رواية هوس متيم (هيامي) الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطمة محمد
رواية هوس متيم (هيامي) الجزء الثاني والعشرون
رواية هوس متيم (هيامي) البارت الثاني والعشرون
رواية هوس متيم (هيامي) الحلقة الثانية والعشرون
وصلا منزلهم بوقت متأخر فقد تخطت الساعة الواحدة صباحًا، خطت بقدميها نحو الغرفة والصمت والسكون رقيقان لها، أما هو فكان خلفها يجر حقيبتهم و ولج الغرفة من خلفها، تاركًا الحقيبة بأحدي الزوايا متحاشيًا النظر إليها
ترك الحقيبة وأستدار مغادرًا الغرفة مغلقًا الباب بعنف من وراءه
أنتفض جسد(هيام) أثر صوت أرتطام الباب وأغمضت عينيها محاولة بث نفسها الطمأنينة
أتجهت صوب المرحاض وبيديها قطع ملابس للنوم، تنوي أستبدال ملابسها وأخذ حمامًا دافئًا عله يدفء قلبها ويريح جسدها
بعد مرور بعض الوقت خرجت من المرحاض مرتدية قطع الملابس وخصلاتها تحاوط وجهها والمنشفة بين يديها تخفف بها خصلاتها المبللة، جالت عينيها بالغرفة تبحث عنه لكنها لم تجده فقطبت جبينها وتسألت بينها وبين نفسها عن غيابه ذلك فكان من المفترض أن يكون بالغرفة الآن، إذن أين هو الآن؟
تركت المنشفة من يديها وفتحت الباب الغرفة تبحث عنه، بحثت عنه بحجرة الصالون، والمطبخ، والمرحاض الثاني، لكنها لم تجده
أرتفع حاجبيها عندما خمنت وجوده بأحدي الغرفة الآخرى المتواجدة بالمنزل فكزت على أسنانها وأندفعت تجاه أحدهم وفتحت الباب دون طرقه لكنها وجدتها مظلمة فارغة، أغلقت الباب وأتجهت صوب الغرفة الآخرى وفعلت فعلتها السابقة دافعة الباب دون أستئذان، وجدته أمامها يعطيها ظهره فقد أنهى أستبدال ملابسه للتو لكن سرعان ما ألتفت ينظر لها بأعين سوداء غاضبة قائلًا بنبرة حاول جعلها هادئة لكنه لم يفلح بذلك
-في إيه بتفتحي الباب كدة ليه!!
ولجت الغرفة وأغلقت الباب بقوة مقتربة منه صائحة بأنفعال
-أنا اللي في إيه ولا أنت اللي فيه إيه، إيه اللي جايبك هنا يا ثائر هي دي أوضتنا
أجابها وهو يمر من جوارها دون مبالاة
-لا مش أوضتنا، وأنا حابب أنام هنا أنهاردة إيه عندك مانع
أشتعلت من بروده ومن تلك المشاكل التي يفتعلها دون سبب من وجهه نظرها فألتوى فمها بأبتسامة ساخرة وهى تراه يتسطح على الفراش لا يبالي بغضبها فأجابته عاقدة ذراعيها أمام صدرها
-لا معنديش وأعمل ما بدالك بس أبقى بات هنا علطول ومتقربش من أوضتنا بقى
رفع رأسه قليلًا يطالعها فسعدت ظنًا منها أنه سيغضب وسيزمجر بها لكنه لم يفعل أي من هذا وقال بهدوء شديد ينافي ما يعتريه من مشاعر غاضبة كبحها داخله
-اللي تشوفيه وأطفىء النور وأنتِ خارجة
أختفت أبتسامتها تدريجيًا وأنطفئ بريق الأنتصار من عينيها، فجرت قدميها وخرجت من الغرفة والغيظ والضيق يتربعان بداخلها
أما هو فأراح رأسه على الفراش وأختفى البرود والامبالاه وحل مكانها حزن شديد نابع من قلبه
ولجت غرفتها مرة آخرى وهى تحرك رأسها بتوعد
-ماشي يا ثائر والله لهوريك وخليني أشوف إيه آخره برودك ده
***********
ولجا كل من “مالك” و “رنا” إلى المنزل فقابلتهم “نبيلة” بأبتسامة هادئة خالفت توقعاتهم، تبادلا النظرات بأعين مدهوشة فهتفت “نبيلة”
-مالكم مستغربين ليه، كنتم فاكرني هقابلكم بوش خشب ولا إيه
أبتسمت “رنا” ابتسامة بسيطة وقالت بأيماءة
-حاجة زي كدة، بس أنتِ طلعتي عسل يا بلبلة
لكزها “مالك” بمفرقيها وقال بتهكم وأستنكار
-أحترمي نفسك إيه بلبلة دي
كادت “رنا” أن تجيبه فسبقتها “نبيلة” ناهره ابنها مستنكرة فعلته
-أنت اللي تحترم نفسك كدة وتخليك في حالك ومن انهاردة رنا بقت بنتي وزيها زيك بضبط، يلا ادخلوا غيروا عقبال ما اجهزلكم حاجة تأكلوها
-لا يا طنط مفيش داعي أحنا مش جعانين مش كدة يا مالك
اماء “مالك” بموافقة وقال مقبلًا جبهه والدته
-متتعبيش نفسك يا ماما أخنا مش جعانين كلنا سندوتشات في الطريق وقافلة معانا خالص
ربتت “نبيلة” على وجنته كل منهم فزادت دهشة “مالك” أكثر فأكثر وظلت العديد من التساؤلات تدور بذهنه بتلك اللحظة متسائلًا عن سبب تبدلها ذاك، فاق من شروده على صوتها فرفع عينيه وجدها تطلع له وكذلك “رنا”
-ايوة يا ماما
-بقولك ادخل انا ومراتك اوضتكم وريحوا من الطريق
أماء لها دون أن يتفوه بحرف واحد وحمل الحقيبة وأتجه ناحية غرفتهم و”رنا” تلحق به
أضاء نور الغرفة فجحظت عيناه ودهش مما فعلته والدته بالغرفة، خطى بقدمية عدة خطوات يتفحص نظام الغرفة الجديد والذي لم ينال رضاءه بالمرة، أما “رنا” فكانت عكسه تمامًا وأتسعت أبتسامتها هى ترى الغرفة فوالدته قد أبدلت أثاث الغرفة وأنتقت فراش واسع وخلت الغرفة تمامًا من أي أريكة، عضت على شفتيها وأقتربت منها عامسة بجوار اذنيه
-حلو أوي نظام الأوضة عجبني، اوضة عرسان بصحيح والأحلى وأحلى أن الكنبة أتشالت خلاص بح اول مرة نمت في اوضة تانية وده طبعا عشان طنط نبيلة مكنتش في البيت وفي شرم كنت بتنام على الكنبة، دلوقتي بقى هتعمل إيه يا حرام مقدمكش غير الأرض
أغمض عينيه لوهله وألتفت ينظر لها وأبتسامتها تتسع رويدًا رويدًا ورفع يديه وبدأت أنامله تسرى على وجهها متلمسًا ملامحها مما جعل أنتفاضة بسيطة تحدث لها وظهر الأرتباك والتوتر جليًا على وجهها وقال بنبرة آسرت قلبها وعقلها بآن واحد
-عارفة يا روحي نومة الأرض أهون بكتير من النوم جمبك
أنتبهت لحديثه اللاذع وخرجت من عالم الأحلام الذي دخلته للتو وظهر الغضب بوضوح على وجهها كوضوح الشمس
أبتسم بسعادة لنجاحه في آثاره غضبها وتحرك تجاه الخزانة وأخرج أحدى الأغطية وألتقط وسادة من على الفراش و وضعهم على الأرض وبعدها أخرج أحد ملابسه المريحة والتي نقلتها ولدته للغرفة وتحرك صوب المرحاض المرافق للغرفة
فتابعته بعيناه وتأكدت من ولوجه المرحاض ففتحت الخزانة هى الآخرى وبدأت بالبحث عن مبتغاها
الذي سرعان ما وجدته فأنتشلته رافعة أحدى حاجبيها متمتمة بخبث
-وريني هنفضل تنام على الأرض لأمتى!؟
***********
ظلت”هيام” تتقلب على الفراش بعدما جفاها النوم وأستقرت أخيرًا على ظهرها، وعينيها تنظر لسقف الغرفة وفمها يغمغم ببعض الكلمات الغير مفهومة دلالة على أنزعاجها وغضبها منه، ظلت على ذاك الوضع عدة دقائق حتى برق عقلها بفكرة جهنمية ستجعل النوم يغادره مثلما غادرها
خرجت تجاه المطبخ وأخرجت بعض الأطعمة المحفوظة والمشروبات الغازية وبعض المسليات، حملتهم بصعوبة واتجهت لحجرة الصالون و وضعتهم على الطاولة بهدوء وابتسامة تعلو ثغرها
أنتشلت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وأشعلته رافعه صوته لأقصى درجة وجلست على الأريكة واضعة قدميها أسفل فخديها وبدات بتناول ما احضرته بفخر وتناولته بتلذذ
أما”ثائر”فكان مستيقظًا بعد شاغلة تفكيره يتمنى لو تتغير، تستوعب عشقه، وهوسه بها لكنها لاتزال صغيرة لم تنضج بعد
وصل لمسامعه صوت التلفاز العالي الصاخب فعقد ما بين حاجبيه ونهض خارجًا من الغرفة متجهًا لحجرة الصالون
وصل حجرة الصالون فوجدها تجلس والبراءة تحتل وجهها والكثير من الأطعمة والمشروبات أمامها تتناولهم بنهم
تجاهلها واقترب من الطاولة الصغيرة وتناول جهاز التحكم بين يديه وأغلق التلفاز فصاحت بضيق زائف
-إيه ده أنت مش شايفني بتفرج ومتابعة المسلسل ولا أنا هوا
وقف أمامها و وضع كلتا يديه على خصره متأففًا
-هيام بلاش حركات العيال دي أنا عايز أتخمد ورايا شغل بكرة وأظن أن أنتِ كمان وراكي جامعة ولا إيه
وضعت الطعام جانبًا ونهضت واقفة بمواجهته قائلة بدلال مصنطع وجسدها يتمايل بنعومة
-أتكلم عن نفسك لو سمحت متكلمش عني وبعدين انا حرة واحدة ومش جايلها نوم وحبت تأكل وهي بتتفرج على حاجة، إيه حرام أجرمت
-لا ما أجرمتيش بس المفروض يبقى عندك دم شوية عايزة تتفرجى اتفرجى انتِ حرة بس صوت التلفزيون ميصحيش اللي حواليكي
قالها مغادرًا من امامها فهزت قدميها بغضب وأشعلت التلفاز مرة أخرى وهرولت تجاه الأريكة جالسة عليها
كاد أن يلج غرفته فأستمع لصوت التلفاز مرة آخرى فضم قبضته بعضب وتحتدت عينيه وعاد إليها مرة آخرى فكادت ابتسامة مشاكسة ان تشق ثغرها ولكنها منعتها وهى ترى وجهه لا يبشر بالخير
أغلق التلفاز مرة آخرى ولكن تلك المرة بغضب أعمى واقترب منها محاوطًا إياه على الأريكة مقتربًا منها حد الهلاك مردفًا أمام شفتيها بنبرة قاسية أثارت أعجابها كأنثى
-وديني وما أعبد لو كررتيها تاني لهكسر التلفزيون وبلاه تلفزيون خالص أنتِ سامعة
طالعته وتأملت ملامحه الغاضبه بنظرات عاشقة كأنه لا يصرخ عليها وفرض سيطرته وشخصيته الطاغية عليها، فظلت ساكنه صامته بوداعة كالقطط تتمنى وتتلهف لقربه
أما “ثائر” فتناسى غضبه سريعًا وهو يرى عشقها بعيناها التي فضحت آمرها، أقترب منها ببطء لايبعد عيناه عن عينيها وأنحنى تجاه شفتيها ملتهمًا إياهم يتلذذ بهم فبادلته عشقه، وهوسه بها
**********
خرج “مالك” من الحمام وعينيه تبحث عنها وأخيرًا ألتقطتها عيناه فوقف متسمرًا مكانه مبتلعًا ريقه بصعوبة وهو يراها تقف أمام المرآة تهندم خصلاتها بعنج ودلال لا يليق سوى بها وبأطلالتها
حاول كثيرًا أن يخفض عينيه المتلهفة وأخيرًا نجح بذلك وسيطر على مشاعره التي تطالبه بالبوح بها الآن
نهر نفسه مؤنبًا إياها فعليه إلا يستلم لها ولمشاعره الجامحه التي ستهلكه لا محال
تحرك من مكانه بذات الوقت التي تحركت به فهى قد علمت ما اعتراه من شوق ولهفة فصورتها المنعكسة بالمرآة كشفت آمره و زادتها ثقة بنفسها
مرت من جواره لتتقابل عينيهم بنظره سريعة لم تدم طويلًا وأتجهت هى نحو الفراش لتعتليه أما هو فنام على الأرض واضعًا رأسه على وسادته متنهدًا بحرارة الهبته ولن تنطفئ بسهولة
فأغمض عينيه يحاول الذهاب بنوم عميق عله يتخلص من نيران قلبه لكن محاولاته باءت بالفشل، فتح عينيه فوجدها ابدلت موضع رأسها وتنظر لها بشرود ساندة ذقنها على يديها فخرج صوته متحشرجًا
-أنتِ بتعملي إيه!!!
أبتسمت بخفة مجيبة إياه
-بتفرج عليك وأنت نايم شكلك حلو أوي
أغمض عينيه مرة أخرى وتقلب على جانبة طاردًا تلك الهالة من حوله
-نامي يا رنا نامي
أجابته بنعومة
-حاضر يا قلب رنا
انهت كلماتها باعثه له قبلة بالهواء جعلت العديد من الأفكار تهيم بعقله ولكنه نفض تلك الأفكار وبدأ يخمن رد فعلها عند علمها بما فعله
************
في صباح يوم جديد
أستيقظت من نومها على صوت تلك الطرقات العالية فشعرت بيده التى تحاوطها بتملك يرفض الأبتعاد عنها، ابتسمت مقبلة وجنته وابتعدت عنه تطالعه مرة أخرى فوجدته أفتح عينيه يطالعها بنظرات عاشق مُتيم
اجتاحها الخجل وأكتسى وجهها بألوان قوس قزح لاستيقاظه ونظراته المشتعله من فرط مشاعره
أزدردت ريقها ونهضت سريعًا متحررة من تملكه ومحاوطته قائلة بتلعثم وذعر
-دي أكيد ماما
ابتسم بمشاكسة وقال
-ومالك خايفة كدة ليه انا جوزك يا حبيبتي وبعدين انا اللي هفتح خليكي
قالها ملتقطًا التيشيرت الخاص به وأرتداه على عجل متجهًا للخارج وفتح الباب لـ “هبه”
قابلته هبه بأبتسامة محبة مشرقة وهى تلج للمنزل
-حمدالله على السلامة يا أستاذ ثائر
ابتسم ثائر ابتسامة جانبية
-الله يسلمك ياحماتي، ولا أقول يا هبه
اجابته بتفكير مصطنع
-يا سيدي أي حاجة عايز تقول هبه قول عايز تقول حماتي قول
خرجت هيام من الغرفة ترتدي روب طويل فوق ملابس نومها القصيرة وقابلت والدتها بسعادة مهرولة تجاهها دافعة نفسها داخل أحضانها
-ماما وحشتيني
بادلتها “هبه” عناقها وقبلت أعلى جبهتها
-وأنتِ وحشتيني أكتر مصدقتش لما لقيت خالد بيقولي أنكم وصلتوا، أصله عرف من مالك رجعوكم، وبعدين لو كنت اعرف كنت استنيتكم وأستقبلتكم، بس يلا مش مشكلة، غيروا هدومكم بقى وتعالوا عشان تفطروا معايا انا وخالد وأنتِ تنزلي جامعتك وتشوفي محاضراتك وأنت تشوف شغلك وتنزل على المحل
***********
تململت في نومتها وفتحت جفونها بأنزعاج من أضاءة الغرفة وصوته الذي صاح بنبرة شبه آمره
-يلا يا هانم أصحي وراكي حاجات قد كدة وبعدين مش عيب عليكي أصحى قبلك
فركت “رنا” عينيها وقالت بتأفف وصوت متحشرج
-حرام عليك يا مالك إيه النور ده، وإيه الصوت ده
اقترب منها وجلس بجوارها فانتبهت لهيئته المهندمة وجاذبيته الزائدة فقالت بغيرة
-أنت نازل!!!
-أكيد، الهانم عايزاني أقعد جمبها ولا إيه قومي بقى وأتعدليلي كدة عشان اقولك اللي وراكي انهاردة واقولك تطبخيلي إيه
أعتدلت بجلستها على الفراش وقال
-أولًا أرجع من الشغل الاقى البيت معمول وأكلي جاهز عايزك تطبخيلي أنهاردة فراخ و رز ومعاهم ظفر
أمتعضت ملامحها وقالت مرددة كلماته
-ظفر!!
-أيوة ظفر يعنى فراخ أرانب بط أى حاجة من الحاجات الحلوة دي
نهض من مجلسة متجهًا صوب الباب وما لبث أن يخرج حتى ألتفت لها قائلًا
-آه نسيت أقولك ماما أيديها متمدش في حاجة وإلا مش هيحصل طيب مفهموم
اماءت بخفوت قائلة
-مفهوم
***********
على طاولة الأفطار بمنزل “خالد” و “هبه”
كان يجلسان والأبتسامة لا تفارق وجوهم يتسامرون بالعديد من الأشياء، أبتلعت “هيام” طعامها الذي بجوفها وقالت ناهضة عن المائدة
-طيب عن أذنكم بقى لحسن أنا أتاخرت أوي ومش عايزة افوت المحاضرة التانية كفاية الأولى
نهض “ثائر” هو الآخر حتى يوصلها أمام باب جامعتها ورغم ما يعترية من مشاعر سوداء أثر غيرته خوفًا من أختلاطها بأي من زملائها ولكم ما باليد حيلة
فصدح صوت”خالد” قائلًا بتذكر
-صحيح أنا كلمتلك واحدة غلبانة اعرفها من زمان قالتلي على شغل فقولتلها تساعدك في شغل البيت أنتِ كدة كدة مش هتلاحقي وبعدين أنا عايزك تجيبي تقدير
نظرت “هيام” ل “ثائر” الذي لاح الأنزعاج على ملامحه فطالعته “هيام” بأبتسامة بسيطة
-مفيش داعي يا بابا انا
قاطعها “ثائر” متمتم
-لا فيه داعي ونص أنتِ فعلًا مش هتعرفي توفقي بين الأتنين ومعنديش مانع واحدة تساعدك بس بعد أذنك أنا اللي هدفعلها ده بيتي ودي مراتي
سعد “خالد” بذاك الشاب ذو الكرامة وأبتسم مربتًا على كتفيه متمتم بمرح
-اللي تشوفه يا جوز بنتي
***********
ترجلت من خلفه قائلة بحب
-هخلص المحاضرة وأكلمك علطول
حك أنفه قائلًا وعينيه تجول من حولها يرى الشباب من حولها وكلما وقعت عينيه على أحدهم زادت غيرته ونهشت قلبه، أخفى غيرته وأبتسم أبتسامة لم تصل لعيناه وقال
-ماشي ومتنسيش مفيش كلام مع أي صنف دكر أنتِ سامعة
تهللت اساريرها لغيرته عليها فأجابته بحركة مسرحية
-علم وينفذ يا ثائر بيه عن أذنك بقى لحسن أتاخرت
غادر من مكانه عندما تأكد من دخولها الجامعة وأطمئن قلبه عليها فأدار محرك دارجته النارية وأنطلق بها نحو حارته وخاصة محله وقهوته
أما هى فكانت تسير بخطوات شبه راكضة محاولة الألحاق بمحاضرتها وما أن وصلت حتى وجدت باب المدرج قد غلق فتأففت بضيق فذاك الدكتور لا يسمح بدخول أحد خلفه
غادرت من أمام المدرج وسارت بطريقها تنوي الجلوس بأحدى الزوايا لكي تنتظر المحاضرة الثالثة
أثناء جلوسها اخرجت زجاجة ماء من حقيبتها وأحدى الكتب، رفعت الزجاجة وتجرعت منها مغلقة إياها، كادت أن تفتح الكتاب وتقرأ منه فلمحت أحدهم يقف أمامها
رفعت رأسها تطالع من يقف أمامها وسرعان ما علمت هويته فقطبت جبينها وقالت بدهشة
-أستاذ إياد!!
ابتسم “إياد” بمشاكسة وقال بمرح
-كويس أنك فكراني
-وهو انت تتنسي، ده أنت هربت يوم فرحك على أختي
أجابها بطريقته المرحة
-برئ يا بيه والله دي أختك اللي قالتلي اعمل كدة يعني أنا عبد المأمور
أبتسمت بأتساع وقالت بمرح متبادل متناسية تحذيرات”ثائر”
-عارفة رنا حكتلي كل حاجة
تنهد براحة وقال وهو يجلس بجوارها
-لا حيث بقى رنا حكيالك كل حاجة يبقى اقعد معاكي، أنتِ لسه عندك محاضرات
أماءت له وقالت
-أيوة ع
قطعت كلماتها وهى تتذكر تحذيرات “ثائر” فلعنت غبائها ونهضت من جواره قائلة بتوتر واضح
-عن أذنك بقى الحق المحاضرة
وبذات الوقت رآتها “حنين” جالسة مع ذاك الشاب تتساير معه فأبتسمت ابتسامة شيطانية وأماءت برأسها متوعدة لها، وغادرت الجامعة راغبة برؤية معشوقها الذي تركها متزوجًا بآخرى لا تستحقه من وجهه نظرها
*********
بمنزل “ندى”
كانت تجلس أمام تلك المرأة التي يتخطى عُمرها الخمسون عامًا والشر يظهر جليًا على وجهها قائلة بمكر
-ها يا سماح عرفتي هتعملي إيه
أماءت لها “سماح” وقالت
-عرفت يا هانم واطمني كل اللي عايزاه هيحصل
أخذت “ندى” شهيقًا طويلًا وقالت
-كويس أوي وعايزاكي تعرفي اعتمادي كله عليكي، والمبلغ اللي اتفاقنا عليه هخليه الضعف لو نفذتي صح ومغلطيش في حاجة
تهللت اسارير “سماح” وقالت بلهفة
-ربنا ما يجيب غلط يا هانم وأن شاء الله هنفذ اللي قولتيلي عليه خطي في بطنك بطيخة صيفي
**********
في منزل صباح
أنتفضت بفزع من ذاك الكابوس الذي يراودها منذ أن رأت ذاك الشاب الشبيه لزوجها السابق، تتذكر كيف كانت فتاة صعيدية بريئة اقصى طموحاتها أن تعيش قصة حب مثل التي تحدث بالأفلام والمسلسلات التي تراها، دائمًا ما كنت تتخيل نفسها محل البطلة، تتمنى أن تقابل فتى أحلامها ولكن كيف يحدث ذلك و والدها لا يخرجها من المنزل فهو صارم وغاضب بطبعه لا يسمح لها بالخروج خارج المنزل او خارج بلدتها الصغيرة، فكان يومها كله يشمل العجين مع والدتها وتنظيف المنزل، حتى جاء اليوم الذي اخبرها به والدها بطلب أحد الرجال الذي يعيش بالقاهرة لها فسعدت لذاك الخبر وتخيلته فارسها المغوار فوافقت على الزواج به وتعلقت به كأنه طوق نجاه للتخلص من سجن والدها
غير مدركة حقيقة تلك الزيجة فالزوج كان متزوج بآخرى فحاولت الفرار لا تستوعب أنها زوجة ثانية ولكنها لم تستطع الفرار وقبض عليها ليذيقها العذاب ألوانًا حتى جاء اليوم الذي علمت فيه بحملها فسعدت وحزنت بذات الوقت، وبدأت تتعلق بجنينها ذاك يومًا بعد يوم وظلت تتلهف رؤيته وتتحدث معه بوحدتها، لكن موت جنينها عقب ولادته مازال تاركًا ندبة بقلبها فكلمات الطبيب لا تزال عالقة بأذنيها
-مع الأسف ابنك نزل ميت، مع الأسف ابنك نزل ميت
وضعت يديها على اذنيها محاولة تناسي كلمات الطبيب ولكن بتلك اللحظة جال بذهنها ما جعلها تدرك حماقتها وغبائها متذكرة تجاهله كلما سالته عن سبب زواجه بها وهو متزوج بآخرى فكان دائمًا يتهرب من الأجابة والآن خمنت سبب زواجه منها فأتسعت عيناها لتدركها تلك الحقيقة وقالت بصدمة
-معقول يكون ممتش معقول يكون آسر ابني، أنا ازاي كنت غبية كدة ازاي صدقتهم
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هوس متيم (هيامي))