رواية وجوه الحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم نور بشير
رواية وجوه الحب الجزء التاسع والعشرون
رواية وجوه الحب البارت التاسع والعشرون
رواية وجوه الحب الحلقة التاسعة والعشرون
( ٢٩ ) – ثورة عارمة –
” عـابـد ” بصدمة حقيقية شلت جميع حواسه.
– أصـالـة..!
أصـالـة بتاعتنا مش كده..؟!
” مُـراد ” بنبرة حازمة.
– ايوه هي بس مبقتش بتاعتنا ولا عُمرها كانت بتاعتنا يا بابا..!
” عـابـد ” بصدمة واضحة على كل أنش به.
– مش مُمكن..؟!
أصـااااااالـة..!
صـولاااااا..! نطق بها بصدمة حقيقة وهو غير قادر على إستيعاب الخبر بعد.
” مُـراد ” بغضب دافين.
– أرجوك يا بابا متنطقش إسمها تاني قصاد مني..!
أنا مش طايق أسمع إسمها.
” عـابـد ” وهو لايزال في صدمته.
– قولي يا مُـراد اللي حصل بالظبط..؟!
إيه اللي حصل..؟! وإيه اللي رجع طليقتك بعد السنين دي كلها..؟!
فتنهد ” مُـراد ” بوجع وأخذ يسرد عليه ما حدث بداية من دلوفها إلى غرفة الإجتماعات حتى إنتهاء الإجتماع ورحيلها برفقه ذلك المدعوُ بـِـ ” مـمـدوح ” ووالده يستمع إليه بتركيز كبير ومن الحين للآخر يبتسم إبتسامة هادئة ويعود ليستمع إليه مُجددًا. وتابع ” مُـراد ” بدوره حديثه وهو يردد بغضب مكتوم.
– ده كل اللي حصل..!
أنا لحد الآن مش قادر أصدق حاسس أن نفوخي هيوج مني يا بابا..!
لحد دلوقتي مش قادر أصدق إزاي هرجع اتعامل معاها وأشوفها كل يوم وكل ثانية قصاد مني من غير ما أفقد أعصابي..؟!
فإبتسم والده كعادته وهو ينظر إلى اللاشئ ولازال تحت تأثير صدمته. فهتف به ” مُـراد ” بغضب مكتوم محاولًا التحكم بإنفعالاته وإلا يفقد أعصابه من ردود فعل والده الغير مُبرره بالمرة من وجهة نظره.
– ثم إيه الإبتسامة العريضة دي شايف حضرتك مبسوط أن البني آدمه دي دونًا عن غيرها تشاركنا أملاكنا وشقىٰ عُمرنا..
” عـابـد ” بحكمة ورزانة وهو يعاود التحكم بردود أفعاله من جديد.
– شهادة للّٰه أنا عُمري ما شوفت منها إلا كل خير مع أني كُنت معارض حكايتكم من الأول بس لما عاشرتها وشوفت معدانها الطيب وقتها صورتها أتغيرت في نظري تمامًا..
” مُـراد ” بصدمة وعدم تصديق وهو يستمع إلى حديث والده الذي على ما يبدو أنه قد نسىٰ أو تناسىٰ ما حدث.
– أوعي تكون حضرتك نسيت هي عملت فينا إيه زمان..؟!
شايفك نسيت أن شرف إبنك أتلعب بيه وكُنت هعيش عُمري كله مختوم على قفايا بربي عيل مش من دمي..! قالها وهو يضرب على مؤخره رأسه في حركة تمثيلية لما يردف به وأكمل بإسوداد حقيقي محذرًا لوالده بتهذب.
– أوعي..
أوعي يا بابا تنسا اللي حصل لإبنك زمان وتفرح بدور المُنقذ اللي قامت بيه عشان تاخد دور البطولة لوحدها..
لو حضرتك أتخدعت فيها المرة دي كمان أنا عُمري ما هتخدع فيها تاني أبدًا..
” عـابـد ” بحكمة ورزانة.
– أنا منستش اللي جرا يا مُـراد لأن اللي جرا عُمره ما هيتنسا..
أنا كل ما بصلك بتقهر يا أبني وبتحسر على اللي كان..
أنا كان نفسي أشوفلك حتة عيل من صُلبك وصُلبي وده محصلش وربنا كان له حكمة في كل اللي حصل بس ده مش معناه أن اللي غلط يعيش عُمره كله يدفع تمن غلطه ويكفر عنه..
ده ربك رؤف رحيم يا أبني..
ثم أضاف بعدما سكت لبرهة يتابع تعبيرات صغيره الذي بدت أوردته وكأنها بارزة في وجهه من شدة الغضب وتابع على نفس نبرته السابقة ولكنها حليمه هادئة لتمتص غضب الأخير.
– كلنا بنغلط يا حبيبي ومفيش حد معصوم من الغلط ومش من العدل أن الواحد مننا يعيش عُمره كله يكفر عن ذنبه ويعاني بسببه باقي العُمر إحنا برضو عندنا ولايا يا مُـراد أختك، ومراتك، والبنات ومش هينفع اللي عملته زمان يتكرر تاني..
وإن جيت للحق بقا أنا بصراحة مبسوط أن الشركة مطلعتش بره..
أصـالـة مهما كان عُمرها ما هتفكر تأذينا إلا لو اللي حصل زمان لسه معلم جواها بس اللي أستشفته وفهمته من كلامك أنها بقت سيدة أعمال وجاية تشتغل وتشوف شغلها وبس..
” مُـراد ” وهو يشعر بإنه رأسه سينفجر من كثرة التفكير والضغوط الواقعة على عاتقيه.
– أنا اللي هيجنني جابت الفلوس دي كلها منين وإزاي قدرت تأخد منا شقىٰ عُمرنا بسهولة كده..؟!
” عـابـد ” بحكمة.
– أولًا شقىٰ عُمرنا كده كده كان هيشاركنا فيه شخص تاني سواء بقا كان عدو ولا حبيب مش فارقة كده كده كان هيتاخد هيتاخد وكله مقدر ومكتوب..
ثانيًا بقا جابت الفلوس منين ده مش هيهمنا في حاجة ولا هيغير من الأمر الواقع شئ لأن ببساطة ممكن تكون أتجوزت راجل مقتدر وبتدير أملاكه بنفسها وممكن كمان يكون جوزها مات وورثته أو عصاميه وبدءت من الصفر النقطة دي مش هنختلف عليها لأن ليها ألف مخرج وحل بس اللي هيهمنا دلوقتي هو الشغل ومصلحتنا وبس..
فأكمل بتعقل ورزانة.
– مصلحتنا دلوقتي بتصُوب في حجرها وصباعنا تحت ضرسها وعلى كلامها كلها كام شهر وتخلصوا من الشبكة دي يعني لو إستحملتها كام شهر القيامة مش هتقوم يا أبني وعلى كلامك ده الست مغلطتش وجاية تنقذ موقف وتشوف شغلها..
” مُـراد ” وهو يحاول التماسك وإبداء صلابته الزائفة أمام والده الذي يعلم ما به جيدًا.
– أنا مش هستحملها دقيقة واحدة عايزني إزاي أستحملها كام شهر يا بابا..
مش هقدر..!
مش هقدر صدقني..!
ثم أضاف بغضب وهو يهب واقفًا أمام الشرفة.
– وبعدين محدش طلب منها تنقذ موقف ولا تحل مشكلة إحنا مش محتاجين لها..
إلا لو كانت راجعة عايزه تعلم علينا وفي حاجة في دماغها عايزه توصل لها..
” عـابـد ” بحكمة.
– حلو طلاما وصلنا لهنا يبقا جميل..
المثل بيقولك إحذر عدوك مرة وحبيبك ألف مرة وهي دلوقتي في نظرك عدو وأنت عارف ده كويس واتلدعت منها قبل كده يبقا لازمن ولابد أنك تحرس المرة دي..
الدروس بتعلم يا أبني مش بتقسي..
اتعود تنسىٰ وتسامح ولو عايز تفتكر بس يبقا أفتكر الدرس اللي أتعلمته مش الغلط اللي صدر وقتها..
وأصـالـة عطيتك درس بعُمرك كله..
وهو أنك مينفعش تثق في حد وتتوقع دايمًا الضربة تجيلك في أي وقت من أي شخص سواء كان قريب ولا غريب وده اللي مخليني واثق أنك هتعدي من الأزمة دي زيّ ما أنا واثق أنك قاعد قصادي وبتكلمني دلوقتي..
” مُـراد ” بوجع وضياع حقيقي.
– مش عارف يا بابا..؟!
أنا ضايع ومش عارف أعمل إيه..؟!
” عـابـد ” بحكمته المعهوده.
– تعمل الصح يا حبيبي..
أنت طول عُمرك راجل يُعتمد عليه وقد المسؤلية عشان كده عايزك تاخد بالك من شغلك وتحاجي على مراتك وبنت أخوك مش عايز ظهورها دلوقتي يغيرك من ناحيتهم أو يصحي جرح قديم قفلته بقاله زمان..
فكر يا مُـراد..
فكر يا حبيبي..
أنت حاليًا راجل متجوز وأصـالـة متهمكش في شئ إلا إذا كان الماضي لسه مسيطر عليك وعايش فيه لحد دلوقتي..؟!
” مُـراد ” بصدمة من حديث والده وهو يستدير له بجسده وكأنه قد قام بجلده في تلك اللحظة بحديثه له.
– إستحالة يا بابا..!
إستحالة أكون لسه بحبها أو بكن ليها مشاعر غير الكراهية والقرف..
” عـابـد ” وهو يضيق عيناه فهو يعلم بإن صغيره يحاول تخبئه حقيقة مشاعره عنه وتابع محاولًا مجاره حديث صغيره بلؤم.
– حلوووووو
يبقا صباح الخير يا جاري أنت في حالك وأنا في حالي..
والتعامل ما بينكم هيكون بخصوص الشغل وبس..
ومعتقدش أن ٨ شهور فترة كبيرة مقابل التغييرات اللي هتحصل في الشركة الفترة دي كفاية أنها هترجع تقف على رجليها من تاني ونسترد سمعتنا وإسمنا في السوق اللي إنهاروا الفترة اللي فاتت..
” مُـراد ” بصدمة من حديث والده.
– يعني حضرتك مش زعلان من اللي حصل..؟!
” عـابـد ” بلؤم.
– ولا عُمري هزعل إلا في حالة واحدة..
لوكانت أصـالـة تفرقلك أو لسه عايش في قصَّتها بتاعت زمان لكن أنت دلوقتي راجل متجوز وحياتك هي شغلك وبيتك وتخطيت قصَّتها من زمان..
أما بالنسبة ليا فـِـأصـالـة في نظري زيّها زيّ أي شريك تاني في مكانها واللي بيربطنا بيها مصلحة وبمُجرد ما هتنتهي كل حي فينا هيروح لحالة..
فنظر له ” مُـراد ” نظرات يعلمها والده جيدًا مهما حاول الأخير تخبئتها ومدارتها خلف أكاذيبه الواهية إلا أنه يعلم حجم الصراعات التي يعانيها صغيره الآن وهو بدوره يقوم بوضع المصباح أمام أعينه ليزيل عنها غمامتها التي يرتديها حتى يظل وراء عتمة مشاعره تجاه ” أصـالـتـه ” التي يعلم بإنها لاتزال ساكنة بين أضلع صغيره كما هو واضح بأعين وُلده ولا يحتاج إلى حديث لإستشعار محبته لها. فـِـ ” مُـراد ” ضائع، تائه ولكن الأكيد بأنه لايزال يعشقها حد الموت.
نعم تأكد أثنانهم الآن بأن حبها لايزال ساكنًا قلبه ولازال ينبض بإسمها.
فـِـ ” عـابـد ” يعلم أن صغيره لازال يعشقها من تصرفاته وردة فعله الغير مُبرره بالمرة.
و ” مُـراد ” يشعر وكأنه قد تعرىٰ أمام نفسه وليس والده فحسب عندما لامس حديث والده قلبه وبشدة وأيقن بإن تصرفاته ما هي إلا إحياءًا لماء وجهه أمام الجميع ليثور على كرامته وكبريائه وليُعلمهم جميعًا بإنها لم يعد لها تأثير بحياته كالسابق وأن مرورها بحياته مجددًا لم يُغيير من الأمر الواقع شئ إلا أنه كان يخدع حالة طوال هذه المدة وليس بخادعهم هما.
خرج من غرفة والده وهو يشعر بالضياع، والتشتت، وكأنه أصبح غير قادر على مواجهة الحياة أكثر من ذلك. فتنهد بوجع بعدما أغمض عيناه وأسند برأسه على بابا غرفته ومن ثم أستغرق لحظات وعاد ليفتحها من جديد بعدما حاول بقدر الإمكان تجديد طاقته والمحافظة على ما تبقىٰ من ثباته لمواجهة ” شـهـيـرة ” بالداخل. فحاول إستجماع رباط جأشه ومن ثم سحب نفسًا عميقًا ثانيًا بعدما عاد يُهندم نفسه ومن بعدها فتح الباب بهدوء وأطل منه إلى الداخل فوقعت عيناه على زوجته القابعة أعلىٰ الأريكة تتصفح أحد المجلات بعناية شديدة. وما أن وقعت عيناها عليه حتى أقتربت منه بتلهف وهي تتصنع القلق والتلهُف إلا أن ما يُكمن بداخلها ليس إلا لؤمًا كبيرًا وخبث حقيقيًا.
– مُـراد طمني عملت إيه..؟!
” مُـراد ” لا رد فهو ليس لديه طاقة للحديث أكثر من ذلك. فتابعت ” شـهـيـرة ” بتلهُف مُصتنع.
– طمني بليز يا مُـراد..؟!
قولي قابلت الشريك الجديد..؟!
هو مين حد من السوق ولا مُستثمر..؟!
” مُـراد ” بثبات وهو ينظر إلى اللاشئ نظرات غائمة.
– ولا ده ولا ده يا شـهـيـرة..!
الشريك الجديد حد إحنا نعرفه كويس أوي وفي يوم من الأيام أنتي قدمتيله معروف كبير..
” شـهـيـرة ” بلؤم وهي تتصنع عدم معرفتها أو تذكرها للأمر.
– حد أنا قدمتله معروف..؟!
ثم أضافت وكأنها لا تُطيق الإنتظار أكثر من ذلك.
– بلاش ألغاز يا مُـراد أرجوك وأتكلم على طول..!
” مُـراد ” على نفس نبرته ووضعيته السابقة.
– الشريك الجديد يبقا أصـالـة الـعُـمـراني يا شـهـيـرة طليقتي..!
” شـهـيـرة ” بتصنع الصدمة وهي تضع يديها أعلىٰ فمها بعدم تصديق كاذب.
– مش معقول يا مُـراد..
أصـالـة رجعت تاني..!
ثم أكملت وكأنها تجهل حقيقة الأمر.
– إزاي رجعت..؟!
وجابت منين الفلوس دي كلها..؟!
” مُـراد ” وهو لا يُطيق الحديث عنها أكثر من ذلك.
– أرجوكي يا شـهـيـرة بلاش نجيب في سيرة اللي حصل وحصل إزاي دلوقتي عشان مش رايق واللي فيا مكفيني..!
” شـهـيـرة ” بتلهُف وهي تحاول إخراج أي معلومة منه دون أن يكتشف أمرها.
– مش مهم اللي حصل يا حبيبي المهم اللي هيحصل..؟!
ثم أضافت وهي تحاول التغلب على غيرتها منها بكل لؤم.
– قولي أتفقتم معاها على إيه..؟! ولقيته حل للمشكلة ولا لأ..؟!
” مُـراد ” وهو ينظر إليها بقوة بعد إستماعه إلى كلمة ” حـبـيـبـي ” من فمها وتابع بقوة وصلابة مُعتادة في الحديث دومًا معها.
– وأنا من أمتىٰ بحكي لحد تفاصيل شغلي يا شـهـيـرة ولا من أمتىٰ بطلع أسراري لحد..؟!
” شـهـيـرة ” بصدمة من حديثه وهتقترب منه محيطة بيديها وجنتاه بدفء.
– بس أنا مش حد يا مُـراد..؟!
أنا مراتك ومن المفروض أني أقرب حد ليك في الدُنيا وأسرارك هي أسراري..!
” مُـراد ” وهو يزيح عنه يديها بغضب حاول التحكم به قدر المُستطاع.
– شـهـيـرة بلاش كلامك والحركات اللي ملهاش داعي دي عشان إحنا مش هنعيده تاني..!
ثم أضاف بوجوم.
– أنا دلوقتي مش فايق ولا عايز أتكلم مع حد..! قالها بتذمر وهو يرحل من أمامها غير مكترثًا بها أو بحديثها فما هو به لم ولن يشعر به سواه.
” شـهـيـرة ” وهي تنظر في أثره بشر بعدما ذهب إلى غرفة الملابس ليُبدل ملابسه وتابعت حديثها بغل وحقد دفين.
– مبقاش شـهـيـرة الأنـاضـولـي لو مطربقت المعبد على اللي فيه عشان توريني بنت الـ ( ….. ) دي هتقدر تتحداني إزاي وتاخد مني حاجة تخصني..!
ثم أكملت بنبرة متوعده.
أما أنت يا مُـراد وحيات أمي لهجيبك راكع تحت رجليا تتمنىٰ الرضا ليا بس عشان أرضىٰ عنك..
واللي محصلش السنين اللي فاتت دي كلها هيحصل الأيام الجاية..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجوه الحب)