رواية وبالعشق أهتدي (ميراث الحرب والغفران 2) الفصل العاشر 10 بقلم ندى محمود توفيق
رواية وبالعشق أهتدي (ميراث الحرب والغفران 2) البارت العاشر
رواية وبالعشق أهتدي (ميراث الحرب والغفران 2) الجزء العاشر
رواية وبالعشق أهتدي (ميراث الحرب والغفران 2) الحلقة العاشرة
تسمرت بأرضها كالصنم وظلت تحدق بزوجها وهي جاحظة العينين لا تستوعب ما فعلته للتو، منظر الدماء وهي تسيل من رأسه على الأرض زاد من دقات قلبها وخوفها وبدأت أوصالها ترتعش رعبًا، تقدمت خطوة نحوه بقدم مرتجلة وانحنت عليه تمد يدها بخوف لتهزه وهي تهتف بصوت باكي:
_سمير رد عليا.. سمير أنا مكنش قصدي والله ومعرفش عملت إكده كيف
عادت تهزه مرة أخرى ولكن بعنف صائحة ببكاء هستيري:
_سمير متموتش ابوس يدك
توقفت عن البكاء بعد لحظات وهي تحدقه بأعين مرتعدة وحائرة، دار بعقلها ألف سيناريو مرعب جعلها تتقهقهر للخلف بعيدًا عنه وكأنه داء تحاول حماية نفسها منه، بعد وقت من التفكير المشتت استمعت لصوت واحد في عقلها يصرخ ويلك عليها دون توقف، حيث هبت واقفة وركضت لخارج الغرفة متجهة لغرفتها وأخرجت الحقيبة وبدأت في جمع ملابسها ولم تترك سوى القليل فقط لكنها أخذت كل ما ستحتاجه وبسرعة عادت له سريعًا والتقطت هاتفه ولحسن الحظ أنها كانت تعرف الرقم السري للهاتف وفتحته ثم أرسلت رسالة لفتاته تطلب منها باسمه أن تأتي له فورًا مرفقة معها عبارة أنه يحتاجها بشدة والأمر عاجل، القت بالهاتف بجواره ومظت يدها لرقبته تتفقد نبضه فوجدته طبيعي أي أنه فاقد الوعي فقط، حمدت ربها وبسرعة استقامت وأخذت حقيبتها واشيائها وغادرت المنزل وهي تركض على الدرج وتتلفت حولها خوفًا من أن يلمحها أحد.
حمدت ربها أنها وصلت لبوابة البناية دون أي عوائق وظلت تسير بالشارع وسط الظلام شبه ركضًا وهي لا تعرف إلى أين وجهتها وماذا ستفعل في هذا الليل، فقط كانت تتبع صوت عقلها الذي يصرخ عليها دون توقف أن تهرب لأبعد نقطة ممكنة عن ذلك الوحش، كانت تعبر الشارع ولم تنتبه للسيارات من فرط زعرها وارتباكها ولم تفق من غياب عقلها إلا عندما وجدت نفسها على الأرض بعدما صدمتها سيارة.
***
داخل منزل ابراهيم الصاوي تحديدًا بغرفة الجلوس الصغيرة بالطابق الثالث حيث المكان المفضل لعمران……
كان يجلس على الأريكة بجوار النافذة ويلقي بعينيه للخارج وهو شارد الذهن يفكر في ذلك اللقاء المزعج الذي حدث بالوكالة مع صابر، أكثر ما يقلقه معرفته أن ذلك الرجل خطير حقًا وقد يفعل أي شيء وتهديده لن يذهب سدى بالتأكيد، لكن قلقه الأكثر لم يكن على نفسه بل على عائلته وزوجته، ماذا إذا حاول إلحاق الأذى بهم؟.. أو حاول استغلال وجودهم ليجعله يخضع له؟.
الف سؤال وفكرة كانت بعقله ولكن مازالت الحيرة تستحوذه ولم يصل لأفضل قرار أو طريقه تمكنه من التخلص من ذلك الرجل أو حتى تفادي شره، أكثر شيء يعرفه الآن أنه يجب أن يأخذ حذره جيدًا حتى يتسنى له تنفيذ خطة جيدة يتعامل بها مع الوضع.
وسط شروده التام انفتح الباب ودخلت آسيا بخطوات هادئه بعد أن أغلقت الباب خلفها مجددًا، تحركت نحوه بتريث وجلست بجواره على الأريكة تتطلع له بتعجب من عدم انتباهه لوجودها وقالت بلهجة قوية حتى ينتبه له ويفق من شروده:
_عــمــران
التفت له ورمقها بأعين تائهة ومندهشة من وجودها أمامه، فسألته باهتمام:
_سرحان في إيه إكده؟
هز رأسه لها بالنفي في تعبيرات وجه مقتضبة وقال بشدة:
_ولا حاچة أنتي إيه اللي چابك.. في حاچة ولا إيه؟
انزعجت من أسلوبه الجاف لكنها تجاهلت وردت عليه بجدية تامة:
_چيت اقولك أني عاوزة لفريال وچلال بكرا بيتهم الچديد اباركلهم وكمان عشان انزل أنا وهي بعدين نروح نشتري هدوم العيل
حصلت على الرد منه بالصمت التام وهو يحدقها بنظرات غامضة لم تفهمها، ثم سمعته يجيب أخيرًا بعد ثواني طويلة من السكون وهو يهتف بنبرة رجولية غليظة:
_لا متروحيش
ضيقت عيناها باستغراب وقالت في ضيق:
_مروحش ليه؟!
عمران بغضب بسيط ولهجة لا تقبل النقاش:
_من غير ليه.. كلمة واحدة يا آسيا قولت مفيش طلوع يبقى مفيش ومن غير نقاش
تمكن منها الغيظ وتحول وجهها كله لكتلة من الدماء الحمراء فراحت تهتف بانزعاج شديد:
_وأنا عاوزة اعرف السبب.. مش عاوزني اروح ليه وبتكلمني إكده ليه؟!!
اشاح بوجهه بعيدًا عنها وهو يتأفف بقوة ويمسح على وجهه مرددًا بنفاذ صبر:
_لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. انتي متعرفيش تقولي حاضر واصل لازم تعاندي وتنرفزيني عليكي!
هتفت مغتاظة وبشجاعة دون خوف منه:
_أنا مش بعاند انا بسألك على السبب لكن أنت اللي مش طايق ليا كلمة
عمران بعصبية وهو مازال ينظر للجهة الأخرى بعيدًا عنها:
_طيب أنا مش طايق ليكي كلمة ارتحتي إكده، بلاش عند عاد واسمعي الكلام من غير رط
امتلأت عيناها بالدموع وهي تتمعنه بعتاب شديد وقهر، ثم استقامت واقفة وقالت له بصوت مبحوح:
_ماشي ياعمران هسمع الكلام، الحق عليا أني كنت ناوية اعتذر منك ونتصالح وانسى اللي عملته معايا.. بس أنا اللي غلطانة اني اتنازلت عشانك.. ومعلش يامعلم أنا آسفة ازعچتك وصدعتك بالرط بتاعي
أنهت عباراتها واندفعت لخارج الغرفة مسرعة تتسارع مع دموعها التي تنهمر فوق وجنتيها بغزارة، بينما هو فظل يتأفف ويزفر بخنق مستغفرًا ربه.
***
داخل منزل خليل صفوان…..
كان علي يجلس بالخارج على الأريكة العريضة وحديث جده حمزة وغزل يصل لمسامعه وهي تهتف بإصرار للجد:
_ياجدو أنا عايزة ارجع لدادي
حمزة أجابها بحدة:
_ترچعي كيف يعني ياغزل أنتي لسا چاية من كام يوم وبعدين أبوكي بنفسه هو اللي چابك إهنه وانتي عارفة السبب
لوت فمها بغيظ عندما تذكرت قرار والدها بالزواج مرة أخرى بعد سنين طويلة قضاها وحيدًا يهتم بها وبعمله فقط بعد وفاة والدتها منذ صغرها، وبسبب الخلافات الشديدة التي حدثت بينهم اقترح عليها أن تذهب لعائلة أمها بمصر حتى تهدأ قليلًا وترفه عن نفسها وهي وافقت، لكنها لم تعد تريد البقاء هنا أيضًا بعدما عرفت بكل شيء.
هتفت غزل برجاء وخنق:
_ياجدو خلاص أنا هرچع وهقعد مع دادي بس مش حابة اقعد هنا تاني
اقترب منها حمزة وهتف برزانة وحزن:
_ليه بس يابتي قوليلي لو في حد ضايقك وأنا ابهدلك الكل إهنه، لو “علي” ضايقك ولا حاچة قوليلي متخافيش وليكي عليا اخليه يچي دلوك ويعتذر منك
سمع ” علي ” صوتها من الداخل وهي تهتف بنبرة شبه مرتفعة قليلًا ومغتاظة عند ذكر اسمه:
_وأنا هخاف ليه منه الكائن ده، وهو ميقدرش يعملي حاچة ولا يضايقني اصلا.. مين “علي” ده عشان أخاف منه
رفع حمزة حاجبيها باستغراب من انفعالها الغريب فجأة بمجرد ذكر اسم “علي” ولكنه لم يعقب ورد عليها بلهجة حازمة لا تقبل النقاش:
_يبقى خُلص الكلام ومتفتحيش عاد موضوع السفر ده تاني أنا لسا ملحقتش اشبع منك، أنتي إهنه فوق راسي وراسنا كلنا ومفيش حد يقدر يزعلك بكلمة
تنهدت الصعداء بقلة حيلة وامتعاض، ثم ردت على جدها بابتسامة متكلفة:
_thanks ياجدو
حمزة بابتسامة دافئة وهو يسألها بترقب:
_يعني خلاص مش هنفتح الموضوع ده؟!
هزت رأسها له بالإيجاب على مضض بينما هو فتهللت اساريره واقترب منه يلثم رأسها بقلة دافئة، وتوقفت هي بعدها تقول برقة:
_عند اذنك ياجدو أنا هطلع اوضتي محتاج حاجة مني؟
حمزة بحب صافي:
_لا ياحبيبتي عاوز سلامتك
ابتسمت له ثم استدار وغادرت الغرفة وبينما كانت في طريقها للأعلى حيث غرفتها وبعدما صعدت اولى درجات السلم أوقفها صوت رجولي أصبحت تحفظه عن ظهر قلب:
_غزل!
قلبت عينيها متأففة بخنق ووقفت دون أن تلتفت له، حتى سمعت خطواته من الخلف وهي تقترب منها فاستدارت مجبرة وهي تحدقه بقوة هاتفة:
_what ?
كان أمامها مباشرة ويتمعن في عينيها بنظرات ثاقبة قبل أن يسألها بنبرة لمست بها الفضول والاهتمام:
_اتتي عاوزة ترچعي أمريكا ليه؟
ابتسمت بتهكم رغم اندهاشها من سؤاله واهتمامه من الاساس لكن ذلك لا ينفي حقيقة أنها أصبحت تبغضه أكثر بعدما عرفت بحكايته مع شقيقته، ردت عليه بنبرة فظة:
_شيء ميخصكش اعتقد!
استشاط ” علي ” غيظًا منها وقال بصوت محتقن:
_لا يخصني وإذا كان عاچبك، والمفروض من الاحترام لما اتكلم معاكي وأسألك باحترام تردي بالمثل
ضحكت بسخرية شديدة منه وهي تتكون بصوت منخفض لكن وصل لمسامعه:
_الاحترام.. ده على أساس أنك أنت كنت تعرفه أوي!
على بلهجة صارمة وغاضبة:
_بصي في وشي ومتبرطميش وقولي اللي عاوزة تقوليه
ثبتت نظرها على وجهه بتحدي وقالت ببرود مستفز:
_بقول يخصك بصفتك إيه.. أنت مين أصلًا عشان تقولي اعمل إيه ولا معملش إيه أو البس إيه وملبسش إيه
جز على أسنانه يحاول تمالك أعصابه حتى لا ينفعل عليها، ثم هتف:
_هو حتى لما نتكلم بأدب وهدوء مش عاچب
غزل بانفعال وحقد شديد:
_حابب تعرف ليه عايزة امشي، عشان مش عايزة اقعد في البيت هنا بعد كل اللي عرفته، واحد معدوم الرحمة والإنسانية ومريض سايب أخته لبني آدم مريض تاني بيعذبها وهيخلص عليها بس عشان غلطت غلط وندمت عليه وهو مش فارق معاه حتى يحاول يساعدها
ترقبت ردة فعله بعد عباراتها فوجدته ساكن لكن وجهه كله محتقن بالدماء وعيناه مظلمة، وعندما اندفعت للأعلى تكمل طريقها وجدته يسرع خلفها ويجذبها من ذراعها صائحًا بهازن وعي:
_الكلام اللي عرفتيه ده محدش يعرفه واصل يعني اياكي تقولي لحد خلود اتچوزت ليه، الكل عارف أنها اتچوزت عادي كيف ما البنات كلها بتتچوز، حذاري تچيبي سيرة لحد
رغم الألم الذي يجتاح ذراعها من قبضته عليها إلا أنها قالت ساخرة باشمئزاز:
_ليه عشان خايف على الفضيحة زي ما بتقولوا لكن هي مش مهم ترموها لإنسان مريض يموتها ولا يعذبها عادي
لا إراديًا ضغط بأصابعه على ذراعها بقسوة شديدة كادت إن تهرس لحمها فصاحت به بألم وعينان دامعة:
_آاااه سيب إيدي أنت إنسان متوحش ومش طبيعي
ترك يدها فورًا بعدما فاق من حالة الهياج التي كانت تستحوذه فوجدها تندفع نحو غرفتها وهي تبكي بحرقة، فتأفف بضيق واندفع نحوها ينادي عليها لكن دون رد منها، لحقها قبل أن تدخل غرفتها وقال بلهجة مختلفة تمامًا وهو يعتذر منها لأول مرة:
_أنا مكنش قصدي اوچعك متزعليش
انفجرت به صائحة بحرقة وهي تدخل غرفتها وتغلق الباب في وجهه:
_متتكلمش معايا تاني أبدًا واعتذارك مش مقبول
كاد أن يجيبها محاولًا الاعتذار مجددًا لكنه اصطدم بالباب الذي اغلقته بوجهه وصيحتها من الداخل وهي نعته:
_انسان بربري وهمجي!
لا يعرف كيف ظهرت البسمة لا إراديًا على ثغره بعد الإهانة التي سمعها للتو منها وهو يتمتم متوعدًا لها بمتعة:
_طب حتى غيري الشتيمة.. كل ما تتعصبي تبرطمي بنفس الكلمتين.. انا هخليكي تشوفي البربري على حق ياغندورة
***
فتحت عيناها بصعوبة على صوت رجولي قوي يقف فوق رأسها ويهتف بزعر:
_يا آنسة.. يا آنسة انتي كويسة
رفعت رأسها له ورأت شاب طويل البنية ينظر لها بارتيعاد وفور رؤيته لها تفتح عينيها هتف باهتمام:
_انتي كويسة اوديكي المستشفى
اعتدلت خلود واقفة وهي تمسك برأسها بألم وتهز رأسها له بالنفي في صوت ضعيف هامسة:
_لا لا أنا كويسة
ثم أخذت تتلفت حولها بزعر وهي تهتف بهلع:
_شنطتي وين.. شنطتي؟!
ضيق عينيه بتعجب.. هل تبحث عن شنطتها بكل هذا الاهتمام وهي صدمتها سيارة للتو!.. تقدم إليها خطوة يحاول تهدأتها وهو يتمتم بلطف بعدما حمل شنطتها ووضعها أمامها:
_اهي الشنطة اهدي.. انتي متأكدة إنك كويسة.. تعالي نروح المستشفى ونطمن
جذبت الحقيبة من يده وهي تهز رأسها بالنفي له في تعبيرات مرتعدة وتتلفت حولها خوفًا من أن يلمحها أحد وبالأخص أحد معارف زوجها، أجابته وهي تهم بالرحيل رغم الدوار الذي يداهمها إلا أنها تحاملت على نفسها فاوقفها هو بصوته الرجولي الغليظ:
_طيب استنى رايحة فين تعالي اوصلك
خلود بالرفض القاطع:
_لا شكرًا مش عاوزة
اسرع خلفها ليوقفها مجددًا فقد تأكد أنها بها شيء وربما تحتاج مساعدته خصوصًا بعدما صدمها بسيارته، هتف لها برجاء:
_مش هتلاقي مواصلات ولا عربيات دلوقتي.. من فضلك وافقي وخليني اوصلك واهو على الأقل اتلافي اللي حصل من شوية وإني خبطتك
التفتت له برأسها وطالعته مطولًا بتفكير، هي لا تعرف إلى أين تتجه لكنها أيضًا لم تبتعد عن المنزل كثيرًا وربما بأي لحظة يجدها سمير مجددًا أن استعاد وعيه، ففكرة قبول عرض ذلك الشاب ليست سيئة بل بالواقع في صالحها.
هزت خلود رأسها له بالموافقة أخيرًا فأشار هو لها بسرعة تجاه باب المقعد المجاور له وفتح لها الباب لتستقل بالمقعد ثم يلتف هو حول السيارة ليستقل بمقده المجاور لها والمخصص للقيادة، وقبل أن ينطلق بالسيارة التفت لها وطالعها مبتسمًا وهو يقول بعذوبة:
_أنا بعتذر منك جدًا بس حقيقي انتي ظهرتي قصادي مرة واحدة، ولسا بقولك لو حاسة نفسك تعبانة نروح المستشفى فورًا
هزت رأسها له بالنفي متمتمة:
_لا أنا كويسة وحصل خير أنا اللي غلطانة فعلا ومخدتش بالي من الطريق
اماء لها بتفهم وراحة أنها بخير ثم انطلق بالسيارة يشق بها الطرقات وأثناء قيادته أجاب على الهاتف وسمعت الطرف الآخر كان يبدو أنه صديقه وهو يناديه باسم مروان ويسأله أين هو ولما تأخر عليهم؟.
***
داخل منزل ابراهيم الصاوي كان كل من عمران ويشار يجلسون معًا بغرفة الجلوس ويتبادلون أطراف الحديث في أمور مختلفة حتى انحرف الحديث لموضوع مثير وجعل من بشار يتحول تمامًا لشخص آخر عندما سأله عمران باهتمام:
_إيه ناوي تعمل الفرح امتى ؟
تنهد بشار بقوة وقال في امتعاض:
_معرفش لسا محددتش
شعر بغرابة في رده وطريقته العابسة فسأله بجدية:
_في مشاكل بينك أنت وخطيبتك ولا إيه؟
هز رأسه له بالنفي فتابع عمران باهتمام وحزم:
_امال في إيه مالك إكده بترد وكأنك مغصوب على الچوازة!!
هتف بشار بنظرة تائهة ووجه عابس:
_مش عارف ياعمران بس أنا حاسس اني بظلمها معايا
أجابه عمران بحزم:
_وتظلمها ليه هو مش أنت اللي اخترتها ولا حد غصبك.. وأنت اللي قررت يابشار تخطب
مسح بشار على وجهه متأففًا بحيرة وهو يهتف بخنق:
_عارف أن ده قراري وأنا اللي اخترت بس حاسس اني اتسرعت
حدقه عمران بصمت دون أن يتفوه بكلمة أخرى وقد بدأ على ملامحه الانزعاج والرفض التام لأفكار ابن عمه وقراراته الخاطئة، أما بشار فنظر لعمران ثانية وتمتم بحزن وقد بدا عليه وكأنه حسم قراره الأخير:
_بزيادة لغاية إكده انا حاولت كتير احبها ومعرفتش، ومش عاوز اظلمها معايا اكتر
اشاح عمران بوجهه للجهة الأخرى وقال بثقة تامة:
_طبعًا اللي خلاك تقول إكده وتغير رأيك وعاوز تفسخ خطوبتك لما رحاب فسخت الخطوبة وبدأ يبقى في فرصة ليكم مع بعض
لوى بشار فمه وقال بصراحة دون ملاوعة:
_هكدب عليك واقولك لا.. الصراحة أيوة أنا مهما حاولت انساها معرفش ياعمران ولا عارف اشيلها من قلبي
التفت له وهتف بعصبية:
_وخطيبتك ذنبها إيه تعلقها بيك وبعدين تسيبها عشان أنت كنت بتخونها بقلبك وعقلك ومش بتحبها ولا معاها
بشار بكل بساطة وغضب بسيط:
_وأنا بقولك أهو ننهي كل حاچة من دلوك احسن عشان مظلمهاش معايا اكتر.. اعمل إيه اكتر من إكده!!
مسح عمران على وجهه نتأفف بنفاذ صبر ثم استقام وربت على كتفه بلطف هاتفًا في صرامة وبهجة تحمل الحكمة والرزانة:
_اسمع ياولد عمي أنت عارف أنك اخويا مش ولد عمي بس، ولو عاوز نصيحة أخوك ازعلك تسيب خطيبتك وكمل معاها وادي علاقتكم فرصة تانية.. عشان رحاب متنفعكش والله يا بشار اسمع مني انا خايف تندم بعدين
استدار وغادرت وتركه بعدما أنهى كلماته وظل بشار في حيرة يحاول فهم ما قاله ولماذا يقول أنها ليست الفتاة المناسبة له، الف سؤال طُرح بعقله لكن عمران لم يمهله الفرصة حتى ليطرح واحد منهم…
***
داخل منزل جلال وفريال….
استيقظت فريال من النوم وفتحت عيناها على ظلام الغرفة فمدت يدها تفتح إضاءة الغرفة،وعندما التفتت بجوارها لم تجد زوجها فرجحت أنه ربما لم يعد من العمل حتى الآن، اعتدلت في نومها بصعوبة وحرص شديد بسبب الحمل بطنها المرتفعة ثم استقامت واقفة من الفراش وقادت خطواتها البطيئة لخارج غرفتها، وكانت وجهتها الأولى غرفة أولادها لتطمئن عليهم عندما لن تسمع أي صوت لهم بالمنزل.
فتحت باب غرفتهم واضاءت المصباح ولكن الغرفة كانت فارغة فضيقت عيناها بتعجب وشعرت بانقباضة في قلبها فراحت تصيح منتمية عليهم بخوف بسيط:
_معاذ.. عمار انتوا فين؟
انتظرت سماع الرد منهم ولكن لم تسمع فتسارعت نبضات قلبها وأنفاسها واستخوذها القلق الشديد والرعب، أخذت تجوب المنزل كله وهي تصيح عليهم بصوت مرتجف، وكل سيناريو كان يخطر بعقلها أكثر رعبًا من السابق وكان يزيد من دقات قلبها وخوفها أن يكون قد صاب أطفاله مكروه أو خرجوا من المنزل دون عملها.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وبالعشق أهتدي (ميراث الحرب والغفران 2))