رواية وسام الفؤاد الفصل الثامن 8 بقلم آية السيد
رواية وسام الفؤاد الجزء الثامن
رواية وسام الفؤاد البارت الثامن
رواية وسام الفؤاد الحلقة الثامنة
“قوم يا فؤش هتفضل نايم طول النهار ولا إيه؟!”
أشعلت والدته الضوء فشهقت هبه بدهشه، وضربت والدته صدرها بصدمة هي تقول:
-يالهوي!!!!
دققت هبه النظر للفتاه التي ترقد بجواره وهتفت بدهشة: دي وسام!
تملل فؤاد في نومه، وضعت والدته يدها حول خصرها ورفعت إحدى حاجبيها لأعلى منتظرة انتباهه، وضغطت هبه بقواطعها العلويه على شفتها السفليه مع اتساع حدقتيها بذهول فلازالت تجهل بامر كتب كتابهما.
تأفف فؤاد قائلًا بنزق:
-طفي النور ده!
فتح فؤاد عينيه ببطئ من أثر الضوء، كان نائمًا على ظهره يضع إحدى ذراعيه تحت رأس وسام التي تنام على إحدى جانبيها وتحاوط صدره بذراعها واضعة رجلها عليه وكأنه وسادة ويلتحفان بنفس الغطاء، انتبه فؤاد من نومه ونظر لوسام بدهشة سرعان ما أدرك ما حدث بالأمس فابتسم، تجهم وجهه حين رفع رأسه قليلًا ليرى والدته التي تقف أمامه وجوارها هبه المصدومة، يا الله! كيف ينسى إغلاق باب غرفته من الداخل؟!
زم شفتيه قائلًا بحسرة:
-يا صلاة النبي!
اعتدل جالسًا مبتعدًا عن وسام وهو يقول:
-إوعي كده حد فهمك إن أنا المخدرة إلي خالتك جيبهالك!
اعتدل وابتسم بسماجه وهو يبدل نظره بينهما قائلًا:
-صباح الخير يا جماعه
عقبت والدته بسخرية:
-صباحيه مباركه يا عريس
تنحنح فؤاد وهز وسام لتستيقظ قائلًا بارتباك:
-قومي عشان نهارنا أبيض إن شاء الله
لم تفتح وسام أعينها وهتفت بنعاس:
-عايزه أنام
هزها مجددًا وهو يقول:
-قومي يا وسام خالتك هتفطرنا ضرب النهارده
دنت والدته منهما وقالت بتهكم:
-يا حلاوتكوا يا جمالكوا خليتوا للحلوين إيه!
ابتلع فؤاد ريقه وقال بسخرية:
-اي يا جماعه حد يصحي حد كده! مش ممكن بجد…. لا مش ممكن!
وأخيرًا فاقت وسام مطت ذراعيها وقدميها وفتحت عينيها ثم نظرت لفؤاد الجالس جوارها وشهقت بصدمه، فابتسم وهو يشير لوالدته الواقفه أمامهما قائلًا:
-هتتصدمي أكتر لما تبصي قدامك
رفعت وسام رأسها وبدلت نظرها بين خالتها وهبه وفؤاد ثم أخفضت رأسها وسحبت الغطاء لتغطي وجهها بخجل، ضحك فؤاد ونظر لوالدته وهبه قائلًا:
-يعيني دي اتصدمت!
انفجرت هبه بالضحك وضربت والدة فؤاد فخذيها بيدها وغادرت الغرفة وهي تقول بحسرة:
-يا خسارة تربيتي فيكم….
نظر فؤاد لهبه التي مازالت واقفه وقال بارتباك:
-دا أكيد حلم صح؟!
هزت هبه رأسها بالنفي وهي تضحك….
_____________________________________
إنه يوم الجمعة الذي يتسم بالهدوء والسكينة صدعت سورة الكهف من البيت ليملأ صوت القرآن أرجاء البيت لتدخل حروفه القلوب إنه صوت الشيخ المنشاوي القادر على إختراق أسوار القلوب وإذابة حصون الحزن واليأس وإضاءة ديچور غرف الفؤاد المعتمة، كان الجو غائمًا الهواء يهز غصون الأشجار بقوة، وفي ڤرندة البيت تجلس وهيبه يكسو الحزن وجهها تضع يدها على خدها بحسرة وأسى ترتدي ملابس سوداء، فمن يراها يعتقد أنها تنعى أحد أقربائها المقربين.
على جانب أخر وقفت فرح أمام بوابة البيت الحديدية واضعة يدها حول خصرها بنزق بعد أن قصت على يوسف حوار الكبسه وتلك السيدة التي أخافتها، تنهد بقوة وهو يغلق عينه ويفتحها بنفاذ صبر وهتف بسخرية:
-إنتِ مقتنعه بالي بتقوليه! إيه مكبوسه دي؟!
تحدثت بجديه:
-الست حشريه قالتلي اني مكبوسه يا يوسف… وفعلًا إنت دخلت عليا حالق فاكر؟!
ابتسم قائلًا بثقه:
-دي تخاريف يا فرح هو أي حد يقولك حاجه هتصدقيها؟!
عقدت حاجبيها قائلة بقلق:
-وإن مطلعتش تخاريف بقا ومعرفتش أجيب بيبي؟!
ربت على كتفها قائلًا بابتسامة عذبه:
-يا حبيبتي دي معتقدات غريبه وعجيبه هتسمعي عنها كتير فمتركزيش الناس هنا غلابه بيصدقوا أي حاجه!
تنهدت فرح بقوة وقالت:
-أنا خوفت والله…. يوسف هو أنا ممكن أكون مبخلفش!
جحظت عينيها عندما تخيلت ذالك وأردفت بصدمه:
– ينهاري لأكون مبخلفش بجد!
لكزها في ذراعها بخفه قائلًا بجدية:
-تفائلوا بالخير تجدوه بطلي هبل على الصبح
تجاهلت كلامه وكأنها لم تسمعه وقالت:
-لا لا لا أنا لازم أكشف يا يوسف
-لسه بدري أوي على القلق ده يا فروحه لما يعدي علينا سنه نبقا نقلق
ابتسم مردفًا: إن شاء الله ربنا هيرزقنا
ابتسمت له قائله برجاء:
-يارب
فتح يوسف البوابه وهو يقول:
-يلا ندخل بدل ما إحنا واقفين كده
تعلقت بيده ودخلا للبيت مبتسمين، تجهم وجه فرح حين رأت حالة وهيبه، شعرت أن الدماء هربت من جسدها وكأن قلبها توقف عن ضخ الدم، لا تتخيل أن يفرقها الموت عن أي فرد من عائلتها، نظرت ليوسف قائلة بنبرة متوتره:
-تيته مالها لابسه إسود؟ هو فيه إيه يا يوسف؟!
كانت وهيبه تنوح قائلة:
-يا حبيبي مش هعرف أقعد في البيت من غيرك
وبصدمة شديدة هتفت فرح بنبرة حزينه:
-جدو!
شعرت فرح بدوار يضرب رأسها فسندت على يوسف الذي هتف بلهفة:
-فرح!!!!
سندها يوسف وقامت وهيبه على الفور لتجلس فرح مكانها، هتفت وهيبه بنواح:
-مش عارفه هستحمل البيت ده ازاي بعد موتهم!
وضعت فرح يدها على قلبها بخوف، فنظر يوسف لوهيبه وهتف مستفهمًا:
-في إيه يا حجه مين إلي ماتوا؟!
هزت وهيبه رأسها بأسى وهتفت بحسرة:
-زيكو وعياله ومراته!
نظرت لها فرح بذهول قائلة باطمئنان:
-زيكو!!! زيكو مين؟!
تجاهلتها وهيبه ونظرت ليوسف قائله:
-أنا إلي قاهرني إن إلي قتلهم طلع فار زيهم!
نظرت وهيبه ليوسف وهي تقول بصدمه:
-تخيل كدا زي ما البني أدمين بيقتلوا في بعض بقا الفيران بيقتلوا في بعض
قطب يوسف حاجبيه وابتسم وهو يقول:
-أنا مش فاهم حاجه!
هزت فرح رأسها قائلة:
-ولا أنا والله… باين تيته جالها تهيؤات تاني
تنفست فرح بارتياح وأردفت:
-الحمد لله دا أنا خوفت أوي
____________________________________
“ليه كده يا فؤاد إنت صدمتني بجد!”
قالتها هبه وهي تنظر لفؤاد بصدمه، ونظرت لوسام مردفة بحسرة:
-وإنتِ يا وسام يطلع منك كده أنا بجد اتصدمت
عقبت وسام بنبرة مرتفعة ومازالت تخفي وجهها تحت الغطاء:
-هو أنا يعني عملت إيه؟
هزت هبه رأسها بحسرة وهي تقول:
-لأ بجد أنا اتصدمت فيكم!
تنهد فؤاد بعمق وهتف:
-وهتتصدمي بزيادة لما تعرفي إن أنا ووسام كتبنا كتابنا امبارح
خرجت شهقة مكتومه من حلق هبه ووضعت يدها حول خصرها قائلة بنزق:
-نعم!!!! من غير ما تقولي يا فؤاد؟!
تلعثم فؤاد قائلًا:
-والله الموضوع جه فجأه يا هبه هبقا أحكيلك كل حاجه
بدلت نظرها بينهما قائلة:
-يعني إنتوا كده متجوزين؟!
أومأ فؤاد رأسه مؤكدًا فابتسمت هبه وجلست على طرف السرير قائلة بفضول:
-احكيلي بقا من الأول أنا عايزه أعرف كل حاجه
نزل فؤاد عن السرير ليزيح الناموسيه عنه وهو يقول بقلق:
-بعدين يا هبه عشان فيه معركه هتحصل دلوقتي… قومي يا وسام الحقي اهربي
أزاحت وسام الغطاء ونزلت عن السرير مسرعة شهقت بصدمه حين رأت خالتها تدخل من باب الغرفه ومعها عصا طويله، نظرت لفؤاد قائله:
-فؤاد هي خالتو هتعمل إيه؟
ازدرد فؤاد ريقه بتوتر وهو يقول لوالدته برجاء:
– ماما بلاش تهور!
صرخ حين أذاقته والدته واحدة من تلك العصا وقفز لأعلى السرير، فصرخت وسام ودخلت أسفل السرير، هتفت هبه بعتاب مصطنع:
-تؤ تؤ لا يا طنط لأ فؤش كبر على الضرب ده…
ابتسمت فجأة وأردفت: ارميه من الشباك
عقب فؤاد وهو ينظر لهبه بنزق:
-ماشي يا هبه ليكِ روقه…
وانحنت والدته تنظر أسفل السرير وهي تقول لوسام:
-أيوه ما إنتِ لازم تدخلي تحت السرير بلبس الفار ده!
عقبت وسام قائلة:
-يارتني فار كنت هربت في أي جحر
قالت خالتها بنزق:
-اطلعي يا بت
دخلت وسام أكثر وقالت:
-مش طالعه يا خالتو
استغل فؤاد انشغال والدته مع وسام وقفز من فوق السرير ليركض مسرعًا ويخرج من الشقة، أما وسام فظلت تحت السرير، نهضت والدة فؤاد تنفخ بحنق فأقبلت هبه مبتسمة ووقفت أمامها قائلة بفضول:
-احكيلي بقا يا طنط هما اتجوزوا امته وازاي؟
أشارت نحوها بالعصا كأنها ستضربها وعقبت بحنق:
-امشي من قدامي إنتِ كمان
وغادرت الغرفة، وضعت هبه يدها حول خصرها وهي تقول بنزق:
-الله! وأنا مالي يا لمبي
خرجت وسام من أسفل السرير وهي تلتفت يمينًا ويسارًا لتطمئن أن خالتها خرجت فجلست هبه جوارها على الأرض قائله:
-احكيلي بقا يا وسام من الأول عشان الفضول هيموتني
-خليه يموتك
شهقت هبه قائله:
-إنت قلبك قاسي أوي أوي
نهضت وسام وأشاحت بيدها وهي تقول:
-إنتِ شكلك رايقه!
_______________________________
“وبعدين راجل كده ضرب الفئران الصغيره وبعد شويه خلع هدومه واكتشفت إنه فار زيهم”
قالتها وهيبه وهي تشرح ليوسف وفرح ما حدث بتفاصيله للمرة الثالثة لتعقب فرح قائلة:
-تيته إنتِ كنتِ بتسمعي كارتون توم چيري امبارح ولا دا بتحلمي ولا فيه ايه؟!
تجاهلتها وهيبه وأخرجت ذالك المفرش وهي تقول:
-حبايبي كانو بيحبوا المفرش ده أوي
مسكه يوسف من يدها وهو يضحك قائلًا:
-إيه ده! الظاهر إن الموضوع بجد يا فرح لأن المفرش ده شكله كدا الفئران عامله معاه الصح
على جانب أخر أقبل فؤاد نحوهم وهو يفرك عينيه من أثر النوم وعندما رأته وهيبه صرخت قائلة:
-اخلع هدومك أنا خلاص عرفت إن إنت فار ومتنكر
نظرت ليوسف وفرح وأشارت نحو فؤاد قائلة:
-أهوه هو ده الفار إلي موت زيكو امبارح
ضحك فؤاد وهو يقول:
-اهدي بس يا تيته إنتِ إزاي لسه فاكره أنا قولت هتقومي الصبح ناسيه!
سألته فرح بفضول:
-فهمنا القصه دي إيه الي حصل؟
ضحك يوسف قائلًا:
-أنا أتوقع إن فؤاد خلص على مجموعة فئران
ليقاطعهم صوت هشام الذي ظهر أمامهم قائلًا:
-إنتوا هنا؟! يلا اجهزوا عشان اتأخرنا الساعه بقت ١٠ ونص
سأله فؤاد:
-أنا عايز أفهم احنا رايحين على فين؟
ابتسم هشام بسخربه وهو يقول:
-هي جت عليكم أنا أصلًا مبعرفش أعمل مفاجأت هقولكم
عدل من ياقة قميصه قائلًا بغرور زائف:
– أنا الحمد لله ربنا أكرمني وهفتح مطعم وعايز مساعدتكم عشان الافتتاح بالليل
عقبت فرح باستفهام:
-فول وفلافل ولا مطعم بجد وحقيقي
اومأ رأسه مبتسمًا وهو يقول:
-بجد وحقيقي
صفقت بيدها وهي تقول:
-دا أحلى خبر سمعته يعني هيكون عندك سندوتشات شاورما يا بابا
هز هشام جسده بمرح وهو يقول:
-طبعًا وهوت دوج وبيتزا وباستا وكل ما تشتهيه
قفزت فرح متهلله وهي تقول:
-الله بجد
ضم فؤاد هشام وهو يقول:
-مبروك يا خالو ربنا يرزقك خيره يارب أنا هروح ألبس وأجي
غادر فؤاد وضم يوسف هشام قائلًا:
-ربنا يجعله فتحة خير عليك يا عمي
قاطعهم صوت وهيبه التي تقول بنواح:
-اه يا زيكو
نظر يوسف لهشام قائلًا:
-مين زيكو يا عمي؟!
ضحك هشام حين تذكر الأمس وقال:
-تعالوا هحكيلكم…..
_________________________________
نظر آصف في ساعته إنها الحادية عشر والنصف تأفف قائلًا بحنق:
-إنت فين لدلوقتي يا أستاذ هشام! كده مش هنلحق نعمل أي حاجه إلا بعد الصلاة
اقتربت منه جوري قائله:
-بابا أنا عايزه سيبسي “شيبسي”
-إنتِ لسه وأكله يا چوري اقعدي مكانك أنا مش ناقص توتر كفايه إلي إنتِ عملتيه في خلقتك على الصبح
نكست رأسها لأسفل وجلست بهدوء على إحدى الطاولات، رمقها بشفقه وزفر بقوة ليقاطعه دخول هشام برفقة فؤاد ووالدته ووسام وهبه وفرح ويوسف وشاهيناز، ابتسموا وهم يتفقدون المطعم، دنا آصف من هشام قائلًا:
-اتأخرت أوي يا أستاذ هشام!
-متقلقش الجماعه هيساعدونا وهناحق نخلص كل حاجه إن شاء الله
تركه هشام حين نادته زوجته، ووقفت آصف ينظر لعائلة هشام، كانت هبه تسير بأرجاء المطعم بإعجاب حتى رأت آصف ينظر نحوها فاقتربت منه وهتفت بدهشه:
-إنت تاني!
تأفف بحنق قائلًا:
-مالك بتتكلمي كده وكأني ماشي وراكِ…
رفعت رأسها بشموخ وعقبت بغرور:
-المطعم ده بتاعنا!
ضيق عينيه قائلًا باستفهام:
-بتاعكم! هو أستاذ هشام قريبك؟
اومأت رأسها قائلة باستفزاز:
-أيوه خالي يعني إنت شغال عند خالي
ابتسم آصف بسماجه قائلًا:
-دي أسوأ صدفه حصلتلي في حياتي
ابتسمت باستفزاز قائلة:
-ومين سمعك! معلش إن شاء الله مشوفش وشك تاني وإن شوفتك في مكان هغير طريقي
-ياريت والله تبقي عملتي فيا معروف عظيم
عقبت وهي ترمقه باشمئزاز:
-أنا أول مره في حياتي أقابل شخص عنده عدم قبول كده
ابتسم باستفزاز قائلًا:
-والله القلوب عند بعضها
عدلت من ثيابها وهي تقول:
-على العموم متقلقش أنا مش هقطع عيشك وهسيبك شغال هنا عشان خاطر چوري
ابتسم بسماحة قائلًا:
-لا كتر ألف خيرك والله مش عارف أودي جمايلك فين!
نظرت هبه لچوري التي تجلس بهدوء على إحدى الطاولات وتركته لتقترب منها وتضمها بابتسامه أزاحت المعطف عن وجهها قائلة:
-منزله البتاع ده على عينك ليه كده!
شهقت بصدمة حين رأت مكان حاجبيها الفارغ وهي تقول:
-إيه ده!!!
هرولت عند آصف وسألته:
-ممكن أعرف إيه إلي إنت عملته في البنت ده؟ إنت بجد مريض نفسي!
نفخ آصف بحنق وقال:
-احترمي نفسك أنا مش عايز أتخانق
سألته بنبرة مغتاظة:
-إزاي تشيل للبنت حواجبها؟!
هز رأسه وهو يبتسم بسخرية ويقول:
-إنت بتسألي سؤال غير منطقي! وأنا إيه الي يخليني أعمل كده في بنتي!
أردف موضحًا:
-انا قومت الصبح لقيتها لعبت بالشفره وشالتهم بالمنظر ده
تلعثمت هبه قائلة:
-بجد!! يا نهار أبيض طيب أنا هتصرف
رجعت لچوري وقبضت على يدها وهي تقول:
-تعالي يا جوري
هرول خلفها قائلًا:
-واخده البنت على فين؟
وقفت تتأفف وقالت بسخرية:
-هخطفها مثلًا! هرسملها حواجب بدل ما إنت سايبها كده!
تنهد بقوة وقال:
-أنا هروح أصلي متخرجيش من المطعم يا چوري لحد ما أجي
اومأت جوري رأسها قائلة:
-حاضر يا بابا
هتفت هبه بسخرية:
-كان ممكن تقولي لو سمحت يا دكتوره خدي بالك منها ولا غرورك مش سامحلك
ابتسم باستفزاز قائلًا:
-لا أنا بنتي بتعرف تاخد بالها من نفسها مش محتاجين جمايل من حد
هزت رأسها باستنكار وهي تردد:
-بجد راجل غريب!
رمقها بسخرية وهو يبتسم لها باستفزاز وغادر….
________________________________
وفي المساء قبل آذان المغرب بساعة، دخلت وسام للمطبخ ابتسمت حين رأت فؤاد يطبخ بجوار الشيف ويبتسم وقفت فرح جوارها قائلة بمكر:
-حلو الواد فؤش ويتحب الصراحه
ارتبكت وسام وقالت بتلعثم:
-أنا ك…كنت ب….
عقبت فرح وهي تومئ رأسها لأسفل:
-كنتِ بتبصي عليه… مش مهم عادي أنا كمان كنت جايه أبص على يوسف
عقبت وسام بنزق:
-بجد إنتِ رخمه أوي
ضحكت فرح قائلة:
– يلا هروح أكمل شغل وإنت يختي شوفيلك شغلانه بدل المحن ده
خرجت وسام من المطبخ تتأفف من فرح فقابلها هشام وقال:
-وسام عايز منك طلب ضروري؟
-اتفضل يا خالو
-روحي للمحل إلي على أول الشارع وهاتيلي تلاته كيلو خيار
مدت يدها وهي تقول:
-طيب هات الفلوس
عقب هشام قائلًا:
-قوليلها بس خالو هشام بيقولك عاوز تلاته كيلو خيار يا كريمه… بس بسرعه يا وسام
اومأت رأسها وخرجت من المطعم وهي تردد كي لا تنسى:
-عاوزة تلاته كيلو خيار يا كريمه…. عاوزه تلاته كيلو خيار يا كريمه
أخذت ترددها مرارًا حتى وصلت المحل نظرت للبائعة وهتفت قائلة:
-عاوزه تلاته كيلو كرام يا خريره
قطبت البائعة حاجبيها بتعجب قائلة:
-نعم عاوزه إيه؟!
ارتبكت وسام وتلعثمت وهي تقول:
-أ…م… خالو هشام بيقولك عاوز تلاته كيلو خيار يا… هو حضرتك اسمك إيه؟
ابتسمت البائعة وهي تقول:
-كريمه يا حبيبتي
أومأت وسام رأسها قائلة بابتسامه بلهاء:
-عاوزه تلاته كيلو خيار يا كريمه
_________________________________
“يوم الجمعه الساعه إلي قبل المغرب دي يا چوري ساعة استجابه يعني لو دعيتِ بأي حاجه إن شاء الله ربنا هيحققها”
سألتها چوري ببراءة:
-بجد يا ماما يعني أدعي بأي حاكه “حاجه” وهتحصل
ابتسمت هبه وهي تقول:
-بجد يا قلبي اقعدي بقا ادعي هنا وكرري الدعاء كتير وأنا هساعدهم شويه
أومأت الطفلة رأسها مبتسمه وهمست وهي تنظر لأعلى:
-يارب نفسي ماما هبه تيجي تعيش معانا في البيت وتبقى ماما بجد وتلبسني وتحميني
ظلت تردد هذا الدعاء كثيرًا حتى أذن المغرب فقالت:
-يارب استجيب بسرعة
________________________
بدأ الإفتتاح وبدأت الناس تتوافد للمطعم ويستقبلهما هشام وآصف، بحث آصف بعينيه عن ابنته فوجدها تجلس على فخذي هبه تبتسم لها وتحكي معها تجهم وجهه وأقبل نحوها وهو يقول:
-چوري تعالي هنا
نزلت عن رجل هبه وهي تقول:
-هشوف الوحس “الوحش” البري عاوز إيه وأجي
قهقهت هبه ضاحكه وهي تقول:
-شقيه أوي بجد
وقع عينيها بعيني آصف فابتسمت له باستفزاز وغيرت وجهها للإتجاه الأخر، سحب شخص المقعد جوارها وجلس وهو يقول:
-إيه الصدفه السعيده دي! إزيك يا هبه؟
تجهم وجهها أثر صوته واستدارت تنظر نحوه بصدمة هاتفة:
-إنت!!!
ابتسم وسألها:
-عامله إيه؟
ردت ببسمة زائفة:
-الحمد لله تمام
صمتت لوهله ثم نهضت لتغادر فنهض هو الأخر وقال:
-كان زمان أطفالنا دلوقتي على وش مدارس بس إنتِ إلي دمرتي حياتنا
قالها شاب بمنتصف الثلاثينات لهبه التي تنهدت بقوة أشارت لنفسها قائلة بانكسار:
-الغلط مكنش عندي لوحدي لو أنا غلطت يبقا إنت كمان غلطت عشان مدتش لعلاقتنا فرصه تانيه!
ابتسم بسخرية وعقب:
-مقدرتش أسامحك يا هبه….
تنهد بأسى مردفًا:
-خلاص مبقاش ينفع العتاب
أومأت رأسها وابتسمت ابتسامة صفراء:
-فعلًا مبقاش ينفع عتاب
عقب قائلًا بنبرة مستفزة:
-أنا اتجوزت واحده حبتني من قلبها ودلوقتي هي حامل
حافظت على ابتسامتها الصفراء وقالت:
-مبروك ربنا يسعدكم
وضع يديه الإثنين بجيبي بنطاله وقال بنبرة جادة ليرضي غروره:
-أنا عارف إنك مش عارفه تكملي حياتك من غيري…. وعارف كمان كل الأكونتات الفيك إلي دخلتي كلمتيني منهم
أخذ نفسًا عميقًا وأردف:
– بس أنا بحب مراتي يا هبه ولازم تتعودي على غيابي
ضحكت بسخرية وعقبت:
-دول تسع سنين يا أيمن إحنا مطلقين بقالنا تسع سنين…. أنا أيوه حاولت معاك سنتين كاملين عشان تسامحني بس بعدين حافظت على كرامتي وكملت حياتي عادي
أخرج يديه من جيبي بنطاله وقطب حاجبيه قائلًا بسخرية:
-والله!! على كده بقا اتجوزتِ؟
تنحنحت وعدلت من حجابها بارتباك قائلة بنبرة مرتعشة:
-أنا عملت حاجات كتير أوي في حياتي
ضيق عينيه وسألها مجددًا:
-اتجوزتِ يا هبه؟
تنهدت بقوة ورفعت رأسها بشموخ وهي تقول باعتزاز:
-اتخرجت من كلية الطب وبقيت دكتوره أطفال
كرر سؤاله للمرة الثالثة بنبرة مرتفعة عن سابقيه وهو يضغط على كل حرف بالكلمة:
-اتجوزتِ؟
صمتت لوهله لتفكر فلو قالت الحقيفة ستنهار كرامتها وسيتحطم كبريائها أرضًا، هي لم تتزوج بل إنها كانت تعيش على ذكراه وتتمنى أن يسامحها، حاولت النطق بتلك الكلمة التي ثقلت على لسانها، قالت بتلعثم:
-ل… أ…
ليقاطعها صوت تلك الطفلة “چوري„ التي ركضت نحوها وهي تقول بصوت دوى صداه بأرجاء المطعم:
-ماما!!
وقفت چوري جوارها قائلة بنبرة حزينة:
-بابا غسلي وشي والكحل اتمسح
هرول آصف خلف ابنته وهو يناديها:
-چوري استني
وقفت چوري جوار هبه تنظر لأعلى لملامحها ومسكت يدها وهي تنظر نحو آصف قائلة ببراءة:
-هخلي ماما ترسمه تاني وأجي يا بابا
ليردد كل من أيمن وآصف بذهول:
-ماما!!!
هربت هبه من ذالك الموقف وقبضت على يد چوري قائله بابتسامه:
-هروح أظبطلها الكحل
همت أن تغادر فأوقفها صوت أيمن الذي نظر نحو آصف وهتف قائلًا:
-واضح إنك بتحبي باباها أوي عشان كده جيباها قطعه منه
بقلم: آيه السيد
______________________________
وقفت وسام تنظر للمطر بالخارج من خلف زجاج المطعم كانت شاردة كم تحب هطول الأمطار فهي تغسل الجو من كل شيء بل تغسل قلبها من أي شيء، أخرجها من شرودها حين وقف جوارها ومسك يدها، نظرت له وابتسمت حين وجدته فؤاد الذي نظر لها قائلًا:
– مراتي بقا وأمسك إيدك براحتي
سحبت يدها منه وعقبت بإصرار:
-إحنا إخوات وبس
غمر بعينه قائلًا:
-إحنا متجوزين يا قلبي
حاولت ردعه قائلة بنزق:
-فؤاد!
غمز لها مجددًا وهو يقول:
-يابت دا إنتِ امبارح كنتِ واخداني في حضنك كأني ههرب
رفع إحدى حاجبيه لأعلى مردفًا بسخرية:
-ولا على رأي المثل نفسي فيه وأقول إخيه
قهقهت وسام ضاحكة وقالت:
-إيه إلي بتقوله ده!
تنهدت بعمق وقالت بجدية:
-صدقني مش هقدر أشوفك إلا أخويا
اومأ رأسه قائلًا:
-ماشي ما علينا… مش وقته الكلام ده خالص تعالي بقا عشان تشوفي التورته إلي عاملها بإيدي
ابتسمت قائلة:
-فين دي؟!
سحبها من يدها نحو المطبخ وهو يقول:
-في المطبخ ومزينها بإيدي دول كمان
دخلت للمطبخ ونظرت لطبقات التورته ما يقرب من عشرة أدوار من التورته مزينة بطريقة رائعة، ابتسمت قائلة:
-الله بجد إنتَ إلي عامل دي؟
غمز بعينه قائلًا:
-شوفتِ بقا إنك محظوظه عشان جوزك شيف بارع
هزت رأسها باستنكار وهي تقول:
-مش مصدقة مش معقول تكون إنت إلي عاملها
ضحك قائلًا:
-بصراحه أنا كنت ماشي على الخطوات إلي الشيف قالها ويوسف كمان ساعدني بس في النهايه حاطط إيدي فيها
بدأت وسام تلف حول التورته ويتبعها فؤاد بهدوء انزلقت إحدى قدميها فحاولت الإسناد على أي شيء فأنقذها رخام المطبخ حين سندت عليه، تنفس فؤاد بارتياح حين اعتدلت واقفة وقال بنزق:
-يبنتي ركزي شويه أنا من يوم ما شوفتك وإنت بتقعي!
وقفت وسام وقهقهت ضاحكة فمالت على التورته دون أن تقصد فاهتزت، سحبها فؤاد نحوه حتى لا تفتعل مزيد من الكوارث، جحظت عيناه وهو ينظر للتورته التي تترنح وتهتز ويرمقها بترقب وارتباك، اتسعت حدقتي وسام بدهشه سرعان ما أغلقت عينها حتى تهرب مما هو محتوم الحدوث، هتف فؤاد يخاطب التورته برجاء:
-لأ إوعي تقعي لا لااااااااا…
بقلم: آيه السيد
_______________________________
” لم أقل يومًا الوداع إلا لمن فارق كراكيب الدنيا لعالم النقاء، ولكن اليوم رددها قلبي قبل لساني لشخص صفع بابه بوجهي ووقفت على بابه بكامل عزيمتي مقررةً الإنتظار عله يمنحني فرصةً واحدة، بل أني كسرت بابه فتفاجئت أنه قد بنى جدارًا بيننا! فمات إصراري وفارقتني عزيمتي وأيقنت أنه حان وقت فراري من ماضٍ لم أحظ به غير بالآلام وخيبة الآمال”
صمت آصف من هول صدمته كان عاقدًا حاجبيه ويبدل نظره بينهما، اقترب منه أيمن وهتف قائلًا بابتسامة ساخرة:
-بس يا ترى بقا هي حكيتلك قصة طلاقها وماضيها؟ ولا اتضحك عليك زي غيرك!
هتفت هبه بنبرة مرتفعة:
-أيمن لو سمحت!
ابتسم بسخرية قائلًا:
-طلما خوفتِ تبقي محكتلهوش… بس أنا هحكيله
توترت هبه لكن فاجئها رد آصف:
-وأنا ميهمنيش أعرف يا أستاذ أيمن الماضي مكانه في الماضي
وضع آصف يديه بجيبي بنطاله وهو يقول بثقة:
-وأنا ماشي بمبدأ أن ما مضى قد مات وإكرام الميت دفنه
رمقه أيمن بتجهم، استدار آصف ليغادر لكن وقف مجددًا والتفت لآيمن مردفًا بابتسامة صفراء:
-وعلى فكره حسابك وصل اعتبر اليوم ده مجاني بمناسبة افتتاح مطعمي
سأله أيمن:
-هو حضرتك صاحب المطعم
اومأ آصف رأسه قائلًا بابتسامة رسمية:
-أيوه أنا وأستاذ هشام…. نورتنا يا أستاذ أيمن
نظر آصف لهبه قائلًا:
-معلش هتعبك ارسميلها الكحل تاني عشان اتمسح وأنا بغسلها وشها
ابتسمت هبه وأخذتها لتجلس على طاولة في ركن بعيد، سالت الدموع من عينيها بصمت فاقتربت منها چوري لتمسح دموعها وهي تقول:
-إنتِ بتعيطي يا ماما؟
ابتسمت هبه من خلف دموعها وقالت بألم:
-لأ يا حبيبتي مش بعيط بس حاجه طرفت عيني
مسحت هبه دموعها، ورسمت حاجبي چوري ثم قالت:
-بس كده زي الفل يا قلبي
نهضت واقفة وهي تقول:
-استنيني هنا دقيقه واحدة على ما أدخل الحمام
قامت جوري وهي تقول:
-هاجي أقفلك بره يا ماما
ابتسمت هبه وهي تمسك يد چوري:
-تعالي يا قلب ماما
اوقفتها أمام باب المرحاض وهي تقول:
-متتحركيش من هنا مش هغيب عليكِ
أومات چوري رأسها بالإيجاب ودخلت هبه للحمام.
على جانب أخر بحث آصف عن ابنته فوجدها تقف أمام المرحاض حملها بين يديه ليداعبها ثم قال بعتاب:
-إيه الحكايه يا ست چوري هو أي حد كده هنقوله يا ماما!
عقبت چوري بتأكيد:
-هبه وبس ماما
تجهم وجه آصف وقال بحزم:
-مينفعش يا چوري ماما اسمها آمنه
نظرت جوري لوالدها ببراءة وقالت:
-بس أنا معرفش ماما آمنه أنا عارفه ماما هبه وبحبها وهي بتحبني
أردفت بدموع كناية عن حزنها الدفين:
-أنا عايزه ماما حقيقية زي أصحابي مش صورة
تنهد أصف قائلًا بابتسامه:
-إنتِ بتحبيها أوي كده!
أومأت رأسها مؤيدة وهي تلوي شفتيها لأسفل ببكاا، فقبلها آصف من جبهتها قائلًا بابتسامة:
-خلاص يستي قوليلها ماما براحتك محدش هيمنعك بس متعيطيش
ابتسمت چوري بسعادة وقبلته وهي تقول:
-بحبك أوي يا بابا
على جانب أخر، مسحت هبه دموعها ثم خرجت من المرحاض لم تشعر أن ذيل ثيابها من الخلف يشبك ببنطالها الجينز الضيق فرُفعت عبائتها تمامًا كاشفة عن بنطالها من بالكامل، خرجت من المرحاض فرأته أمامها يحمل ابنته ويضحك معها رمقته سريعًا وهمت أن تغادر و…….
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسام الفؤاد)