رواية نيران نجع الهوى الفصل الرابع 4 بقلم هدير دودو
رواية نيران نجع الهوى الجزء الرابع
رواية نيران نجع الهوى البارت الرابع
رواية نيران نجع الهوى الحلقة الرابعة
أصبح الأخوة أعداء بفضل الهوى الذي بعثر المشاعر وسيطر على القلوب فجعلها ضريرة لا ترى سوى العشق فتردت العلاقات جانبًا وأصابها دمار شامل دون أن يهتم بها أحد.
وقف الجميع يتطلعون لما يحدث بصدمة كالصاعقة ألجمت ألسنتهم، يشاهدون فعلة عمران بأعين متسعة بذهول تام كان أولهم حسن الذي لم يتوقع يومًا أن يحدث ذلك بينه وبين شقيقه، يطالعه بعدم تصديق هل هو حقًا صفعه أمام الجميع ومن دون سبب لماذا فعل ذلك؟! اهتاج عقله غضبًا وتشنج جسده بعدما برزت عروقه مقررًا الثأر لحقه من شقيقه الذي لم يستحق أن يتعامل باحترام بعد أن تنازل هو عن حقه ولم يحترم أحد.
كانت فهيمة تشعر بقلبها يهوى بداخلها بعدما تسارعت نبضاته عالمة نتيجة ما فعله وكيف سينقلب الأمر على الجميع؟! ويزداد سوءًا خاصة على حسن الذي بالطبع لم يصمت ولن يتنازل عن حقه، تعلم ذلك جيدًا وجميع مخاوفها قد تحققت الآن وسترى ابنائها يقفان أمام بعضهما وكل منهما متوعد للآخر يود الثأر منه…بينما نعمة فقد ابتسمت بخبث لتأثير ما حدث على فهيمة الذي سيجعلها تنفذ حديثها ويسير الأمر كما تريد لتنال حقها من تلك الفتاة ذات كبرياء عالي وغرور.
لم يمر سوى لحظات ساد الصمت عليها لكن انتهى مسرعًا فور أن تمسك بشقيقه يهزه بقوة وهدر بعنف صائحًا:
-انچنيت إياك يا عمران فوج ياخويّ أني مش هسكت ولا هتتحكم في حياتي كيف ما أنت رايد هتچوزها غصب عنيك وعن الكل ويدّك ديه معتترفعش عليا واصل بعد إكده.
دفعه عمران بقوة ضارية جعله يرتد إلى الخلف ورد عليه ببرود غاضب يسبق نيرانه المتوهجة وبراثنه الحادة:
– مفيش حاچة إهنيه هتحصُل غصب عنيّ والبت هتهملها بالرضا او الغصب وأنت شكلك معتچيش غير بالغصب يا ولد أبويّ.
لم يبالِ بحديثه بل طالعه متبجحًا بقوة غاضبًا وبقيت ملامحه جامدة بغضب نارٍ:
– أني هتچوزها غصب عنيك بجى يا عمران إيه جولك، مش عشان الكَبير هتعمل فينا إكده، لاه أني مش هسكت وهعمل اللي رايده.
قبل أن يتحدث عمران ليرد عليه تمتمت فهيمة بحدة منفعلة عليهما:
– يزياداكم عاد، ايه اللي عتعملوه في بعض يا ولاد الچبالي، هتجطعوا في بعضيكم من ميتى وبيحصل إكده في العيلة يجطعها مجصوفة الرجبة اللي عتخليكم تاكلوا في بعضيكم في اللأغراب.
أجابها حسن بلوعة والنيران كادت تحترق قلبه المتآكل ويملؤه الغيظ بعدما تبعثرت مشاعره بامتهان في حضرة ذلك المتجبر الذي لم تعلم الرحمة سبيلًا إليه:
– أني لسة لحد دلوك معملتش حاچة يمّا هو اللي عِمل بس مش هسكت عاللي حُصُل أني هچيب حجي ومش ههمل اللي جلبي رايدها وعيعشجها عشان هو بس عايز الدنيا كلياتها تمشي على كيفه.
تشعر به ويمشاعره العاشقة بصدق متطلعة نحو عمران بنظرات يملأها العتاب واللوم لكنه لم يبالِ بها قابلها بنظرات قاسية بعنف متوعدة، حاولت أن تتدخل بتعقل متزنة لتجعل الأمر يهدأ قليلًا إلى أن تفعل هي ما ينهي ذلك الصراع بالقضاء على مَن تسببت في تلك الفتنة:
– خلاص يا حسن مينفعش تجول إكده عمران اخوك الكَبير وموضوع البت ديه هنتحدتُ فيه من تاني.
تطلع نحو عمران بغضب متوعدًا إليه، وصاح بقوة معترضًا على حديثها:
– لاه مفيش حديت تاني في موضوع چوازي من عهد أني اتفجت على كل حاچة والموضوع خُلص.
دفعه عمران إلى الخلف معقبًا على حديثه بوعيد محتدم:
– الله في سماه ليوم چوازك منيها يُبجى يوم موتك وكلمتي مش هتجع واصل، عجلي ولدك يمّا حديتي مهرچعش فيه واصل.
كان يرمقها بنظرات ذات مغزى آخر وحديث يحمل بين طياته العديد من المشاعر المخفاة التي ظهرت إليها في تلك الليلة المكروبة.
سار مسرعًا بخطوات واسعة تارك المنزل كما أن الشياطين تلاحقه، لن يترك تلك الزيجة تكتمل سوى بموته، كيف ستتزوج من غيره هي لن تبقى لأحد سواه ستكون ملكه هو فقط عهده لن يكتمل سوى بامتلاكها، موجة غضبه الثائرة لن تهدأ سوى بالحصول على العشث الذي غوى الفؤاد وأرهقه.
تنهد بقسوة ونيران متأهبة لا يعلم إلى اي مرحلة وصل في عشق تلك الفاتنة التي أسرت قلبه وعقله لتجعل روحه في النهاية تصرخ بعشقها سيجعلها زوجته عنوة ليشعر بالإنتصار والفخر بعدما فعل ما يريده واجتمع بها في النهاية، سيروضها على يده لتعلم مَن هو عمران الجبالي وكيف ستكون نتيجة عنادها وتحديها له.
وقف حسن يتطلع نحو والدته بنظرات حزينة معترضًا على طريقتها القاسية معه ودعمها الدائم لعمران دون الإهتمام بمشاعره لكنه كان يخبرها بنظراته الصامتة أنه لن يتنازل تلك المرة سيتمسك بزواجه بمَن اختارها، سار هو الآخر بعدما جعل والدته تفهم أنه لن يتنازل وسيتمسك بها دون أن يعير لشقيقه اهتمام..
تطلعت نحو نعمة وزفرت بضيق ويأس، فأسرعت تقترب منها وغمغمت بمكر تعاتبها:
– أني جولتلك جبل ما ده كله يحصل انتي اللي مش موافجة وجلبك واكلك على البت ديه وهي السبب في الخراب اللي عيحصُل.
رمقتها بتوتر متسائلة وهي لازالت لم تقتنع بحديثها:
-شوفي ياخيتي حاچة تانية غير اللي جولتيها ديه نعرف نعملها بلاها الظُلم.
زفرت بحنق مربتة فوق كتفها لتحثها على تنفيذ خطتها متمتمة بجدية:
-مفيش غير إكده هو اللي هينفع مع بت زي ديه عتلعب بولاد الچبالي دة أجل حساب اللي زييّها والظُلم هي اللي چابته لنفسيها بِت الحوامدية.
اومأت برأسها باقتناع والتقطت أنفاسها بغضب بعدما استطاعت نعمة السيطرة على عقلها بزرع أفكارها الخبيثة لتحريضها ضد عهد تلك الفتاة التي لم تفعل شئ لتلك العائلة لتُعاقب عليه وتنال منهم تلك القسوة..
❈-❈-❈
في المساء…
ولج حسن الغرفة الخاصة بوالدته التي أرسلت إليه تخبره أنها تريد التحدث معه وقف محمحمًا بخشونة جادة:
– نعم يمّا جالولي أنك رايداني.
أومأت برأسها أمامًا وتمتمت بهدوء مؤكدة، مشيرة إليه بالجلوس جانبها:
– ايوه يا ولدي تعالى اجعد چاري وهنتحدتُ ويا بعض نتفج لچل اللي بيحصُل في السرايا بينك وبين أخوك.
توجه بجانبها كما طلبت منه، معقدًا حاجبيه بعدم فهم متسائلًا بحدة:
– نتفج على إيه يمّا أتفاجك يُبجى مع عمران مش معايّ هو اللي معاديني، أني لحد دلوك معملتش حاچة هو اللي عيعمل ومن غير سبب كُمان.
لم تهتم لحديثه بل تمسكت بيده وغمغمت بإصرار جاد بعدما توصلت إلى حل ينهي ما يحدث دون إلحاق الأذى بعائلتها:
– البت ديه معتدخلش عيلة الچبالي واصل تهملها لحالها وتبعد عنيها وتريح اخوك الكبير وتريح جلبي يا ولدي.
هب واقفًا بغضب مندهشًا من تغيرها المباغت يرمقها بنظرات معترضة اصطحبت بكلمات غاضبة:
– ايه اللي عتجوليه عاد، ده حديت ميدخلش العجل انتي بدك تنفذي اللي رايده عمران وأني مش مهم كيف غيرتي رأيك إكده من غير ما تفكري فيا، وجلبي مين يريحه ويداويه عاشجها يمّا.
هربت بعينيها مبتعدة عن نظراته وأجابته بتعقل جاد وأعين مظلمة بقسوة:
– اللي بجوله دِه عين العجل يا ولد بطني محدش بيعمل حاچة إهنيه في البيت والنچع غير بموافجة أخوك كيف أنت بدك تكسر كلمته عشان بت زي ديه بكره أچوزك ست ستها وأحلى منيها كُمان.
يشعر بالظلم في تلك العائلة لكنه لم يصمت وقف قبالتها بتحدٍ غاضب معلنًا رفضه لما تقوله:
– وأني جولتلك أني رايد البت ديه وعاشجها جلبي معيشوفش غيرها مهما حصُل لا حلوة ولا عِفشة، أخوي رافض اللي عيحصُل من غير ما يسمعني عايز يخبرني أنه هو الكبير وبيثبت دِه حتى لو بالغصب.
غمغمت بحدة منفعلة عليه مشددة فوق حديثها بعدم رضا:
– حديت إيه اللي عتجوله يا ولدي، فكّر يا حسن شويّ في حديتك أخوك رايد الخير للعيلة كلياتها.
لم يهتم لأمرها شاعرًا بالغضب منها لظلمها هي الأخرى تحاول إرضاء شقيقه مختلسة حقوقه عنوة؛ لذلك أجابها متبجحًا بغضب:
– مش ههملها يمّا مجدرش اهملها، جلبي ميجدرش يبّعد عنيها وده آخر حديت عندي.
أنهى حديثه وخرج من الغرفة غاضبًا بخُطى واسعة سريعة، متنهدًا بحرارة غاضب متوعد لشقيقه يراه المتسبب فيما يحدث، ابتعاده عنها يعني تدمير حياته وهو لن يسمح بذلك سيحارب الجميع لأجل الحصول عليها ويشعر بالانتصار.
بينما فهيمة أغمضت عينيها بضعف وضيق تشعر بتدمير علاقة أبنائها وكل ذلك بسبب فتاة منذُ متى وفتاة تؤثر بعائلة الجبالي بالتحديد عمران فهو كان يتطلع نحو الفتيات بنظرة أخرى لم يهتم عمره بواحدة منهم حيث أنه كان يترك أمر اختيار زوجته لها هي، كيف لتلك الفتاة أن تقلب حاله رأسًا على عقب جعلته يخفق في سيطرته على ذاته وتنكسر جميع حدوده الصلبة التي وضعها في نفس الوقت ابنها الآخر يريدها ولم يرَ سواها، بالطبع تلك الساحرة قد سحرت إليهما ليعشقوها لم تجد تفسير للأمر سوى ذلك.
❈-❈-❈
في الصباح الباكر داخل المنزل المتهالك كانت تجلس عهد في غرفتها بصحبة إيمان يتحدثان سويًا كانت تتحدث بحماس محركة يديها في الهواء بسعادة:
– مش مصدجة لحد دلوك أن خلاص هتچوز من حسن بعد كل اللي عيحصُل دِه.
ابتسمت لسعادتها التي لم تظهر سوى قليلًا، وأجابتها تشاركها بفرحة هي الأخرى:
– والله كنت عارفة يا خيتي حسن مش هيهملك وهيعرف يتحدت مع سي عمران وأهو وافج كُمان وهتتچوزيه غصب عن الكل.
ابتسامة واسعة اعتلت ثغرها شاعرة بنبضات قلبها التي تدق بعنف كلما تذكرت في الأمر، سعيدة بضراوة متناسية جميع مخاوفها التي كانت تقبض فوق قلبها برعب لكنها تظن أن عمران وافق ورحب بالفكرة حمقاء هي كيف تفكر إنه يتنازل عما يريده، هو لن يتركها سوى بتحقيق ما يريده منها وما هو سوى امتلاك قلبها كما فعلتها واختليت جميع مشاعره.
أسرعت إيمان مقتربة منها تحتضنها مبتسمة معقبة بمرح:
– عتفكري فيه مش جادرة تستحملي بعادك عنيه.
ضحكت بخجل مبتعدة عنها متمتمة بتوتر متلعثمة:
– بس يا إيمان ايه اللي عتجوليه ده، عارفة لو حازم رچع دلوك وسمع حديتك هيعمل فيا إيه.
لوت شفتيها ساخرة بحسرة كلما تذكرت أفعال زوجها المخجلة، وأجابتها بتهكم ساخرة:
– افتكريلنا حاچة حلوة بلاش اللي بيوچع الجلب ده والله يا عهد أني رچعت إهنيه تاني عشان كان جلبي واكلني بعد ما عرفت اللي حصلك مجدرتش أفضل بعيدة عنيكي.
ابتسمت عهد بسعادة لحنانها معها تشعر دومًا أنها شقيقتها ليست زوجة أخيها لكن قبل أن تتحدث استمعت إلى صوت طرقات قوية تدق فوق باب المنزل بعنف قطبت عهد جبينها شاعرة بغصة قوية تقبض فوق قلبها المقبوض، تمتمت بتوتر موجهة بصرها نحو إيمان:
– جومي افتحي الباب شوفي مين مش متطمنة اللي چاي وجلبي متوغوش.
ربتت فوق كتفها بحنان تطمئنها مبتسمة ونهضت تفتح الباب بتوتر هي الأخرى، تفاجأت بفهيمة تقف أمامها ترمقها بنظرات حادة ظنًا منها أن عهد هي مَن ستقابلها لكنها غمغمت ببرود:
– كيفك يا إيمان مليح أنك رچعتي دارك من تاني.
أجابتها بتوتر وعدم اطمئنان لنظراتها الغاضبة:
– تسلمي يا ست فهيمة.
واصلت حديثها بجدية بعدما تطلعت بعينيها باحثة عن عهد:
– روحي جولي لـ عهد أني عايزة اتحدت وياها في حاچة مهمة.
سرعان ما أومأت برأسها أمامًا وأشارت إليها بالدلوف مرحبة بها بتوتر:
– حاضر يا ست فهيمة ده الدار نور بوچودك.
أسرعت تتوجه نحو غرفة عهد بقلب مقبوض بخوف بعدما رأت نظراتها الغير مبشرة بخير سألتها عهد بهدوء:
– مين اللي چه عندينا دلوك.
أجابتها بتوتر متلعثمة وقد بدا التوتر فوق قسمات وجهها:
– د… ديه الست فهيمة وجالت أن بدها تتحدت وياكي.
شعرت بعدم الاطمئنان بعدما رأت ملامحها الخائفة فتمتمت متسائلة باضطراب:
– في حاچة ولا إيه، انتي مالك خايفة من ايه؟
حركت رأسها نافية بتوتر، حاولت ألا تزعجها وتعكس لها شعورها فتمتمت بهدوء بعدما أجبرت شفتيها على الابتسام عنوة:
– لاه يا عهد مفيش حاچة هخاف من ايه اطلعي يلا اتحدتي وياها وانا هچهز حاچة تتشرب.
أيدت حديثها باستحسان هادئ ووضعت وشاحها فوق خصلات شعرها، خرجت متوجهة نحوها بهدوء مرحبة بها هي الأخرى كما تفعل دومًا:
– كيفك يا ست فهيمة نورتينا بچيتك.
لم ترد عليها نهضت مسرعة قبالتها بوجه مكهفر غاضب بنظرات مصوبة نحوها ترعبها، ابتلعت عهد ريقها الجاف بتوتر وبطء مصحوب بدقات قلبها المتسارعة وتمتمت متسائلة بقلق محاولة ان تصطنع القوة:
– في إيه ياست فهيمة حصل حاچة مزعلاكي منيّ؟
اقتربت منها بعينين حادة غاضبة تفوهت بقسوة ضارية:
– فيه يا عهد والشغل اللي عتعمليه دِه مش هيخيل عليا بعد إكده ومش هصدجه من دلوك، أني چاية اجولك كلمتين تحطيهم في عجلك وتفهميهم مليح عشان اللي عتشوفيه منيّ بعد إكده مش هيعچبك واصل.
خشيت من طريقتها واقترابها الشديد منها فأسرعت تخطو خطوة إلى الخلف مبتعدة عنها بأطراف مرتعشة ووجه شاحب معقبة بتوتر لترد على حديثها المبهم:
– وأني عِملت إيه يا ست فهيمة أني مجولتش حاچة ولا عِملت شئ يزعلك عشان تجوليلي إكده ا..
صاحت بحدة مرتفعة ولم تمهلها الفرصة للدفاع عن ذاتها أو فهم شئ:
– بجولك ايه أني معيهمنيش أسمع منيكي حاچة انتي هتنفذي اللي هجوله، عارفة أن عمران الچبالي كبيرك وكَبير النچع مش موافج على چوازك من حسن صُح
اومأت برأسها أمامًا بصمت دون حديث، فأكملت حديثها مرة أخرى باحتدام قاسٍ:
– ولچل إكده هتطلبي حسن وتجوليله أنك مش رايدة تكملي وياه وتهمليه لحاله، وملكيش صالح بيه ولا بعيلة الچبالي واصل.
ظلت صامتة تستمع إلى حديثها بأعين متسعة بذهول ولم تقوَ على التفوه بحرف واحد لترد عليها فصاحت هي بغضب لتنهي ذلك الحوار بنبرة متوعدة:
– فهمتي اللي أجصده يا عهد مانتي يا بتي معتحبيش أني أحكم عليكي تهملي النچع أنتي وأهلك حتى خلجاتك مهطوليهاش.
رمقتها بازدراء وقد فهمت تهديدها جيدًا فأسرعت تأومأ برأسها أمامًا متمتمة بخفوت متلعثمة:
:- فـ… فاهمة…فاهمة يا ست هانم واللي رايداه هيحصُل.
ابتسمت بانتصار عندما رأت استسلامها التام لرغبتها التي ستنهي الصراع الذي يحدث بين ابنائها، ولجت إيمان وهي تحمل أكواب الشاي استوقفتها قبل أن تذهب بهدوء
:- الشاي يا ست فهيمة.
استكملت خطواتها ببرود متمتمة بقسوة ساخرة:
:- هشربه شربات في خطوبة عهد الچاية بعد ما تهمل ولدي.
لم تدعها تسأل أو تتفوه بشئ وسارت خارج المنزل مبتسمة بانتصار بينما عهد فسقطت أرضًا باكية بضراوة واعتلى صوت نحيبها المرتفع بحزن بعدما شعرت أنها محاصرة بضعف، ستفعل ما أُجبرت عليها عنوة معلنة ضعفها التام وذلها في ذلك المكان المفروض بقيود حادة تلتف حول عنقها ستنهي حياتها يومًا..
اقتربت إيمان جالسة بجانبها تشعر بالشفقة والحزن تجاهها لكنها أيضًا تشعر بالخوف عليها، ترى القهر الوجع داخل عينيها ولا تعلم ماذا تفعل لها!؟ احتضنتها بحب وحنان كبير محاولة التخفيف عنها مردفة بهدوء:
– اهدى يا عهد اهدي ياخيتي متبكيش وحياتي عنديكي.
حاولت عهد التوقف عن البكاء لكنها لم تستطع تمتمت بخفوت وقلب مقهور أنهكه الوجع الضاري:
-مجدراش، كيف يا إيمان أني خلاص ههمله ههمل حسن وانتي خابرة زين جد إيه أني بحبه.
اومأت برأسها أمامًا بضعف تؤيد حديثها وغمغمت متسائلة بعدم فهم:
– هو إيه اللي حصُل عشان تعمل إكده؟
أجابتها بذهن شارد شاعرة بكره شديد بداخلها لذلك الشخص المتعجرف القاسي الذي تكرهه وبالطبع لم يكن سواه “عمران الجبالي” بالطبع هو مَن دفعها لتلك الفعلة القاسية بظُلمات قلبه الحالكة:
– مخبراش بس كل اللي اعرفه أنها بتنفذ حديت عمران هو اللي رايد أن كل ده يحصُل وجالي كتير جبل سابج أني اهمل حسن.
شددت إيمان من احتضانها لها بتوتر لكن تلك لم تتحمل ما يحدث لها وانهارت باكية بصوت مرتفع بكاءها يقطع أنياط القلب تشعر بالعديد من المشاعر المختلفة الظلم القهر، الوجع الضعف، والحزن الذي دمر قلبها، ولماذا كل ذلك!؟ ماذا فعلت لتسقط فريسة في براثن شخص لا يرحم مثله ستنفذ ما يريده لأجل الحفاظ على حياتها بعدما هددتها والدته واخبرتها بما ستفعله علنًا دون خجل.
في ذلك الوقت ولج حازم الذي وقف يتطلع نحوها بدهشة معقدًا حاجبيه بعدم فهم فصدح صوته بخشونة وجدية متسائلًا لما يحدث:
– في ايه؟ ايه اللي بيحصُل إهنيه وعهد ليه عتبكي إكده يا ايمان؟
لم تستطع زوجته الرد عليه فصمتت بتوتر وحاولت أن تظل كما هي وكذلك عهد التي كانت تائهة في دنيا أخرى عقلها يسترجع ذكرياتها الجميلة التي عاشتها معه وفي نفس الوقت تتذكر تهديدات فهيمة القاسية لها وكلماتها التي تجرح قلبها وتشعرها بضعفها.
هدر حازم بعنف وعينيه مثبتة نحوهما بقوة:
:- بجول في إيه حد يرد عليا هتفضلوا إكده إياك!
خشيت إيمان من طريقته الغاضبة فأجابته بتوتر:
– مـ… مفيش يا حازم دِه الست فهيمة كانت إهنيه وجالت لـعهد تهمل حسن وملهاش صالح بيه من دلوك.
وقف يشعر بالغضب والدماء تغلي بداخله بعينين غاضبة مثبتة على أخته وأكمل حديثه بغضب حاد:
– وهي جالت إكده ليه ما كانت موافجة وچات لحد عندينا تبارك بنفسيها؟
رفعت أكتفاها ترد عليه بتوتر وازداد تمسكها بعهد التي كانت تائهة لا تدرى شئ:
– مخبراش يا حازم هي اللي جالت إكده عشان سي عمران مش موافج على چواز اخوه منيها.
صاح بعنف وعدم اقتناع مقتربًا منهما يدفعها بعيد عن عهد ممسكًا بشعرها بقوة:
– سي عمران اللي مش موافج ولا أنتي اللي عملتي حاچة تخليهم يهملومي ويرموكي إكده.
صرخت متألمة وعادت لواقعها على قبضته القوية متمتمة بصراخ غاضب:
– أنتَ عتعمل فيا إكده ليه بعِّد عنيّ وهملني لحالي.
قابل حديثها بصفعة قوية هوى بها فوق وجنتها معقبًا بحدة منفعلًا:
– اتجنيتي إياك من ميتى وصوت الحريم بيترفع عندينا، أني رايد بجى دلوك أعرف الست فيهمة جالتلك تهملي ولدها ليه، عملتي ايه ولا عرفوا إيه عنيكي.
لم تهتم بقطرات الدماء التي تسيل من فمها بل نهضت لتقف قبالته بغضب ملتقطة أنفاسها اللاهثة بصعداء وصرخت عليه مرة أخرى باحتدام غاضب:
– أنت اللي اتچنيت مش أني، أنا محدش يجدر يمسني بحرف واحد فوج لحالك أني خيتك كيف عتجول إكده.
أنهت حديثها دافعة إياه بقوة إلى الخلف متوجهة نحو غرفتها شاعرة بالاختناق، هل أخوها يفكر بها هكذا فالآخرون ماذا سيقولون عنها؟! كما أن قلبها يريده هو استطاع في ذلك الوقت القصير أن ينال حبها ويجعل قلبها يشعر بمشاعر مختلفة اعتادت عليها في وجوده معها كيف ستُحرم من كل ذلك، هي بعد شهر فقط كانت ستصبح زوجته وفي لحظة واحدة انقلب حال حياتها رأسًا على عقب، تبغض ذلك المتسبب في تدميرها ليحقق ما يريده ويبدي سيطرته على النچع كاملًا..
في الخارج تطلعت إيمان نحو زوجها بغضب بملامح ممتعضة وعاتبته على حديثه القاسي معترضة على أفعاله بضيق:
– كيف تجول ليها إكده أنت خابر زين أن عهد مفيش واحدة في النچع زييها.
لم يهتم بحديثها ودفاعها الدائم عنها فهدر بها بعنف حاد:
– لو هي كيف ما عتجولي انتي مكانوش جالولها تعمل إكده.
تعلم أنها لن تحصل على نتيجة من التحدث معه وسيظل كما هو فزفرت بضيق لاعنة إياه سرًا وسارت من أمامه متوجهة نحو غرفة عهد لتحاول التخفف عنها شاعرة بوجعها..
أكمل بهمس بينه وبين ذاته متوعدًا إليها وهو لازال على اقتناع تام لما يدور بداخله:
-البت ديه عملت حاچة ولازمن اتوكد بنفسي وجتها هكون جابض روحها بيدّي.
جلس بغضب ووجه مكهفر ولازال بداخله رغبة قوية للتأكد من براءتها مقررًا تنفيذها للقضاء على الشك الذي يدور بداخل عقله عن تحولهم معها هو يشعر الآن بالغضب وخيبة الأمل بعدما بنى العديد من أحلامه الطامعة التي ستُحقق بزواج شقيقته من ابن عائلة الجبالي المدلل لكن الآن كل شئ سار عكس ما كان يريده..
❈-❈-❈
في المساء..
دلف حسن المنزل بهدوء مبتسمًا وهو لا يعلم شئ عما فعلته والدته وجد إيمان ترمقه بنظرات حزينة والدموع تلتمع بعينيها فسألها بقلق بدأ يغزو قلبه:
– في حاچة حصلت ولا إيه عهد مكانتش مليحة لما اتحددت ويايا.
أشارت إليه بالجلوس مجيبة بخفوت ضعيف:
– اتفضل اجعد ودلوك عهد هتاچي.
جلس كما أشارت وهو يشعر بالحنق متذمرًا لما يحدث لكنه ينتظر قدوم عهد ليتحدث معها لم يمر سوى بعض ثوانٍ وخرجت عهد بوجه يملؤه الحزن فاسرع ينهض مقتربًا منها مغمغمًا بقلق:
– كيفك يا عهد انتي تعبانة ولا إيه شكلك مش زين.
وقفت أمامه تشعر بالضعف مبتعدة عنه إلى الخلف ولازالت تتحاشى النظر داخل عينيه وردت عليه بحزن مقهور:
– أني زينة متجلجش عليّ أني كنت فرحانة جوي بچوازنا بس دلوك اتوكدت أنه معينفعش يحصُل كيف هتچوزك كيف واهلك كلياتهم مش موافجين، أني مش إكده ومجدرش أبجى إكده وجولتلك تاچي دلوك عشان اجولك أننا ملناش نصيب مع بعض.
وقف معقدًا حاجبيه بعدم فهم والصدمة مسيطرة عليه مردفًا بعدم تصديق متعجبًا من حديثها المباغت:
– إيه اللي عتجوليه دِه! تجصدي ايه بحديتك يا عهد!
أخرجت جميع الأشياء الخاصة به التي حصلت عليها منذُ أن تمت خطبتهما وتمتمت بضعف عنوة ودموعها تلتمع داخل عينيها المسيطر عليها الشجن:
– يعني ملناش نصيب وحاچتك أهيه كيف ما هي كاملة، ربنا يوفجك مع واحدة احسن منيّ.
قبل أن تسير من أمامه لتمنع سيل دموعها الجارف استوقفها صوته الجهوي بعدما غلت الدماء داخل عروقه بغضب يعميه:
– انتي عتجولي ايه مفيش حد أحسن منيكي ولو فيه معيهمونيش أني رايدك انتي يا عهد يا ست البنات.
وقفت توليه ظهرها بضعف ودموعها تسيل فوق وجنتيها شاعرة بعدم تحكمها في مشاعرها أمامه فأسرع هو يقف قبالتها ولازال متمسك بها، سألها بهدوء وعينيه مثبتة عليها:
– انتي مش جولتي جبل سابج انك عتثجي فيا أني هجدر أحميكي ومحدش هيجربلك واصل طول ما أني معاكي وأني عمري ما ههملك.
انهارت باكية وسقطت أرضًا بضعف متطلعة داخل عينيه لتشعر بصدق حديثه، فأسرع يجلس بجانبها محاولًا أن يجعلها تهدأ وهو يريد ان يضمها داخل حضنه في عناق دافئ قوي يجعلها تعلم بحبه لها لكنه سيفعلها عندما يتزوجها لتنال من نعيم اقترابه.
ظل يحاول معها حتى هدأت قليلًا ملتقطة أنفاسها بصعداء، فأعاد اشياءها إليها مغمغمًا بجدية وثقة:
:- خلاص يا عهد بكفياكي بُكا أني عمري ما ههملك واصل مهما حصُل ورايدك انتي كُمان تحسسيني بإكده.
اومأت برأسها أمامًا عدة مرات، وابتسامة هادئة ولا أروع زينت ثغرها مغمغمة ترد عليه بهدوء من بين دموعها:
– حـ… حاضر حـ… حاضر يا حسن خلاص مش هجول إكده تاني وهنفضل مع بعض كيف ما رايدين.
كانت تتطلع نحوه بسعادة تغزو قلبها من جديد مرتبطة بوجوده فبادلها هو الآخر شعورها مؤكدًا على ما يريده:
– أول الشهر اللي هيهل علينا دِه هتبجي مرتي كيف ما اتفجنا يا ست البنات.
حاول التحدث معها ليخفف عنها حزنها بعد فعلة والدته القاسية، مقرر عدم تركها بل سيقف ضد الجميع لأجلها.
سار من المنزل عندما شعر أنها هدأت فوقفت هي تطالع أثره بسعادة وقلبها يدق داخلها بعنف مقررة الصمود أمام الرياح القوية دون أن تهتز بوجوده معها أغمضت عينيها مبستمة بارتياح متجاهلة تفكيرها في مستقبلها مع تلك العائلة وما سيحدث لها بداخلها، هي فقط تتذكر وجوده ودعمه الدائم بتمسكه الشديد لها.
تشعر بالسعادة تغمر روحها بعد حديثه الذي داوى جميع جراحها وأعاد نبضات فؤادها عجبًا لك أيها العشق الذي سحق عقلها داخل دوامة عاشقة مفعمة بالمشاعر والذكريات سعيدة يجعلها تنسى الواقع بقسوته الطاغية وكأنها ولجت معه إلي عالم آخر لم يسود به سوى العشق.
❈-❈-❈
اقتحم حسن الغرفة الخاصة بوالدته بوجه مكهفر غاضب طالعته بدهشة لكن سرعان ما علمت أن عهد نفذت ما طلبته منها، حاولت أن تكتم مشاعرها، وأردفت متسائلة بدهشة زائفة:
– في إيه يا ولدي ايه معكر مزاچك إكده؟
وقف قبالتها يرمقها بغضب متوهج، مغمغمًا بتهكم ساخرًا:
– وإنتي مخبراش يمّا مين اللي عكره عاد!
وقفت أمامه ترمقه بشموخ وأجابته ببرود هادئ ولازالت لم تفصح عما فعلته:
– وأنت جولتلي حاچة لچل ما اعرف، في إيه يا حسن؟
هدر بها بغضب جامح ونظراته يملأها العتاب:
-جولتي لعهد إنها تهملني وهددتيها من ميتي وإنتي عتعملي إكده.
شعرت بالغيظ والغضب متوعدة لعهد بعدما شعرت أنها فتاة ماكرة تخطط بدهاء حقًا ليست مثلما كانت تراها لن تتركها تفلت من بين براثنها ولن تدعها تدمر عائلتها ستضعها بين أنيابها القاسية تلتهمها بقسوة لتثأر لعائلتها، أخفت تفكيرها عنه متمتمة ببرود:
– أني عِملت الصُح واللي كان لازمن يتعِمل بس أنت اللي مشايفش زين نوايا البت ديه.
دافع عنها بضراوة نافيًا حديث والدته معترضًا بقوة:
– لاه يمّا أني خابر هي كيف وعشان إكده مجادرش أني اهملها بجولك عاشجها.
لا تعلم ماذا فعلت تلك الفتاة حتى تتلاعب بقلوب أبنائها وتحظى عشقهما، من الممكن أن يحبها حسن وذلك المتوقع لـكـن عـمران كيف؟!! هو أغلق قلبه من البداية ولم تُخلق مَن تجعله يحبها لا يؤمن بالحب ولم يتحدث عنه يومًا يسير على خطى والده كيف فعلت ذلك وسيطرت على قلبه؟!! حاولت أن تخفي جميع أفكارها حتى لا تتسبب في القضاء على العائلة متمتمة بجدية قاسية:
-وهي مش ليك يا ولدي وعمرها ما هتُبجى من نصيبك، أني هچيبلك واحدة مليحة تليج بعيلة الچبالي.
يعلم أنها لم تأتِ بالقوة لذلك تطلع داخل عينيها بمكر مدعي الحزن مردفًا بنبرة مؤلمة:
– إنتي إكده رايدالي الحزن والوچع، بجولك رايدها معايزش المليحة أني عايز عهد.
نفت حديثه بتوتر محاولة الدفاع عن ذاتها:
– ولا عمري أجدر اتمنالك إكده أني رايدة أنت واخوك تبجوا زين وأعمل اللي يعچبك.
ابتسم بهدوء منتصرًا بعدما استطاع أن يحظى بوقوفها ودعمها بدلاله الزائد فاسترد حديثه مجددًا:
– خلاص إنتي وافجتي على زواچي منيها الشهر اللي هيهل كيف ما اتفجت مع اخوها.
حركت رأسها برفض مجيبة إياه بإصرار ولازالت متمسكة برأيها لأجل مشاعر عمران وتهديده:
– لاه يا ولدي اطلب أي واحدة غير ديه وهتبجى عنديك بس البت ديه لاه معتدخلش العيلة طول ما أني لساتني فيا روح.
التقط أنفاسه بصعداء مزمجرًا بغضب مردفًا بضيق:
– وأني يمّا معتچوزش واحدة غيرها يُبجى حكمتي عليا ويكون في علمك أن عِملتي اللي جولتيه ليها ههمل أني كمان النچع ومحدش هيعرفلي طريج.
رمقته بغضب ونيران متوجهة بداخلها وحاولت التأثير عليه بصرامتها الغاضبة:
– عتهددني عاد يا ولد الچبالي من ميتي بجى الحديت ده إهنيه وعتعمل كل دِه عشان واحدة زييها.
يعلم أنها لم ترضخ سوى بتلك الطريقة فأومأ برأسه أمامًا متبجحًا بإصرار شديد:
– ايوه عشانها وهعمل أكتر لچل انها تبجى مرتي، لو متچوزتهاش ههمل النچع كيف ما جولتلك، اتمنيلي السعادة اللي مش هطولها غير وهي مرتي.
وقفت في حيرة شديدة هو الآن أغلق جميع الأبواب أمامها لا تعلم ترضي مَن وكيف ستفعلها؟! تمتمت بخفوت متسائلة وللمرة الأولى التي تشعر أن زمام الأمور تنفلت من قبضة يديها:
– سعادتك عنديّ بالدنيا كلياتها يا حبيب جلبي، أنتَ جولتلي اتفجت مع أخوها تتچوزها ميتى؟
اعتلى وجهه ابتسامة واسعة عالمًا أنه استطاع الوصول لما يريده بالضغط عليها فاحتضنها بسعادة، وأجابها ضاحكًا:
– أول الشهر اللي هيهل علينا هنفرح كلنا.
اومأت برأسها أمامًا بتوتر عنوة، فسار هو لتحقيق ما يريده، منتظرًا يوم زفافه منها بلهفة شديدة متمني بقائها معه طيلة حياته سعيد حقًا يشعر بانتصاره على عمران بعدما سيحصل على ما أراده دون الرضوخ لمطالبه القاسية..
❈-❈-❈
بعد مرور يومين…
في المساء بالتحديد أسفل ظُلمة الليل الحالكة اعتلت طرقات مرتفعة فوق باب المنزل الخاص بعهد قبل أن تفتح إيمان وجدت حازم يستوقفها بجدية:
-اجفي إهنيه أني اللي هفتح الباب.
رمقته بدهشة معقدة حاجبيها بعدم فهم لكنها لم تعقب همهمت بخفوت ترد عليه وتركته يفعل ما يريده حتى لا يصيح عليها ويصب غضبه بها مثلما يفعل دومًا..
توجه نحو الباب فتحه وسرعان ما ظهر بعض السيدات بملامح وجه حادة قاسية يرتدون عباءة باللون الأسود بالكامل فأشار إليهم بالدخول:
– اتفضلوا… اتفضلوا هي متلجحة چوة.
اقتربت منه مسرعة وهمست متسائلة بخفوت شاعرة بالقلق من نظراتهم الغير مبشرة بالخير:
– حازم إيه اللي چاب الداية عندينا.
اجابها مفتخرًا بقسوة ليشعر برجولته وحكمه بتلك الطريقة الخاطئة:
– چيبتهم عشان يتوكدوا من براءة عهد وأنها معملتش حاچة عِفشة كيف ما عتجول.
طالعته بذهول وعدم تصديق ولكن قبل أن تتحدث وجدته يدفعها بقوة ويحذرها بنبرة حادة يملأها الوعيد:
-ملكيش صالح إنتي باللي عيحصُل بيني وبين خيتي حتى لو هجتلها بدل ما اجتلك إنتي لو فتحتي خشمك بكلمة واحدة.
وقفت ترمقه بنظرات يملأها القلق والخوف على ما يحدث لتلك المسكينة على يديهم سينتهكون حقها عنوة، بطريقة بشعة تظل محفورة داخل عقلها لن تُنسى مهما مرّ عليها من الوقت..
هُناك جروح لن تُشفى بالوقت وأن اختفت آثارها القوية ستظل ندباتها محفورة بداخل روحنا معلقة بأذهاننا، تذكرنا دومًا بما حدث وتعيده علينا كأنه يحدث الآن.
لكنها قليلة الحيلة لم تستطع الوقوف أمام زوجها الظالم فيما يفعله مع أخته، طالعته باستسلام وحزن كبير متمنية من ربها أن يحفظها..
وجدت عهد مَن يقتحم غرفتها بصحبة أخيها فهبت واقفة بخوف قبض فوق قلبها من نظراتهم المرعبة المصوبة نحوها والتي جعلت جسدها يرتجف كلما يقتربون، تطلعت نحوه متسائلة:
– فـ… في إيه يا حازم والناس دول چايين إهنيه ليه؟
أجابها ببرود بعدما اقتربوا يقيدونها بقوة مانعين إياها من الحركة رغم مقاومتها الضعيفة لهم:
– چايين يجولولي إنتي لساتك زينة ومحافظة على حالك ولا لاه يا بت أبوي، نهايتك هتُبجى على يدّي.
بقيت عينيها معلقة نحوه بخذلاتن، وتعالت صرخاتها بضعف شاعرة بالقهر الذي يبدو داخل عينيها وبدأت دموعها تسيل فوق وجنتيها وكأن روحها تُؤخذ منها عنوة، تحاول الفرار من بين قبضتهم القوية لتستطيع التقاط أنفاسها المحبوسة بداخلها من جديد، لكن هيهات هما قد آتوا لتنفيذ مهمة ولن يذهبوا سوى بالتأكد من براءتها كما طلب أخوها منهم فِعل ذلك مقابل المال بسبب ظنه في أفعالها ولن يطمئن سوى بالتأكد من برائتها أو قتلها إذا أثبت عكس ما يريده وصحة ظنونه حولها..
يحكم عليها بالموت في كلتا الحالتين أيظن أن بعد تأكده من برائتها ستبقى على قيد الحياة؟! كيف تحيا بعدما سلب منها أنفاسها وقبض روحها بقيود ظنونه الاي التفت حول عنقها وفي النهاية أدت إلى فناء روحها.
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈❈-❈-❈
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران نجع الهوى)