روايات

رواية وبقي منها حطام أنثى الفصل الرابع عشر 14 بقلم منال سالم وياسمين عادل

رواية وبقي منها حطام أنثى الفصل الرابع عشر 14 بقلم منال سالم وياسمين عادل

رواية وبقي منها حطام أنثى الجزء الرابع عشر

رواية وبقي منها حطام أنثى البارت الرابع عشر

وبقي منها حطام أنثى
وبقي منها حطام أنثى

رواية وبقي منها حطام أنثى الحلقة الرابعة عشر

(( لستُ وَحدك من يُعَاني !
فَعِشقك قد سَلبَ عَقلي وأضنَاني ،
وَهَشم روحي وعبث بأحلامي ،
فَتبقى مِني حُطًــام أُنثَى تُقاسِــي.. ))
التوى ثغر ســـارة بإبتسامة خبيثة وهي تراقب ردة فعل مالك المصدومة حينما أبلغته بخبر خطبة إيثار ..
ضيقت نظراتها لتقول بحزن زائف :
-تؤ.. تؤ .. تؤ يا حرام ، باين مكونتش عارف
ظل مالك على حالته المذهـــولة لوهلة ، مع الفارق أن قلبه كان يُعتصر آلماً ، وروحه تنتزع قهراً من جسده ..
وشـــرد سريعاً في أخــر لقاء جمعه بإيثار …
…………………………………
((( راقب مالك الدرج جيداً من العين السحرية لباب منزله مترقباً بتربص خروج عمرو للعمل ، ولحاق أبيه به ليتسنى له رؤية حبيبته التي حُرم منها ..
وما إن تحقق غرضه حتى أسرع صعوداً عليه ، ولحقت به أخته روان ..
طرقت هي الباب حتى لا تثير الشكوك ، بينما توارى أخيها عن الأنظار ..
فتحت تحية الباب ، واندهشت من وجود روان أمامها ، فتساءلت بنزق :
-روان ! إنتي .. جاية هنا ليه ؟
اضطربت روان لوهلة ، وابتلعت ريقها لتحافظ على هدوئها المصطنع ، ثم ردت عليها متساءلة :
-ممكن أشوف ايثار ؟
ترددت تحية في الرد عليها ، وبدى الوجوم واضحاً على تعابير وجهها ، خاصة بعد أخــر مصادمة حدثت مع العائلتين ، فتلعثمت قائلة :
-بس آآ..
قاطعتها روان بنبرة ودودة :
-مش هاعطلها يا طنط ، أنا بس هاطمن عليها
ضغطت تحية على شفتيها ، وتنهدت بإستسلام :
-طب تعالي جوا
اعترضت روان بغرابة :
-لأ هاشوفها هنا عند الباب
تعجبت تحية من طلبها ، وأصرت قائلة :
-مايصحش ،خشي مافيش حد جوا
ردت عليها روان بتوتر قليل وهي تحاول الحفاظ على ابتسامتها الودودة :
-لأ .. كده أحسن يا طنط ، أنا هاسلم عليها وأمشي
أومــأت تحية برأسها إيجاباً وهي تقول :
-طيب ، لحظة
ثم ولجت للداخل لتستدعي ابنتها ، فإستدارت روان برأسها للخلف ، وأشــارت بإبهامها علامة الانتصار ، فاطمن مالك نوعاً ما ..
بعد ثوانٍ قليلة ، لمحت هي إيثار وهي تقترب منها ، فاحتضنت كلتاهما بعضهما البعض بشوق ..
سـألتها إيثار بنبرة شبه حزينة :
-ازيك يا حبيبتي ؟ عاملة ايه ؟ وآآ…
ردت عليها روان مقاطعة إياها بتفهم :
-أنا كويسة
تنحنحت تحية بحرج ، وأردفت قائلة بهدوء :
-طيب هاسيبكم مع بعض وأشوف الأكل اللي في المطبخ
ردت عليها روان بإبتسامة باهتة :
-خدي راحتك يا طنط
وما إن تأكدت هي من ابتعاد والدة إيثار حتى همست بتلهف :
-طمنينا عليكي يا ريري ؟ انتي كويسة ؟
-إيثار
قالها مالك بنبرة مشتاقة وهامسة وهو يتحرك نحوها
تفاجئت إيثار من وجوده ، وانتابها إحساس مرهف جعل قلبها يقفز طرباً لرؤيته
همست بصعوبة :
-مـ.. مالك !
رد عليها ونظرات الشوق والحب تشتعل من عينيه :
-إيثار .. وحشتني ، عاملة ايه يا حبيبتي ، قوليلي حد آذاكي آآ..
قاطعته قائلة بإبتسامتها الساحرة :
-أنا .. انا كويسة
ســـاد صمت محدود بينهما ، لكن نطقت أعينهما عن مشاعر فياضة ..
راقبتهما روان بأسف ، فكم كانت تود أن تدوم قصة حبهما العذري وتتوج في النهاية بالزواج ، لكن للأسف أفسدتها تلك العقول العقيمة بسبب أفكار بالية ..
مـــد مالك يده ليمسك بكف إيثار ، وهمس لها بجدية وهو مسلط أنظاره المتلهفة عليها :
-إيثار ، أنا بأحبك وعاوزك ، واستحالة أتخلى عنك
شعرت بلمساته الضاغطة على كفها ، فسحبته بحرج منه ، وهمست له بعاطفة واضحة في نبرتها :
-وأنا كمان يا مالك .. بأحبك
أردف هو قائلاً بجدية واضحة في صوته ونظراته :
-أنا مش هاسمحلهم ياخدوكي مني ، احنا نهرب !
فغرت شفتيها مصدومة وهي تردد :
-نهرب !
هز رأسه إيجاباً وهو يتابع بحزم :
-ايوه ، هاخدك ونهرب سوا ونتجوز ونعيش في القاهرة وآآ..
قاطعته قائلة بقلق :
-بس أنا مقدرش أعمل كده
ضاقت نظراته وهو يقول بإنزعاج :
-إيثار هما هيمنعونا عن بعض ، وأنا مش هاسيبك !
شعرت إيثار بمرارة حلقها الجاف ، فازدردت ريقها بخوف ، كانت تتوقع حلاً أخراً غير هذا ، ولكنها تعلم أن إقدامها على تلك الفعلة سيؤدي إلى فاجعة حقيقية بكل المقاييس ، ناهيك عما يمكن أن يحدث لوالدتها وربما إصابتها بسكتة قلبية ، وهي لا يمكن أن تفعل بها هذا ، فهي الوحيدة التي وقفت إلى جوارها
كذلك خشيت أن تبثت بهروبها تلك الشائعات التي تتردد عنها .. لذا لا مفر عن الرفض ..
استجمعت هي رباطة جأشها ، وردت عليه بتوتر وقد تجمعت العبرات في مقلتيها :
-بس .. بس مش بالشكل ده ، أنا .. انا مقدرش أعمل كده في أهلى ، مقدرش أسيبهم وأهرب !
تابع قائلاً بضيق وهو يرمقها بنظراته الجادة :
-أهلك هايبعوكي بالرخيص ، دول .. دول بعدونا عن بعض بالغصب ، وآآ…
قاطعته قائلة بضعف :
-أنا هاقف قصادهم وهامنعهم ، لكن مش هاهرب وأجيبلهم العار
أدرك مالك إنه غير قادر على إقناع حبيبته بفكرته ، لذا تودد إليها بتوسل :
-ايثار أنا عاوزك ليا وبس ! أنا معرفتش الحب إلا معاكي
ردت عليه بتنهيدة حارة :
-أنا ليك يا مالك !
لم تستطع كبح عبراتها من الإنهمار ، فبكت أمامه وهي تتابع بصوت منتحب :
-بس مقدرش أهرب ، سامحني مقدرش !
نكست رأسها في خوف .. وأكملت بكائها الصامت ..
فاستشعر هو حالة التخبط التي تعانيها ، فحاول أن يترك لها مساحة من التفكير لتصل إلى قرار صائب دون أن يضغط عليها ..
كذلك آلمه أن يراها تبكي بحرقة وهو عاجز عن فعل أي شيء من أجلها ..
وبصعوبة بالغة سيطر على انفعالاته ، وأردف قائلاً بهدوء :
-اهدي يا حبيبتي ، وأنا معاكي مش هاسيبك
أومــأت برأسها وهي ترفعها لتنظر إليه بعينيه الدامعتين ..
فأكمل قائلاً بجدية :
-اوعديني انك مش هاتبعدي عني ، وأنا هاعمل المستحيل عشان نكمل مع بعض
ردت عليه بخفوت :
-أوعدك يا حبيبي
هتفت روان قائلة بخوف وهي تتلفت حولها :
-مالك ، حاول تنجز ، أمها ممكن تيجي في أي وقت
استدار نحوها برأسه ، ورد عليها بإيجاز :
-طيب
ثم التفت ناحية إيثار ، وتابع بصوت خفيض ونظراته معلقة بوجه حبيبته :
-ايثار خلي بالك من نفسك
مسحت عبراتها بكفها ، وردت عليه بهمس :
-حاضر .. وانت كمان
ابتسم لها وهو يضيف بتنهيدة مطولة :
-بأحبك يا أحلى حاجة حصلت في حياتي !
ردت عليه بعاطفة صادقة :
-بأعشقك
لكزت روان مالك في اخيها ، وهتفت بقلق :
-مالك يالا
لوح لها قائلاً بكفه وهو يتحرك مبتعداً :
-مع السلامة يا حبيبتي
ودعته إيثار بنظرات أخيرة مطولة وهي تطلق تنهيدات عميقة .. )))
…………………………………
أفـــــاق مالك من شروده على صــــوت الزغاريد العالية ، فتبدل حال وجهه للتجهم ، والعبوس الشديد ..
أضافت ســــارة قائلة بتشفي :
-بصراحة إيثار مش بتضيع وقت ، بتدور على اللي معاه فلوس وترمي شباكها عليه
زادت من نظراتها المحتدة وهي تتابع بتهكم :
-هي لاقيت اللي يدفع أكتر فوافقت عليه ، معلش خيرها في غيرها يا ملوكة
احتقن وجهه بحمرة غاضبة ، ونبض عصب وجهه بشراسة ، ثم تحرك راكضاً ، وبلا وعـــي إلى الأعلى …
…………………………..
مــــد محسن يده ليمسك بكف إيثار ، وجذبه للأمام رغماً عنها ليلبسها خاتم الخطبة ..
جفل جسدها من لمسته الخشنة ، وقفز قلبها رعباً من نظراته الغير مريحة نحوها ..
أشاحت بوجهها بعيداً عنه ، وقاومت بصعوبة رغبتها في البكاء ..
شعوراً قوياً بالخزي سيطر عليها ..
تذكرت وعودها لمالك ، وإصرارها على الحفاظ عليه حتى الرمق الأخير ، ولكنها تراجعت مؤقتاً عنهم لتكسب المزيد من الوقت ليرى أهلها بوضوح نفورها من ذلك السمج ..
انتبه الجميع إلى صوت الدقـــات العنيفة على باب المنزل ، فأسرع عمرو بفتحه ، وتفاجيء بمالك يدفعه للداخل بقوة وهو يلج للصــالة ..
صدم عمرو من رؤيته ، وهتف محتداً :
-إنت بتعمل ايه هنا
كانت نظرات مالك محتقنة للغاية ، وصـــاح بغضب :
-انتو اللي بتعملوا ايه ؟
رد عليه عمرو بنبرة محتدة وهو يلوح بذراعه :
-احنا مش فاضينها سيرة وفسخنا الخطوبة ، اتفضل من غير مطرود
هتف مالك بنبرة عصبية تحمل الإصرار :
-مش هامشي من هنا قبل ما أشوف إيثار
اتسعت مقلتي عمـــرو بغضب جم ، واحتج قائلاً :
-انت اتجننت ؟!
رد عليه مالك بإنفعال :
-ايوه أنا مجنون ، ومش هامشي
ثم اندفع للداخل ليبحث عنها ، وبالفعل وجد إيثار جالسة على الأريكة وهي مطرقة الرأس في غرفة الصالون .. استشعرت هي بقلبها وجوده قبل أن تراه ، فرفعت بصرها نحوه ، ونهضت عفوياً من مكانها وهي تشهق مصدومة ..
التقت الأعين ، وتقابلت الأفئدة ..
رأت هي في نظراته المطولة لها العتاب واللوم .. فعضت على شفتيها بتحسر من خذلانها له ..
وتمنت لو قرأ في عينيها صعوبة وقسوة ما تعانيه بدونه …
وقعت عينيه على الخاتم الذي يزين إصبعها ، فشعر بوخز عنيف في قلبه ..
طعنة غائرة صدمته وأوجعته بشراسة أتته منها ..
بينما كان خاتم محسن يمثل لها حلقة من اللهب والتي أحرقت قلبها وروحها ..
ودت لو انتزعته وألقته في وجهه رافضة تلك الخطبة لكنها كانت عاجزة أمام بطش أخيها وأبيها ..
فهي لا حول لها ولا قوة ..
هب محسن من مكانه وحدجه بنظرات مستعرة وهو يهتف بصوت جهوري غاضب يحمل التهكم :
-في ايه يا عم الحبيب ، أنا مش مالي عينك ، مالك ومال خطيبتي بتبصلها كده ليه
لم يجبه مالك ، بل لمعت عينيه بشدة وهو يســألها قائلاً بحزن :
-ليه يا إيثار ؟
جف حلقها ، وأغرورقت عينيها بالعبرات ، وردت عليه بصعوبة :
-أنا .. آآآ
عجزت عن الرد عليه ، ونكست رأسها قهراً ، فقد اندفع إلى عقلها ذكريات الأيام الماضية مع عائلتها ، وخوفها من تهديداتهم المستمرة بإيذائه في كل ما له صلة به …..
……………………………….
((( خشيت إيثار على مالك من عائلتها ، وتحملت لوحدها ظلمهم ..
لكن ما أرعبها حقاً هو وعيد عمرو لها بتدميره بشراسة إن لم تتراجع عن التفكير فيه وتتخلى عنه للأبد ..
ابتلعت ريقها بمرارة كبيرة ..
كانت الأيام عصيبة عليها ، ظلت تقاوم تلك الخطبة المزعومة بكل السبل
تعرضت للضرب وللإهانة منه ، وتحملت ما لا يطيقه أحد حتى يأس أخيها من موافقتها ..
أهانها والدها ، وأجبرها على الخضوع لأوامره ، لكنها ظلت ثابتة على موقفها ..
ولكن لم يتغير شيء أو تعدل عن قرارها حتى حينما جلست مع محسن ..
فرأت منه الوجــه الخفي المخيف ، ذلك القناع الزائف الذي يضعه على وجهه سقط مع أول لقاء لهما ..
فكشف لها بصراحة عن نيته المبيتة للزواج منها شاءت أم أبيت ..
صدمت من مســألة زيجته السابقة ، واتخذتها ذريعة لرفضه ، لكنها وجدت موقفاً مغايراً من أخيها الذي دافع عنه بإصرار :
-مراته ماتت ، مش نهاية العالم إنه متجوز قبل كده ، على الأقل عارف ومقدر يعني ايه حياة زوجية
صاحت ببكاء وهي تتوسله :
-مش عاوزاه ، مش بأحبه ، ليه مش عاوزين تسمعوني !
رد عليها والدها بنبرة جافة :
-هاتتجوزيه يا إيثار
اعتضرت قائلة بنشيج :
-يا بابا ده أكبر مني ، وآآ…
قاطعها عمرو قائلاً بقسوة :
-فرق السن مش كبير !
رمقت أخيها بنظرات حادة ، وهتفت معترضة وهي تحاول السيطرة على نوبة بكائها :
-أنا معرفش عنه حاجة ، ازاي عاوزيني اتجوزه ؟
رد عليها عمرو بسخط :
-واحنا بنقولك اتجوزيه خبط لزق ، اقعدي معاه ، واديله فرصة
هزت رأسها مستنكرة وهي تقول برفض جلي :
-لأ مش قابلة أشوفه أصلاً ، ده .. ده مش مريح !
أمسك بها عمرو من ذراعيها ، وهزها بعنف وهو يصرخ بها :
-انتي بتتلككي عشان ترفضيه ، بس اللي بتفكري فيه ده مش هايحصل ، ولو حتى متجوزتيش محسن ، مش هاتجوزي مالك مهما حصل !
تألمت من أصابعه المغروزة في ذراعيها بشراسة ، وســألته بصوتها المنتحب :
-طب ليه ؟
تلك المرة أجابها والدها بصوت شبه أسف :
-أنا لو وافقت تجوزيه يبقى بأكد كلام الناس ، وأنا مش هاسيب حد ينهش في لحمي !
بينما أضاف أخيها بصرامة وهو يدفعها بقسوة للخلف :
-من الأخر كده محسن أكتر حد مناسب ليكي ، وجوازك منه هايخرس لسان أي حد يفكر بس يجيب سيرتك ، ده غير إنه هيعرف يعيشك في مستوى كويس ويصرف عليكي ببذخ
لم تتحمل إيثار ما يقوله أخيها ، فصرخت فيه بإهتياج :
-مش عاوزاه ، اتجوزه انت
لم تشعر بيده وهي تهوى على صدغها لتصفعها بعنف وهو يقول بخشونة شرسة :
-الظاهر إن الذوق مش هايجيب نتيجة معاكي
صدمت إيثار مما فعله أخيها ، وتجمدت في مكانها مصدومة منه ..
بينما هبت تحية مذعورة من مكانها ، وصرخت على إثر صفعها :
-بنتي !
أمسك رحيم بإبنه ، ومنعه من الإقتراب منها وهو يقول بجدية :
-عمرو ، استنى
نفخ عمرو بصوت مسموع ، ورد عليه بعصبية :
-انت مش شايف يا بابا دماغها الناشفة
نهره رحيم قائلاً بهدوء :
-بالراحة شوية
هتف عمرو بوعيد وهو يرمقها بنظرات مهددة :
-قسماً بالله لو موافقت لأخليها تتحسر على حبيب القلب
نظرت إيثار لأخيها بإزدراء ، ونفرت من تصرفاته العنيفة معها .. واحتجت بإصرار جدي ورفضت الخطبة علناً ، لكن لم يقابل رفضها هذا إلا بالتعنيف الزائد ..
لم تتناول الطعام ، وضعفت صحتها ، وقاومت حتى أخر نفس فيها ..
توسلت لها والدتها تحية أن توافق مؤقتاً ، وأقنعتها بصعوبة على الإقدام على تلك الخطوة البغيضة معللة:
-حرام عليكي يا بنتي ، محدش هيتأذى إلا انتي ، اتخطبيله كام يوم وبعد كده فركشيها ، بس اللي بتعمليه في نفسك مش هايجيب نتيجة مع حد ، اسمعي كلامي يا بنتي ، اتخطبي كام يوم وسبيه
بكت إيثار بحرقـــة وآسى .. وهمست بوهن :
-مش عاوزاه ، مش بأحبه
أضافت والدتها قائلة بحزن :
-يا بنتي متركبيش دماغك ، أبوكي وأخوكي مش هايرحموكي ، أنتي عاوزاني أموت مقهورة عليكي !
بكت إيثار بمرارة أشـــد وتعالت شهقاتها ، ودفنت وجهها في راحتيها ..
توسلت لها تحية بصوت مختنق :
-وافقي يا بنتي وأنا في ظهرك
أبعدت إيثار كفيها ، وردت عليها بإصرار :
-مقدرش ، أنا وعدت مالك
هتفت تحية بإستنكار :
-ومالك فين دلوقتي ؟ مافيش إلا انتي بس قصاد أبوكي واخوكي ، وهو منعرفش عنه حاجة
كانت والدتها محقة في تلك الجزئية ، فلم ترى مالك أو تعرف عنه شيئاً منذ فترة ، وهذا ما أوجعها أكثر ..
أضافت تحية بخزي :
-وكلام الناس ما بيحرمش !!!!
ردت عليها إيثار مستنكرة :
-أنا معملتش حاجة
هزت والدتها موافقة إياها وهي تقول بصوت خفيض :
-أنا عارفة ، ده أنا اللي مربياكي ، بس الناس كلامها مابيرحمش حد ، والمصيبة إنه جاي من القرايب ، وافقي يا بنتي الله يهديكي ، يومين بس وهاننهيها !
حركت إيثار رأسها نافية بجدية مفرطة :
-لأ
مسحت والدتها على صدغها ، واستعطفتها برجاء :
-يا حبيبتي لو موافقتيش أخوكي هاينفذ تهديده في مالك ، إنتي يرضيكي يتأذى بسببك ؟ طب بلاش كده ، مش اللي بيحب حد بيضحي عشانه
ردت عليها ابنتها بتنهيدة متحسرة :
-دي مش تضحية ، ده انتحار
يئست تحية من إقناع ابنتها ، فعمدت إلى اللجوء إلى وسيلة أخرى لإقناعها ، وهي الإشارة إلى الخطر المحدق بمالك في حال إصرارها على الرفض ، لذا هتفت بنزق :
-يا بنتي ، مالك لسه في أول حياته ، ومش حمل تهديدات أخوكي ولا أبوكي ، ده غير عمك ايده طايلة ، ومش بعيد يخربوا بيته ، ومايبقاش في فرصة خالص إنه يتجوزك !
ازدردت إيثار ريقها بخوف ، وفكرت ملياً فيما قالته والدتها ..
استشعرت تحية وجود بارقة أمل ، فأكمل قائلة بحنو :
-عشان خاطري وافقي ، وبعد كده طلعي القطط الفاطسة فيه ، وأنا هاكون معاكي وهاقف جمبك !
إضطرت إيثار في النهاية أن ترضخ لتوسلات أمها ، ووافقت مستسلمة بإستياء كبير على تلك الخطبة المقيتة ..
لكن على عكس توقعاتها ، كانت موافقتها تعني فتح أبواب الجحيم عليها ، فقد أســـرع عمرو في ترتيب كل شيء بمعاونة محسن لإتمام الزيجة في أقرب وقت ، ولم يتركا لها الفرصة للإحتجاج أو التذمر .. )))
…………………………………
أفاقت إيثار من حزنها على صوت أخيها الذي كان يصرخ بإهتياج :
-اطلع برا أحسنلك ، هي خلاص مش ليك واختارت الأحسن منك
لم يعبأ مالك بصراخه الجهوري ، فقد كان شاغله الأكبر هو حبيبته .. فنظر لها متفحصاً إياها ، وســألها بقوة :
-اتكلمي يا إيثار هما أجبروكي عليه ؟
صـــاح عمرو محتجاً :
-أجبرناها ، إنت متخلف ؟! هي وافقت برضاها
تدخل محسن في الحوار قائلاً ببرود :
-كلمني أنا يا أخ انت !
ســألها مالك بعصبية :
-انتي وافقتي عشانه أغنى مني زي ما أخوكي بيقول ؟
تسارعت أنفاس إيثار وجفل جسدها من كلماته الصادمة ، وتوترت بشدة وهي تحاول الرد عليه :
-أنا آآ…
فركت أصابعها بإضطراب جلي ، وبدت أكثر شحوباً وهي تحاول انتقاء كلماتها بحذر ..
لم يمهلها عمرو الفرصة للرد ، فنطق بتهور :
-شوف يا ابن الناس ، اختى وافقت على راجل ملو هدومه هيقدر يصرف عليها ويعيشها ملكة في بيتها ، وده مش عيب
بينما أضاف محسن قائلاً بنبرة مهينة وهو يرمق مالك بنظرات إحتقارية :
-أومال يعني كنت عاوزاها تتخطب لواحد زيك فقري مش لاقي يأكل نفسه !
تابع عمرو قائلاً بسخط :
-بالظبط ، لاقيت اللي يستاهلها ويقدرها ، مش واحد آآ…
لم يصدق مالك ما تفوه به الإثنين ، وبدى على وشك الإنفجار فيهما ، فقاطعهما قائلاً بنبرة عنيفة :
-اللي بيقولوه ده حقيقي ؟
ابتلعت ريقها بخوف ، فقد كانت هي الأخرى مصدومة ، وأجابته بتلعثم :
-مـ.. مالك ، أنا آآ…
قاطعها محسن قائلاً بجمود :
-هو انت شغال في مكتب (( …)) ، بإشارة مني لواحد من معارفي أنا ممكن أضيعك وأنسفك !
شهقت إيثار مذعورة من تهديد محسن الصريح لمالك ، ونظرت له شزراً ..
رد عليه مالك بتحدٍ سافر :
-متقدرش
التوى ثغر محسن بإبتسامة خبيثة وهو يقول :
-انت مجربتنيش !
اشتعلت نظرات مالك ، وأصبحت نبرته أكثر عنفاً وهو يرد قائلاً :
-وريني هاتعمل ايه !!!!!
شعرت إيثار بأن الجميع على حافة الإنهيار ، وان الوضع قد تأزم للغاية ، وأن مالك بات مهدداً ليس من قبل أخيها فحسب ، بل من محسن أيضاً ، ففزع قلبها خوفاً عليه .. فهتفت بنبرة مرتعدة وهي ترمق مالك بنظراتها الباكية
-مالك ، من فضلك ، امشي الوقتي
صاح بها مالك بغضب وقد ضاقت نظراته نحوها :
-مش هامشي قبل ما تردي عليا !!!
رأت إيثار الشرر المستطر في نظرات أخيها ، وتحفزه للإنقضاض فوراً على مالك ، فهتفت متوسلة ببكاء حارق :
-مالك ، أرجوك ، مش هاينفع ، امشي عشان خاطري
أصر قائلاً بعصبية :
-أنا عاوز أسمعها منك ، انتي وافقتي برضاكي عليه ؟
ابتلعت ريقها ، وأجابته بصعوبة وبنبرة مرتجفة :
-آآ… ايوه
اتسعت حدقتيه بصدمة كبيرة ، واكتست تعابير وجهه بالخزي والإنهيار ..
لقد طعنته في ظهره طعنة غائرة .. لم يتوقعها على الإطلاق ..
أنهت بكلمتها المقتضبة حبهما ..
لم يتوقع منها هذا الرد المفاجيء والموجز …
حاولت إيثار أن تبرر له ، فخرج صوتها مذعوراً وهي تقول :
-بص ، أنا هافهمك بعديــ ..آآآ…
قاطعها بصراخ صــــــارم :
-ششش ! مش محتاج تقولي مبررات ، إنتي فعلاً ماتستهليش إن الواحد يضحي بنفسه عشانك ، إنتي أرخص من إني أفكر فيكي ، أنا لو ندمت على حاجة عملتها في حياتي فهو إرتباطي بيكي من الأساس ، إنتي غلطة مش هاكررها في حياتي
شهقت من كلماته القاسية التي أدمت قلبها فوراً ، وإنهمرت عبراتها بغزارة أشد ..
حدجها مالك بنظرات أخيرة احتقارية ومهينة ، ثم أولاها ظهره ، وانصرف مسرعاً .. فصرخت بشهقة عميقة :
-مالك استنى
حاولت اللحاق به ، وأيقافه ، ولكن قبض عمرو على ذراعها ، ومنعها من التحرك ، وكز على أسنانه قائلاً بغلظة :
-رايحة فين ، اقعدي مع خطيبك !
تلوت بذراعها محاولة تحريره من قبضته الشرسة ، ولكنها عجزت عن هذا ..
وقف محسن قبالته ، وهز رأسه وهو يقول ببرود :
-سيبها يا عمرو ، برضوه الكلام كان جامد عليها !
رمقت هي الاثنين بنظرات نارية إحتقارية ، وصاحت بجنون :
-حرام عليكو ، حرام !!
أرخى عمرو قبضته عنها ، فركضت إيثار نحو غرفتها وهي تدفن وجهها في راحتيها ..
أسرعت والدتها خلفها ، وهي تصيح بها بأسف :
-بنتي
أشــــار رحيم إلى ابنه بجدية وقد عبس وجهه بشدة :
-لم المهزلة دي يا عمرو
أجابه قائلاً بإمتعاض:
-حاضر يا بابا
تابعت ســـــارة ما يحدث بتشفٍ كبير .. وعقدت ساعديها أمام صدرها .. وتغنجت بجسدها بدلال وهي تردد لنفسها :
-تستاهلي يا إيثار ، ولسه ، أنا هاخلي الكل يكرهك !
………………………….
عــــاد مالك إلى منزله وهو يجر أذيال الخيبة والحسرة .. فلم يكن يتصور أن حبيبته التي تربعت على عرش فؤاده قد تخلت عنه مقابل شخص أكثر مقدرة مادية منه ..
كان هائماً على وجهه ، الظلام والحزن مسيطران على نظراته ..
كانت عمته ميسرة في انتظاره ، وشهقت مذعورة حينما رأته على تلك الحالة البائسة ..
أسرعت نحوه ، وضمته بذراعيه وهي تقول بحنو :
-ابني !
لم يمنع مالك نفسه من البكاء ، بل إنتحب بأنين مرير وهو يرد عليها :
-باعتني بالرخيص يا عمتو ، سابتني
ربتت على ظهره بحنو ، وهمست له بعاطفة :
-اهدى يا حبيبي
رفع رأسه لينظر نحوها ، وتقطع صوته وهو يتابع بنبرة مخذولة :
-أنا .. أنا كنت فاكر إنها هتستناني
هزت رأسها مستنكرة ما يقوله ، وأضافت بحذر :
-متظلمهاش
تفاجيء من كلمتها الأخيرة ، وردد بلا تصديق :
-أظلمها
بررت قائلة بهدوء :
-انت مش عارف ممكن يكون أهلها عملوا فيها ايه !
بدى واجماً للحظة ، فأكملت برجاء :
-اديها فرصة
تحرك مبتعداً عنها وهو يقول بغضب بعدما تجسد أمام عينيه طيف الخاتم الذي يزين إصبعها :
-لأ .. هي قالت بنفسها انها وافقت عليه برضاها
فغرت شفتيها قائلة :
-ايه ؟!
تابع مالك قائلاً بمرارة واضحة :
-هي باعتني للي دفع أكتر
همست لنفسها مواسية :
-لا حول ولا قوة إلا بالله
صـــاح مالك بإنفعال شرس :
-أنا بأكرهها ، بأكرهها على أد حبي ليها !
حضرت روان إلى غرفة أخيها على إثر صوته المتعصب ، ووضعت يديها على فمها وهي تقول بخوف :
-يا ربي !!
أكمل مالك بصعوبة وهو ينتحب :
-أنا كنت مستعد أموت نفسي عشان اعملها اللي نفسها فيه ، بس طلعت ماتستهلش ، خدت كل حاجة مني في لحظة !
أدمعت عيني روان تأثراً به ، وهمست بصوت مختنق :
-مالك
رفع هو رأســـه عالياً بشموخ ، وهتف بقساوة :
-أنا هنساها ، هي أكبر غلطة ونقطة ضعف في حياتي
اقتربت منه عمته ، ووضعت يدها على كتفه بحذر ، وهمست بتردد :
-اهدى يا حبيبي
وقعت أنظاره على آلته الموسيقية ، فتحولت نظراته للشراسة .. فهي تذكره بها ، وألحانها التي كانت تصدر عنها كانت من أجلها ..
بلا تفكير ، اندفع كالمجنون نحوها ، والتقطها بيده ، ثم رفعها عالياً في الهواء ، وهوى بها على حافة الفراش عدة مرات ليحطمها إلى أجزاء صغيرة ويحطم معها قلبه الذي استسلم لحبها ..
وضعت ميسرة يديها على فمها لتكتم شهقاتها المصدومة
ووقفت روان على عتبة الغرفة تراقب ما يحدث بأعين تفيض من الدمع ..
ركضت هي نحو أخيها واحتضنته بقوة ، وبكت في صدره متأثرة بما حدث له ، بينما تجمد هو في مكانه لوهلة ، وهو ينهج بصدره الغاضب ، وبصعوبة بالغة سيطر على انفعالاته ..
……………………………..
لم تتوقف ســـــارة عن تسميم أفكار عائلة مالك عن نوايا إيثار الخبيثة في الإيقاع بالعريس المناسب من أجل المال ..
واستغلت خطبتها السابقة لشريف في مليء رأس العمة ميسرة بهذا اللغو الفارغ ..
لم تصدقها الأخيرة ، وظنت أنها تحمل في قلبها حقداً نحوها ، و لهذا تتفوه عنها بتلك الأكاذيب ، ولكن كان مالك على النقيض .. فقد رأى بعينيه شريف في مكتب المحاسبات الذي يعمل به حينما كان يقضي بعض المعاملات التجارية ، وتفاجيء به يلقي الأقاويل عنها ..
لم يصدق أذنيه حينما أبلغه بسعيها هي وعائلتها للبحث عن الزوج الثري الذي ينتشلها من مكانتها ، وأنها عاشقة للمال ، وتستغل براءتها وطيبتها الزائفة للإيقاع بالمغفلين أمثاله …
ربط مالك ما قاله شريف بذكرى رؤيته له أول مرة ، وتذكر خوفها الكبير من رؤيتها إياه بصحبته.. فظن أنها كانت خائفة من فضح أمرها أمامه ، وإظهار حقارتها وحبها للمال .. وليس كما أخبرته ..
اعتصر قلبه آلماً على ضعفه وحبه لها .. وزاد بغضه لكل ما يتعلق بها ..
……………………………………
مـــرت الأيـــام على إيثار وكأنها أدهـــر ، لم تشعر بفرحة العروس ، ولا ببهجة الخطبة ..
وكانت تســاق كالمغيبة في كل لقاء يجمعها بمحسن الذي لم تتقبله على الإطلاق .. وأصرت على حضور والدتها معها حتى لا ينفرد بها ..
أشفقت تحية على ابنتها ، وودت لو استطاعت أن تهون عليها الأمر ، وتجعلها تتقبل وجود خطيبها الحالي في حياتها خاصة أنها لم تجد فيه ما يعيبه .. لكن لم تستطع .. فابنتها كانت وفية لعهد الحب …
ظل محسن يحكي بفخر عما ينتوي أن يفعله من أجلها ، وهي لم تعبأ بما يقول ..
كانت تستثقل لقائهما .. وتعد اللحظات لكي تعود إلى منزلها ، فترتمي في أحضان وسادتها وتبكي حالها البائس ..
لم تفارقها عبراتها ، وذبل وجهها بصورة واضحة ، وتشكلت الهالات السوداء أسفل عينيها .. وبدت أكثر إرهاقاً ..
كانت سلواها الوحيدة هي خواطر مالك الشعرية .. فكانت ككنزها الثمين الذي يهون عليها ما أدمى قلبها وفطره ..
ما زاد من حزنها هو انقطاع ألحان مالك الشجية و التي كانت تخترق ضلوعها لتصل إلى قلبها .. فتذوب معها فتعيش في أحلامها الوردية ..
لكن بات هذا مستحيلاً في الوقت الحالي ، فهي لم تسمع منه لحناً واحداً لليالٍ طوال ، وكأنه يعاقبها لخيانتها حبهما الطاهر ..
لم تعد إيثار تتحمل البقاء في المنزل أكثر من هذا ، وخاصة حينما اقترب ميعاد الزفـــاف ، فزادت خنقتها ، وشعورها باليأس ..
إحتاجت هي إلى مكان تختلي فيه بنفسها ، مكاناً تستعيد فيه ذكرياتها لمرة أخيرة قبل أن تدفنها في صدرها للأبد .. فتحججت بحاجتها لشراء بعض اللوازم الخاصة لتحصل على فرصة للذهاب إلى مكانها المفضل ..
وبالفعل سمح لها والدها بالذهـــاب ..
ســــارت إيثار بخطوات ثقيلة نحو تلك البقعة المميزة في ( الكورنيش ) وجلست عليها
تنهدت بعمق وهي تحدق في أمواج البحر المتلاطمة ..
ترقرقت عينيها بالدمـــوع ، وشهقت دون مقاومة ، فسيل ذكرياتهما وضحكاتهما العذبة زاد من الأمــر سوءاً وحطم فؤداها أكثر ..
أغمضت عينيها لتمنع عبراتها من الإنهمــار ..
لكن هواء البحر المرطب لم يكن في صفها ، وساعد في ذرفها للعبرات المريرة …
ابتلت وجنتيها بغزارة .. ورددت مع نفسها بحسرة :
(( شَكَوتُ لموجِ البَحرِ أَحزَاني ،
لَعَله يَذهب إِليك ، وُيُبلِغ عَنِي أشوَاقِي
فَتَعود مُسرعاً لأحضَاني وملبياً لِندَائي ..
ولكني بِتُ وَحِيدة ، وَ أسِيرَة آمَالِي .. ))
-إيثار !
قالها مالك بنبرة مصدومة ، ففتحت هي عينيها فجــأة ، وأدارت رأسها في إتجاهه لتحدق فيه بعدم تصديق
ظهر شبح ابتسامة خفيفة على ثغرها وهي تراه أمامها ..
رمشت بعينيها عدة مرات ، وهي تهمس له بصوت مختنق :
-مالك
صدمت أكثر حينما باغتها بسؤالها بنبرة أقرب للقسوة وقد تحولت نظراته للإظلام :
-ايه اللي جايبك هنا ؟
اضطرب جسدها ، ودبت في أوصالها قشعريرة قوية ، وإرتبكت وهي تحاول إجابته :
-أنا .. أنا
قاطعها بصوتٍ قاسٍ :
-معندكيش طبعاً اللي تقوليه !
ابتلعت ريقها ، وتوسله برجاء :
-مالك ، أرجوك اسمعني ! اللي حصل كان غصب عني وآآ..
قاطعها بنبرة صـــارمة :
-متقوليش حاجة
أضافت قائلة بإصرار وقد زاد لمعان عينيها :
-إنت .. إنت مش عارف عمرو كان ممكن يعمل فيك ايه لو مكونتش وافقت على الجواز من محسن !
صاح فيها بغضب مخيف :
-اخرسي ماتنطقيش اسمه قدامي
جفلت إيثار من صراخه ، وإرتعشت من نظراته القاتمة ، فهتفت بتلعثم :
-مـ.. مقصدش ، بس والله خوفت عليك منه ، صدقني !
التوى ثغره بإبتسامة متهكمة وهو يردد :
-بجد خوفتي عليا ، لأ حقيقي إنتي ممثلة هايلة ، عاوزة تعيشي على طول في دور الضحية ، والباقي كله ظالم ومفتري !!
شعرت بوخــــز قوي في صدرها من عباراته اللاذعة .. وزاغت أبصارها وهي تتابع حديثه المرير :
-أنا كنت مستعد أعمل أي حاجة عشانك ، بس الظاهر كلام الناس عنك صح
ســألته بهلع وقد تجمدت أنظارها عليه :
-تقصد ايه ؟
رد عليه بسخط وهو يرمقها بنظرات مهينة من رأسها لأخمص قدميها :
-انتي بتبيعي نفسك للي يدفع أكتر ومش مهم عنك تكسري قلب مين !
وضعت إيثار يدها على صدرها ، وكورتها في غضب ، وهزت رأسها مستنكرة ما يقوله ، وصاحت بنبرة مرتبكة :
-انت غلطان ، أنا مش كده
أضاف قائلاً بحنق :
-أنا كنت غبي وعبيط وصدقتك
إنهمرت عبراتها قهراً ، وهتفت محتجة :
-حرام عليك ، إنت مش عارف حاجة
اقترب منها خطوة ، فرأت في عينيه قساوة غريبة ..
نعم لقد تبدلت نظراته الحانية الشغوفة إلى نظرات حانقة مميتة ..
انتفضت فزعة في مكانها على صوته وهو يقول بنبرة آلمتها للغاية :
-ومش عاوز أعرف ، بس هاقولك حاجة أخيرة ، على أد ما أنا حبيتك على أد ما أنا كرهتك !
ارتجفت شفتيها وهي تهمس بإسمه :
-مــ.. مالك
صرخ فيها بصوت هـــادر أرعبها :
-ماتقوليش اسمي ، سامعة !
نكست رأسها بحزن .. وأغمضت عينيها بقوة ..
تابع هو قائلاً بإهانة وهو يرمقها بنظرات إزدراء :
-إنتي أرخص من إني أزعل عشانك ، أو أضيع مستقبلي وحياتي على واحدة زيك
ضمت يديها إلى صدرها ، وبكت بأنين خفيض وهي تستمع إلى عتابه القاسي ..
هي لم تفعل ما يستحق هذا
هي حاربت من أجله لوحدها ..
ولكنها لم تستطع الصمود أمام بطش عائلتها ..
أكمل قائلاً بنبرة جافة تحمل الشراسة :
-عارفة ! أنا هنساكي ، أيوه هادوس على قلبي ، وهأمحيكي من حياتي ، إنتي هاتكوني مجرد ماضي أليم هتنسى مع الزمن !
شهقت إيثار بصوت مسموع ، وزادت خنقتها ..
شعرت بأن الدنيا قد أظلمت من حولها ..
أنها خسرت كل شيء في لحظة
إحساسها ، قلبها ، مشاعرها ، حبها ، قلبها ، واخيراً حريتها ..
لكن لم يكف مالك عن توبيخها بكل قسوة لديه ، فأضاف بصوت قاتم أخير :
-إنتي هاتبقي مش اكتر من واحدة عرفتها ونسيتها !
ثم رمقها بنظرات أخيرة احتقارية قبل أن يتركها وينصرف لتنهار في مكانها باكية على رحيل أخـــــر ما تبقى من حبها .. للأبد ………….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وبقي منها حطام أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى