روايات

رواية وبها متيمم أنا الفصل الرابع 4 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيمم أنا الفصل الرابع 4 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيمم أنا الجزء الرابع

رواية وبها متيمم أنا البارت الرابع

وبها متيمم أنا
وبها متيمم أنا

رواية وبها متيمم أنا الحلقة الرابعة

ترجلت من سيارتها امام البناية التي يقطن داخلها شقيقها مروان والوحيد الذي هي على تواصل معه الاَن، ، دخلت المبني وعيون الجميع تتبعها، من مارة في الشارع، أو سكان في الداخل.
ترتدي سترة من الجلد الأسود أعلى فستانها الذي ابتاعته حديثًا من إحدى دور الأزياء العريقة بالدولة المشهورة في هذا المجال، والحذاء والحقيبة والنظارة الشمسية التي نزعتها داخل المبنى إلى أعلى غرتها، كلها ماركات عالمية اصبحت من الأساسيات التي لا تستطيع الأستغناء عنها الاَن، وقد اصبحت رمزًا يحتذى به، وتتابعها الاف الفتيات لتقليدها والسير على خطاها، لينالن حظها، وقد صارت حلم الكثير من الشباب.
هذه هي الأشياء الوحيدة التي تفرحها وتعطيها الطاقة على المواصلة والإستمرار، نظرات الحسد من النساء، والإعجاب والإنبهار في عيون الرجال، هي الوقود الذي ينعشها، ويجعلها تشعر أنها مهمة وليست دمية جميلة متحركة في يــ دي غيرها، ليس لديها سلطة القرار حتى على أبسط أشياءها.
خرجت من المصعد وما أن همت بالضغط على جرس المنزل الخارجي حتى تفاجات بفتح الباب أمامه وخروج شخص اَخر، لا بل هو شقيقها، ولكنه الاَخر! والذي لم تعلمه إلا بعد أن ركزت به قليلًا، لتستوعب التغير الجديد في هيئته، وقد اشتدت عظامه، كبر وأصبح مراهقًا :
– ميدوو!
قالتها لتُلقي نفسها عليه وتقبله من وجنتيه، لتكمل بتأثر لم تقوى على كبته، وهي تحاوط بكفيها وجهه، غير منتبهة لجحوظ عينيه، فهو أيضًا لم يعرفها، رغم متابعته الدائمة لصفحاتها على السوشيال ميديا عبر شاشات الهاتف، ولكن الحقيقة اوضح بكثير:
– كبرت يا حبيبي وبقيت راجل، لا وشنبك كمان خط في وشك:.
لم يستطيع ميدو التجاوب معها، رغم محاولته لعدم النفور من تقبيل امرأة غريبة عنه بمظهرها، فقال متصنعًا الزوق، وهو ينزل كفيها عنه:
أهلًا يااا رباب، عاملة إيه؟
ردت بلهفة للقاءه :
– كويسة يا قلبي وزي الفل، انت بقى مبتسألش عليا ليه؟ ولا بتيجي تزورني؟ دا انت وحشتني اوي يا ميدو، ولا انا مواحشتكش؟
هم أن يجيبها بتحفظ ولكن صوت شقيقه الأكبر اوقفه:
– هتفضوا كدة واقفين في المدخل؟ ما تتدخلوا ورحبوا براحتكم ببعض .
– اشرق وجه رباب بالحماس تنتوي سحبه معها للتحرك للداخل، ولكن ميدو لم يعطيها فرصة، فقد ابتعد عنها قبل أن تلامسه، وقال باعتذار:
– معلش يا جماعة خلوها وقت تاني، انا يدوبك امشي.
– تمشي ليه دا انا مصدقت اشوفك.
قالتها بلهفة ولكن ميدو كان حازمًا:
– معلش بقى يا رباب، بس انا لازم اروح حالًا اجيب فريدة من حضانتها، ميعاد خروجها دلوقتي وانا مقدرش اتأخر أكتر من كدة عن إذنكم…
قالها وتحرك سريعًا، حتى لا يعطيها فرصة للجدال، او السؤال، ولكنه استدار فجأة متابعًا:
– اه صحيح على فكرة، انا كبرت على ميدو دي يا رباب، يا ريت المرة الجاية تناديني بمحمد .
التف بعدها وغادر، ليجعلها تنظر في أثره عدة لحظات بصمت مذهولة حتى اتجهت لشقيقها الثاني تتمتم:
– يعني حتى دقيقيتين بس متخسرهم فيا؟ دا انا مصدقتش نفسي لما شوفته قدامي، وبيجري بسرعة عشان يجيب بنت كاميليا من الحضانة، والبرنسيسة ولا جوزها بقى، راحو فين ان شاء الله؟ ولا كمان معندهمش مقدرة يدفعوا حق ناس تشتغل عندهم؟
لوح بكفه مروان يقول بعدم اكتراث:
– عندهم بقى ولا معندهمش احنا مالنا، ما تتحركي يا بنتي بقى وادخلي اقعدي .
قالها وتحرك للداخل حتى جلس على كرسي أرجوحة، يتمايل به بأريحية استفزت رباب التي تبعته لتهتف به:
– طبعًا مستريح وأعصابك مرتاحة، وانت مظبط أمورك مع الكل، لا وحبيب الكل كمان.
ضحك مروان بمرحه مردًا:
– طب وانا استفزيتك فى إيه بس يا ستي؟ ما انتي لو واحشك ميدو صحيح، تستني ليه لما هو يسأل او يجيلك؟ ولا يعني لو كلمتي كاميليا مثلًا او صلحتيها، جوزك هيحن لها مثلًا ويحاول…..
– بس يا مروان.
هدرت بها تقاطعه بعصبية، لتسقط جالسة على اَريكة خلفها بوجه مكفهر، جعل مروان يتراجع عن مشاكسته، ليعبس وجهه مخاطبًا لها:
– اسف لو زعلتك، بس انا مكنتش اعرف ان موضوع ميدو هيأثر فيكي بالشكل ده؟
زمت شفتيها لتجيبه بغيظ:
– مش حكاية يأثر ولا يزعلني، بس انا حاسة إن كدة أحسن، هي بعيدة وبطمن عليها منك، وانا بقى منتشرة ع الصفحات، يعني تقدر تطمن عليا وتتابعني كمان.
تبسم مروان لها بخبث قائلًا:
– برضوا مش عايزة تذكري الهدف الأساسي يا رباب، وهي انك مش هتتحملي نظرة جوزك ليها؟
همت لتجادله ولكنه قاطعها قبل أن تبدأ:
– متحاوليش تنكري، دي مش محتاجة زكاء، من وقت ما وافقتي على كارم وانا خمنت ان دا اللي هيحصل، واتأكدت بعد كدة لما شوفت بنفسي، اختك مبسوطة مع جوزها، وعمرها ما تشوف غيره، وجوزك كمان مبسوط معاكي، بس بقى… انتي عارفة؟!
قال الأخيرة بمغزى فهمته فقالت بشراسة:
– عارفة يا مروان، وانت برضوا عارف اني مش هينة، ومش بسكت عن حقي.
‐ أكيد يا برنس.
قالها مروان ليتابع غامزًا:
– بأمارة اللي عملتيه مع مرات اللوا نجيب، دي بتترعب كل ما تشوفك.
تبسمت بثقة يغمرها الزهو، فاستطرد شقيقها بتحذير:
– بس خلي بالك، مش كل مرة تسلم الجرة، وجوزك لو شم خبر بس باللي عملتيه…. هيبقى ياللا السلامة.
انتابها الخوف في البداية ولكنها تمالكت بعد ذلك تقول:
– انا عارفة انه داهية ومش سهل، بس انا واخدة احتيطاتي كويس اوي .
مشط بشفتيه ثم نهض يخاطبها:
– تحبي تشربي إيه بقى؟
❈-❈-❈
من أمام المدرسة الدولية، كانت تنتظر داخل سيارتها، خروج الأبناء والهاتف على إذنها تتحدث به:
– أيوة يا جاسر انا معاك اهو…….. كان لازم امشي عشان احصل ميعاد خروج الأولاد، ما انت عارفني مش باَمن لاي حد عليهم……. مكنتش اعرف بقى إن في اجتماع طاريء……. طب هي كاميليا وصلت؟ ….. لا خلاص بقى انا هضطر اروح بالأولاد وانت حصلني، وتعالى بالاثنين، نتغدى مع بعض…… تمام انا مستناياكم، اقفل بقى دلوقتي عشان الولاد خرجوا.
قالتها وهي تتابعهم بعينيها حتى دلفوا ثلاثتهم، صعد زوج التوأم بضجتهم المعتادة، فهتفت زهرة توقفهم:
– مش عايزة زن من أولها، ادخلوا وانتو ساكتين، سامع يا رامي؟ سامعة يا رنا؟
قالتها وجاء الرد سريعًا منهما:
– هو انا عملت حاجة يا ماما؟ ما هو اللي بيزقني.
– كدابة، دي هي اللي بتستعبط يا ماما.
التفت إليهما بوجه شرس كازة على أسنانهم:
– بقول مش ناقصة زن، يعني مسمعش نفس، ولا اسمع يا ماما دي نهائي، فاهمين؟.
أذعن الإثنان بنظرات مبهمة زادت من استفزازها، ف التفت عنهما حتى لا تأتيها ذبحة صــ درية منهما، لتجد مجد متوقفًا بجوار باب السيارة المفتوح في الأمام ولم يصعد لينضم معهم!
– مستني إيه يا مجد؟ ما تركب .
خاطبته زهرة ، وقال مجد بقلق وعينيه في اتجاه مدخل المدرسة:
– فريدة لسة قاعدة يا ماما؟
تبسمت له زهرة قائلة بحنان:
– هتخرج دلوقتي يا حبيبي، خالها محمد هيجي وياخذها، عشان مامتها وباباها في اجتماع مهم .
– طب هو فينه طيب؟ اتأخر ليه؟
قالها بنزق جعل والدته تطالعه بابتسامة مستترة حتى انتبهت على الدراجة البخارية الحديثة، التي جائت واقتربت منهما بسائقها، والذي رفع قبعة الرأس بقناعها الزجاجي، فور ان توقف بها ليلقي التحية، بان لوح بكفه في الهواء لهما، بادلتها زهرة التحية وفور أن همت بتشغيل المحرك، استعدادًا للذهاب أوقفها مجد :
– استني هنا يا ماما، احنا هنمشي ونسيب فريدة تروح ع المتوسيكل الغريب ده؟
القت زهرة بنظرها نحو ما يشير إليه ابنها، ثم عادت لترد:
– وماله المتوسيكل يا حبيبي؟ دا جميل وغالي جدًا على فكرة.
تلون وجه مجدي للأحمرار الشديد، لفرط انفعاله مع وقوفه في الشمس ايضًا، لرفض دخلوله السيارة، وقال بعصبية:
– يا ماما انا مقصدتش على شكله ولا ماركته، انا اقصد انه سريع ومش امان، وانتي بقى شوفتي بنفسك سواقة محمد.
زمت شفتيها تلملم ابتسامة لحلوحة، لتسأله بحسم:
– اه ودلوقتي انت بقى عايز ايه؟
رد بلهجة حازمة مسيطرة، ذكرتها بوالده، وهو ينضم إليهم بالسيارة:
– عايزك تجيبي فريدة تروح معانا يا ماما، دا الأصح ولا إيه؟
– إيه؟
تفوهت بها وهي تنزع حزام الأمان عنها وتترجل من السيارة، وتتركها ذاهبة نحو محمد الذي كان خارجًا بفريدة من المدرسة، ف اعترضت طريقه تتحدث معه، وظل مجد يتابعهما من مقعده، يفرك كفيه ببعضهما بتوتر، حتى تهللت اسايريه برؤية قطعة السكر الجميلة وهي تمسك بكف والدته حتى فتحت لها باب السيارة الخلفي لتنصم مع التوأم، وكان اول كلماتها:
– هاي يا مجد .
رد على الفور بابتسمة انارت وجهه واظهرت جمال ملامحه بغمازة الدقن التي ورثها على والدته:
– هاي يا ديدا.
زهرة وانتي اتخذت مكانها خلف مقود السيارة:
– كدا نقدر نروح صح؟
أومأ لها برضا لترفع حاجبًا مستغربًا، ثم تحركت بالسيارة تغمغم:
– وعشان كمان نحصل اخر العنقود الأستاذ ظافر، خليفة جدو عامر في الملاعب، وحبيب لميا.
❈-❈-❈
توقفت بسيارتها أمام المشفى المقصود، وترجلت منه سريعًا بهاتفها الذي كان على وضع الصامت في الساعة التي كان يُهاتفونها ليخبروها بما حدث، ولكنه الاَن لا ينزل من على أذنها، وهي تتواصل كل دقيقة لمعرفة الجديد، من وقت أن علمت بما فعلته شقيقتها بنفسها وهي ليست على وضع يؤهلها لفعل أي شيء بشكل سليم، تذكر أنها ركضت بعد سماع الخبر، لكن كيف تمكنت بالوصول إلى هنا؟ وكيف قادت سيارتها لا تعلم.
وصلت إلى القسم الموصوف لتفاجأ بعدد كبير من الجيران والأقارب ومعهم هذا المدعو أبراهيم، جالسَا بجوار والدته يرمقها بنظرات حاقدة حانقة، ووالدته تزم شفتيها بامتعاض وكأنها كانت عدو لهما؟
– شهد.
هتفت بها رؤى وهي تخرج من إحدى الغرف، واتجهت إليها شهد سريعًا لتسألها:
– إيه الأخبار؟ وإيه اللي حاصل دلوقتي؟
ردت رؤى بأعين باكية، لا تقوى على النظر في عيني شقيقتها:
– الدكاترة لحقوها والحمد لله، وهي دلوقتي بتتكلم مع الظابط اللي بيحقق معاها؟
سألتها شهد بدهشة:
– ظابط إيه اللي يحقق معاها؟
ابتعلت رؤى تجيبها:
– دا إجراء روتيني بتقوم بيه المستشفى، لا يكون في الأمر شبهة جنائية.
أومأت شهد برأسها بتفهم لتسألها:
– هو انا ينفع ادخلها؟
حركت رأسها برفض قائلة:
– مينفعش غير لما يخرج الظابط، امي معاها جوا .
عادت لتسألها مرة أخرة:
– طب انتي متأكدة انها كويسة؟
– والله كويسة، كويسة والله يا شهد.
رددتها رؤى بحرج وتعب وعينياها تتابع عدد البشر التي اتت معهم من الجيران، والسبب هو صراخ والدتها بعد ان تفاجأو بفعلة أمنية وبمشهد الدماء التي كانت تغطى مرفقها، واطرقت تحاول أن تأخذ جانبًا لها، تود لو تنشق الأرض وتبتلعها، أما شهد والتي كانت متفهمة لشعور شقيقتها، فقد تماسكت ببأس أمام العيون المصوبة نحوهن تتجاهل نظراتهم، حتى لا تستشف منها ما يزيد على الضغط عليها، تحاول السيطرة على كل مشاعر سلبية داخلها حتى تطمئن، خرج الظابط من الغرفة واتجهت على الفور شهد لتدخل خلفه، حاول بعض الجيران اللحاق بها، ولكن رؤى منعتهم بحجة الزحمة وتعليمات الطبيب، أما شهد وحينما دخلت للغرفة وجدت نرجس على حالتها ، في البكاء الصامت والولولة، وأمنية مستلقية على سريرها الطبي، ذراعها ملتفة بالأربطة الطبية من الرسغ حتى المرفق بمشهد استغربت له شهد، ولكن تجاهلت لتنتبه على وجه شقيقتها وهي تناظرها بنظرة تفهما شهد جيدًا، في إلقاء الذنب عليها، تغاضت لتسألها بتثاقل:
– عاملة إيه يا أمنية؟
أشاحت الاَخيرة بوجهها عنه دون رد ، فتدخلت نرجس والدتها لتقول بنواح:
– اسكتي يا شهد، دا انا ركبي مش قادرة اتلم عليها لحد دلوقتي من ساعة ما شوفتها والدم مغرق دراعها، ربنا ما يكتبها على حد يا ربي، ربنا ما يكتبها على حد، أهييءء.
انطلقت في بكاءها دون توقف، حتى دخل الطبيب المناوب:
– إيه الأخبار؟ عاملين إيه؟
اتجهت إليه شهد على الفور لتسأله:
– طمني يا دكتور، هي حالتها صعبة ولا نقلتولها دم؟
ضحك الطبيب وهو يتجه ليفحص شقيقتها قائلًا:
– ننقلها دم ليه بس يا أنسة؟ مش لدرجادي يعني؟ ثم أن العفريتة اختك.
توقف فجأة ليتناولها يدها ويشير بسبابته على الجزء الفاصل من رسغها حتى مرفقها يردد:
– اختك مسكت الموس وشرطت على كذا مكان، إللي عايز الإنتحار بجد، بيعمل جرح واحد ويقطع الوريد بجد، لكن دي… هاها….
قهقه وهي تنزع يــ دها منه بحرج؛ اصاب نرجس أيضًا فتوقفت عن البكاء ، خرج الطبيب لتنقل شهد بأنظارها نحو الاثنتين، أمنية التي كانت تكابر حتى لا تشعرها بضعف موقفها، ونرجس التي اطرقت رأسها بخزي، بعد أن تسببت بفضيحة لهن في الحارة بصراخها الملتاع بغباء.
لم تقوى شهد على التحمل أكثر من ذلك وخرجت على الفور، تصفق الباب خلفها بغضب، وقلة حيلة، ولكنها وبمجرد خروجها، وجدت هذا المدعو إبراهيم يهتف بوجهها وأمام الجميع من جيرانها:
-ها يا ست شهد، اطمنتي بقى على اختك؟ واللي كانت هتموت نفسها النهاردة بسبب عندك وجبروتك معانا.
دارت عينيها بوجه مخطوف، على وجوه الجيران من نساء تعلمهم وتعلم حديثهن والتعليقات المتوقعة في هذه المواقف، ورجال كانو يجلسون مع والدها قبل ذلك، ثم هذه النظرة الغريبة في عينيهم نحوها، رؤى التي جلست تخبئ وجهها عن الجميع، والدة إبراهيم التي اقتربت تجذبه من كم قميصه، تدعي محاولة إثناءه، وهو يتابع:
– أشهدوا يا ناس، بنت خالتي وانا رايدها في حلال ربنا، وهي كمان رايداني، لكن اختها دي قلبها حجر وهي السبب في اللي حصل لأمنية، وكانت هتموت بسببها .
سمعت شهد ولم ترد ببنت شفاه، طاقتها نفذت وقدرتها على التحمل والصبر نفذت هي الأخرى، المقاومة والمواجهة هي درب من الخيال الاَن بالنسبة إليها.
ف تحركت أقدامها لتغادر، وتترك له الساحة، يمرح بها ويفعل ويقول ما يشاء،
تجر أقدامها جرًا، وهي تقطع طرقات المشفى نحو الخروج، لا تعي ولا تدري ما يحدث وما قد يفسره الناس عنها وعن ترك شقيقتها التي كانت على وشك الإنتحار بسببها، تريد مساحة خالية لتصرخ بها أو تبكي، أو تفعل أي شيء، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
ابتعلت ريقها فجأة وتوسعت عينيها، فور أن انتبهت،
بهذا المهندس المدعو حسن والذي جاء خلفها مع عبد الرحيم، مساعدها:
– إيه الأخبار؟
اومأت له برأسها متمتمة:
– حمد لله بخير والحمد لله.
تدخل عبد الرحيم:
– بخير ازاي؟ يعني هي انتحرت ولا منتحرتش؟
رمقته بنظرة محذرة قبل أن تجيبه:
– دا مجرد جرح بسيط، والدكتور طمني، بدليل إني ماشية ومروحة اهو كمان .
– بجد يا ست شهد؟
قال الاَخيرة بإلحاح استفزها، لتفرد ذراعها أمامه للجهة خلفها قائلة:
-روح وشوف بنفسك يا عبد الرحيم، عشان تتأكد.
سمع منها وذهب على الفور ف حولت شهد لحسن تخاطبه:
– وانت يا بشمهندس، هتروح ولا هتشوف بنفسك انت كمان؟
تبسم لأول مرة بوجهها فقال ممازحًا:
– وانا هشوف ولا اتأكد على إيه؟ هو انا اعرف اختك؟ احنا جينا نطمن عليها عشان خاطرك وادينا اطمنا، يبقى خلاص كدة بقى.
قالها واستدار ليجاورها في السير، فقالت شهد بامتنان لفعلته:
– متشكرة اوي، نردهالك في الفرح ان شاءالله، مش أي في حاجة وحشة.
نبرتها المستكينة، صوتها الضعيف ، وجهها المخطوف والمُتعب، نظرتها التي تركزت للأمام بدون انتباه، وقد ذهبت عنها القوة التي تدعيها دومًا، كلها كانت دلالات مقلقة عنها، وعندما خرجا من المشفى وذهبت إلى سيارتها التي كانت اقرب من سيارته، وجدها تسند برأسها على عجلة القيادة بتعب واضح، ترك سيارته وعاد إليها ليسأل ويطمئن، فدنا ليطرق بقبضته على زجاج النافذة المفتوح للنصف:
– استاذة شهد، يا سيادة المقاول.
رفعت رأسها إليه تجيب بضعف وأعين زائغة:
– ايوة .
اشار بكفه باستفهام فهمته لتجيبه:
– حاسة نفسي تعبانة ومش قادرة اسوق.
رد حسن بلهجة قلقة:
– خلاص تعالي اركبي معايا وانا اوصلك، ولا ترجعي جوا للمستشفى يفحصوكي؟
حركت رأسها برفض قاطع تردد:
– لا لا مش هرجع المستشفى، مينفعش، ولا هينفع برضوا اركب معاك واسيب عربيتي…
توقفت قليلًا بتفكير ثم قالت باستسلام :
– بس هو لو ينفع يعني، ممكن انت تيجي تسوق مكاني.
– خلاص تمام.
قالها حسن بموافقة فورية، وتزحزحت هي للداخل ليأخذ هو مكانها في القيادة وجلس يدير المحرك ويتحرك بالسيارة، يخطف النظرات نحوها، وقد بلغ التعب منها مبلغه، حتى سلمت حصونها لتسند برأسها على زجاج النافذة، مغمضة عينيها، فقال حسن بنصح:
– انا رأيي إننا نرجع بالعربية احسن للمستشفى، شكلك تعبانة أوي.
رددت بهمس ساخط:
– ما انا قولتلك مش عايز اكشف ولا انيل، لزوموا إيه بس الزن؟
تبسم رافعًا حاجبيه بدهشة لهذه المخلوقة العجيبة في العند والتمرد حتى في تعبها، فقال:
– ماشي يا ستي انتي حرة، المهم بقى مقولتليش على عنوان بيتكم .
أجفلت شهد تتذكر وضعها في السيارة مع رجل غريب، حينما يتوقف بها أمام الجيران وأهل المنطقة، يكفيها الفضيحة التي تسببت فيها أمنية وما فعله هذا الحقير إبراهيم أمام الأفراد الذين حضروا في المشفى، ف عادت برأسها تجيبه بتفكير سريع:
-هقولك، بس ثواني هعمل مكالمة .
قالتها وتناولت الهاتف، تتصل، لتأتيها الإجابة السريعة.
– ايوة يا شهد، صحيح اللي سمعته من رؤى ده؟
ردت الاخيرة لمحدثتها على الفور:
– سيبك من اللي سمعتيه من رؤى، انا عايزة أجي واستريح عندكم.
❈-❈-❈
بعد قليل
وقبل أن يصل إلى العنوان الموصوف، تطلع إليها بدهشة، وقد وجدها غاصت في نوم عميق حتى مالت رأسها، للجهة الأخرى، فظهر وجهها المليح القسمات بوضوح بعد ان سقطت قبعة الرأس( الكاب) وتدلت خصلات متمردة جميلة سوداء من غرتها على جانبي وجهها، قميصها في الأعلى رغم اغلاق جميع الزرائر، ومع ذلك اظهر طول عنقها الجميل.. توقف فجأة بعد ان كادت أنظاره تهبط للأسفل، استدرك سريعًا، ليزيح بعينيه عنها، ويركز نحو الطريق، ولكنه لا يقوى على ازاحتها من تفكيره، لا يصدق قرب المسافة التي نامت فيها، انها لم تستغرق حتى ربع ساعة من الزمن، مهما كان التعب الذي ألم بها، كيف اَمنت له وسلمت لتغفى بهذه السرعة؟ فتاة عجيبة بكل المقاييس، يأمل أن ألا يتعب في العثور على عنوان المنزل الذي ذكرته له، مغمغمًا باستنكار بعد تذكره، أن تكون امرأة وبهذه الصفات هي المنفذة للمشروع القائم عليه.
واستمر يلهي نفسه بهذه الافكار، حتى لا يقع في خطأ مراقبتها مرة أخرى وهي نائمة كما فعل منذ قليل.
ولا يعلم بجهله أن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تملكها شهد، حينما تزيد الضغوط عليها تهرب بالنوم.
❈-❈-❈
في المساء
كانت الجلسة بحديقة المنزل اسفل المظلة التي شهدت على العديد من الجلسات العائلية،
عامر والذي كان جالسًا على عقبيه وحوله التوأم المناكف يلعبون بالقرب منه، وهو يشجع ظافر الصغير على المشي إليه:
– ياللا يا بطل، يالا يا حبيتي، اتقدم يا ولد وتعالى.
خطا الصغير خطوتين ثم توقف بتعب
ف ضحكت لمياء تشاكسه وهي جالسة تتناول في طبق المسليات أمامها:
– اهو وقف اهو اللي انت بتقول عليه خليفتك في الملاعب، بقالك كام يوم من ساعة ما بدأ يخطي برجله وانت بتشجع فيه، وحبيب ستو مصمم على الخطوتين وبس.
رمقها بغيظ، ثم التف نحو الصغير الذي جلس على أرضية الحديقة من التعب:
– ما تقوم يا بني وما تفرحش الناس الوحشة فينا .
ضحكت مقهقه بصوت عالي لتزيد على غيظه حتى جعلته ينفث دخان من أنفه، وقبل ان يهم بالرد لمعت عينيه باستدراك، ليعود إلى لعبته المفضلة الدائمة، وأدخل كفه في جيبه، ليخرج حبات من الحلوة ملفوفة ثم رفعها بوجه الطفل مرددًا:
– تعالى يا بطل بقى عشان تاخد دي.
على الفور هجم عليه التوأم لطلب حقهم :
– انا يا جدو، انا يا جدوا
جلجل بصوته العالي يعطيهم بعد ان يأخذ الثمن اولا بالقبلات على وجنته امام الصغير، ليقلدهم هو أيضًا ويأتي، لكن لميا استشاطت من الغيظ تهتف باعتراض:
– تاني يا عامر، طب احنا مش منبهين قبل كدة على أي نوع في شيكولاتة يبقى ممنوع.
لوح لها عامر بقطعة منهم امامها مرددًا:
– بس دي يا حبيبتي مفيهاش شيكولاتة، دي نوع مستورد جيبته مخصوص، وما بيجبش اي ضرر للطفل، هاها..
جزت على أسنانها واحتقن وجهها بالأنفعال منه، لتستمر الحرب الكلامية بينهم، بينما هو دائمًا يفوز في معظم جولات المنافسة على الإستئثار بحب الأطفال، يراقبهم جاسر وزهر، وكاميليا وزو جها طارق الذي عقب ضاحكًا:
– مفيش فايدة يا جاسر، والدك ووالدتك الاتنين عقلهم صغير اكتر من بعض .
ضحكت كاميليا تضيف هي الأخرى:
– لأ بس بتصعب عليا طنت لميا، عمو عامر كياد اوي يا جدعان.
قهقه الجميع وقال جاسر:
– عندك حق يا ستي، بس هي بتصفاله وتسامحه بعد كدة، أصلها كمان مكنتش تعرف ان عنده هوس بحب الاطفال كدة.
تدخلت زهرة قائلة ببؤس:
-ودلوقتي هي قدرت بس على حظي انا، يا لا عشان تجيبي الخامس يا زهرة، عشان تجيبي أخت للبنت يا زهرة.
عقب طارق ضاحكًا يخاطب جاسر:
– إيه يا عم جاسر، وانت ساكت ع الكلام ده؟ ولا انت مسلطهم عليها ولا إيه؟
هز الاَخر كتفيه بثقة، قبل يلف ذراعه حول زو جته ليقول بزهو :
– والله ما مسلطهم ولا حاجة، بس هما واثقين في ابنهم ومراته واحنا بقى والحمد لله، قد الثقة.
اسبلت زهرة عينيها بخجل وهي تلوح بكفها بيأس نحو صديقتها التي كانت تشارك الضحك مع الرجال، وردت:
– حمد لله يا عم، انا حمايا وحماتي مالهومش في الكلام ده وبعاد عننا، واحنا كمان مستكفين بالبنت.
القى جاسر بنظره نحو الصغيرة التي كانت جالسة بركن قريب في الحديقة، بجواره ابنه مجد والذي كان يستذكر لها درس ما في منهجها، بصبر دول كلل أو ملل، فقال معلقًا:
– ايوة يا جدعان، بس البنت برضوا اكيد هتفرح لما تجيبلوها أخ أو أخت.
ردت كاميليا بنبرة تقطر بمرارة:
– بالعكس هي كدة احسن، مش كل الأخوات بيبقوا فرحة لأهاليهم او سند لاخواتهم.
بدا التأثر على ثلاثتهم وقد وصلهم مغزى حديثها، فتناول طارق كف يــ دها يضغط عليه بدعم:
– انا شخصيا مستكفي بمراتي والبنت، قاعد مع جوز قمرات هحتاج إيه تانى؟
تبسمت تناظره بامتنان كعادتها، فقالت زهرة:
– ربنا يخليكم لبعض
اممم الثلاثة خلفها، وقال جاسر بعد بعدها:
– اه صحيح نسيت اقولكم، مش انا شوفت كارم من كام يوم مع عدي عزام، عند مسؤل مهم اوي في البلد.
سألته كاميليا باهتمام:
– وهو ماله بالمسؤل المهم؟
اجابها طارق:
– يا قلبي ما انتي متعرفيش بقى، عدي عزام بيستغل كل نفوذ اخوه مصطفى عشان يكبروا شركتهم، الاتنين دول ينطبق عليهم فعلا المثل بتاع ما جمع الا ما وفق.
قالت زهرة:
– وسبحان الله الدنيا ماشية معاهم، ومصطفى يا عيني هو ومراته هيموتو على حتة عيل، وبرضوا لسة ربنا مرادش .
– ان شاء الله يريد ويسعد قلبهم.
هتف بها جاسر قبل ينهض فجأة قائلًا:
– طب احنا نقوم نتعشى بقى، انا هموت من الجوع، عشان كمان نلحق مشوارنا مع الوفد الأجنبي يا طارق ، دا خالد زمانه على وصول..
قالها وقطع فجأة مجفلًا مع ثلاثتهم على صيحة عامر وهو يهلل:
– عملها حبيب جده، عملها البطل يا لميا، وجاني بنفسه عشان ياخد البنبون .
❈-❈-❈
في منزل أبو ليلية
كانت صبا جالسة مضطرة تتابع مع والدتها المسلسل الصعيدي، والذي حفظته من كثرة الإعادة، ومع ذلك تجد نفسها تندمج مع الحلقات وتبتسم على بعض المواقف، على الأقل تجد به تسليتها وما يلهي عقلها عن التفكير، والبحث المستمر على وسائل التواصل الإجتماعي، عن ظيفة تناسب مؤهلها أو حتى تتماشى مع المعايير التي وضعها والدها، في وظيفة محترمة على مكتب كما يقول دائمًا، لا بياعة في محل مهما كان حجمه أو نادلة في مطعم مهما كانت درجته، وغيرها من المحظورات والتي لاتجد غيرها في نتائج البحث، نظرًا لانعدام الفرص او ندرتها في الإلتحاق بالوظيفة التي تتمناها، ويرضى بها والدها.
مع سماع صوت المفتاح في باب المنزل، ظلت انظارها معلقة به، حتى دلف عائدًا من الخارج، يلقي التحية وهو يتخذ وضعه بالجلوس بجوار والدتها:
– مساء الخير.
رددن بالتحية خلفه هي ووالدتها والتي سألته بقلق:
– اتأخرت يعني النهاردة يا مسعود.
أجابها مستاءًا بملامح متعبة ومرهقة:
– ما انا طلعت من شغلي وروحت المستشفى على طول.
– مستشفى إيه يا بوي؟ هو انت فيك حاجة؟
سألته صبا سريعًا بلهفة وكان رده:
– لا يا بتي انا مفياش حاجة والحمد لله، دي اخت صبا… مضروبة الدم، جطعت شراينها وكانت عايزة تنتحر عشان اختها مش راضية تجوزها لواد خالتها الصايع .
– باه
هتفت لها زبيدة لتتابع بملامح متغضنة بالغضب :
– ليه هي الدنيا صفصفت ومعدتش في غيره؟ إيه البنتة المشجلبة دي؟
أكمل على قولها ابو ليلة:
– اه يا زبيدة، لو تعرفي دلوكت انا كد إيه دمي بيغلي ويدي بتاكلني عشان اسفخها كفين على وشها، يدورو رأسها ويردولها عجلها، البت جليلة الحيا دي، جابت الفضايح للبيت كله وخلت كل الناس تمسك سيريتهم .
تاثرت صبا بالحديث المحزن، مشفقة على شهد، بكم الضغوط التي تتعرض لها، ولا تجد من يساندها، او حتى يخفف عنها، ف تكلمت تسأله:
– طب هي شهد عاملة إيه دلوكت يا بوي .
تحركت رأسه بأسى وكفه ضربت على ركبته ليرد بغيظ يتمكلمه:
– ما شوفتهاش يا بتي، انا سمعت الخبر متأخر ولما روحت ملجتهاش كانت مشت، وحتى لما اتصلت عليها، ردت عليا صاحبتها، البت الحلوة ام شعر اصفر دي، جالتلي انها نايمة عندها و…..
– وإيه تاني يا عم ابو ليلة؟
هتفت بالسؤال صبا مقاطعة والدها بابتسامة مبهمة أجفلته في البداية ليسألها بعدم فهم:
– إيه يعني؟ مالك يا بت بتبصيلي كدة ليه؟
غمزت بطرف عيناها نحو والدتها لتردد بشقاوة :
– اصلك بتجول حلوة وشعر اصفر…. شوفتها انا اللي اسمها لينا دي، مرة قبل كدة مع شهد، بت حلوة وتعجب صح!
فهم والدها، وضيق عينيه بغموض يتلاعب بسلسلة مفاتيحه، ويتنقل بأنظاره بين صبا التي تشعر بالحماسة، و زبيدة التي تدعي التجاهل ومتابعة المسلسل، ليفاجأ صبا بقوله :
– جومي يا بت.
سألته بدهشة :
– أجوم ليه يا بوي؟
هدر عليها يدعي الحزم:
– جومي حضريلي العشا، اخلصي يا بت.
اضطرت لتنهض مزعنة لتغمغم بغيظ وصوت خفيض :
– هو العشا هيطير يعني؟ ولا هي خلاص معدتك مش قادرة ع الصبر شوية صغيرين؟
– امشي على طول وبطلي برطيم يا بت .
خلاص بطلنا.
هتفت بها وتحركت نحو المطبخ على الفور، أشعلت موقد الغاز سريعًا على اواني الطعام، ثم توقفت خلف حائط المطبخ، تتابع بابتسامة ارتسمت على وجهها بمرح، همسات والدها نحو زو جته، بصوت خفيض لا يمكنها من معرفة الكلمات ولكن الابتسامة المشاكسة وهذه النظرة التي يرمقها بها….. تجزم انها تحمل اعظم كلمات العشق بها، وهي الصامدة تدعي الجمود، حتى عندما لكزها بمرفقه، استدركت سريعًا تلملم ابتسامة كانت على وشك، برزانة زادت من ذهول صبا، فإن كان والدها رمز العشق في محيطها الواقعي، ف والدتها، بطل العالم في الدلال المتقن دون ميوعة.
تنهدت بثقل لتتراجع وتعود إلى داخل المطبخ، لتنتبه على ما تفعله، وتزيح من رأسها هذه الافكار، فهي تعلم اخر ما ينتظرها ، وقد حصر والدها الفرص أمامها وهي اختارت الحرية.
❈-❈-❈
في اليوم التالي .
استيقظت مبكرًا في الصباح، بعد ذهاب والدها إلى عمله، لتؤدي روتينها اليومي في تنظيف المنزل وترتيبه، حتى انتهت لتخرج الكيس البلاستيكي الأسود للقاذورات وتضعه في الصندوق الكبير بجانب الدرج، حتى ياتي بعد ذلك عامل النظافة ويأخذه.
فور أن وضعته وقبل أن تستدير جيدًا، سمعت همهمة بالاستغفار من خلفها، ف التوي ثغرها بغيظ وقد علمت بهوية الشخص من صوته، هذا المدعو شادي ومن بكن غيره؟، التفت تتجنب النظر إليه، وخطت سريعًا حتى دلفت لداخل منزلهم وصفقت الباب خلفها .
لا تدري بمن وقف مزبهلًا محله خلفها بجوار المصعد، بعد أن اربكت برؤيتها هكذا ومن بكرة الصباح، لقد تفاجأ بها فور ان خرج من باب منزله نحو الذهاب إلى عمله فتسمر يردد بالأستغفار كعادته دون تركيز، وقد تذكر حديث شقيقته عن رغبتها الملحة في العمل، وتصميمها على المضي في البحث، حتى تجد مخرجًا يبعدها عن الزواج من ابن عمها .
ابتلع ريقه وحيرة تكتنفه منذ الأمس، لا يريد لها العمل خوفًا عليها وعلى برائتها وجمالها الافت للأنظار والدليل هو قصة الرجل الذي طلبها من أول مقابلة في العمل، ولكنه وبنفس الوقت لا يستطيع الوقوف والانتظار حتى تمل وتستلم لتعود للصعيد وترضى بما رفضته سابقًا في الزو اج…. بأحد أقربائها.
تنفس بعمق وقد حان وقت الاختيار بين خيارين صعبين، ولكن لابد له من الحسم اما السير على الأشواك والخطر ، أو الموت المحقق.
ولكنه فضل الأول!

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وبها متيمم أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى