رواية هجران رحيل الفصل الثاني عشر 12 بقلم شامة الشعراوي
رواية هجران رحيل الجزء الثاني عشر
رواية هجران رحيل البارت الثاني عشر
رواية هجران رحيل الحلقة الثانية عشر
كانت حبيسة غرفتها منذ يومين، فلما علمت بخبر حملها بكت بكاءاً مريراً حتى تورمت عيناها من الحزن، وامتنعت أيضاً عن الطعام والشراب حتى أوشكت على الهلاك، مسد جدها على خصلاتها البرتقالية بحنان وهو يقول بلطف:
-رحيل ياحبيبتى كفاية عياط علشان خاطرى.
تحدثت “رحيل” ببكاء:
-أنا لازم انزل الطفل ده.
-بتقولى ايه أنتى اتجننتى.
أردفت الأخرى بحزن:
– مستحيل اخلى الطفل دا يجى، أنا مش عيزاه ياجدو.
جاء “قاسم” فقال متحدثاً:
– ممكن يابنتي تهدى وتستغفرى ربنا وبلاش تهور.
تفوه الجد ببعض من الحده:
– أنتى عايزة تقتلى ابنك اللى لسه مجاش ع وش الدنيا، أنا مش هسمحلك بأنك تجهضيه فاهمه يارحيل.
أجهشت “رحيل” ببكاء:
-لا مش فاهمه أنت نسيت ياجدو أنه جه نتيجة الاغتصاب وانه دايما هيفضل يفكرنى باللى مراد عمله فيا، أنا مش هقدر استحمل دا كله ومش هقدر استحمل انه يجى ويكون جزء من وجعى وحزنى
وكل ما هشوفه قدامى هفضل افتكر الظلم والكسره اللى اتعرضت ليها أنتم ليه مش حاسين بيا وأني موجوعه وأني مش هقدر اتقبل الطفل ده.
تحدث “قاسم” برزانة:
– عارف أن الامر صعب عليكى بس الطفل اللى فى بطنك مالهوش ذنب يابنتى، وحرام أنك تجهضيه مدام مفيش أى ضرر عليكى،
انا عايزك تهدى كدا وتفكري شوية مع نفسك بأنه ابنك حته من روحك مالهوش ذنب فى اللى حصل، ويمكن يكون هدية ليكى من ربنا علشان يفرحك ويسعدك وينسيكى وجعك، وكل اللى حصلك دا كان قدر ومكتوب لحكمه لا يعلمها إلا الله.
أنهى حديثه وهو ينهض من على الأريكة ليقترب نحوها ثم عانقها برفق ليطبع قبلة على رأسها بحب أبوى، فقال:
-أنا هسيبك دلوقتى تريحى أعصابك ياحبيبتى يلا ياعمى سيبها ترتاح شوية.
أتكأت على الفراش وهى تنظر لبطنها لتتساقط الدموع على وجنتيها، فكانت حزينة مكتئبة فى حالة يرثى لها، فأخذت تتحسر على ذاتها فكل ما حدث لم يكن ذنبها، لتنخرط فى البكاء مجدداً حتى اصابها النعاس.
ولجت “ندى” إلى مكتب “مازن” وهى تقترب باتجاهه، فقد كانت تتغنى بشكل مضحك وتتاميل فى مشيتها بطريقة أنثوية، فى تلك الفترة أصبحت قريبة منه بشدة، وقد لاحظوا أن بينهما أشياء مشتركة، ومنها الهبل والهطل 😂.
أشارت بسبابتها عليه وهى تتغنى بصوت رقيق:
– أنت الوحيد اللى فاهمني ودماغنا ع نفس الموجه وأنت الأصيل اللى فاضلى بعد اما صفصفت الهوجه ..ثم اكملت بصوت عالٍ:
-وأنت الوحييييييد.
ضحك “مازن” بأعلى صوته فقال:
– وحيد مين الله يخربيتك افصلى.
جلست على طرف المكتب الخشبي وهى تشخشخ اساور يديها بدلع محبب، ثم قالت :
-ولو مفصلتش ياميزو هتعمل ايه.
تبسم “مازن” وهو ينظر إليها فقال مازحاً:
-ولا حاجه ياعسل غير أن أنا وأنتى هنطرد من الشركة بسبب صوتك.
صاحت “ندى” بصوت مرتفع نسبياً وهى ترفع يدها فى الهواء فقالت منزعجة:
-وماله صوتى بقا ياعنيا مش عجبك ولا مش عجبك.
تحدث الاخر فقال مندهشاً:
– مالهوش ياساتر عليكى رداحه مالك كدا هو أنتى اتحولتى ولا أى، ثم اكمل بعد أن غمز بطرف عيناه:
-فين الانوثة فين الرقة.
رفعت حاجبها الأيسر ثم قالت بدلال:
-رقة ماتت ياعنيا.
ضرب كف على كف ثم قال بقلة حيلة:
-الله يرحمك يارقة يابنت أم رقة أنا عارف أن هى مش هتهدا ولا هترتاح غير لما تشوفني متشعلق ع باب الشركة.
ثم جذب كأس الماء حتى يشرب، فقالت هى برقة:
-ومين بس اللى ياقدر يعمل كدا فى ميزو صحبى الانتيم.
فزعت من مكانها من ذلك الصوت الذى أتى من خلفها قائلاً:
– أنا ياحيلتها.
استدرات سريعاً بعد ما عرفت صاحب الصوت، فكان “مراد” الذى أكمل حديثه:
-أنا اللى هعمل كدا فيه وفيكى إن شاء الله.
بخ “مازن” الماء فى وجهها من هول صدمته، فقالت منفزعة:
-ياحيوان والله لاوريك يامازن الزفت.
-اللى عندك اعمليه ياأم شبر ونص.
تحدث “مراد: بملامح جامدة:
-خلصتوا خلاص.
فقام برمى بعض الملفات على المكتب ثم قال بلهجة أمر:
– قدامكم ساعة والاقى الملفات دى خلصانه وع مكتبى فاهمين، ولو لاقيت غلطة صغيرة بس هيبقى يومكم اسود شبه اللون اللى لابسينه دا، واقسم برب العزة لو كلامى ماتنفذش هعقلكم فعلا ع باب الشركة ثم غادر وتركهم فى صدمتهم.
أردف “مازن” مندهشاً:
-هو قال أي.
رددت “ندى” بخوف:
-يانهار أسود دا بيقول أنه هيعلقنى ع باب الشركة وربنا مجنون ويعملها مازن كفاية لعب لحد كدا احنا مفيش قدامنا إلا ساعة واحدة يلا خلينا نخلص بدل ما يجي يخلص علينا.
-يلا ياختى ياللى جيبالنا الكلام.
بعد ساعة، مال “مازن” بجسده على المقعد ثم قال:
– ياااه اخيرا الواحد خلص دا أنا ضهرى وجعنى بشكل.
أردفت “ندى” بنبرة ساخرة:
-ع أساس أنك اشتغلت اصلا دا أنت سايب كل تعديلات الملفات عليا وقاعد تتفرج ومابتعملش حاجه غير أنك تتريق وبس.
-يابت ما أنا كنت بشجعك وبسليكى.
-هو أنا بنت أختك وأنت قاعد بتشجعنى أنا قايمة امشي مش ناقصه شلل هى وابقى قوم رجع الملفات لمراد واعمل حاجه مفيدة بدل ما أنت مش لاقى حاجه تعملها.
تفوه “مازن” بمرح:
-مالك ياندوش شكلك زعلان علشان خليتك تعملى الملفات لوحدك.
ربعت كلتا يديها ثم قالت متذمرة:
-تعرف أنك بارد ومستفز ورخم كمان.
-خلاص ياستى متزعليش نفسك تعالى اعزمك ع حاجه نشربها فى الكافيه اللى جنب الشركة أى رأيك.
نظرت إليه بتفكير ثم قالت باسمة :
-امممم خلاص ماشى اللى يجي منك احسن منك.
تبسم ثغره بسعادة فقام بأخذ أغراضه وهو يقول بلطف:
– يلا بينا نروح نودى الملفات وبعدها نخرج.
فى قصر عائلة الألفي
قامت نور بوضع الكتاب على المنضدة لقد روادها شعور الملل واليأس معاً، فخرجت من غرفة لتتجه إلى الحديقة لتستنشق بعض الهواء، وأثناء سيرها تفاجئت بوجود “أدهم” أمامها نظرت إليه بنظرات معاتبة، فلما جاءت لتكمل سيرها أوقفها قائلاً :
-نور ممكن اتكلم معاكى شوية.
رددت “نور” بجمود:
-احنا مفيش ما بينا كلام ياأدهم.
-ليه يانور!.
أردفت بسخرية:
-أنت نسيت أنك نهيت كل حاجه مابينا.
-أنا منستش ووقتها كنت متعصب لما قولت كدا أنا بقالى شهرين بحاول معاكى وأنتى مش راضيه تسامحيني.
– أدهم أنا مش عايزة اتكلم أو اتعامل معاك أنت فاهم.
مسك راحت يدها بلين وتحدث برجاء :
-نور ياحبيبتى اسمعيني أنا بجد بحبك ومقدرش ع بعدك كفاية اوى لحد كدا.
خاطبته “نور” بتهكم قائلة:
-ومين اللى كان السبب فى كدا مش أنت ياأستاذ، أنت سبب فى كل حاجه حصلت لحد دلوقتى، أنت اللى تخليت عنى زى ما تخليت عن أختك وقت ما كانت محتاجاك وبتترجاك تسمعاها ازاى دلوقتى جاى تطلب منى اسمعك.
أردف “أدهم” بيأس:
-انا ساعتها مكنش قصدى باللى فهمتيه أنا متخلتش عنك ساعتها.
ثم اكمل بحزن وقد انخرط فى البكاء :
-نور أرجوكى كفاية أنا تعبان ومخنوق أنتى فكرانى مبسوط ف حياتى أنا من ساعة ما رحيل مشيت وأنا موجوع بسبب اللى عملته معاها وانتى جيتى زودى عليا التعب،،
أنا عارف أني متهور وغلطان أوى فى حقك وفى حق أختى اكتر أنا ظلمتها وقسيت عليها بدل ما ابقى الأخ الحنين و السند ليها والأمان، أنا قلبى بيوجعني كل ما بفتكرها وأنا ماسكها من شعرها وبضربها ودموعها نازلة بضعف بحس بالقهر جوايا هى ماكنتش تستاهل منى القسوة دي أختى نور عيني مكنتش تستاهل من أخوها المُعاملة البشعة دي ابداً ابداً يانور .
تركها وذهب من أمامها لتنظر لأثره بحزن فبكت متأثرة بحديثه، فهى لأول مرة تراه يبكى بضعف وقلة حيلة بهذا الشكل.
فى غرفة “صفا” التى عكفت بداخلها منذ غياب ابنتها فقد بدأت فى حالة يرثى لها من كثرة الحزن وشدة الندم، انخرطت فى بكاء مرير حين تذكرها بعض الذكريات التى جمعتها مع طفلتها الوحيدة، جاء إلى زوجها ليعانقها بحزن فأتاه صوتها الضعيف:
– أنا عايزة بنتى ياسليم أنا عيزاها ترجع تانى هى وحشتنى اوى
اعملوا أى حاجه ورجعوها ليا تانى علشان خاطرى اعمل اى حاجه ورجعلى بنتى.
-اهدى ياحبيبتى علشان خاطرى أنا هعمل المستحيل علشان ترجع لحضننا.
أردفت “صفا” بندم وشوق:
-ايوه رجعها دا الكل زعلان من بعد ما هى مشيت لو بتحبنى بجد حاول تدور عليها ورجعها.
تفوه “سليم” بألم:
-والله أنا من ساعتها بدور عليها لحد دلوقتى بس مش هيأس وهفضل ادور اوعدك بده.
كان الجد يأخذ الصالون ذهاباً واياباً من بشدة القلق، فقد غادرت حفيدته المنزل دون علم أحد، فقاموا بالبحث عنها فى عدة اماكن فلم يجدوها، لحظات ودلف “مروان” إليهم، فسأله والده:
-لقيتها يامروان.
أجابه “مروان” بيأس:
-لا يابابا دورت عليها وملقتش ليها أى أثر.
أردف الجد بخوف:- ياربى هتكون راحت فين بس.
بعد لحظات ولجت “رحيل” بملامح يكسوها التعب والحزن فاقترب منها “مروان” الذى قال بلهفة:
– حبيبتى أنتى كويسة احنا خوفنا عليكى.
تحدث الجد بحنيه:
-كنتى فين قلقتينى عليكى ليه بس كدا يارحيل أنتى عايزة توجعى قلبى عليكى.
تفوه “قاسم” متسائلاً:
– رحيل هو أنتى روحتى المستشفى صح.
الجد:
-مستشفى أى اوعى تكونى روحتى تنزلي البيبي.
رفعت بصرها إليه ثم قالت:
-أنا فعلا كنت فى المستشفى علشان انزله بس للاسف مقدرتش لان أنا مكنتش هقتل روح واحدة بس أنا كنت هقتل روحين.
تحدث الجد بعدم فهم :
-أنا مش فاهم انتى قصدك أى بروحين؟.
أجابته “رحيل” فى تأثر وحزن وهى تعانقه ثم أجهشت فى البكاء وقالت بألم:
-أنا لما جت الدكتورة تكشف عليا وتعملى الفحوصات علشان العملية اكتشفت أني حامل فى تؤام فلما عرفت أن فى طفلين جوايا مقدرتش أعمل العملية قلبي مطوعنيش اقتل ولادي، والله ماقدرت مقدرتش اقتل جزء من روحى.
ظلّ الجد يربت على شعرها ليهمس لها بكلمات حنونه كى تهدأ.
كانت جالسة على الفراش تنظر فى تلك الصورة التى طبعتها لها الطبيبة للجنين، فقامت بوضع يديها على بطنها لتشعر بوجودهما فتحدثت بنبرة مختنقة بالبكاء وقالت معتذرة:
– متزعلوش منى أنا عارفة أن ملكمش ذنب فى اللى حصل، أنا مش زعلانه ع وجودكم أنا زعلانه بسبب الطريقة اللى أنتم جيتوا بيها، أنا كنت مخططه لما اتجوز أبوكم ويحصل حمل ازاى هفاجئه بيكم، كنت بخطط ازاى هفرحه بالخبر ده وأنه هيبقى أب وأن فى حته منه جوايا، و هيبقى فى فرد جديد فى عيلتنا كنت حابه ابقى فرحانه وافرح مراد معايا من ساعة لما اعترافلى أنه بيحبنى وأنا قعدت اتخيل لحظة وجودكم وهل كنتم هتبقوا شبهوا ولا شبهى، أنا كان فى احلام كتير كنت برسمها لكنه دمرها.
تنهدت بهدوء ثم قالت باسمة:
-أنا هحاول اتخطى كل حاجه فى حياتى علشانكم، أنا هعيش وهفرح بوجودكم، أنتم اللى هتزرعوا فيا القوة، ومش هخلى أى حاجه تاذيكم ابدا حتى لو انا، بجد آسفه لأني كنت هرتكب جريمة بشعه فى حقكم وكنت هحرم نفسى من نعمة وجودكم أنتم نعمة كبيرة من ربنا ليا، وحرام عليا أني أفرط فيكم.
قاطع كلامها طرقات الباب فأذنت للطارق بالدخول، فدلفت العمة “فاطمة” وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة بشوشة، تحمل صينية خشبية عليها بعض الأنصاف ذات المذاق الرائع، فقالت بود:
– أنا جبتلك لقمة تاكليها لأنك مكلتيش حاجه من الصبح.
-بس أنا مش قادرة اكل ياعمتو.
– مفيش الكلام دا أنتى دلوقتى حامل ومحتاجة تتغذى كويس، ولو مش علشانك علشان البيبي اللى فى بطنك ياحبيبتي.
أردفت “رحيل” بنبرة متذمرة فقالت:
– بس انا ماليش نفس وكمان مش طايقة ريحة الاكل.
مسحت “فاطمة” على شعرها الناعم برفق ثم قالت باسمة:
-معلش ياقمر استحملى علشان خاطرى يلا بقا.
-حاضر .
قربت إليها الطعام فقالت بطيبة:
-شاطرة ياريرى اتفضل كُلى لحد ما تشبعى.
مرت دقائق ليست بكثيرة، فقامت “رحيل” بأبعاد الصنينة بعيد عنها ثم قالت:
-ياعمتو كفاية أنا مش قادرة أكل اكتر من كدا.
-هو أنتى لحقتي تاكلي لسه الطبق مخلصش.
أردفت “رحيل” التى أوشكت على البكاء المصطنع:
-لا بجد حرام أنا شبعت ولو كلت اكتر هجيب كل اللى فى بطنى.
رددت “فاطمة” وهى تعطيها كأس عصير فقالت بلطف:
-خلاص ماشى بس هتشربى العصير دا خدى.
-هاتى ياعمتو وامرى لله.
– قوليلي عملتي ايه عند الدكتورة النهاردة وايه اللى قالته ليكي.
– طبعاً بعد ما شيلت فكرة الإجهاض من دماغي روحت كشفت عند دكتورة تانية علشان اتأكد اكتر، ولما تأكدت قالتلى حاجه غريبة أول مرة أسمع عنها.
رددت “فاطمة” متسائلة:
– قالتلك ايه؟.
تنفست “رحيل” بهدوء، وقالت:
– قالتلي أنتى حالتك نادرة جداً للى زيك.
-مش فاهمه قصدها ايه بالكلام ده.
-أصل ياعمتو بعد ما فحصتني اكتشفت أن رحمي رحم مزدوج وده اللى خلاني حملت فى تؤام.
تحدثت الأخرى بنبرة قلقة:
– بس دا يابنتي عيب خلقي اتولدتى بيه وحملك هيكون صعب جدآ.
أردفت “رحيل” بهدوء:
-عارفة ما هى قالتلي كدا وقالت أني هواجه مشاكل وصعوبات كتير بسبب الحمل ده وهيحصلي مضاعفات.
– خير ياحبيبتي إن شاء الله مش هيحصلك حاجه وفترة حملك هتمر على خير، المهم أنك تاخدى بالك من صحتك كويس والفيتامينات اللى كتبتلك عليها خديها فى وقتها.
– حاضر ياعمتو.
بعد محاولات كثيرة لم ييأس “أدهم” فى مصالحة “نور” وفى حين تواجدها فى غرفتها تتصفح الهاتف، لاحظت خيال نفر أمامها كادت أن تصرخ بفزع لكن وضعت يد على فمها ليكتم صراخها، فاتاها ذاك الصوت قائلاً:
– أهدى الله يخربيت صويتك.
ابتعدت عنه بضيقٍ وقالت بضجر:
-أنت مش هترتاح غير لما تجبلي ساكته قلبيه.
لمس “أدهم” خدها برفق ثم قال مازحاً:
-هو أنا اقدر ياجميل.
– اطلع برا.
اتكأ “أدهم” بظهره على باب الخزانة وهو يقول بعند:
-مش طالع هااا.
تحدثت “نور” بزهق:
– بقولك ايه اطلع بدل ما اصوت والم عليك الناس كلها.
كان يحدق بها بحب وشوق فقال باسماً:
-واهون عليكى بردو يانورى.
شعرت بأنها ستضعف أمامه ولكن تصنعت القوة فقالت ببرود:
– اه تهون ويلا بقا هوينا ياعم مش ناقصة هى.
أردف الاخر بخبثٍ وهو يتقدم نحوها لتتراجع هى إلى خلف، فقال بعبسٍ:
-ولو مطلعتش هتعملى ايه.
تصنمت مكانها عندما وقف مقابلها فقامت بوضع يدها على فمها عندما علمت بما ينوى فعله، فلمس يدها بطريقة رقيقة وماكرة، لتعلو دقات قلبها طربنا من قربه، فقال غامزاً:
– خلاص أنا عرفت هسكتك ازاى بعد كدا.
ابتعد عنها ليتجه نحو الباب وهو يقول بصرامة:
-افتحى الدولاب هتلاقى صندوق افتحيه وشوفى اللى فيه، و بعد ما تخلصى هستناكى فياريت ماتتاخريش.
بعد ما ذهب فتحت الخزانة وأخرجت منها صندوق مغلف فقامت بفتحه، فوجدت بداخله فستان مصتبغ باللون الأزرق، فهذا لونها المفضل الذى تعشقه، ووجدت أيضاً ورقة كاتب بداخلها :
ارتدى هذا الثوب، أني بأنتظارك بهذا المطعم، لتجد العنوان باسفل الورقة مختوم بقوله، حبيبك أدهم.
بعد مده وصلت للمكان الذى حدده لها فولجت إلى المطعم بهدوء، فكان خالى من البشر و مزين بالورود بطريقة رائعة جداً، جاء “أدهم” من خلفها ليضمها إلى صدره باشتياق فقال هامساً:
– كل سنة وأنتى طيبة، كل سنة وأنتى حبيبتى وبنتى وصديقتي وشريكة حياتى كل سنة وأنتى منورة دنيتى يانور.
بينما “نور” شع وجهها بسعادة غامرة فقالت باسمة:
– وأنت طيب، لكن عرفت أزاى أن النهاردة عيد ميلادى.
كان يحدق بها بحب فقال بلين:
-من أول يوم أنتى اتولدى فيه، وعمري ما نسيت تاريخ ميلادك، وبعدين أنا حابب اعتذرلك عن كل وجع وحزن حستيه بسببى، أنا اسف ع كل دمعة نزلت منك بسببى، آسف ياحبيبتي حقك عليا ياأغلى إنسانة فى حياتى، أرجو منك أنك تسامحيني عن كل كلمة قولتها طلعت منى بقصد أو من غير قصد.
ثم قبل راحت يدها بحب وقال:
– آسف يانوري.
تحدثت “نور” بنبرة فارحة ممتزجة بالبكاء :
-وأنا مسمحاك ياروحي ومش زعلانه منك خلاص.
-بجد يانور.
-بجد ياقلب نور.
جذبها من معصمها برفق ثم قال:
-تعالى نقعد نتعشى مع بعض بقالى كتير مقعدش معاكى.
لحظات وجاء الجرسون ليضع لهما الطعام، دقائق واشتعلت موسيقى هادئة، فقام “أدهم” بالرقص مع معشوقته فكان يهمس لها ببعض الكلمات المحببه تحت حيائها منه، ولكن أكمل المُحب قائلاً: -تعرفى أنك جميلة أوى النهاردة.
أشاحت نظرها بحياء بعيداً عنه وقالت بخجل مفرط:
– وأنت كمان طالع حلو أوى.
تبسم فاه “أدهم” بسعادة لا توصف فقال مغازلاً:
-عيونك هى الأحلى ياقمري.
ثم قام بإخراج من سترته علبة صغيرة ليخرج منها سلسله من الماس الأبيض رقيقة تحمل اسمها، فقام برفع خصلات شعرها ليضعها على عنقها الناعم، فأتاه صوتها الفرح قائلة برقة:
-دى علشانى أنا.
قبل رأسها ثم قال بابتسامة وشوشة عاشقة:
-ايوة ياقلبي دى علشان أجمل امرأة فى الدنيا، بحبك يانور.
ضمته إليها بكل قوتها وهى تقول بسعادة:
– وأنا بعشقك ياقلب نور.
-أنا بشكر ربنا كل يوم على وجودك فى حياتي.
لتنسدل الستائر على هؤلاء العشاق فكل فرد منا يستحق فرصة ثانية من المسامحة.
أعظم المحب هو من يزرع في قلبك فرحة أنت لم تطلبها،،
و يصنع لك من وقع اللحظة ابتسامة أنت بحاجتها،،
و يرسم لك صورة جميلة تمحي آثار السلبية في واقعك،،
فيبث فيك الأمل و يهديك الامان و الفرح فيعلمك أن الصدق ليس بمفقود، وأن خير المحبة، عطاء من دون مقابل أو شروط.🦋♥️
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هجران رحيل)