روايات

رواية هجران رحيل الفصل الخامس 5 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل الفصل الخامس 5 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل الجزء الخامس

رواية هجران رحيل البارت الخامس

هجران رحيل
هجران رحيل

رواية هجران رحيل الحلقة الخامسة

فى وقت متأخر من الليل كان “مراد” واقفاً فى شرفة غرفته ينظر إلى ذاك القمر البازغ، فهو رفيقه المخلص ليلاً والذى يراقبه من بعيد صامداً، فهو يعرفه فى لحظاته المضيئة والمظلمة، وفى هذا الظلام أجتمعت الذكريات وكأنها قلباً لا ينبض إلا ليلاً، فرفع رأسه إلى السماء وتأوه بصوتٍ كئيب لا يخلو من الكسرة، وعلى حين غرة شعر بيد توضع على إحدى ذراعيه، فلما أستدار وجد جده يقف بجانبه، يسأله ما به، فأجابه الآخر فى حيرة:
– مش عارف مالي.
تنهد الجد ثم أضاف:- أزاى يعنى مش عارف.
أخبره قائلاً:- متشغلش بالك بيا أنا كويس مفيش فيا حاجه.
عاتبه الجد “وهدان” قائلاً:
– بتخبي على جدك اللى مربيك وعارف أنت بتفكر فى ايه، وايه اللى شغالك ومعكر مزاجك.
تنهد وقال:- صدقني مافيش حاجه مخبيها عنك.
– طب والحزن اللى مالى عينك دا تسميه ايه، سكت لثوانٍ ثم أضاف:
– أنت لو خبيت عن العالم كله وجعك وحزنك مش هتعرف تخبي على جدك يامراد.
تنهد “مراد” ثم أجاب بألم ينهش صدره:
– مش عارف حاسس بتعب ..مخنوق ومش عارف مالي جوايا وجع مش عارف اتخلص منه…حاسس بضيق فى صدري، وحاسس أن الدنيا كلها بتعاند معايا وماشية عكس ما بتمني.
تحدث الجد متسائلاً:
– أنت لسه بتحبها؟.
أنتظر رده فى ترقب فلم يجيبه الاخر فقال مبتسماً:
– مادام سكت يبقى لسه قلبك بينبض بحبها.
فرت دمعة من عينه حزناً فمسحها سريعاً قبل أن يراها جده فأردف:
– عمري ما بطلت أحبها، أنا كل يوم حبها بيزيد جوايا عن اليوم اللى قبله، ومكنتش أعرف أن معملتي ليها هتخليها تكرهني.
سارعه بالقول:
– ومين قالك أنها بتكرهك.
رد عليه مستهزاً:
-يعني حضرتك ماسمعتش الهانم قالت ايه ليا.
– لا سمعت بس دا من وراء قلبها.
نظر إليه بأنصات فقال:
– ازاى يعني مش من قلبها.
طمأنه الجد قائلاً:
-بمعنى هى مش كرهاك كشخصك هى مش بتحب تحكمك فيها لأنك طبعا عارف رحيل من صغرها متعودة أن كل طلباتها مجابه ومحدش بيرفض ليها طلب، فلما تيجي أنت مرة واحدة وترفض طلبها أو أي حاجه هى عيزاها ف أكيد هى مش هتحب كدا، فهتلاقيها بتتصرف تصرفات غريبة مش عجباك لمجرد أنها تلفت نظرك بتصرفها ده.
– وأنا مش همنع عنها حاجه غير لو هى متنفعش، يعنى حضرتك هى ونور مينفعش أن هما يسافروا ويباتوا برا البيت، وكمان هما رايحين فى حته مليانة شباب مش عارف أزاى حضرتك وافقت ع كلامهم.
أردف الجد مبتسماً:
-يعنى لو مكنش فيها شباب كنت هتخليهم يسافروا !.
اندفع “مراد” بالقول :
-طبعآ لا أنا مقدرش أن هى تغيب عني يوم واحد ومشوفهاش قدامي دا أنا اتجنن فيها.
تبسم الجد بخفة لما قاله حفيده، فوضع الآخر يديه على رأسه بإحراج، فقال الجد:
-مكنتش أعرف أنك بتحبها أوى كدا ومتقدرش ع بعدها، صمت لوهلة ثم أكمل قائلاً بود:
-تعرف يامراد إن أنت ورحيل ليكم معزة خاصة فى قلبى وأقرب اتنين ليا ودا لان أنا بشوف نفسى فيك وأنا صغير ولانك واخد حاجات كتير منى، أما رحيل بقا فهى نسخة طبق الأصل من جدتك الله يرحمها هى الوحيدة فيكم اللى طلعت نسخة منها نفس لون العين ولون الشعر الاحمر ونفس الغمازات ونفس طباعها، تعرف أول ما اتولدت كنت أنا أول واحد اخدها فى حضني ووقتها شوفت فيها جدتك، علشان كدا ناديت سليم وقولتله أنا هسمى بنتك رحيل ع اسم أمك لأنها هتبقى نسخة منها لما تكبر ساعتها فرح وابتسم ولما جيت أنت وشوفتها طلبت منى تشيلها وكان عندك ٨ سنين فاكر وقتها أنت قولت اي لما شيلتها بين ايدك.
أردف والفرحة تغمر قلبه:
– قولت دي هتبقى حبيبتي و عروستي.
– ولما قولتلك عروستك، قولت اه عروستى وهتبقى مراتى لما أكبر زيك أنت وتيتا، كنت فاكر أن دا مجرد كلام طفل، لكن لما كنت بشوف نظرتك ليها ولامعة عيونك ف كل مرة لما كنت بتكبر، و نظرتك اللى مكنتش بتتغير أبدا عرفت انه مش مجرد كلام وانه هيبقى حقيقى فى يوم.
تحدث “مراد” قائلاً بتسأل:
-تفتكر ياجدى أن ده ممكن يحصل وأنها هتبقى مراتى.
-وليه لا.
-خايف أن حلمي مايتحققش وتبقى لواحد غيري.
أجابه الجد باطمئنان:
-متخافش مدام لسه حلمك موجود خلى أملك ف ربنا كبير وانه قادر ع كل شئ، قادر أنه يجعل من الصعب سهل ومن المستحيل حقيقه بس أنت قول يارب واستودعه حلمك.
أردف الاخر بنجاة ربه هامساً:
– يارب أنت اعلم بحالى وما تحتاجه نفسى ف الأمر كله بيدك فاستودعك ما أتمنى.
******************************
جاء صباح يوم جديد مملوء بالتفاؤل والأمل، كانت تركض “نور” فى الممر محاولة إلالتحاق بأبيها قبل مغادرة البيت، وعلى حين غرة ألتوت قدميها اليسرى، فأمسكها “أدهم” الذى هرول نحوها مسرعاً قبل أن تسقط من على الدرج، فقام بضمها إلى صدره تلقائياً دون وعي، فخطف نظرة إليها ليدقق إلى ملامحها البرئية الذى لأول مرة يحدق بها عن قرب، فشعر بنبضة قوية تضرب قلبه، حين فتحت عيناها الماسية المرتسمة بالرموش الكثيفة، فبُهت من جمالها الذى سحره، فتعجب بداخله من ذاك الشعور المفاجئ الذى طرأ عليه، بينما هى أدركت الوضع فابتعدت عنه بحياء وقد توردت خديها، أستفاق مما هو فيه وقال مرتبكاً:
-أنتى كويسة رجليكى حصلها حاجه.
أجابته بحياء قائلة:
– لا محصلش حاجه أنا كويسة وشكراً لمساعدتك لولاك كان زماني طايحه من على السلم.
-على اي بس كويس أنى جيت ف الوقت المناسب قبل ماتقعى، و بعد كدا خلى بالك ومتجريش بالطريقة دي.
طأطأت رأسها إلى الاسفل بخجل وقالت:
– حاضر عن أذنك ، ثم تركته بمفرده.
تحدث “أدهم” إلى نفسهِ قائلاً :
-أنا ايه اللى بيحصلى وليه قلبى دق بالطريقة دى لما كانت قريبة منى، أياك تكون ياقلبي بدأت تحبها،،
فاق من شروده ليقول بنفى:
-لا مستحيل مستحيل يحصل وأرجع أحب تانى، لا مش هيحصل كفاية الوجع اللى اتوجعته قبل كدا ولحد دلوقتى مش قادر اتعافى منه، عمري ماهسمح لوحده تانية تدخل حياتي،،
الحب بيخلى البنى آدم مننا ضعيف ومكسور وأنا مش هسمح لده أنه يتكرر تانى.
على الجانب الأخر كانت “رحيل” جالسة أمام حوض المسبح تنظر إليه بشرود، فقامت “نور” بالمناداه فلم تجيبها فهزت ذراعيها وقالت:
– أنتى يابنتى.
أنتبهت “رحيل” إليها فقالت متعجبة:
-نور أنتى جيتى امتى!.
رددت عليها وهى تجلس بجانبها على المقعد:
– بقالى ساعة قاعدة جنبك وبنادى عليكى وأنتى ولا الهوا كأنك مش موجودة.
-مخدتش بالى والله وبعدين ياكدابه ساعة ايه اللى قاعدة فيها معايا إذا كان أنا جيت هنا من شوية.
علت الابتسامة محياها فقالت:
– ما هو طبعا لازم اقول ساعة زيهم امال أقول أى يعني.
تسألت الآخرى قائلة:
-هما مين دول اللى لازم تقولى زيهم؟.
– اللى هما ع طول بيقولوا أنا بقالى ساعة مستنيك تحت البيت، وأنا بقالى ساعة برن عليك وأنت مش بترد واللى واللى بقى دووول كتيييير أوى وهما أصلا بتلاقيهم بقالهم دقيقة أو أقل مش ساعه زي ما هما بيقولوا.
تبسمت “رحيل” برقة مما جعل إحدي غمازاتها تظهر واضحة:
– أنتى هبله يانور ايه اللى بتقوليه ده.
أجابت “نور” ببلاهة:
– اة وربنا هما بيقولوا كدا حتى اسألى مازن وهو هيقولك.
حركت “رحيل” تلك الأسوار فى يديها بتلاعب ثم قالت:
-اااه قولتى مازن وأنا بقول البت جرا ليها ايه اتارى البيه بهت عليها.
بعد بضع دقائق جاءت صديقتهم الثلاثة ” ندي” التى صاحت قائلة:
– صحابي الواطييين عاملين اي.
تفاجأت “نور” من وجودها فقالت متسائلة:
– حبيبتي ندي أنتي جيتي امتى.
– أنا لسه جاية حالاً يامتخلقة أنتى جرا لعقلك ايه ركزي كدا الله يكرمك مش ناقصه عته.
– أنا مش متخلفة ياست ندي.
قاطعتها مازحة:
– ما أنا عارفة أنتى هتقوليلي.
فر ثغر “رحيل” عن بسمة ودودة وقالت:
– سيبك منها ياندي وطمنيني عليكى.
– أنا الحمدلله بخير، أنتى أخبارك ايه ياقمر.
أجابة الأخرى بمرح:
– القمر زي الفل.
– طب كويس، ثم أضافت قائلة:
-وبعدين ياواطين بقالكم كام يوم محدش منكم عبرني ولا سمع ليكم أى حس ولا شافكم حتى، فعلا طلعتوا عيال واطيه على الآخر بقى هى دى الصُحبة.
-ع أساس أنك أصلا بتسالى أو بتكلمي حد فينا ياست ندى.
تفوهت “ندى” ببرود: -المفروض أنتو اللى تسألوا مش أنا ياست رحيل.
-ودا ليه إن شاء الله.
-علشان انتو أتنين وأنا واحده.
ضحكت “نور” ثم قالت :- لا والله.
رددت “ندى” بمرح :
-اه والله وبعدين إذا كان عجبك يانور هانم، المهم أنا جاية ليكم علشان اخدكم معايا بربطة المعلم نروح نشترى شوية حاجات ليا.
أردفت “نور” قائلة بخمول :
-أنا مش قادرة اتحرك من مكانى.
– لا ياحلوة هتيجى معايا يعنى هتيجى وبطلى كسل بقا شوية.
تظاهرت “نور” بالتعب قائلة:
– صحبتك عيانه ياندي ورجلى وجعانى دا حتى من شوية كنت هقع من ع السلم لولا أدهم.
بترت حديثها حين أمسكتها “ندي” من ثوبها الأبيض وقالت مندهشة:
– لولا مين ياما عيدي كلامك تانى أصلي ماسمعتش كويس.
أبتلعت ريقها بخجل ثم قالت:
– لولا أدهم ابن عمي.
– مش أدهم دا هو نفسه حبيب القلب.
– اه.
– ياحنينه، واكيد أنتى طبعاً كنتى هتطير من الفرحة عشان الواد لاحقك صح.
تبسمت “رحيل” من هيئة وحالة “نور” المنكمشة من أثر قبضت “ندي”،، ثم قالت:
-سييبي البت ياندي حرام عليكي أنتى قفشاها كدا ليه.
تحدثت الأخرى بإصرار قائلة:
– ما أنا مش هسبها غير لما تقولي ايه اللى حصل.
نظرت إليها “نور” وقالت:
– والله هقول بس أنتى ابعدي عني ياشيخه بدل ما أنتى محسساني أنك قفاشة حرامي.
ابتعدت صديقتها عنها وبدأت تقص عليهما ما حدث:
-كنت بجري ورجلي اتلومت وكنت هقع من على السلم بس أخوكى يارحيل الله يستره لحقني ووو… ولكنها حين تذكرت كيف قام باحتوائها قبل سقوطها، فافترّ ثغرها الصغير عن ابتسامةٍ عذبةٍ.
دنت منها “رحيل” عندما لاحظت اصتباغ خديها بالاحمرار فقالت بمكرٍ:
– بصى كدا ياندي أنا حاسه أن وشى أحمر حطى أيدك وشوفيني لاحسن يكون فى سخنيه ولا حاجه.
ضحكت ” ندي” من تداعب “رحيل” فقالت مازحة:
-ايه دا ياريري مال وشك بقا احمر كدا ليه، شكل كدا السخنية عالية عندك.
نظرت إليهما “نور” بخجل ممتزج بالغضب فقالت:
– بجد أنتو باردييين اوووي ع فكره.
تفوهت “رحيل” بمرح قائلة:
– الا قوليلي يانور هو دومى حبيبى أنقذك من الوقعة ازاى يعني حضنك مثلاً عشان متقعيش.
اجابتها بغيظ مكتوم:
– تصدقى يارحيل أنك باردة زى أخوكى.
-وماله أخويا دا حتى عسل.
– عسل أسود وأنتى الصادقه.
بينما “ندى” قالت باسمة:
– يابت يابت قولى واعترفى باللى حصل بدل ما اخليكى تعترفى بطريقتي.
أردفت “نور” بصوت عذب ورقيق وقالت كل ماحدث ثم أضافت :
-بس ياستى هو دا كل اللى حصل وأنا من ساعتها مش قادرة اتلم ع بعضي، قربه كان حلو أوى تعرفوا أنا بحبه ونفسي هو كمان يحبنى.
ربتت “رحيل” على يديها برفق ثم قالت بلين:
– أكيد هيجى اليوم اللى هيعترفلك بحبه بس أنتى اصبري.
أردفت الأخرى بيأس:
– شكله مش هيحصل ابداً، لأن أخوكى دا بارد مش بيحس اصلآ.
– والله أنا أخويا احسن من ناس تانيه ومش بارد زيهم و لا حتى بيدخل ف اللى ملهوش فيه.
نظرت نحوها الاخرى ثم قالت:
-أنا حاسه أن كلامك فى تلقيح وشكله ع ابيه صح، شكلي هزعلك دا أخويا حبيبى.
-ياشيخه اتنيلى أنتى وأخوكى البارد المعدوم الإنسانية اللى حاشر مناخيره ف كل حاجه.
تفوهت “ندى” متعجبة:
-هو ايه اللى حصل مخليكى مش طايقه الشاب الحيلاوة مراد باشا،
عملك ايه اللى شكله وكلامه بينقطوا عسل وسكر، أكيد أنتى اللى بتفترى على الراجل ياظالمة.
نظرت إليها “رحيل” بأشمئزاز ثم قالت:
-عسل وسكر ايه جو التلزيق ده.
تحدثت “نور” بغضب مصطنع:
-لا يارحيل كله إلا ابيه مراد دا مفيش احلى منه ولا فى حنيته دا عسل.
زمت “رحيل” شفتاها وقالت:
– اه وماله وبعدين ايه اللى كل شويه دا عسل دا عسل خنقتونى.
جذبتهم ” ندى ” وهى تهم على الخروج قائلة:
-طب يلا ياحلوة أنتى وهى خلينا نخرج نروح المول وبعد كدا نبقى نشوف حكاية العسل اللى مزعلك.
*************************************
فى هذا المستودع المظلم كان جالساً ذاك الشخص على مقعده الخاص، يرتدي قناعاً يخفى به وجهه، فلم يظهر منه إلا عيناه فقط، كان يشغل عقله كيف سينتقم من تلك العائلة الذى يحمل لها قدر كبير من الحقد والكره،،
وفى هذا الاثناء قاطع تفكيره رنة هاتفه، ففتح على المتصل وبدأ يسترسل قائلاً:
– ها عملتى اللى قولتلك عليه.
المجهول: -لا لسه مجاش الوقت المناسب.
الشخص: -هو أنا لسه هستني الوقت المناسب.
المجهول :- خلاص يافندم الموضوع قرب ينتهى واللى أنت عاوزه هيحصل.
صاح الشخص غاضباً : والبيه التانى ايه وضعه.
المجهول :- والله يافندم هو ماشى حسب الخطة بس احنا كنا عايزينك تزود لينا الفلوس.
الشخص : -لما اللى قولت عليه يتنفذ هديكم الفلوس اللى عايزينها.
تحدث المجهول بطمع : – بس احنا عايزين مليون جنيه.
الشخص :-بس دا كتير .
المجهول: -مش هيبقى كتير على اللى هيحصل.
الشخص :-تمام موافق المهم أنكم تخلصوا الموضوع ف أقرب وقت أنا عايز أشوفه ميت قدامى.
ثم اكمل بشر: أصل أنا مش هرتاح ولا هيهدالى بال إلا لما اخلص عليه واقهر عيلته ع موته.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هجران رحيل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى