روايات

رواية وجع الخيانة الفصل الثاني 2 بقلم شيماء الصيرفي

موقع كتابك في سطور

رواية وجع الخيانة الفصل الثاني 2 بقلم شيماء الصيرفي

رواية وجع الخيانة الجزء الثاني

رواية وجع الخيانة البارت الثاني

وجع الخيانة
وجع الخيانة

رواية وجع الخيانة الحلقة الثانية

_ يعني إيه هنقسم الولاد؟!
قلت كلامي بصدمة ومش قادرة استوعب اللي سمعته. رد بمنتهى البرود وقال…
_ زي مسمعتي، يونس مش هيبقى في حضانتك.
اتكلمت بغضب وقلت…
_ ازاي يعني أنا الأم وأنا الحاضنة!
_ نسيتي إن يونس سنة عدىّ السن القانوني للحضانة؟
أخدت نفس بصعوبه وأنا حاسه بسكاكين بتطعني في قلبي.
_ إبراهيم أنت بتتكلم جد، هتاخد يونس مني؟!
قلت كلامي بكسره، رد وقال…
_ مش يونس بس هاخد ندى كمان لما تخرج من حضانتك.
اتكلمت بقوة عكس الضعف اللي جوايا وقلت…
_ عاوز تعمل كده عشان تكسرني؟ اقولك على حاجة، خدهم ولو عاوز ندى كمان خدها، ربي، وعلم، وحفظ قرآن، واكنس، واطبخ، وامسح، ونضف، واشتغل واعمل كل دا.
وشكرًا إنك هتريحني من المسؤولية دي. إن شاء الله ربنا هيكرمني بزوج وافي.
نهيت كلامي ظهر ملامح الغضب على وشه وقال…
_ تبقي شوفي مين هيرضى بواحده سرقت فلوس زوجها.
رديت بغضب مماثل وقلت…
_ متفتريش عليا أنا مسرقتش حاجة، كنت عاوزة أوجعك ودي الحاجة اللي كانت هتوجعك. في الأخر رجعتلك فلوسك، عارف ليه؛ لإني مبتسحلش حاجة ربنا حرمها.
_ قصدك إيه؟!
_ قصدي أنت عارفه كويس.
ضحك وقال…
_ والله أنا راجل.
_ عذاب ربنا مبيفرقش بين راجل وست، اللي بيدخل الست النار هو نفسي اللي بيدخل الراجل النار.
أخدت نفس واتكلمت بثقة وقلت…
_ أخر الكلام ولادي هيفضلوا في حضني ومش هتاخدهم.
قلت كلماتي وأخدت شنطتي ومشيت. نزلت دموعي على خدي وأنا بسأل نفسي ازاي دا نفس الشخص اللي كنت عايشه معاه العمر دا كله، ازاي كان ماشي في اتجاة اليمين وبقا في أقصى الشمال.
حتى الآن مش قادره اتخيل إنه مش معترف بغلطه وكل مرة يجيب اللوم عليا وإني السبب لما أخدت فلوسه، ازاي أصلًا مقتنع إني سرقتها وهي معاه دلوقتي.
مسحت دموعي وأنا بحمد ربنا بقلبي إنه بعدني عنه، يمكن كان هيأثر عليا بالسلب أنا والولاد ويبقى مصيرنا كلنا الهلاك.
مر شهرين على مقابلتنا ومحلصتش حاجة جديدة من ناحية إبراهيم ولا حتى جه يشوف الولاد، ودا طمني إن كلامه كان مجرد تهديد.
لكن الإطمئنان دا اتبخر أول مجت قوات الشرطة ومعاهم أمر بالمحكمة يحكم لـ إبراهيم إنه ياخد يونس.
كان موقف صعب أوي وهو بياخد منى قلبي وفلذة كبدي.
كنت حضناه بعيط وهو حاضني وبيعيط، مش عاوزاه يسيبني. كان خايف وأنا كمان كنت خايفه، لكنهم بمنتهى القوة أخدوه من حضني ووقعوني على الأرض.
أخدوا ابني ومشيوا، دا كله وأنا بتفرج عليهم، فضلت أصرخ واحسبن عليهم، عدل إيه اللي يخلي ابن يبعد بالقوة عن أمه، عدل إيه اللي يخلي ابن يتربى في مكان غلط وبيئة هتفسده.
كنت مرعوبة أول مالشرطة جت تاخد يونس أخويا، ماما كانت بتعيط وهو بيعيط، لما شوفت المنظر خوفت وجريت استخبيت في الأوضة.
بصيت من الشباك لاقيت بابا أخد يونس من حضن ماما. ماما وقعت على الأرض، فضلت تعيط، وبابا شال يونس اللي كان ماسك في ماما بقوة ومشي بيه.
مشي وأخد معاه روح ماما. الوقت دا كان صعب أوي وماما اتغيرت، كانت بتعيط طول الوقت وقطعت الأكل ،كانت عايشه على الأدوية، وحالتها بدأت تسوء أكتر لما عرفت إن بابا أخد يونس وسافروا برة مصر.
بَعت لماما حد قالها ومش بس كده، قالها إنه مش هيخليها تشوفه تاني.
موقف بابا دا خلاني كرهته، رغم إني كنت صغيرة بس كان مخي كبير وكنت فاهمة كل حاجة بتحصل.
مر مده وماما بدأت تفوق وترجع لصحتها وحياتها تاني. في الوقت دا كان بدأ يتقدم لـ ماما عرسان ، كانت بترفض عشاني وكانت بتقول أنهم مش مناسبين لغاية مجه عريس كان لقطه زي مبيقولوا، والكل ضغط عليها، وهي نفسها كانت شيفاه كويس وكنت انا العقبة اللي في حياتها.
رغم إني كنت صغيرة أوي لكن قلت لـ أمي توافق، وأنا هعيش مع جدتي.
حسيت انها كانت محتاجة كلامي دا ووافقت على طول.
واتزوجت أمي وبقيت لوحدي، وبقيت أحس إني يتيمة الأب والأم.
مش هقدر احكي ولا أوصف حالي يوم زواج أمي؛ لأن مش عاوزة افتكر اللحظات الصعبة دي، كان أصعب خروج هو خروجها من بيت جدتي وهي إيدها في إيد زوجها.
مش هلومها على زواجها هي كانت صغيرة وزوجها كان عريس مناسب، وكان هو عوضها عن اللي والدي عملوا فيها.
زوج أمي كان بيحبها جدًا وبيعشق التراب اللي هي بتمشي عليه، ونتيجة لدا أخد شقة في المحافظة اللي شغله فيها؛ عشان يفضل طول الوقت مع ماما وولاده.
كان بيحب ماما جدًا وبيغير عليها، عشان كده مكنش بيسيبها تيجي عندنا كتير ولما كانت تيجي كان بييجي معاها.
ونتيجة لدا بدأت زيارات ماما تقل لغاية لما بقت زيارة كل ست شهور.
و نظرًا إن البعد بينسي، فبرضو قلت مكالماتها.
مش هلومها على اللي عملته؛ لأن والدي كان أكتر منها وهي انشغلت مع زوجها وابنها اللي خلفته.
كنا قاعدين أنا وجدتي، الوقت كان بعد العشاء، الباب خبط، استغربنا مين اللي جاي دلوقتي.
_ قومي شوفي مين يا ندى.
قالتها جدتي، نزلت من على الكنبة وروحت فتحت الباب ولاقيت بابا في وشي.
اتجمدت مكاني مكنتش عارفه أعمل ايه؟ كل اللي افتكرته أخر ذكرى بينا لما أخد يونس.
_ أذيك يا ندى.
قالها بحنين، فوقت من شريط الماضى وجريت، دخلت أوضتي استخبى فيها.
_ في إيه يا ندى بتجري ليه؟!
قالتها جدتي بتعجب وقامت تشوف الباب.
_ مين ابراهيم؟!
_ اذيك يا أمي.
قالها والدي بهدوء، ردت جدتي بعصبية وقالت…
_ أمك إيه؟! أنت ليك عين تيجي بعد اللي عملته.
اتكلم والدي بحرج وقال…
_ أنا معترف إني غلط، تسمحيلي ادخل محتاج اتكلم معاكم.
اتحركت جدتي من قدام الباب، فتكلم والدي وقال…
_ تعالي يا يونس.
_ هو يونس معاك؟
قالتها جدتي بفرحه، دخل يونس، أول لما جدتي شافته حضنته بشوق.
فتحت جزء صغير من الباب، أتأكد إن يونس برة، وفعلًا كان برة. استغربت وكان في دماغي اسأله كتيرة، بس كنت خايفة أطلع برة.
_ فين ماما وندي؟
قالها يونس بشوق، ردت جدتي وقالت…
_ ندى جوا في الأوضة دي ادخلها.
_ طب وماما فين؟
_ ادخل لـ ندى بس.
كنت متوترة ومنتظره أعرف بابا جه ليه، وفاجئة لاقيت الباب بيتفتح، خوفت بس اطمنت لما لاقيته يونس.
أول مشوفته جريت عليه وحضني، ملامحه اتغيرت أوي وبقا شكله شاب.
مكنتش مصدقه إني شوفته تاني، اتمنيت إن ماما تكون موجوده وتشوفه.
_ ماما فين يا ندى وحشتني؟
بلعت خصه بوجع وقلت…
_ مش هنا.
_ أمال فين؟
قالها بشوق، اتكلمت بحزن وقلت…
_ ماما في بيت زوجها، للأسف هما في محافظة تانية وصعب انها تيجي.
نهيت جملتي، حسيت إني محتاجة اتكلم أكتر وأطلع اللي في قلبي وبدأت احكي ليونس.
_ اتجوزت؟!
قالها والدي بصدمة، ردت جدتي وقالت…
_ أه اتجوزت، أنت مفكرها هتقعد، ربنا رزقها براجل بيعشق التراب اللي بتمشي عليه.
_ اتجوزت من أمتى؟
_ من تلت سنين.
هز دماغة وقال…
_ ربنا عوضها وجزاني.
_ جزاك ازاي؟
_ أنا عرفت قيمة روفيدة الست اللي ضيعتها من إيدي ومش هلاقي زيها، بس للأسف عرفت بعد فوات الاوان.
_ غربية مش دي روفيدة اللي مكنتش عجابك وطلقتها واتجوزت اللي كنت ماشي معاها.
_ كنت أعمى ومغيب، سيبت اللي كلنت صاينه بيتي وحافظه شرفي وروحت لواحده.
سكت ثواني وقال…
_ يلا الله يساهلها، كنت جاي اعتذر لروفيدة واقولها إن ربنا دوقني من كأس الخيانة اللي دوقتها منها، بس كاسي كان طعمه أصعب وأمر بكتير.
كنت جاي أعتذر ليها وأبوس إيدها واقولها إن ملاقتش ولا هلاقي ست زيها. كنت جاي وكلى أمل أقدر ارجعها وارجع بيتنا اللي كان هادي وجميل.
قطعت جدتي كلامه وقالت…
_ للأسف يا إبراهيم بيتك دا أنت اللي دمرته بـ إيدك واختيارك، وعمرك مهتقدر ترجعه تاني زي الأول، أنت كسرت مراتك وولادك واللي اتكسر عمره مهتصلح.
نهت جدتي كلامها، اتكلم وقال…
_ دلوقتي بس فهمت كلامك لما جيتيلي قبل منتطلق تنصحيني، مكنتش مصدقك لما قولتلي إني هندم، دلوقتي بس صدقت.
أخد نفس واتكلم بألم وقال…
_ لما تشوفي روفيدة أو تكلميها قوليلها إني جيت هنا، قوليلها إبراهيم عرف قيمتك وعرف مقدارك وإن مفيش ست شريفة زيك، قوليلها إبراهيم شرب من نفس كأس الخيانة. يمكن أكتر، قولها رجع وكله ندم، كان نفسه يرجع البيت الهادي تاني، قوليلها إني بتمنى ليها السعادة مع زوجها وإن شاء الله يبقى أحسن مني.
طبطبت جدتي على كتفة، بصلها بألم وقال…
_ أنا جاي اجازة ١٠ أيام باقي فيهم ٦ أيام عشان لو روفيدة عاوزة تشوف يونس.
دا رقمي لو حبت تشوفه اتصلوا عليا.
نهى كلامه ووقف قدام باب الشقة ونادى على يونس، خرج يونس وكان الباب مفتوح، بصيت لوالدي بحزن وهو بصلي بشوق، بعدها أخد يونس ومشي.
بلعت ريقي بصعوبة وأنا بحاول أمنع دموعي، خرجت لجدتي أعرف سبب الزيارة، وحكيتلي اللي حصل.
_ يعني هما هيسافروا تاني؟!
ردت جدتي وقالت…
_ أه.
_ طب وأنا قالك حاجة عليا، هياخدني معاه؟
_ مجابش سيرتك خالص.
حسيت بخنقة، عيوني اتملت بدموع.
أخدتني جدتي في حضنها وقالت…
_ انتِ عاوزة تسيبيني يا ندى؟!
هزيت دماغي بلأ وأنا بمسح دموعي وقلت بكذب…
_ لأ، كنت خايفه ياخدني.
نهيت كلامي ودخلت أوضتي، نمت على سريري وبصيت للسقف، وسمحت لدموعي تنزل بغزاره، فضلت أبكي بكاء صامت.
كنت حزينة على حالي وزعلانه إنه مفكرش فيا وسابني تاني. لو فعلًا ندمان وعاوز يرجع بيتنا الهادي، ليه سابني تاني؟ ليه مأخدنيش معاهم؟ كفاية إني هبقي مع يونس.
ليه سابني تاني وخلاني أفضل في حياة يتيمة الأب والأم؟
مش كفاية أمي اللي مبقتش أشوفها بسبب زوجها اللي مبيحبش يخليها تتيجي لوحدها، حتى مبيحبنيش أروح هناك، هو نسي إنها أمي وكذلك أمي نسيت إن ليها بنت وبقت تعمل اللي يرضي زوجها وبس.
تاني يوم جدتي اتصلت بماما وحكتلها اللي حصل، قالتلها تيجي لو عاوزة تشوف يونس.
رغم اشتياق ماما لـ يونس لكنها كانت خايفه زوجها يرفض.
فضلت تتحايل على زوجها لغاية موافق، واشترط عليها تشوفه في بيت جدتي وييجي هو بس، وافقت وكلمت جدتي قالتلها تكلم بابا.
اتصلت تيتا بـ بابا واتفقت معاه، وهو قالها هيجيبه وهيستناه في كافيه لغاية ما ماما تشوفه.
وصدق في كلامه، يونس جه لوحده. لما ماما شافته مكنتش مصدقه عيونها وهو كمان مكنش مصدق.
فضلوا يعيطوا هما الاتنين، طول الجلسة كانت ماما أخداه في حضنها وكل شوية تحضن فيه وتلمس وشه اكنها بتحفظ ملامحه.
كنت ملاحظة إن زوج ماما مضدايق وغيران، كان باين عليه من كشرة وشه، وتلكيكه إنه يمشوا بحجة عياط نوح أخويا.
مر ساعة وبعدها زوج ماما وقف وقال لـ ماما يلا، كنت حاسه إن ماما مشتته بين انها مش عاوزة تزعل زوجها وبين انها عاوزة تقعد مع يونس.
في النهاية استسلمت لـ إصرار زوجها ومشيت، لكنها طلبت منه ياخدوا يونس معاهم يوصلوا للكافية اللي بابا منتظره فيه.
وافق على مضد وكان ملامح الضيق ماليه وشه، كنت عارفه إنه غيران على ماما من يونس ودا اللي كان مخليه متضايق، واللي ضايقه أكتر خوفه إن ماما تشوف بابا تاني.
مشيوا وسابوني، بصيت لطيف ماما بحزن بعد ممشيت، وقعدت زعلانة.
غابت جدتي وخرجت في إيدها صنية العشاء.
_ يلا تعالي الأكل جميل.
رديت بحزن وقلت…
_ مليش نفس.
ردت جدتي بمرح وقالت…
_ ليه بس دا انا عملالك البطاطس المحمره اللي بتحبيها والفول بالليمون.
_ معلشي يا تيتا مش عاوزة أكل.
نهيت كلامي ودخلت أوضتي، خلعت حجابي وفردت جسمي على السرير وسمحت لدموعي تنزل.
دخلت جدتي وفتحت النور، اتعدلت ومسحت دموعي بسرعة، قربت مني وقالت…
_ بتخبي دموعك مني يا ندى؟
بصيتلها ومقدرتش اتكلم وسمحت لباقي دموعي تنزل.
بصيتلي وقالت…
_ بتعيطي ليه، دا انتِ حتى لسه شايفه أمك.
اتكلمت بإنفعال وقلت…
_ أنا بعيط عشان أمي، أمي اللي جت انهاردة ومسلمتش عليا ولا حضنتني، أمي اللي كانت شيفاني ولا اكنها شيفاني.
أخدتني في حضنها وطبطت عليا وقالت…
_ من فرحتها انها شافت اخوكي، دي باقيلها زمن مشفتوش.
_ طب وأنا؟! منا باقيلي أربع شهور مشوفتهاش معقول مشتاقتش ليا؟!
_ أعذريها هي مكنتش مصدقه إنها شافته، مش كفاية إنه بعيد عنها.
اتكلمت وأنا بعيط بإنهيار وقلت….
_ وأنا؟! وأنا مش بعيدة؟ على الأقل هو عايش مع بابا، خايفة عليه وهو مع بابا.
طب مش خايفة عليا وأنا منغير أب ولا أم، هي نسيتني وهو كمان نسيني.
_ متقوليش كده يا ندى؟!
قومت من على السرير وأنا بصرخ بعياط وقلت…
_ مقولش إيه بس؟! مقولش إن أبويا وأمي أطلقوا وكل واحد راح يشوف حياته ونسيني؟! ولا مقولش إن أبويا رماني مش فاكر ان ليه بنت، دا حتى مهانش عليه ييجي يشوفني قبل ميسافر، مش هقول ياخدني على الأقل يشوفني.
ولا أمي اللي نسيت إن عندها بنت وبقا حياتها كلها زوجها وولاده وابنها اللي خلفته، أمي اللي شوفتها انهاردة ومهانش عليها تحضني ولا تقولي حتى ازيك، أمي اللي مكنتش شيفاني ونسيت بنتها.
أمي اللي كانت بتمشيني من بيتها لما ازورها بالزوق عشان خايفه على زعل زوجها، قال إيه خايف على ولاده مني.
أمي اللي لومتيها على تقصيرها فيا وكان ردها انها مش عاوزة تخسر زوجها وبيتها الجديد، خايفه تخسر زوجها بس مخافتش نخسر بنتها.
أقول تاني ولا كفاية؟!
نهيت كلامي وقعدت على الأرض أعيط بقهر ووجع، قربت جدتي مني وأخدتني في حضنها وهي بتعيط وقالت…
_ سامحيني يا ندى، سامحيني يا بنتي.
خرجت من حضنها وبصيتلها وقلت…
_ وانتِ ذنبك إيه؟! دا انتِ الحاجة الوحيدة الحلوة في حياتي بدونك كان زمان الشارع مكاني.
حطيت إيدها على بوقي وقالت…
_ متقوليش كده يا ندى، انتِ بنتي اللي مخلفتهاش، اعتبريني أمك، وانسي أمك وأبوكي والدنيا كلها.
دخلت حضنها تاني وقلت…
_ نسيتهم يا تيتا؛ لاني مليش غيرك.
بالتحديد من اليوم دا، نسيت أمي وأبويا، نسيت إن ليا أهل، وبقا أهلي جدتي وبس.
بدأت تقرب مني وتتكلم معايا، في البداية مكنتش بستجيب؛ لأن الفترة دي كنت متدمرة نفسيًا ومعنديش طاقة ولا قدرة للكلام.
بدأت الدراسة وبدأت معاها مرحلة جديدة في حياتي وهي مرحلة الثانوية. مكنتش عاوزة أقدم ثانوي عام رغم مجموعي الكبير؛ عشان أخفف المصاريف على جدتي، المعاش بتاعها بسيط يدوب بيكفي علاجها ومصاريف البيت.
رغم كده أصرت أدخل ثانوي عام، وكانت ديما تقولي مفيش حاجة هتنفعك غير تعليم وشهادتك غير كده لأ.
عندها حق مفيش حاجة هتنفعني، كان أهلي نفعوني، بدأت أهتم أكتر واذاكر وحطيت قدامي هدف إن لازم ادخل كلية كويسة من خلالها ألاقي شغل على طول.
كنت ديما في حالي مليش صحاب وحياتي هي المذاكرة والمدرسة وجدتي. لغاية في يوم سمعت بنتين بيتكلموا على الولاد وكلامهم معاهم وكل واحده بتحكي على الولد اللي بتكلمه، وبيحكوا لبعض عن الكلام اللي بيتقالهم.
كان كلام حلو ومليان حب، معرفش ليه حسيت إني عاوزة أجرب واسمع كلام زي دا وأحس إني مرغوب فيا مش كل الناس كرهاني.
رجعت البيت وأنا بفكر في كلامهم، اتعشيت وقعدت اذاكر، وسط المذاكر فضل كلامهم بتردد في وداني.
مسكت موبيلي بحاول أهرب من الأفكار اللي في دماغي، بس لاقيتني فتحت الماسنجر وفضلت أأقلب، لغاية مـ فتحت ماسجات الأزر، لاقيت أكتر من شاب باعتلي، فتحت الماسجات، معرفش ليه كنت فرحانه لما شوفتها وفاجئة لاقيتني برد عليهم.
قفلت الموبيل ورجعت اذاكر، وسط مذاكرتي جالي نتوفيكشن إن في ماسج جاتلي، فتحتها بشغف ولاقيت شاب منهم رد عليا.
رديت عليه في وقتها وفضلنا نتكلم كتير، سيبت الكتب وفضلت أكلمه لغاية الفجر، محسيتش بالوقت اللي مر بسرعة، قفلت معاه ودخلت أنام عشان أقدر أصحى للمدرسة.
بعد مده اكتشفت ان ممكن حد يحبيني، الخمس ولاد اللي كنت بكلمهم كلهم اعترفولي بحبهم.
كنت طايره من الفرحة لما كل واحد فيهم اعترفلي بحبه، حسيت إن أخيرًا في حد بيحبيني، اكتشفت اني ممكن أتحب عادي وإن ماما وبابا ويونس بس اللي مش بيحبوني بس في ناس تانية بتحبيني.
كانوا بيدوني الحب اللي كنت بدور عليه، كنت محتاره أحب مين فيهم، كلهم بيقولولي نفس الكلام، مكنتش قادرة أحدد هل في حد معين بحبه ولا بحبهم كلهم.
بس في النهاية قررت أحبهم كلهم.
قضيت معاهم فترة كبيرة، وكل شوية كان واحد منهم يبقى عاوز صوري، أو عاوز يكلمني فيديو كول.
من جوايا كنت بخاف، يمكن كنت بخاف إن تيتا تعرف، كنت بماطل لغاية لما يزهقوا، وفعلًا بدأوا يزهقوا وكل شوية واحد فيهم يعملي بلوك، لغاية لما الخمسة عملالي بلوك.
زعلت أوي وحصلي انهيار، مكنتش قادره أصدق أنهم كمان بطلوا يحبوني زي أهلي، هنا بس بدأت أحس إني مكروهه ومفيش حد بيحبيني، ويمكن جدتي متحملاني عشان مليش غيرها.
نتيجة لدا بقيت طول الوقت قاعده لوحدي رغم محاولات جدتي انها تدمجني معاها، كنت خايفه اندمج معاها وأحبها وفي الأخر تسيبني هي كمان، أو تطردني.
كنت بفضل أقعد لوحدي عشان مش اضايقها.
وقتي كنت بقضيه في المذاكره، ولما الأجازة تيجي كان ممكن أذاكر في منهج السنة الجديدة.
كنت بدفن نفسي بين الكتب ولما كنت ازهق من المذاكره كنت بقرأ كتب في كل المجالات ماعدا الكتب الدينية عمري مقدرت إني أقرأ فيها، كان ديما بيني وبينها حاجز.
_ أمك جايه انهاردة.
قالتها جدتي بفرح وحماس، رديت عليها وقلت…
_ غريبة جايه ليه؟
ردت جدتي بتعجب وقالت…
_ يوه جايه تشوفك.
_ غريبة دا لسه شايفاني من ٩ شهور معقول لحقت اوحشها.
اتكلمت جدتي بنبرة حاده وقالت…
_ ندى متقوليش كده دي أمك.
رديت عليها بقسوة وقلت…
_ لأ دي مش أمي، دي أم نوح ونور ولادها، أما أنا مليش أم، أمي ماتت من زمان.
قلت كلماتي واتجهت ناحيه باب الشقة، اتكلمت جدتي وقالت…
_ رايحة فين يا ندى؟!
_ أنا في تالتة ثانوي وعندي دروس.
_ مش لازم دروس انهاردة واقعدي شوفي أمك.
رديت بإصرار وقلت…
_ لأ لازم، مفيش حاجة هتنفعني غير تعليمي وشهادتي.
قلت كلماتي وخرجت وقفلت الباب.
خرجت من البيت وأنا بفكر في حياتي وبقارنها بحياة كل اللي حولايا، وفي كل مقارنة بلاقي نفسي الخسارة.
روحت الدرس وأنا بحاول أقضي على الدوشة اللي في دماغي وأركز.
خلصت دروسي ومرضتش أروح، قررت اتمشى لغاية لما العشاء تأذن وارجع البيت، بحيث أضمن إنها تكون مشيت.
فضلت اتمشى لغاية متعبت، قعدت على الرصيف أخد نفسي وأنا بحاول أقوي نفسي واشجعها تكمل رغم اللي هي فيه.
سمعت اذان العشاء، قررت ارجع البيت، دخلت لاقيت ماما لسه موجوده هي وولادها وزوجها.
جدتي كانت مرعوبة عليا وعلى تأخيري، بس الغريب ان ماما كانت قلقانة.
_ كنتي فين لغاية دلوقتي؟
قالها زوج أمي بعصبية، بصيتله بقرف ورديت عليه بضيق وقلت…
_ كان عندي دروس.
_ كان عندك دروس ولا بتتصرمحي يا بنت الكلـ*ـب.
نهى كلامه بقلم على وشي، كنت في حالة صدمة مش قادرة استوعب اللي حصل.
مفوقتش غير على رد فعلي العنيف وأنا بصرخ في مانا وزوجها وبطردهم برة البيت.
خرجوا وكان زوجها يشتمني أصعب الألفاظ ويقولها إن كلامه كله عني صح وإني بنت مش كويسة.
قفلت باب الشقة وبصيت لجدتي وقلت…
_ سامحيني.
قلت كلمتي ودخلت أوضتي وقفلت على نفسي، فضلت دموعي تنزل، كنت حاسه بخنقة في صدري والخنقة بتزيد أكتر وأكتر.
فاجئة خطر على بالي فكرة متهوره، مسكت الكوباية كسرتها واخدت قطعة زجاج وقطعت شرياني مر ثواني وبدأت اغمض عيوني.
فتحت عيوني لاقيتني في أوضة غريبة، بصيت جمبي لاقيت جدتي نايمة على كرسي، حاولت أقوم بالراحة لكنها حست بيا.
_ كده يا ندى توجعي قلبي عليكي؟
سمعت كلماتها ومردتيش.
_ عاوزة تموتي نفسك وتسيبيني لوحدي، دا انتِ حياتي واللي ماليه عليا دنيتي.
نزلت دمعة من عيني وقلت…
_ عاوزة ارتاح، واريحك من همي.
_ بقا انتِ هم ؟!
قالت كلماتها بعتاب، فمقدرتش اتكلم، اتكلمت تاني وقالت…
_ أنا كلمت أمك وبهدلتها في التليفون وقتلها معدتش تيجي تاني، وعرفتها إن هي وزوجها السبب في اللي حصلك.
نهيت كلمها رديت وأنا بعيط وقلت…
_ أنا مكنتش بتصرمح زي مهو قال أنا مكنتش عاوزة أرجع واشوفها، أنا مش بنت وحشه زي مهو قال.
أنا بس مش عاوزة اشوفها وقلبي يوجعني، مش عاوزة اشوف معاملتها الحلوة مع ولادها، وافتكر لما كانت بتعاملني كده، مش عاوزة اتوجع وافوق على الواقع اللي أنا فيه وإني اتنسيت.
أنا أنا….
قطعت تيتا كلامي، اتكلمت بحنان وقال.
_ كفاية يا حبيبتي كفاية، أنا عملت اللي هيريحك وقولتلها معدتش تيجي تاني.
خرجت من المستشفى بعد يومين، لما الشرطة أخدت اقوالي وعملوا تحريات واتأكدوا إن دي عملية انتحار.
خرجت وعاهدت جدتي إني معملش كده تاني واركز في حياتي.
بدأت جدتي تقرب مني وتجبرني أقعد معاها، حتى في وقت مذاكرتي كانت تيجي تقعد معايا، بقت طول الوقت معايا لدرجة انها بقت تنام معايا، وبقيت انام في حضنها.
اكتشفت ان حنان الدنيا كله في حضن جدتي، بقت أنا اللي أقرب منها واحكي معاها، بقت هي كل حياتي وروحي. هي اللي كانت بتديني أمل إني أكمل، كنت بذاكر ومكمله بسبب كلامها.
هي الوحيدة اللي وقفت في ضهري في عز ضعفي، وفي وقت امتحاناتي وانهياري، هي الوحيدة اللي كانت بتطميني وبتمتص خوفي من النتيجة.
كانت ديما تردد وتقول متقلقيش رب الكرم هيكرمك.
بعدين تسكت شوية وتقولي إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا أحسنتي عملك وإن شاء الله هتفرحي.
مر ١٥ يوم كلهم توتر وخوف لغاية لما جه يوم النتيحة.
كان يوم صعب وكله توتر من بداية لما قالوا النتيحة انهاردة ومؤتمر الوزير واعتماد النتيجة، لغاية لما الموقع فتح معايا ولاقيت أكتر من اللي اتمنيته وداعيت بيه.
تيتا زغرطت وأنا من الفرحة عيطت، حضنتني بفرحة وقال..
_ مش أنا قولتلك ربك كريم وهيكرمك.
رديت وأنا بعيط وقلت…
_ الحمدلله، الحمدلله.
كنت سعيدة بل طايره من الفرحة، مكنتش مصدقة إني جيبت المجموع اللي يدخلني كلية الطب.
بعد الخبر السعيد دا بدأت أنا وتيتا نجهز حلويات ومشروبات عشان لما قرايبنا ييجوا.
بس محدش جه، طبعًا عيلة والدي مقاطعيني، ماما وخالو اكتفوا بمكالمة تيلفون.
دخلت عليا الأوضة وفي إيدها صينية فيها طبق حلويات وعصير، فضلت تزغرط وهي بتقول.
_ وحياة قلبي وأفراحه.
ضحكت، واخدت منها الصينية، حضنتها وقلت….
_ ربنا يخليكي ليا يا تيتا انتِ أحلى حاجة في حياتي.
ضميتني أكتر وهي بتقول…
_ وانتِ جتيلي في وقت حياتي كانت مضلمه، جيتي نورتيها.
_ هي…
_ قولي عاوزة تقولي ايه؟
بلعت ريقي وقلت…
_ هي ماما عرفت بمجموعي.
هزت جدتي راسها وقالت…
_ أه لسه مكلماني وبتقولك مبروك، بس مش هتيجي عشان خاطر زوجها واللي حصل أخر مرة.
_ كنت عاوزة أتأكد عرفت ولا لأ؛ لأنها أكيد هتعرف زوجها وهيعرف أني بنت كويسة وشاطرة مش زي مهو كان بيقول.
_ ملكيش دعوة بحد ومنتظريش رأي حد أو تقيمة ليكي ولجهودك، متعمليش عشان الناس اعملي عشان ربك ونفسك.
بدأت دراستي في الكلية الطب، كانت الدراسة دسمة وصعبة.
بقيت عايشه في ضغط كبير في المذاكرة والامتحانات.
رغم كده كنت لازم أشارك يومي مع تيتا ونحكي سوا كل يوم، بقينا قريبين أوي من بعض.
بدأت صحة تيتا تقل ودا بسبب عامل السن، فبقيت أنا المسؤولة عن البيت من كل حاجة.
سبحان الله رغم كل الحاجات دي لكن وقتي كان بيكفي أعمل كل اللي أنا عاوزاه.
مرت أربع سنوات في الكلية كنت فيهم من المتفوقين وبرتب على دفعتي، رغم كده لازلت وحيده، ديما عندي خوف من العلاقات وخايفه الناس متحبنيش فكنت ديما بكون لوحدي وبعيده.
تيتا بدأت تتعب أكتر والتعب يزيد عليها وبقينا كل شوية عند دكتور شكل، بقيت عايشه في رعب وخايفه عليها خاصًا إن حالتها بدأت تدهور أكتر.
بدأت توصيني بحاجات كتيرة ودا كان بيخوفني بل بيرعبني من فكرة الموت وانها ممكن تسيبني.
وللأسف مكنتش فكرة؛ لأنها طلعت واقع مر.
يوم مفتحت عيوني ولاقيت تيتا فارقت الحياة، يوم أقل ما يقال عنه إنه صعب، رغم إني كنت عارفة انها ماتت بس مكنتش مصدقة وجيبتلها دكتور وأكدلي.
الدكتور مشي وأنا قعدت جمبها على الأرض وفضلت أعيط واتكلم معاها.
_ قومي يا تيتا، قوليلي هعمل إيه دلوقتي من غيرك؟!
عيطت وأنا بقول…
_ مليش غيرك، هينهشوا فيا من بعدك، محدش بيحبيني غيرك، هيرومني في الشارع وهينسوني، قومي انتِ اللي عملالي قيمة منغيرك هكون هوا.
حطيت راسي على بطنها وقعدت أعيط، مر ساعة وكان لازم أعرفهم انها اتوفت.
مسكت موبيلي واتصلت على خالي وقولتله، بعدها كلمت ماما، يمكن كانت المرة الاولي اللي اتصل بيها، حتى هي مكنش معهاش رقمي.
أول مردت قولتلها جدتي توفت وقفلت الخط.
ربع ساعة وكان خالي جه البيت، وشوية البيت اتملى ناس وبدأت مراسم الغسل وبعدها الجنازة.
مريت بأصعب لحظة في حياتي وهي خروج النعش وفيه تيتا، فضلت أبكي بصراخ واقولها مع السلامة يا أمي مع السلامة يا أغلى شخص في حياتي مع السلامة يا تيتا.
وقعت على الأرض أعيط بإنهيار، الدنيا اسودت أكتر في عيوني مبقتش شايفه حاجة حلوة.
كنت باخد عزاها وأنا عامله زي التمثال، مكنتش قادرة أكل ولا أشرب، ازاي هاكل وهي مبتاكلش معايا ولا بتشاركني، ازاي هاكل بدون ضحكتها الحلوة وشها البشوش.
مرت أيام العزاء والناس كلها مشيت، حتى أمي اللي فكرت إنها ممكن تقعد معايا شوية، بس كانت مجرد أفكار في دماغي.
البيت فضي عليا، بقيت اتخيلها في كل ركن ومكان، الحياة كانت صعبة أوي بدونها.
مكنتش قادرة أكمل تاني كان نفسي أموت على الأقل هبقى معاها.
رجعت الكلية بعد غياب فترة كبيرة، رجعت بسبب الإمتحانات اللي هتبدأ.
فاتني كتير خلال فترة غيابي، وكانت كلها أجزاء مهمه، لذلك اضطريت أطلب المحاضرات اللي فاتني من حد.
لاقيت رجلي وخداني لبنت حسيتها هادية ومطمئنة، أول مشافتني سألتني كنت غايبه فين الفترة اللي فاتت.
اتعرفت عليها وعرفت اسمها منى، حكيتلها إن جدتي كانت مريضة واتوفت. طلبت منها أصور الأجزاء اللي فاتتني، عاطيتني كشكولها برحب وفضلت تشرحلي كل حاجة فاتتني وقالتلي إنها عامله تلخيصات وحاجات هتسهل عليا ومعاها اسئلة مهمه.
أخدت رقمي قالتلي هتبعتلي الحاجات دي لما تروح.
كنت مستغربه أسلوبها اللطيف معايا، وفعلًا لما روحت بعتتلي الحاجات.
خلصت من مشكلة المذاكرة المتراكمة عليا وبدأت تواجهني مشكلة كبيرة مكنتش عاملة حسابها وهي هصرف واجيب فلوس منين.
اكتشفت إن تيتا كانت شايله كتير عني، كانت بتصرف عليا معاشها كله رغم وجود والدي اللي عمره مفكر يبعتلي جنية.
بدأت أدور على شغل، كنت عاوزة اشتغل في مجال الطب، كان هدفي الاقي شغل سهل ودا كان أسهل شغل ممكن الاقيه.
قدمت في أماكن كتيرة، كنت بروح المستشفيات واقولهم اشتغل شغل تمريض بس محدش كان بيرضى، لغاية لما روحت اشتغل في مركز تجميل.
كان مركز تجميل لـ دكتور كبير لما دخلت اسأل على وظيفه، استغرب إيه اللي يخليني كـ دكتورة ألجأ لكده، قوتله إني يتيمة وجدتي اللي كانت بتصرف عليا توفقت ومعنديش مصدر رزق.
عرض عليا مساعده بدون مشتغل لكني رفض ومشيت.
بس بعدها بيومين لاقيت رقم بيتصل عليا وكان مركز الدكتور دا وقالولي اروح اشتغل معاهم.
بدأت في الشغل جمب دراستي، دكتور جمال كان من أرقى الناس اللي تعاملت معاها، مكنش بيضغطني في الشغل وكان بيخليني أروح بدري، كان بيراعي نقطة إني دكتورة ومطلوب مني مذاكره وامتحانات كتيرة.
وفي فترة امتحانات كان بيسمحلي أغيب رغم كده راتبي بيفضل شغال.
خلال الفترة دي قربت من منى وبقينا صحاب، ولأول مرة أعرف يعني إيه صداقة.
_ يلا نصلي الظهر ونرجع نكمل الجزئية دي.
رغم إن جملتها عادية، لكني استغربت، أنا أصلي؟!
بلعت ريقي بتوتر مش عارفه ارد أقول إيه؟
_ يلا يا بنتي ولا انتِ؟
هزيت راسي بنفي بسرعة، فتكلمت وهي بتشدني وقالت…
_ طب يلا قبل المسجد ميتزحم!
_ أنا معرفش ازاي أصلي.
قلت كلماتي بخجل، فقعدت جمبي بصدمة وقالت…
_ ازاي!؟
_ ممكن نقوم من هنا ونتكلم في مكان مفهوش حد، عاوزة اتكلم واحكي مش قادرة اكتم أكتر من كده.
قامت معايا وقعدنا في مكان مفهوش حد، وحكيتلها عن حياتي من وقت لما كنت طفلة بتحفظ قرآن وبتصلي مرور بإنفصال أهلي بكل أحداث حياتي.
فضلت أحكي وأعيط، وهي كمان تعيط معايا، حكيتلها عن الفترة اللي كلمت فيها ولاد، حكيتها عن كرهي لأهلي.
خرجت كل اللي جوايا رغم إني عارفة اللي عملته دا غلط ومينفعش أحكي لحد تفاصيل زي دي، بس كنت حاسه إني محتاجة أخرج اللي جوايا لحد، محتاجة حد يساعدني وياخد بإيدي.
_ طب انتِ ليه مفكرتيش تقربي من ربنا؟!
مسحت دموعي وقلت…
_ هيقبلني ازاي، دا انا عمري مصليت، وكلمت ولاد، وبنت عاقه لـ أمها.
نهيت كلامي ردت بتعجب وقالت…
_ معرفش مين اللي نشر مصطلح [ربنا مش هيقفبلني] بين الشباب، المصطلح دا بقا الحجة في أنهم يكملوا في الغلط.
بصيتلي ومسكت إيدي وقالت…
_ قوليلي مين الأفضل عند الله انتِ ولا واحد كافر بيحارب الاسلام.
بصيتلها وقلت…
_ أنا.
_ تخيلي بقا ان ربنا قبل الكافر وكان عنده عظيم.
استنكرت كلماتها فقالت…
_ سيدنا خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، كانوا كفار وبيحاربوا الإسلام وبيقاتلوا ضد المسلمين. ولما أسلموا ربنا قبلهم وسَمى سيدنا خالد سيف الله المسلول. وسيدنا عمرو كان سبب في فتح بلاد كتيرة ونشر الإسلام.
قوليلي بقا مين أفضل انتِ المسلمة الموحده بالله ولا كافر عابد للاصنام؟!
حبيبتي بدام باب التوبة مفتوح يبقى ربنا هيبقل أي حد، أبسط مثال قاتل المائة نفس، ربنا قبل توبته رغم إنه معملش حاجة في حياته بس كان قلبه مليان نيه صادقة لله إنه تأب عن كل اللي عمله.
ربنا سبحانه وتعالي بيقول في سورة الزمر [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] (53)
سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام قال..
«لو يعلمُ المؤمنُ ما عند الله من العقوبة، ما طَمِع بِجَنَّتِهِ أحدٌ، ولو يَعلمُ الكافرُ ما عند الله من الرَّحمة، ما قَنَطَ من جَنَّتِهِ أحدٌ»
متخيله رحمه ربنا قد إيه وانتِ بتسألي هيقبلك ولا لأ؟!
_ قوليلي ابدأ منين؟!
_ هتروحي تغتسلي وتقولي الشهادتين وتصلي ركعتين توبة وتنوي جوا قلبك بالتوبة وتبقى نيتك صادقه.
شرحتلي ازاي أصلي صلاة التوبة، وفضلت تكلمني عن الصلاة وفضلها وانها اللي بتفرق بين المسلم والكافر، وهي أول ما يسأل عليه المرء في قبره، فضلت تتكلم معايا كتير عن الصلاة بطريقه حببتني فيها أوي.
وبدأت تعلمني كيفية الصلاة، وافتكرت من كلامها تعليم أمي عن الصلاة.
نصحيتني بمتابعة بودكاست فاهم واسمع حلقة كيف تتلذذ بالصلاة لــ د أحمد العربي.
رجعت البيت وعملت اللي قالتلي عليه، بمجرد وقفت على المصلية حسيت برعشه بتسير في جسمي، صليت ولأول مرة أحس بإحساس الراحة، هنا بس افتكرت كلام جدتي عن الصلاة ومحاولاتها معايا.
خلصت صلاتي وداعيت لجدتي بالمغفرة والرحمة.
اتغديت وجهزت نفسي عشان اروح المركز.
وصلت المركز وظبط الحالات اللي هنشتغل معاها انهاردة، لكني اتفاجئت بدكتور جمال بيقولي إن المساعدة الخاصة بـ دكتور محمود استقالت وأنا هشتغل بدالها.
معرفش ليه اضايقت لما عرفت، يمكن لان د محمود شغله كله جلسات وهيبقى مرهق وأطول من شغلي مع د جمال أو ممكن لأن د جمال كان بيسمحلي امشي بدري أو اتأخر عن معادي.
أخدت نفس وفضلت أقول لنفسي لعله خير، كلمه سمعتها من منى وفضلت ارددها.
بدأت شغل معاه وكان فعلًا مرهق زي مكنت متوقعه، طول الوقت كنت واقفه وتعبت أوي.
جه الوقت اللي المفروض امشي فيه، جيت استأذن منه رفض وقالي لما نخلص كل الحالات.
اضطريت انتظر لغاية لما خلصنا كانت الساعة ١١ ونص.
كنت خايفه ملاقيش موصلات وخايفه وأنا راجعة متأخر حد يضايقني أو جيراني يتكلموا عليا.
لميت حاجاتي وأنا خارجة قابلت د جمال اللي استغرب ليه ممشتش لغاية دلوقتي، حكتله اللي حصل وطلبت منه يكلم دكتور محمود، طمني وقالي امشي في معادي كل يوم.
رجعت البيت بعد معاناه إني ألاقي موصلات، فتحت الباب وحطيت شنطتيتي على الكرسي، دخلت أوضي غيرت هدومي، وعملت ساندوتش وكباية قهوة وقعدت اذاكر، مقدرتش اكمل كتير واستسلمت لنوم.
صحيت الفجر، صليت وبدأت يومي وكانت دي أفضل بداية لـ يومي، كملت مذاكره لغاية مقربت على معاد الامتحان، جهزت نفسي ومشيت.
خلصت امتحاني وقابلت منى وفضلنا نتكلم في الدين، كانت بتتعامل معايا بأسلوب التشويق ودا كان بيخليني عاوزة أعرف واتعلم، بدأت تتكلم معايا وتعلمني اللي المفروض اتعلمه عن ديني.
_ مقولتيش ليه إنك دكتورة؟
اتخضيت من الصوت بصيت ورايا لاقيت د محمود.
_ ماجتش فرصة.
ابتسم بسمة هادية وقال…
_ حصل خير، على العموم تقدري تمشي في المعاد اللي متعوده عليه.
شكرته وبدأنا شغل، دخلت الحالات وبدأ دكتور محمود يشتغل وكان وسط الشغل بيتكلم معايا عن الحالات ويشرحلي، بسببه فهمت حاجات كتيرة في الجلدية وعرفت معلومات إضافية فادتني كتير.
بممارستي للشغل بدأت اعتاد ومأحسش بصعوبة زي الأول.
بدأت امتحانات الفاينل، الشهر دا قعدت من المركز بحيث أركز في المذاكره.
قلت لنفسي لازم أحافظ على ترتيبي ومضيعش تعب تيتا معايا طول السنين اللي فاتت.
وفعلًا ربنا غرقني بكرمه وطلعت بترتيب أعلى من الترتيب اللي معتاده عليه.
نتيجتي ظهرت وأنا في المركز لما شوفت درجاتي وترتيبي اللي بقا أعلى، كنت طايرة من الفرحة وكل اللي يشوفني يستغرب فرحتي.
يومها د جمال قالي أنا أول مرة اشوفك مبتسمه وفرحانه.
الخبر دا شال حزن من اللي كان متراكم في قلبي وضاف فرحه كبيرة.
وسط فرحتي دي، جالي اتصال من جارتي، بتقولي ارجع البيت بسرعة، سألتها إيه اللي حصل حكيتلي وحسيت اني وقعت في مصيبه.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجع الخيانة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى