رواية هجران رحيل الفصل الثاني 2 بقلم شامة الشعراوي
رواية هجران رحيل الجزء الثاني
رواية هجران رحيل البارت الثاني
رواية هجران رحيل الحلقة الثانية
ولج “مراد” إلى مقر الشركة الرئيسي بكامل هيبة ووقار لا يليق هذا ألا برجل مثله، فكان يلقى السلام أثناء مروره على جميع الموظفين دون استثناء، ثم صعد إلى الطابق الخاص بمكتبه، دلف إلى المكتب بصحبة السكرتيرة، ألقى كلماته عليها حين جلس على مقعده:
-هاتيلي فنجان قهوة سادة والملفات الصفقة الجديدة.
– حاضر يافندم.
بعد مرور بضع دقائق ليست بالقليلة، أتت له بطلباته ووضعتهم أمامه على المكتب الخشبي الأسود، وهى تتفوه بدلعٍ لم يرق له:
-اتفضل يافندم تأمر بأى أوامر تانية حضرتك.
رد عليها الأخرى بحزم قائلاً:- لا واتفضلى يااستاذة على مكتبك ولما يجى مستر أدهم ابعتيه.
– حاضر أنا تحت أمرك.
خطت أمامه بخطوات مثيرة لعل وعسى أن تلفت أنتباهه لكنه أشمئزا من تمايلها الرخيص، فهمس بداخله:
– أنا لازم أشوف حد غيرها يمسك مكانها والأفضل يكون راجل.
بعد لحظات دلف إليه “هشام” دون أن يطرق الباب كالعاده:
– أنا جيت أهو ياكابتن ومتأخرتش.
حدق بها “مراد” بأعين مليئة بالضجر:
– مش قولتلك كذا مرة قبل كدا أن فى زفت باب تخبط عليه قبل ما تدخل.
نظر إليه الآخر قائلاً:- يعني هو أنا دخلت عليك حمام بيتكم، وبعدين ياسيدي أنا دخلت على مراد ابن خالي حبيبي يعنى مش حد غريب.
– ابن خالك وحبيبك دا من امتى الكلام ده!.
أجابه “هشام” برقة مصطنعه:- من زمااااان أوى بس أنت مش حاسس.
تحدث “مراد” بصوتٍ عالٍ وكاد الشرر يتطاير من عيناه:
– ولاه اتظبط كدا معايا بدل ما اقوم أظبطك أنا بدأت أشك فيك أصلاً.
ضحك الأخر وهو يجيبه قائلاً:
– ياعم مش للدرجاتى أهدى دا حب أخوي وربنا.
نظر “مراد” للأعلى قليلاً ثم هتف قائلاً:
– يارب صبرني على الجحش ده هو والتانى.
ولج “مازن” إليهم سريعاً وهو يقول بمرح:
– ايه ده أنا سمعت حد بيجيب فى سيرتى.
جاء شقيقه من خلفه وهو يضربه ضربة خفيفة على رأسه و قال:
– كويس أنك عارف إن أنت جحش.
التفت برأسه نحوه وقال بعبوس:
– هو انت يابنى حد قالك انى مش أخوك ليه بتعملنى كدا أنت واللى قاعد هناك دا دى مابقتش عيشه على فكرة.
أردف “هشام” بطريقة مسرحية:- لو مش عجبك طلقني.
نظر إليه “مازن” وقال بنفس اللهجة الساخرة:
– اه ياااختي قوليله لو مش عاجبه يطلقني.
رفع “مراد” حاجبيه مشمئزاً وضيقاً فى الصدر وقال:
– مش نسترجل شوية يابيه أنت وهو، كفاية شغل القرف اللى بتعملوه ده.
تحدث “هشام” بأنزعاج قائلاً:- قصدك ايه بالكلام ده أن احنا نسوان.
أجابه “مراد” مبالياً:
– اه أصل مايعملش الحركات دى غير النسوان المايعة والصراحة أنتو مايعين أوى بهزاركم.
كاد الآخر أن يرد ولكن قاطع حديثه دخول تلك الفتاة المزعجة الذى قالت بدلالٍ: – مستر مراد نسيت اقول لحضرتك أن فى اجتماع مهم النهاردة الساعة ٥ مساءاً.
– تمام ياسوزى اتفضلي انتي على مكتبك.
بينما “هشام” و “مازن” كانوا ينظرون إلى هيئتها المثيرة وملابسها الفاضحة بفمٍ مفتوح، فقال “مازن” بغزلٍ:
– أوبا مين الجامدة دي.
فتفوه “هشام” الذى افترّ فاه بابتسامة عريضة:
– دي أجمد من الجمدان يااابا دي صاررووووخ.
نظر إليهم “أدهم” بعيون مستنكرة ووجه عابس:
– احترم نفسك يبأف أنت وهو وبطلوا كلامكم المقرف ده.
لم يعبأ “مازن” لحديثه ثم وجه نظره إلى “مراد” وقال متسائلاً:
– مش عيب عليك لما تبقى مشغل واحدة جامدة زي دي ومتقولش لولاد عمك، دا أنا أول مرة أشوفها.
فاردف “هشام” هذة المرة قائلاً: – وأنا وربنا أول مره اشوفها.
فى تلك اللحظة نفذ صبر “مراد” وبدأ وجه العابس يتحوّل إلى غضبٍ عارم ليقول بصوت عالٍ:
– اقسم بالله لو ما قومتم من هنا حالاً لتشوفوا مني حاجه مش هتعجبكم.
نظر إليه “مازن” الذى قال:- مالك بس يامراد أهدى يابابا مش كدا ياحبيبي دا حتى غلط التعصب على واحد زيك.
مال “هشام” بجسده نحو “مازن” قليلاً وقال هامساً:
– بقولك ايه احنا نقوم نفلت بجلدنا بدل ما يعمل معانا الغلط وتكون ليلتنا سوده.
أجابه الآخر بنفس الهمس:- ما دا كان رأيي من الأول يلا بينا.
بعد هربوا مهرولين إلى الخارج تفوه “أدهم” بقلة حيلة وهو يضرب يد على يد:- لا حول ولا قوة إلا بالله العيال اتجننوا على الآخر.
تحدث “مراد” بعد ما هدأ فقال:-عيال مقرفة علولي ضغطي ربنا يسامحهم على اللى بيعملوه فيا.
– كان الله فى عونك يابن عمي أنا مش عارف أنت ازاى مستحملهم.
– أعمل إيه قدري، المهم خلينا فى الشغل عملت ايه فى موضوع الصفقة.
رد عليه “أدهم” بثقة ووقار:- طبعاً كسبناها هى دي محتاجة كلام بس فى مشكلة.
– مشكلة اي ؟.
– عادل مش هيسكت المرادى أنت خسرته الصفقه دى كمان ودا غير الصفقات التانيه اللي خسرها بسببك وخايف يعمل حاجه أو يأذى حد من عيلتنا.
استرخ “مراد” أكثر فى مقعده ليقول بهدوءٍ تام:
– متقلقش مش هيقدر يعمل حاجه لأنه جبان ولو بس فكر يأذي أى حد يخصني هفعصه زي الحشرة تحت رجلي لحد مايموت.
– ربنا يستر علينا، هقوم أروح اشوف الشغل المتراكم عليا فى المكتب.
-ماشى.
فى إحدى النوادي وخاصة بمكان قريب من الأشجار، كانت تلك الشمس الساطعة تطل بأشعاتها الزاهية على الزهور الوردية والخضراء فجعلتها تنبض بالحب والدفئ، فكان المظهر يبعث بداخل الناظرين الرضى والراحة، تحدثت تلك الفتاة التى تُسمى “ندى” وهى الصديقة الثالثة “لنور” و”رحيل”، فقالت بتسأل:
– هتطلعوا معانا الرحلة ولا كالعادة مفيش مرواح.
أجابتها “نور” قائلة:- الصراحة لسه مش عارفين.
-يعني ايه مش عارفين.
رددت “نور” وهى تعبث بخصلات شعرها الملتقه حول أصبعها:
– لسه مقلناش لجدو ولا لبابا والمشكلة اصلاً مش فيهم المشكلة كلها فى مراد أخويا.
تفوهت “ندى” قائلة:- حاولي معاهم لأن خلاص مبقاش فاضل غير كام يوم بس يانور.
“نور” :- ما أنا خايفة اقول حد منهم يزعق وخصوصاً أخويا لأنه بيخاف عليا اوى ومستحيل أنه يوافق.
– طب ما تخلى رحيل هى اللى تكلم جدك وهو مش هيرفض ليها طلب وهيوافق ع طول وطبعا محدش هيعرضه ولا اي يا رحيل.
أنهت “ندى” جملتها وهى تصوب بصرها نحو “رحيل” الذى قالت بهدوء:
-هبقى أكلمه ماتشغلوش بالكم أنتو وسبوها على الله ثم عليا.
بينما تحدثت فتاة أخرى متواجدة معهما وهى “مرام” فقالت بعبثٍ:
– طبعاً رحيل لازم تكون من الأساس موجودة فى الرحلة مدام حبيب القلب سامر موجود مش كدا ياريري.
حولت :رحيل” عيناه نحوها فقالت متعجبه:
– هو سامر طالع معاكم!.
أجابتها “مرام” وهى تُأرجح قدميها اليسرى قائلة:
– ايه دا هو أنتى مكنتيش تعرفى لا بجد ازاى هو ماقالش ليكي حاجة زي كدا ده المفروض تبقى أنتى أول واحدة عارفة.
تحسست “رحيل” أزرار ثوبها بضيقٍ ثم قالت:
– هو هتلاقيه قالي بس أنا نسيت أصل هو مابيخبيش عني حاجه.
رددت “مرام” بملل:- يمكن بردو وليه لأ.
تفوهت “ندى” التى بدأت اعصابها تتفلت من تلك البغيطة التى لم تعد تطيق وجودها:
– وأنتى يااستاذة مرام البيه حسن بتاعك مش جاي ولا ايه.
تحدثت “نور” بنبرة ممتزجة بالخبث قائلة:
– هيجي ازاى بس ياندى أنتى نسيتي أنه بيحضر لفرحه اللى بعد كام يوم.
انتفضت “مرام” بجسدها من على المقعد قليلاً والذى أحتلت علامات الصدمة وجهها، فقالت:
– أنتى قولتى ايه فرح مين ده اللى قصدك عليه واي علاقة حسن بالموضوع ده؟.
أجابتها “ندى” بكل أريحية فقالت ببسمة لطيفة:
– فرح صاحبك حسن أنتى متعرفيش ولا أي، شكله معزمكيش على فرحه لا بجد أخس عليك ياحسن ده حتى كان بينكم علاقة جميلة ملهاش مثيل.
صاحت “مرام” بتشنج وعصبيه بالغة:
-على فكره بقى مكنش بينه وبيني أى حاجة يااستاذة ندى فياريت تشيلي الأفكار دى من دماغك.
أردفت “نور” مستنكرة حديثها فقالت:
– أومال كنتي بتكلميه ليه وعلى طول لازقه فيه وكأنك مراته.
أجابتها الأخرى بملامح جامدة وقالت بضجر:
-عادى يعنى كنت بسلى وقتى مش اكتر وبعدين محدش يدخل فى اللي ملهوش فيه أو أنه يدخل فى حياتي ماشى.
ثم غادرت المكان، فنظرت لاثرها “ندى” بأشمئزاز ثم قالت:
– بت مستفزة وباردة ومغروره فى نفسها كويس إن حسن سابها.
بينما “نور” قالت:
-علشان هى واحده مش مظبوطه وكل يوم مع واحد شكل فازاى هيستأمنها على نفسه وبيته.
تفوهت “رحيل” معاتبه صديقتها وابنة عمها:
– حرام عليكم تقولوا عليها الكلام ده، وبعدين أحنا ملناش دعوه باللى هى بتعمله.
أمسكت “رحيل” هاتفها لتتصفحه، فمرت بضع دقائق متثاقلة عليها وكأنها كالساعات، فكانت تفكر إذا كان حبيبها “سامر” على علاقة مع تلك البغيضة، فبدأت تقلقها هذة الفكرة المزعجة، لاحظت “نور” تعير معالم وجهها إلى الشحوب فقالت:
– بتفكري فى ايه يارحيل أوعى تكونى مضايقة من كلام المستفزة مرام.
رفعت “رحيل” رأسها للأعلي قليلاً ثم تركت الهاتف على الطاولة بجانبها وقالت: – هى عرفت منين أنه طالع الرحلة إذا كان أنا حبيبته مقالش ليا، أنا شاكة لأحسن يكون فى مابينهم حاجة.
ربتت صديقتها “ندى” على يديها ثم قالت برفق:
– حبيبتي شيلي الأفكار دي من دماغك هى شكلها بتعمل الحركات دي علشان توقع بينك وبينه مش أكتر.
تفوهت “نور” مؤيدة لحديثها:- فعلا ندي عندها حق.
لمحت “ندى” ” سامر ” قادم نحوهما فقالت مسترسله:
– سامر جاي ناحيتنا، ثم حولت بصرها لصديقتها وقالت:
– أخت رحيل ممكن بقى ياعسل تفكى تكشيرة وشك ومتخليش كلام الزفته يسيطر عليكي فاهمة.
– حاضر فاهمة.
اقترب الآخر منها وهو يُلقى عليهما التحية:
-أخباركم ايه يابنات اتمنى تكونوا بخير.
أجابته “ندى” باسمة:- أحنا الحمدلله زي الفل ياباشا.
بينما هو جلس على المقعد بجانب “رحيل” بعد أن شعر بأن بها شيئاً ما:- مالك ياحبيبتي هو فى حاجة مزعلاكي.
لم تجيبه الأخرى فحولت بصرها بعيداً عنه لتنظر إلى الزهور أمامها، فقال هو موجهاً حديثه إلى “ندى”: – هو فى ايه.
– معرفش، ثم جذبت “نور” من ذراعيها:
-يلا يانور خلينا نروح نجيب حاجة نشربها.
“سامر” :- مالك يا رورو مش بتردي عليا ليه.
– ايه اللى بينك وبين مرام.
– مش فاهم قصدك ايه بالكلام ده.
-انت فاهم قصدي كويس ياسامر.
– لا والله مش فاهم.
تأففت “رحيل” بملل ثم قالت عابسة:
– أصل الهانم بتقول أنك حاجز للرحله تبع النادى مع الشيلة، عايزة أفهم دلوقتى هى عرفت منين إذا كان الأستاذ مقالش ليا وأنا اخر واحده أعلم أنك رايح معاهم.
-والله ابدا أنا كنت عاملها مفاجأه ليكي وكنت لسه هقولك ان أتا حجزت ليا وليكي لكن معرفش هى عرفت ازاى.
تحدثت “رحيل” بضيقٍ:- والله المفروض أصدق انا كدا.
تفوه “سامر” بعد ما أحكم قبضته على راحت يديها الرقيقة:
-اه هتصدقى لان حبيبك وبتثقى فيا دا غير أنى مابخبيش عنك اى حاجه غير لو كنت عامل ليكي مفاجأه، فمتزعليش منى أرجوكِ أنتى عارفه أنى بحبك.
تحدثت الأخرى بحياء:-خلاص ماشي مش زعلانه.
فقال “سامر” بنبرة لينة:- ولو زعلانه نصالحك بردو هو أحنا عندنا اعز منك ياروحي.
اكتفت “رحيل” بابتسامة رقيقة خجلة، لحظات وجاءت “ندى” وهي تبتسمت بمرح فقالت: – ايه ياعصافير الحب اتصالحتوا ولا أي.
ضحك “سامر” بخفة ثم قال: – على أساس أننا كنا متخاصمين دى رحيل روح قلبى.
هتفت “نور” باسمة: ياسيدي ياسيدي على الحب.
صاحت “ندى” بطريقة تمثيلة مضحكة:
– اه ياقرمط ياللى ملقتش حد يحبك ياقرمط اوعدنا يارب لان حاسه أني أنا خللت من كتر الانتظار.
هتفت “نور” مجيبه عليها بصوت مرتفع نسبياً وهى ترفع كلتا يديها إلى الأعلي:
– يااااارب يااختى أنا وأنتى ف يوم واحد علشان نخلص.
بينما “رحيل” أطلقت ضحكة رنة عالياً فى أرجاء المكان، فأظهرت على أثرها تلك الغمازات المميزة التى أعطت لها شكل مبهر وزداتها جمالاً على جمالها.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هجران رحيل)