رواية وسام الفؤاد الفصل الرابع عشر 14 بقلم آية السيد
رواية وسام الفؤاد الجزء الرابع عشر
رواية وسام الفؤاد البارت الرابع عشر
رواية وسام الفؤاد الحلقة الرابعة عشر
✨✨قبل البداية✨✨
أود أن أقول:
مها اشتدت عتمة الدنيا لا تركض خلفها لتبحث عن السنا، فجميع سُبل الدنيا معتمة وسناها سراب، جميع طرق الدنيا مخيفة ومخيمة بالضلال! اجعل هدفك الجنة وجرب أن تسلك الطريق إليها حينها سترى بريق الضوء، فجميع السبل التي تؤدي للجنة مضيئة ومبهجة مهما اشتدت صعوبتها، فإذا أردت النجاة اختر طريق الحياة…
قال أبو العتاهيه:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس
✍️آيه شاكر
صلوا على خير الأنام♥️
★★★★
-الحقـــــــــوني..
التفتت وسام تنظر للنار التي اقتربت من الغرفة، تذكرت الماضي، تذكرت ضحكات سالم الساخرة فبدأ لسانها يردد بانهيار:
-الحقني يا عمو… لا يا سالم متعملش فيا كده!
صرخت وصرخت فتجمع الناس أسفل الشرفه، ركضت رحيل أثر صوتها وقفت بالأسفل تنظر لوسام بخوف وترقب، رفعت يديها الإثنين وصاحت لتطمئنها:
-متخافيش يا وسام
نظرت لتجمع الناس وهدرت بهم:
-حد يلحقهــــا… انتوا بتتفرجوا!
ظلت وسام تردد بهستريه وهي تهز رأسها بالنفي:
-لا يا سالم متعملش فيا كده… لا لا
خشيت رحيل أن تدخل صديقتها لتلك الحاله مجددًا، فصاحت:
-وســـام اهدي بالله عليكِ
صاحت فرح:
-متخافيش يا وسام
هتفت خالتها:
-هاتوا مفرش ولا مرتبه عشان تنط عليها بسرعه!
ركض الناس منهم من أحضر مفرشًا ومنهم من أحضر مرتبة سرير ووضعوها أسفل الشرفه هتف رجل:
-نطي يبنتي متخافيش
ردد الجميع بنفس اللحظه:
-نطـــــــي
لم تسمعهم وسام حتى أنها لم ترهم، لم ترى سوى تلك النار التي تملأ البيت وتقبل نحو غرفتها، أما روحها فعادت للماضي، عادت لأطلال الغرفة المظلمه، عادت لأصعب لحظات مرت بها وهي تستغيث عل أحد ينجدها من ذاك الشاب المعتوه؛ الذي يستمتع ويستلذ سماع صرخاتها وتوسلاتها، هي تقف أمامهم لكنها في عالم أخر روحها ضامرة تسمع صدى ضحكات سالم الساخرة، وتشعر بألم النار المضطرمه بجسدها الهزيل، أصبح كل مكان يؤلمها لا تشعر إلا بالألم وكأن النار تنهش بروحها! تصلب جسدها ووقفت تصرخ وتأن بألم وضعت يدها على أذنها لا تريد سماع المزيد من الضحكات، تحاول إطفاء تلك الأصوات التي تنبعث من داخل جعبتها.
-آه… آه
لم تكن تلك سوى صرختها التي هزت أرجاء المكان حتى ظن فؤاد أن النار قد أمسكتها، فكان يحاول إخماد النار مع باقي الرجال بأكثر من طفاية للحـ ريق فلم تصل المطافي.
وبعد دقائق من سماع صراخها وأنينها وصل فؤاد إليها، رأها تسند ظهرها للجدار وتغلق جفونها صارخة بألم وكأن النار تمسكها، اقترب منها على الفور وقال لاهثًا:
-وسام…. فتحي عينك خلاص النار طفت متخافيش
لم تفتح جفونها، تصلب جسدها أكثر وصرخت بألم:
-جســـمي… آه
ضم وجهها بين راحتيه وقال بحنو:
-مفيش حاجه يا بابا…. فتحي عينك
-آه…. جسمي بيوجعني همـ ـوت
أخذ يلمس جسدها؛ ذراعيها، وكتفيها، وظهرها وجانبيها وهو يقول مطمئنًا:
-ماله جسمك والله ما فيه حاجه
لم تستجب وتصلب جسدها أكثر، وصرخت:
-آه… جسمي
هزها بعـ..*.ـف لتفتح عينها لكنها في عالم أخر، ولا تشعر سوى بألم جسدها، لا تسمع صوته ولا تشعر سوى باحتراق جسدها، ظل يحاول معها لكن بلا فائدة يزداد صراخها فحسب، حملها بين يديها وركض للأسفل وهي على حالتها تأن وتصرخ قائله:
-جسمي بيوجعني… آه… سالم حرقني
كان يسمع صراخها وتكرارها لجملة “سالم حرقني”، وهنا انكشف الستار وأخيرًا اكتشف ما تواريه بقلبها، كان يركض بها وينظر لوجهها وعقله يتخيل كيف! كيف فعلها ذاك اللعين! كانت كل صرخة منها بمثابة لطمة لقلبه، كل أنين تنطق به يُرجف قلبه ويهلك مشاعره، ركض بها لسيارته فمن الواضح أنها على مشارف الإنهـ يار التام، نظر لوالدته وأخته وقال:
-يلا بسرعه هنروح البيت
ركبت فرح ووالدته بجوار وسام بالمقعد الخلفي وركبت مريم جوار فؤاد بالمقعد الأمامي، قاد سيارته بسرعه، فبيتهم بنفس القرية لكن يبعد مسافة عن بيت عمه…
صاحت وسام بصوت مبحوح من الصراخ قليلة بألم:
-النــــار مسكت ذراعي…. ذراعي… آه
التفت لها وهو يقول:
-مفيش نار يا وسام…. فوقي بقا مفيش نار
كان على وشك الاصطدام بعمود كهربائي فصاحت والدته:
-بص قدامك يا فؤاد!
ظلت وسام تأن وتبكي فصاحت فرح:
-افتحي عينك يا حبيبتي مفيش حاجه والله
بدأت فرح تردد آيات من القرآن في أذنها لتهدأ، ولكنها على حالتها تأن وتبكي…
سبحان الله وبحمده🌹♥️
______________________________
نظرت هبه حولها لمنظر الشقة بعد الحـ* ـريق، كانت الغرف بحالة جيده أما الصالة وأثاثها فألتهمتهم النار، وقفت خارج الغرفه لتسمع حديث والدتها مع أبيها:
-أنا كنت متأكده إن هيحصل حاجه النهارده… من يوم ولادتها وهيِ منحوسه ولا عمرها هتفلح في حاجه في حياتها…
-إيه إلي بتقوله ده! لو ناسيه أفكرك إن بنتك دكتوره زاكرت واجتهدت لحد ما وصلت لهدفها
-بس بنت مش ولد… أنا مكنتش عايزاها ياريتها كانت ولد نستنفع منه
-حرام عليكِ تقولي كده!
-أنا من يوم ما خلفتها وأنا موجوعه… يارب تحافظ على بيتها بقا ومتجيليش تاني بعد كام يوم زي المره الأولى!
-تحبي أفكرك مين كان السبب في طلاقها! إيه مش إنتِ السبب لما أقنعتيها تخبي مرضها عن أيمن!
-أيوه… بس أنا عملت الصح وصاحبتها إلي راحت حكيتله يعني الغلطه غلطة بنتك عشان تحكي لصاحبتها!.. مين أصلًا كان هيرضى بزوجه مريضه!
-أهو جه إلي رضي بيها كفايه بقا!
عقبت وهي تضحك بسخريه:
-ليه هو إنت فاكر إنها قالتله على مرضها!
زم شفتيه وقال بنفاذ صبر:
-انتوا مخبين على الراجل تاني! بتكذبوا تاني؟! انا تعبت منكم والله تعبت..
نزلت هبه الدرج وهي تكبح دموعها لا تريد البكاء الآن فهي تمتلك قلب صلد وجلد تحمل كثيرًا من الوصب والنصب حتى اعتاده، وبمنتصف السلم قابلها آصف وهو يحمل ابنته، هتفت چوري مبتسمة بصوتها الطفولي السعيد والحنون:
-ماما هبه
رمقهما هبه بابتسامة مهزومه جاهدت لترسمها على شفتيها ابتسامة لا تليق بعروس ليلة زفافها، دنا منها آصف وقال بجمود:
-يلا نمشي ولا لسه؟
أومأت رأسها قائلة بنفس الجمود:
-أيوه يلا نمشي
وعندما رفعت رأسها قليلًا رأت والديها ينزلون الدرج، وجهت لوالدتها نظرات عتاب ولوم لكن لم تفهمها والدتها! أخفضت هبه بصرها بحسرة، ضمتها والدتها لكنها لم تشعر بدفئ حضنها ولم تشعر بحنان أمومتها! لا تشعر سوى بالنفور، لا تدري لمَ حظها الدائم مع أشخاص جامدة المشاعر وباردة الأحاسيس، والدتها، وأخواتها وحتى والدها بينهم جمود في المشاعر، نعم تحبهم ويحبونها لكن ليست هناك أُلفه، والود بينهم متزعزع، إن غابت عنهما لا يشعرون ولا يسألون! حتى آصف يشبههم، انفلتت منها دمعة حاولت جاهدة أن تهفيها، أخرجتها والدتها من حضنها، فمسحت الدمعه بسرعه، همست والدتها بجمود:
-حافظي على بيتك يا هبه
لم تعقب وأقبلت تضم والدها ليهمس بأذنها:
-مبروك يا حبيبتي ربنا يسعدك
-الله يبارك فيك يا بابا
جاهدت لتحبس العبرات البارقة داخل أسوار مقلتيها، رفعت بصرها لتنظر لعيني آصف الذي يرميها بنظرات شفقة أهلكت كبريائها، فحاولت التظاهر بالصمود وابتسمت له، لكنه يفهم ما تخفي أصبح يفهمها من نظرة عينيها هي مهزومة ومنكسرة وإن حاولت التخفي، هتف قائلًا:
-بعد إذنكم يا جماعه
نزلت الدرج بجواره حتى وصلا لأخر أربع درجات أمام البيت كانت درجات السلم واسعه يسير آصف يمينها ووالدها على يسارها، فتعرقلت بطرف فستانها وبعفوية مسكت يد آصف كي لا تهوى أرضًا، رفعت رأسها تنظر لملامحه بقلق لتتبين رد فعله من لمستها ليده! فتلاقت عينها بعينه، ليفاجأها برد فعله حين أومأ رأسه وشدد قبضته على يدها، خشيت أن تهوى أرضًا ولم تخش هواه! سحبت يدها من يده وقالت بخفوت:
-متأسفه
مد يده ليسحب يدها ويقبض عليها مجددًا وهو يقول:
-متسيبيش ايدي الناس بتبص علينا
ابتسم بمكر فقد استلذ لمسة يدها فأحب استمرار هذا الشعور ولو للحظات قليلة قبل أن يشدد الحصار على قلبه الذي لا يفهم مبتغاه هل يريد بُعدها أم يريد قربها! أما هي فتسارعت دقات قلبها جراء تلك المشاعر التي لا تستطيع تفسيرها هي الأخرى.
استغفروا♥️
_________________________
وقفت رحيل تلتفت حولها بارتباك فلا تعرف أحد هنا حتى أنها لا تعرف كيف تعود لقريتها، كانت تشبك ذراعيها معًا حول صدرها، تنفست بعمق وهي تقول:
-يارب
وعندما رآها محمود دنا منها، ومجرد أن رأته يقترب منها ازدردت لعابها بتوتر ووقفت تفرك يدها بارتباك، وقف جوارها وتنحنح ثم رسم ابتسامة على شفتيه وقال:
-أنا آسف لما مسكت ذراعك جامد بس كنت خايف لترمي نفسك في النار
تلعثمت وهي تصوب نظرها أرضًا:
-حصل خير الحمد لله إنها عدت على خير
أشار للبيت مبتسمًا وقال:
-مش خير أوي بس الحمد لله على كل حال
عقبت دون أن ترفع بصرها:
-أهم حاجه محدش حصله حاجه
اوما رأسه ووقف جوارها لبرهة قبل أن يقول متلعثمًا:
-أ…. أنا محمود وإنتِ
تلعثمت هي الأخرى وتحاشت النظر إليه وهي تقول:
-أنا…. أنا رحيل
ابتسم قائلًا:
-كان نفسي أقولك فرصه سعيده يا رحيل بس…
قاطعته متلعثمه:
-أ… أنا… أنا مش عارفه هروح إزاي؟
-متقلقيش هتركبي مع أختي…
قاطعه خروج أخته مع زوجها فقال:
-تعالي يا رحيل
سارت خلفه بدون أن تنبس بكلمه، ضم محمود أخته وقال:
-مبروك يا حبيبتي معلش معرفناش نحتفل بيكم
مد يده وصافح آصف قائلًا:
-مبروك يا عريس
عقب آصف:
-عقبالك يا حضرة الظابط
لا يدري لمَ نظر لرحيل وهو يقول:
-إن شاء الله
ركبوا بالسياره في المقعد الخلفي، فأشار محمود لرحيل لتأتي وسند على نافذة السيارة من ناحية هبه قائلًا:
-معلش هتوصلوا رحيل في طريقكم هي من نفس البلد
غمزت هبه بعينها وسألته بابتسامة ماكرة:
-مين رحيل دي؟
عقب متظاهرًا بالامبالاه:
-دي صاحبة وسام
ابتسمت وهمست له:
-بس حلوه صاحبة وسام إلي إنت عارف إسمها دي!
عقب بشرود:
-أوي أوي يا هبوش
تنحنح بإحراج وأردف:
-معلش بقا يا أستاذ آصف هتوصلوها في طريقكم
-مفيش مشكله عادي
نظر لرحيل قائلًا:
-تعالي يا رحيل اركبي معاهم
ركبت بالمقعد الأمامي وقالت باحترام:
-آسفه على الإزعاج
ابتسمت هبه قائلة:
-لأ يا حبيبتي مفيش ازعاج
حاولت رحيل تحاشى النظر نحوه لكن دفعها فضولها لترفع نظرها إليه، فابتسم وبادلته البسمه وهي تنظر أمامها بحياء، ثم انطلقت السيارة ووقف هو ينظر لأثرها مبتسمًا فناداه والده:
-يلا يا محمود هات أحمد وتعالى نشوف هنعمل إيه في الرماد إلي في الشقه
تجهم وجه محمود حين تذكر ما حدث، زفر الهواء من فمه وقال:
-حاضر يا بابا
سبحان الله وبحمده 🌹
___________________
مر خمس دقائق وهو يضمها ويقفان معًا بالمرحاض أسفل المياه، حتى هدأت وتوقفت عن الأنين، دفعها بحنو لتخرج من أحضانه وقال وهو ينظر بعينيها:
-الوجع راح؟
أغلقت المياه واومأت رأسها بالإيجاب، فقال بلهفه:
-خضتيني عليكِ
نظرت لعينيه وحدقت بوجهه للحظات، ثم انتبهت لشعرها المبتل والمكشوف، فقد خلع لها حجابها يا الله! لم تكن بوعيها على الإطلاق! أخذت تتأكد أن ملابسها تغطي كل إنش بجسدها، هتف فؤاد قائلًا:
-يلا عشان تغيري هدومك.. أنا مردتش أخلعك حاجه غير الطرحه
-شكرًا يا فؤاد
ابتسم قائلًا بسخرية لطيفه:
-العفو يا وسام
أخذ المنشفه من جواره ولفها حول كتفها وقال:
-أنا هخرج وهجيبلك هدوم تلبسي ولا تحبي أساعدك؟
هزت رأسها بالنفي وقالت:
-هلبس لوحدي
أومأ رأسه موافقًا وخرج، لازالت نظراته غامضه وتصرفاته مبهمه لا تستطيع تفسيرها! خرج ليجد والدته وأخته وفرح أمامه فقال:
-حد يديها لبس
هرولوا إليها ودخل هو لغرفته، بدل ثيابه وجلس على المقعد يفكر فيها وفي حالتها، وسالت الدموع من عينه، لم يكشف عن أي جزء من جسدها لكنه يظن حد اليقين أنها ترفض الزواج بسبب تشوه جسدها، قاطعه طرقات مريم على باب غرفته وهي تنادي:
-فؤاد ممكن أدخل
مسح دموعه بسرعه وقال:
-تعالي يا مريم
جلست مقابله وقالت بحيرة:
-إيه إلي وصلها للحاله دي! معقوله تكون من الخوف
كان يحدق بالفراغ بحيرة وبقلق، يخشى أن يكون ما يفكر به ما هو إلا حقيقة، مجرد تخيله لهذا الأمر كفيلًا أن يعصر قلبه ألمًا عليها وعلى حالتها، نظر لأخته بانكسار وقال بحيرة:
-مش عارف يا مريم بس وسام وراها سر مخبياه ولو إلي في دماغي صح يبقا أنا فهمت كل حاجه!
عقدت مريم حاجبيها وهزت رأسها يمينًا ويسارًا بعدم فهم وهي تقول بلهفة:
-مش فاهمه ممكن توضحلي أكتر
تنفس بعمق وقال بحسرة:
-للأسف مش هينفع أوضحلك أي حاجه!
قالت برجاء:
-طيب طمني أنا قلقانه
اغتـ. ـصب ابتسامة ليرسمها على شفتيه وقال:
-متقلقيش يا حبيبتي خير بإذن الله
ابتسمت وأومأت رأسها بتفهم فلم تكن فضولية يومًا لكنها تود الإطمئنان، رسمت ابتسامة على شفتيها وقالت:
-الحمد لله إن إحنا اطمنا عليها… والحمد لله إن الحـ. ـريقه دي محدش راح فيها وأي حاجه تانيه بتتصلح
ابتسم محدقًا بالفراغ بشرود وأومأ رأسه عدة مرات قائلًا بخفوت:
-فعلًا أي حاجه تانيه هتتصلح أهم حاجه إنها معايا!
لم تعقب مريم ووقفت تملس على بطنها المتكورة أمامها وقالت:
-شوفلنا بقا مواصله عشان أمشي أنا وحموكشا وفرح
ابتسم وهو ينظر لبطنها، ثم اعتدل في جلسته وقال:
-حموكشا عامل إيه؟
-حلو مطلع عيني بس
نهض واقفًا وقال:
-طيب خليكوا معانا الليله الوقت اتأخر
رفعت كتفها لأعلى وقالت:
-أنا معنديش مشكله بس فرح!
-فرح قاعده مع وسام خليكم معاها الليله وبكره هنروح كلنا عند جدي
-طيب هقولها كده أشوف هتوافق ولا إيه!
انصرفت وحدق هو بالفراغ للحظات ثم تبعها للغرفه…
استغفروا♥️
_______________________
استعار يوسف الدراجة النارية لأحد الجيران واتجه لبيت أهل فرح، بعد أن هاتفها عدة مرات ولم تجيب، يريد أخذ عنوان بيت عمتها ليذهب لها، وقف أمام البيت ورن الجرس عدة مرات ثم طرق الباب ففتحت له وهيبه تفحصته من أعلى لأسفل ثم ولت ظهرها قائلة بهدوء:
-تعالى يا حبيبي واقفل الباب وراك
دخل للبيت وأغلق الباب خلفه ثم جلس على المقعد وابتسم قائلًا:
-ازيك يا تيته… أومال عمو هشام وماما شاهيناز وجدي فين؟
عقدت حاجبيها وسألته:
-مين دول؟
أومأ رأسه بابتسامة بارده فمن يسأل! آحمق هو ليسألها! شبك يديه معًا وهو يقول:
-اه… فين أهل البيت يا حجه؟
أشارت لنفسها قائله بغرور:
-أنا أهل البيت عاوز حاجه؟
ضحك ونهض واقفًا وهو يقول:
-طيب بعد إذن حضرتك
تظاهرت بالبكاء وقالت:
-وحياة حبيبك النبي يبني تناولني كوباية مايه أخد الدواء قبل ما تمشي… أصل سابوني لوحدي
وبدون أن ينبس بكلمة زفر بقـ وة واتجه للمطبخ ليحضر لها كوبًا من المياه، مد يده بالكوب وقال:
-اتفضلي يا تيته
أخذت الكوب وقالت:
-هاتلي الدوا من الدرج بقا الله يرضى عنك
أخرج علية دواء وسألها:
-هو ده؟!
-مش عارفه هو إيه ده أصلًا؟
-أصلًا!
وضع الدواء مكانه وشربت هي المياه ثم وضعت الكوب جانبًا، تظاهرت بالبكاء فجلس جوارها وسألها بحنو:
-بتعيطي ليه بس يا تيته؟!
عقبت بعويل:
-قلبي وجعني يخويا من ساعة ما منعوني من الجواز بالقانون الجديد…. أنا صعبان عليا نفسي
قطب جبينه وسألها مستفهمًا:
-جواز إيه وقانون إيه؟!
أكملت بنبرة حزينه:
-هو يعني عشان قصيره متجوزش! طيب دي خلقة ربنا هنعترض! يمنعوا جواز القصيرات ليه!
قهقه ضاحكًا وهو يقول:
-أنا مش فاهم أي حاجه… هو إنتِ لسه بتفكري في الجواز يا تيته ولا أيه؟
-ومفكرش ليه يا ولا كبرت يعني ولا كبرت ولا كنت يعني كبرت!
كبح ضحكاته ليقول بابتسامة ساخرة:
-لأ يا تيته إنتِ لسه في شبابك ربنا يرزقك بابن الحلال
عقبت بعويل:
-ما خلاص الدوله منعوا جواز القصيرات وأنا قصيره مش هينفع!
قهقه ضاحكًا وقال:
-إوعي يكون قصدك جواز القاصرات؟
أردف بابتسامة موضحًا:
-متقلقيش يا تيته القاصرات دول إلي هما لسه أطفال صغيرين يعني عندهم من ١٠ ل ١٥ سنه وانت ما شاء الله عندك ٧٠ سنه يعني في الأمان متقلقيش
وضعت يدها على صدرها وتنفست بارتياح قائله:
-يعني أنا في أمان يخويا!
اومأ رأسه ضاحكًا فغيرت الموضوع قائلة:
-قوم هاتلي كيس الموز والسوداني من الأوضه عشان أتعشى
نهض متجهًا للغرفه وهو ينفخ بحنق ويقول:
-دا عشا قرد ده! منك لله يا فرح… أنا إيه إلي كان جابني هنا!
ابتسم بسماجه ووضع ما طلبت أمامها وهم ليغادر، فصاحت:
-رايح فين يا مندوح متسيبش أمك لوحدها يابني
مسح وجهه ليكظم غيظه والتفت لها قائلًا:
-أنا مش ممدوح أنا يوسف يا تيته متجوز بنت أبوكي.. قصدي بنت أخوكي… يوه قصدي متجوز بنت إبن أخوكي..
أومات رأسها وقالت بابتسامه:
-ايوه ما أنا عارفاك هو أنا يعني تايهه عنك ولا كنت يعني تايهه عنك ولا أكونش يعني تايهه عنك!
-طيب الحمد لله
وضعت قدم فوق الأخرى وتحدثت بجدية شديدة:
-تعرف يا يوسف إن الدوله بتناشد بمنع الجواز المبكر… بس والله معاهم حق هو فيه حد يعمل فرحه الصبح بدري الناس بتبقا نايمه
قهقه ضاحكًا وهو يقول:
-هو ده معلوماتك عن الجواز المبكر إنه الصبح بدري!…
غمز بعينه قائلًا:
-بس إيه حكاية الجواز يا تيته هو فيه عريس ولا إيه؟
تظاهرت بالحياء وهي تقول:
-أيوه فيه عريس بس أنا أصريت إن جوازنا يكون صالونات
-إزاي احكيلي؟
-قولتله نعمله عندنا في الصالون بلاها دوشه وزمبليطه
قهقه ضاحكًا حتى أدمعت عيناه وقال:
-إنتِ مشكله يا تيته ربنا يديكِ الصحه… كان نفسي أقعد معاك أكترِ بس عندي شغل ولازم أمشي
-طيب هاتلي معاك سوداني وإنت جاي
-حاضر هجيبلك موز وسوداني من عنيا
فتح الباب وخرج وتركها تشاهد التلفاز فقابل الجد أمام الباب، وبعد تبادل السلام سأله عن العنوان وذهب حيث فرح…
استغفروا♥️🌹
_______________________
ارتجلت رحيل من السيارة، قائله:
-شكرًا تعبتكم معايا
ليرد آصف:
-لأ تعب ولا حاجه
ابتسمت وانتظرت حتى انصرفا ثم أسرعت خطاها للبيت وهي تنظر نحوه من بعيد بيت مبني بحجارة بيضاء ومن حوله أراضي زراعية، ويبتعد عدة أمتار عن البيوت المجاورة بالقرية، ويتكون من غرفة واحدة وصاله وحمام، جحظت عيناها حين رأت أختها التي تصغرها بثلاث أعوام، تصرخ وتتشـ اجر مع «سالم» ركضت لتجد أختها تضع يدها على وجهها ونقابها ملقى أرضًا وتبكي بحسرة، انحنت تأخذ نقابها وتعطيها إياه لترتديه، فتظهر عيناها الزرقاء البارقة بالدموع، سألتها:
-سديل إنتِ كويسه؟
اومأت “سديل” رأسها بالإيجاب فنظرت رحيل لسالم بحدة صارخة:
-هو إنت متعرفش ربنا! تتهجم على ولايا في عز الليل؟
-أنا كلمتكم بالذوق مره واتنين لكن واضح انكوا مش هتيجوا إلا بالشدة…
نظرت رحيل لداخل البيت فوجدت نغم “زوجة سالم” تسرع خطاها وتقذف ملابسهم بالأرض وتلقي كتبهم ومذكراتهم بعنـ**ف وهي تقول:
-خدوا زبالتكم دي واطلعوا من بيتنا
نظرت رحيل لسالم قائله:
-حرام عليك يا سالم دا إحنا ولاد عمك يعني لحمك ود**مك
-وسارقين بيتي… الأرض دي بتاعتي وقولت مية مره اطلعوا بره مفيش فايده
صاحت “سديل” بنبرة مرتفعة:
-الأرض إلي جنب البيت بتاعتك لكن البيت مبني في حقنا يا سالم مش كل مره هنعيد نفس الكلام!
تنفست نغم بعمق وقالت بحدة:
-الأرض دي باسم جوزي والبيت كمان بإسمه حتى المحضر إلي معمول للبيت باسم سالم مش هنقول نفس الكلام برده كل مره
صاحت رحيل بحدة:
– اطلعوا بره حرام عليكم إحنا محيلتناش إلا البيت ده مش كفايه حقنا إلي واكلينه واحنا ساكتين!
عقبت نغم ببرود:
-لو المفروض حد يطلع بره يبقا إنتوا احنا قاعدين في بيتنا وملكنا
صاحت رحيل بحدة:
-إنت حيه ربنا ينتقم منك ومنه
تجهم وجه سالم وقال بحده:
-متغلطيش في مراتي يا بت إنتِ!
ضغطت سديل على أسنانها وقالت بغضب:
-إنتوا الإثنين أوس***خ من بعض… والله لايقين على بعض بقذار..تكم دي
ليرد سالم بنفس الغضب:
-يلا يا بت امشي من هنا
صاحت رحيل صارخة:
– أنا بنيت كل طوبه في البيت ده من تعبي وشقايا حرام عليك…
عقبت نغم ببرود:
-بصي بقا عشان زهقنا من الحوار ده البيت ده هيتهد بكره خدي أختك وكراكيبك واطلعوا بره
هزت رحيل رأسها باستنكار وقالت:
– إنتوا عندكم بيت ٣ أدوار وفدادين اراضي باصين لكام متر ليه!
نفثت نغم الهواء من فمها بحنق وقالت:
-أنا زهقت من الكلام يا سالم رد إنت عليها
عقب سالم بابتسامة سمجة:
-إحنا مبنعرفش ننام وحقنا بره
صاحت سديل صارخة:
-إنتوا طماعين وطول ما انتوا كده مش هتعرفوا تخلفوا هتقعدوا طول عمركم من غير عيال مهما لفيتوا
صفعة قـ ـوية أوشكت أن تفقد اتزانها بسببها ارتطمت بوجه سديل، فصرخت رحيل قائلة:
-إنت بتمد إيدك على أختي يا سالم…. والله ما هسيبك
حاولت أن تضـ -ـربه، فدفعها سالم ليهوى جسدها الهزيل أرضًا تأوهت وهي تفترش الأرض، وأختها تشاهد المنظر باكية، ازداد بكاء رحيل فانحت سديل لتأخذ يدها وهي تقول:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكم مش هشتكيك إلا لربنا يا سالم
عقبت سديل بانكسار:
-حرام عليك يا سالم هنروح فين ملناش إلا هنا! يرضيك ننام في الشارع
عقب سالم بابتسامة نصر:
-أيوه يرضيني روحوا ناموا في الشارع
رمقتهما نغم بانتصار، وابتسمت باستفزاز، قبل أن تغلق الباب بوجههما، شهقت رحيل وهي تاخذ ملابسها عن الأرض وصاحت:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ربنا ينتقم منكم انتوا الاتنين
انحنت أختها لتأخذ كتبها بأعين دامعة وسألتها:
-هنروح لعمك؟!
-عمك! مش بعيد يكون هو إلي قايله يعمل كده عشان يضيق علينا ونوافق نتجوز ولاده الشمامين بس دا بعينيهم.. والله لو هشحت في الشارع مش هرجعله برده!
شهقت سديل باكيه وقالت:
-أومال هنروح فين؟ هنقعد في الشارع!
تنفست رحيل بعمق وحاولت التظاهر بالثبات لأجل أختها نظرت للمفاتيح بيدها فليس لها مكان أخر سوى سنتر الدروس الذي تعمل به سكرتيرة لأحد المدرسين، فيكفيها ما حدث اليوم! وفي الصباح ستفكر في حل جديد! نظرت لأختها قائلة:
-لأ هنروح السنتر أنا معايا المفاتيح وبكره نشوف هتعمل إيه؟
توفى والديهما وأخيهما الأكبر قبل عدة أعوام بحادث سير مروع، لا يعرفا أو يملكها أي أوراق تثبت ملكيتها لأي شيء حتى عمهما سلط عليهما مكر سالم بعد أن رفضا قطعيًا الزواج من ابناءه، لا يملكان أي شيء حاولا لسنوات أن يأخذا حقهما لكن باءت كل محاولاتهما بالفشل الزريع، بمن يحتميان وكيف يعيشان وهما بنتان! رحيل ترتدي ثياب واسعة بناطيل واسعة وملابس فضفاضة، فتاة جميله تمتلك عيونًا جذابه، وببشرتها بعض النمش الذي يزيدها جمالًا، أما أختها فترتدي نقاب وملابس فضفاضة وأغلبها باللون الأسود، دائمًا ما تخفي عينيها الزرقاء بالنقاب مخافة الفتنه تشبه أختها لكنها أجمل بنقاء بشرتها وشفتيها المكتنزه وأنفها الصغير وخدودها الحمراء، تدرس بالصف الثالث الثانوي لكنها لا تأخذ أي دروس خصوصيه تكتفي بمدرستها ومزاكرتها لنفسها لقلة الأموال، كانت تشهق باكية فهتفت أختها لتطمئنها:
-بطلي عياط يا سديل ربنا هيفرجها ان شاء الله
-يارب يا رحيل… إن شاء الله أنا كلي ثقه أنها هتفرج.
“كلنا ثقه إنها هتفرج وربنا هينصرهم إدعوا لأخواننا في ڢلسطس”🥺
______________________
اضاء هاتفها برقمه فأجابت بتوتر:
-أنا آسفه والله يا يوسف حصل حاجات كتير هحكيلك لما أرجع
-شوفي كده رنيت عليكِ كم مره!
-آسفه والله أنا هاجي حالًا ونتفاعم
-انزلي يلا أنا تحت بيت عمتك
-بتهزر صح؟!
-والله تحت… ومعايا المكنه انزلي
-طيب نزلالك حالًا… سلام مؤقت
وجهت فرح لوسام الغاضبة نظرات عتاب وقبل أن تتحدث قاطعها طرقات مريم على باب الغرفه، قائله:
-فروحه…. عندك مشكله نبات هنا؟
اومأت فرح رأسها وقالت: أيوه عندي مشكله لأن يوسف تحت!
غمزت مريم قائلة بمكر:
-مقدرش على بُعد حبيبي
ابتسمت فرح قائلة:
-أكيد يعني يا مريوم مقدرش على بُعد حبيبي
-ربنا يهنيكم يا حبيبتي
أخذت حقيبتها من على المقعد ونظرت لوسام قائله:
-أنا همشي عشان يوسف تحت… بس كلامنا مخلصش
ردت وسام بجمود:
-لا خلص يا فرح الكلام… خلص ومتفتحهوش تاني لو سمحتِ… ولا أقولك متفتحيش كلام معايا أصلًا
-أنا بجد مش قادره أفهمك إنتِ بتتكلمي كده ليه!
-عشان إنتِ غبيه مبتفهمش الإستيعاب عندك صفر بقالي ساعه بقنعك أن مفيش حاجه بس بجد غبيه
-والله لو حد غبي هيبقا إنتِ دا إنتِ عشان تهربي من أبوكِ قولتيله بابا أنا حامل من فؤاد…
قهقهت فرح وهي تقول:
-خطه في منتهى الغباء… دبستي الراجل يتجوزك وخلاص
فار الد*م بعروقها وقالت بحدة:
-وإنتِ مالك أصلًا؟ وهو كان اشتكالك!
تدخلت مريم قائله بلطف:
-فيه ايه يا جماعه مالكوا انتوا هتتخانقوا ولا ايه؟!
عقبت فرح وهي تنظر لمريم:
-وسام الي مكبره الموضوع كل ده عشان يسألها رحيل كانت بتقول اتح…
قاطعتها وسام وهي تدفعها لخارج الغرفه:
-اطلعي بره إنتِ بجد غبية
وقفت فرح خارج الغرفه وقالت:
-أنا هعذرك بس عشان إنتِ شكلك تعبانه لكن لينا كلام كتير
أغلقت وسام الباب بوجهها ولم ترد، فابتسمت فرح بانكسار وهي تهز رأسها باستنكار ثم التفتت جوارها لتجد فؤاد يسند ذراعه للحائط بوجه متجهم فقالت:
-ربنا يعينك عليها والله
-أنا بعتذرلك بالنيابه عنها هي بس متوتره
-أنا مش زعلانه بس هي صعبانه عليا….
تنهدت بعمق وأردفت:
-أنا همشي عشان يوسف مستنيني تحت ابقى سلملي على عمتو
-طيب استني هاجي معاكِ أسلم عليه…
_______________________
يقف آصف أمام باب شقته يحمل ابنته على كتفه ويحاول فتح الباب باليد الأخرى لا يدري لمَ لا يستطيع فكل مرة كان يفعلها! تنفست هبه بعمق وابتلعت غصة في حلقها فهي تشعر بالإختناق ولا ترى دنياها إلا مظلمة، تود لو تهرب الآن لكن لا مفر، أخذت المفتاح من يده وفتحت الباب دون أن ينبس أي منهما بكلمة، انتظرت خارج الشقه ليدخل آصف أولًا ويتجه إلى غرفته مباشرة ليضع ابنته على سريرها دون الالتفات لهبه التي تدخل شقته لأول مرة، فلم تود رؤية الشقه لأنها لا تعتبرها بيتها، أما ملابسها ومستلزماتها قد وضعتها خالتها ووالدتها بالأمس، أغلقت الباب ونظرت لجدران البيت الواسع الذي يضم صالة واسعة مقسومة لنصفين، بالنصف الأول ثلاثة غرف؛ غرفة جلوس مقابلة لباب الشقه وغرفتي نوم بجوار بعضهما والنصف الأخر يغطيه ستارة بيضاء رقيقه وفوقها ستار بني بلون مقاعد للسفره، وتضم المرحاض ويجاوره المطبخ، وقفت أمام باب غرفته فنظر لها ودنا منها ثم أغلق الباب قائلًا بنبرة مبهمة المشاعر:
-الأوضه دي ممنوع تدخليها
ابتسمت بسخرية وقالت:
-ولو دخلتها يعني هيحصل ايه؟
رفع إحدى حاجبيه وقال بتحذير:
-برتقالي أنا مش عايز أتخانق من أول يوم إلي أقولهولك يتنفذ
عقبت بتحدي:
-أنا محدش يأمرني وطول ما أنا في الشقه دي هدخل الأوضه إلي أنا عايزه وقت ما أنا عايزه
نفخ بحنق وقال:
-يبنتي إنتِ ليه مصممه تجيبي لنفسك وجع الدماغ
ابتسمت ببرود وقالت بثقه:
-بص يا ريد “red “… أنا فهماك كويس أوي…
-ريد دي إلي هي أحمر بالانجليزي!
أومات رأسها بابتسامة مستفزة فأردف بسخرية:
-وبعدين فاهمه إيه هو إنتِ بتفهمي أصلًا؟
-أكيد بفهم هو إنت فاكر كل الناس دماغهم تخين زيك!
-عدي ليلتك يا برتقالي أنا مش عايز أزعلك! أنا زعلي وحش أوي!!
-مبخافش ولو عقلك بيقولك تدبـ**حلي القطه من أول يوم عشان أخاف وأكش… أنا بقا مبخافش قلبي ميـ ت
غمز لها وابتسم قائلًا بمزاح:
– يا ولاه يا جامد إنت
تظاهرت بالجديه وقالت:
-وياريت تحسن أسلوبك معايا اسمي الدكتوره هبه مش بت ومش ولاه ومش برتقالي
سند رأسه للجدار ولف قدميه حول بعضهما وقال بسخرية:
-وايه كمان؟
أشارت بسبابتها وهي تقول بملامح منكمشه:
-واوعى تصدق نفسك وتتخيل انك جوزي وكده عشان أنا هنا مامت چوري وبس مليش دعوه بيك
-ومين قالك إني عايز منك حاجه أصلًا أنا مش عايز أشوفك قدامي وطول ما احنا في البيت مع بعض متطلعيش من أوضتك
نفخت بحنق ودخلت غرفتها فقال بحدة:
-خدي هنا رايحه فين؟ احنا مخلصناش كلامنا
وقبل أن تغلق الباب قالت بحزم:
-بس أنا خلصت كلامي ومش ناويه أسمع حاجه تاني… تصبح على خير
هتف بسخرية:
-دا واضح إن حياتنا مع بعض هتبقا حلوه أوي
لتجيبه من خلف باب غرفتها بمزاح:
-اوي أوي يا حسن
عقب بجديه:
-حسن! إسمي أستاذ آصف!
أخرجت رأسها من الباب وقالت:
-أنا هناديك ريد “red” شئت أم أبيت إنت ريد
تركته مزهولًا من طريقتها وكلامها وأغلقت الباب ووقفت خلفه تضع يدها على قلبها وتمس:
– إيه إلي أنا عملته في نفسي ده! عشان أهرب من أمي حبست نفسي مع ده! ربنا يستر
وقف خارج الغرفه لحظات مبتسمًا يردد عقله كلامها، ثم دخل غرفته…
استغفر الله وأتوب إليه 🌹
____________________
مرت الأيام وبعد عشرة أيام
كانت وسام تتحاشى التعامل مع فؤاد، لأن نظراته غامضه وكلماته مبهمه لا تستطيع تفسيرها، وهو يتردد على بيت جده لكن لم يبت به ولو ليلة.
هبه تتجنب آصف وتحاول ألا تثير غضبه وهو يشدد الحصار على عواطفه ومشاعره نحوها، عادت إلي عملها كل يوم بالليل حتى قضت أسوء أسبوع بحياتها، لا تنام جيدًا ولا تأكل ولا تعيش كسائر البشر، كتائه بلا مأوى.
فرح تنتظر لتتأكد من حملها ثم تخبر زوجها وعائلتها بهذا الحدث السعيد.
رحيل وأختها اتخذا من السنتر مأوى لهما من ظلام الليل بعد أن هدم سالم بيتهما، في النهار تدخل سديل لأحد المساجد لتذاكر دروسها وتقضي نهارها وأختها ما بين جامعتها وشغلها في السنتر.
★★★★
وبعد منتصف الليل فتحت رحيل باب السنتر ومعها أختها، أضاءت المصابيح فتفاجئت بما رأت، صرخت بخفوت عندما وجدت المدرس يجلس على المقعد مبتسمًا بخبث والسكرتير الأخر الذي أفزعهما عندما أغلق باب السنتر، فكان واقفًا خلف الباب، هتف:
-أخيرًا المزز نوروا ايه التأخير ده مستنينكم من بدري!
وضعت رحيل يدها على فمها وهي تنظر للمدرس قائله بخوف:
-أنا هفهم حضرتك والله… أصل ابن عمي طردنا من البيت وأنا معرفش مكان تاني عشان كده جيت هنا مؤقتًا والله!
عقب المدرس بسخرية:
-طيب مش كنتِ تستأذني يا رحرح ولا أقول يا حراميه
رددت بتعجب:
-حراميه!
عقب السكرتير:
-ايوه حراميه أنا شوفتك بتاخدي فلوس من الدرج
بررت رحيل بخوف:
-والله العظيم ما حصل!
ابتسم السكرتير بسخرية وقال:
-يعني أنا هتبلى عليكِ فيه اتنين من الطلبه شاهدين معايا وشافوكِ!
تساقطت دموعها وهي تقول:
-والله كدب محصلش!
عقب المدرس بحزم:
-الكلام ده بقا تقوليه في المركز… قدامي إنتِ وهي
صاحت سديل:
-لأ والله يا أستاذ أختي متعملش كده!
مسك السكرتير يد رحيل فصرخت:
-اوعى كده متلمسش ايدي أنا همشي معاك
سارا حتى مركز الشرطه يشهقان ببكاء، لا يفهمان ما يجري دخل الأستاذ للظابط وخرج، وتركها يقفان كما هما، دون أن يلتفت إليهما، همس العسكري بشيء وغادر، فردد العسكري بحده:
-مش عايز صوت يا حراميه منك ليها… تخليكم واقفين لحد ما الظابط يستدعيكم
ضمت سديل أختها ببكاء وحاولت أن تطمئنها قائله بدموع:
-متخافيش يا رحيل إنتِ مظلومه ادعي ربنا وأكيد هيستجيبلك… الحمد لله انها جت على كده أنا كنت فاكراهم هيتهـ جموا علينا
شهقت رحيل باكيه وقالت بكلمات مختنقه:
-ربنا يستر
ضما بعضهما وأخذت سديل تستغفر الله طوال الليل وتدعوه أن يرسل لهما من ينجدهما من هنا!
على جانب أخر كان محمود جالسًا على مكتبه يفكر بها فلم تظهر أو أنه لم يرها طوال تلك المدة، غابت عن نظره ولم تغب عن عقله كان يبحث عنها بين الناس متلهفًا لرؤية عيناها الساحرة وابتسامتها التي رُسمت داخل قلبه فطُبعت على شفتيه، شعور ارتطم بقلبه على غفلة، أسرته من لقاء بينهما وبضعة كلمات، صار يتلفت حوله أثناء سيره بشوارع المدينه عله يراها أو يقابلها صدفة، كان قلبه ينسج كل ليلة الكثير من المواقف لمقابلتهما التاليه، حتى فقد الأمل أن يراها، قام عن مكتبه ليستلقى على الأريكه وقبل أن يفعل، دخل العسكري وسأله:
-أدخل البنتين إلي بره يا باشا؟
-هما بنتين؟! دول إلي سرقوا المدرس؟
اومأ العسكري رأسه فقال محمود:
-لا متدخلهمش خليهم يكلموا حد من أهلهم يجي يضمنهم… أنا هنام ساعتين…
اومأ العسكري رأسه وخرج ثم أغلق الباب خلف ظهره، واستلقى محمود يفكر فيها وينسج أحلامه معها حتى غفت عيناه..
________________________
وفي الغلس قبل انبثاق ضياء الصباح بعد أن أدت وسام فريضة الفجر، رقدت على سريره كما تفعل كل يوم بعدما تصلي الفجر، لكن اليوم تشم عطره وكأنه كان يرقد هنا قبل دقائق، أخذت تستنشق أريجه ليتحر**ش بحواسها، لطلما عشقت رائحته التي لم يغيرها منذ الصغر هتفت بحنين:
-وحشتني أوي
سندت خدها على الوسادة وتخيلت أنها تكمن بين ذراعيه وغطت في سباتٍ عميق.
على جانب أخر أغلق فؤاد باب الشقه خلف ظهره بهدوء كي لا يوقظهما، دخل إلي غرفته فوجدها تحتضن الوسادة وتسبح في بحر النوم، ابتسم وجلس جوارها انحنى ليقبل يدها باشتياق، أزاح خصلات شعرها عن وجهها ليتأمل ملامحها، خاف أن يقلقها فقام بهدوء وخرج مغلقًا الباب خلف ظهره بخفوت، دخل لغرفة الجلوس واستلقى على الأرض محدقًا بسقفها سالت الدموع من مقلتيه كحاله دائمًا كلما تخيل ألمها وما ذاقته، لم يتأكد بعد لكن مجرد تخيله لهذا يلطخ قلبه أشجانًا، ظل هكذا حتى سرقه النوم وغفت عيناه…
سبحان الله♥️
________________
ولى الدجى وتنفس الصبح، هدأت أصوات الديكه وارتفعت أصوت نهيق الحمير، لتخبرنا أن الملائكة صعدت للسماء واستيقظ شياطين الإنس!
كانت حبيبة تقف بجوار ساميه يخططان لشيء، لتقول ساميه بخبث وحقد:
-امشي ورايا يا حبيبه وأنا أجوزهولك… وأخلصك من بنت عمران
مصمصت حبيبه شفتيها وقالت بحسرة:
-ما أنا مشيت ورا حنان زمان وفي الأخر سابتني محتاسه لوحدي…
لكزتها في ذراعها قائلة:
-بس المره دي مش هتخيب… هجوزهولك وهتشوفي
عقبت حبيبه بحقد:
-أنا مش فارق معايا أتجوزه بس لو مش ليا ميكونش لحد تاني
-اطمني إحنا كده جددنالها العمل وعمرها ما هتخلف! وأكيد هو مش هيستحمل… مفيش راجل بيستحمل يعيش من غير عيال… دورك بقا تلفتي نظره
-ماشي يا ساميه همشي وراكِ للنهايه… وكمان إلي طلبتيه هنفذهولك النهارده
عقبت ساميه بحقد:
-أيوه انجزي أنا عايزه أتجوز سليمان في أسرع وقت عشان أبدأ خطتي
أومأت حبيبه رأسها بطاعه وقالت:
-حاضر
على جانب أخر استيقظت فرح من نومها وفتحت عينيها متأوهة أثر ألم بطنها، اعتدلت جالسة ثم صرخت وهي تنظر لسريرها الملطخ باللون الأحمر من الد**ماء، صرخت وصاحت بقلق:
-لا…. لا… الحقني يا يوسف…
شهقت باكيه وهي تناديه:
-يوسف الحقني
استغفروا❤️
______________________
لم تنم هبه طوال الليل تقسم أنها إذا ظلت بتلك الحاله لأسبوع أخر، ستهلك لا محاله! فتحت الباب بهدوء وأغلقته بخفوت كي لا يشعر بوصولها، سمعت صوت جريان المياه بالمرحاض فعلمت أنه استيقظ، نظرت داخل غرفته لجوري النائمه وابتسمت بحب، دخلت الغرفه لتقبلها، ثم خرجت فتفاجئت به أمامها خارجًا من المرحاض يضع المنشفه على وجهه ويغني:
-يا حلو صبح يا حلو طل يا حلو صبح نهارنا فل… تيرا تيرارارارا… مكتوب عليا اهمهم هم هم همام وترنرنرن تيرانرارن تيراران
اختبأت خلف الستار وأخرجت هاتفها بسرعه لتصوير ما يفعله، بدأ يهز جزءه العلوي راقصًا وهو يدور حول نفسه مهمهمًا بكلمات غير مفهومه على لحن الأغنيه فهو يحفظ اللحن لكن لا يحفظ الكلمات! ظل يتراقص عليها بطريقة شرقيه لكنها مضحكة، سحب المنشفة عن وجهه ووضعها على خصرها ليكمل رقص وهو يصنع موسيقى مضحكه بفمه، وفجأة اعتدل واقفًا بوضع ظابط في الجيش أخذ يمشي بالشقة كأنه في طابور للجيش مغنيًا:
-قوم يا مصري مصر بره بتناديك
ردد الجمله مرتين أو ثلاثة حتى وصل المطبخ واختفى بداخله، فسارت على أطراف أصابعها لتصوير الباقي وهي تكبح ضحكاتها فتلك هي فرصتها لتسهر منه كيفما شاءت، ومشهد فكاهي ستضحك عليه كلما شعرت بأي نصب يدنو من قلبها.
وقف يعد الفطور وهو يتحدث مع نفسه قائلًا:
-بناديك تعالى
أشار لنفسه قائلًا بابتسامه:
-أنا ديك كوكوكوكو… تعالى
حاولت كبح ضحكاتها لكن خرج منها ضحكة فسمعها وركض لباب المطبخ اتسعت حدقتيه بصدمه عندما وجدها واقفه تضغط شفتيها معًا، جحظت عيناها عندما رأته أمامها وأخفضت هاتفها وهي تنظر به لتتأكد من حفظ الفديو وهي بقمة ارتباكها، ليزداد الأمر سوا عندما تضغط تشغيل الفيديو بالخطأ ويصدر الهاتف صوت آصف:
“يا حلو صبح يا حلو طل…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسام الفؤاد)