رواية هالة والأدهم الفصل الرابع 4 بقلم هدى زايد
رواية هالة والأدهم الجزء الرابع
رواية هالة والأدهم البارت الرابع
رواية هالة والأدهم الحلقة الرابعة
وقفت هالة عن مقعدها بهدوءٍ معتذرة من الجميع ثم غادرت، الإرتياح كان يسود قلبها، علئما يبدو أنه يعرفها حق المعرفة، كاد أن يخبرها عن شيئًا هام لكن دخول اخيها و مشاكسته لهما منعته من ذلك
تكررت الزيارة مرةً أخرى بعد ثلاثة أيام متواصلة من الصمت وافقت بعد صلاة الاستخارة مرة تلوَ الأخرى قرر أن يتحدث عن غياب أهله في هذه المناسبة السعيدة، هدأ من توتره و قال:
– هما مش راضين و عاوزني اتجوز بنت عمي و أنا بصراحة ربنا قلبي معاكي أنتِ و بس مش عارف أشوف غيرك حبيبة و لا قريبة
ردت هالة بهدوءٍ قائلة:
– محمود أنا عاوزة اقولك على حاجة أنا لما اطلقت من حمزة ابن عمي اطلقت عشان مبـ….
قاطعها قائلًا بنبرة صادقة
– عارف و قابل كفاية عليا إن أنا اتجوزك يا هالة
أنتِ أكتر حد حاجة اتمنتها من ربنا أنا مش عاوز حاجة من الدنيا غيرك أنتِ بنتي و اختي و أمي و كل ما ليا و يشهد ربنا على كدا
ردت هالة بنبرة تملؤها الحزن الدفين
– أنا عارفة إنك بتحبني و عرفت كمان إنك قررت تعيش بعيد عن أهلك بسببي خايفة بعد جوازنا تقول إني السبب فـ…
قاطعها للمرة الثانية قائلًا:
– أنتِ هتكوني السبب في حاجة واحدة بس و هي السعادة يا هالة هتكوني سبب سعادتي و بس غير كدا اوهام شيلها من دماغك
سعادة، أمان، سكينة، و ومضة أمل تسللت لقلبها من جديد وافقت على عقد القران بعد أن أخذت وقتها في التفكير، أثرت والدتها عليها بكلماتها تجاه الأمومة و تجربة جديدة قد يأتي من ورائها الخير
حركت غريزة الأمومة تجاه هالة بدأ الحلم يظهر من جديد هل إن خاضت التجربة مرة أخرى ستنجب أم لا بالطبع ستنجب فالأطباء اجمعت على ذلك، وافقت و سلمت الأمر لله يدبرهُ كما يشاء
بدأت في تحضير ليوم زواجها، كان أخيه معها خطوةً بخطوة في كل شئ، كان يحاول أن يوفر لها كل ما تحتاجه لهذا اليوم على الرغم أنه ليس الزواج الأول إلا أن هذه المرة تشعر بأشياء لم تختبرها من قبل ربما لأنها ناضجة و بدأت تستكشف الأمور من زواية أخرى .
تم عقد القران داخل قاعة مخصصة للزفاف، لم يحضر سوى أهل العروس أما محمود فكان وحيدًا لم يأتي أحدًا من أهله لمُباركة هذه الزيجة، جلست على الأريكة المخصصة للعروسان و الحزن يعتري قلبها حين قالت:
-كنت فاهمة إن مش ممكن يعدوا اليوم كدا من غير ما يشوفك و أنت عريس
نظر لها و قال باسمًا:
– سيبك من أي حاجة تعكر حلاوة اليوم الجميل دا أنا مش عاوز من الدنيا غيرك و مكتفي بوجودك في حياتي
********
داخل شقة حمزة
كان ينفث سحابة دخان كثيفه و هو يعود برأسه للخلف نير ان الغيظ و الغيرة تأكل صدره، ألهذه الدرجة لا ترأف بهِ أيعقل أنها نست حبها له بهذه السرعة حقًا اللعنة عليك يا هالة كيف سمحتِ لقلبك يسكنه غيره !!وضع لفافة التبغ في المنفضة بغيظٍ شديد ثم قام بإشغال لفافة أخرى، قلبه يؤلمه يريد أن يصرخ بكل ما يجيش في صدره و يخبر العالم بأن هي له فقط هل هذا القهر و الحزن الذي يشعر بهما نفس الشعور الذي اجتاح قلبها آنذاك ؟! و اللعنة عليك أيضًا يا حمزة أليس من حقها أن تتمتع بنفس الحق الذي منحته لنفسك
وقف عن حافة الفراش قام بتبديل ملابسه المنزلية بأخرى، ولجت وداد وجدته ينظر لصورته المنعكسة في المرآة يغلق أزرار قميصه الأسود سألته بفضول قائلة:
– على فين كدا يا حمزة ؟
– ملكيش دعوة بيا دلوقت سبيني في حالي
– في إيه يا حمزة مالك متعصب ليه ؟
– قلت لك سبيني دلوقت
ردت وداد قائلة بعصبية مفرطة
– لا مش هاسيبك و لازم افهم رايح فين
– رايح مطرح رايح ملكيش دعوة
– اقولك أنا أنت رايح فين ؟ رايح لهالة رايح عشان مش قادر تصدق إنها سابتك زي ما أنت سبتها
تابعت بنبرة مغتاظة قائلة:
– مالك كدا هتموت و كأنك مظلوم و عايش دور الضحية مع إن لو بصيت على نفسك في المرايا هتلاقي نفسك إنك أنت السبب في دا كله
سألها حمزة بنبرة ساخرة قائلًا:
– اه صح أصل أنا اللي رحت قلت لأمي جوزيني وداد عشان متسافرش و ابن اخويا يفضل وسطنا و لا أنا اللي قلت إنك تختاريني لما امي عرضت عليكي الجواز واخترتيني أنا مش محمود اخويا بحجة إيه اصلك أكبر منه
ابتسمت وداد و قالت بذات النبرة قائلة:
– و لا أنا بردو اللي استغليت غياب مراتك ودخلت اوضتك يا حمزة، أنت اللي جتني و قلت لي أنا جوزك و شرع ربنا بيقول اعدل بينكم و إنك سألت شيخ اوعى تكون فامر إن سكوتي ضعف و لا قلة حيلة يا حمزة سكوتي دا عشان ربنا منزل على قلبي الصبر
– الصبر !!
– ايوة الصبر على واحد أناني مفكرش غير في نفسه و بس نفسك في عيل و بتحب مراتك بس مش قادرة تخلف لك العيل اللي نفسك في، تقوم تعمل إيه تضرب عصفورين بحجر اتجوز مرات اخويا و اخلف منها و كدا كدا هالة بتحبني ضامن إنها موجودة هتروح فين يعني بس ربنا قالك لا الظلم حرام و عمر ربنا ما بيظلم عباده، زي ما أنت نسيت حبك لهالة هي كمان نسيت و داست عليه فيها إيه لما تدور على حلمها زيك ليه الأنانية اللي أنت فيها عاوز كل حاجة عاوز الخلفة و الحب و هالة مش عاوز تخسر حاجة أبدًا بس ما فيش حد يا حمزة بياخد كل حاجة راحة البال في الأخرة مش هنا يا حمزة هنا مش هتلاقي غير شقى و تعب و حد يحبك و أنت مبتحبوش و حد ها تموت عليه و هو ميبقاش ليك عيش و ارضى يا حمزة عشان ربنا يراضيك، سيبها تشوف حياتها زي ما أنت شفت حياتك و لو كان عليا طلقني و هليني اربي ولادي زي أي واحدة بتطلق و لا جوزها بيموت الدنيا مبتقفش على حد الدنيا ماشية و مكملة سوى بيك أو غيرك أنت مجرد محطة في حياة أي شخص تقابله .
*******
في الساعة الثانية عشرًا بعد منتصف الليل
وصل محمود و هالة أخيرًا لمنزل الزوجية، ترجلا من السيارة معانقًا أنامل زوجته بأنامله، وقف أمام
المصعد الكهربائي و الإبتسامة لا تفارق شفتاه ظل يضغط على الزر أكثر من مرة و هو ينظر لها قائلًا:
– معلش هو كدا ساعات بيحب يهزر معانا
ردت هالة بنبرة متوجسة قائلة:
– يعني إيه بقى يعني هاطلع سبعتاشر دور على رجلي !!
– لا و لا تزعلي نفسك أنا هنادي عم فرج يمكن هو اللي عمل كدا يا عم فرج
هرول العم فرج بخطواته الواسعة و السريعة و هو يقول :
– ايوة يا أستاذ محمود ، مبروك يا عريس
رد محمود و قال بإبتسامة واسعة
– الله يبارك فيك يا عم فرج شغل الاسانسير بقى
– دا عطلان و المهندس جاي بكرا الساعة تسعة الصبح
ردت هالة ماسائلة بنبرة مغتاظة
– هو إيه اللي عطلان ؟
– الأسانسير !
كاد يُكمل حديثه لكن منعه محمود و هو يحتوي منكبيه و قال:
– دي أسرار سُكان ازاي تطلعها برا كدا اول ما حد يسألك يا عم فرج ؟
– اللاه مش هي اللي بتسألني ؟! و بعدين مش دي بردو العروسة و ساكنة في العمارة يبقى من حقها تعرف
رد محمود و قال من بين أسنانه قائلًا:
– امشي دلوقت خليني اشوف اقنعها ازاي تطلع على رجليها امشي يا عم فرج
استدار بجسده كله تجاه هالة، فرغ فاه ليتحدث لكنها أشارت بسبابتها قائلة بحزم
– انسى يا محمود إني اطلع سبعتاشر دور على رجلي و الله لو إيه اللي حصل ما هطلع
حملها محمود بين ذراعيه و هو يتمتم بكلماتٍ غير مفهومة سألته بجدية مصطنعة قائلة:
– بتقول إيه يا أستاذ أنت ؟
– مبقلش بقول ربنا يكملها معايا بالستر
– يارب يا حبيبي و شيل عدل بدل ما اقع منك
بعد مرور خمسة عشر دقيقة كاملة
توقف محمود يلتقط أنفاسه من صعود الطابق الخامس عشر لقد فاض به الكيل لم ترحمه طيلة هذه المدة، كانت تلوح بيدها على وجهها لتاتي بنسمة هواء تبرد حبات العرق المتكونة أعلى جبينها نظر لها و قال بنبرة مغتاظة
– لا و أنتِ تعبتي الصراحة
كاد أن يحملها لكنه دعس على ذيل فستانها الأبيض و سقط كادت أن تلحقه لكن يده فلت فتدحرجا سويًا على سلالم درج البناية، استقر جسد محمود و هالة عند الطابق الثالث عشر، حاولت أن تقف على ساقيها من جديد لكنها فشلت فشل ذريع تاواهت و هي تضربه بيدها على كتفه قائلة:
– منك لله كسر تني حد يسكن هنا بردو !!
– و هو أنا كنت اعرف إني هتجوز فيها دا أنا خدتها تخليص حق
– و أنا مالي أنا ما كنت بعتها و اشتريت غيرها آآآه يا رجلي و يا جسمي كله
فتح باب الشقة رجلًا في الخمسين من عمره يحمل قدحًا من الشاي الساخن، نظر أسفل قدماه وجد محمود مازال يجلس أرضًا، سأله بنبرة متعجبة قائلًا:
– أستاذ محمود بتعمل إيه هنا ؟
رد محمود و هو يتحامل على جسده، عدل من رقدته و قال
– بتشمس عشان الشمس مبتطلعش عندي
تابع بنبرة مغتاظة قائلًا:
– هكون بعمل إيه يعني يا أستاذ مدحت وقعت أنا و المدام من على السلم
رد الرجل بفضول قائلًا:
– طب و هتعمل إيه دلوقت ؟
– هعمل جمعية ! هعمل إيه يعني يا أستاذ مدحت هاخد نفسي و ابقى اقوم اكمل ادخل أنت متشغلش بالك
– طيب مش عاوز حاجة ؟
– هات كوبية الشاي دي و اتفضل أنت
اوصد مدحت الباب بعد أن نفذ طلب محمود، كانت هالة تبحث عن الجروح المتفرقة في جسدها و هي تتأواه، عادت ببصرها لهزو قالت من بين أسنانها بنبرة مغتاظة:
– أنت لسه هتشرب الشاي !! قوم مش قادرة اقف على حيلي
شيلني يا محمود أنا تعبت
تعبتي من إيه دا أنا شيلتك اربعتاشر دور ووقعنا دورين يبقى كدا كام ؟
كام إيه يا محمود بقلك مش قادرة اطلع تعبت تعبت
و الله ما هشيلك الدورين اللي وقعنا فيهم بس يا بنت الناس خُدي بعضك براحة كدا و اطلعي الدورين و استنيني في الدور الستاشر اكون خد نفسي شوية و خلصت كوبية الشاي اللي في ايدي دي
ماشي يا محمود ماشي
ازعلي براحتك دلوقتي و أنا فوق هاصلحك براحتي
بعد مرور خمس دقائق
يلا بقى كمل جميلك و شيلني
طب ما تخليكي أنتِ جدعة و سيبي اللي باقي من صحتي اتكلم في معاكي عن أول مرة حبيتك فيها
لا ملي دعوة محدش قالك خد شقة في الدور السابعتاشر و الاسانسير يعطل في نفس يوم فرحنا اتصرف و شيلني بقى بدل نا اتصل باخويا يجي يشوف لك صرفة أنا تعبت
تعالي يا مفترية عليكي ربنا
ابتسمت ملء شدقيها و هي تحاوط عنقه و قالت بنبرة مدللة
– تسلمي لي يا مودي
– ايوة يا ختي ادلعي هو أنتِ تعبانة في حاجة ما هو أنا شايل هم على قلبي
توقف ليلتقط أنفاسه الموسوعة، بينما هي وضعت يدها في خصرها و قالت:
– قصدك إيه يا محمود ؟
رد محمود بنبرة مغتاظة قائلًا
– ما محموداش يلا خلينا نطلع في السلم اللي مش راضي يخلص دا
اصدرت هالة شهقة عالية ما إن حملها على كتفه بدلًا من ذراعيه سألته بنبرة ذاهلة
– أنت بتعمل إيه يامحمود ؟!!
– أنتِ ليكي أكل و لا بحلقة !!
– يعني إيه بقى إن شاء الله ؟
– يعني اشيلك على كتفي اشيلك على دراعي المهم النتيجة واحدة ادعي بس نوصل بالسلامة
ربتت على ظهره بحنانٍ بالغ و هي تقول:
– هنوصل يا حبيبي أنت بس شد حيلك كدا و السلم يخلص بسرعة
بعد عناء شديد وصلا اخيرًا إلى باب الشقة، فتح الباب ثم ترك يدها و سجد شكرًا لله، ابتسمت هالة على هذا المشهد و قالت:
– للدرجة دي يا محمود بتحبني و ماصدقت نبقى مع بعض
وقف محمود مقابلتها و قال بإبتسامة واسعة
– الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
تابع مناديًا إياها بنبرة خافتة قائلًا:
– هالة
ردت بإبتسامة واسعة
– نعم
ابتسم محمود ملء شدقيه و قال بسعادة غامرة وهو يفتح ذراعيه على مصرعيهم و قال:
– أنا وصلت الشقة أخيرًا يا هالة
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هالة والأدهم)