعركله ويقيده هو رفضها ونفورها منه وإلا لكان أخذها من بينهم عنوة.
فتح الباب الغرفة بهدوء بينما هي ما إن رأته حتى أنتفضت من مكانها وهي تنظر له برعب شديد وقد أدركت أنه اتى كي يخلص عليها ويزهق روحها بينما هو دقق النظر في عيناها جيداً فلم تكن عيني زوجته التي يعرفها بل عيني شخص آخر هو من يسيطر عليها.
أخذ يتقدم منها وكلما أقترب كلما تراجعت إلى الوراء حتى تشبثت بملابس عمر قائلة برعب وهي تصرخ به:
“لا لا ياعمر أبعده عني”
🌸اللهم صل وسلم وبارك على محمد🌸
أقتربت حور من ليث الجالس على المقعد ولم ينم بعد وقد تأخر الوقت فجلست جواره وهي تقول بلطف:
“صاحي لحد دلوقتي ليه يا ليث!؟”
نظر إليها فكان يبدو على ملامحها أثر النوم لأنها استيقظت للتو بعدما لم تجده بجانبها فأجابها وهو يقول بهدوء:
“مش جايلي نوم”
“علشان سهران بتفكر وشاغل دماغك”
أبتسم بسخريه وقد باتت ملامحه حزينه وهو مهموم لكثرة المشاكل التي تحدث معه وتأتي هي بالأخير وتلومه لأنه يفكر!.
“المفروض أعمل اى يا حور أكبر دماغي وانام بسهوله كدا وأسيب كل حاجه تخرب حواليا”
هزت رأسها بالنفي وهي تشعر به جيداً وما يمر به ليس بهين فتحدثت معه تحاول طمئنته وهي تقول:
“لأ مش كدا.. انت يعني لما تفضل قاعد كدا الأمور هتتحل!؟ ربنا موجود متشلش هم سيب الأمور تمشي زي ما هي وربنا مش هيضيعك صدقني علشان انت عملت اللي عليك وماقصرتش.. كنت تزعل لو انت قصرت بس انت فعلا مقصرتش في حاجه أعتبر دا ابتلاء من عند ربنا ولازم تصبر”
هز رأسه وهو يوميء لها مؤكداً حديثها قائلاً:
“انا صابر يا حور مين قال إني مش صابر!؟ بس بحاول الاقيلها حل مينفعش أفضل ساكت كدا”
“فيه فرق يا ليث ما بين إنك صابر علشان مفيش في أيدك حاجه تعملها وبين إنك صابر علشان انت راضي من جواك بكل اللي بيحصل معاك وعارف إنه الخير ليك وعندك ثقة بربنا إنه مش هيخذلك ابداً”
“واى اللي فيه أيدي إني أعمله طيب”
أبتسمت بعدما أخذ يجاريها في الحديث وقد وصلت إلى النقطة التي تريدها فهتفت بهدوء وهي تقول بلطف:
“الدعاء يا ليث… الدعاء أقوى سلاح في أيدك وهو اللي هيحل ليك كل مشاكلك.. فيه قصه انا بحبها اوى كان فيه صحابي معروف المهم كان جالس مره فجاله زي هاتف كدا بيقوله وكأن حد بيهمسله يروح مكان معين فهو أنتفض من مكانه وقام يجرى يشوف مين اللي عايزه في المكان دا لدرجه يجيله زي وحي في خياله يبعته وخد اموال معاه فلما راح هناك لقى راجل واقف يدعي ربنا ويبكي ومحتاج مبلغ معين وواقف يشتكى لربنا ويدعيله فراح اداله الفلوس وعرف إن دعاء الراجل دا هو اللي جابه على ملى وشه كدا وبعد ما الراجل خد الفلوس الصحابي دا قاله لو احتاجت فلوس تاني تعالى قولي وأسال بس على فلان الفلاني والف مين هيقولك مكاني..،
تخيل الراجل رد قاله اى! قاله لأ مش هجيلك انا هروح لربنا اللي بعتك ليا.. انت متخيل من قوة إيمانه بيلجأ لربنا بس لإنه سبحانه هو الرزاق وهو اللي بيده كل شيء
ف متشلش هم وربك موجود…
وبعدين دا احلى وقت تدعي فيه ربنا وهو سبحانه بيقول أدعوني أستجب لكم ربنا حاشاه يرد عبد خائب رفع يده يدعوه لإنه رحيم بينا ف متيأسش وأدعي ربنا وسيبها على الله..”
“تنهد ليث وقد شعر بالراحة وقد ذاد إيمانه في هذه اللحظة.. يالله نحن إناس يقل ويذداد إيماننا في لحظات فقط نحتاج من يذكرنا دائما بالله عز وچل حتى يثبت إيماننا..
لقد كان ليث محظوظ بزوجته حور… نعم هو لديه العديد من المشاكل التي يمر بها إلا إنها دوما تهون عليه وهذا الجانب الإيجابي من حياته ففاق من شروده على صوتها وهي تقول ببسمة:
“قوم نصلي ركعتين قيام وأدعي ربنا كتير بكل اللي انت عايزه وأطلب منه ما تشاء وأفضل لح في دعائك ربنا سبحانه وتعالى بيحب العبد الحوح”
لم يكن قادراً على فعل ما تقوله وهو يشعر بالتعب والضيق ولكن مع إصرارها قام من مكانه بتكاسل ثم ذهب يتوضأ ووقف يصلى بين يدي الله وقد ذهب عنه ضيقه وكيف لا وهو يقف أمام رب الناس!؟.
🌸سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت.. أستغفرك وأتوب إليك🌸
أخذ يتقدم وهي مازالت تتراجع حتى تشبثت بملابس عمر وهي تقول برعب:
“لا لا أبعده عني ياعمر”
بينما وقف عمر يطالعها بريبة من تصرفاتها التي فاقت كل الحدود فأردف وهو يقول:
“أهدي يا روان دا زين… دا زين حبيبك اللي طول عمرك بتحبيه”
هزت رأسها نافيه بهستريا وقد شحب وجهها بشدة حتى تحدثت وهي تقول بخوف:
“لا لا هو.. هو جاى علشان يموتني”
هنا أدرك عمر أنها قد جُنت بالفعل وقبل أن يستفسر عما تقول كان زين قد تقدمها منها حتى أمسكها بقوة وهو يكتف جسدها قائلاً بحنان لا يتناسب مع تقيده لها:
“انا اسف…،أوعدك إن كل شيء هيرجع زي ما كان”
وما إن أنهى حديثه حتى أجلسها بالقوة على الفراش ثم وضع يده على رأسها وقد أخذ يتلو بعض آيات الله فبدأ بالفاتحة ثم الإخلاص والمعوذتين ثم آيه الكرسي وخواتيم سورة البقرة..
كان جسدها يرتجف بشدة بين يديه وهي تحاول الفرار منه وكل هذا تحدث نظرات عمر المصدومة والذي يجهل كل ما يحدث معها وعندما بدأت بالصراخ أقترب منها فأشار له زين بالإبتعاد ثم تابع التلاوة وبدأ بآيات السحر.
(واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون)
(فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ..)
(فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)
ظل يكرر هذه الآيات وبعض الآيات الأخرى بينما هي ظلت تصرخ حتى بدأ صوتها يتغير تدريجيا وأصبح صوت مخيف تماماً وليس بصوتها بل صوت أشبه بمن يسارع للابقاء واوشكت روحه على الإنتهاء.
اما عنها فلم تكن تستوعب شيء حولها ولا تشعر بهم حتى بل ترى غمامه سوداء أمامها وكأن أحدهم يسحبها إلى بئر عميق حيث الظلام وكلما حاولت الخروج كلما سحبها إلى أسفل.
بينما ظل فمها مفتوحا يخرج منه هذا الصوت رغم أن لسانها لا يتحرك بل كان مشهد مهيباً بحق وقد جعل عمر يتهاوى على المقعد وهو يبصر ما يحدث لأول مرة بحياته.. بل هو من اولئك الذين لا يصدقون تلك الخرافات ولولا أنه رأى بعينه ما كان ليصدق ما حدث.
تابع زين القراءة بصوتِ أعلى وكلما أرتفع صوته كلما ذاد نحيب الصوت الذي بداخلها حتى بدا يعوي من شدة ما يحدث ورغم ذلك لم يخرج بل أستمر الوضع أكثر من قرابة ساعتين فأمسكها زين من رقبتها في محاوله لخنقها وهو يقول:
“هتخرج منها ولا أحرقك!؟”
لم يجيبه بل ذاد نحيبه وذاد ضغط زين على رقبتها حتى هتف بثبات وهو يقول:
“أقسمت عليك بالله أن تخرج من هذا الجسد ولن أذيك”
أخذ جسدها يرتجف بحركات هستيرية وزين يكّبر ويذداد ارتجاف جسدها حتى تحدث زين إلى عمر قائلاً:
“هاتلي ولاعه يا عمر وورق.. علشان انا هحرقه نفسي”
ذداد هذا الصوت أكثر بينما عمر يقف أمامه وكأنه لم يسمع شيء فأعاد عليه زين طلبه بصوت مرتفع حتى تحرك عمر بصعوبة شديد يجلب ما طلبه وقد بدأت الأمور تضح أمامه وقد بدا هذا سبب مقنعا لتصرفاتها.
عاد إليه بعدما جلب له ما يريد ثم أعطاه إلى زين الذي أخذهم منه ثم قام بإشعال تلك الورقة وأنتظر حتى أنطفأت النيران وبدا يخرج منها هذا الدخان حتى قربه من أنفها وفمها فما أستطاعت التنفس واذدادت حركات جسدها فأخذ زين يتلو الآيات مجدداً وهو مازال يضع الدخان على أنفها حتى أرتفع صوت صراخه بشدة وقد تحدث أخيراً:
“لا لا مش قااادر مش قااادرر”
ذاد زين من ضغطه وهو يقول بقوة:
“أخرج منها علشان أسيبك”
أجابه نفس الصوت بنبرة اعلى وهو يقول بتألم شديد وكأن أحدهم يحرق جسده قائلاً:
“مقدرش مقدررش مش بإيدي”
جاره زين في الحديث وقد أدرك أنه معقود بجسدها فسأله وهو يقول بهدوء:
“عايز منها ايه!؟”
لم يجيبه فضغط عليه زين أكثر ثم سأله مجدداً وهو يقول:
“عايز اى علشان تخرج منها وتسيبها!؟”
“أدخل فيك انت”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى