روايات

رواية وبها متيمم أنا الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيمم أنا الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيمم أنا الجزء الحادي عشر

رواية وبها متيمم أنا البارت الحادي عشر

وبها متيمم أنا
وبها متيمم أنا

رواية وبها متيمم أنا الحلقة الحادية عشر

-واخد بالك قاعدة نايمة من امبارح، بتهرب من المواجهة.
– مش يمكن تكون تعبانة فعلًا يا جدع انت .
– يا راجل، يعني انا بقى مش هعرف افرق إن كانت تعبانة ولا بتمثل، يا بني انت لو كنت معايا، كنت هتتأكد من اللي بقوله بنفسك.
– طب وبعدين انا بقالي ساعة دلوقتي مستني المواجهة ما بينكم، وبصراحة هموت لو ما حضرتش.
– عايز تحضر إيه؛
– الخناقة يا سيدي، مش ياللا بقى
– عيوني حبيبي .
كان هذا نص الحوار السريع الذي التقطته اسماعها وهي تدعي النوم قبل أن تجفل على ضوء قوي احرق جفنيها لتفتحهما فجأة ثم أغلقتهم على الفور، لتشيح بوجهها الناحية الأخرى وهي تعتدل بجذعها بعيدًا عن النافذة التي كان يفتح ستائرها حسن، مغمغة بالسباب:
– يا ولاد الجزمة انت وهو، عاملين فيها رباطية عليها، في حد كدة يفتح النور من غير استئذان؟
دنى حسن ليقترب برأسه منها مرددًا بابتسامة صفراء:
– صباح الفل يا ست الكل، كدة برضوا تسيبيني وتنامي من امبارح، وانا قاعد على نار مستنيكي، كل دا نوم يا ماما؟
عدلت مجيدة الوسادة خلفها لتستند بظهرها عليها وعلى قائم السرير وردت بتحفز:
– وماله يا خويا لما اسيبك وافضل نايمة لحد دلوقتي، لهو انت مستنيني احضرلك الرضعة؟
كز حسن على اسنانه وشقيقه اطلق ضحكة مدوية يردد:
– ايوة يا مجيدة اديلوا على دماغه وميهمكيش.
حدج شقيقه الذي وقع على نفسه من الضحك، بغيظ يهتف به:
– لم نفسك يا امين، خليني اخلص خناقتي مع الست الوالدة وبعدها افضالك .
ردت مجيدة على الفور:
– اسم الله عليك يا غالي، وتتخانق معايا ليه بقى ان شاءالله؟ منعت عن مصروفك ولا نيمتك من غير عشا؟
قهقه أمين من الخلف، حتى كتم بكفه على فمه، ليشير إلى حسن بالمتابعة، ليصيح الأخر بوالدته:
– انتي عارفة يا ماما سبب الخناقة، فبلاش تسفهي الموضوع بالتريقة، دا إسلوبك لما تتزنقي على فكرة، انا عارفك
– اتزنق!
قالتها باستنكار، لتتابع:
– وإيه بقى اللي يزنقني يا حبيبي ولا انتي فاكرني خايفة؟ ايوة اتصلت برقم شهد اللي نقلته من تليفونك لتليفوني، ها بقى حد له حاجة عندي؟
زمجر حسن يضرب كف بالاَخر، ليصبح مخاطبًا شقيقه الذي أوقف ضحكاته بصعوبة تقديرًا للموقف؛
– طب كلمها انت يا عم الحج، الست الوالدة فتحت التليفون من غير إذني وفتشت في الأرقام ونقلت كمان على تليفونها، يعني دي جزاتي يا ماما اني معرفك الباسورد وبخليكي تقلبي في تليفوني براحتك.
تابعت مجيدة بعند:
– ما هو من خيابتك، يعني لو مصاحب ولا خاطب، كنت هتعرف باسورد التليفون لامك يا واد؟
– ارحمني يارب.
صرخ بها حسن، فتدخل أمين ملطفًا:
– صلو ع النبي يا جماعة، خلونا نتفاهم، وانتي يا ست ماما، خفي شوية، ابنك على اخره .
رددت خلفه باستهجان:
– آخره بقى ولا أوله، انا اتكلمت مع شهد ودي انثى زيي، وانا بقى حبيت اصاحبها، هو ماله بقى؟ يحشر نفسه في كلام الستات ليه؟
سمع حسن ليعود بضرب كفيه ببعضهما، وغضب امتزج بذهوله، مع قلة حيلته مع والدته، والتي حينما تريد تنفيذ امرا ما برأسها، تفعل ولا تبالي. فقال أمين يرتدى بينهم ثوب حمامة السلام:
– طب انا معاكي يا ستي، بس معلش يعني؟ انتي لازم تقدري شكل ابنك قدام الناس، وتعملي حساب لمصلحته وشغله وكدا ممكن تضريه فعلًا لو الست المقاول دي، كانت شرانية او فهمت الموضوع غلط.
ردت مجيدة على الفور بإنكار:
– لا يا حبيبي، شهد مش شرانية ولا واحدة وحشة، واسأله بنفسك عنها، دي جات على ملا وشها بتجري جري عشان تطمن عليها، هي دي حنية البنات، مش الجلفنة وقلة الإحساس.
صاح حسن مرددًا لها:
– جلفنة وقلة إحساس، قصدك عليا انا صح؟
تبسمت مجيدة تشير بإصباعيها السبابة والوسطى نحوهما، ليصرخ أمين:
– وانا كمان يا ست ماما؟ طب ليه بقى؟
ردت ببساطة غبر مبالية:
– وانت تفرق إيه عنه بقى؟ انتو الاتنين معندكمش إحساس.
❈-❈-❈
أنهت شهد فرضها وارتدت ملابسها لتخرج من غرفتها وهي تلف شعرها من الخلف كدائرة قبل أن تجلس لتتناول وجبة إفطارها مع نرجس وابنتها رؤى قبل الذهاب إلى العمل، وتمتمت بالتحية:
– صباح الخير.
– صباح النور، صباح الورد يا شوشو.
تفوهت بالاَخيرة رؤى، فتبسمت لها شهد بإشراق تردد:
– يا قلب يا شوشو انتي، إيه الوشوش اللي تفتح النفس ع الصبح دي، صباحك جميل زيك يا بت.
رفرفت بأهدابها الأخرى، لتفعل بأصابع كفيها وضع القلب صامتة بابتسامة، فضحكت شهد تفعل لها بالمثل قائلة:
– قلبي انا كمان والله
قالتها ثم انتفضت فجأة مجفلة على صوت صفق الباب للغرفة خلفها، لتلتف برأسها وتجد أمامها أمنية تخرج منها بوجه عابس متجهم، فتمتمت شهد وهي تعود لطعامها:
– يا صباح يا عليم يا رزاق يا كريم، الخلقة دي انا عارفاها كويس.
سحبت الأخرى المقعد بعنف حتى اصدر صريرًا، ثم سقطت عليه بجســ دها المكتنز، حتى كاد أن يقع بها، فعقبت والدتها بحنق:
– ما براحة يا بت هي خناقة؟ مش خايفة الكرسي ليوقع بيكي؟
بنظرة ممتلئة بالغل ردت أمنية وعينيها مثبتة على شهد التي كانت تتجاهلها كالعادة لتهتف بها:
– ما اقع ولا اموت حتى، هو انا اهم حد اساسًا في الدنيا دي؟
التوى ثغر نرجس المزموم على جانب واحد، وقد علمت بفرض ابنتها بقولها، حدجتها شهد بغضب بعد أن اجبرتها بأسلوبها المستفز على الرد:
– في إيه بالظبط؟ ما تتعدلي يا بت واتكلمي عدل، ولا انتي صاحية تقولي يا شر اشطر؟
تدخلت رؤى تحاول تلطيف الأجواء بالمزاح:
– أمنية حبيبتي، روقي كدة وروحي صبحي على أونكل ابراهيم يظبطك بكلمتين حلوين من بتوعه، ولا باينه مقصر اليومين دول ولا إيه؟
كلمات بسيطة قيلت بعفوية كانت بمثابة الكيروسين الذي سُكب كي يشعل الحريق، لتصيح بها غاضبة:
– ما هو نبرك ده هو اللي جابلي الفقر، ابراهيم بقالوا يومين لسانه مش بيخاطب لساني، لا في تليفون ولا حتى برسالة ع الوتس، يكش افركش، عشان تفرحوا وتستريحوا اوي .
مرة أخرى توجهت بالأخيرة نحو شهد التي اَلمها الرعب الذي ارتسم على وجه شقيقتها الصغرى، بعد ان اجفلتها هذه المجنونة بصراخها وكلماتها السامة، فنهضت لها مواجهة بحزم وقوة:
– ما تاكليها احسن ياختى؟ هي عملت إيه لدا كله؟ دي يدوب بتهزر معاكي.
– لا مش بتهزر.
صرخت بها لتتابع على نفس المنوال بنبرة باكية:
– هي عارفة كويس ان بقالنا يومين ما بنتكلمش، عشان كدة بتنكشني عشان تزيد عليا الغلب، ما انتو كلكم مش حاسين بيا، منعينه يدخل البيت ولا يجي ويفرحني زي بقية العرسان، انتو قاطعين عليا فرحتي، ومديقين على ابراهيم، عايزينه يطفش ويسيبني، هو دا كان غرضكم من الأول صح، انا دلوقتي بس اللي فهمت.
قالت الأخيرة وانطلقت بنوبة لبكائها بصوت عالي، والتقطتها نرجس داخل احضانها لتزيد من سخط شهد في الرد نحوهن:
– انتي كمان بتاخديها في حضنك، جاي على هواكي أوي استعباطها؟
– وانا ذنبي إيه بس يا بنتي؟
قالتها نرجس بدفاعية كعادتها، لتصيح بها وبابنتها:
– اسمعوا بقى انتو الجوز، انا كلامي كان واضح من الأول، الواد دا ملوش داخلة هنا غير مع اهله وبعد اتفاق معايا انا شخصيا واكون حاضرة كمان، مش عجبوا تحكمواتي، يبقى يلم نفسه ويخلص شقته وانا بقى لو هشحت يا أمنية، هجوزك عشان اخلص منك ومن قرفك، انتي ملكيش غيره اساسًا، هو يستهالك وانتي تستاهليه…… وع العموم بقى دا اَخر كلام عندي، واللي مش عاجبوا يشرب من مية البحر.
قالتها والتفت لتغادر بغضبها، وتتركهن، انتفضت خلفها رؤى تنناول حقيبتها وفور ان تحركت خطوتين، توقفت لتلقي بكلماتها نحو التي تبكي بحرقة في حضن والدتها:
– بتعيطي وعاملة نفسك مظلومة، على اساس ان احنا اغبيا زيك ومش فاهمينك، ولا فاكراني مش عارفة انه بيجيلك واحنا مش موجودين، امال دا لو فاتحين له البيت ده هيعمل ايه؟
قالت الاَخيرة بشراسة اجفلت الاثنتين، قبل ان تغادر بقرف من أمامهن
❈-❈-❈
لمسات حانية صغيرة ناعمة، كانت تدور بعشوائية على ملامح وجهها حتى أصبحت تستمتع بها، مفضلة عدم الأستيقاظ كي لا تنحرم منها، ظنًا منها انها تحلم، زادت اللمسات مع همهات طفولية وضحكات مكتومة، جعلتها تتيقن انه واقع.
لتفتح جفنيها وتصعق برؤية الوجه الصغير وابتسامة شقية، بمعنى ان، لقد انكشفنا
– ظافر.
قالتها وانتفضت لتعتدل بجذعها عن الفراش، لتخطفه داخل احضانها، فتقبله بفرح وعشق، حتى انتبهت على زهرة الجالسة في الناحية الأخرى من الفراش، متربعة القدمين تتأملهم بابتسامة رائقة، لتصيح بها :
– كدة برضوا يا زهرة، قاعدة انتي مكانك وسايبة العفريت ده شلفطلي ملامح وشي .
– قولنا نعمل فيكي مقلب، والاستاذ ظافر استغل الوضع على اكمل ما يكون، واكنه مدرب ع الحركات دي بقالوا سنين.
قالتها زهرة لتنطلق الأخرى في تقبيل الطفل ومداعبته، وهي تصرخ بتهديد ووعيد:
– بقى هو كدة، دا انت نهارك النهاردة مش معدي .
قالتها لتدغده بمرح وشر وهو يجلجل مقهقهًا، وظلت زهرة تتأمل اشراق وجهها بصمت، سعيدة بأنها قد تمكنت ولو بشيء بسيط، من رفع الحزن عنها.
– جيبتي جوز المتخلفين معاكي ولا لأ؟
سألتها نور، لتناظرها قليلًا باستفهام قبل ان تستوعب سريعًا لتجيبها:
– لا يا ستي الحمد لله، عامر الريان النهاردة اتكفل بيهم، وخدهم معاه على مزرعة الخيل، يراقبوا اخوهم وهو بيتدرب:
– مجد باشا.
قالتها نور وهي تتوقف قليلًا عن اللعب للتتابع:
– اهو دا بقى اللي وحشني بجد، كان نفسي اشوفه، لكن انتي جيتي من امتى؟ وازاي وصلتي لغرفتي هنا اساسًا… يا نهار أبيض…
توقفت لتكمل الحديث بهمس:
– هي طنت بهيرة مشفتكيش؟
ضحكت زهرة تنفي بهز رأسها وهي تجيبها بنفس الهمس:
– لا الحمد لله مشفتنيش ولا انا شوفتها، بس حتى لو حصل يعني، انا اساسًا دخلت بصحبة مصطفي باشا عزام يعني حماية..
خبئت ابتسامة الأخرى لتعقب بأسى:
– يعني هو اللي اتصل بيكي يا زهرة، عشان تجيبي الولد، وتخففي عني، كالعادة برضوا، بيفتكر يفرحني وينسى نفسه
قالت زهرة في محاولة انكار مكشوفة منها:
– وانتي مين قالك بقى ان هو زعلان؟ دا الراجل قالي بنفسه، حصل خلفة او محصلش، انا متمسك بنور، ومش عايز اولاد من واحدة غيرها، افهمي بقى يا مجنونة.
تبسمت لها الأخيرة بضعف، لتطبع قلبة على وجنة الصغير، ثم قالت بغصة مسننة تؤلمها:
– ودا اللي مزعلني، بيجي على نفسه عشان ميجرحنيش، انا عارفة ان العيب فيا، وهو نفسه كمان عارف، مش عايز ليه بقى يتجوز ويريحني؟….
– يريح مين يا ست انتي؟
هتفت بها زهرة تقاطعها بعبوس عقد ملامح وجهها، لتتابع بعدم تصديق:
– في إيه يا نور؟ هو انتي ليه مُصرة ان العيب فيكي؟ إذا كان الدكاترة نفسهم، برا وجوا، مصرين وأجانب، كلهم أكدوا انك سليمة زيك زيه، ليه بقى الإصرار على إن العيب فيكي؟
ابتعلت وهربت بعينيها من النظر بخاصتي الأخرى، لا تجد من الكلمات ولا الحجة التي تمكنها من الإقناع، هي متأكدة من شيء تعلم حقيقته، وتخجل من البوح به، أو بمعنى أصح، لا تريد النبش في جراح ماضي، هو السبب الرئيسي لما تواجهه الاَن، فخرج صوتها بتحشرج:
– كل واحد وعارف بنفسه يا زهرة، وانا تعبت من شيل الذنب، يعني لما اطلب من مصطفى انه يتجوز، مش عشانه وبس، لا دا عشاني انا كمان ارتاح.
همت زهرة ان تتكلم ولكن الأخرى قاطعتها قبل ان تبدأ:
– حتى لو الدكاترة أكدو اني سليمة في الخارج، انا عارفة اني معطوبة في الداخل.
طالعتها زهرة بعدم فهم، لتضيف الأخرى بقناعة:
– عارفة انك مش مصدقة زيه، بس انا محدش هيعرفني قدي، خليه بقى يريحني….
بشبه ابتسامة ليس لها معنى ردت زهرة بتأكيد هي الأخرى:
– جوزك مكدبش لما انك محتاجة دكتور يا نور
تغضن وجه الأخرى وانتفضت لتنهض من الفراش، حاملة الطفل على ذراعها، لتقول بغضب:
– انتي كمان يا زهرة هتقولي زيه؟ هي الرغبة في الأطفال بقت مرض يعني؟
تنهدت زهرة بثقل تنهض خلفها لتقارعها وهي تقف أمامها:
– مش الرغبة نفسها يا نور، احنا بنتكلم عن انفعالك ده، والعصبية الزيادة على شيء في علم الغيب، الخلفة دي رزق من عند ربنا، ومحدش ابدًا يقدر يمنع رزق ربنا ساعة ما يريد بيقول كن فيكون، دا لو انتي اصلًا فيكي عيب زي ما بتقولي
– وإذا كان المنع من عند ربنا نفسه.
غمغمت بها داخلها قبل ترسم ابتسامة مغتــ صبة على شفتــ يها، تردد:
– ونعم بالله.
❈-❈-❈
– بتعملي إيه يا صبا؟
سألها لتجيبه بعدم تركيز وانظارها مثبتة على شاشة الحاسوب التي تعمل عليها أمامها:
– بشوف الأسئلة اللي بتوصل ع البريد الإلكتروني عشان اجمعهم واجيبهم لحضرتك، بس انا ملاحظة ان تقريبًا معظم الأسئلة زي بعضها……
ناظرها بتساؤل، فتابعت بلهفة:
– دول بيسألوا عن حفلة عمر دياب، معقول الفندق هنا هيجيب الهضبة….
قالت الأخيرة بأعين متوسعة من الإنبهار، لتزرع ابتسامة على وجهه، مرددًا خلفها:
– اه يا صبا هيجيب الهضبة، بتحبي اغانيه على كدة؟
تبسمت بحرج تجيبه وانظاراها هبطت تبحث في الملفات بعدم تركيز:
– يعني مش حكاية احب اغانيه ولا اكرها، بس دا الهضبة، يعني اشهر من النار ع العلم…..
ترك شادي ما كان يعمل به، ليمارس هوايته المعتادة في تأملها، يُشبع انظاره منها ومن خجلها الذي يغلب طبعها مهما ادعت من القوة والجرأة، فقال يناكفها:
– شكلك كدة مش طالعة لوالدك، ولا بتحبي الفن الأصيل، دا الراجل ليلاتي يشغل الست في البلكونة جمبي، ويردد وراها
هذه المرة ابتسمت بملأ فمها، تحاول ان تسيطر على حرجها في الرد عليه:
– هو صوت ابويا بيوصلك؟
تبسم بتأكيد يجيبها:
-ودخان الشيشية اللي بيكركر فيها، انا تقريبًا بقيت ادخن سلبي وراه، زي ما حفظت كمان الاغاني معاه.
كتمت بكفها على فمها حتى لا تصدر ضحكتها صوتًا، لتقول:
– معلش بجى اتحمل، جارك راجل رايق وميحبش السهر بعيد عن بيته، لا على جهوة ولا مع أصحاب، نصيبك كدة.
احلى نصيب
ود ان ينطق بها، مع انه شيء في علم الغيب، ويقارب المستحيل، ولكنها اخطات مرة أخرى وذلف لسانها بكلمات الجنوب، والتي لم يعلم انها بهذا الجمال سوى الاَن، بعد ان سمعها منها .
– صباح الخير يا شادي.
أجفل بها لينتفض عن محله فور رأى صاحب الصوت متفاجئًا بحضوره يقف أمامه بهيئته الراقية والنظارة السوداء تغطي على اللون الأخضر في عينيه، ليتمتم بالتحية ردًا عليه ومعه صبا هي الأخرى والتي وقفت احترامًا لحضوره، رغم احتقانها من هيئته المغرورة وتخايل خطواته وكأنه الطاوس.
– عملت إيه في ترتيبات الحفل؟
سأل بها شادي، والذي رد يجيبه رغم دهشته:
– حضرتك انا مجهز البيانات، وكنت هجيبهالك على اخر اليوم
اومأ عدي برأسهِ، وعينيه المختفية تحت اللون القاتم للنظارة، تتابعها في الناحية الأخرى، تقف بتململ، وكأنها غير عابئة به ولا بحضوره، وهو الذي اجبرته قدميه ليأتي كي يراها.
فقال شادي والذي كان مرتابًا من حضوره الغريب:
– حضرتك لو عايز تشوف البيانات، انا ممكن اديهالك دلوقتي تشوفها.
رد عدي بعد ان يأس منها ومن لا مبالاتها:
– خليها اخر اليوم بقى زي ما قولت، انا اساسًا مش فاضي.
قالها وتحرك مغادرًا بخطواته السريعة، وعاد الاثنان لأماكنهم، فغمغم شادي بشعور غير مريح:
– عجيبة يعني، جاي بنفسه يسألني ع التقارير
❈-❈-❈
خرجت مودة من إحدى غرف الفندق التي انهت تنظيفها وترتيبها، تخرج المكنسة الكهربائية الضخمة بغرض ان تضغها على الحامل في الخارج، حتى اجفلت بمن اصطدمت بها:
– أسفة معلش مكنش قصدي .
– لا ولا يهمك بسيطة.
قالتها مودة بعدم تركيز قبل أن تلتف نحو الفتاة الجميلة، ذات الشعر الطويل والزينة المتقنة على ما ترتديه من ملابس قصيرة، ولكن مهلًا:
– هو انتي شغالة معانا هنا في الفندق؟
سألت مودة الفتاة بعد انتباهاها على شعار الفندق المدون على الزي الخاص بها، رغم الاختلاف الكلي لهيئة من تقف أمامها، واجابت الأخرى بابتسامة:
– ايوة يا حبيبتي انا شغالة هنا زي زيك؟ لهو انا مش باين عليا؟
ردت مودة تبادلها الابتسام:
– بصراحة لا مش باين عليكي، دا انا في الأول افتكرتك من النزلاء قبل ما اخد بالي من اليونيفورم بتاعك، بس انتي ازاي لبسك غريب كدة؟ هو انتي قسم إيه؟
ضحكت الأخرى لترد وهي تساعدها في تحريك الحامل:
– قبل ما اقولك انا قسم ايه؟ قوليلي انتي الأول، انا لبسي غريب في إيه بالظبط؟.
توقفت قليلًا بتردد قبل ان تجيبها بحرج:
– اصله يعني…… متأخذنيش، قصير كدة لفوق الركبة، دا غير انه ضيق فوق وتحت…. بس عسل والله على جســ مك المظبوط.
قالت الأخيرة وكأنها تصحح خطأها مما جعل الأخرى تضحك لها ثم توقفت تقول:
– شكلك طيبة اوي يا عسل، وانا بقى استريحتلك اوي، وعايز اصاحبك، إيه رأيك اعرفك بنفسي وانتي تعرفيني بنفسك.
اومأت مودة لها بحماس وضحكة مرتسمة ببلاهة على وجهها لتمد بكفها أمامها تقول:
– انا اسمي مودة وشغالة هنا في قسم النظافة، زي ما انتي شايفة كدة.
تقبلت الاخرى لتبادلها المصافحة تأخذ دورها في التعريف:
– وانا بقى يا ستي اسمي ميرنا، شغالة هنا برضوا بس في أرقى حتة في الفندق، المكان اللي بيضم البشوات والأجانب الفايف ستار بس .
باعين تبرق بالأنبهار سألتها مودة بفضول:
– مكان ايه؟
❈-❈-❈
وصل إلى الموقع ليعلم بالصدفة انها كانت حاضرة منذ قليل ولكنها اختفت خلف المبني في الأرض الخالية تقريبًا إلا من أشجار السدر المنتشرة بكثافة في هذه المنطقة الصحراوية، بدون تفكير تحرك على الفور ليبحث عنها، حتى تفاجأ بشبحها جالسة على أحد الاحجار الكبيرة، يبدوا انه كانت شاردة في شيء ما، لدرجة لم تجعلها تنتبه له ولخطواته التي كانت تدعس على الاوراق والفروع الجافة حولها:
– مش خايفة على نفسك في المنطقة اللي انتي قاعدة فيها لوحدك دي؟
قالها لتنتبه إليه، وتمسح على جانبي عينيها سريعًا، لترد بصوت حاولت جاهدة على ألا تظهر اضطرابه:
– لا طبعًا وايه يعني اللي هيخوفني؟
تعقد جبينه وهو يرى اثار الدموع العالقة على بشرتها التي تلونت بالأحمر على عدة مناطق من وجهها، ليسألها بتوجس:
– هو انتي كنت بتعيطي؟
نفت بهز رأسها، ولما شعرت ان كذبتها مكشوفة، ردت بمرواغة:
– مش لدرجة البكا يعني او الزعل، بس هو زي ما تقول كدة افتكرت ابويا.
تناول حجر له ليجلس بالقرب منها ويسألها:
– اسف ع التدخل، بس انا بصراحة كنت عايز اعرف، ايه اللي فكرك بوالدك عشان تسيبي شغلك وتجيبي هنا في الجو الخلا ده وتعيطي؟
– يا عم مش عياط.
قالتها بسأم وهي تكمل شارحة:
– انا بقولك افتكرت، ودي حاجة طبيعية عندي، انا عمري ما نسيت ابويا اساسًا، كل حاجة في شغلي بتفكرني بيه، انا معظم وقتي قضيته معاه، اصل انا بكريته وفرحته بيا كانت بتخليه ياخدني في أي حتة معاه، في الشغل، في البيت ،في المكتب، ما هو دا اللي خلاني امسك من بعده.
– قصدك على شغل المقاولات؟
سألها لتوميء برأسها وتجيبه:
– مهانش عليا تعبه وشقاه يروحوا لناس اغراب لما ابيع السجل بتاعه وادفن تاريخه .
سمع منها وظل صامتًا يتأملها بتفكير عميق، حتى رفعت رأسها إليه بتساؤل، فقال:
– هتزعلي لو فضولي خلاني أسألك عن الكلمة المحفورة في دلاية الانسيال اللي في إيــ دك ده؟
انتبهت لتنقل بنظرها نحو ما يرمي إليه،
– إيه ده انت خدت بالك؟
قالتها بتساؤل ليهز رأسه إليها وكأنها أجابة عادية، وعلى طرف لسانه يود القول بأن هذا الموضوع وهذه الكلمة تشغل حيزًا غير هين برأسهِ منذ أن التقاها اول مرة، وهو يفكر، ان كانا رمزين او كلمة لأسم عزيز عليها، كحبيب مثلا او خطيب او …..
– قلب ابوها.
– نعم.
خلعت الأنسيال لترفع أمامه الجملة التي يقصدها، شارحة:
– دا قلب صغير، ودا اللي الكلمة اللي لازقة فيه( ابوها) يعني قلب ابوها، عملهالي قبل ما يموت، كانت حالتنا حلوة مكنش زي دلوقت، الجاي يدوبك على قد اللي رايح.
قال حسن بتأثر:
– دا كان بيحبك اوي بقى.
– اوي.
غلبتها مشاعرها لتخرج منها بتحشرج ثم اشاحت بوجهها عنه حتى لا يرى دمعة خائنة غلبتها، ولكنه انتبه:
– انا اسف يا شهد لو كنت فكرتك.
عادت إليه بابتسامة قائلة:
– بتتأسف على إيه بس؟ انا افتكرته اساسًا قبل ما تيجي، امال انا جيت استخبى ليه هنا تحت شجر
النبق.
– بس والله المنظر حلو مش وحش..
– منظر ايه؟
سألته باستفهام، لتجده دنى نحو الأرض يتناول حبة نبق ناضجة، مسحها على القميص الذي يرتديه، يردف لها:
– على فكرة انا بحب اجي هنا وانقي منهم على كيفي، تحبي تدوقي ولا لازم بقى تقومي وتغسلي.
مد يــ ده بالثمرة الناضجة فردت وهي تتناولتها:
– لا طبعًا دا طاهر ومفيش ايــ د لمسته، ولا حتى اتلوث بالكيماوي، انا كمان باجي هنا وانقي براحتي.
اخفى داخله ابتهاجًا يعبث بقوة لمجرد تقبلها لشيء منه، فنهض فجأة ليقول بحماسة:
– طب استنى بقى وانا انزلك اللي احلى واحلى.
– هتعمل إيه؟
قالتها لتجده امسك بعصا قريبة وعلى احد الفروع، القريبة من مستوى طوله ضرب بضربتين فقط، وافترشت الأرض حولها بالثمار الناضجة، شهقت ضاحكة، لتردد بمرح:
– ايه دا كله؟ ومين فينا اللي عنده مرارة ينقي؟
تبسم هو بانتشاء ليجلس على عقبيه ويجيبها وهو يتناول الأطيب والأكبر:
– يا ستي احنا ننقي اللي احنا عايزينه والباقي بقى يقعد لصاحب نصيبه.
بوجه تبدل عن الحالة السابقة لها مئة وثمانون درجة، كانت تضحك وعينيها تناظر الخير الذي امتلأت به الأرض حولها لتعقب:
– ونسيب الشغل ونقعد ننقي.
نظر لها بأعين تفيض بحنان ذكرها بفعل والدها قديمًا يقول:
– لا يا ست المقاول، انتي تقعدي مكانك زي الهانم وانا هنقى الحلو منهم واجيبلك لحد عندك.
صمتت بخجل أصابها من كلماته، فتابع هو ليزيح عنها الحرج:
– دا روتين بعمله كل يوم، من ساعة ما استلمت الموقع هنا، مجيدة مدخلنيش البيت لو مرجعتلهاش بمجموعة كبيرة من دول.
ضحكت شهد لتسأله بتذكر عنها:
– طب هي عاملة ايه دلوقتي؟ كويسة ولا لسة الضغط تاعبها؟
– كويسة.
قالها حسن بابتسامة مستترة وهو منهمك في تجميع الثمار، وهتفت شهد نحوه بقلق:
– طب خلي بالك طيب، الأرض هنا كلها شوك، اهو ده بقى العيب الوحيد في الشجرة دي.
رفع راسهِ إليها، ليقول بمغزى وكأنه يوصل إليها رسالة دعم وتشجيع:
– أي حاجة حلوة لازم يبقى حوليها شوك يحميها. الحاجة السهلة بتبقى طمع للكل.
❈-❈-❈
قالت بهيرة تخاطب ابنها الذي كان يقبل أطفاله بعد ان وصل منذ قليل فقط للقصر الذي هجره لأكثر من اسبوعين:
– اخيرًا شوفنا وشك يا عدي، اولادك بيحضونك وكأنك جاي من السفر، مش معاهم هنا في نفس البلد .
داعب شعر رأس ابنه الأكبر ذو الخمس سنوات ليهمس له في اذنيه:
– اطلعوا فوق في اوضكم انت واخوك، وشوف الهدايا اللي انا جيبتها.
هلل الطفل ببعض الكلمات الأجنبية ليسحب شقيقه ذى الثلاث سنوات بحماس وفرح نحو غرفهم،
فتكلم عدي يجيب والدته:
– ما انتي عارفة باللي حاصل يا ماما، الهانم مكلفتش نفسها تبعتلي رسالة حتى، زي ما يكون ما صدقت اني سيبتلها البيت ومشيت.
تغضن وجه بهيرة لتقول بعبوس وضيق:
– عدي، انت مش شايف انك مزودها اوي مع ميسون؟ هي مهما كانت برضو ست، حتى لو كان الدم التركي بتاعها متقنعر حبتين، لكنها برضوا بتيجي بالكلام الحلو، انت يا بني اللي بقيت مش طايقها وعلى ابسط خناقة بتسيت البيت وتمشي، ودا بيوسع مسافة البعد ما بينكم.
زفر عدي بضيق يضرب بكفه على ذراع الكرسي الذي يجلس عليه، فتابعت هي:
– طب اتعلم شوية من اخوك، دا مبيسبش دقيقة يفضى فيها من الشغل، عشان يفسح الهانم ويسافر بيها ويدلعها ، مع انها متستهلش.
ردد خلفها بسأم:
– ومتستاهلش ليه بقى يا ماما؟ مدام بيحبها.
دبت بعصاها على الأرض بقوة لتقول بحقد:
– ايوة متستهلش، سنين وهي معاه ومش هاين عليها تفرحه بطفل يشيل اسمه، يعني مش كافية قبلنا بيها وهي مش من وسطنا ولا كانت تليق له من الاساس
التوى ثغر عدي المغلق، وقد مل من الحديث المكرر على اسماعه، فتابعت والدته:
– لكن انت مراتك بنت عيلة مأصلة، وفوق كدة حفظت للعيلة هيبتها لما خلفت اللي يحفظ نسلها.
تبسم ساخرًا لينهض من جوراها مغمغمًا:
– – ما هو من حظي بقى!….
أوقفته بهيرة سائلة:
– رايح تصالحها يا عدي
التف إليها برأسهِ يهديها ابتسامة غير مفهومة قبل ان يكمل طريقه
❈-❈-❈
بدون استئذان قام بفتح الباب ليلج بداخل جناحه، فوقعت عينيه على الفور نحوها، وقد كانت جالسة امام المرأة تصفف شعرها البني، والتقت زُرقاوتيها بخاصتيه عبر انعكاس صورته أمامها، وضع كفيه في جيبي بنطاله، يلقي التحية بلهجة عادية خالية من أي مشاعر كالتي تتصارع داخلها من أجل أن تلقي بنفسها داخل احضانها وتعانقه بشوق يمزقها نحوه:
– مساء الخير يا ميسون.
ابتعلت لتجيبه بنفس النبرة:
– مساء الخير… انتي عامل إيه؟
تبسم بغموض يجيبها باقتضاب وكأنه يبصق الكلمة:
– كويس.
تحرك بعد ذلك نحو الغرفة الملحقة كخرانة ضخمة لملابسه، نهضت هي من امام المراَة بحيرة متسائلة، تذهب خلفه ام تنتظر حتى يأتي هو؟ قلبها الذي يضرب بعنف داخلها يحثها للحاق بها، ولكن كرامتها التي تمنعها دائمًا من المبادرة، كالعادة لها الكلمة العليا. توقفت للحظات في انتظاره، حتى تفاجأت به يخرج بعدد من الحُلات الفاخرة ليلقيهما على الفراش أمامها قبل ان يتصل بأحد الخدم:
– عزيزة، تعالي هنا بسرعة ع الجناح عايزك توضبي الشنطة.
– بتطلب عزيزة توضب الشنطة ليه عدي؟
خرج سؤالها بصدمة وعدم تصديق:
ناظرها بجمود هيئته يجيب بهدوء كاد ان يجلطها:
– عشان ماشي وراجع تاني ع الفندق يا ميسون، عندك اعتراض؟
نفت برأسها تدعي عدم الاكتراث، تغالب تشنج جســ دها، والذي يهددها بالسقوط، متأثرًا بخيبة الأمل التي اصابتها في مقتــ ل منه، فقالت بعنجهية تبتغي رد الصفعة:
– لا طبعا معنديش ادنى اعتراض، انت حر .
تبسم بظفر فقد كان يراهن نفسه على ردها هذا، فقال ببرود: – OK يا ميسون، عن اذنك بقى.
قالها وتحرك ذاهبًا على الفور، لتسقط هي اَخيرًا خلفه، تبتلع الإهانة بعزة ترفض التنازل عنها، هو من يخطيء وعليه ان يبادر بالصلح وليست هي!
❈-❈-❈
انهت صبا دوام عملها وخرجت من الغرفة تسبق شادي والذي كان مضطرًا للإنتظار، حتى يأتي مالك الفندق عدي عزام، ويطلعه على البيانات والتقارير الخاصة بالحفل الضخم والذي سوف يقام بمناسبة مرور اكثر من خمسين عامًا على تأسيس الفندق. مناسبة هامة وتحتاج لترتيب هام، ومسؤلية عظيمة تلقى على كاهله. رفعت الهاتف لتجيب على من تتصل بها:
– ايوة يا ست مودة، انا خلصت اهو انتي قاعدة فين؟….. في الريسبش فين بالظبط؟
قالت الأخيرة لتنتبه نحو الأخرى وهي تلوح لها بكفها، بركن ما تقف به، بجوار امرأة غريبة عنها.
خطت إليها صبا، وفور ان اقتربت منهن، التقطتها مودة قائلة بلهفة:
– بقالي ساعة بشاورلك يا مجنونة، توك ما واخدة بالك؟
ردت صبا مستغربة:
– واديني خدت بالي وجيت يا ستي، سحباني ورايحة بيا على فين؟ مش احنا ماشين ياما؟
– ايوة يا ستي ماشين، بس استني اعرفك الأول.
– سألت صبا قبل ان تقف بها الأخرى امام نفس المراة التي رأتها منذ قليل، لتعرفها:
– شوفي يا بقى دي صبا صاحبتي، وانتي يا صبا، دي ميرنا صاحبتنا الجديدة هنا في الفندق.
– هي دي صبا.
غمغمت بها الأخرى داخلها، وهي ترمقها بأعين خبيرة مقيمة، لتقول بابتسامة تجيدها:
-اهلا يا صبا، انا اتشرفت بيكي اوي،
صبا هي الأخرى لم تكن اقل منها، فنظام الملابس التي ترتديها والزينة المبالغ فيها جعلت شعور بعدم الارتياح يكتنفها على الفور من هيئة الأخرى، لتصافحها بأطراف اصابعها على مضض ترد باقتضاب:
– اهلا تشرفنا.
تفاجأت ميرنا بعجرفة صبا في التعامل معها، حتى توقفت الكلمات بحلقها، وتولت مودة المهمة:
– ميرنا دي يا صبا اجدع واحدة قابلتها في الفندق هنا، طيبة اوي واتصاحبنا بسرعة….
قاطعت استرسالها صبا بحدة سائلة:
– شغالة في قسم ايه؟
-انا….
– شغالة في البار بتاع الفندق هنا.
قالتها مودة لينقلب وجه صبا فقالت بتجهم ملحوظ:
– يا اهلا بيكي تشرفنا يا… انسة ميرنا، مش ياللا بقى .
توجهت بالاخيرة نحو مودة التي تمتمت بإجفال:
– هاا.
– انا هسبقك عند الاتوبيس.
قالتها صبا على عجالة قبل ان تتحرك وتتركهن بدون استئذان، تطلعت مودة في ظهرها بصدمة لعدة لحظات، قبل ان تستأذن بحرج من الأخرى:
– اا معلش يا ميرنا، ما انتي عارفة بقى اتوبيس الفندق، ممكن يمشي ويسبنا، عن اذنك.
– اتفضلي يا قلبي طبعًا.
قالتها ميرنا بابتسامة مصطنعة حتى ذهبت الأخرى راكضة تلحق بالمتعالية صديقتها، لتتبعهما بأنظارها، حتى تفاجأت بعدي نفسه والذي كان يدلف الفندق عائدًا من الخارج، وتركزت انظاره على الأولى، فتبسمت هي بسخرية متمتمة:
– دا الباشا باينه وقع ولا حدش سمى عليه!

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وبها متيمم أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى