روايات

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل السابع 7 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل السابع 7 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الجزء السابع

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني البارت السابع

وسولت لي نفسي الجزء الثاني
وسولت لي نفسي الجزء الثاني

رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الحلقة السابعة

‏لا يُوجد سَكَن لحيَاة الإنسَان إلّا مَع زَوجه.
طالعته «سهير» بصدمة وهي لا تستوعب بأن الذي تقدم لخطبتها هو نفسه الشاب الذي رأته يوم زفاف صديقتها وساعدها عندما تعطلت سيارتها.. لتتوسع عيناها بدهشة وهي تقول:
“انت!”
تعجب «أحمد» من معرفتها به وأنه لأول مرة يراها ولكن تلك النبرة لم تكن غريبة عليه بل حفظها عن ظهر قلب ليتحدث هو الآخر بصدمة قائلاً:
“معقول!!”
تسارعت دقات قلبه بعنف وهو ينظر لها.. هل أستجاب الله دعواته ورآها مرة أخرى بل ويجلس أمامها في رؤية شرعية ويرى وجهها!! … لقد هربت الكلمات منه ولم يعرف ماذا يقول، بينما هي أبتسمت بصدق وهي تنظر له دون أن تتحدث، رغم أنها لا تتذكر أنها فعلت شيء جيد
كي يتقدم لخطبتها شاب مثل «أحمد» …
ليقول بتوتر وهو مازال ينظر لها:
“انتِ اللي شوفتها يوم الفرح صح!!”
هزت رأسها بإيماءة بسيطة وهي تبتسم ليجيبها وهو يقول بفرحة فشل في إخفائها:
“دي كانت أحلى صدفة في حياتي”
توسعت بسمتها خجلاً حتى ظهرت تلك النغزات التي تزين وجهها مما ذادها جمالاً رغم أنها ليست شديدة الجمال بل هي فتاة متوسطة الجمال ذات بشرة قمحاوية وعيون بُنية
لم يكن بها اى شيء يميزها عن غيرها إلا أنها بدت له جميلة وملامحها أكثر من مقبولة بالنسبة له وهذا ما يريده…
أراد أن يخبرها كم تمنى رؤيتها مرة أخرى وأنها حُفرت في عقله ولم يستطيع إخراجها ولكنه حبس كل ذلك في صدره حتى يأتي الوقت المناسب ووقتها لن يمنعه شيء
ليتحدث بشيء من الجدية والوقار كي يعرفها عن نفسه قائلاً:
“انا أسمي أحمد عندي 29 سنة وشغال مُدرس وعندنا محل بديره مع والدي في الأجازة ليا شقة خاصة بيا فوق بيتنا لإني مش حابب أبعد علشان انا ولد وحيد
عايش مع والدي ووالدتي وعندي أخت أصغر مني اللي شوفتيها معايا يوم الفرح..
بفضل الله مواظب على الصلاة في المسجد وخاتم القرآن وبخرج كل فترة مع الشباب في سبيل الله بس مش عارف اقول اى تاني”
كانت طوال حديثه مبتسمة ثم توسعت بسمتها شيئاً فشيء عندما أخبرها أنه يخرج في سبيل الله
يا الله كيف تتغير أحلامنا إلى هذا الحد؟ فعندما كانت صغيرة كانت تتمنى شاب بمواصفات خيالية مثل أبطال الروايات أن يكون طويل مفتول العضلات ذو جسد رياضي وأن يكون معروف بلا شك ولديه الكثير من الاموال ووسيم ولديه شعر طويل تتهافت عليه الفتيات وغيره…
اما الآن!. فقط تريده شخصاً سوياً يخاف الله ويتقى الله فيها ويحافظ على صلاته ويقرأ ورده ويعيشون في هدوء وسكينة بعيداً عن حياة المظاهر والمال…
بدأت تتحدث وهي تعرف نفسها قائلة بتوتر وخجل:
“أسمي سهير تمت 21 سنة وماشية في 22 بدرس في كلية الألسن وبقايلي سنة واتخرج… أنتقبت من قريب لاني مكنتش ملتزمة وبصلي الحمد لله وبحفظ قرآن بس لسه مش خاتمة انا بنت وحيدة ومليش اخوات..”
أنتهت من حديثها ثم رفعت وجهها له لتجده ينظر لها ببسمة فأخفضت وجهها مجدداً بخجل لتسمع صوته وهو يسألها قائلاً:
“عايزة تتجوزي ليه؟..اى مفهوم الزواج بالنسبالك”
أخذت نفساً عميقاً وهي تتنهد براحة ثم أجابته بصدق وهي تقول:
“علشان يكون ليا ونس وأحس بالراحة واكون مع شخص يراعي ربنا فيا…عايزة احس إن فيه شخص عايزني وانا عايزاه عايزة اتزوج علشان يكون عندي أسرة وبيت وعيال أهتم بيهم وأربيهم صح وأحفظهم قرآن وأقعد احكيلهم قصص عن الرسول والصحابة وأعلمهم ازاي يطلعوا رجالة صح ولو بنات هعلمهم ازاي يحافظوا على نفسهم وانهم غاليين ومش اى حد يستحقهم ومينفعش يرخصوا نفسهم بسهولة لا اى حد
عايزة يكون وجودي مؤثر في حياتهم وأحس اني بعمل حاجة كويسة وإن فيه حد ممكن يفتقد وجودي”
لقد شعر بمعانتها وأنها تحمل الكثير داخلها ورغم ذلك لم يعلق بل أكتفى بالابتسامة لها ثم أجاب هو أيضاً على السؤال الذي طرحه وهو يردف:
“وانا عايز أتجوز علشان أتقرب لله عز وجل أكتر وإني بعمل طاعة بزواجي على سنة الله ورسوله علشان أكون أسرة وبيت وأعلمهم دينهم وإني بزواجي بعف نفسي
وكمان علشان يكون ليا ونس في الدنيا نعين بعض على طاعة الله ونشجع بعض وكل واحد فينا يشد التاني لما ينتكس.. الزواج رزق من عند ربنا سبحانه وتعالى وعلشان ينجح لازم نتقى ربنا ونبدأه وصح ولو حصل نصيب إن شاء الله هنلتزم بضوابط الخطوبة علشان ربنا يباركلنا في زواجنا”
بادلته البسمة وهي تجيبه مضيفة على حديثه قائلة:
“ومش عايزة خطوبة هنلبس دبل على طول وكمان مش عايزة فرح لا اسلامي ولا غيره ممكن نكتفى بحفلة بسيطة في البيت دا لو حصل نصيب يعني”
لم يقتنع بفكرة الحفلة المنزلية بدلاً من الفرح فهو دايماً يحب الأحفال والافراح ويود أن يحتفل بزواجه ليجيبها بمزاح قائلاً:
“خلاص اعملي انتِ الحفلة البسيطة هنا وانا هعمل احلى كوشة ليا وللرجالة علشان يزفوني دا انا ماصدقت أبقى عريس”
ضحكت بخفة وقد بدات تألف وجوده وشعرت وكأنه ليس غريباً عنها وأنها تعرفه منذ زمن بعيد وكان هذا الشعور متبادل بالنسبة له أيضاً وقد شعر بأنها الفتاة المناسبة له والتي أنتظرها كثيراً وحافظ على مشاعره لأجلها.. لكن تُرى هل ستكون من نصيبه بالفعل؟ أم للقدر رأي آخر..
ظلوا يتبادلان أطراف الحديث بشكل عام وقد سألها عن بعض هوايتها المفضلة وأخبرها هو أيضا عن الاشياء المفضلة له كي يتنسى لكلاهما معرفة هوايات الاخر واذا كانت ستناسبه ام لا..
عاد والدها وجلس معهم لتقوم هي وتدخل غرفتها بعدما تحدثت معه ثم أتي «زين» وجلس معهم وعرفه «أحمد» عن نفسه وعن عائلته وأنه شاب بسيط ويجتهد بعمله ويعتمد على نفسه وقد أعجب به والدها…
تحدث والدها بشيء من الجدية وهو يقول بهدوء:
“تفتكر اى اللي ممكن يخليني أوافق عليك دون عن بقية اللي أتقدمولها؟”
لم يُعجب «أحمد» بسؤاله وقد شعر بالفارق الكبير بينهما ورغم ذلك أجابة بشىء من عزة النفس قائلاً:
“لو لقيت فيا الشيء اللي ممكن يسعد بنت حضرتك”
أومأ له الآخر وهو يفكر بإجابته ثم تحدث وهو يحك شاربه قائلاً:
“طب وتفتكر اى الشء اللي ممكن يسعد بنتي؟”
تمهل «أحمد» في رده وأخذ يفكر جيدا قبل أن يجيب
لأن هذا سيحدد مصير علاقته معها لجيبه وهو يقول وجهة نظره:
“كل شخص فينا بيشوف السعادة حسب شخصيته
فيه ناس السعادة بالنسبالها الفلوس والمظاهر ودي مش حاجة وحشة هي دي السعادة بالنسبالهم وناس تانية السعادة بالنسبالها الحب والأحتواء والمودة والرحمة وآخر همهم الفلوس فكل واحد بيدور على الحاجة اللي تسعده ويكمل فيها”
أعجب الاخر بطريقة تفكيره ثم صمت قليلاً دون أن يتحدث وهو ينظر له ثم أضاف قائلاً:
“طب وانت تفتكر سهير أنهي نوع من دول؟”
أجابه «أحمد» بشيء من الإحترام وهو يقول بهدوء:
“حضرتك سألت وانا جاوبت..، انا بخصوص هي أنهي نوع ف انا مقدرش احدد من أول قعده حضرتك والدها وعارف سعادتها فين أما انا مقدرش أحكم”
أومأ له الآخر وهو يبتسم له وقد لانت ملامحه فمنذ أن جلس وتعابير وجهه جامدة بينما ظل يتحدث معه قليلاً حتى أستأذن كلاً من «أحمد» و «زين» وبعد رحيلهما ذهب والدها إلى غرفتها وهو يطرق الباب حتى سمع صوتها تسمح له بالدخول..
وجدها جالسة على الفراش وهي مبتسمة وقد يبدو عليها السعادة ليقترب منها وهو يقول رافعاً حاجبيه:
“شايفك يعني مبسوطة.. من زمان مشوفتكيش مبسوطة كدا”
توترت وهي تفرك بيدها ورغم أنها ليست على علاقة وطيدة مع والدتها إلا أن والدها كان الاقرب لها وإن كانت لا تراه إلا قليلاً..
جلس جوارها وهو ينظر لها بتمعن ثم تحدث وهو يقول:
“انتِ عارفة إني عشت عمري كله بعمل في فلوس وثروة
علشان أعيشك انتِ وأمك أحسن عيشة وكنت فاكر إنكم كدا هتبقوا مبسوطين.. امك اه كانت مبسوطة خصوصا إني لما أتجوزتها مكنش معايا فلوس.. لكن انتِ مش شايفك مبسوطة بالفلوس اللي عملتها”
كان محق.. لم يكن أبيها شخص ثرى عندما تزوج والدتها ولكنه أجتهد وكافح كي يصل إلى ما هو عليه الآن لتجيبه بما في صدرها وتعترف به أمامه لأول مرة:
“الفلوس جزء من السعادة وجزء مهم كان… لكن عمرها ما كانت الفلوس كل السعادة وإلا مكنش أغنا الأغنياء ماتوا منتحرين بعد ما دورا على السعادة وملقوهاش رغم الفلوس اللي كانت معاهم… انا مكنتش عايزة كل الفلوس دي أد ما كنت عايزة أعيش مرتاحة ومطمنة وأحس بحبكم ليا وأحتوائكم.. الفلوس نفسها اللي بتقول عليها يا بابا هي اللي حرمتني منك”
توقفت عن الحديث وقد أختنقت نبرتها بالبكاء ثم تابعت وهي تقول:
“انا مكنتش عايزة فلوس أد ما كنت عايزة وجودكم جنبي”
لقد أعترف الآن بغلطه وأنه ظلمها حقاً عندما سخر كل وقته للعمل ولم يهتم بها ظناً منه بأن المال سيجلب لها كل السعادة ليجيبها بحزن وهو يقول:
“انا فعلا قصرت معاكي يا سهير وعلشان كدا قررت إني أدي للولد دا فرصة يمكن يقدر يديكي اللي احنا مقدرناش نقدمهولك”
كل عبارته ثم رحل دون أن يضيف شيء آخر.. لقد أنتظرت منه أن يحتضنها ويداوي جروحها ولكنه لم يفعل لتتساقط دموعها للمرة التي لا تعلم عددها..
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
كانت «حور» جالسة وهي تنظر أمامها بشرود وقد كسى الحزن ملامحها الجميلة وأمتلئت عيناها بالدموع ولكنها أبت النزول وتعلقت بعيناها الزرقاء مما جعلتها تبدو أجمل ..
ورغم سكون ملامحها إلا أن داخلها كان يحكي الكثير وهي تشعر بألم حارق في صدرها ورغم ذلك مازالت تتجاهل الأمر خشية إصطدامها بالحقيقة..
“حور.. ياحووور”
فاقت من شرودها على صوت «ليث» وهو يهزها بحدة قليلاً لتقول بإرتباك:
“ها.. نعم يا ليث فيه حاجة!!”
أجابها وهو يجلس أمامها:
“بقالي ساعة بناديكي مبترديش ليه!”
عادت ملامحها للسكون مجدداً لتقول وهي تتنهد براحة:
“مفيش انا بس كنت سرحانة شوية”
نظر لها بتمعن وقد لاحظ الدموع المتكورة في عيناها وملامحها الذابلة على غير عادتها ليدرك أنها تخفي أمر ما عنه ليسألها وهو يقول بحنو:
“مالك اى اللي مزعلك”
لقد جهادت نفسها كثيراً كي لا تبكي ولكن نبرته تلك جعلتها تنخرط في بكاء مرير جعله ينظر لها بقلق لإنه نادراً ما يراها تبكي بل هي مرات معدودة ليقترب منها وهو يقول بخوف:
“فيه ايه ياحور مالك بتعيطي ليه”
هزت رأسها بالنفي وهي تخبره بأن لا شيء ومازالت تبكي أقترب منها وهو يربت على شعرها ويحاول تهدئتها
وهو يقول:
“بس اهدي كل حاجة هتكون بخير طالما انا معاكي متخافيش”
ورغم أنه لا يعلم ما بها إلا إنه يحاول طمئنتها ببعض الكلمات كي تهدي من روعها حتى هدئت وأستكانت بالفعل، مسح لها دموعها بأنامله ثم تحدث وهو ينظر إليها قائلاً:
“كنتي بتعيطي ليه بقى؟”
لم ترغب في إخباره الأمر الذي يشغلها لتجيبه وهي تقول بتذمر:
“أبدا.. لقتني معيطيش بقالي فترة قولت اما أعيطلي شوية”
“نعم ياختي؟؟”
كان هذا أول رد يخرج من «ليث» بتهكم فهو يعلم أنها لا تبكي بسهولة بينما هي ضحكت على رد فعله وهي تمسح دموعها قائلة بمزاح:
” الفاظك بقت في النازل يا ليث ودا إن علمك حاجة يعلمك إنك متقعدش معايا كتير”
أبتسم رغماً عنه وهو ينظر إليها حتى وهي تبكي تأسره ولا يستطيع أن يحيد بنظره عنها ويتضاعف حبها في قلبه يوماً بعد يوم ولكن يخشى أن لا تدوم هذه السعادة بينهما…
“ما تيجي ننزل نتمشي؟”
تحدثت «حور» وهي تتشبث في يده بينما هو رفع حاجبه إليها بتعجب لأن الوقت قد تأخر ليقول وهو ينظر فيه ساعته:
“هننزل نتمشى دلوقتي! عارفة الساعة كام؟”
أجابته وهي تقول بحماس وقد نسيت ما كان يحزنها قائلة:
“دا احسن وقت ننزل نتمشي فيه مفيش اى حد هتلاقيه صاحي والجو النهاردة فيه نسمة هوا”
هم ليرفض ولكنها ظلت تلح عليه وبعد إصرارها وافق على امتعاض لتذهب مسرعة كي ترتدي ثيابها ثم عادت له بعد ما يقرب الخمسة عشر دقيقة وقد أنتهت وهي تقول بحماس طفولي:
“انا خلصت يلا بينااا”
قهقه بخفة وهو يسير معها حتى خرجا من المنزل وسار على الرصيف وقد كان الجو جميل بحق ونسمة الهواء تداعب وجوههما وقد كانت «حور» تشعر بالسعادة
وهي تسير معه وتتشبث بيده وهي تقول:
“تعرف إنه كان من ضمن أحلامي أنزل اتمشي مع جوزي بليل!!”
أبتسم لها «ليث» ثم تحدث وهو مازال جوارها قائلاً:
“دا علشان المشي بليل من السنة!؟”
قطبت «حور» حاجبها بتعجب فهي لم تسمع ولا تقرأ بهذا من قبل لتجيبه وهي تقول:
“مقرأتش قبل كدا في السنة عن الرسول إنه كان بيخرج يتمشي مع زوجاته بليل لكن اللي حصل مرة لما السيدة صفية خرجت تزوره في المسجد لما كان معتكف وهو خرج علشان يوصلها ومشي جوراها اما المشى ليلاً فهو مش من السنة ولا حاجة زي ما الناس بتقول”
هز رأسه بتفهم والتزم الصمت وهما يستمتعان بالهواء حولهما لتقطع «حور» الصمت وهي تقول بشرود:
“انت متخيل إن الدنيا اللي احنا متمسكين بيها دي وبنعصى ربنا علشانها فانية؟ مش عارفة بنجيب منين الثقة إن الموت بعيد كل البعد عننا رغم إننا ممكن في اى لحظة نموت واحنا بنعصى ربنا! ماهو اكيد اللي مات فجأة مكنش يعرف إن هو اللي عليه يدور وهيموت خلاص والا كان جرى صلى وطلع كل الفلوس اللي معاه صدقة..”
توقفت عن الحديث قليلاً ثم أردفت مجدداً وهي تقول بحزن:
“ازاي بيجبلنا قلب نعصي ربنا رغم إننا عارفين إن سبحانه وتعالى شايفنا في كل لحظة وقادر يقبض روحنا واحنا بنعصيه؟ ازاي بنقفل علينا الباب علشان خايفين من الناس ومش خايفين من ربنا وجعلنا ربنا أهون الناظرين إلينا؟ رغم كل النعم اللي ربنا رزقنا بيها دي وبرضو بنعصيه”
كان «ليث» يفكر بحديثها وقد لامس قلبه وتأثر
ليقول وهو ينظر إليها بتهكم:
“مش كل الناس بتفكر زيك يا حور… الناس كل همها الدنيا ومحدش بيفكر في آخرته وكأننا ناسيين او بنحاول نتناسى إن فيه عقاب وانا كنت واحد منهم لما ما دخلتي انتِ حياتي وغيرتيها”
أجابتها باسمة وهي تشدد على يده الممسكة بها قائلة:
“ربنا بيبعت لكل واحد فرصة إنه يتغير.. والفرصة دي ممكن تكون عن طريق شخص يقابله او اشارة ربنا يبعتهاله او يمكن فديو يسمعه بالصدفة او رواية ولا كتاب قرأه… كل دي فرص ربنا بيبعتهالنا علشان نتغير
منا اللي بيتمسك بالفرصة وبيعتبرها طوق نجاه ويبدأ يتغير فعلا ومنا اللي بيعمل نفسه مش شايفها وبيتجاهل كل إشارات ربنا ليه علشان كدا ميلومش غير نفسه في الاخر”
توقفت عن السير ثم إستدارات له ورفعت رأسها لها وهي تقول بحب:
“وانت يا ليث إستغليت الفرصة دي ومسكت فيها بإيديك واسنانك لإن جواك خير وكنت مستنى بس اللي يشجعك… انت مش وحش يا ليث بالعكس انا عمري ما كنت أتخيل ربنا يرزقني بزوج زيك لدرجة إنه يسيب كل حاجة وينزل يتمشي معايا آخر الليل…
انت احلى رزق من ربنا يا ليث”
توسعت بسمته بشدة وعيونه تشع بالحب لها… لقد سرقت قلبه بكلماتها التي تطيب جروحه وتعطيه ثقة بنفسه أكثر وهذا ما أرادته.. فكما يتغزل بيها يجب عليها أيضا أن تتغزل به وتخبره كم هو حنون وكم تحبه…
🌸🌸🌸
وعلى الطرف الآخر أستيقظ «زين» في الوقت الذي أعتاد أن يستيقظ فيه كي يقابل ربه وهذا هو أحب الأوقات لديه خصوصاً أن الجميع نيام وسيصلي في هدوء وسكينة..
أبتسم وهو ينهض عن فراشه ويتذكر قول النبي صل الله عليه وسلم ( أن الله ليضحك إلى رجل قام فى ليلة باردة من فراشه ولحافه ، فتوضأ ، ثم أقام الصلاة ، ويقول للملائكة : ما حمل عبدي على هذا الصنع ؟ فيقولون : ربنا ! رجاء ما عندك ، وشفقه مما عندك. ‏فيقول الله : فإنى قد أعطيته ما رجا ، وأمنته مما يخاف ، ورزقته ما يتمنى )
أخذ يوقظ «روان» ولكنها لم تستيقظ فتركها وذهب كي يصلي هو وعلم بأنها لن تستيقظ لأنها نامت متأخرة أمس…
خرج من المرحاض والماء تتقطر من وجهه ولم يزيلها بل ترك ماء الوضوء على وجهه ثم قال بعد وضوئه (اللهم أجعلني من التوابين وأجعلني من المتطهرين)
أفترش مصلتيه ثم قام ليصلي وهو يُحسن الصلاة ويصلي بخشوع وذهنه صافي من كل شيء فقط ما في عقله أنه يقف بين يدي الله تعالي ويطلب منه ما يشاء..
يا الله ما هذا الشعور وما هذه الراحة؟ إنها لذة لا يشعر بها إلا من أصطفاهم الله ليقفوا بين يديه في هذا الوقت.. عندما تشعر أن الله معك ويسمعك ويسمع صوت بكائك في جوف الليل.. إنها راحة لا تُشترى بكنوز الدنيا..
أخذ يدعو الله أن يثبته ويبعد حب الدنيا عن قلبه وأن يُعلق قلبه دائما بالآخرة وأن يرزقه الفردوس الأعلى مع الرسول والصحابة والنبيين وأن يقيه من عذاب القبر وعذاب النار ويثبته عند السؤال وأن يحسن الله خاتمته
وأن يهون عليه سكرات الموت…
ثم دعى لزوجته كما دعى لنفسه وأخذ يدعو لعائلته جميعا ولأصدقائه ولمن يعرفهم ولمن لا يعرفهم ويدعو إلى شباب وبنات المسلمين حتى أنتهى من صلاته وقد أقترب موعد اذآن الفجر فقام من مكانه ثم توجه ناحية «روان» كي يوقظها وتصلي ركعتين قيام قبل الفجر..
وأيضا لا فائدة فشل في إيقاظها بعدما حاول معها كثيراً
مما جعله يزفر بضيق وهم لأن يتركها ولكنه أبتسم بخبث وقد أتت على باله فكرة حتى لا يجعلها تسهر لوقت متأخر مجدداً..
خرج من الغرفة ثم عاد بعد دقائق وهو يحمل بين يديه
قطع من مكعبات الثلج وأخذ يضحك وهو يتخيل رد فعلها ليحاول معها محاولة أخيرة وهو يناديها ولكنها لم تستجب له ليضع قطع الثلج داخل ملابسها مما جعلها تستيقظ وهي تنتفض من مكانها بفزع وتصرخ وهي تحاول ازاله تلك القطع دون أن تعلم بأنهم ثلج…
أما عن «زين» تراجع للخلف وهو يضحك بشده على هيئتها وفزعها من قطع الثلج، بينما هي بدأت تستفيق شيئاً فشيء حتى أدركت الوضع الذي فيه ورأته وهو يضحك وعلمت ما فعله معها لتنظر له شرزا وهي تمسك قطع الثلج وتقترب منه ليتراجع هو للخلف وهو يقول بضحك:
“تستاهلي علشان قولتلك تنامي بدرى بعد كدا”
وقبل أن يخرج من الغرفة بأكملها كانت قد ألحقت به ووضعت قطع الثلج على رقبته مما جعلته يقهقه بشدة وهو يحاول إزالتهم عنه حتى ضحكت هي الاخرى وهي تقول:
“بس كدا نبقى خلصانين”
ليجيبها وهو يقترب من الباب قائلاً بوعيد:
“لما أرجع من الصلاة ابقى أشوف خالصين ولا لأ”
بينما هي تجاهلت تهديده ثم نظرت له وقد خطر على بالها شيء لتقترب منه وهي قول بتوتر:
“طب انا عايزة أنزل أصلي الفجر معاك”
ليجيبها وهو يقول برفض قاطع:
“لأ ياروان مسجد النساء ممكن متلاقيش فيه حد دلوقتي وانا مش هآمن عليكي هناك”
لتقول هي بضيق وهي تحاول اقناعه:
“يازين يعني اى اللي هيحصل دا حتي هكون في بيت ربنا”
لم يوافق وظل على رأيه مما جعلها تغضب منه وهمت لتجيبه بغضب ولكنها توقفت وقد تذكرت حديث «حور» عندما كانت تعلمهم كيفية التعامل مع الزوج وأنه عندما يرفض شيء تستخدم سحرها الحلال معه كي يوافق دون أن تغضب معه..
لذا قررت أن تستخدم تلك الحيلة وهي تقترب منه ثم وضعت يديها حول رقبته وهي تقول بدلال مصطنع ورقة مبالغ فيها وهي ترمش بأهدابها عدة مرات:
“طب ولو قولتلك علشان خاطري؟”
رفع حاجبه بتشنج من طريقتها ثم أبتلع ريقه وهو يزيل يديها عنه بهدوء كي لا تفسد وضوئه ويقول بحزم قبل أن يتراجع من تأثيرها عليه:
“قولت لأ يا روان”
لتجيبه بتذمر وهي تضع يديها أمام صدرها قائلة:
“ازاي بقى دي حور مأكدة عليا إن الطريقة دي بتجيب نتيجة”
قهقه بخفة وقد علم سبب تصرفها ولانه راق له حركاتها العفوية وافق وهو يقول:
“خلاص موافق بس دا النهاردة بس علشان مضيعش مجهوداتك العظيمة”
تعالت ضحكاتها وهي تفر من أمامه مسرعة ترتدي ثيابها قبل أن يرجع في كلامه وما إن انتهت حتى أمسكت يديه وخرجا سوياً ثم توقفا أمام مسجد النساء وهو يكرر عليها التعليمات التي طوال الطريق يمليها عليها لتقاطعه هي هذه المرة وهي تقول بضجر:
“خلاص حفظت هخلص صلاة وهفضل قاعدة ومش هتحرك الا لما انت تيجي وترن عليا علشان اخرج ومش هعمل مشاكل ومش هتكلم مع حد..”
ورغم أنه مازال يشعر بالقلق من أن يتركها وحدها ولكنه بالاخير تركها وهو يقول:
“ايوة شاطرة ادخلي يلا ومتخرجيش غير لما أرن عليكي”
أومأت له بحب ثم دخلت المسجد الخاص بالنساء وما إن تأكد من دخولها حتى توجه هو ناحية مسجد الرجال
وهو يشعر بأنه تسرع عندما أخذها معه فهو لا يأمن عليها هنا في هذا الوقت وقد لا يكون معها أحد من الأساس..
دخل المسجد ثم صلي ركعتين تحية أولاً وأخذ يستغفر حتى أتى موعد آذان الفجر ليقوم من مكانه متوجهاً ناحية المنبر ثم أذن للصلاة بصوته العذب وما إن سمعت «روان» صوته وهو يأذن حتي توسعت بسمتها بشدة وتسارعت دقات قلبها بفرحة وأخذت تردد الآذان خلفه ببسمة..
وبعد ما يقارب العشرون دقيقة بعد الآذان وبعدما صلى ركعتين السنة وقف «زين» للإقامة كي يصلي بالناس جماعة بعدما أنتظر مدة حتى يتأكد بحلول الفجر وليس الفجر الكاذب ثم وقف يصلي بالناس..
قرأ الفاتحة بخشوع وهو يرتل بصوته العذب وما إن أنتهى منها حتى بدأ في تلاوتة هذه الآيه:
“أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ”
صوته وهو يرتل يجعلك تستشعر كل كلمة يقولها وتفهمها وقد كان الجميع منسجم في الصلاة مع صوته حتى أنتهى وهو يقوم من الركوع قائلاً:
«سمع الله لمن حمده»
ثم وقف وهو يقول بسره (ربنا ولك الحمد حمداً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات والأرض)
ثم سجد وهو يستغفر ثلاث مرات ثم أضاف وهو ساجد وايضأً عندما كان راكع (اللهم لك الحمد فاغفرلي) ثلاث مرات..
صلي الركعة الثانية ثم أنتهى من الصلاة وظل مكانه يذكر أذكار الصلاة ثم رحل دون أن ينتظر كعادته دائما ولكنه كان على عجالة من أمره بسبب زوجته العنيدة التي أصرت على القدوم معه وهو يتوجه ناحية مسجد النساء..
وقف على بعد كافي منه كي يتنسى لمن بالداخل الخروج دون أن يراهم ثم أخرج هاتفه وحادثها كي يخبرها أن يقف الآن بإنتظارها..، دقائق معدودة وقد رآها تخرج وهي تقترب منه ببسمة من أسفل نقابها ثم أمسكت يديها وسارت معه عائدين إلى المنزل.. لتتحدث وهي تقول:
“شوفت أديني روحت وصليت ومحصلش حاجة أهو”
أجابها وهو يسألها عن عدد المتواجدين هناك قائلاً:
“كان فيه كام واحدة بقى في المسجد؟”
“كانوا اتنين كبار في السن وانا كنت التالتة”
كان يعلم بأنه لن يكون هناك إلا عدد ضئيل لذا كان يرفض ذهابها ليجيبها وهو يقول:
“طب شوفتي بقى قليل ازاي وكان ممكن تروحي ومتلاقيش حد علشان كدا مكنتش عايز آخدك معايا”
لتجيبه وهي تقول ببسمة:
“بس انا كان نفسي أجرب الصلاة في المسجد واروح معاك”
هز رأسه بلا فائدة منها لتسأله بعد صمت لم يدم طويلاً وهي تقول:
” اى فضل صلاة الفجر يا زين؟ ”
أبتسم بخفة على سؤالها وفضولها لمعرفة كل شيء عن دينها ليجيبها وهو يقول باسماً:
“صلاة الفجر خير من الدنيا وما فيها يا روان..، مينفعش اى إنسان مسلم يبدأ يومه من غير ما يكون مصلي الفجر لأن يومه مش هيكون فيه بركة ولا رزق
صلاة الفجر مش اى حد يقدر يصليها ومستحيل تلاقي فيها منافق يقدر يصليها بتلاقي ناس صاحية وقت الفجر ورغم كدا مبيقدروش يقوموا يصلوا لان جسمهم تقيل على الصلاة وناس تانية بيكونوا في عز نومهم ورغم كدا يصحوا بكل نشاط وهمة ويقوموا يصلوا حتى في عز الشتا بيقوموا من تحت البطانية ويتوضوا ويصلوا
دول ناس ربنا بيصطفيهم لإنه بيحبهم وكمان صلاة الفجر الرسول وصانا بيها في أحاديث كتير..،
عن عثمان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح (الفجر) في جماعة، فكأنما قام الليل كله. وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح (الفجر) في جماعة، فهو في ذمة الله تعالى. رواه ابن ماجه وغيره…،
وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر، والعشاء، أسأنا به الظن.
صلاة الفجر نعمة من عند ربنا سبحانه وتعالى مينفعش اي انسان يفوتها وكمان بتلاقيه مرتاح نفسيا بعد الفجر
ودماغه صافية مهما كان مهموم صلاة الفجر كانت أحب للرسول من الدنيا وما فيها وعلشان كدا دايما أقولك نامي بدري علشان تقدري تقومي تصلي وانتِ فايقة”
ظلت شاردة في حديثه وتتعمق فيه من فضل صلاة الفجر وقررت أنها لن تتركها بعد اليوم إن شاء الله تعالى
ثم صمتت مجدداً ما لبثت حتى أردفت وهي تنظر له قائلة:
“زين انت مش هتسيبني صح… هتفضل تحبني دايما؟”
أومأ لها رغم تعجبه من سؤالها الذي تكرره عليه دائما ورغم ذلك أجابها:
“لأ مش هسيبك أبداً وهفضل أحبك”
توقفت عن السير ثم أستدارت له وهي تبتلع ريقها قائلة بعيون زائغة:
“طب انا ليه دايما حاسة إن فيه حاجة وحشة هتحصل؟ حاسة إننا مش هنفضل مع بعض وكأن حاجة هتفرقنا وانا أحساسي دايما مبيخيبش يا زين”
أمسك يديها وهو يضمها إلى يده ويشدد عليها قائلاً بصدق:
“إحساسك المرادي مش صح علشان انا عمرى ما أسيبك ولا أقدر أبعد عنك إلا بموتي ووقتها خليهم يبنولك أوضه جنب قبري وتبقي جنبي برضو وهتحسي بيا”
قال عبارته الأخيرة بمزاح بينما هي لم تهدأ مخاوفها وشعورها بأن مكروها ما سيصيبهم يلاحقها أغمضت عيناها وهي تخبر نفسها أنه لن يحدث شيئاً وهذا فقط هواجس داخلها لا داعي لها…
أقتربا من العمارة التي يقيمون فيها وهو يسيران بهدوء وقد بدأ الليل في الهروب وكادت العتمة أن تتلاشي ويحل محلها النور وقد كان الجو بارداً مع نمسات الهواء
الخفيفة..
كانوا يضحكان بشدة ولا يوجد أحد غيرهما غافلين عن تلك العيون التي تراقبهم من شرفة المنزل بحقد شديد
ولو كانت النظرات تحرق لأحرقتهما والغيرة تكاد تقتلها
لمَ لا تكون هي مكانها؟ ألم تستحق ولو لمرة واحدة أن تحصل على شيء أحبته!! فماذا إن كان هو أكثر الأشياء التي أحبتها؟…
ضغطت «إيثار» على يديها بغضب شديد وهي تراه سعيد معها ولا يضحك هكذا إلا معها مما جعلها تذداد كرهاً لها وتود لو تستطيع الفتك بها لتغلق النافذة بغضب وهي تعود مكانها وتكسر كل ما حولها بحقد…
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
حل الصباح على الجميع منهم من لديه أمتحانات ومنهم من يستعد لعمله وقد أستيقظ الجميع..
أنتهت «ياسمين» من إرتداء ثيابها وأستعدت للذهاب
خرجت من عرفتها ثم توجهت للصالة وقد كان والدها والدتها يجلسون على طاولة الطعام و«عايدة» التي تشرب قهوتها..، أقتربت منهم ببسمة ثم قبلت يدي والدها ورأسه وبعدها أتجهت لوالدتها وقبلت أيضا يديها ورأسها وهي تقول بتوتر:
“أدعولي كتير إن المادة دي تعدي على خير”
دعى كلاهما لها بحب ثم جلست تتناول الفطور معهم وبعد قليل خرجت «روان» قليل وهي تحمل حقيبتها وخلفه «زين» الذي خرج وهو يلقي عليهم السلام ثم فعل كما فعلت «ياسمين» وقبل يدهما ورأسهما بينما أقتربت «روان» منهم وهي تقول:
“أزيك يا عمي… وأزيك يا مرات عمي”
رد كلاهما عليها السلام بينما هي وقفت بتردد أتقبل يدهما ورأسهما ام لا! نظرت إلى «زين» ففهما نظراتها ورغم ذلك لم يبدي اى رد فعل وكأنه يخبرها بأن تفعل ما تريده لتقترب منهم بتردد ثم قبلت يد زوجة عمها اولأ والتي وضعت يدها على رأسها برضى وهي تبتسم لها ثم فعلت المثل مع عمها الذي وقف يقبل رأسها وهو يدعو الله أن يحفظها..
بينما أقتربت «عايدة» من «إيثار» التي أتت للتو وشاهدت من حدث وهي تقول بخبث بصوت لم يصل إلا لها:
“طبعا انتِ ملكيش في الجو الأسرى اللطيف دا”
نظرت لها «إيثار» وهي تبتسم لها ببرود وتجيبها قائلة بنفس النبرة:
“في دي معاكي حق… مش انا اللي أميل وأبوس أيدين حد مين ماكان”
كانت تعلم بأن هذا سيكون ردها لذا بادلتها البسمة وهي تقول:
“علشان كدا عمرك ما هتطولي زين علشان كل واحد بياخد اللي شبهه..”
لم تجب عليها وأكتفت فقط بإبتسامة سمجة لها بينما في الداخل كانت تقف «چنة» أمام المرآه بتوتر وخوف
ظلت تنظر إلى ملامحها في المرآه بحزن
سوف تتقابل مع أصدقائها اليوم ويتنمرون عليها مجدداً بسبب سمارها رغم أنه شيء ليست لها يد فيه!!
كيف تقنعهم بأنها لم تختار ملامحها ولا لون بشرتها!
لا شيء سيمنعهم من السخرية عليها تحت مسمى الهزار..
ولكنها ما عادت تلك الصغيرة كي تتركهم يتنمرون عليها
أمسكت عُلبة الكريم ثم وضعت منه كمية ليست بالقليلة على بشرتها وتقوم بتوزيعها جيداً وقد جعلها تبدو أبيض مما كانت.. ولحظها أن هذا الكريم ذو الماركة العالية يبدو وكأنه طبيعي تماماً وهذا ما طمئنها قليلاً..
وضعت القليل من أحمر الشفاة على وجهها كي يعطيها مظهراً جميلاً وقد أرتدت أفضل الثياب لديها ثم خرجت حيث كان الجميع موجود وما إن رآها عمها حتى أبتسم لها وهو يقول:
“حبيبة قلبي عمها الحلوة”
أبتسمت له وهي تقترب منه ليحتضنها عمها ثم قبل رأسها، لطالما كانت «جنة» هي أقرب أبناء أخيه ويحبها منذ أن كانت صغيرة وهو يفضلها أكثر من بقية أخوتها
بينما نظرت «ياسمين» إلى ما تضعه على وجهها وثيابها الملفتة ولم تعلق بل أكتفت بالدعاء لها بالهداية..
تحدث «زين» وهو يقف ويلملم أشيائه قائلاً:
“لو خلصتوا يلا علشان متتأخروش”
وقبل أن يرحل أردف «أحمد» والده وهو يقول:
” أستني يا زين خد چنة بنت عمك معاك هتروح الجامعة علشان تودي الورق ووتحول لسنة الجاية ولو احتاجت حاجة هناك اعملهالها”
أومأ «زين» بطاعة دون أن يتحدث بينما هي زفرت بضيق فما كانت تريد أن تذهب معهم ورغم ذلك لم تعترض وذهبت معهم..
ركب «زين» سيارته وبجواره جلست «روان» بينما ركبت «ياسمين» في الخلف وبجوارها صعدت «چنة»
وطوال الطريق يتبادلون أطراف الحديث وقد مازحهم «زين» كي يخفف عنهم توتر الإمتحانات بينما «چنة» ألتزمت الصمت حتى وصلوا..
ترجل «زين» من السيارة ومعه «روان» وذهبا بعدما نزلت «ياسمين» وأيضاً «چنة» التي قالت وهي تسير منها ناحية الشئون الخاصة بكليتها قائلة:
“غريبة يعني إنك ركبتي ورا وسيبتي روان تركب قدام!”
ألتفت إليها «ياسمين» بتعجب ولم يخطر على بالها هذا الموضوع من الاساس لتجيبها وهي تقول:
“علشان هي مراته وأحق أنها تركب”
لم تقتنع «چنة» بحديثها وهي تقول:
“وانتِ أخته وكمان أكبر منها كان المفروض على الاقل تعزم عليكي”
زفرت «ياسمين» بضيق ولم يعجبها الحديث لتقول كي تنهي الحوار:
“وانا لما أتجوز مش هحب أخت جوزي أو قريبته تركب جنبه وانا أركب ورا… ف اللي مرضهوش على نفسي مش هرضاه على غيري وهي مراته وأحق بيه”
نظرت لها «چنة» قليلاً ثم أردفت:
“انتِ طيبة اوي يا ياسمين”
هزت «ياسمين» رأسها بالرفض وهي تقول:
“لأ انا مش طيبة زي ما انتِ فاكرة يا چنة.. كل الفكرة إني فاهمة كويس حقوقي وواجباتي وفاهمة كويس أمتى أدخل في حياة اللي حواليا وأمتى أحترم حياتهم”
فهمت «چنة» التلقيح الغير مباشر الذي تلقيه عليها ورغم ذلك لم تهتم لتقوم قبل أن ترحل بتهكم:
“لو كل الناس في حالهم يا ياسمين مكنش حد غِلب”
تركتها ورحلت حيث كان أصدقائها القدامى في إنتظارها
وما إن رآوها حتى أقتربوا منها يحتضنوها بشدة ثم جلست معهم وأخذ يسترجعون ذكرياتهم لتقول إحدى أصدقائها بمزاح:
“بس انا شايفاكي أبيضتي يعني هي الغربة بتحلي ولا انتِ صارفة ومكلفة دا انا حتى معرفتكيش من بعيد”
ضحك جميع أصدقائها عليها بينما هي أرغمت نفسها على الأبتسامة وهي تقول بمزاح أيضاً:
“غريبة بس انا عرفتك علشان لسانك لسه بينقط سم زي ما هو”
نظرت لها صديقتها بتعجب من ردها ورغم ذلك ضحكت
فقد ظنت بأنها ستصمت كما كانت تفعل قديما ولكنها لم تعد كما كانت ولن تسمح لهم بالسخرية عليها مجدداً
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
كان يجلس «عمر» وبجواره «أحمد» الذي أخذ يقص عليه ما فعل عند «سهير» وأنها نفس الفتاة التي رأها يوم الزفاف وأعجب بها وصدمته عندما رآها وما إن أنتهي حتى أغمض عينيه ببسمة وهي يتذكرها
ليقول «عمر» ببسمة وهو ينظر إليه قائلاً:
“ياااه أما قصة عِبرة بصحيح”
فتح «أحمد» عينيه بإنزعاج ثم نظر له وهو يقول بحنق:
“تصدق أنا غلطان إني بحكيلك اصلاً”
ضحك الاخر وهو يجيبه:
“ياعم بهزر معاك متبقاش قفوش”
تجاهل «أحمد» سخريته ثم تحدث وهو يقول بشرود:
“بس تفتكر أبوها هيوافق؟”
ليجيبه «عمر» وهو يقول بجدية ظهرت عليه:
” فيه مثل تونسي كدا بيقول (مشيانك حافى ولا تكركيرك في الشلايك)
قاطعه «أحمد» وهو يسأله قائلاً:
“يعني اى حافي؟”
ليجيبه «عمر» وهو يجيبه بنفس الجدية قائلاً:
“يعني من غير حذاء”
هز «أحمد» رأسه دون أن يعلق وثواني ثم أنفجر كلاهما من الضحك فهو يعلم بأن «عمر» لا يفهم شيء من هذا المثال والاخر يضحك على تعليقه عن الكلمة الوحيدة المعروفة في المثال..
بينما تحدث «عمر» وهو يقول :
“لأ خلاص هتكلم جدا المرادي بقى”
صمت الاخر وهو ينظر له بإنصات ليتحدث وهو يقول:
“حاجتين محبهمش.. ريحة العرق والغباء”
ليطالعه «أحمد» ببلاهه وهو يقول:
“ودا اى علاقته بالموضوع؟”
“لأ دا انا قولت أعرفك يعني الحاجات اللي مبحبهاش”
قام «أحمد» هذه المره من مكانه وهو يقول بضجر راكضاً خلفه:
“مهو انا برضو اللي غلطان إني أعتبرتك بني آدم وحبيت أفضفض معاك”
ليجيبه «عمر» وهو مازال مستمر في الركض قائلاً:
“انا حبيتك وجرحتيني… انا نصتك لكن خونتي”
توقف «أحمد» عن الركض ثم نظر له وعلم أن لا فائدة منه وإن أستمر على ذلك سوف يصاب بجلطة لذا تحدث وهو الاخر بنفس النبرة مكملا باقي الأغنية:
“انتِ أكيد مش بتحبينيي”
قهقه «عمر» بشدة ثم أقترب منه وهو يرتب على كتفه قائلاً بفخر وهو يمسح دموعه الوهمية:
“انت دلوقتي بس بقيت صاحبي.. انت مش متصور انا فخور بيك ازاي”
ضحك الاخر معه ثم أخرج هاتفه بعدما رن وأجاب على المتصل ثواني حتى تغيرت تعابير وجهه وهو يقول:
“لا حول ولا قوة الا بالله.. إن لله وإنا إليه راجعون”
طالعه «عمر» بتعجب وهو يقول:
“فيه اى يابني مين اللي مات”
أجابه الاخر بعدما أغلق المكالمة وهو يقول بحزن:
“جد هشام صاحبنا توفى”
نظر له «عمر» وهو يضيق عينيه حتى تذكره فهو كان معهم يوم زفاف «زين» وتعرف عليه، اخذ يترحم عليه بينما قال «أحمد»:
“هرن على زين اعرفه علشان نروح نعزيه بليل”
“تمام وهو هاجي معاكم”
أوما له وذهب كلاً إلى منزله على وعد بالقاء في المساء..،
وعندما حل المساء توقف «زين» بسيارته أمام منزل صديقهم ثم وجه بصره نحوهم وهو يقول بجدية:
“احنا رايحين عزا… يعني شغل اللعب الهزار بتاعكم دا مينفعش هنا ف ياريت تقعدوا بإحترامكم لحد ما نقضي الواجب ونمشي”
هز كلاهما رأسهما بالموافقة بينما تحدث «عمر» وهو يقول بضجر:
“انت ياعني شايفنا عيال صغيرين؟ دا عزا يعني مفهوش هزار”
أومأ له «زين» رغم عدم شعوره بالارتياح وهو يقول:
“لما نشوف.. ربنا يعدي الليلة دي على خير”
أبتسم الاخر دون أن يعلق،أما عن «زين» فلم يندم في حياته على شيء سوى أنها صاحب كلاهما لمَ فعلوه في هذا العزاء… تُرى ماذا فعلوا؟؟
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
كانت «إيثار» جالسة وهي تشعر بالغضب والضيق من كل شيء حولها وقد فشلت صديقتها في تهدئتها
لتقول في محاولة بائسة منها:
“يابنتي خلاص ما تفكك منه هو يعني اللي خلقه مخلقش غيره؟ دا كمان معقد وهيعقدك سيبك منه وانا اجبلك غيره انتِ بس شاوري”
بينما الأخرى لما تجيبها ومازالت على نفس وضعيتها وهي شاردة أمامها ويبدو على ملامحها الغضب لتتحدث صديقتها مجدداً قائلة:
“طب ما تحاولي تلفتي انتباهه او توقعي بينهم”
نظرت لها بسخرية وهي تقول بتهكم:
“الفت إنتباهه؟ مش لما يشوفني اصلا.. هو مش شايف حد غيرها اساسا”
زفرت صديقتها بضيق ولا تعلم ماذا تفعل لتخطر على بالها فكرة ولكنها تخشى من رد فعلها لتقول بتردد:
“انا عندي طريقة تخليه يحبك مش بس يبصلك”
طالعتها «إيثار» بإستهزاء وكأنها تقول شيء مستحيل الحدوث ورغم ذلك جارتها في حديثها قائلة:
“واى بقى هو الشيء المستحيل اللي هيحصل ويخليه يحبني!”
صمتت الاخرى قليلا ولا تدري من أين تبدأ ثم تحدثت بتوتر وهي تترقب رد فعلها قائلة:
“اعمليله عمل علشان يحبك…”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى