روايات

رواية نيران نجع الهوى الفصل الخامس 5 بقلم هدير دودو

موقع كتابك في سطور

رواية نيران نجع الهوى الفصل الخامس 5 بقلم هدير دودو

رواية نيران نجع الهوى الجزء الخامس

رواية نيران نجع الهوى البارت الخامس

نيران نجع الهوى
نيران نجع الهوى

رواية نيران نجع الهوى الحلقة الخامسة

” عيدي لي فؤادي ونبضاته المغرمة التي سُلبت بفتنتك الخلابة
وأعدك بالفراق”
وقفت ايمان تشعر بالحيرة والقلق على تلك المسكينة ذات الصرخات المرتفعة المنتحبة وهي تحاول مع أخيها المتجرد من رحمة والحديث معه يكون عقيم دون شفقة لأحد ،ولم تصل معه إلى نتيجة حتى الآن بعدما أغلق عقله بإصرار على تنفيذ ما يريده.
لم تستطع أن تبقى هادئة تشاهدهم وهم يسلبون روح تلك المسكينة بالقهر، فأسرعت ترتدي عباءتها السوداء واضعة وشاحها فوق شعرها بتوتر وسارت راكضة متجهة نحو أكبر منزل في النجع بالطبع هو منزل عائلة الجبالي في نجع العمدة، كانت تشعر بالقلق مسيطرًا على جميع أوتارها متمنية أن تستطع إنقاذ الأمر والإلحاق بها قبل أن تفقد روحها عنوة، تريد أن تصل إلى حسن مسرعًا حتى تخبره لينقذها من بين براثن أخيها الكاسرة التي ستتسبب في موتها يومًا ما.
كان عمران يقف في الخارج لكنه سرعان ما قطب جبينه بدهشة متعجبًا لحال تلك الراكضة التي جعلت فضوله يزداد ولكن ما جعله يظن بالأمر أكثر هو عندما رآها تقترب من المنزل وكادت أن تدلف استوقفها بذهول بصوته الجهوري الحاد ولازالت ملامحها غير مرئية لديه:
-اجفي عنديكي يا ست إنتي هو مفيش حاكم إهنيه.
وقفت متصنمة مكانها بخوف مسيطر على هيئتها لكنها حاولت التخلص منه مسرعًا مقتربة منه بخطى متعثرة وقبل أن تخبره عن ذاتها كان هو مثبت بصره نحوها مضيق عينيه بتفكير محاولًا أن يتذكرها شعرت بقلبها يهوى بداخلها فتمتمت بتوتر:
– أني إيمان يا سي عمران مرت أخو عهد اللي هتبجى مرت اخـ..
قبل أن تواصل حديثها قطعها هو مزمجرًا بغضب حاد لكن سرعان ما سيطر عليه بعدما سيطر القلق ينهش في قلبه المغرم عندما فكر في سبب قدومها هاتفًا بلهفة وقلق:
– وإيه اللي خلاكي تاچي إهنيه في الوجت ديه عهد فيها حاچة؟
سألها بخوف لم يشعر به سوى عندما يتعلق الأمر بها مما جعلها تشعر بالدهشة من نبرة صوته القلقة التي ظهرت عنوة عندما فقد السيطرة على مشاعره الحبيسة بداخله، لكن سرعان ما اجتازتها متذكرة ما يحدث بها في قبضة أخيها القاسي فأجابته متمتمة بضعف خافت:
– هـ.. هو حازم أخوها چايب الداية لچل انها تكشف على عهد، وبيجول أنها وجعت في الغلط وأني كنت چاية لسي حسن عشان يلحجها جبل ما يحصل فيها إكده.
شعر بالغضب عندما استمع إلى حديثها متوعدًا لكل مَن يتسبب في أذى لها، أسرع في طريقه نحوها بقلق خوفًا من أن يُرتكب بها تلك الجريمة المميتة في حقها والتي ستقضي عليها، توجه إلى منزلها بأقصى سرعة ممكنة،
وكل ما يأتي في ذهنه صورتها وما يريد أن يفعله ذلك الوغد بها.
في النفس الوقت…
كانت عهد تقف تطالع أخاها بنظرات يملأها الذهول والصدمة المسيطرة عليها ألجمت لسانها تشعر بالخزى من أقرب الناس إليها مَن كان من المتوقع حمايتها وسندها هو أول مَن طعنها ويساهم في قتلها، تمتمت تعاتبه بخفوت:
– أنت رايد تعمل إكده في خيتك يا حازم چايب الداية ليه، أنتَ خابر زين أني كيف..أني زينة البِنتة كُلياتها في النچع إهنيه.
لم يبالي بحديثها بل أجابها بدون اقتناع متبجحًا بقوة:
– لو إنتي كيف ما عتجولي خايفة ليه إكده خلي الست حليمة تكشف عليكي وتطمن جلبي.
انكمشت على ذاتها هاربة برعب وتوجهت نحو نهاية الغرفة التي تود الفرار منها، تقف بأحد زواياها منكمشة على ذاتها بقدمي مرتعشة، شاعرة بفقدان روحها، حاولت أن تقنعه بضعف للتراجع عن جريمته الشنيعة في حقها:
– أني مش خايفة أني واثجة من حالي وعمري ما اعمل اللي عتجوله واصل بس أني مجدرش اتحمل اللي بدك تعمله فيا ياخويّ.
كانت متأملة أن يقتنع بحديثها ويتركها دون أن يكسرها لكن هيهات فالغضب قد ملأ أوداجه لم يستمع إلى شئ ولم يتراجع، اقترب منها بخطوات غاضبة وصفعها بقوة معقبًا على حديثها بعنف محتدم:
– لو معِملتيش حاچة معتخافيش إكده يلا جدامي خلينا نتوكد من اللي عيدور براسي وجتها مهاسميش عليكي هجتلك والله.
قبض فوق ذراعها بعنف قبضة حديدية وجرها خلفه قابضًا فوق شعرها بشدة ودفعها بعنف فوق الفراش غير مُبالي بصرخاتها المرتفعة، فأسرعوا السيدات يقتربون منها يقيدون يديها مانعين حركتها منتهزين الأمر ليتمموا ما آتوا إليه..
كانت تشعر بقلبها يُقبض بداخلها وكأن هناك مَن ينزعه عنوة دون رحمة، هي لم ترتكب ذلك الخطأ لكنها ستُعاقب على ظنون أخيها الكاذبة بسبب أحاديث أهل النجع عنها، أين ذهب العدل والرحمة لتجد مَن يدفع الظلم عنها ويجعلها تسير في النور مبتعدة عن ظلمات ذلك الوغد القاسي..!
تطلع نحوهم بأعين يملأها الشرر مغمغمًا باحتدام غاضب:
– ههملكم برة لچل ما تتوكدوا من طهارتها وتچييولي البِشارة.
صاحت بعنف متوسلة مانعة إياه من الخروج وتركها بمفردها فريسة بين براثنهم يفترسونها دون رحمة وينتهكون براءتها:
– لاه يا حازم متهملنيش وياتهم دِه أني خيتك متعملش فيا إكده أحِب على يدّك.
اعتلت صرخاتها أكتر حتى اختفى صوتها، لم يصدر منها سوى أنين خافت من بكائها وهي ترتعش برجفة قوية تسير في سائر جسدها.
وقف شقيقها على أعتاب الغرفة وقبل أن يغلق بابها وجد مَن يقتحم باب المنزل بقوة ويقف بشموخ يرمقه بنظرات غاضبة مثبتة نحوه بتوعد واقترب منه دفعه إلى الخلف صائحًا بصوت جهوري حاد هزّ أرجاء الغرفة الصغيرة:
– انتو عتعملوا ايه اتچنيتوا إياك، إيه اللي رايدين تعملوه ده يلا هملوا المكان إهنيه واتجوا شري والله في سماه اللي هياچي إهنيه لچل اللي كنتوا عتعملوه تاني لأجتله بيدّي.
هبت مسرعة مبتعدة عن الفراش حامدة ربها على إنقاذها متطلعة نحو حازم بخذلان وضعف لكنها سرعان ما زجرت ذاتها لتحافظ على حالتها القوية هي ليست ضعيفة بل قادرة على تحدي شخص مثله يجلب لها الخزى والحزن لمجرد أنها أخته.
اقترب عمران منه هو الآخر وبنظرات غاضبة يملأها القسوة والتوعد مسكه بطرف جلبابه يهزه منه بعنف صائحًا بحدة وخشونة:
– اتچنيت إياك عشان تعمل إكده فيها، خيتك عهد زينة البِنتة كيف تفكر تعمل إكده الله في سماه رايد اجتلك واتاويك مطرحك عاللي عتعمله دِه.
حاول حازم دفعه ليبتعد عنه لكنه لم يستطع بسبب قوته الغاضبة كان يرتجف بين يديه وحاول أن يشرح له الامر بنبرة يملأها الخوف:
– يـ… يا سي عمران البت عهد بجت تعمل حاچات عِفشة ومعاجبنيش حالها ولچل إكده رايد اتوكد انها زينة واكسر عينها شويّ محدش بجى جادر عليها واصل.
قبل أن يتحدث عمران ليرد عليه تخلت هي عن صمتها وصاحت به غاضبة بنيران مشتعلة ترمقه باذدراء وضيق:
– ما عاش ولا كان اللي يجدر يكسرني وأنت ملكش صالح بيا من دلوك اللي ميعرفش يحافظ على اهله كيفك إكده ملوش حديت وياهم من تاني.
جن جنونه من حديثها المتبجح وإهانتها له الذي تفوهت بها دون خجل أمامه فصاح غاضبًا متوهج بدماء تغلى داخله:
– طلعلك حِس دلوك مخبراش إني اجدر اعمل فيكي ايه.
ضغط عمران فوق وجهه بقوة جعله يلتفت نحوه مجبرًا وأجابه بحدة متوعدًا:
– اسمع حديتي وفكر فيه زين اللي كنت رايد تعمله ميحصُلش لا دلوك ولا بعد إكده خيتك زينة والنچع كلياته خابر إكده ومهتعملش ليها حاچة وأني مبجولش حديتي مرة تانية.
اومأ براسه أمامًا بنظرات تملأها الرهبة والخوف من غضبه المعروف بين الجميع فدفعه عمران بقوة إلى الخلف وعينيه تتطلع نحوها يراها وهي تجفف آثار دموعها العالقة في عينيها ملتقطة أنفاسها بصعداء.
أسرعت تجذب وشاح من اللون الأسود واضعة إياه فوق رأسها لتخفي شعرها من أمام عينيه، وبادلت نظراته بتحدٍ غاضبة والشرر يتطاير من عينيها متمتمة بشراسة تتخذها قناع لتخفي ضعفها:
– مش هجولك حاچة ولا اشكرك عاللي عملته ويايا لان ده واچبك، وهو كان عيعمل إكده فيا بسببك بعد ما جولت للسِت فهيمة تجولي اهمل النچع وحسن.
كان يستمع إلى حديثها مبتسمًا لطريقتها القوية التي تواجهه بها معجبًا بها، لكنه قطب جبينه بدهشة وتغيرت ملامحه تمامًا، مستمعًا لحديثها الأخير بعدم فهم لكنه لم يسألها أجابها ببرود:
– أني معستناش من واحدة زييكي حاچة بعمل إكده لچل اني كَبير النچع ودِه واچبي ولا مخبراش إكده.
تافأفت بغضب عالمة أن حديثها معه لن يعود عليها بفائدة فتمتمت بتوتر ونبرة خافتة تؤيد حديثه عنوة:
ـ لاه خابرة ومجدرش أجول غير إكده يا سي عمران يا كَبير النچع.
اولته ظهرها بغضب ناهية حديثها العقيم مع شخص مثله لم ترَ منه سوى القسوة، تلك هي المرة الوحيدة التي يفعل معها خير لكن غير ذلك هو المتسبب في تدمير حياتها وإعاقة زيجتها بمَن أحبت بسبب استبداده في تحقيق ما يريده وإثبات قوته وهيمنته على الجميع بنفوذه الحادة في النجع.
رمقها بغضب عالمًا مدى كرهها له وكيف تفكر به، لكنه لم يهتم بذلك هو سيجعلها ملكه أن شاءت أو أبيت لم تعلمه ولم تعلم مدى إصراره في تنفيذ عهوده، والتي أصبحت هي أهمهم، لا يعلم ماذا فعل لها ليلقى ذلك الكره الكبير الذي يعتصر قلبه ويؤلمه، هي الوحيدة التي تؤثر به بجمالها الخلاب الذي أسر فؤاده منذُ أول وهلة ونظرات عينيها الفاتنة التي تبرز عن كرهها له بوضوح فيسيطر عليه حالة من الحزن لا يستطيع البوح بها.
سار خارج المنزل بخطوات واسعة ووجه مكهفر اعتاد ظهوره مع الجميع القى نظرة سريعة نحو حازم مغمغمًا بتوعد:
– اوعاك تفكر تكرر عملتك المجندلة ديه تانيّ الله في سماه لهكون جاتلك بيدّي انت خابر زين كلمة عمران الچبالي سيف على رِجَاب الكل.
خرج بغضب لكن استوقفته إيمان التي تمتمت بهدوء:
– تشكر يا سي عمران منتحرمش منيك.
أجابها بثقة وملامح متزنة:
– ده واچبي، متجلجيش هي زينة دلوك محصُلهاش حاچة.
خرج مسرعًا وصورتها لم تفارق ذهنه، بوجهها الهزيل الخائف وعينيها الدامية من فرط البكاء، خصلات شعرها المتناثرة خارج وشاحها متنهدًا بغضب حاد عندما تذكر بكاءها المنتحب أسفل يديهم مترجية ذلك الوغد ألا يتركها وهو في النهاية قابل ذلك ببرود قاسٍ دون الالتفات لها.
أسرعت إيمان متوجهة نحو غرفة عهد المغلقة لتطمئن عليها لكن قبل أن تدلف وجدت مَن يقبض فوق ذراعها يمنعها صائحًا بغضب:
– إنتي اللي عملتي إكده فكراني هسكت إياك عتكسري حديتي وتنفذي اللي رايداه إنتي وهي.
تألمت بين قبضته متأوهة بضعف، وتمتمت بتوتر خائفة:
-أ… أني مجصدش اللي عتجوله أني بس كنت رايدة الحجها من اللي بدك تعمله فيها وانت خابر زين أن عهد معتعملش اللي عتفكر فيه.
لم يبالِ بحديثها ولم يعطيه اهتمام وقد سيطر شئ واحد على تفكيره العقيم أنها عصت أوامره دون رهبة متخطية جميع الحدود فهوى فوق وجنتها بصفعة قوية أطاحتها أرضًا بعنف صائحًا بقسوة وصوت جهوري حاد:
– وإنتي مين لچل انك تجرري حاچة كيف ديه، مفكرة حالك مين إهنيه، المرَا اللي تكسر حديت چوزها ومعتسمعهوش تستاهل الحرج ودِه اللي هعمله فيكي دلوك.
انكمشت فوق ذاتها ارضًا متألمة ولم يصدر منها سوى آنين خافت معلن بكاءها وهي تحت تأثير صدمتها لما فعله بها، لم يهتم لامرها بل أسرع يجرها من خصلات شعرها خلفه بقوة وركلها بقدمه بعنف مردفًا بغضب:
– بدك تبيني أني مليش كلمة عليكي ومش عارف أحكمك إياك ،لاه فوجي لحالك يا إيمان ده أنا اجدر على كسر مية واحدة من صنفك العِوچ ده.
اعتلت صرخاتها المتألمة بضعف مترجية إياه بخفوت والخوف سيطر فوق قلبها:
– خـ… خلاص خلاص يا حازم هملني مكنتش اجصد اللي عتجوله ده والله.
لم يهتم بتوسلاتها وهو يصب غضبه من تهديدات عمران الصارمة بها،المتسببة في إتيانه لإنقاذ عهد مما كان سيفعله بها:
– لاه تجصدي بدك تجولي إنك بتتحديني وده نتيچة للي عتعمليه.
استمر ضربه المبرح لها بقسوة تعميه عن رؤية حالتها الضعيفة وبكاءها المستمر برجاء معتذرة إليه عدة مرات عن فعلتها الصائبة بصوت منتحب باكٍ:
– أني اسفة مهعملهاش مرة تانية من دلوك والله ما هعمل حاچة تخليك تاخد على خاطرك منيّ.
أسرعت عهد تخرج من غرفتها على صوت صرخاتها شاعرة بهلع والخوف عليها موبخة ذاتها على عدم خروجها مبكراً لكنها كانت في دنيا أخرى تفكر بضعف فيما حدث لها، لم تعلم أنه يفعل هكذا بتلك المسكينة أسرعت تحاول إبعاده عنها وتدفعه بقوة صائحة بغضب:
– بعِّد عنيها هملها،اوعى إكده أنت رايد إيه منيها.
ترك إيمان وتمسك بها بغضب متوعد لها رافعًا يده عاليًا إلى أعلى ينوى صفعها صائحًا بغضب:
– إنتي اللي عتشوفي حالك على راچلك وراچل البيت إهنيه ولازمن اكسرك كيف ما كنت هعمل.
قبل أن يصفعها تمسكت هي بيده بقوة مبتعدة عنه إلى الخلف، ترمقه بنظرات محتقرة مشمئزة كونه أخيها وردت عليه بقوة متبجحة به دون خوف:
– لا عاش ولا كَان اللي يجدر يكسرني أني شوكتي جوية مش كيفك ،وراچل بيت ايه أنت مصدج حالك إياك.
رمقته محتقرة بضيق واستكملت حديثها الغاضب مرة أخرى عندما تذكرت كلماته:
– وده مش بيتك اصلا ده بيت اميّ وسايباه لبتها مش ليك شكلك نسيت انك بعت بيت ابونا من غير ما تجولي يا عيب الشوم عليك ،كيف راچل أنت عتجدر بس على حرمتك وتعمل فيها إكده.
رمقها بغضب مشتعلًا لكنه لم يستطع فعل شئ لها لم تنتظر هي حديث من شخص مثله وأسرعت مقتربة من تلك الملقاه أرضاً تلعن حظها السئ الذي دفعها للزواج بذلك الشخص الفاقد لمعالم الرجولة ساندتها بضعف للجلوس وتمتمت بغضب وهي تطلع نحوها بحزن لما تفعله تلك الفتاة مع أخيها تلذي لم يقدر كل ذلك:
– إنتي اللي غلطانة ان لساتك مكملة معاه، اللي كيف إكده ميتعاشرش ياخيتي جولتلك همليه متجعديش معاه الله يشندل حاله.
تحدث صائحًا بغيظ ضاربًا الطاولة بقوة:
– اتحشمي واعدلي حديتك عتجويها عليا إياك، بدك تخربي بيتي بيدّك كيف ما أمك عملت مع أميّ.
انهى حديثها ورمقها منتصرًا، فقابلت حديثه بغضب منفعلة عليه بضيق:
– اخرس خالص جطع لسانك، سيرة أميّ متچيش على لسانك العفش ده، أبوي مهمل أمك مش جبل چوازه من أمي بكَتير وأنت خابر إكده معتجولش الكدبة وتصدجها كيف البهايم.
اقترب منها غاضبًا، لكنها قابلت نظراته بتحدٍ دون خوف ودفعته بعنف مبتعدة عنه، جعلت إيمان تستند عليها مربتة فوق ظهرها بحنو متوجهة نحو غرفتها
صافعة الباب خلفها بعنف ملتقطة أنفاسها بصعداء، وتوجهت بجانب إيمان محاولة التخفيف عنها قليلًا مربتة فوق ظهرها بحنان:
– متجلجيش هتبجي زينة، ربنا ياخده وريحنا منيه.
أنهت حديثها وعانقتها بضراوة مبتسمة لوجودها معها دومًا بعدما حُرمت من وجود شقيقة لها وتوفت والدتها، تركتها تصارع قسوة الحياة وصرامة النجع التي تعيش به لم تتلقى يومًا الحنان من أحد سوى من حسن مما جعلها لم ترى سواه ولا تريد رؤية شخص غيره متذكرة لهفته وقلقه الشديد عليها، مبتسمة بسعادة لاقتراب موعد زواجها به… ستبدأ حياتها معه بعد نجاحهما في تخطى جميع العقبات التي واجهتهما.
قلبها يطير فرحًا متذكرة نظراته نحوها وحديثه الملئ بالعشق الذي يغمرها به دومًا لم تندم يومًا على حبها لشخص مثله، تخشى أن تفقده بعدما تعلق قلبها به وأصبحت عاشقة له بالرغم تحفظها بمشاعرها داخلها ولم تبوح له بها منتظرة إتمام زيجتهما ،لكن ذلك لم يمنع ضراوة العشق الذي يسير بأوردتها وبين قلبها، تريد أن تشكو له حزنها والآمها أيضًا لكنها لم تستطع ستنتظر حتى تجتمع معه لتبوح له عما داخل قلبها وتحظى بنعيم عشقه..
❈-❈-❈
كان عمران يجلس في غرفته متنهدًا بحرارة ولوعة لم يكن يعلم أن العشق نيرانه قاسية إلى هذا الحد لم تخمد يومًا منذُ أن عشقها لا يعلم من أين يشعر بتلك القسوة منها أم من قلبه الذي تعهد بنيل عشقها بعدما أصابته بسهامها التي أصابت قلبه الأليم دون رحمة، كانت حادة معه فأصابت قلبه بقوة جعلته يُحيي مشاعر خامدة صارخًا بعشقها واحتياجه لوجودها لينعم بدفء وعشق لم يشعر به من قبل..
لا يعلم ماذا فعلت لتصيب أعتى الرجال بنيرانها وتتلاعب بمشاعره كما تريد متجاهلة وجوده تمامًا تحب غيره وتصارع من أجل الاقتراب بغيره، تلك الحمقاء متجاهلة مَن يصارع لأجلها ويتمنى اقترابها.
أغمض عينيه بقوة وصورتها تجمعت داخل ذهنه صورة لها بملامحها الهادئة التي لم تنزح لوهلة واحدة عن عقله الملئ بذكرياته القليلة معها..
تذكر حديثها عندما ذكرت ما فعلته والدته وبدت ملامحه متعجبة لما استمع إليه فسار بشموخ واثقًا نحو غرفة والدته اقتحمها غاضبًا بحدة نهضت والدته واقفة أمامه متسائلة بغضب مصحوب بالدهشة التي بدت فوق ملامح وجهها:
– وه في يا ولدي من ميتى وأنت عتدخل إكده؟
اقترب منها بنظرات غاضبة كالسهام النارية الملقاه بدقة لتعلم هدفها وبصوت جهوري حاد أجابها:
– من وجت ما بجيتي معملاش حساب ليا ويتجللي منيّ لچل تعملي اللي رايداه وناسية أني الكَبير إهنيه ولازمن كل اللي بيحصُل ابجى خابره.
قطبت جبينها وقد ازدادت دهشتها لكنها تمتمت بجدية لعدم رضاها عن طريقته معها:
– أنت خابر زين أن بعملك حساب في النچع كلياته بس اللي ميصحش بچد أنك تجف وتتجدت ويايا بالطريجة العفشة ديه.
رمقته بغضب هي الأخرى تبادله نظراته وأكملت حديثها متسائلة مرة أخرى بحزم:
– ايه لللي حصُل لچل إنك تعمل إكده وتجف جدامي تحدتني إكده؟
ألقى حديثه مرة واحدة بغضب مشددًا فوق أحرف كلماته بحزم:
– لما تروحي لواحدة من أهل النچع عشان تهدديها تهمله أو هتطول أذيتك يبجى لاه عملتي يا أمّا مش جادرة على ولدك فتجدري عليها وناسية أن في كبير إهنيه يجف جدام اللي يخطر على باله يأذي أي حد في نچع.
مصمصمت شفتيها بعدم رضا متوعدة إليها تلك الماكرة تتلاعب بالنار وتفسد علاقة الأخوة وها قد وصلت لمبتغاها، فأجابته باحتدام قاسٍ:
– وأنت ولدي يعني لازمن تجف جدامي وتتحدت مليح مش كيف ما بتعمل دلوك، البت ديه لازمن تهمل النچع عشان ولاد الچبالي يعاودوا كيف ما كانوا وأني هعمل إكده مش البت ديه اللي هتهد العيلة.
رمقها بتحدٍ غاضب والشرر يتطاير من عينيه الحمراء مقتربًا منها أكثر بجسد متشنج وثار عليها بغضب منفعلًا وقد برزت عروقه بوضوح عاكسة مدى الغضب:
– وأني جولت أنها مش هتهمل النچع وما عاش ولا كان اللي هيكسر حديتي يا أمّا ولا أنتي عتشوفي غير إكده.
اولته ظهرها بتوتر ملتقطة أنفاسها بصعداء وتمتمت بتوتر:
– معيتكسرش يا ولدي، وأني مجولتش اني هكسره لو البت ديه هتفضل إهنيه يبجى هتتچوز اخوك كيف ما اتفج وِلد الچبالي مش هيعاود في حديته كيف ما بسمع حديتك يبجى تسمع لاخوك.
ظهر الوجع المكبوت في قلبه داخل عينيه كيف يوافق أن تكون لغيره وهو على استعداد لقتل مَن يقترب نحوها كيف يوافق للتنازل على قلبه؟! هل حقًا من الممكن أن يعيش أحد دون قلب!.. هي عهد على قلبه كيف يخبرونه أن يتنازل عنها ويبتعد عنها دون أن يفهم أحد أن حياته متوقفة على وجودها معه.
لا أحد يشعر بما بداخله يتعاملون كأنه حجر لا يشعر متنسايين مشاعره لأول مرة يتمنى اقتراب ووجود أنثى، ولا أحد يعطي لذلك اهتمام هناك براثن قوية داخل عقله تجعله يستشيط غضبًا يدفعه للتدمير الجميع، كما أن بداخل قلبه وجع ونيران كادت الفتك به وتدمير ذاته..
أغمض عينيه بقوة ضاغطًا عليهما بغضب وسار بوجه مكهفر غاضب خارج الغرفة والمنزل بأكمله لا يعلم أين يذهب لكنه لا يجد مكان ينعم فيه بارتياح وسعادة يود الهروب من النجع بالكامل حتى لا يراها وهي مع شقيقه معًا لم يشعر سوى بالشقاء والحزن الذي لم يترك قلبه منذ أن عشقها..
لكن السؤال الأهم هو هل سيصمت ويراها بجانب شقيقه بثوبها الأبيض الذي تمنى رؤيتها به أم سيدمر الجميع ويتحداهم للحصول عليها عنوة وتنفيذ عهده الذي طال؟!
❈-❈-❈
بعد مرور يومين..
كانت عهد تقف أمام منزل الجبالي بعدما طلب منها حسن أن تأتي لتحسين علاقتها مع والدته مرة أخرى، ملبي رغبتها كما طلبت منه ليجعلها ترضى عنه وتنحاز معه ليستطيع الوقوف أمام براثن عمران الغاضبة مستند عليها لتدعمه دومًا فيما يريده وأهمهم الحصول على عهد، بالزواج منها والإجتماع بمَن اختارها قلبه..
تطلعت نحو المنزل برهبة كبيرة مسيطرة على قلبها المرتجف خوفًا مما ستتلاقاه بإجتماعها بهم بعدما علمت نوايا تلك العائلة نحوها، رأت معاملة فهيمة التي تحولت تمامًا معها لكن لم يكن لديها حل آخر التقطت أنفاسها بصعداء مستمتعة بالهواء النقي خارج المنزل، ثم سارت إلى الداخل بخطوات متعثرة يملأها التردد.
أسرع حسن مقترب منها مرحبًا بها، ويغازلها بابتسامة هادئة:
– نورتي السرايا كلياتها وجلب صاحبها كُمان يا ست البنتة.
ابتسمت شاعرة بنسيم هادئ يجعل قلبها يرفرف عاليًا وأجابته بخجل خافت:
– بس يا حسن أنت خابر أني مجدرش عالحديت دِه واصل، جلبي بيجف اول ما بتجوله.
قهقه عاليًا وعينيه تتطلع نحو هيئتها الخجلة بوجهها ذو اللون الأحمر أثر كلماته وأجابها بلهفة عاشق:
– لاه بعيد الشر عنيكي إنتي وجلبك، ده أني إكده اللي مجادرش على حديتك.
سارت معه نحو الداخل مبتسمة وعقلها يعيد عليها كلماته المعسولة التي تشفي قلبها من جاحه وتداوي ندباته، لتسعد روحها وتعيد ضحكتها مرة أخرى مزينة وجهها.
ولجت حيثُ يجلس الجميع رأت فهيمة تجلس بصحبة نعمة موجهين نظراتهم نحوها بهيئة غاضبة معلنة رفضهم لوجودها في المنزل، لكنها حاولت ألا تشغل عقلها بالتفكير في أمرهم ستحاول أن تجعل الأمر يمر بسلام على الجميع بالتودد إليهم بهدوء وطيبة قلب؛ لتحصل على الهدوء والإرتياح وذلك ما ستعتاد عليه في حياتها القادمة في ذلك المنزل.
التقطت أنفاسها بصعداء وهي تشعر بالتوتر يضرب قلبها المرتجف بعنف، وتمتمت بهدوء مبتسمة عنوة بإجبار:
– كيفك ياست فهيمة إنشالله تكوني زينة.
مصمصت شفتيها بعدم رضا وأجابتها بحدة:
– مليحة عجبال ما تبجي كيفي وتدوجي النار اللي دايجاها دلوك.
أشاحت ببصرها مبتعدة عنها بعدما فهمت مغزى حديثها، وما تريد أن تصل إليه وتحدثت باقتضاب:
– كيفك يا ست نعمة.
امتعضت ملامحها بغضب وأجابتها بتكبر متوعدة إليها:
– زينة مش كيف ما رايدة.
لم تعقب على حديث كل منهما بل جلست صامتة تفرك يديها بتوتر تود الإنطلاق هاربة خارج المنزل بما فيه، والفرار من نظراتهم النارية المصوبة نحوها التي تلهبها بضراوة وهم يشاهدونها ببرود.
لكن الأمر اختلف تمامًا عندما رأت الذي عاد يقف أمامها بشموخ، والذهول فوق ملامحه متعجبًا لوجودها لكنه حاول السيطرة على ذاته متحكمًا بقلبه ومشاعرة الضارية التي تغمره وتدفعه للإقتراب منها يود الاستمتاع بنعيمها حتى وأن كان سيقف ضد الجميع.
يتمنى لو أن يجد شئ واحد داخلها يخبره باحتياجها إليه
دون رفض، سيحارب الجميع لأجلها لأجل الحصول على نظرة واحدة سعيدة داخل عينيها الممتلئة بالحزن، لكن تلك الحمقاء لم تعطِ لمشاعره أي اهتمام متجاهلة وجوده وعشقه لهاؤ تظن أنه سييأس ويبتعد عنها لم تعلم أن رغبته حولها ستزداد ليستطع امتلاكها عنوة وينتصر على الجميع أولهم هي.
خشيت من نظراته المصوبة نحوها فانكمشت فوق ذاتها برعب ورهبة تملأ قلبها الخائف وقف حسن أمامه يرمقه بتحدٍ غاضب مغمغمًا باحتدام شديد:
– إيه ياخوي اجعد مفيش حد عندينا من برة دي مرت أخوك دلوك.
شدد فوق كلمته الأخيرة عن عمد علمه عمران جيدًا، فأجابه ببرود يخفي خلفه غضب جامح يستطيع تدمير النجع كاملًا بنيرانه المشتعلة ولم تخمد لوهلة واحدة:
– لساتها مبجتش مرت أخويّ يا حسن، شكلك مخابرش اللي ممكن يحصُل جبل ما تبجى مرتك.
امتعضت ملامحها بتوتر خوفًا من تهديده عالمة أنه يستطيع تنفيذ ما يريده دون النظر لما يريد الجميع، النجع كاملًا يعلم أن راحة عمران الجبالي هي الأهم ويأتي بعدها أي شئ آخر لكنها كيف تجعله يشعر بالارتياح مقابل تعاستها وحرمانها من حبيبها.
اقترب حسن منها مربتًا فوق يدها بحنان معقبًا بهدوء ليهدئ من روعة قلقها الذي بدا منعكس فوق ملامح وجهها الخائف بذعر:
– متجلجيش عمر ما في حاچة هتجدر تفرج بيناتنا وتبعدني عنيكي يا ست النچع كلياته، عمري ما هجدر اهملك واصل.
أسرعت تجذب يديها مبتعدة عنه بخجل وتستمع إلى دقات قلبها المتفاوتة بأذنيها، أغمضت عينيها ضاغطة فوقهما بقوة لا تعلم أتفرح مستمتعة بنسيم كلماته العاشقة والتي تجعل قلبها يتراقص فرحًا لاستماعهم أم تحزن وتخشى رد فعل الذي يقف يرمقها بغضب متوعدًا
لها خاصة أنها تخشاه وتخشى أذيته لن تريد أن تتلاقاها منه؟
لم تستطع أن تظل صامتة بعد حديثه فتمتمت بخفوت وصوت خافت متمنية ألا يصل إلى مسامعه:
– ربنا يخليك ليا وما يحرمني منيك واصل.
قطعت نعمة حديثها بغل زاجرة إياها بعنف غاضب:
– اتحشمي، واجفي زينة إكده بلاها حديت ماسخ، ويلا عشان الوكل چاهز الوكل بيحضر إهنيه أول ما الكبير بياچي.
اومأت برأسها أمامًا بتوتر عندما رأته يطالعها بهيئة مخيفة سحبت أنفاسها فسارت صامتة حيث سار الجميع وجدت حسن يشير إليها بالجلوس بجانبه فابتسمت منفذة ما يريده، همس بنبرة سعيدة مبتسمًا:
– ايوة إكده رايدك چاري طول الوجت.
ابتسمت بخجل متلعثمة ولم تستطع الرد عليه اكتفت بهمهمة بسيطة خرجت بصعوبة من فاهها المبتسم ببلاهة:
– وأني چارك وعمري ما ههملك.
التمعت عيني نعمة بالحقد فصاحت بغضب وغرور تود أن تكسرها وتهينها أمام الجميع:
– جولتلك اتحشمي واحترمي حالك والوكل اللي جدامك ده انتي معتشوفيهوش عنديكم.
ابتعلت تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها، ولم تستطع الصمت بالرغم أنها رأت حسن يحاول معها لتهدأ لكنها لم تستطع رمقتها بتحدٍ غاضبة وعقبت على حديثها بقوة مشددة عليه:
– لاه أني بشوفه كَتير الوكل ده آخر جاچة افكر فيها مش أني اللي هعمل إكده، أني عيني مليانة جوي يا ست نعمة.
اغتاظت من ردها ولم تستطع التحكم في غيظها فصاحت أمامها بغضب:
– انتي جليلة الرباية والحيا اللي كيفك منسمعلوش حس ولا نفس مش عتجفي تردي على أسيادك من غير حيا، ولا عتنسي حالك إياك.
التمعت الدموع داخل عينيها لكنها تحكمت بهم جيدًا لن تسمح لأحد أن يرى ضعفها ليشعر بانتصاره، فهبت واقفة بغضب ترمقها بعدم رضا متمتمة بحدة:
– أني برد على الغلط يا ست نعمة ولاه معنساش حالي، بس إنتي اللي عتنسي حالك وواجفة تهيني واحدة من أهل النچع كُمان.
قبل أن تتحدث نعمة مرة أخرى لتستكمل إهانتها، هب عمران واقفًا قبالتها مغمغمًا بخشونة جادة:
– وكَبير النچع موچود وحجك هيوصلك يا عهد.
تابع بصره نحو عمته بنظرات مشتعلة غضبًا مغمغمًا بجدية قاسية:
– اعتذري منيها يا عمة عاللي حصُل، هي مجالتش حاچة عِفشة عشان تعملي معاها إكده، ولو عِملت برضك محدش إهنيه بيجول حاچة غيري.
نهضت فهيمة مسرعًا معترضة على حديثه بنيران غاضبة مشتعلة،ترمق بها عهد وتود احتراقها بغل وغيظ كبير:
– ايه اللي عتجوله ده يا عمران دي عمتك يا ولدي بدك نعمة الچبالي تعتذر لواحدة كيف عهد اعجل حديتك أومال.
صاح أمام والدته بحدة ضارية ولازال لديه إصرار كبير على تنفيذ ما قاله خاصة عندما علم بشعورها بالإهانة ودموعها الذي استطاع رؤيتهم، مهما حاولت أن تخفيهم عن الجميع ليس هو مَن يُخفَى عليه شيء:
:- لاه متچنيتش بس نعمة الچبالي كيف ما عتجولي غلطت ولازمن اللي غلط يتحاسب يمّا وأني مهعملهاش حاچة غير انها تعتذر من اللي غلطت فيها عهد أو غيرها في النچع محدش يجدر يهينهم طول ما أني حاكمه.
تطلعت فهيمة نحو حسن بغضب، فخشي أن تلغي أمر زفافه ويعود رفضها كما كان، أسرع يقترب من عهد متمتمًا بتوتر:
– خلاص يا عهد محصلش حاچة عمتيّ متجصدش تزعلك.
أكمل حديثه هامسًا بخفوت:
– لچل خاطري عنديكي هملي الأمر كن مفيش حاچة حصلت، نتممُ بس چوازنا وبعدها أني هعاودلك حجك.
تنهدت بصوت مرتفع حزين واومأت إليه برأسها أمامًا عنوة، ستفعل ذلك لأجله بالرغم من إهانتها مثلما فعل هو لأجلها العديد، لكن قبل أن تتحدث أردف عمران بغضب:
– أني جولت اللي هيحصُل الأمر مش عهد تسامح أو لاه، أني شوفت غلط ومعينفعش اسامح عليه إكده يلا يا عمة.
تأفأفت بغضب معترضة وغمغمت مجبرة تنفذ ما يريده:
– خلاص يا عهد محصلش حاچة متاخديش على خاطرك منيّ، مكنش جصدي ازعلك إكده.
ابتسمت برضا متطلعة نحوه بسعادة لكن سرعان ما عبس وجهها عندما رأت نظراته المصوبة نحوها على الرغم من هدوئها إلا أنها تحمل العديد،فأغمضت عينيها ضاغطة فوقهما بضعف ملتقطة أنفاسها بصعداء وأشاحت بصرها مبتعدة عنه متحاشية التطلع إليه مرة أخرى وهي لا تعلم كيف هو؟! كيف يكون هناك شخص مثله لازالت لم تستطع
أن تحدد ملامح شخصيته الغامضة لكنها لن تشغل ذهنها في التفكير به، ستظل تراه بصورة واحدة فقط عمران الجبالي حاكم النجع ذو قلب قاسٍ وحديث صارم يهابه الجميع.
بالرغم من عودة حقها كما تريد إلا أنها تشعر بالضيق وعدم الرضا، كانت تتمنى أن يأتي عن طريق حسن ليس هو لكنها تعلم أنه صمت بصعوبة حتى لا يحدث فجوة تعوق أمر زواجهما مرة أخرى، لكن بعد أن يتم زواجها منه بالطبع الأمر سيختلف وستجده بجانبها دومًا دون أن تتمنى، هكذا أقنعت عقلها.
أنفاسها قد عادت إليها منذُ خروجها من المنزل وروحها عادت تحيي جسدها من جديد بعدما شعرت بنزعها داخل المنزل ذو ملامح قاسية، لم تشعر يومًا بالإرتياح بداخله…!
طالعها حسن متعجبًا بملامح وجه يملأها الدهشة متسائلًا:
– للدرچة ديه! كنك كنتي بتتعذبي چوة.
شعرت بالحرج فحاولت أن تبرر موقفها بتوتر متلعثمة:
:- لاه مش إكده بس السرايا إهنيه بتحسسني أن جلبي هيجف، وكُمان محدش رايد وچودي غيرك.
أسرع يتحدث مبتسمًا بلهفة تحمل بين طياتها عشق ضاري:
– وأني مش كفاية يا عهد.
هربت بعينيها بعيدًا بخجل متحاشية نظراته النابضة بعشق وتمتمت بخفوت:
– مرايداش غيرك يا حسن.
أسرعت تفر هاربة من أمامه بخطوات واسعة مبتعدة عنه، فابتسم ببلاهة منتظر يوم زفافهما بلوعة كبيرة، يريد ذلك اليوم الذي ستصبح به زوجته وملكه كما يتمنى قلبه النابض لها والذي يحلم دومًا بالإقتراب منها، يعد الأيام ويريد أن تمر مسرعة ليأتي يومه المعهود كما تمنى.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين…
كان حسن يعد جميع الأشياء الخاصة بزفافه بعناية وفرحة شديدة طال انتظارها يومان فقط وستبقى عهد زوجته تحمل اسمه كما كان يتمنى، هو منذُ أن رآها وهو يتمنى اقترابها يود أن ينعم بحنانها وعشقها الخالص لهؤ خاصة أنها لم يسبق لها أي تجارب مع غيره سيستطيع أن يجعلها تسير على طريقه وكما يريد ليكون هو المتحكم في العلاقة المليئة بالعشق.
أثناء تفكيره العميق ومخططاته القادمة لحياته معها وجد مَن يقتحم الغرفة بقوة غاضبة لم يكن سواه هو الوحيد القادر على فعل ذلك _عمران شقيقه_ يقف بهيبة وشموخ ونظراته الغاضبة مصوبة نحوه كالنيران المتأهبة التي لم تخمد سوى بالحصول عليها، هواها كاللوعة يزداد اشتعاله بقلبه دون رحمة.
اقترب من حسن بخطوات غاضبة مما جعله يعود إلى الخلف بعدما تحولت ملامح وجهه هو الآخر في لحظة واحدة فقط! لكنه حاول أن يدعي الثبات ووقف قبالته يخفي قلقه مغمغمًا بجدية شديدة:
– في حاچة ياخويّ؟
ثبت بصره عليه بغضب وأجابه صائحًا بحدة:
– كنك مخابرش عتعمل ايه؟ بجى بتتحداني يا ولد الچبالي عتتحدى اخوك الكَبير لچل تنفذ اللي رايده بالغصب والجوة أني هملتك بكيفي لحد دلوك.
التقط أنفاسه الحارقة وأكمل حديثه بغضب جنوني مسيطر على عقله:
– عتتحدى أخوك وكَبيرك عشان واحدة يا رخيص إكده أنت راچل.
فارت الدماء داخل عروقه فاقترب منه هو الآخر بغضب وصاح يجيبه بعنف:
– أني راچل غصب عنيك وعن الكل، وعشان أني راچل معهملش اللي جلبي اختارها وعشجها مهما حصُل هتچوازها كيف ما جولت ووعدتها واللي عندك أعمله ياخويّ.
الغيرة ملأت قلبه يقف ذلك الوغد يعترف بحبه لها وهو يحترق بلوعة هواها المتأهبة، يخبره أنه سيتزوجها عنوة دون الحاجة لرضاه، يخبره أنه مَن فاز وسيتزوج بمَن اختارها وهو الآخر يريدها، لم يشعر بذاته سوى وهو يقبض فوق أطراف ثيابه ويهزه بعنف صائحًا باحتدام غاضب:
– جلبك دِه هفعصه بالچزمة الجديمة ومحدش هيجدر يجولي حرف واحد وبرضك هعمل اللي رايده يا ولد الچبالي.
أجابه بغيظ غاضب والشرر يتطاير من عينيه هو الآخر يرمقه بتحدٍ وضيق:
– عهد هتچوزها، منيش عيل خيبان مستني موافجتك عهد كمان ليلتين وهتُبجى مرتي.
لم يشعر عمران بحاله سوى وهو يلكمه بغضب والغيرة تعميه عن التفكير كل ما يحركه هو مشاعره العاشقة لها سوف يفقدها بإتمام زيجة شقيقه منها.
وقف حسن مذهولًا من فعلته المباغتة وقد فقد السيطرة على ذاته، فدفعه بقوة إلى الخلف مبتعدًا عنه، صائحًا بصوت جهوري حاد:
– أنت من دلوك ملكش حاچة عنديّ أكتر من أنك كبير النچع والكبير ملوش حج أنه يوافج على عروستي، ودلوك تهملني وملكش صالح بيا واصل.
وقف عمران غاضبًا دفع المنضدة بقدمه بقوة معقبًا بتوعد:
– وأني بجى مش هسكت على چوازك منيها، وأنت خابر عمران الچبالي يجدر يعمل إيه مليح.
دفعه غاضبًا وخرج بنظرات متوعدة وعقله يفكر في طريقة لإفساد الأمر، سيجعله يندم على تحديه ليعلم جيدًا مَن هو عمران الجبالي!..وما الذي يستطيع فعله لتحقيق ما يريده والحصول على عهده الذي طال انتظاره..
عقله يخبره أن يهدأ حتى لا يؤذي شقيقه، ولكن للقلب أحكام أخرى لتتردى العلاقات جانبًا ولم يلتفت سوى خلف مشاعره المغرمة التي استحالت أي شيء في سبيل الحصول على مَن غوت فؤاده بفتنتها.
ولا أحد يعلم في النهاية لمَن الانتصار؟
ضرب حسن الحائط بغضب، لا يريد أن يصل الأمر به إلى هنا لكن عمران هو مَن اخطأ ولم يفكر به، لا يعلم ماذا سيفعل؟! لكن الذي متأكد منه أنه لن يصمت ولن يدع الأمر يمر بسلام وسيفعل المستحيل لأجل تنفيذ ما يريده والثأر لحقه.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين..
آتى اليوم المعهود والمنتظر للعديد كانت تقف عهد أمام المرآه المحطمة في غرفتها تطالع انعكاس صورتها بسعادة، ترى ذاتها بثوبها الأبيض التي تمنت أن ترتديه منذُ أن تمت خطبتها ورأت كم الحب المتواجد لها بقلبه، اليوم تشعر بفرحة وسعادة قلبها يدق داخلها كالطبول الصاخبة معلنة فرحتها، اليوم يمر سريعًا لم ينقصه سوى وجود والدتها كما كانت تتمنى، أصبحت عروس فاتنة تسحر العقول وتسلب الأنفاس وتغوي القلوب.
ولجت عليها الغرفة إيمان مبتسمة بسعادة مطلقة عدة زغاريد بفرحة مهللة:
– كنّك كيف البدر في ليلة تمامه والله مفيش واحدة في النچع كلياته كيفك وكيف چمالك ياخيتي.
ازدادت ابتسامتها اتساعًا بخجل متطلعة أرضًا، وردت عليها بخفوت وهي تهندم من هيئتها بلمسات خفيفة لتنتهي تمامًا وتخرج من غرفتها على منزل زوجها كما كانت تتمنى متناسية ما ينتظرها داخل المنزل الملئ بوكر الأفاعي لكنها لم تهتم بكل ذلك، اليوم لم تفكر في شئ سوى أنها عروس لـحسن الجبالي مَن اختارته وحاربت لأجله..
احتضنت إيمان بضراوة ما أن انتهت معقبة بهدوء:
– تسلمي ياجلب خيتك من چوة والله أني اللي عمري ما هلاجي كيفك.
ربتت إيمان فوق كتفها وهي الأخرى سعيدة لسعادة عهد تلك المسكينة التي رأت العديد في حياتها الحزينة، لكن الآن انتهى كل ذلك ليحل محله السعادة المُستحقة لقلبها..
أصوات الموسيقى الصاخبة ترتفع معلنة الفرحة بولوج حسن الذي آتى للتو مبتسمًا هو الآخر ويفكر فيما سيفعله معها وحياتهما القادمة بأعين ملتمعة بشغف وانتصار لوصوله لما يريد.
كل شئ كان يسير على ما يرام كما خطط له وانتظره كل منهما بأحر من الجمرات الملتهبة، وها قد آتت اللحظة المنتظرة سيتم عقد قرانها جلس حسن أمام حازم مردفًا بسعادة وابتسماته تزداد اتساعًا:
– مبروك يا حازم خيتك هتبجى في جلبي جبل عيني.
اعتلت الزغاريد مجددًا ترتفع وتعالت همهمات الجميع بعدما رأوا كم الحب التي حصلت عليه تلك الفتاة منه، بالطبع لديها حظ قوي لتحصل على كل ذلك هناك مَن يحسدها أيضًا على ما ستحصل عليه بعد زواجها منه ستصبح كنة لأكبر عائلة في نجع العمدة والزوجة المدللة نتيجة لعشقه الضاري لها.
وقفت إيمان بجانب فهيمة مبتسمة وتمتمت بفرحة:
– مبروك يا ست فهيمة.
حاولت أن تبتسم لتظهر فرحتها أمام الجميع حتى لا تتسبب في استماع ثرثرتهم عليها بأن ابنها تزوج دون موافقتها، تحاول أن تتفادى كل ذلك بابتسماتها المجبرة التي لا تتعدى شفتيها، لكن داخلها قلبها سيقف من القلق مرتعبة من رد فعل عمران الذي اقسم بألا يصمت عما يحدث وسيثأر لحقه حتى يحصل عليها هو الآخر..
فاقت من شرودها الذي طال مما تسبب من إثارة دهشة إيمان وردت عليها ببرود هادئ مدعية الفرحة:
– مبروك علينا كِلياتنا.
بدأ الشيخ حديثه لإتمام عقد قرانها، لكن قبل أن يتم شئ وجد مَن يقتحم المنزل بقوة ويقف بشموخ وضباط الشرطة معه الذين أسرعوا يقيدون حسن، لم يكن سواه مَن فعلها ليفسد السعادة بالطبع عمران الجبالي.
لا أحد يفهم شئ وهي بالداخل انقبض قلبها خوفًا عندما توقفت أصوات الجميع الفرحة ليحل محلها همهمات لم تفهم سببها، فتحت الباب بخفة محاولة أن ترى أي شئ لتفهم سبب ما يحدث وقلبها يعتصر داخلها رعبًا لتتأكد ظنونها على الفور وهي ترى حسن يخرج من المنزل بوجه شاحب مرتعب بصحبة رجال الشرطة والأصفاد الحديدية تلتف حول يده..!
“هُناك آمال مبتهجة من السعادة تترجى تحقيقها في حياتها القادمة لكن بمساعدة القدر القاسي تحولت لأحلام مستحيلة”
❈-❈-❈❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈ ❈

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران نجع الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى