رواية هجران رحيل الفصل العشرون 20 بقلم شامة الشعراوي
رواية هجران رحيل الجزء العشرون
رواية هجران رحيل البارت العشرون
رواية هجران رحيل الحلقة العشرون
كانت تضم جسده البارد بين أحضانها، فمدت يدها وتحسست وجهه الشاحب الذى يوحى بشحوب الموتى وقد تساقطت عليه قطرات دمعها، فصاحت مستغيثة لينقذه أحد قبل أن تفارق روحه جسده، ثم قالت ببكاء خافت:
– مراد رد عليا أرجوك ماتسبنيش.
جاء الجميع على صوت صراخها، فقال شقيقها بقلق:
-ماله مراد ايه اللى حصله.
أردفت من وسط بكائها قائلة:
-معرفش مرة واحدة مسك قلبه وبعدها وقع من طوله.
تحدث “هشام” بخوف وقلق وهو يرفعه قليلاً:
-اسنده معايا يامازن لحد العربية.
بعد أكثر من ساعة..
كانت واقفة أمام غرفة العناية تطالعه بوجه حزين، لتلوم نفسها لأنها اوصلته لهذا المرض، لقد أخبرهم الطبيب أنه أُصيب بمتلازمة القلب المنكسر والتى تصيب المرء حين تعرضه لتوتر وضغط شديد من أثر الحزن، تذكرت هيئته وجسده البارد الذى ارتعد قلبها خوفاً فقد ظنت أنه مات، شعرت بيد توضع على كتفها فنظرت للخلف فوجدت “مروان” الذى قال مواسياً:
– إن شاء الله هيبقى كويس.
اختلست نظرة سريعة إلى رفيق روحها بأعين متورمة، ثم شهقت باكية وهى تقول:
– أنا السبب، أنا وصلته للتعب ده لو مكنتش تكبرت وعاندت فى المسامحة مكنش زمانه فى العناية.
عانقها “مروان” ليربت على شعرها بحنان ثم قال:
– هونى على نفسك يارحيل وبلاش تفكرى فى اللى بتقوليه، دا قدر ربنا وهو القادر على شفائه.
أردفت بحزن بليغ فقالت بنبرة باكية ممتزجة بالحسرة:
– خليه يقوم وأنا والله هسامحه، أنا مش حمل تعب ووجع تانى وفراقه هيبقى صعب عليا، صمتت لوهلة ثم أضافت:
-أنا لو جراله حاجه هموت بعده يامروان، بالرغم اللى حصل لسه بحبه.
ابتعدت عنه قليلاً ونظرت من زجاج العناية لتشاهد حبيبها محاوط بالأجهزة، فألمتها هيئته التى بدأت هزيلة ضعيفة، فقالت بقهراً وبكلمات غير مرتبة:
– قوله يامروان يقوم وأنا هفضل جمبه ومش هسيبه أبدآ، وهعيش معاه أنا وزين وزينة.
أردف “مروان” بحزن فقال:
– صدقيني هيقوم وهيبقى احسن من الأول.
-خايفة لاميقومش ما أنت عارف اللى بيدخل هنا مابيخرجش غير…
وضعت يدها على فمها لتكتم قولها فانخرطت فى البكاء مجدداً، بينما “مروان” قال بثقة:
-هيخرج عايش وبكرا تشوفى، أهم حاجه دلوقتى أننا ندعيله على يقين بالشفاء وربك هيستجيب.
بعد أن جاءت من المستشفى ذهبت لغرفتها فوجدت “نور” جالسة على الفراش برفقة أطفال شقيقها، دنت “رحيل” منهما وهى تقول بتسأل:
-ناموا امتى.
أجابتها الأخرى بأرق فقالت:
-من نص ساعة على ما أعتقد.
مسحت “رحيل” على شعر صغيرتها بلطف ثم قالت:
– تعبوكى؟.
-ابداً بس كانوا كل شوية يسألوا على أبوهم هو فين هو كويس طب مجاش ليه مدام كويس، وأنا الصراحة معرفتش اجوب على كل أسئلتهم ماشاءالله عيالك اذكية وصعب يضحك عليهم بكلمتين.
تنفست براحة وهى تطالعهم بحب:
-ولادي طالعين لابوهم.
تحدثت “نور” بحزن متسائلة:
– مين اللى فضل معاه هناك؟.
أجابتها الأخرى بنبرة مجهدة:
-جوزك ومروان كنت عايزة أفضل معاه لكنهم رفضوا عشان خاطر الولاد ميحسوش بحاجه.
-عندهم حق ياحبيبتي، بإذن الله اخويا هيعدى المحنة دى وهيرجع لينا بخير، ودلوقتى أنا هروح أنام شوية وأنتى حاولى ترتاحى لأن شكلك مجهدة وتعبانة.
-حاضر.
فلما اشتدّ ظلام الليل ذهبت إلى غرفته لتخرج من الصندوق باقى الرسالات والهدايا التى كان يدخرها لها، دمعت عيناها عندما بدأت بقراءة الكلمات المنقوشة فى الرسالة الاخيرة.
” مازلت اشتاق إليكِ يامحبوبتي، أشعر وكأني لن أراكِ مجدداً وهذا مايؤلم قلبي، فقد أصبح ألمه لا يحتمل،،
كل ما يحزنني الآن أنني لم أرى وجهكِ الجميل،،
كلما حرقني الشوق تذكرت ذكرياتنا التى جمعتنا يوماً معاً، تلك الأحاديث والكلمات التى سمعتها منكِ لازالت تردد فى مسمعي، أتذكر كل أغنية رددناها معاً، حتى رقصتنا الأولى اتذكرها جيدآ أشعر وكأني أراكِ أمامي،،
لو لم يكن لنا لقاء فى الدنيا اتمنى أن يكون لنا لقاء يجمعنا فى الآخرة، اتمنى تلك الحياة الأبديةالتى سأعيشها معكِ دون حزن وألم،
أود أن أخبركِ بأنني سأظل اتذكرك إلى الأبد،،
وسأظل أحبكِ وكأنك ليّ ومعي، سأظل أحبكِ وكأنكِ جزء مني، وكأنكِ هنا بجانبي، فأنتِ ياحبيبتي الآن بجانبي.”
نهضت من على الأرض بعدما أصابها السُهد فأتجهت نحو فراشه لتنعم بنومة تعيد لها نشاطها، فلما وضعت رأسها على المنضدة تسلل إلى أنفها رائحة عطره المميز فأخذت تتنفسه بعمقٍ لتروى عطش شوقها، فالمرء يشعر بقيمة المحب له و عظمة مكانته فى قلبه حين يوشك على فقدانه.
فى صبحية يوم جديد كان “سليم” جالس بجانب شقيقه محاولاً أن يخفف عنه معالم الحزن بعدما شعر بالذنب باتجاه “مراد”، ولجت إليهن فوجدت العائلة باكملها فى حالة يرثى لها، بينما هى لا تقل عنهم حزناً، بل حزنها وألمها أكثر منهما، التفت إليها الجد ليقول:
-تعالى يابنتي واقفة عندك ليه.
أجابته “رحيل” بابتسامة باهتة يكسوها معالم الحزن والتعب فقالت:
– أنا رايحة المستشفى حد منكم هيجى معايا.
رد عليها “حمزة” وهو ينهض من مقعده:
-ايوة يابنتي أنا جاى معاكى.
نهض الجد هو الآخر وقال:
-استنوني هطلع أغير هدومي واجى معاكم.
بينما “رحيل” جذبت كأس الماء من الطاولة وارتشفت منه قليلاً، فتحدثت “صفا” قائلة:
-مش هتتفطرى الأول قبل ماتمشى.
-لا ياماما ماليش نفس للأكل، واه خلى بالك من الأولاد هما شوية وهيصحوا حاولى تخليهم يفطروا.
ثم تفحصت الغرفة وقالت بتسأل:
-اومال عمتو حنان فين.
أجابها عمها “حمزة” قائلاً:
-حنان نايمة.
قطبت مابين حاجبيها بتعجب ثم قالت:
-هى مش هتيجى معانا تطمن على مراد.
-لا أصلها مانمتش امبارح وكانت طول الليل بتعيط، وأنا الصراحة خوفت ليجرالها حاجه فحطتلها مهدى فى العصير الفجر عشان ترتاح شوية، ولما تصحى براحتها هبقى اخلى مازن أو هشام يجبوها معاهم.
وفى هذا الأثناء أردف “سليم” بود:
– ابقوا طمنوني على مراد ولو احتاجتم أى حاجه اتصلوا بيا ياحمزة وأنا والله مش هتأخر.
نظر إليه شقيقه وقال باسماً:
-حاضر ياسليم.
فلما وصلوا للمستشفى أقتربت “رحيل” بلهفة من “مروان” وقالت متسائلة:
-طمني مفيش أخبار جديدة عن حالته.
أجابها الأخر ببسمة وشوشة فقال:
-اطمنى ياحبيبتي الدكتور من شوية كان عنده وقالنا أن حالته بتتحسن.
أرتسمت على محياها ابتسامة رضا ثم قالت بنبرة لطيفة:
-طب الحمدلله، لكن أنا عايزة أشوفه ينفع ادخله العناية.
تحدث “أدهم” قائلاً:
-اه ياحبيبتى ينفع بس لازم تتعقمى الأول قبل ماتدخلى.
-ماشى مفيش مشكلة، طب وعمى مش هيدخل معايا.
رد عليها “مروان” فقال:
-المفروض واحد بس اللى يدخل.
نظرت إليه “رحيل” بحيرة فهى تريد أن تراه ولكن عمها أحق منها، فتراجعت خطوة للخلف بعدما انطفئ حماسها، فعلم “حمزة” ما دار بعقلها عندما لاحظ تغير لون وجهها، فمسك معصمها وقال باسماً:
-ادخلى له يابنتي لأن وجودك جمبه هيفرق معاه أكتر من وجودى أنا.
– لكن ياعمي.
قاطع حديثها بقوله:
-مفيش ولكن أنا اللى بقولك ادخلى شوفيه، وأنا كدا كدا اطمنت عليه.
عانقته بقوة وهى تقول برقة:
-شكرآ.
فلما دخلت إليه دنت منه وجلست على المقعد بجانبه، ثم مدت يدها المرتشعة لتمسك ساعده الذى قبلته فوراً وبكت بصوت خافت:
– مش عارفة أقول ايه بس كل اللى أنا عيزاه أنك تقوم بالسلامة وترجع لبيتك بكامل صحتك وبعدها كل شئ يهون.
أخذت تتأمل وجهه الشاحب المائل إلى اللون الأصفر ثم قالت بألم يعصف قلبها:
– مكنتش حابة أشوفك قدامي بالشكل ده لأن قلبي بيوجعني أوى ومش قادرة اتحمل وجعه، أرجوك يامراد اتعافى بسرعة عشان خاطر ولادنا وعشان خاطري أنا كمان لأني محتاجاك جمبي، أنا مش هقدر اتخطى كل اللى حصل غير بوجودك جمبي.
ظلّت تراقبه لبضع دقائق حتى انتهى وقت الزيارة.
فى شركة الألفى كان “مازن” يباشر العمل إلى حين عودة اشقائه، فولجت إليه السكرتيرة واردفت بطريقة مشمئزة فقالت بدلال:
-تحب اسعدك فى حاجه مستر مازن.
أجابها وهو ينظر إلى إحدى الملفات فقال بحده:
-لا ياسوزى وبعدين أنتى مش السكرتيرة بتاعتى أى اللى جابك هنا.
– أنا قولت اكيد حضرتك مشغول جدآ وخصوصاً أن مفيش حد هنا يساعدك فحبيت اجى اشوفك لو محتاج حاجه، طب تحب تشرب قهوة.
رد عليه دون أن يلتفت إليها فقال:
– مفيش مانع بس ياريت تبقى مظبوطة.
-حاضر.
بعد لحظات عادت إليه ومعها فنجان القهوة فوجدته واقفاً ينظر من النافذة على المآرين فى الخارج، بينما هى تلكأت فى مشيتها حتى تعثرت قدميها، لتقع بالقرب منه ولكنه اسندها فى تلك اللحظة، وعندئذٍ تفاجأ بحضور زوجته التى التمعت عيناها بالغضب والكره الغليظ لتلك الفتاة، فاقتربت منها وشدّت خصلاتها بقوة حتى أسقطتها أرضاً كل هذا حدث وهى تصيح بصوتٍ عالِ:
– اه ياخطافة الرجالة ياشبه عصاية المقشة
كانت “سوزى” تحاول أن تدفعها بعيد عنها ولكن الأخرى كانت فى مركز القوة، فصرخت “سوزى” متألمة من أثر الضرب :
-ابعدى عنى يابيئة مش عارفة هو أزاى أتجوز واحدة مسترجلة زيك.
بينما “ندى” سددت لها عدة صفعات متتالية ثم قالت بغضب:
-بقى أنا بيئة يازبالة والله لهربيكى.
أنهت جملتها وهى تقضم ذراعيها بعنف شديد حتى تقطرت الدماء منه، رفعها “مازن” بكامل قوته من عليها وهو يقول:
-يابنتي اتهدى بقى جايبة الصحة دى كلها منين حرام عليكى.
التقطت “ندى” أنفاسها المتقاطعة ثم قالت بضجر :
-سيبنى اخلص عليها يامازن وانتفلها شعرها اللى عامل زى الليفه ده.
رد “مازن” بضيقٍ وهو يشير للاخرى أن تنهض من مكانها:
– اخرجى برا ومشوفش وشك هنا تانى.
ثم نظر نحو زوجته وقال غاضباً:
– ممكن تهدى بقى فرجتى علينا الناس.
تحدثت هى بنبرة عالية:
-هو أنت عايزيني أشوف الزبالة دى فى حضنك وأسكت يابيه ما هو شكل الموضوع عجبك.
تفوه “مازن” وقال بحده:
-ندى صوتك أنتى هتستهبلى فيها ولا أى ما قولت ان محصلش حاجه، أنتى اللى فهمتى الموضوع غلط.
ترقرت الدمع فى عيناه ثم قالت بنبرة حزينة:
-صح أنت عندك حق أنا فهمت غلط.
خرجت من المكتب وهى تسبه بجميع الشتائم التى تعرفها، بينما هو جلس على مقعده بأرهاق وقال بضيقٍ:
– ياربي هو أنا كان ناقصني مشاكل.
لحظات وفُتح باب مكتبتها فلم يجدها بداخله، فاغمض عيناه بغضبٍ وهو يقول:
-أكيد الهانم روحت على البيت، ماشى ياندى لما أشوف أخرتها معاكى أي.
كانت جالسة بأحضان صديقتها “نور” التى تفوهت بنبرة قلقة:
– ايه اللى حصل فهميني واحدة واحدة وبلاش عياط بقى يابنتي.
أجابتها “ندى” مشتكية وهى تبكى:
-مازن الخاين الكداب الغشاش بيخونى.
حدقت بها “نور” مندهشة ثم قالت بتسأل:
– بيخونك أزاى مش فاهمه؟.
رددت عليها بصوت باكى:
-ااااه الخاين بيخونى مع عصاية المقشة.
ابتعدت عنها “نور” وهى تنظر نحوها بأعين متسعة صادمة:
– أى بيخونك مع مين أنتى قولتى عصاية المقشة ولا أنا سمعت غلط!.
-مش قصدى عصاية المقشة اللى بنروق بيها أنا قصدى ع البت الصفراء اللى ضاربه شعرها أكسجين سكرتيرة مراد أخوكى.
-طب خانك معاها أزاى يعنى مش فاهمه؟.
جففت “ندى” دموعها بكف يديها ثم قالت بحزن:
– أنا كنت قاعدة فى مكتبي وزهقانة فقولت لما اروح اشتغل معاه فى مكتبه أهو نسلى بعضنا، ولما دخلت لاقيت الهانم الصفرا فى حضن البيه.
-مايمكن أنتى فهمتى غلط.
صاحت الأخرى بضيقٍ فقالت بنبرة عالية:
– هو ايه اللى فهمته غلط بقولك كانت فى حضنه ودى هيكون معناها ايه أن غير البيه ماصدق يستغل الفرصة ويخوني.
ربتت على ظهره صديقتها بشفقة ثم قالت:
-ممكن تهدى لأن اللى بتقوليه مستحيل مازن يعمله أكيد فى حاجه غلط ياندى، فبلاش تشكى فى جوزك لأنك كدا هتبوظى علاقتك بيه، ولما يجى حاولى تتكلمى معاها بهدوء وتعرفى ايه اللى حصل، علشان متخسريش جوزك بسبب غيرتك الزايدة.
لحظات وجاء “مازن” من الخارج باحثاً عنها، فلما وجدها جالسة فى غرفة المعيشة بجانب زوجة شقيقه دن منها وقال معتذراً:
-أنا آسف لأني زعقتك فى المكتب، وصدقينى ياحبيبتي أنتى فهمتى غلط.
دفعت يده بعيداً وهى تقول :
-ابعد عنى أنت خاين ومش عايزة اتكلم معاك.
تحدث “مازن” بهدوءٍ حتى يشرح لها ما حدث:
-حاولى تسمعيني أنا بجد والله معرفش هى أزاى بقت فى حضني.
نهضت “نور” من مكانها ثم وجهت حديثها لصديقتها فقالت:
-ندى اعقلى كدا واقعدى اسمعى منه وحلوا مشاكلكم مع بعض بهدوء.
بعد مغاردتها جلس زوجها بجانبها وعانق وجهها بين كفيه، ثم قال بنبرة لطيفة:
– أنا عمري ما فكرت أني أخونك أو ابص لوحده غيرك، أنتى مراتي حبيبتى، وزى ماقولتلك قبل كدا مفيش واحده تقدر تملى عينى غيرك ياندى.
تحدثت “ندى” بنبرة ممتزجة بالبكاء:
-أمال هى كانت بتعمل أى فى حضنك.
تنهد “مازن” و قص عليها من حدث، ثم قال بعطف :
– والله ياندى هو ده كل اللى حصل.
-بجد.
قام بضمها ثم قال باسماً:
-بجد ياعمري ياللى مجنناني أنتى.
ولج “سليم” لغرفة المعيشة وهو يقول:
-بتتخانقوا ليه صوتكم واصل لآخر الدنيا، ثم وجه حديثه لابنه قائلاً:
-عملت ايه يابلوة حياتى؟.
-معملتش حاجه يابابا والله هو بس سوء تفاهم وراح لحاله.
تبسم “سليم” وهو يقول مازحاً:
– يعنى خلاص راح لحاله يا غلطة عمري.
أردف “مازن” باسماً:
-أه والله يابابا خلاص مفيش حاجه احنا زى الفل أهو.
نظر “سليم” إلى “ندى” وقال بحنان أبوي:
-لو زعلك فى حاجه الحيوان ده تعالى قوليلي وأنا هكسرلك رقبته.
ضحكت “ندى” بخفة ثم قالت برقة:
-حاضر يابابا.
بينما “مازن” همس لها قائلاً:
-بقولك ايه مفيش حاجه حلوة منك تنسيني الفرهدة والفضحية اللى حصلت.
تفوهت هى بحياء فقالت:
-اتلم يازفت أبوك قاعد.
-ماشى ياستى لينا أوضة تلمنا لوحدنا.
بعد عدة أيام تحسنت حالة “مراد” الذى خرج فور اطمئنان الطبيب عليه ولكنه حذره من تعرضه لضغوطات، بعد يومين من رجوعه للبيت كان جالس معهم فى غرفة المعيشة يتخلس نظرات محبة نحوها، بينما هى لاحظت تركيزه الشديد معها فنهضت من مكانها لتفر من نظراته المربكة لها، فقالت مبتهجة:
-أنا هروح أحضرلكم العشاء.
ارتسم على فاهُ ابتسامة عذبة حين نظر لاثرها، ركضت صغيرته نحوه مسرعة لترتمى بين ذراعيه بعنف تألم قلبه من أثر ذلك ولكنه تحامل على نفسه كى لا يحزنها، فرفعها إليه واجلسها على رجله وداعب خدها بحنان ولطف ثم قال:
– بحبك يازينة حياتي.
بينما هى تحسست ذقنه المنبتة وقالت ببراءة:
-وزينة بتحبك أوى.
مسد على شعرها بعناية وقال بمرح:
-وبتحبي بابا قد اي.
ضحكت صغيرته برقة وهى تجيبه قائلة:
-قد البحر وسمكاته.
ضحك بخفة عندما تذكر تلك المقولة الذى كانت تقولها محبوبتهُ منذ سنين فائته، فقال:
-تعرفى مين اللى كان بيقول الجملة دى دايماً.
أجابته “زينة” بفطنة:
-مامي.
رفع حاجبه بتعجب ثم تسأل:
-عرفتى منين.
-لان مامي على طول بتقولنا الجملة دى لما بنسالها أنا وزين بتحبينا قد اي، تقولنا قد البحر وسمكاته.
-فعلاً.
تحدث “سليم” قائلاً:
-زينة ياحبيبتي تعالى أقعدى جنبنا هنا عشان ماتتعبيش باباكى.
نظرت إلى والدها فقالت بحزن:
-أنا بتعبك.
قبل يدها الصغيرة برفق ثم قال بحنان:
-لا ياقلبي بالعكس وجودك فى حضني مخليني مبسوط ومرتاح كمان.
بعد مدة من الوقت اجتمعت العائلة معاً ولأول مرة من سنين على سفرة واحدة، فقال الجد بسعادة:
-أنتم مش متخيلين فرحتي بوجودكم حواليا عاملة ازاى، بجد لمتنا دى نعمة كبيرة من ربنا لازم الواحد يشكره عليها، ومن بكرا ياسليم أنت وأخوك تدبحوا عجلين وتفرقوا على كل المحتاجين.
أردف “سليم” بنبرة فرحة:
– حاضر يابابا.
بينما “حمزة” قال بلطف:
-فعلآ وجودنا مع بعض نعمة، الحمدلله أنا ربنا لم شملنا من أول وجديد والبيت زاد أفراد جديدة.
بعد الساعة واحدة صباحاً كانت “رحيل” جالسة على فراشها تتصفح هاتفها، فسمعت صوت ضوضاء يأتي من شرفتها شعرت قليلاً بالخوف والرهبة، فلما زاد الصوت نهضت من مكانها واتجهت بحذر نحو شرفتها، فلما فتحت أبوابها تصنمت مكانها عندما شاهدت “مراد” متعلق على الشجر المطلة عليها وممسكاً بيده باقة ورد، فقالت مندهشة:
-مراد أنت بتعمل اي هنا، وايه اللى طلعك على الشجرة!.
أردف هو بهيام وشوقٍ جارف:
-حبك اللى جبنا لحد عندك.
تحدثت بعدم تصديق فقالت ضاحكة:
-شكل التعب جننك على الآخر.
كان يطالعها بحب شديد فقال باسماً:
-الصراحة أنا جيت هنا عشان أقولك أني ملقتش حد يؤنسني فى الباقى من عمري غيرك أنتى ياحبيبة الروح والفؤاد، أنا جايلك علشان اعتذرلك على ما بدر مني من سوء واتمنى أنك تقبلي تسامحيني وتشاركني حياتي فى الحلال وهكون ليكى الزوج والحبيب والأخ والسند.
تهلل أسارير وجهها وارتسمت على ثغرها ابتسامة عذبة، فقالت برقة:
-طب أنزل من على الشجرة لتقع وأنت أصلا مش حمل كسرة رجل ولا كسرة رأس كفاية اللى حصلك الأيام اللى فاتت.
-مش هنزل غير لما توافقي على جوزي منك.
ضحكت بخفة ثم قالت برقة:
-مش هرد عليك غير لما تنزل.
-وأنا مش هنزل غير لما تقولى موافقة اتجوزك يامراد ومسمحاك و..
لم يكمل جملته فقد أنسكر غصن الشجر وسقط الآخر من عليه، ومن حسن حظه أن المسافة ليست بعيدة، شهقت “رحيل” بصدمة وهى تقول:
-يانهار أسود أهو ده اللى كنت خايفة منه.
هرولت إلى الحديقة والخوف ينهش روحها فلما اقتربت منه وجدته جالس على الأرض ينتظرها، فدنت منه وتفحصته جيدآ وهى تقول بقلق:
-حصلك حاجه أنت كويس رد عليا؟.
أبتسم بخفة على لهفتها وخوفها عليه فقال باطمئنان:
-متخافيش أنا كويس.
تنهدت بهدوء ثم جلست بجانبه وضحكت بخفة على فعلته:
-ينفع شغل المراهقين اللى أنت عملته.
لمس خدها برفق ثم قال:
-أنا أعمل أى حاجه عشان ترضى عني حتى لو هموت نفسي.
نظرت إليه بعتاب وقالت:
-ولما أنت تموت هنعمل ايه من غيرك أنا وولادك، على قد زعلي منك على قد ماكنت هموت لما لاقيتك وقعت من طولك حسيت وقتها أن روحي فرقتني، أنت مش متخيل أنا كنت عاملة ازاى لما عرفت أنك أصيبت بأزمة قلبية حرفيا كنت هموت من خوفي عليك.
أدمعت عيناه بالحزن فقال نادماً:
-رحيل أنا آسف سامحيني ياحبيبتي على الأذى اللى سببته ليكى.
-خلاص أنا مسمحاك أولا عشان خاطر ولادنا وثانياً عشان أنا عايزة أنسى الماضى وعايزة ابدء معاك صفحة جديدة.
-يعنى موافقة تكوني مراتي.
أجابتة بحياء قائلة:
-موافقة لكن بشرط تبنى ليا ذكريات جميلة.
تبسم بخفة وهو يحرك رأسه بالإيجاب:
-موافق ياكل كُلي.
فى غرفة الفندق ارتدت “رحيل” فستان زفافها الذى يشبه فساتين الملكات، فكان مرصع بحبيبات زجاجية تشبه الألماس، بينما هى كانت آية من الجمال وكأنها حور من الجنة، ومازادها جمالاً ذلك التاج الذى وضعته على خصلات شعرها، دنت “صفا” منها وقالت ببكاء:
-أنا بجد مش مصدقة نفسي، اخيرا شوفتك قدامى بالفستان الأبيض يانور عيني.
أردفت “ندي” بنبرة ضاحكة:
-جرا ايه ياصفصف احنا هنعيط كدا مش هينفع يامامي.
– اعمل ايه بس دى دموع الفرحة.
اقتربت “حنان” منهما وهى تبعد “صفا” عن “رحيل” ثم قالت بسعادة:
– اوعى كدا خلونى اشوف عروسة الغالي.
ثم عانقتها بسعادة فبادلتها الأخرى بروح منشرحة محلقة فى أجواء الفرح:
– الف مبروك ياحبيبتى.
أجابتها “رحيل” بخجل وقد تورتت خدودها بالاحمرار:
-الله يبارك فيكى ياماما.
بعد مدة كان يرقص معها وسط حضور العائلة، بينما نبضات قلبه كانت ترقص طرباً لحصولها على غايتها، فهمس لها بحب:
-حرفيا مش لاقى كلام يوصف جمالك وحلاوتك، ولا حتى يوصف فرحتي بيكي، كل اللى اقدر اقوله دلوقتى أن قلبي بينبض بحبك.
التمع بريق عيناها بالسعادة والابتهاج فقالت بنبرة لطيفة:
-بتحبنى قد اي؟.
ارتسم على ثغره ابتسامة عريضة ثم قال حين قبل رأسها:
-بحبك قد البحر وسمكاته.
ضحكت بخفة ثم قالت برقة:
-وأنا كمان بحبك قد البحر وسمكاته.
– كنتى حلمي ودلوقتي حلمي اتحقق يارحيل بعشق عينيكي اللى تشبه السماء فى صفائها ونقائها.
كانت تستمع إليه بحب شديد والدموع تنهمر من عينيه بفعل السعادة التى تشعر بها، فقام بتقبيل يدها وقال بنبرة لينة تحمل بداخلها حنان عميق:
– ياقُرة العين أن العين تهواكى بشدة، فأنا العاشق لكِ ياملكة قلبي.
عانقها برفق وهو يردد كلمات الموسيقى المشتعلة.
أنتهت الرقصة عندما رفعها ودار بها بسعادة وسرور تحت تسفيق الجميع.
كانت رحيل بالنسبة لمراد حلم واتحقق، فهى الامل والحياة
والسعادة التى يشعرها بها♥️♥️
دائـما …
هنــاك أرواح تحتوينا لتشعرنا بالأمان
أرواح نقيــة قلـــوبها بريئـة
حبها لا يحكى ولا يكتب
هم حكاية قدر جميلة لن تتكــرر أبــدًا
فَــ نَـحنُ يَـڪفينا بِـضع ڪلمات
ڪي نبقى على قيد الحياه … قيد الشغف
أطلقوا سِهام الحب الصادقه
و أصيبـوا بها أفئــدة من حولڪم
أشبعوهم دعم … حب و صدق
و تأڪدوا أن ڪلمات صادقه بسيطه
ڪَفيله أن تبني ناطحات من الأمل بأرواحهم ♥️♥️
تمت الرواية عارفة أن النهاية مش هتعجب الجميع لكن أنا بحب النهايات السعيدة دا غير أن كل واحد مننا يستحق فرصة تانية فى الحياة لينصلح حاله..
والنهاية أحب اعتذر منكم ع تأخيري فى نزول الفصول …واتمنى تكون الرواية عجبتكم وياريت تشاركوني برأيكم فيها بكل صراحة.🦋
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هجران رحيل)