روايات

رواية وارتووى الفؤاد الفصل الأول 1 بقلم سهام صادق

رواية وارتووى الفؤاد الفصل الأول 1 بقلم سهام صادق

رواية وارتووى الفؤاد الجزء الأول

رواية وارتووى الفؤاد البارت الأول

وارتووى الفؤاد
وارتووى الفؤاد

رواية وارتووى الفؤاد الحلقة الأولى

م تهوىٰ يومًا حضور حفلات الزفاف لكن هذا الحفل كان مختلفًا بالنسبة لها، حفل حضرته من أجل هدف واحد.. هو لفت انتباه ذلك الذي صار يحتل عقلها ويخفق قلبها عند رؤيته كلما أتى إلى صيدلية شقيقه…
وسيم هو ذو مڪانة مرموقة؛ فهو يعمل ضابط شرطة ومن عائلة معروفة في بلدتهم واليوم هو حفل زفاف شقيقته.
بالفعل لفتت أنظاره عليها لكن كانت مجرد نظرة معجبة عابرة…
هذه الليلة لم تخطف قلب من أرادت بل خطفت قلب أخر كان ابن العم.

🍂 وَ إِرتَوَىٰ الفُؤَاد 🍂
الفصل الأول

نظرت إلى هيئتها المنمقة بالمرآة وعلى محياها اِرتسمت إبتسامة عريضة، تراجعت إلى الوراء قليلًا ليتسنى لها رؤية فستانها ثم اِنتقلت عيناها نحو الحذاء الذي أكمل تنسيق مظهرها.
السعادة غمرت ملامح وجهها وهي تُلقي بنظرة أخيرة راضية على حالها.
_ مش مهم الفلوس، المهم مظهر وشياكة الواحد يا “سلسبيل”.
قالتها لحالها حتى لا تتيح فرصة لضميرها بتأنيبها، فمن أجل عُرس صديقتها دفعت راتب الشهر في أمور لم تكن تهتم بها يومًا ولكن كيف ستلفت نظره كما نصحتها
“هبة” صديقتها إذا لم تهتم بأناقتها مثل فتيات المدينة.
_ يارب النهاردة يشوفني وألفت نظره.
أعقبت قولها بزفرة طويلة ثم أسرعت بإلتقاط حقيبة يدها لتنظر إليها قائلة:
_ تعالي ياللي دوخت في اللف عليكي امبارح عشان بس تتلبسي النهاردة.
كادت أن تُغادر الغرفة لكن عادت إلى مرآتها حتى تطمئن على مظهرها وزينة وجهها الخفيفة.
خرجت من الغرفة لتجد والدتها تحمل كوبين من الشاي وتتجه نحو الشرفة التي تطل على مساحة أرض زراعية صغيرة.
_ ماما، يا ست الكل.

إنتبهت السيدة “روحية” على صوتها وإلتفت إليها وسُرعان ما ڪان يخرج صوتها بتمتمه خافتة.
_ بسم الله ما شاء الله.

_ ماما قولي رأيك في شكلي، والفستان يستاهل الفلوس اللي دفعتها فيه..
ثم أردفت وهي تمط شفتيها بعبوس.
_ بسببه هو والجزمة والشنطة هعيش عالة عليكم باقي الشهر.

إبتسمت السيدة “روحية” لتفتح لها أحد ذراعيها قائلة:
_ تعالي لحضني يا حببتي.
أسرعت “سلسبيل” إليها؛ فضمتها “روحية” لها.
_ طالعه زي القمر يا قلب ماما.
اِبتعدت عنها “سلسبيل” تسألها.
_ بجد يا ماما؟

بإبتسامة واسعة ردت “روحية”.
_ يا بت أنا مرايتك معقول لو وحش هقولك عليه حلو.
_”روحية” فين الشاي؟
اِرتفع صوت الجالس بالشُرفة لتُسرع “سلسبيل” إلى داخل الشُرفة قائلة:
_ بـابـا، “محمود” هيوصلني وهيجبني متقلقش عليا.

طالعها السيد “رضوان” بعدما رفع رأسه عن الراديو الذي اِنشغل بتصليحه.

_ اتأكدي من اخوكي وظروفه لو معرفش يرجع ياخدك كلميني اجي اخدك تمام.

اِبتسمت وأسرعت لتقبيل رأسه.
_ ماشي.

اِرتفع رنين هاتف “سلسبيل” لتتجه “روحية” نحو سور الشُرفة وتنظر إلى الأسفل بعدما وضعت صنية الشاي عليه.
_ اخوكِ مستنيكِ تحت.
توقف رنين هاتفها قبل أن تخرجه من حقيبة يدها وأسرعت بتقبيل خد كلًا من والديها قائله بمزاح.
_ يلا اسيبكم لوحدكم شوية بدل ما انا ليل نهار كابسة على نفسكم.
غَادرت “سلسبيل” لتتنهد “روحية” قائلة:
_ عقبالك يا بنتي أنتِ كمان، نفسي افرح بيكي…
_ “روحية”.
اِبتعدت “روحية” عن سور الشُرفة لتنظر إليه.
_ فيه إيه يا “رضوان” فزعتني ومخلتنيش اكمل الدعوه للبت.
رمقها “رضوان” بنظرة مستاءة ونظر إلى كوب الشاي خاصته.
_ الشاي ناقص سكر، فين علبة السكر؟
طالعته “روحية” بسخط وتحركت من أمامه.
_ نسيتها يا “رضوان”، الواحد حرام ينسى يعني.
••••
_ طالعه زي القمر يا بت يا “سلسبيل”.
قالها “محمود” شقيقها وهو يتحرك بالسيارة ثم رمقها بطرف عينه.
_ قولتيلي اسم القاعة إيه؟
طالعت “سلسبيل” الطريق وتمتمت باسم القاعة المعروفة في مدينتهم.
_ طبعًا عيلة “الراشد” مش هتعمل أفراحها في أي مكان، تعرفي دول لسا مشترين حتت مطعم… مقولكيش على واجهته ولا مكانه… أنا مش عارف الناس دي بتستثمر فلوسها في إيه ولا إيه.

_ هما ما شاء الله اخلاق ومجتهدين، أنا من ساعة ما اشتغلت مع دكتور “محمد” في الصيدلية بتاعته واتعاملت مع زوجته مدام “زينه” وانا بصراحه بقول الناس دي اكيد اجتهدت بجد في أكل عيشها عشان كده وصلوا لكل ده.
تهكم وجه شقيقها من ذلك المديح الذي تتحدث به عن تلك العائلة.
_ دول كانوا جايين من الصعيد بيشتغلوا عتالين.
شعرت “سلسبيل” بالضيق من فِكر شقيقها.
_ وآهو ربنا كرمهم عشان مستكبروش على الشغل ومع الوقت بقوا من أكبر العائلات في قريتنا وكمان المدينة كلها.
_ هي الآثار اكيد اللي رفعتهم كده.
تمتم بها شقيقها الذي يحلم بالثراء دون تعب؛ فتنهدت قائلة:
_ ما هما لو تجارتهم فيها شُبهه مكنش بقى عندهم ناس في الشرطة.
ضاقت حدقتيّ “محمود” وألقىٰ بنظرة سريعة عليها ثم زاد من سرعة السيارة.
_ أنتِ من ساعة ما اشتغلتي عندهم في الصيدلية وكأنك اتعينتي محامية ليهم.
زفرت أنفاسها وقررت الصمت؛ فالجدال مع شقيقها لن يأتي بالنفع.
توقفت السيارة أخيرًا أمام قاعة الزفاف الشهيرة لتنظر إلى المكان وقد وقف بعض الشباب أمام القاعة.
_ هتدخل معايا يا محمود”؟.
رمق “محمود” المكان بنظرة ساخطة وتأفف قائلًا:
_ أنا العيلة دي مبحبهاش، رافعين مناخيرهم في السما… أنا هروح بيت حمايا اقعد شويه عندهم واطمن على “رضوان” الصغير وارجع اخدك تكوني قعدتي شويه.
نظرت إليه “سلسبيل” بتوتر، فهي تشعر بالحرج من دخول قاعة الزفاف بمفردها.
_ تمام.

ترجلت من السيارة ثم أخذت نفس عميق وزفرته ببطء لترفع رأسها قليلًا وتسير بجسد مشدود نحو القاعة.
••••
_ دلوقتي مفيش حد فاضل غيرك، استلم بقى الزن من بكره يا باشا.
قالها “حاتم” وهو ينظر نحو “سفيان” -ابن عمه- الذي ألقىٰ بعقب سيجارته أرضًا ودهسه بحذائه.
_ لا متقلقش ابن عمك اتعود على كده، وعندي طاقة لسماع زن الحريم… ده أنا عندي تلات اخوات بنات وكل واحده فيهم خلتني اعرف الصبر.

اِرتفعت قهقهة “حاتم” وربت على كتف الواقف قائلًا:
_ يعني اخويا “محمد” ليه الجنة مع اختك “زينة”.
ثم أردف “حاتم” بمِزاح يليق بشخصيته.
_ الله يعين “هيثم” اخوك على “مروة” أختي، أنا قولتله بلاش اختي لكن هو كان مصمم…
ثم استطرد وهو يحرك كف يده على ذقنه الحليقة.
_ شكلي أنا و أنت هنكون براويين ومش هنكمل التحالف العائلي لعيلة “الراشد”.
رمقه “سفيان” بنظرة مستهزءة.
_ ربنا يهديك من خفة دمك دي يا “حاتم”، مش عارف أنت ظابط شرطة إزاي.
تقوس حاجبين “حاتم” وسُرعان ما كانت تضيق حدقتاه بذهول.
_ يا بنت الإيه طلعتي مخبيه الجمال ده كله.
لفتت كلمات “حاتم” إنتباه “سفيان” الذي كاد أن يتحرك إلى داخل قاعة الزفاف؛ فهو شقيق العريس.
_ شايف البنت اللي واقفة مع “محمد” و “زينه” هناك.
طالع “سفيان” مكان وقوف شقيقته “زينة” وابن عمه “محمد”؛ فأردف “حاتم” وهو يتأمل “سلسبيل” من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
_ دي بقالها سنتين بتشتغل عندنا في الصيدليه وعمري ما اخدت بالي إن يطلع منها الجمال ده كله.
اِحتقنت ملامح “سفيان” رغم أنه لم يتبين ملامح الواقفة مع شقيقته.
_ راعي إننا عندنا اخوات بنات وخد بالك من كلامك.
لم يهتم “حاتم” بكلامه وتحرك نحو “محمد” و “زينة”.
_ مساء الخير.

اِرتبكت “سلسبيل” عندما استمعت إلى صوت “حاتم” وخفق قلبها بقوة لينظر “حاتم” نحو شقيقه متسائلًا:

_ معقول دي “سلسبيل” يا “محمد”، ازيك يا “سلسبيل”.

بصوت يكاد أن يُسمع ردت عليه، فابتسم “محمد” كما اِبتسمت “زينة” التي ربتت على كتف “سلسبيل”.
_ أنت اكيد متفاجئ يا حضرت الظابط بالجمال ده كله،”سلسبيل” طول عمرها قمر.
اِتسعت إبتسامة “حاتم” دون أن يحيد نظراته عن
“سلسبيل” التي أخفضت رأسها من شدة حرجها.
_ طبعًا ،طبعًا يا مرات أخويا.
وكز “محمد” شقيقه لتفحصه المحرج بــ “سلسبيل” حتى ينتبه على حاله.
_ تعالي معايا يا “سلسبيل”، العريس والعروسة دخلوا القاعة من بدري.

تحركت “سلسبيل” مع “زينة” ووقف “حاتم” ينظر نحوهما.
_ شيل عينك واتلم.
مرر “حاتم” أصابعه على خُصلات شعره وأشاح عيناه؛فأردف “محمد” قائلًا:
_ لو عجباك “سلسبيل” اكلم الحاج والحاجة ونروح نطلبها، البنت ما شاء الله عليها ادب واحترام وتعليم وأهلها ناس محترمين.
نظر إليه “حاتم” وهو مندهش من تفسير شقيقه لإعجابه الوقتي بــ “سلسبيل” على أنه يرغب بخِطبتها.
_ هو أنتوا أول ما تشوفوا الواحد بيقول رأيه في الجمال تفتكروا على طول عايز يدخل قفص الزوجية.
اِمتقعت ملامح “محمد” ولولا اِقتراب “سفيان” منهم لكان قال كلام لن يعجبه.
••••
شعرت “سلسبيل” بالحرج عندما اِجتذبتها “زينة” نحو الطاولة التي تجتمع عليها كلًا من والدتها وزوجات أعمامها.

_ قربي يا “سلسبيل” على فكرة ماما عايزة تتعرف عليكي من زمان لأن “زين” يا ستي كل شوية يقولها أنا بحب “سبيل” عنك.
اِبتسمت “سلسبيل” وهي تتذكر نطق الصغير “زين” لـ اسمها.
_ ماما، دي بقى الباشمهندسة “سلسبيل” اللي حكتلك عنها.
إلتفت السيدة “صباح” برأسها نحو “سلسبيل” التي أشارت عليها ابنتها.

_ هي دي “سبيل” اللي “زيزو” بيحبها.

أومأت “زينة” برأسها مبتسمة؛ فاتسعت إبتسامة السيدة “صباح” ونهضت حتى ترحب بها.
تفاجأت “سلسبيل” بإحتضان السيدة “صباح” لها وترحيبها الطيب.
_ بسم الله ما شاء الله، زي القمر يا بنتي.

ومثلما هنئت السيدة “صباح” هنئت البقية وكان من بينهم السيدة “فاتن” والدة “مروة” صديقتها وحماة “زينة” والتي كانت تعرفها تمامًا لأن الصيدلية التي تعمل بها أسفل العقار الذي تسكن بِه عائلة الطبيب “محمد” كما أنها تذهب أحيانًا للجلوس مع “مروة” بحكم صداقتهم التي نشأت منذ عملها بالصيدلية.
_ تعالي يا “سلسبيل” اقعدي جمب “منار” أختي.
قالتها “زينة” بعدما شعرت بإرتباك “سلسبيل” ثم قالت وهي تبحث عن صِغارها بعينيها.
_ هشوف “مروان” و “زين” فين ورجعالك.
تلك الشجاعة التي كانت تتحلى بها “سلسبيل” ضاعت بعدما شعرت بأنها غريبة بينهن. أخفضت رأسها وتمنت لو لم تسمع كلام “هبة” صديقتها.
مع مرور الوقت اِستطاعت أن تتجاذب أطراف الحديث مع “منار” شقيقة “زينة” بعدما لطخ طفلها الصغير ذراع فستانها. اِعتذرت منها “منار” بشدة؛ فابتسمت بلُطف لها ثم داعبت خد الصغير قائلة:
_ محصلش حاجة مجرد بقعة بسيطة.
«سبيل،، سبيل»
ركض الصغير “زين” نحوها وهو يصيح باسمها وقد اِجتذب ركضه أعيُن الواقف الذي كانت عيناه عالقة بــ ابن شقيقته.
••••
آتى شقيقها ليصطحبها بعدما قضت بعض الوقت في العُرس ليتساءَل “محمود”.
_ اتبسطي في الفرح؟
حركت رأسها وقالت بعدما اِتجهت بأنظارها نحو الطريق.
_ اه كان حلو.

ظَلت طِيلة الطريق صامته وكذلك شقيقها إلىٰ أن وصلوا أمام منزلهم الذي يتكون من ثلاث طوابق.
دخلت “سلسبيل” غرفتها بعدما تناولت وجبة العشاء مع والديها لتقع عيناها على الثوب المُلقى بإهمال على الفراش قائلة:
_دفعت فيك المرتب كله ومتبسطش.
تنهدت بقوة ثم اِقتربت من الثوب لتلتقطه حتى تقوم بتعليقه لكن رنين الهاتف جعلها تلقي به مرة أخرى على الفراش ثم أخذت تبحث عن هاتفها.
ردت على الفور حتى توبخ صديقتها على إقتراحها الأحمق.

_ لفتي نظرة ،طمنيني.. رقصتي زي ما قولتلك.. الرجاله دلوقتي مش بيتلفتوا للبنت اللخمة.
بضيق أجابتها “سلسبيل”.
_ لا طبعًا مرقصتش وكويس إني معملتش بنصايحك.
تأففت “هبة” بحنق وأخذت تهز صغيرها على ساقيها.
_ أومال اتشيكتي وحضرتي الفرح ليه؟
جلست “سلسبيل” على الفراش قائلة بكذب.
_ حضرت عشان خاطر “مروة” ومدام “زينة”.
اِرتفعت زاوية شفتيّ “هبة” بإستنكار.
_ يا سلام، يعني مكنتيش على سنجة عشرة عشان حضرت الظابط!
صمتت “سلسبيل”؛ فهي كانت تتمنى لو كانت تمتلك من دهاء الفتيات حتى تلفت نظره.
_ مش عارفه يا “هبة” ولا فاهمه نفسي.

اِرتفعت قهقهة “هبة” عاليًا قائلة:
_ ما هو ده الحب يا “سلسبيل” بيخليكي مش فاهمة نفسك.

بضياع قالت “سلسبيل”:
_ أنا عمري ما افتكرت إني في يوم هحاول ألفت نظر راجل.

تنهدت “هبة” بقوة من ضِيق أُفق صديقتها في زمن تغيرت فيه المعايير.

_ الزمن اتغير يا “سلسبيل” و الرجاله بقت عايزه اللي يجري وراها.
أنهت “سلسبيل” مكالمتها مع “هبة” صديقتها ثم دست وجهها بين كفيها تهتف بحيره.
_ سنتين بحبه في صمت، طيب اعمل إيه أصارحه بحبي له.
شعرت بالصدمة بعدما وصل إلى عقلها هذا القرار لا تُصدق أن إقتراحات “هبة” صديقتها أوصلتها لأمور لم تَظُن يومًا أن تفكر بها.

تُصارح رَجُلًا بحبها، تسعى إلى لفت نظر أحدهم.
_ معقول بقيت اتأثر بكلام “هبة”.

نفضت رأسها بقوة ثم اِستقلت على فراشها واحتضنت وسادتها لتخرج زفرة طويلة من بين شفتيها.

حاولت النوم لكن قلبها الحالم أخذها لوهم نسجه وسُرعان ما كانت الإبتسامة تداعب شفتيها عندما تذكرت ترحيبه بها بحفل الزفاف وتلك النظرات التي كان يختطفها نحوها من حين إلى آخر.
••••
اِستلقىٰ “سفيان” على الفراش بعدما غادرت والدته الغرفة… فَــ والدته بعد كل عُرس تسأله إذا أعجبته فتاة حتى تخطبها له ويُفرح قلبها برؤيته عريس مثل أشقائه وهو كالعادة كان يُريحها بكلامه. تنهد بقوة؛ فَـ الجميع ينتظر زفافه وكأنه حدث عظيم سيحدث بالعائلة.

أغمض عينيه لينام لكن إحداهن كان طيفها يطوف بين جفنيه المثقلين.
••••
توقفت “سلسبيل” عن رَص الأدوية بالأرفف وابتلعت ريقها عندما اِستمعت إلى صوته.
_ مساء الخير يا شباب.

قالها “حاتم” الذي مَازال يقضي إجازته بالبلدة، فنهض “فهيم” ذلك الشاب الذي كان جالس أمام الحاسوب ليدون أسماء الأدوية التي تم إستلامها من المندوب اليوم.
_ اتفضل يا “حاتم” باشا.

اِبتسم “حاتم” بغرور يتمتع به وتساءَل عن شقيقه.
_ هو “محمد” لسا مجاش؟

اِستدارت “سلسبيل” جِهته بعدما تمكنت من السيطرة على دقات قلبها المتسارعة؛ فهي من يبلغها الطبيب “محمد” بتحركاته.
_ دكتور “محمد” في مشوار وقال هيجي على الساعه سته.
وهل كان ينقصها أن يبتسم لها تلك الإبتسامة التي تزيده وسامة. تحرك جِهتها متسائلًا:
_ على كده تحركات “محمد” ومواعيده معاكِ؟
اِرتبكت “سلسبيل” من نظراته إليها ثم نظرت نظرة خاطفة نحو “فهيم” زميلها وقالت:

_ دكتور “محمد” بيبلغنا دايمًا بمواعيده.
اِرتسمت على شفتيه اِبتسامة خفيفة وبصوت خافت قال:
_ طيب ما دام مش فاضل كتير على الساعه سته هقعد استناه.

اندهش “فهيم” من الأمر كما اندهشت هي… فهذا لم يحدث من قبل وسُرعان ما كان يخفق قلبها.
_ براحتك أكيد.
••••
رغم مرور أسبوعًا على حفل زفاف شقيقه إلا أنها لم تغادر عقله كلما وضع رأسه على وسادته.
تقلب “سفيان” بالفراش ثم زفر أنفاسه بقوة فاليوم رآها وهي تعبر الطريق عندما كان ذاهبًا إلى زيارة صديق له.
أغمض عينيه حتى يستعيد صورتها ثم اِبتسم وهو يتذكر مظهرها وهي تأكل حلوى غزل البنات أثناء سيرها.
زفراته خرجت هذه المرة ببطء يتساءَل داخله لِما علقت في ذاكرته ولفتت نظره في عُرس شقيقه.
_ مالك يا “سفيان” محتار ليه كده!
ليطبق على جفنيه بقوة بعدما بدأت تتضح له صورة مشاعره… ورغم أنهم تجمعهم قرية واحدة وتعمل بصيدليه ابن عمه إلا أنه لم يلمحها يومًا إلا في ليلة عُرس شقيقه واليوم عندما كان يمر بسيارته في نفس الطريق الذي تسير به.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وارتووى الفؤاد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى