روايات

رواية وبها متيمم أنا الفصل التاسع 9 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيمم أنا الفصل التاسع 9 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيمم أنا الجزء التاسع

رواية وبها متيمم أنا البارت التاسع

وبها متيمم أنا
وبها متيمم أنا

رواية وبها متيمم أنا الحلقة التاسعة

يوم جديد وصباح يتجدد بمسؤليات تنتظرها، ولا تستطيع الفكاك أو التنصل منها، خرجت من البناية بصحبة شقيقتها الصغرى التي ودت اليوم أن تخرج بصحبتها لتقلها في السيارة معها.
– ايوة بقى يا ست رؤى، توصيلة ببلاش وحق الدرس مدفي جيبك مع المصروف، استغلال بحق وحقيقي يعني.
قالتها شهد بتفكه وهي تفتح باب السيارة لتستقل مكانها خلف عجلة القيادة، ضحكت لها الأخرى وهي تنضم معها في الكرسي الأمامي المجاور لها لتقول:
– مش انا الصغيرة، ييبقى من حقي بقى استغل واعمل على كيفي كمان .
عبست شهد بوجهها تدعي الغضب وهي تدير المحرك لتتمتم بتصنع الغيظ:
– دا بدل ما تقولي عنك يا ختي، وخدي المصروف وحق الدرس، بتقوليها في وشي، انتي يا بت جايبة البجاحة دي منين؟
ردت رؤى تشاكسها بخبث:
– جايباه من أمنية، مش هي اختي برضوا.
قالتها لتقهقه في الضحك بشقاوة، وتمتمت شهد :
– يا بنت ال…….
ضغطت حتى لا تخرج سبة وقحة وهي تمنع نفسها بصعوبة عن الضحك بصوت عالي أثناء قيادة السيارة.
حينما هدأت ضحكات رؤى خاطبتها سائلة:
– مدام جيبتي سيرتها، كلميني بقى عنها، هي عاملة إيه دلوقتي مع خطيب الهنا بتاعها اللي جرستنا عشانه؟
خبئت ابتسامة رؤى لتجيبها بحرج:
– انا مبشوفهاش كتير عشان الدورس والمذاكرة، بس هي طبعًا طول اليوم يا بتتزوق، يا بتتفرج ع التليفزيون، يا بتتكلم مع ابراهيم، والاخيرة طبعًا هي اكتر حاجة، انا مش عارفة، دول مبيزهقوش من الرغي والخناق، اقسم بالله انا بصدع لو جات وقفت جمبي وسمعت حتى لو جزء من كلامهم، دول فعلاً شبه بعض .
تبسمت شهد بزواية فمها دون ان تحيد بعينيها عن الطريق لتسألها:
– طب وشغل البيت، ما بتساعدتش والدتك في أي حاجة خالص؟
نفت رؤى بهز رأسها لتقول:
– ولا حتى الطبق اللي تاكل فيه بيهون عليها تغسله، أمنية اتعودت على التناحة وامي هي السبب، بتخاف منها ومن صوتها وصريخها، امنية دي مفترية.
قارعتها شهد بانفعال:
– لا يا حبيبتي، امك هي اللي ضعيفة وبتشجعها ع النطاعة، المثل بيقول الحاكم الضعيف فتنة وانتي والدتك هتشلني بسلبيتها….
قطعت لاهثة فجأة، تستدرك العمر الصغير لشقيقتها، وحتى لاتفهم كلماتها بالخطأ عن والدتها، خصوصًا، وهي ترى هذا التأثر الذي بدا جليًا على وجه الفتاة، فقالت بأسف:
– معلش يا رؤى،إن كنت اتعصبت ولا اتنزفزت، دي لحظة صبحية وانا باين عليا هبتدي يومي بالعك من أولها.
تبسمت رؤى لها بضعف ولم تتكلم، فقالت شهد مغيرة دفة الحديث:
– طب والواد ابراهيم متعرفيش اخباره ايه؟ اشتغل في شقته بقى ولا لسة؟
ردت رؤى تهز كتفيها بعدم معرفة:
– معرفش، ماما مبتحكيش قدامي حاجة.
سمعت شهد وظلت صامتة لبعض الوقت تتابع طريقها، ثم سألتها بحرج:
– بس هو مبيجيش البيت صح؟ ماشي ع التعليمات ولا اا إيه؟
أجفلت رؤى في البداية وقد باغتها السؤال، لتنفي بهز رأسها بتوتر صامتة، حتى لا ينطق لسانها بالكذب، وهي لا تريد الكذب على شقيقتها
❈-❈-❈
– تاني يا ابراهيم، هو انت عايز مشاكل يعني ولا إيه؟
قالتها أمنية وهي تقف تسد بجسدها المكتنز مدخل الباب، فقال الأخر متهكمًا:
– طب ما تتطرديني احسن، هو انا شحات عندكم يا بت؟
إبتلعت بتوتر وعينيها تجول على أعلى السلم وآخره، تراقب حركة الجيران، لتقول بتخوف:
– منظرنا كدة على باب الشقة مش حلو يا ابراهيم، والجيران هنا عينهم تدب فيها رصاصة.
– طب قولي لنفسك.
قالها والتفت متنبهة على نبرة صوته لتجد منه النظرة الثاقبة المتفحصة على جســ دها وما ترتديه من عباءة منزلية بيتيه، من القماش الناعم الذي يلتصق بها على بعض الأماكن، نظرة على قدر ما تنعش انوثتها، بأن تشعر أنها مرغوبة في أعين رجل كإبراهيم صال وجال في عالم النساء بسمعة تعلمها من حديث فتيات الحي عنه قبل ذلك، لكن في نفس الوقت تخيفها؟
– امشي يا ابراهيم، امي في السوق، وشهد محرجة عليك اساسًا ان متجيش هنا .
قالتها متصنعة الحزم، بلغة يفهما ابراهيم جيدًا، وهي التمنع بدلال، وهو الخبير بعالم النساء يجيد التعامل معها ويراوض عقلها الغبي جيدًا، لذلك قال:
– بقولك إيه يا بت، انا محدش يحكم عليا، خصوصا، لو كان الحد دا حــ رمة .
– وحد كان قالك توافق انت وابوك؟ ما انتو اللي سكتو وخلتوها، مش كلمتها عليكم.
قالتها واشتعلت عينيه حتى اعتقدت انه على وشك الهجوم عليها، فتراجعت خطوتين حتى تغلق الباب بوجهه لو فعلها حقُا، انقذها خروج جارتهم، السيدة أم هشام والتي القت التحية بنظرات مرتابة نحوهما:
– صباح الخير يا أمنية، صباح الخير يا ابراهيم، عاملين إيه؟
ردت امنية خلفها التحية بصوت عالي لتداري توترها:
– صباح النور يا خالتي، تعالي اقعدي شوية واشربي الشاي مع امي جوا.
التفت لها المرأة برأسها بنفس النظرة لتقول:
– ليه بقى يا حبيبتي، لهي لسة مرحتش السوق؟ اما ولية كسلانة صحيح .
قالتها ومصمصت بشفتيــ ها تصدر صوت مستهجن قبل ان تلتف لتهبط الدرج وتتركهما، لتغمغم امنية خلفها بامتعاص:
– ولية عقربة، خدت بالك من تلميحاتها ونظرتها لينا؟
التفت توجه الحديث إليه بعصبية:
– بس انتي اللي جايب الكلام والحديت بوقفتك الغريبة دي، الولية دي انا عارفاها كويس مش بعيد تقابل امي في السوق وتعملها قصة، انا عارفة انت مش هتستريح غير لما تسوء سمعتي، انا عارفة…
– وإيه تاني يا روح امك؟
قالها مقاطعًا يجفلها بلهجته العدائية نحوها، لتلتصق بالباب تكاد أن تموت في جلدها، بعد أن أسهبت كعادتها في السخط والصياح كما تفعل دائمًا مع والدتها وشقيقاتها، وانتظرت رد فعله بعد فترة من التحديق المستمر بها، ليبث في قلبها الرعب، قبل أن يرمي سيجارته على الأرض يدعسها بقدمها، ثم قال:
– عارفة يا بت ال……. لولا اني مش عايز افرج الناس عليكي صح، لكنت دلوقتي مسحت بيكي بلاط السلم ده، ولا كنت اخلي فيكي حتة، بس اقولك انتي لسة حسابك عندي، وانا برضوا ابن كلب عشان جيت وعبرت واحدة زيك، بتشوفي نفسك عليا يا اختي، لكن ع العموم انا عندي إستعداد افضها سيرة واخلص…. وعادي اوي على فكرة.
قالها وتحرك يسحب شياطينه معه، أما هي فقد كانت على وشك ان تقع مغشيًا عليها، خوفًا من التنفيذ في أن يفسخ الخطبة، تحركت خلفه تهتف بجزع:
– براهيم ، استني يا ابراهيم، يا نهار اسود، هو انت هتسبني بجد ولا إيه؟ براااهيم.
كادت ان تهبط خلفه درجات السلم، قبل ان تنتبه على ما ترتديه وهذه العباءة الملتصقة بها، فعادت مضطرة لتدخل منزلها وتتناول الهاتف، لتلح بالإتصال عليه، وهو كالعادة لن يرد إلا بمزاجه ووقت أن يريد، بعد أن تتذلل له بالبكاء والرسائل المتعددة ليرضى عنها.
❈-❈-❈
يا لهوي ع الحلاوة، إيه الجمال ده بس يا ناس؟
هتفت بها رحمة تجفل صبا التي كانت في طريقها نحو مخرج البناية بعد ان خرجت من المصعد، ف التفت لها الأخرى بابتسامة مشرقة لتعود إليها وتصافحها بمودة وقالت بتساؤل:
– إيه دا إنتي رايحة فين بلبس الخروج ؟ وإيه اللي موجفك هنا جمب السلم؟
ضحكت لها رحمة تجيبها:
– يا ستي انا رايحة اقبض معاش الست الوالدة، بس واقفة هنا استنى البواب، اصلي بعته على طلب كدة، فقولت اقف في مكان مختصر شوية بدل ما ابقى في وش اللي رايح واللي جاي، المهم بقى، إنتي عاملة إيه في شغلك الجديد؟
قالت صبا متمتمة بالرضا.
– الحمد لله، كويس جدا وانا مبسوطة اني بلاجي نفسي فيه.
أومأت رحمة لتسألها:
– واخويا شادي بقى عامل إيه معاكي في الشغل؟
سمعت صبا السؤال لتزم شفــ تيها بابتسامة ملحة قبل أن تجيبها:
– بصراحة متزعليش مني، اخوكي دا مش رئيسي في العمل لكن انا والنعمة مستغرباه، دا بيستغفر ربنا كل ما يشوفني وكأني لابسة عرياني أو فيا حاجة غلط، والكلام دا على فكرة مش بس من ساعة الشغل، لا دا من وجت ما سكنا جمبيكم هنا في العمارة، لدرجة اني كنت بسأل نفسي في كل مرة، هو في ما بيني وما بينه طار با يت يعني؟ ولا انا كنت مرات ابوه ولا إيه بس؟ فهميني
سمعت منها رحمة لتنطلق في موجة من الضحك، لا تستطيع التوقف، حتى استطاعت القول اَخيرًا بشيطنة ومكر:
-يارب في مرة يسمعك يا صبا، عشان ساعتها يبقى طار ما بينكم بجد.
شهقت مرددة:
– لا لا بلاش الدعوة دي الله يخليكي، دي ساعة صبحية، ودا راجل صعب، ربنا جعل كلامنا خفيف عليه.
قهقهت رحمة مرددة:
– يا بت الإيه، بتقولي كدة على اخويا وفي وشي، طب انا هبقى فتانة وابلغه بالكلام ده، وهو اساسًا على خروج دلوقتي، يالا بقى استلقي وعدك منه يا ناصحة.
بنصف شهقة خرجت منها ادعت الصبا الخوف لتقول:
– يا نهار أبيض، هو انا جولت حاجة غلط عشان تفتني عني؟ دا مديري في الشغل وباشا مصر كمان، ايه اللي انتي بتقوليه ده؟ عن اذنك بجى، انا لازم احصل شغلي عشان مديري ميزعلش مني، عن إذنك.
قالتها والتفت مغادرة على الفور، ولكنها القت بابتسامة شقية نحو رحمة التي هتفت لها:
– اه يا جبانة
❈-❈-❈
أمام المراَة كانت تستعرض نفسها وتتأمل بتركيز شديد حتى تستكشف إن كان حدث تغير ما بهيئتها التي تدفع فيها المبالغ الطائلة، فهذا هو الشيء الذي تعيش عليه، هو رأس مالها بالاصح، والذي من أجله خسرت الكثير.
– جامدة .
تفوه بها خلف ظهرها قبل ان تلتف ذراعيه حولها ويُحيطها من الخلف.
ليقبل رأسها متابعًا بلهجة مغوية:
– ومثيرة وقنبلة فتنة.
تبسمت بزهو يكتنفها في كل مرة يذكر لها هذه الكلمات، لتزيد من ثقتها وتحثها على المضي قدمًا، فقالت:
– حلو أوي الكلام ده، أنا بنبسط أوي لما احس اني عجباك يا كارم .
– أممم
زام بها يسننشق عبيرها ويــ داه التي تحاوطها تجول على منحانياتها وتزداد جرأة، يتمتم بأنفاس ساخنة:
– أنتي دايمًا عجباني من ساعة ما كنتي قطة صغيرة في الجامعة، لغاية ما بقيتي بكامل الأنوثة المتفجرة دي.
قالها ليلفها إليه ويطبق على شفتــ يها بقبلاته الجامحة ويعتصرها بين ذراعيها، برغبة محمومة لا تهدأ أبدًا، تتقبلها باستجابة ظاهرية له بكل جوارحها، لتزيده تعلقًا بها، وتأخذ هي في نظير ذلك المقابل.
نزع نفسه عنها فجأة مجفلًا على طرق باب الغرفة، ليهدر صائحًا بالطارق:
– مين اللي ع الباب؟
وصل صوت الخادمة الذي اهتز من صيحته:
– انا المربية إحسان يا فندم، أصل الهانم الكبيرة اتصلت بيا تستعجلني عشان اروحلها بالولد.
فلتت رباب نفسها عنه بغضب متجهمة الوجه تعطيه ظهرها، ورد هو يجيب المرأة:
– خلاص جهزيه يا إحسان على ما البس انا كمان واخرج عشان اخدكم معايا .
– امرك يا فندم.
قالتها المرأة وذهبت ليلتفت نحو هذه التي تكتفت تهتز بجســ دها بعصبية يعلم سببها جيدًا، وقال يأمرها بخشونة:
– محبش حد انا يديني ظهره، لفي وشك يا رباب عشان تكلميني.
سمعت منه لتقابل نظرته الباردة، بغيظ يفتك بها حتى تنفــ جر به:
– عايز مني إيه؟ ما انت كدة كدة بتعمل اللي انت عايزه، حتى لو جه على حساب كرامتي، الست والدتك بتتصل بالمربية يا كارم، ومش هاين عليها تكلمني انا والدته، طب انا كدة من حقي بقى اني اخد موقف ومخليهاش تشوف الولد نهائي بعد كدة.
– إيه هو اللي من حقك بالظبط؟ سمعيني تاني
قالها بنبرة هادئة مريبة، دائمًا تنجح في بث الرعب بها، لتبرر بصوت مهتز:
– انا بتكلم عن كرامتي يا كارم، مامتك من ساعة ما اتجوزنا وهي مش متقبلاني، وانت شوفت بنفسك، كام مرة احاول اتقرب لها، وهي اللي بترفض وتبعد، حتى لما خلفنا الولد برضوا بتفرض سيطرتها في الاستحواذ عليه، دا ابني انا يا كارم.
على نفس النبرة الهادئة:
– وهو في حد خد منك ابنك؟
ثم ارتفعت سبابته ليطرق بطرف الإصبع على خدها يتابع:
– الولد بيقضي وقت لطيف مع جدته يا قلبي، بلاش تبقي وحشة وتحرمي ست عن حفيدها، أنا متعود عليكي قمورة وحلوة، يعني مفيش داعي انك تغيري صورتك الجميلة دي في عنيا، عشان انا كمان متغيرش ولا اقلب على الوش التاني معاكي، ماشي يا بيبي.
ظلت على وضعها تناظره بصمت تبتلع ما تبقى بداخلها من اعتراض، فهو يفعل ما يشاء وهي اعتادت ان تظل في الركن الذي وضعها به، لا تتحرك ولا تحيد بإنش عنه .
قرص على طرف ذقنها بابتسامة منتشية مستمتعًا باستسلامها، ليردد:
– هي دي روح قلبي .
قالها واقتنص قبلة سريعة وقوية منها قبل ان يتركها تحترق بعجز يكتفها حتى عن الدفاع عن حقها بابنها .
❈-❈-❈
بخطوات سريعة متعجلة كان يقطع طريقه في بهو الفندق العظيم، نحو الغرفة التي يعمل بها، وقد أصبحت المقر الرئيسي لسعادته، حيث الجمال والروح النقية بقربه، حيث الرقة والقوة في نفس الوقت، حيث الصبا، وعيون الصبا.
وصل اَخيرًا كي يصطبح بوجه القمر، وجهها، كما يطلق عليه بداخله، ويلقي التحية بقلبه، قبل أن يلقيها بلسانه:
– صباح الخير.
قالها لتنتبه إليه وترفع وجهها عن الهاتف الذي كانت تتلاعب به، وتجيبه باحترام وهي تعتدل في جلستها:
– صباح النور.
تحمحم يجلي حلقه ليقول وهو يتخذ مكانه على كرسي مكتبه:
– عاملة إيه النهاردة؟
– كويسة والحمد لله.
قالتها بعجالة وحرج وهي تتناول احد الملفات لتعمل عليها، فهذه اول مرة يسألها عن شيء آخر لا يخص العمل، شادي الجار الغريب، خشن الملامح، متجهم الوجه دائمًا، ولكنه رجل محترم هذا ما لمسته بنفسها خلال الأيام القليلة الماضية.
سمعت صوت استغفاره المعتاد قبل يوجه السؤال إليها:
– خلصتي البيانات اللي طلبتها منك امبارح؟
أجابته بعملية وهي تعود للبحث في الملفات:
– اه خلصتهم، وعملت ملف جديد بالحسابات الجديدة، بعد ما عدلت القديم، اجيبلك تشوف.
قالت الأخيرة وهي ترفع الملف الذي اخرجته من وسط كوم من الملفات.
ناظرها بصمت قليلًا ثم قال:
– أنا مطمن لحسبتك يا صبا، هخدهم عشان اراجع بس، لكن قوليلي بقى، حد من عمال الفندق او المقيمين ضايقك؟
نفت تهز رأسها لتجيبه:
– لا يعني…. انا ملفتش كتير، يدوبك قابلت مدام ميري وسجلت كل اللي تحتاجه الغرف، وبعدها روحت المطبخ عند الشيف منصور ودا راجل مشهور وسكرة اساسًا.
تغضنت ملامح وجهه فجأة يردد خلفها باستهجان:
– مشهور وسكرة كمان، هو لحق يهزر ويضحك كمان معاكي؟
شعرت بمعني غير مريح خلف كلماته، فقالت بدفاعية:
– ضحك أو هزر، دي حاجة عادية للشيف، هو دايمًا روحه خفيفة ع الشاشة، ولما شافني امبارح اتكلم معايا ببساطة عشان متكسفش منه.
اطرق يكبح غضبٌ يلوح في افق عقله الضيق والذي لن يرضى لها بالحديث او الكلام مع أي رجل غيره، حتى لو كان هذا الرجل هو الشيف منصور، صاحب أشهر برنامج يعلم النساء الطبخ، هذا بالإضافة أنه بعمر ابيها، شعر بضيقها ومبالغته بغير حق في تصرفه معها، فقال ملطفًا:
– هو انت بتابعي الشيف منصور عشان بتحبي الطبخ يا صبا؟
نفت بهز رأسها صامتة، فتابع متسائلًا:
– أمال إيه؟
تبسم ثغرها فجأة لتجيبه ببساطة:
– بحب اتفرج عليه وهو بيعمل الأكل، واشوف التعليقات من الستات اللي بتتصل عليه، إنما طبخ وتنفيذ مبعرفش، يعني خايبة بمعني اصح.
أسعده عفويتها في الرد حتى أنه لم يشعر بنفسه وهو يبتسم بعرض وجهه لتفاجأ برؤية أسنانه البيضاء بشدة، وتكتشف انه انسان عادي مثلها يأتي عليه الوقت ويضحك، حتى لو كان هذا السبب هو خيبتها في الطبخ.
– السلام عليكم .
قالتها امرأة من عمال الفندق وهي تقتحم الغرفة، ف انقلب وجه شادي بسرعة ليعود لتجهمه ويسألها:
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، عايزة حاجة يا مديحة؟
ردت المرأة وعينيها تتنقل عليه وعلى صبا:
– مش انا اللي عايزة يا استاذ شادي، دا البيه مالك الفندق، عدي باشا، طالب جميع الموظفين يتجمعوا.
– جميع الموظفين!
قالتها صبا بتساؤل، وردت المرأة:
– ايوة طبعًا بدون استثناء، عن اذنكم بقى.
قالتها لتخرج وتمتم خلفها شادي:
– كل عمال الفندق! يا ترى عايزنا في إيه عدي عزام ؟
❈-❈-❈
على كرسيها الاَثير كانت جالسة ترتشف الشاي من كوبها الكبير، بتفكير عميق، فيما يشغل عقلها منذ عدة أيام أو بمعنى أصح؛ منذ عدة سنوات لا تعلم عددها، في انتظار الفرج، يغيظها هذا البرود وعدم التصرف، تريد شيء ما يحرك المياه الراكدة، لقد تعبت من الدعوات والوعود المماطلة من زوج الثيران التي تعيش معهم ولا أحد يُنفذ، لقد سأمت ولا تريد سوى الفعل الان.
– رايح فين يا غالي؟
هتفت بها سريعًا فور ان انتبهت لإبنها الذي كان في طريقه للخروج الاَن، استدار إليها الاَخير ليُجيبها بابتسامة زادت من عصبيتها:
– يعني هكون رايح فين بس يا ست الكل؟ دا ميعاد شغلي يا قمر .
إلتوى ثغرها بامتعاض تعقب:
– وهو الشغل دا مبينتهيش؟ ولا حالة الأمن هتتأثر لما ابن مجيدة ياخد أجازة في البلد دي؟
جلجلت ضحكة مدوية من أمين وهو يتراجع إليها يردد بمشاكسة:
– إيه ده إيه ده؟ الست الناظرة عايزاني اتخلى عن مسؤلييتي في حفظ الأمن! ليه بس كدة يا أمي؟ دي حتى كانت تبقى عيبة في حقي.
قال الاَخيرة وكان قد اقترب منها لتصبح بوجهه:
– اسم الله يا غضنفر، إنت يا واد انت هتشلني؟ ولا انا عندي قلب يعني للمناهتة معاك.
– لا إله إلا الله.
رددها ليتابع بذهول لها:
– يا ستي هو انا زعلتك في إيه بس؟ مالك يا مجيدة؟ إيه اللي معصبك؟
وكأنهأ كانت منتظرة الإذن، لتترك الفنجان وتضعه بعنف على الطاولة القريبة منها، وهي تصرخ به:
– إللي مزعلني هو البرود يا حبيبتي، مرارتي معدتش متحملة، عايزة تغير يا عنيا، زهقت منك ومن خلقتك، أنت والحلوف التاني، عايزة أشكال تفتح النفس غيركم.
فهم ما ترمي إليه، ليوميء بهز رأسهِ يهادنها بالكلمات النمطية المعتادة:
– حاااضر يا ست الكل، إدعيلي بس انتي وانا افرحك قريب.
– تاني هتقولي قريب!
صرخت بها تجفله لتتابع بصياحها:
– لأ وكمان بتقولي إدعيلي؟ غور من وشي يا واد، انا مش هدعيلك، لا دا انا هدعي عليك إنت واخوك غور يا أمين.
ارتد الاَخير بخطواته للخلف ليبتعد بروية مرددًا بكبت ضحكاته:
– طب حاضر، حاضر يا ست الكل، بس انتي متزعليش نفسك.
– بقولك غووور.
– خلاص يا ست الحجة انا خرجت اهو.
هتف بالاَخيرة فور أن وصل إلى مقبض الباب ليفتح ويخرج منه على الفور.
وغمغمغت مجيدة بصوت لاهث يفيض بالغيظ من خلفه:
– روح يا أمين، إلهي يارب توقع في واحدة تطلع عينك، زي ما انتي تاعبني كدة وفاقع مرارتي، و…..
قطعت فجأة وراسها اشتعلت الدماء به، لا أحد يشعر بها، لا أحد يحاول، ولكنها لن تصمت هذه المرأة ويجب أن تتصرف، ولكن ماذا تفعل؟ ماذا تفعل؟ استدركت فجأة، فومض عقلها بفكرة ما، ويجب عليها التنفيذ الاَن، تناولت الهاتف، لتضعط على الرقم الذي اخذته من هاتف ابنها الاَخر، والذي ربما قد يأتي منه الحل، انتظرت لبعض الوقت حتى وصلها استجابة من الجهة الأخرى:
– الوو مين معايا.
سمعت مجيدة لتقول بصوت لاهث تدعي التعب:
– الووو…. ايوة يا حبيبتي انا خالتك مجيدة……
– طنت مجيدة مين؟
قالتها شهد قبل أن تتابع بتذكر لصاحبة الأسم المميز:
– اه طنت مجيدة، اهلا بيكي يا طنت.
سمعت الاَخرى لتردد بصوت تزيد عليه بالمسكنة:
– اهلا يا بنتي سامحيني، بس دا رقم الوحيد اللي حفظته، وانا عايزة أي حد يوصلني بابني، اصله مبيرودش وانا تعبانة اوي.
اعتدلت شهد بجلستها عن المكتب لترد على المرأة بقلق:
– الف سلامة عليكي، مالك يا ست مجيدة؟
وصلها الصوت الضعيف:
– بقولك يا حبيبتي تعبانة، شكله كدة الضغط وانا مش قادرة اقوم اجيب برشامة، وانا وحيدة ومعنديش بنات ولا اخوات.
ختمت بصوت يوشك على البكاء، أثر على شهد حتى انتفضت عن مقعدها لتجيبها:
– طب انا دلوقتي في مكتبي، بس هدور عليه واسأل، هو أكيد مسمعش رنتك، سلامتك يا حجة، الف لا بأس.
– الله يسلمك يا حبيبتي الله يسلمك .
اغلقت مجيدة لتصفق بحماس، في انتظار الاَتي، وتمتمت بتفكير:
– اهو كدة بقى هيبان، لو هي بنت كويسة هتبلغ حسن وتسأل، اما بقى لو معبرتش يبقى تغور في داهية.
حلاوتك يا مجيدة يا بتاعة الافكار
❈-❈-❈
ولج بداخل منزل العائلة، بصحبة الصغير الذي هتف فور أن رأى جدته:
– تيته…
تلقفته المرأة لترفعه عن الأرض وتقبله بحفاوة مرددة:
– يا قلب تيتة إنت يا روحي يا روحي.
اقترب منهما كارم ليُلقي التحية، وخلفه المربية التي كانت تحمل أشياء الصغير وحقيبته:
– صباح الخير يا ماما، عاملة ايه النهاردة ؟
قبلت والدته رأس الصغير قبل أن تجيبه وهي تزيد بمعانقته:
– حمد لله يا بني. لكن دي مش عوايدك تدخل مع الولد وفي الصبح كدة، إيه؟ واخد أجازة من الشغل؟
اومأ بعينيه قبل ان يلتف إلى المربية ويأمرها:
– إحسان، خدي عمار خليه يلعب في الجنينة على ما تخرج لكم ماما.
انتبهت والدته أنه جاء لأمر ما، لذلك استسلمت تعطي حفيدها للمربية، وسارت تلحق به حتى جلست امامه على مقاعد صالونها الكلاسيكي، وقالت مبادرة:
– ها بقى، خير يا سيدي؟
صمت قليلًا يطالع وجهها المتجعد بتفكير ثم ما لبث أن يقول:
– خير أن شاءالله، بس سؤال يعني، لما انتي عايزة الولد يا ماما، ماتصلتيش ليه عليا ولا على رباب؟
ارتفع حاجبيها ونزلوا سريعاً باستدراك لترد وهي تبتسم بعرض وجهها:
– ليه بقى يا حبيبي؟ ما انا قايلالك من يومين، إن الولد هيجي يقضي اليوم النهاردة عندي، ولا هي الست مراتك اللي زعلت بقى؟
عبس بوجهه بوجهه يقول:
– حقها طبعًا يا ماما، انتي ليه رافضة تتقبليها؟ دي مرات ابنك بقالها كذا سنة ودلوقتي أم حفيدك .
اهتزت كتفيها لتجيبه ببساطة:
– عشان القبول من عند ربنا وانا مش قبلاها ولا قابلة شخصيتها كلها على بعضها، أنا حرة بقى.
صك على فكه يحاول السيطرة على غضبه، وهي تابعت بعدم اكتراث:
– إنت عارف السبب، لذلك متحاولش معايا، احنا صلة رحم ومودة محفوظة من بعيد لبعيد، لكن قُرب ولا اتصالات، لأ يا كارم، انا كفاية عليا قوي عمار، عندي بالدنيا كلها .
زفر بحريق نشب بداخله ثم نهض على الفور ملقيًا كلماته على عجالة:
– زي ما تحبي يا ماما، عن إذنك .
قالها وغادر على الفور ، لتغمغم هي في اثره:
– افرح بيها اوي يا خويا، لكن برضوا مهمها شفطت ولا نحتت ولا حتى نفخت، عمرها ما هتيجي نص كاميليا، بس اقول إيه؟ ما هي دي اللي تليق لك وتنفع معاك .
❈-❈-❈ .
في القاعة المخصصة لكبار الزوار والتي لا يدخلها سوة الصفوة، حيث تجرى الإجتماعات والصفقات المهمه للعمل، والحفلات واللقاءات الاجتماعية للعائلة وطبقتها المخملية، كان جالسًا كالملك على عرشه يستقبل ويراقب دخول الموظفين والعمال تباعًا لينضموا إلى من سبقهم،
في انتظار اكتمال العدد وشيء اَخر بداخل عقله.
دلفت مودة التي كانت تتمسك بصبا، بأعين جاحظة تكاد أن تخرج من مقلتيها، تتمتم بانبهار على وشك أن يذهب بعقلها كل ما وقعت عينيها على شيء ما من الديكور والحوائط المطلية بالذهب والثريات الضخمة بحبات الكريستال المتدلية منها:
– يا لهوي يا صبا، انا حاسة نفسي هتجنن، دي قاعة دي ولا قصر ملك؟
همست لها الأخيرة بغيظ:
– إمسكي نفسك شوية واتعدلي في مشيتك، متخليش حد ياخد باله منك ولا من كلامك ده، في أيه يا مودة؟
سمعت منها المذكورة لتفعل وهي تتذكر هيئتها أمام الجميع، وقال شادي الذي كان يسبقهم بخطوة واحدة متعمدًا عدم الإبتعاد عنها او تركها بعيدًا عن عينيه، بضيق يجثم على صدره ولا يعرف مصدره:
– معلش يا مودة، انتي لازم تقفي جمب فريقك دلوقتي، وصبا تاخد مكانها جمبي بحكم انها المساعد بتاعي في القسم .
تغضن وجه مودة بامتعاض وهمت أن تجادله، قبل أن تجفل وتجحظ عينيها للمرة الثانية، فور أن انتبهت لرؤية هذا الذي كان جالسَا بهيئة ملوكية وعينيه مصوبة نحوهما، وبالأخص على صبا التي توقفت بصدمة وشحب وجهها لدرجة الصفار، وقد تلاقت عينيها بعينيه.
– وقفتي ليه يا صبا؟
سألها شادي وقد انتبه هو الاَخر لنظرة عدي نحوها، ابتلعت تجيبه بسؤال:
— الراجل اللي قاعد قدامنا ده، هو نفسه صاحب الفندق.
ازداد ضيقه مع توقفها، وانتباهه على النظرات المصوبة نحوها، رغم امتلاء القاعة بالجميلات ولكنها ومن دون مجهود، تظل ملفتة، بدون تفكير، أطبقت قبضته على رسغها من فوق قماش سترتها، ليسحبها يتمتم بهمس حذر:
– حركي نفسك الأول وبعدين اسألي، مينفعش الوقفة في النص كدة
رغم استغربها ولكنها كانت ممتنة لفعله، وخرج صوتها اَخيرًا، بعد ان جعلها خلف احد السيدات:
– طب انا كنت عايزة اسألك برضوا، هو دا مالك الفندق؟
تنهد بثقل يجيبها اَخيرًا، بعد ان وضعها بزواية بعيدة حد ما عن الأعين:
— ايوة هو يا صبا، بس مش المالك الفعلي، دا ملك عيلته، عيلة عزام، اخوه مصطفى اشهر من النار ع العلم، لكن انتي بتسألي ليه؟
ابتلعت ريقها الذي جف، وشعور بالقلق يجتاحها، مع هذا الدوار الذي حل برأسها على الفور وبدون مقدمات.
– لا يعني سؤال عادي.
تفوهت بها برد غير مقنع له، ولكنه تغاضى حتى ينتبه لصوت المدير العام وهو يهتف بصوته العالي في الجميع:
– لو سمحتوا كلكم تنتبهو معانا هنا، وتركزوا كويس، عدي باشا مش هيجتمع ولا يقطع من وقته المهم لمقابلتكم إلا إذا كان الأمر مهم.
أكمل الرجل ببعض الكلمات ليُخيم الصمت على الجميع، قبل أن ينهض عدي، ليغلق سترته ويتكلم بهيبة ورزانة يجيدها بحنكة اكتسبها على مر السنوات بمرافقة شقيقه الأكبر ووالده في السابق:
-السلام عليكم، انا عارف انكم مستغربين جمعتكم، ويمكن لما تسمعوا بالسبب تستغربوا اكتر إني إديت الموضوع حجم المرة اكبر من كل المرات، عشان اتكلم فيه بنفسي، يا سادة انا مجتمع بيكم عشان اللجنة الأجنبية اللي هتيجي تقيم الفندق على مستوى الشرق الأوسط، أكيد هتقولوا إن احنا كل سنة بناخد مركز متقدم، لكن بقى هقولكم ان المسابقة المرة دي اشرس من كل السنوات مع ظهور فنادق جديدة في بعض البلاد ، عايزة تسحب البساط مننا، لكن المرة دي بقى أنا مصمم ان محدش يسبقنا ولا ياخد مركزنا، بل بالعكس، أنا عايز اننا ناخد المركز الأول، هتقولولي ازاي والمنطقة فيها بلاد متقدمة عننا هقولكم احنا نقدر، ولذلك انا اتفاهمت مع المدير، عشان يحط الخطط، بس كمان قررت اشركم، لذلك انا بطلب من كل واحد فيكم لو عنده اقتراح يقولوا ولا في مشكلة برضوا ينوه عنها عشان نحلها .
خرجت بعض الأصوات ببعض الاَراء ولكنه اوقفها بإشارة منه:
– وصاحب الفكرة اللي تستاهل له عندنا جايزة، علت الهمهات بالترحيب والحماس وارتفعت الأيادي، لينتقي منهم ما يشاء، حتى اذا انتهى من سماع فريق، امر بتسجيل الفكرة او الرأي ثم صرفهم، فريق خلف فريق تباعًا حتى لم يظل سوى بعض الأفراد وقسم شادي الذي كان يتفتت من الغيظ، لجعله ينتظر آخر القائمة، رغم أنه الأحق والأجدر لسماع مقترحاته، غير منتبه على التي كانت تغلي بجواره،
وقال عدي موجهًا خطابه نحوه بعد ان صرف الرجل الذي كان يسبقه:
– وانت يا شادي معندكش افكار انت كمان؟
اجابه على الفور رغم انتقاص الحماس بداخله:
– حضرتك انا اكتر واحد يخصه السؤال ده، بحكم وظيفتي زي ما انت عارف، لو هنتكلم عن الأفكار، ف انا عندي خطط مدونة بالتكاليف وكل شيء، حتى ممكن اقول….
اوقفه بإشارة من يده:
– ثواني يا شادي، انا هسمع واعرف منك اللي انت عايزه، بس الاول بقى عايز اسأل اللي واقفة جمبك دي؟ انتي مين؟
قالها مشيرًا بإصبعه، نفس السؤال الذي كان بالأمس، ولكن هذه المرة واضعًا قدم فوق الأخرى، وهي مجبرة على الرد بكل احترام وتبجيل، على عكس تمردها بالأمس.
سبقها شادي بحمائية:
– حضرتك دي تبقي في القسم بتاعي….
قاطعه بإشارة كفه للمرة الثانية مرددًا بتسلط:
– بسألك، انتي مين؟
ضغطت بداخلها تحاول السيطرة على جنون يتراقص بعقلها، لتهدر به مرددة نفس عبارة الأمس:
– إنت مالك؟
ولكنها تمالكت تسمع لصوت الحكمة، لتجيبه بابتسامة بلاستيكية وثقة تنبع من عزة نفسها:
– انا صبا يا فندم، مساعد الاستاذ شادي في القسم بتاعه.
❈-❈-❈
بغرفة مكتبه في المصلحة الحكومية وعلى الماكت التي يعمل بها كان مندمجًا عليه بتركيز شديد، لتصميم هندسي لإحدى المشاريع المحددة، أجفل فجأة على صيحة انثوية به:
– إنت لسة موجود هنا ومروحتش لوالدتك؟
انتفض ليصعق بوجود شهد أمامه، بعد أن وصلت اخيرًا بعد تحركها السريع عقب اتصال مجيدة بها، لتستقل سيارتها على الفور ، وتذهب بقلقها على المرأة نحو المصلحة التي يعمل بها، بعد أن عرفت بوجوده الاَن، رددت مرة أخرى لتزيد من دهشته:
– في إيه يا بشمهندس؟ بسألك عن الست الوالدة، لسة برضوا مروحتلهاش ولا فتحت التليفون عشان تشوفها؟
قطب يناظرها بعدم فهم ليتمتم متسائلًا:
– انتي بتقولي إيه؟ انا مش فاهم منك حاجة.
قالها ليجفل للمرة الثانية على صيحتها به:
– بسألك عن والدتك التعبانة، دي حتى مش قادرة تقوم من مكانها تجيب برشامة الضغط:
– والدتي انا تعبانة كدة، يا نهار اسود
هتف بها بجزع، ليتناول سترته، ويركض سريعًا ويغادر لحقت به شهد حتى توقف امام سيارته، ليغمغم سائلًا فور ان رأها امامه وهو يفتح باب سيارته:
– انتي عرفتي منين؟ مين اللي قالك ان امي تعبانة؟
ردت شهد وهي تتحرك نحو سيارتها:
– والدتك هي اللي اتصلت عليا، عشان انت مبترودش عليها، وهي وحيدة ومش لاقية حد يساعدها، انت لسة هتنح، متخلص يا عم، خليني امشي بعربيتي وراك عايز اطمن ع الست.
قالت الأخيرة بصيحة جعلته يلج بداخل السيارة على الفور، ولكنه وما هم ان يدير المحرك، حتى تخبط في أفكاره، يشعر ان هناك خطأ ما، فوالدته لم تتصل عليه منذ الصباح!
– إيه هو ده؟ انا مش فاهم حاجة.
غمغم بها قبل ان ينتفض للمرة التي لايذكر عددها، وذلك على الصوت المزعج لبوق السيارة التي خلفه، سيارتها، وهي تلوح له من النافذة لأن يتحرك .
تنهد حسن باستسلام، ليتحرك ويقود سيارته، نحو الذهاب إلى منزل العائلة، ومعرفة ما الذي اصاب واالدته، مع انه يشك بصدق القصة، فبرشامة الضغط تناولتها في الصباح امام عينيه!، إذن ماذا يحدث؟

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وبها متيمم أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى