رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الفصل السادس 6 بقلم نور زيزو
رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الجزء السادس
رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني البارت السادس
رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الحلقة السادسة
__ بعنوان “بعض القلوب علاجها النسيـان” __
وقف الجميع أمام باب غرفة العمليات وكانت “فاتن” في حالة انهيار تام تبكي بذعر على ابنتها التي كانت عروس وتحولت لمريض على وشك الموت وعوضًا عن ان تبدأ حياة جديدة اوشكت على نهى حياتها بيدها، جلست “سلمى” بجوارها وتربت على ظهرها بلطف ثم قالت:-
-هتبجى بخير وزينة أن شاء الله
ضربت ”فاتن” فخديها بيديها بحسرة وقالت بشرود:-
-أنا السبب، أنا اللى أجبرتها تتجوزها وتجابل العريس، أنا اللى قتلت بنتى بيدي
نظر “على” على “نوح” وهو يقف بعيدًا وحده وبجواره “عهد” وكأن الجميع يلومه على ما حدث أو هو من وضع حبه في قلبها لتقدم على الموت أفضل لها من الزواج من غيره، تشبثت “عهد” بيده خوفًا وهى تتذكر منظر “أسماء” على الأرض بداخل بركة الدماء وقد همشت رأسها بذاتها وتسائل أهذه الفتاة تحب زوجها إلى هذا الحد من الجنون، غادرت “عهد” المستشفى دون ان تنتظر أن يخرج الطبيب من الغرفة، ظهر “خالد” فجأة في المستشفى بعد ان سمع الخبر من “تاج” وبحث عنهم حتى وصل إلى غرفة العمليات وأنتظر إلى أن خرج الطبيب الجراح رجل مسن كبير وأخبرهم أن العملية نجحت ثم غادر تاركًا “اسماء” بالداخل مع الجراح المساعد وبعد ساعة تقريبًا خرجت على التروالى أمام أعين الجميع وأخذوها إلى غرفة العناية المركزة تحت أنظار أخاها ووالدتها المنهارة من البكاء ثم بدأ الممرضين بوضع الأجهزة عليها وغادروا، وقفت “فاتن” تنظر من خلف الزجاج على ابنتها وتبكى فوقف “خالد” بجوارها ثم وضع يده على كتف والدته وقال:-
-متجلجيش يا أمى أسماء جوية وهتعدى منها
أومأت إليه بنعم ثم غادرت مع الجميع لحين موعد الزيارة بالغد
____________________
دلفت “عهد” من باب المنزل لترى “ليلى” تجلس بصحبة “يونس” وتلعب معه حتى يكفى عن البكاء فهرعت إلى الغرفة حزينة فتعجبت “ليلى” من أنعزال صديقتها وحزنها الشديد على ما حدث، دقائق ورن هاتف “ليلى” معلن عن أستلام رسالة من “عهد” فحدقت بالهاتف بدهشة ومنه إلى الدرج حيث صعدت “عهد” مُندهشة من الرسالة
حملت “يونس” بعد أن نام على الأرض من كثرة اللعب وكاد أن تصعد فرأت الجميع يعودون، أقترب “نوح” وقال:-
-عنك
كاد أن يأخذ “يونس” منها لكن أوقفه صوت “ليلى” تقول:-
-خليه، أطلع لعهد عشان رجعت من شوية وكانت غريبة
أومأ إليها بنعم ثم صعد على إلى الغرفة وعندما دخل للغرفة رأى زوجته جالسة بفراشها وتبكى بحزين شديد ناظرة بهاتفها على صور زفافهما عندما أشترى لها فستان زفاف من أجله، يعلم بأن زوجته حزين رغم عنف “اسماء” معها لكن في كل مرة كانت تغفر “عهد” مُدركة بأن هذه حب مؤذي سكن قلب هذه الفتاة يسبب الأذي لها فقط، دلف إلى المرحاض غير ملابسه وأرتدى تي شيرت أسود اللون وبنطلون قطني أسود ثم خرج ليراها كم هي وكأنها لم تشعر بعودته فذهب إليها وجلس جوارها لتقول:-
-أنا بحبك يا نوح، حب مقدرش أوصف بكلام ولا فعل لأن كل الأفعال مش هتكفى حُبي لك بس أنت جوزى لكن هي.. هى أزاى حبتك لدرجة دى، أزاى بقيت مهووسة بك لدرجة أنها تنتحر وتقرر تموت كافرة عشان بس حُبها لك
كان يستمع لحديث زوجته بصمت مُتابعًا دموعها التى تسيل على امرأة تعشق زوجها، رجفة جسدها المُصابة بشهقات قوية أليمة، عيناها الباكية تتحاشي النظر له بضعف وكأن قلب محبوبته ينزف كعينيها على امراة عاشقة له أليس من المفترض أن تغضب من هذا الحب وتمقنه؟!، تابعت حديثها بأنهيار وشفقة على ما حدث من هذه الفتاة:-
-أنا إحيانا بغيرة منها ومن حُبها لك، بيوجعنى أن فى واحدة بتحب جوزي لدرجة الموت
أخذ رأسها بين يديه ليرفعها للأعلى كي تتقابل عينيه وبعينيها وقال بنبرة هامسة ناعمة:-
-اهدئي يا عهدي، أهدئي يا حبيبة قلبي وأسمعيني ها… أسماء مبتحبش دا مش حُب دا هوس، هوس ومرض من أول عنفها ليكي فى كل مرة كانت بتمد يدها عليكي من مرضها لحد أنتحارها،، أسماء مريضة مش بتحب وأنتِ جوايا يا عهد غصب عنها وعن الكون كله لأنك أنتِ الكون بالنسبة ليا، أنتِ حبيبة قلبي وقلبي محبش غيرك ولا عايز غيرك حتى لو ستات البلد كلتها عايزيني أنا معاوزش غيرك
نظرت له بهدوء وأبهامه يجفف دموعها لكنها لم تتوقف عن البكاء ابدًا فأقترب يجفف تلك الدمعة اللعينة التى تلوث وجنتي زوجته وعينيها الجميلة التى طالما عشق النظر لصفاءها بشفتيه لتغمض عينيها بأستسلام لحنانه ورفعت يدها إلى وجنته تلمس لحيته بدفء وقالت:-
-ليها حق تحبك يا نوح، لو جينا للحق أنت مفيش ست تشوفك ومتحبكش
أبتعد قليلًا عنها لتتقابل عيناهما معًا فى نظرة طويلة ويده ما زالت على وجنتها تتداعبها بحب وقال:-
-وأنا مهما شوفت ستات مهحبش غيرك يا عهدي، أنا طلعت قلبي وحطته بين يدك وجواكي ومبجاش ملكي، هو لكِ أنتِ وبس تعملي فيه ما يحلالك
داعبت لحيته بلطف وهى تكف عن البكاء وقالت:-
-معنديش غير الحب أديهولك يا نوح، أنت متستاهلش حاجة غير الحب وأنك تتعشق، أنا أكتشفت أنك حلمي اللى مكانش فى خيالي وكان من المستحيل، عرفت أن حُبي للإعلام قصدك حُبك ولا حاجة وأني هقدر اعيش من غير الإعلام وتقديم الأخبار لكني مقدرش أعيش من غير حبيبي وقلبي لحظة واحدة وعشان كدة أنا خليت ليلي ترفض عرض تقديم نشرة الأخبار
أتسعت عيني “نوح” على مصراعيها بدهشة من قرارها فحتى أمس كانت مُتشبثة بحلمها ورغبتها فى السفر للقاهرة ليقول:-
-خسرتي حلمك!!
تبسمت بإشراق عكس ذبول ملامحها من كثرة البكاء وقالت:-
-كسبتك أنت، أى خسارة ممكن تتعوض يا نوح إلا خسارتك هتكون بموتي
وضع سبابته على شفتيها يمنعها من التفوه عن الموت والفراق ثم قال:-
-أنا عاشقك يا عشقي اللى ربنا رزقني به ومهما فضلت أشكره وأحمده على عشقك جليل أوي
تبسمت بلطف وهى تقترب لتضع رأسها على صدره وتلف ذراعيها حول خصره بلطف فطوقها بذراعيه وهو يضع رأسه على رأسها ومغمض عينيه مُستنشقًا عبيرها وأنفاسها الدافئة….
__________________
خرج “عطيه” من غرفته صباحًا مُستعدًا للذهاب إلى العمل فسمع صوت والدته تتحدث مع أحد بالأسفل وعندما نزل رأى “ليلى” محبوبته تجلس مع والدته وما زالت تحاول كسب رضاها وموافقتها على الزواج من أبنها، مرأة مريضة لم تتذكر أولادها بالفعل وهذه الفتاة تسعى لطلب الزواج من ابنها، تبسم وهو يراقب “ليلى” أثناء تنضيفها لجسد والدته بالمنشفة بعد أن تناولت الحلوى ثم وقفت “ليلى” ماسكة بالمنشفة المبللة وتقول:-
-هحضرلك هدوم نضيفة
تبسمت بإشراق وهى تستدير لتراه يقف على الدرج متكأ بذراعه على درابزين السلم الحديدى مُبتسم بأشراق عليها فقال:-
-أيه الصباح اللى زى الفل دا والله يومي ضحك ليا دلوقت
تبسمت وهى تقترب منه وقالت بعفوية:-
-صباح الخير
وقف أمامها قبل أن تدخل لدورة المياه وقال بهمس:-
-أيه اللى جابك؟
نظرت على والدته ثم قالت بهمس خافت:-
-لسه مصرة أنى مش هتجوزك، أقنعها أزاى
قهقه ضاحكًا عليها ثم قال:-
-وااا أنتِ لسه مُصرة، أنتِ خايفة تتجوزنى من وراء أهلى ولا أيه، متخافيش مهجبلهمش العار
ضربته على صدره بقبضة يدها الصغيرة وقالت بأغتياظ:-
-أنت جاي تغيظنى وعاوز تتعض
أتسعت عينيه بدهشة من هذه الفتاة العنيفة وقال:-
-وااا واا عض مرة واحدة هو أنا بحب زومبي ولا أيه؟
كزت على أسنانها بغيظ منه وقالت:-
-زومبى أنا زومبى أن كان عاجبك
أقتربت منها خطوة لتنظر له بخجل وتوردت وجنتها بحياء وهى تستمع لحديثه يقول:-
-أحلى زومبى والله وعاجبنى
تنحنحت بلطف ثم دفعته بساعدها على صدره وقالت بتلعثم:-
-أبعد كدة عشان الأكسجين
وضع يده على رأسها فوق حجابها ثم قال:-
-جد عجلة الأصبع ولسانك أطول من برج القاهرة ولماضتك محليكى يا ليلى
تبسمت بخجل من حديثه رغم عفويته لكنه يجعل ضربات قلبها تتسارع فرحجًا وشعورًا بالأمان والسلام بوجوده، أخذها معه للخارج تاركًا والدته مع خادمتها، سار بجوارها ثم أخذ ذراعها في يده ليجعلها تسير بالداخل وهو على حافة الطريق لتبتسم بسعادة على فعلته فقال:-
-أتحددتي وي صاحبتك
أجابته بجدية قائلة:-
-مش محتاجة أتكلم معها هى رفضت تقديم النشرة وأخترت سعادتها مع نوح
سألها “عطيه” بنبرة هادئة:-
-لو كنتِ مكانها كنتِ هتختاري تهملنى أهنا؟
نظرت له وهو يسير جوارها وينظر للأمام ثم مسكت طرف عباءته مُتوقفة عن السير فنظر إليها بدهشة، تحدثت بنبرة جادة:-
-أنا مش هسيبك ولا هختار أي حاجة غيرك، أتاكد يا عطية لو خيروني بين أي حاجة في الدنيا وبينك هختارك
تبسم إليها ثم نظر إلى يدها التي تمسك طرف عباءته فمد يده الأخرى ليأخذ يدها في قبضته وقال:-
-أما أنا عمرى ما ههمل اليد دى واصل
تبسمت إليه وأكملت السير معه متشابكان الأيدى..
___________________
دخل الطبيب “نادر” إلى الغرفة وكانت “فاتن” جالسة على المقعد بجوار ابنتها الغائبة عن الوعى مُنذ أسبوع ولم تستفق بعد، فحصها “نادر” جيدًا ثم غادر الغرفة لتعود “فاتن” للجلوس جوار أبنتها ففتحت “أسماء” عينيها بتعب، وقفت “فاتن” من مقعدها وأقتربت إلى ابنتها بحماس وسعادة تقول:-
-أسماء.. أنتِ سامعاني أنا ماما
تبسمت بحماس وركض للخارج تبحث عن الطبيب ثم عادت مع “نادر” وكانت “أسماء” فاقت من وعيها تمامًا فحصها “نادر” وفحص نظرها جيدًا وكانت بحالة جيدًا لتقترب “فاتن” منها قائلة:-
-حمد الله على سلامتك يا حبيبتى
-أنتِ مين؟
قالتها “أسماء” بغربة من هذه المرأة التي تتشبث بيديها بقوة وكأنها تفجر القنبلة بوجه والدتها فهى جسديًا جيدًا وسالمة لكنها لم تتعرف على والدتها، نظرت “فاتن” إلى “نادر” بقلق وقالت وهى تشير على جسدها:-
-أنا ..أنا أمك يا بنتى كيف متعرفنيش
أخذتها الممرضة للخارج وأكمل “نادر” فحصه لها ثم خرج إلى “فاتن” لتسأله بهلع:-
-جرا أيه يا دكتور بنتى مالها؟
-للأسف يافندم بنت حضرتك مش فاكرة أي حاجة من حياتها ولا حتى أسمها وسنها
أتسعت عيني “فاتن” على مصراعيها ونظرت على الغرفة بصدمة قاتلة لما حدث بأبنتها…
___________________
وقفت “عهد” من مكانها بعد أن سمعت الخبر وقالت بتعلثم غير مصدقة ما تراه:-
-فقدت الذاكرة!!
أجابتها “ليلى” بجدية تقول:-
-يمكن دى رحمة ربنا بقلبها عشان تنسي حبها المؤذي، يمكن النسيان هو السبيل الوحيد للنجاة عشان تعيش حياتها طبيعية
نظرت “عهد” من الشرفة للحديقة شاردة بما تسمعه ثم قالت:-
-ممكن فعلاً
__________________
خرجت “تاج” من المنزل ليلًا مُتسللة دون أن يراها أحد وتلف حول رأسها الملس حتى لا يرى أحد وجهها وتتلفت حولها بخوف مُحذرة من عيون الناس حتى وصلت لملجأ الغجر ودلفت بأحد الخيم ثم رفعت الملس وقالت بجدية:-
-عملتى أيه؟
أخرجت السيدة العجوزة صرتها زجاجة صغيرة ثم اعطتها إلى “تاج” وقالت:-
-خدي..بس خدي بالك يا بتى لازم تشربها في ليلة البدروإلا السحر يبطل وميشتغلش واصل
أخذت “تاج” القارورة منها بحماس ثم سألت بجدية وفضول:-
-أنتِ متوكدة أن لو شربتها هتسجط الطفل
أجابتها هذه السيدة الساحرة:-
-أطمني ميكبرش عيل في دار الصياد غير عيلك أنتِ
تبسمت “تاج” بسعادة ماكرة ثم غادرت مُتسللة ولم تنتبه إلى الراجل الذي تسير خلفه مترصدها
___________________
أستيقظت “عهد” صباحًا وكانت بين ذراعي زوجها يطوقها بهما بأحكام وهو غارقًا بنومه العميق لم يستفيق بعد، أستنشقت الهواء في نفس عميق ثم وضعت يدها على بطنها تشعر بطفلها رغم أنه ما زال صغير جدًا لكن فكرة وجوده بداخل أحشائها تجعلها تولد من جديد كل يوم تستيقظ به وهو بصحبتها فتبسمت ورغم أن ما زال شهور أكثر مما مرت لكنها تتلهف لرؤيته وكأن صبرها نفد من الأنتظار، تبسمت بعفوية ويدها تتداعب بطنها بحركات دائرية فنظرت جوارها على رجلها النائم جوارها ثم قالت:-
-يااا أزاى أتخانق معاك وأخاصمك وأنت بوسامتك، أنا موقفى ضعيف في أي خناقة أنا عارفة
أتاها صوته الرجولي يُحدثها وهو مغمض العينين:-
-دى هرمونات حمل يا عهد صح
أتسعت عينيها على مصراعيها بعد أن سمع حديثها فقالت:-
-أنت صاحي
فتح عينيه بتذمر مُصطنع قائلًا:-
-كنت نايم بس ربك رزجنى بزوجة شجية أول ما تفتح عينيها تبدأ تفكر في الخناج
أخرجت نفسها من مُعتقل ذراعيه ووجلست على الفراش قائلة:-
-على فكرة أنا مش ناسية خناقة الأسبوع اللى فات وأنك مصالحتنيش ولا كفرت عن خصامك ليا وخناقك معايا قدام باباك ومامتك
قهقه ضاحكًا وهو يعتدل في جلسته على هذه الزوجة فحتى إذا انهت الموضوع ورفضت فرصة العمل لكنها تعاقبه على شجارهما وكأنه الوحيد المُخطيء بذلك، تحدث “نوح” بعفوية وهو يغادر الفراش:-
-خلى ننسي اللى فاتت ونعتبر أنه محصلش لأن أنتِ كمان كنتِ غلطانة
وقفت على الفراش بركبتيها مُنفعلة وقالت بعد ان وضعت يديها على خصرها:-
-لا عندك كدة يا باشا عشان أنا كدة هتهور عليك، أنت مستكتر على نفسك وعليا أنك تصالحنى وتقولى متزعليش يا حبيبتى
ألتف إليها وهو يدرك بأن أنفعالها ليس مُصطنع بل حقيقى وهي تلومه بالفعل وتكن الغضب داخل قلبها إليه وأقترب يقول بملل من شجارهما الذي أصبح روتين يومي في يومهما:-
-حقك على رأسي يا عهد وأدي رأسك أبوسها كمان
وضع قبلة على جبينها لكنها لم تشعر بالحب والدفء في كلماته أو قبلته بل شعرت بأنها يقضي واجب عليه أو ينفذ أمر صدر إليه فقالت بسخرية:-
-مش من قلبك على فكرة
لم يبالى بل داخل للمرحاض ليبدل ملابسه فعادت لنومها ووضعت الفراش على رأسها غاضبة، بدل ملابسه وأستعد للرحيل ونظر مرة أخيرة على الفراش ليراها تنام به فغادر الغرفة غاضبًا وأستقبلته “سلمى” على الدرج وقالت بعفوية:-
-صباح الخير يا ولدى
أجابها بضيق شديد قائلًا:-
-صباحك ورد يا أمى
مسكت فك وجهه بيديها وأدارت رأسه إليها بعد أن سمعت لهجته ونبرته الغاضبة فسألت بقلق:-
-مالك يا ولدى؟
ألتف لها بضيق شديد وتوقفت قدميه عن النزول وتنهد بأختناق وقد فاض به الأمر ثم قال:-
-هو الحمل بغير القلوب يا أمى
تعجبت من سؤاله ورفعت حاجبيها بأستفهام لتقول:-
-ايه اللى بتجوله دا يا ولدى
شرع بالحديث بنبرة جادة وهو في حيرة من تغير زوجته المفاجي قائلًا:-
-أسمع يا أمى عهد أتغيرت بجالها سبوع من يوم حادثة أسماء كان أول يوم ليها في الشهر الثالث لكنها أتغيرت مزاجيتها على طول متجلبة وتكون فرحانة وفجأة تجلب عليا زى العاصفة الرعدية وتبدأ الخناج، مثلا عشاء أمبارح أتصلت وجالت نفسها في البيتزا بالمشروم والجمبرى جبتهالها وأنا معاود جامت جالبها خناقة على رأس اللى خلفونى أنها مبتحبش المشروم وأن أنا كجوزها لازم أعرف هي بتحب أيه وبتكره أيه، بلا دى أول أمبارح عملتلي كوباية شاى وكنا سمنة على العسل وفجأة سألتنى سؤال بريء نفسك في ولد ولا بنت جولتلها أن اللى ربنا يبعته حلو خابرة يا أمى جالت أيه؟
-أيه؟
سألته “سلمى” بدهشة مما تسمعه فقال بحدة مُغتاظًا من زوجته:-
-دا بدل ما تجولى كلام حلو كيف مثل عاوز بنت كيف الجمر زى أمها ولا تتغزل فيا
تبسمت “سلمى” بخفوت وهى تحاول كبح ضحكاتها أمام غضب أبنها ليقول:-
-فعلاً هم يضحك، لو الحمل اللى عامل فيها أكدة جولولى وأنا أبجى عارف وأستحمل
ضحكت “سلمى” عليه وهى تربت على كتفه وتقول:-
-طب ولو مش الحبل هتطلجها مثلا
نفض عباءته بأغتياظ اكبر فهو عاشقًا لا جدوى من الشكوى وقال بعد أن بدأ بالنزول من جديد:-
-لا هستحمل برضو ما أنا بحبها ومجدرش على فراجها ولا زعلها
نزلت “سلمى” خلفه وقالت:-
-أسمع يا ولدى حقيقة أن الحبل بيغير في مزاجية الست دا حقيقى، خصوصًا أول ثلاث شهور، متنساش يا نوح أن الحمل في الشهور الأولى على طول مسبب للأم التعب ومرتك جسمها ضعيف ودا حسب كلام الدكاترة والحكماء، وأنا فيك يا نوح مش كنت بتخانق مع أبوك بس دا انا كنت بتخانق مع كل بت يجبها تشتغل في الدار وأطردها جبل الظهر لحد ما جاب حُسنة، ههههه دا أنا أتخانجت وياه عشان لبس عباءة سوداء عادى جولتله أنت بتفول عليا بالموت وكان يوم ميتنسيش
تنهد “نوح” بضيق شديد وقال:-
-إحنا الله يجوينا عليكم والله، طلعها فطار يا أمى والنبى لأحسن هي عاملة غضبانة ومهتنزلش واصل
أومأت له بنعم فغادر المنزل ذاهبًا إلى عمله
____________________
كان “خالد” جالسًا في السجن مع والده ليقول “حمدي” بضيق:-
-حتى همام ولد الكلب اللى لحم كتافه من خيرى غدر بيا، جولتله يهربنى من هنا ويأخد اللى عايزه من السلاح بس الواطي الخسيس طمع في شحنة السلاح كلها لنفسه وهملنى أهنا
تحدث “خالد” بغضب شديد يقول:-
-مش وقته دلوجت له وجت وهنخلص منه هو ورجالته كلتها المهم طمنى عليك
أجابه “حمدي” باستياء شديد ممزوج بالقلق هاتفًا:-
-مالكش صالح بيا طمنى خيتك عاملة أيه دلوجت
-لسه في المستشفى مفكراش حاجة واصل وأمى بعتتلك الزيارة ويايا صحيح عشان معرفاش تهمل أسماء لحالها دلوجت
نظر “حمدي” للأمام بحزن على حال ابنته وقال مُتمتمًا:-
-يعنى فجدت الذاكرة كيف ما بيجولوا
أومأ “خالد” له بحزن، رفع “حمدي” نظره إلى ابنه بعد أن نظر حوله بتوتر وقال بنبرة هادئة:-
-طمنى عملت أيه في اللى اتفجنا عليه
-أطمن تاج ماشي حسب الخطة وجربي جوي هسمعك الخبر اللى يفرح جلبك
تبسم “حمدى” بمكر شيطاني وقال:-
-يا ما نفسي أشوف اليوم اللى نوح يتكسر جلبه وضهره بس ملحوجة تتعوض لما يخسر ولده
مسك “خالد” من ذراعه بقوة وقال بحر:-
-دار الصياد مينفعش يكبر فيها ولد حد غيرك، نوح مينفعش يبجى له نسل
أومأ “خالد” له بجدية صارمة وقال:-
-متجلجش نسله أنا هجطعه من الدنيا من جبل ما يطلع، ولد نوح ما هيخرج من بطن أمه حي طول ما أنا عايش …..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
الرواية كاملة اضغط على : (رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني)