رواية وسام الفؤاد الفصل الخامس 5 بقلم آية السيد
رواية وسام الفؤاد الجزء الخامس
رواية وسام الفؤاد البارت الخامس
رواية وسام الفؤاد الحلقة الخامسة
“وسام! إنتِ لابسه ليه كده؟”
قالت وهي تلهث من أثر الركض:
-إنت جيت في وقتك عارف لو مش حرم والله كنت هبوسك دلوقتي
غمر بعينيه قائلًا:
-طيب إيه رأيك نخليه حلال؟
سألته بلهفة شديده وكأنها تريد تقبيله بجديه:
-إزاي؟
ابتسم قائلًا:
-تتجوزيني؟!
شهقت بصدمة واعتدلت واقفه وهي تتمتم بتلقائية:
-قليل الأدب
سمع ما قالته ونهض متاوهًا وهو يقول بسخرية:
-لو حد هنا قليل الأدب يبقا إنتِ حد يقول لواحد لو مش حرام كنت هبوسك! يا خسارة تربيتي فيكِ
نظرت خلفها لبداية السلم فقد كان والدها يركض ليتبعها، جحظت عيناها ونظرت لفؤاد قائلة بلهفه:
-يلا بسرعه!
ابتسم قائلًا بمرح:
-إيه نتجوز؟
قطبت حاجبيها قائله بنزق:
-نتجوز إيه! يلا نهرب
نظر لوالدها الذي أوشك أن يدنو منهما وقال باستفهام:
-إنتِ عملتِ إيه؟ هما عاوزين يجوزوكِ بالعافيه ولا إيه!؟
ركضت للخارج وتبعها ركضًا وهو يقول:
-خدي هنا فهميني لابسه كدا ليه وعملتِ إيه وفيه إيه!
وقفت أمام سيارته ونظرت له قائله بارتباك:
-هفهمك كل حاجه بس في الطريق عشان لو لحقوني هيعملوا مني بوفتيك
تنهد فؤاد ووقف لوهله يفكر بكلامها فنظرت خلفها بخوف قائله بعفويه:
-يلا يا حبيبي الله يهديك
ابتسم ونظر لها بمكر قائلًا ببلاهه:
-إنتِ قولتِ إيه؟!
زمت شفتيها قائله:
-لا ركز كدا مش وقته خالص
ابتسم وهو يفتح سيارته ويقول:
-ماشي بس إنتِ قولتِ حبيبي
لم تلاحظ ما قالته لتوها شهقت بصدمه وهتفت:
-أنا!
رأت والدها يخرج من البيت يلتفت حوله بتحثًا عنها فتوارت خلف سيارة فؤاد وهي تقول:
-يلا يا فؤاد عشان بابا وراك
وهنا أدرك ما يتوجب فعله وفتح سيارته ليركبا وينطلقا على الفور، رأها والدها بعد أن إنطلقا بالسياره، كان جواره سالم الذي يزئر بغضب، فهتف سالم:
-عجبك عمايل بنتك دي؟!
نفخ وحيد بحنق وقال:
-وأنا في إيدي إيه أعمله! بنت كل**ب متربتش
فرك سالم يديه معًا وزم شفتيه بغضب ثم قال بنبرة حادة:
-أنا خلاص مش عايزها ومش هتجوزها بس أنا عايز ٢٠ ألف جنيه حساب الفستان إلي هي لبسته
عقد وحيد بين حاجبيه مستفهمًا بتعجب:
-وإنت شاري الفستان ب ٢٠ ألف؟!
وضع سالم يده بإحدى جيوب بنطاله وقال:
-أيوه وعايز حسابه وإلا مش هيحصل كويس
شهقت وحيد وصفق بيده كأنه يردح وقال:
-وأنا مالي يخويا حد كان قالك تجيبلها فستان روح بقا خد فلوسه منها
صاح سالم بغضب:
-إنت بتكلمني كدا ليه؟
دفعه وحيد بقوة ليتجه نحو سيارته وهو يصيح بغضب:
-ولا غور من قدامي كفايه إلي أنا فيه جتك نيله في ذوقك ملقتش غير المعتوهه دي وتحبها!
وجه وحيد له نظرة متهكمه وتركه ليستقل سيارته ويغادر، أما سالم فركب سيارته وانطلق مغادرًا وهو بقمة غضبه، يتوعد وسام بداخله وينوي ألا يمرر لها ما فعلته!
_____________________________
على جانب أخر انفجرت بالضحك وهي تقول:
-ميعرفوش إني عندي موهبه أقدر أقلد صوت طفل وراجل وست وكل الأصوات
رمقها فؤاد بدهشة قائلًا بذهول:
-يا نهار أبيض يا وسام إنتِ بجد عملتِ كده؟
ابتسمت بفخر قائلة:
-أيوه وضربتهم كلهم
انفجر بالضحك وقال من خلف ضحكاته:
-أنا مش قادر أتخيل المنظر والله
ابتسمت باعتزاز وقالت:
-أنا كدا أخدت حقي ولو بابا جه ياخدني تاني هولعلهم في الشقه
ضحك قائلًا:
-مجنونه وتعمليها
رفعت رأسها بشموخ كأنها تطمئن حالها:
-أنا مش ضعيفه أنا قويه وأقدر أجيب حقي كويس جدًا
ابتسم وهو يرمقها بإعجاب ثم نظر أمامه ليكمل طريقه وهو يقول:
-طبعًا قويه وطول ما أنا معاكِ متقلقيش من أي حاجه
ابتسمت وهي تهمس: شكرًا
_________________________________
“حرام عليكِ كفايه زن ارحميني”
قالها شاب في أواخر العشرينات من عمره بنزق، لطفله لا يتعدى عمرها الخمسة أعوام، كانت الطفلة تبكي وتصرخ لأنها تريد لعبة، أبى هذا الشاب رافضًا أن يشتريها لها، هتفت الطفله ببكاء:
-بابا… هاتلي العروسه… عايزه العروسه
سحبها من يدها بقوة وهو يقول بغضب عارم:
-ياربي على الزن إلي مبيخلصش أنا بجد زهقت منك ومن قرفك مفيش عروسه انسي
نفخ بحنق ورفع سبابته بوجهها مجعدًا ملامحه بغضب ثم قال بنبرة حادة:
-اقعدي هنا متتحركيش على ما أجيبلك طفح
أردف وهو يبتعد خطوتين:
-وبطلي زفت عياط
تابعت هبه الحوار وبمجرد ابتعاده عن الطفله التي كانت رقيقة الملامح بيضاء البشرة ترتفع عن الأرض بقليل، فهي نقطة ضعفها الأطفال هرولت نحوها وانحت لمستواها لتملس على شعرها الناعم المنسدل إلى بداية كتفها وتقول:
-بتعيطي ليه يا قمر
ارتعبت الطفله ونظرت خلفها تبحث بنظرها عن والدها، أخرجت هبه بالون من حقيبتها ونفختها ثم ابتسمت وهي تقتربه منها قائله:
-متخافيش يا قلبي خدي دي هديه مني ليكِ بس بلاش دموع بقا
مسحت الطفله دموعها ومدت يدها لتأخذ البالون مبتسمة ليقاطعها صوت والدها الذي دب الرعب بقلبها فانتفضت وسحبت يدها على الفور ولم تأخذ البالون، دنا والدها منهما راكضًا ونظر لعبه قائلً:
-چوري!؟
ازدردت الطفله ريقها بتوتر وأشارت نحو هبه قائله ببراءه:
-دي هي يا بابا قالت هديه
نظر الشاب لهبه قائلًا:
-شكرًا مبنقبلش هدايا من حد منعرفهوش
انفعلت هبه قائله بحدة:
-حرام عليك إلي بتعمله دي! دي طفله صغيره إنت بتكلمها كدا ليه؟
رد الشاب ببرود مستفز:
-متتدخلش بيني وبين بنتي لو سمحت لأن محدش طلب رأيك!
هتفت هبه بهدوء وهي تشير نحو الطفله:
-يا أستاذ البنت مرعوبه منك… إنت متخيل إنك المفروض مصدر الأمان ليها!… عاملها بلطف شويه دي كائن رقيق وبرئ بلاش تدمر برائتها ورقتها بمعملتك القاسيه!
زفر الشاب بقوة وقال بلامبالاه:
-ماشي شكرًا على النصيحه
نظر لإبنته قائلًا بهدوء:
-يلا بينا يا چوري
أوقفته هبه وهي تنحني لمستوى الطفله مجددًا:
-طيب لحظه
مدت يدها بالبلون قائله بابتسامة عذبه:
-خلاص بابا وافق على الهديه
نظرت الطفلة له فأومأ برأسه بنفاذ صبر ليتخلص من تلك الواقفه أمامه، ابتسمت الطفله وأخذت البالون، وابتسمت هبه بسعادة وهي تملس على مقدمة رأسها قاصدة شعرها فتجهم وجهها فجأة ووضعت يدها تتحسس جبين الطفلة قائله بصدمه:
-البنت مولعه نار!
اتسعت حدقتيه وحملها بلهفه ثم وضع يده على رأسها وهتف:
-يا نهار أبيض
نظر لطفلته وسألها:
-إنتِ تعبانه يا چوري؟
اومأت الطفله رأسها قائله:
-رجلي وجعاني ودماغي
قبل يدها بحنان قائلًا:
-يحببتي مقولتليش ليه؟
عاتب حاله قائلًا:
-أنا إزاي مأخدتش بالي!
شهقت الطفلة باكيه وقالت:
-عشان إنت وحش بتعصب عليا
ضمها بحب وهو يقول:
-أنا آسف يا روحي بس كنت زهقان شويه…. يلا حالًا هنروح للدكتور
كانت تتابع كلامه بدهشه، كيف تغير فجأة فقد ظنته أسوء من ذالك، ابتسمت وهي ترمقهما بإعجاب وقالت:
-مفيش داعي تروحوا لدكتور أنا ممكن أكشف عليها
نفخ الشاب بحنق وعقب بامتعاض دون أن ينظر إليها:
-شكرًا مش محتاج مساعده
غادر دون أن يعقب بكلمة أخر أما هي فوقفت غير مستوعبه إحراجه لها وهزت رأسها باستنكار قائله:
-إيه الراجل الغريب ده!
أردفت هامسة لحالها:
-هي مالها بردت كدا ليه ولا أنا باينلي محروجه ولا إيه!
___________________________________
“وقف يا فؤاد هنا بسرعه”
قالتها وسام وهي تفتح باب السيارة قبل أن يوقفها فهتف وهو يوقف القيادة:
-إيه يا بنتي عايزه إيه؟!
ارتجلت وسام من السياره متناسية تمامًا أمر فستانها الذي ترتديه والذي يدفع أي شخص ينظر إليها أن يظنها عروس بليلة زفافها، وقفت أمام البحر ضيق العرض لكنه طويل يمتد لمسافة بعيدة عن مد البصر، شعرت بلسعة برودة تلفح جسدها فأصابتها بقشعريره تصيب قلبها بالسعادة فهي تحب الشتاء وبرودته، ركن سيارته وارتجل خلفها ابتسم وهو يقف جوارها فرمقته سريعًا وقالت بنبرة هادئة مرحة:
-لا تقولي بحر إسكندريه ولا كورنيش القاهره ترعة كفر الشيخ تغلب
ابتسم ولم يعقب ساد الصمت للحظات فسألها:
-لسه بتحبي الشتا يا وسامي
رمقته بطرف عينيها وقالت مبتسمه:
-وسامي! مسمعتهاش منك من زمان أوي
ابتسم وهو يحدق بالفراغ أمامه قائلًا:
-أحب الحياة بعتمتها وظلامها وأعشق برد الشتاء فأرتدي ملابس خفيفة لأشعر بلسعة البرودة ولذتها
نظرت له بدهشه وقالت بتعجب:
-أنا إلي كنت كاتبه الكلام ده على الفيس بس من فترة طويلة أوي هو إنت؟..
أومأ رأسه وابتسم قائلًا:
-وصلت للأكونت وأخدت فيه لفه
-يااااه وصلت البوستات من تلت سنين واضح إن اللفه كانت طويله
ابتسم قائلًا بحب:
-وقع قلبي بهواكِ مغرمًا، فرضخ عقلي لحبك مرغمًا
ابتسمت على جملته وصمتت طويلًا تدعي الغباء! وقفت تنظر للسماء بشرود أغلقت عينيها تتمنى لو لم يأخذها والدها من بيت خالتها فترعرعت بجوار فؤاد، هل كان سيسمح لها بالنوم بأحضانه حتى الآن كما كانت تفعل في طفولتها! نفضت الأفكار من رأسها وعنفت نفسها بماذا تفكر؟ ولمَ تفكر هكذا! كان يتابعها قاطع شرودها قائلًا:
-مردتيش يعني؟
فتحت عينيها وقطبت حاجبيها قائله:
-على إيه؟
ابتسم قائلًا بجدية:
-تقبلي تتجوزيني يا وسام؟
زفرت بقوه وقالت:
-بلاش هزار يا فؤاد بالله عليك
عقب بجديه:
-بس أنا مش بهزر أنا بتكلم بجد وفعلًا عاوز أتجوزك
أغلقت عينيها ثم فتحتها بسرعه وقالت بنبرة هادئة:
-أنا آسفه يا فؤاد بس أنا عمري ما تخيلتك جوزي
وضع يده أسفل ذقنه وضيق عينيه قائلًا باستفهام:
-أومال تخيلتيني إيه؟!
تنهدت بقوة وهي ترفع بصرها لأعلى قائله بتردد متلعثمه:
-أ… أخويا إنت في مقام أخويا الكبير….
ابتسم وقال ساخرًا:
-لأ أمك هي أمي ولا أبوكي أبويا ولا حتى راضعين على بعض يبقا إزاي أخوكي
فركت يدها بارتباك واستدارت للإتجاه الأخر لتهرب من نظراته، ابتعدت عنه خطوات وهي تقول بتلعثم:
-أ… أنا شايفاك أخويا!
وقف أمامها ليقول أخر جملة توقعت أن يتفوه بها:
-وسام أنا بحبك
هي كلمة لكنها كانت كفيله لتوغل تلك الرجفه لثنايا قلبها، أغلقت عينيها تحاول إستيعاب ما قاله هل هذا حلمًا؟ أم أنه قالها بالفعل! تنهدت بقوه وفتحت عينيها تحدق بالفراغ لتستطيع تجميع كلماتها، كان يحدق بها مترقبًا رد فعلها، هتفت قائله بارتباك ظهر جليًا على صوتها:
-وأنا كمان بحبك….
تهللت أساريره وابتسم فرحًا، فوضحت وسام قائله:
-لكن زي أخويا
تجهم وجهه واختفت ابتسامته لوهلة ثم ابتسم ساخرًا وهو يلتفت حوله ويتحرك بانفعال لعدم إستيعابه ما قالت، رمقها بغيظ من كلمتها؛ أخوها! لمَ تكذب تلك الحمقاء؟ وكيف له أن يخطئ في حكمه على نظراتها وأفعالها التي توضح حبها له؟ حاول كظم غيظه عنها ونظر أمامه للفراغ وقال بنبرة هادئة:
-وأنا مش أخوكي يا وسام أنا إبن خالتك
أردف بحزم وإصرار:
-وعلى فكره إنسي إنك تكوني لحد غيري
نظرت إليه وهزت رأسها بالنفي قائلة بانكسار وبنبرة خافته:
-لا ليك ولا لغيرك أنا منفعش لحد أصلًا
استدار إليها بكامل جسده ليصوب نظره عليها وعقد جبينه قائلًا باستفهام:
-وسام إنتِ فيه حاجه مخبياها؟
تنهد بقوة وقال:
– احكيلي يا وسام صدقيني محدش هيخاف عليكِ زيي ولا حد هيحبك قدي احكيلي عشان أساعدك
أغلقت عينيها بألم وفتحتها تحاول التماسك أمام كلماته:
-فؤاد أرجوك متصعبهاش عليا! أنا مش محبيه حاجه كل الحكايه إني مش عايزه أتجوز نهائي
هز رأسه بالنفي وقال بثقه:
-عينك فضحاكِ وبتأكدلي إنك بتكذبي
غيرت مسار الحوار لتنهيه قائله:
-يلا نمشي
نفخ بحنق وضغط على أسنانه قائلًا:
-لما نكمل كلامنا
تنهدت بألم قائله:
-كلامنا خلص خلاص… ربنا يرزقك بالزوجه الي تسعدك
هتف بحزم:
-محدش هيسعدني غيرك
عقبت بنبرة مرتفعة تهتف بحسرة:
-قصدك محدش هيتعسك غيري
سألها مستفهمًا:
-ليه؟ ليه بتقولي كدا؟
نظرت أمامها ولم تعقب فأردف بتحدي وهو يشير لنفسه:
-أنا مش هيأس يا وسام إنتِ عارفه إني عنيد ومبتنازلش عن حاجه تخصني
أشار بيده نحوها مردفًا:
-وإنتِ بتاعتي ياريت تفهمي ده! ومش بسهوله كدا هتنازل عنك!
خانتها ابتسامتها وهي تحدق بملامحه الجادة، سعيدة بتمسكه بها لتلك الدرجه، ابتسم حين لاحظ لينها وتأكد أنه أحرز هدفه الأول بمرمى قلبها، غيرت نظرها لإتجاه أخر وغيرت الموضوع معقبة بجديه:
-ممكن أطلب منك طلب؟
وضع إحدى يديه بجيب بنطاله وقال بجديه:
-طلب! يا نهار أبيض دا إنتِ تأمري وأنا أنفذ
تنحنحت بإحراج قائله:
-أنا جعانه ومعيش فلوس هاتلي بسكويت أو أي حاجه
ابتسم قائلًا:
-تصدقي أنا كمان جعان…
أردف وهو يدنو من سيارته:
-تعالي أنا عارف مطعم حلو أوي
هرولت خلفه ووقفت أمام السياره تهز رأسها بالنفي وهي تقول:
-لأ مطعم إيه! أنا مش عاوزه أكلفك؟
قبض يده وصوبها تجاهها كأنه سيضربها وقال مبتسمًا بمرح:
-بس يا هبله يلا اركبي
فتح سيارته وركبت جواره حتى وصلا للمطعم ودخلا معًا، كانت العيون مسلطه عليهما، لاحظت وسام تسلط النظرات عليهما، فتذكرت أنها ترتدي فستان زفاف، نظرت لفؤاد الذي يرتدي بدلته الأنيقه وابتسمت فحتمًا سيظنهما الجميع زوج وزوجه بليلة زفافهما، جلس وجلست مقابله على الطاوله هتفت بهمس:
-فؤاد إنت مش واخد بالك إن الناس كلها بتبص علينا
ضحك قائلًا:
-تلاقيهم فاكرينا عريس وعروسه…
وضع يده أمام فمه ليواري الكلمات التي سيقولها
غمز بعينيه وأردف قائلًا بهمس:
-عريس وعروسه بس طفسين شويه جاين يتعشوا قبل الفرح
انفجرت بالضحك وقاطع ضحكاتهما صوت فتاة صغيره تمر جوارهما:
-عمو عروثتك “عروستك” حلوه أوي
ابتسم فؤاد وهو ينظر لها:
-ما أنا عارف أحلى واحده أصلًا
أخفضت وسام بصرها في حياء ولم تعقب، ساد الصمت بينهما وانشغل فؤاد بهاتفه، حتى قاطعها صوت هز أركان قلبها رعبًا عندما ضرب أحدهم الطاوله بيده بعصبيه وقال:
-بقا إنتِ مقضياها هنا وإحنا هنتجنن عليكِ يا عروسه
هتفت وسام بخوف:
-بابا!
_______________________________
دخل يوسف شقته ووضع مفاتيحه جانبًا، بحث عنها بعينه ثم توجه لغرفة النوم ليجدها تهندم حجابها أمام المرآه، رفع إحدى حاجبيه قائلًا:
-لابسه كدا وكأنك خير اللهم اجعله خير خارجه
شهقت والتفتت له قائله:
-خضتني يا يوسف… إنت جيت إمته؟
جلس على طرف السرير وهو يقول:
-لسه جاي
سارت خطوات لتقف مقابله مباشرة وتقول:
-أنا كنت رايحه عند ماما
ابتسم بسخرية وقال متعجبًا:
-والله! وكنتِ ناويه تخرجي كدا من غير إذن قفص الطماطم إلي في البيت
وضحت فرح قائله:
-لأ ما أنا عارفه إنك عند ماما صفاء وكنت هقولك وأنا نازله
عقد جبينه وقال باستهزاء:
-هتقوليلي وإنتِ نازله لا فيكِ الخير والله!
لتعقب بمرح وهي تتجه نحو المرآه مجددًا:
-سيد عيب متقولش كدا إحنا أهل
نهض واقفًا وتفحصها سريعًا قائلًا:
-بس حلو أوي الإسدال ده
مسكت طرف إسدالها الأزرق ولفت به بفرحة قائله:
-بجد عجبك؟ أنا ول مره ألبسه
تجهم وجهه وهو يدقق النظر لشفتيها قائلًا:
-وإيه دا إن شاء الله روج ده إلي على شفايفك
هزت رأسها نافيه وقالت:
-لأ دا زبدة كاكاو بس بالفراوله
غمر لها بعينه وابتسم قائلًا:
-فراوله تحط فراوله طيب ازاي؟!
أردف بحب:
-لأ قمر بجد يا فراولتي إيه الجمال ده!
أومأت رأسها مبتسمه وهي تقول:
-أنا عارفه إني جميله أوي
ضحك قائلًا:
-ربنا يزيدك تواضع يحببتي اخلعي بقا عشان مفيش خروج
جحظت عيناها وقالت بصدمه:
-إيه!
جلس على المقعد وقال ببرود:
-إيه! بقول مفيش خروج
تجعدت ملامحها وصرخت:
-يعني إيه؟!
ليرد بنفس البرود:
-يعني مفيش خروج وأنا كلمتي متنزلش الأرض أبدًا
وضعت يدها حول خصرها وصاحت قائله بنبرة مرتفعه:
-يوسف!
ابتسم ابتسامة صفراء وقال:
-تنزل المره دي يلا يا حبيبتي عشان أوصلك
ابتسمت بانتصار فائله:
-أيوه كده
ابتسم واقترب منها ثم أخذ منديلًا من جواره ليمسح شفتيها وهو يقول:
-متكرريهاش تاني أنا عايزك جعفر بره البيت
ابتسمت وضمته قائله:
-حاضر
شم رائحة عطرها النفاذ ودفعها بخفه قائلًا بدهشه:
-إنتِ حاطه برفن؟
أومأت رأسها قائله بتبرير:
-شويه صغيرين والله!
عقب بجديه:
-تمام أوي غيري بقا الهدوم دي وإلا بجد مفيش خروج
دبدبدت قدميها بالأرض بغضب طفولي وقالت:
-يوووه بقا إنت بقيت تتحكم فيا وأنا مبحبش كدا
نظر لعينيها بحنو ووضح قائلًا:
-فرح إنتِ مسؤليتي مش تحكم فيكِ بالعكس أنا خايف عليكِ
فتح خزانة الملابس وأخرج ثياب أخرى وهو يقول:
-إلبسي ده
نظرت للملابس بيده وأخذتها منه قائله بنزق:
-ماشي يا يوسف
________________________________
نهض فؤاد ونظر لوحيد الغاضب قائلًا:
-إتفضل أقعد يا عمي نتفاهم
رد عليه وحيد بتهكم:
-نتفاهم!
نهضت وسام واقفه ازدردت ريقها بقلق خائفه من رد فعل والدها الذي اقترب منها وقبض على ذراعها قائلًا بتهكم:
-أهلًا ببنتي الي معرفتش أربيها
جذبها من يدها بعنف ليخرجا من المطعم فهتفت برجاء وهي تنظر نحو فؤاد:
-سيب إيدي يا بابا أنا مش راجعه معاك ومش هينفع أتجوز سالم
سحبها وهو يقول بنبرة هادئة:
-امشي قدامي مش عايز اعتراض
سارت جواره بهدوء حتى خرجا من المطعم ويتبعهما فؤاد بصمت وسط نظرات الناس وهمهماتهم، أما هي فلم تستطع تجميع أي كلمة ولا تقدر على إفلات ذراعها من قبضته القوية وهتفت بصوت خافت لكن وصل لمسمع فؤاد:
-بابا أنا متجوزه فؤاد من زمان وحامل كمان
دقت الجمله التي نطقتها على طبلة أذنها ويكأن شخص أخر قد تفوه بها فأصابتها بالذهول والدهشه بل بالصدمه، جحظت عيني فؤاد من حماقة ما قالته، اتسعت حدقتي وحيد وترك ذراعها مرددًا بصدمة:
-حامل!
صفعة قويه رطمت وجهها من أبيها، مع صرخة من فم وسام هزت قلب فؤاد، وضعت وسام يدها على وجنتها تتحسس أثرها بألم، ومن ناحية أخرى انتفض فؤاد وكأن الصفعة ضربت جدران قلبه، وعلى الفور وقف حائلًا بين وحيد ووسام ونظر لوحيد قائلًا برجاء:
-لو سمحت يا عمي الناس بتتفرج علينا، خلينا نتفاهم بهدوء
تجاهل وحيد كلامه ونظر لوسام بحسرة قائلًا:
-ويا ترى بقا كنتِ بتقابليه امته وفين؟ يا خسارة يا بت وجدان… أنا ليا كلام تاني مع جدك
نظر لفؤاد قائلًا بتهكم:
-مبروك عليك أهي عندك اشبع بيها
أردف وهو ينظر لوسام التي تخفض بصرها بخجل:
-وإنتِ مشوفش خلقتك طول ما أنا عايش وإلا هقتلك بإيدي
تركهما وغادر فالتفت فؤاد لينظر إليها وقال بعتاب:
-إيه إلي إنتِ قولتيه ده؟
هزت رأسها بعنف وخرجت العبرات من مقلتيها وهي تقول:
-معرفش صدقني معرفش… معرفش قولت كدا إزاي!
زفر بقوة وأخرج المفاتيح من جيب بنطاله قائلًا بسرعة:
-خدي افتحي العربيه واقعدي فيها هروح أجيب الأكل ونطلع بسرعه على البيت قبل ما أبوكِ يفضح الدنيا
أخذت المفاتيح من يده ومازالت تبكي فهتف برجاء:
-إلي حصل حصل بلاش عياط كل حاجه هتتحل ان شاء الله
_________________________________
“إيه أخبار الجنين؟”
قالتها شاهيناز بصوت مرتفع في تجمع عائلي بغرفة واسعة بحديقة المنزل تضم جميع الأفراد، لتهتف فرح بذهول:
-جنين! تاني يا زكي تاني يبني؟
ضحك يوسف على طريقة فرح، فهتفت شاهيناز بابتسامة عذبه:
-هااا لسه الأعراض مبهدلاكِ ولا خفت شويه؟
نفخت فرح بحنق وقالت بامتعاض:
-لما أسكت عشان متعصبش على حد وأقوم أقلبله المطبخ
تنحنح يوسف قائلًا بابتسامه:
-لسه مفيش جنين يا حماتي إدعيلنا
تنهدت شاهيناز وقالت بجديه:
-والله يبني دائمًا أدعيلكم
ليعقب يوسف:
-كثفي الدعوات بقا
لكزت شاهيناز فرح بيدها وقالت:
-على فكره ربنا هيكرمك يا بت عشان دائمًا بدعيلكم وأنا واقفه على الحوض بغسل المواعين
لترد فرح باستهزاء:
-واقفه على الحوض! قال يعني بتبقي واقفه على عرفات
مصمصت شاهيناز بشفتيها ووجهت نظرها ليوسف قائله:
-شوف البت وطول لسانها!
رفع يوسف يديه الإثنين قائلًا:
-أنا واخدها كدا
ضحك الجميع فرد هشام “والد فرح”:
-ما إنت بتقولي كلامي غير منطقي برده إيه واقفه على الحوض وبدعيلكم دي
ليعقب الجد:
-دا توضيح لمكان الدعوة قد يكون المكان دا مبارك يا هشام محدش عارف
رفعت شاهيناز إحدى حاجبيها قائله:
-إنتوا بتتريقوا عليا ولا إيه!
لم يرد أحد بل ضحك الجميع وهتف نوح قائلًا:
-وحياتك يا ماما إبقي افتكرني في دعوة كدا أنا كمان وإنتِ على الحوض
رفعت شاهيناز سبابتها قائله بجديه:
-والله يبني بدعيلك دائمًا وأنا قدام البوتاجاز بطبخ
ضحكت فرح بقوة وعقبت:
-قدام البوتاجاز! قال يعني قدام الكعبه!!
ضحك الجميع فعقب هشام:
-متنسينيش في دعوة كدا وإنتِ قدام التلاجه يحببتي
ضحكت شاهيناز قائله:
-أنا فعلًا بدعيلك قدام التلاجه عشان إنت إلي دائمًا معمرها
ضحك الجميع وقاطعتهما وهيبه التي أطلقت زغروده عالية التفت على أثرها الجميع، فغرت فرح فاها وهي ترى وسام تدخل للبيت ترتدي فستان زفاف أبيض بجوار فؤاد، أقبلت وهيبه تضمهما وتقبلهما قائله:
-ألف مبروك يا حبايبي
ثم أطلقت زغرودة أخرى وصفقت بيدها وهي تغني” إن شاء الله تعمريها وعيالك يجروا فيها” ، وقف الجميع ينظر صوبهما بذهول نظر فؤاد لوالدته قائلًا:
-معلش بقا يا ماما ملحقتش أقولك إن أنا….
قاطعته والدته وهي تبدل نظرها بينهما وضربت صدرها بيدها قائلة بصدمه:
-اتجوزتوا!!
سألهما هشام وهو يبدل نظره بينهما:
-فهمونا في إيه؟
وقبل أن يرد فؤاد اقتربت شاهيناز تضم وسام وتقول بأعلى صوتها:
-والله يا عيال لايقين على بعض أنا كنت دايمًا أدعيلكم وأنا واقفه على الحوض
نظر يوسف لفرح قائلًا بهمس:
– لا واضح إن الحوض ده سره باتع
سأل الجد فؤاد:
-هو فيه إيه يا فؤاد إتكلم ساكت ليه؟
ليعقب فؤاد قائلًا:
-جماعه اهدوا كدا وأنا هفهمكم كل حاجه
وقبل أن ينطق بكلمه سبقه دخول وحيد للبيت ومعه عبير التي تدخن من شدة الغضب وينطلق من عينيها شرارة نار تقذفها صوب وسام، وقفت وسام خلف ظهر فؤاد لتختبئ من نظرات الجميع لها، فنظر لها فؤاد بإشفاق قائلًا:
-متخافيش كله هيتحل
إزدردت وسام ريقها بتوتر، وجه الجميع نظره نحو وحيد وزوجته وبدون أي تحيه وقف وحيد أمام الجميع وقال بنبرة حادة:
-ينفع إلي حصل ده يا حج ماجد!
ليعقب الجد:
-إحنا مش فاهمين أي حاجه حد يفهمنا فيه إيه؟
هتفت عبير لتفجير تلك القنبله بنبرة باردة يشوبها التهكم:
-وسام حامل من إبنكم!
أشار وحيد لفؤاد يرمقه بنظرات حادة كالصقر الذي يستعد لينقض على فريسته قائلًا بغضب:
-ابنكم منه لله ضحك عليها…..
شهقت والدته بصدمه ونظر لهما الجميع بارتياب، التفت فؤاد ينظر لوسام بعتاب ويلومها قائلًا:
-عاجبك كده! الله يسامحك يا وسام
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسام الفؤاد)