روايات

رواية نيران نجع الهوى الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدير دودو

رواية نيران نجع الهوى الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدير دودو

رواية نيران نجع الهوى البارت الحادي عشر

رواية نيران نجع الهوى الجزء الحادي عشر

نيران نجع الهوى
نيران نجع الهوى

رواية نيران نجع الهوى الحلقة الحادية عشر

“للعشق نيران قاسية مضطرمة تنبش بالقلوب”
❈-❈-❈
في الصباح قبل ذهاب عمران..
عاد إلى المنزل مرة أخرى بعدما طلبت منه والدته لأمر ضروري، وجدها تجلس في بهو المنزل تنتظره غمغم متسائلًا بقلق قاطبًا ما بين جبينه يشعر من نظراتها الحادة أن هناك شيء خطأ:
– في ايه يمّا ايه اللي حصُل؟
نهضت تقف قبالته، ونظراتها الماكرة ازدادت حدة وغمغمت بمكر:
– بجولك ايه بعّد مرتك عن أخوك يا عمران ميصُحش مرت كبير النچع تعمل إكده، أنت خابر اللي بيناتهم أني مموافجاش على چوازها منيك صُح بس برضك معيعچبنيش الحال المچندل بتاع مرتك أنت الكَبير هتُبجى مسخة بين الناس لچل عمايل الغندورة.
قطب ما بين جبينه بدهشة متعجبًا من حديثها وأردف متسائلًا بذهول وعدم فهم:
– وه في إيه يمّا إيه اللي حصُل عاد؟ مرتي عمِلت إيه؟
مصمصت شفتيها بتهكم وأجابته ساخرة:
– مرتك راحت تطل على أخوك وعتجول جلبها جايد نار عليه، فينك أنت من كل ديه، الناس عتجول مجادرش تحكمها وأنت عتحكم النچع كلياته.
وقف يستمع إلى حديثها بذهول بعدما سيطرت الصدمة عليه، واحتل الغضب ملامح وجهه والنيران انبعثت من عينيه ليشعر بالدماء تغلي داخله والاحتدام يسيطر على عقله، لم تكتفِ بما قالته تلك الماكرة التي خططت للأمر ودبرته بعدما تمكن الكره لتلك المسكينة داخل قلبها، استردت حديثها مجددًا بخبث:
– كنك مخابرش لو حد چاله خبر بإكده هيتحدتوا كيف اجلها هيجولوا أن الكَبير مرته عتضحك عليه عملاه كيف المسخة بين الخلج، متجلعة على ايه عاد اللي خلجها مخلجش غيرها إياك، جولتلك هملها وهچوزك ست ستيها كُمان أنت اللي عِملت إكده وحبست أخوك لچل بت الحوامدية المتجلعة.
لن يهتم بشيء مما تفوهت به عينيه مثبتة في اللا شئ وعقله يصور له العديد من التخيلات التي تجعله على استعداد لقتلها أو دفنها وهي على قيد الحياة، داخله غضب إذا تركه عليها سيجعلها ترى أنواع العذاب كافة، صدر عنه تنهيدة حارقة كافية لإحراق الأخضر واليابس بالعالم بأكمله، وسألها بلهجة حازمة يتخللها الغضب الضاري الذي أشعل تلك النيران داخله:
– هي دلوك عنديه ولا چت؟
اومأت برأسها أمامًا وهمهمت مجيبة بإيحاب ماكر:
– لاه ياولدي لساتها عنديه، أني جولت اجـ…
لم يهتم لاستماع بقية حديثها بل سار منطلقًا من أمامها نحو الخارج بغضب شديد كاد الفتك بعقله من ضراوة التفكير المسيطر عليه، ليته يستطيع التحكم فيه خوفًا من قتلها ياليت!! يتمنى المستحيل خوفًا عليها لكن هيهات أن يحدث، هناك حمم بركانية تنتظر رؤيتها لتنفجر بها، لأول مرة يكون مستعد لأذيتها حقًا متناسي قلبه المملوك منها لم يهتم بشيء، ولم يرَ شئ أمامه سوى هيئتها وهي مع حسن شقيقه… أغمض عينيه بقوة ضاغطًا عليه، يتمنى من عقله الرحمة ويتوقف كما يتمناها من قلبه ايضًا يتمنى أن يرحمه ويتوقف عن حبها حتى يسترد حقه بالكامل منها دون أن يتألم، لكنه سيجعلها ترى مَن هو عمران الجبالي حقًا، من الواضح أنه أخطأ عندما استسلم لحبه لها وجعل قلبه يقوده ليتعامل معها بهدوء وحنان كما لم تره من قبل، لكن مهلًا سيبدل كل ذلك سيجعلها ترى قسوته الساحقة وغضبه الناري..
ازداد غضبه أضعاف عندما وصل أمام مركز الشرطة ورآها تخرج باكية واضعة يدها فوق قلبها النابض له، هيئتها جعلت غضبه يزداد وكأنها تؤكد له جميع التخيلات التي كان يراها قبل وصوله إليها في تلك الوهلة توقف العقل والقلب عن العمل ليصبح أمامها شخص غاضب فقط يريد الانفجار بها وها قد آتت اللحظة الذي انتظرها طوال طريقه..
كان يستمع من قبل عن ألم الحب وقسوة العشق ساخرًا منهما، يرى أن مَن يشعر بهما ليس سوى شخص أحمق اخطأ في اختياره، لـكـن الآن علم مدى الوجع الكبير المتسبب من العشق، لا يعلم هو أحمق أم للعشق نيران قاسية مضطرمة تنبش بالقلوب!! لكن في جميع الأحوال ستنال عقاب أقسى مما يشعر به ليسترد حقه منها، كان يعلم أن المُحب لا يؤذي لكن في حالته الأمر يختلف، لا يعلم لماذا لكنه سيؤذيها حقًا بالرغم من أنه ليس مُحب فقط بل عاشق ولهان..
كم أنت يا قلب من قاسٍ تجعله يخطئ حتى يشعر بالعذاب يالك من قلب لا تعرف الرحمة وكأن القدر يقف أمامه يخبره أنه لن يرحمه سيؤذيه لكن بطريقة قاسية عليه، يجعله يحب مَن لا تفكر به وتراه من الأساس هناك أكبر من ذلك وجع!!
اقترب منها بخطوات واسعة ونظراته مثبتة نحوها دب الرعب داخل قلبها يسيطر عليه وكاد يتوقف من قسوة عينيه، تمتمت بنبرة خافتة لاهثة وهناك قبضة قوية تعتصر قلبها:
– أ… أني و.. والله چيت إهنيه لچل مـ…
لم يهتم لاستماع حديثها الذي لن يفيد فالأمر واضح أمام عيني الأبله فماذا عنه! قبض فوق ذراعها بقسوة ضارية، ولم يشعر بذاته سوى وهو يصفعها بقوة كادت أن تسقطها أرضًا لولا ضراوة قبضته حول ذراعها مغمغمًا بحدة قاسية:
– الله في سماه يا عهد لاجتلك بيدّي.
كان يسحبها بعنف أمامه بوجه متجهم وهي صامتة تركض لتستطيع ملاحقة خطواته الواسعة وسيره السريع، لكن قلبها بداخلها يرتجف رعبًا تعلم أنه لم يكذب سيقتلها حقًا كما قال، ماذا تفعل وكيف ستهرب من الأمر؟! ضربات قلبها تزداد بعنف دموعها تسيل بغزارة كنهر جارٍ، تشعر بالهواء يختفي من حولها وكأن أنفاسها أصبحت معدودة من الآن.
لا تعلم ماذا فعلت ليكون القهر والوجع من نصيبها في تلك الحياة القاسية بشدة، ولا تعلم ماذا تفعل لتهرب منها، لكنها ساذجة فهل هناك أحد يهرب من قدره، كان عمران قدرها ونصيبها الذي كُتب لها ستنال على يده ما يريد من قسوة ووجع، ظلمات وقهر، دموع وغضب وعشق جنوني.
لكنها لن تتبجح ولن تظلمه تلك المرة هي مَن اخطأت من البداية وعليها تحمل نتيجة خطأها، تعلم وتأكدت تمامًا أنها الآن امرأه خائنة، لكنها خائنة بسببه، هناك صراع كبير بداخلها قلبها يرفض قبول الحقيقة وعقلها يوضحها وبشدة فماذا تفعل؟! ستسقط أسيرة لتلك الحياة مستسلمة لها تهوي بها كما تشاء، لأول مرة تتنازل عن قوتها وتظهر ملامح الضعف المخفاه بداخلها، للمرة الأولى التي تشعر بالخوف لأنها أخطأت وترى أنها تستحق ما سيفعله حتى وإن كان موتها مثلما تفوه، تسير منتظرة أن تنال جزاء فعلتها في صمت دون اعتراض منها..
ولج المنزل تحت أنظار والدته ونعمة اللتان ينتظران عودته على أحر من الجمر بعدما أشعلت النيران بداخله وفعلت ما عليها حان وقتها الآن لتشاهد نتيجة ما فعلته بأنظار مبتسمة شامتة وقد أعمى الحقد قلبوبهما..
كانت عهد تشعر أن خوفها يزداد ليتملك من كل ذرة داخل قلبها، أغمضت عينيها بقوة شاعرة بقلبها كاد يتوقف عن النبض، تسير بخطوات متعثرة مرتعشة وكأنها ذاهبة إلى الجحيم بقدميها تود تأخير خطواتها لكنه يسحبها عنوة فكانت تركض بخطوات واسعة حتى تستطيع ملاحقته..
دفع بها داخل الغرفة صافقًا الباب خلفه بقوة وعينيه تطالعها بغضب حاد وكأنه يؤكد أنه سيقتلها دون رحمة، سقطت أرضًا أثر دفعته شاعرة بقبضة مرعبة تعتصر قلبها المرتجف رعبًا، لكنها حاولت التخلص من كل ذلك وهبت واقفة قبالته عندما رأته يقترب منها وعينيه مثبتة نحوها تتآكلها، التقطت أنفاسها بصعداء كما لو أنها مرتها الأخيرة ووقفت تطالعه خوفًا من أن ينقض عليها وهي ساقطة منتهزًا ضعفها..
كانت تحاول أن تضغط على ذاتها لتمتلك الطاقة التي تساعدها على الوقوف لتبقى صامدة أمام نيران غضبه المضطرمة، اقترب حتى أصبح أمامها لا يفصل بينهما شئ، يرمقها بنظراته الحادة التي تجعلها تخشاه وتهابه، تجعلها تتأكد أنه قاسي حقًا وعليها الحذر من براكين غضبه، لم يمهلها فرصة للتحدث والدفاع عن ذاتها أسرع قابضًا فوق ذراعها بقوة يسحبه خلف ظهرها بعنف جعلها تصرخ متألمة، لكنه لم يهتم وقد استطاع غضبه أن يعميه لينتصر على قلبه المدافع عنها ولم يستمع له من الأساس، عقله يكرر حديث والدته ورؤيته لحالتها الباكية عندما خرجت بعدما انتهت من رؤية حسن، همس داخل أذنيها بنبرة قوية يملأها الغضب:
– الله في سماه يا عهد وعهد عليا لابكيكي وأندمك، مش عمران الچبالي اللي واحده كيفك هتلبسه العِمة ويُبجى مسخة لحديت الناس.
كانت تصرخ وتتألم بين قبضته مغمغمة بنبرة ضعيفة باكية:
– بـعِد عنيّ يدي هتكسرها مجادراش، عـمــران هملني.
كانت تتفوه كلمتها الأخيرة برجاء متمنية أن تستطيع استمالته ليعفو عنها لكن هيهات فما تطلبه لن يحدث حتى أن انطبقت السماء فوق الأرض…اللعنة على تلك الحمقاء التي ظنت أن غضب عمران الجبالي هيّن لم تكن تعلم أنه قادر على إشعال جميع ما حوله.
دفعها بقوة إلى الأمام فاعتلت صرختها المباغتة كانت ستسقط لولا يدها الأخرى التي تمسكت بالفراش لتستطيع الوقوف أمامه، كانت في حالة يرثى لها لكنه لم يهتم سقط وشاحها أرضًا وقلبها كاد يتوقف من الرعب الذي سيطر عليها وعلمت أنها اليوم ستصبح فريسة لبراثنه، أكمل حديثه صائحًا بعنف وهو يقبض فوق خصلات شعره:
– مش عمران الچبالي اللي واحدة كيفك تخونه، أني اللي يخوني ملوش عنديّ غير دية واحدة رصاصة تخرچ مني وتبجى في جلبه، يعني الليلة دفنتك.
سيطر الرعب عليها واعتلت صرخاتها بهيسترية لعلمها بقدرته الكبيرة في تنفيذ ما يقوله، مغمغمة بنبرة باكية مترجية إياه:
– والله ما خونتك مجدرش اعملها ولا عجلي يجدر يفكر في خيانتك، والله يا عمران ما خونتك أني معملتش إكده واصل.
هزها بعنف هادرًا بها بعصبية غاضبة ساخرًا من حديثها الكاذب فهو رآها بعينيه اليوم:
– واللي عملتيه يُبجى ايه، جولي انتي يُبجى ايه عاد؟ أتي جولت أني هجربلك في لللحظة اللي تنسي فيها أني چوزك بس دلوك أني مرايدش جربك أني رايد اجتلك.
رعشة قوية أصابت جسدها بين يديه وتمتمت بخفوت ضعيف وعادت تتوسل إليه يتركها مرة أخرى:
– مخونتكش والله جولتلك أنى معملهاش واصل، مهما كان إيه بيناتنا، هو كان رايد يشوفني رايد يعرف ليه هملته واتچوزتك وجولتله أني عملتها لچل ما يخرچ واتچوزت بالغصب كُمان.
لم يستطع استماع تكملة حديثها لينهيه بصفعة قوية أخرستها هوى بها فوق وجنتها بعنف تسبب في سيل الدماء من انفها وجانب فمها مصطحبة بصرخة عالية مباغتة من فعلته وكأن فعلته كالإنذار الذي دوى داخل عقلها ليجعلها تنهي استسلامها وضعفها أمامه ابتعدت عنه عدة خطوات إلى الخلف وصاحت أمامه بضيق من وسط شهقاتها المرتفعة:
– كني عجول حديت محصُلش أنت اللي ضحكت عليّ يا كَبير وأني وثجت فيك جولتلي هتخرچ حسن ولحد دلوك منفذتش حديتك.
اقترب منها من جديد وهتف بتهكم ساخرًا:
– واحنا إكده متچوزين ده احنا كيف اللغراب كنك متچوزتنيش انتي خابرة زين الچواز كيف بيكون وكيف بيتم ده اني معورك بيدّي في ليلتنا ياعروسة.
امتعضت ملامح وجهها عندما تذكرت تلك الليلة التي من أسوأ لياليها معه إن لم تكن أسوءها، بات الوجع ملازم لروحها والقهر رفيق قلبها المتألم داخلها ينتظر مَن يرحمه لتغمغم بضعف:
– بس عملت اللي رايده مني ناجص أنت تخرچ حسن كيف ما وعدتني بس الكَبير طلع بيجول حديت ومينفذوش.
جن جنونه من حديثها ليقبض فوق ذراعها بقوة جاذبًا إياها نحوه بعنف مرتطمة في صدره بعنف وغمغم بلهجة صارمة حادة يملأها الوعيد:
– الله في سماه يا عهد أن چيبتي سيرته ونطجتي اسمه على لسانك لاموتك ومهترددش دجيجة واحدة.
ليزداد من قبضته ويده الأخرى تلتف حول خصرها بقوة مؤلمة جعلها تتأوه بين يديه:
– مش مرتي اللي هتنطج أسم راچل غير راچلها وجتها هجتلها كيف ما جولتلك وهخليكي تشوفي جسوة جلب عمران الچبالي بحج.
كانت أنفاسه الحارة تلفح وجهها فأغمضت عينيها وبدا الخوف فوق ملامح وجهها التي انكمشت فصاح بها بحدة مشددًا فوق حديثه:
– عتفهمي حديتي معاوزش اعيده من تاني بزيداكي إكده متجلعة على إيه عاد اللي خلجك خلج غيرك ومحدش تجدر تخون راچلها كيف ما عتعملي، سيرة حسن لو چات على لسانك هجتلك.
اومأت برأسها أمامًا بخوف مقررة الاستسلام والخضوع لما يريد عندكت علمت بجدية الأمر وقدرته في تنفيذ ما يقوله لتهمهم بخفوت وخوف:
– حـ…. حـاضر… حاضر يا سي عمران.
أنهى حديثه دافعًا إياها بقوة إلى الخلف فسقطت أرضًا بضعف وارتطم رأسها بالحائط بقوة ضارية فصرخت متألمة واضعة يدها فوق رأسها والدموع تسيل فوق وجنتيها، والوجع يبدو فوق قسمات وجهها، اقترب منها مسرعًا عندما رآها وأسرع يحملها ويضعها برفق وحنان فوق الفراش وأعطاها كوب من المياة تناولت رشفة صغيرة منه وأبعدت رأسها فسألها باهتمام وقلق:
– بجيتي زينة دلوك ولا لساتك عتتوچعي؟
اومأت برأسها أمامًا مهمهمة بخفوت وهي تطالعه بنظرات متعجبة ذاك الذي أمامها هو نفس الشخص الذي كان سيقتلها حقًا:
– مليحة متجلجش عليّا.
ربت فوق كتفها بحنان بينما هي ترمقه بعلامات مستفهمة لا تعلم أي شخصية حقيقية يمتلكها، ذلك الحاني الذي يظهر مرات قليلة يمكنها عدها ولا القاسي الذي يظهر معها دومًا، ولماذا هي بالتحديد التي يفعل معها ذلك وتمسك بها بذلك الإصرار القوي لينهي حياة شقيقه لأجلها، هو ليس شخص هيّن أو متسرع بل هو عاقل حكيم بدرجة كبيرة لم يفعل شيء سوى وهو مفكر به جيدًا اذًا لما هي بالتحديد؟! هناك العديد من التساؤولات تدور داخل عقلها لكنها لم تستطع الحصول على إجابة لأي منهم.. ظل بجانبها إلى أن هدأت تمامًا وتأكد من سلامتها فنهض تارك الغرفة بخطوات واسعة الجمود يرتسم فوق وجهه المتجهم تاركًا إياها خلفه تائهة بين اسئلتها تحاول الوصول إلى شيء لعلها تفعلها لكن باءت محاولاتها دون جدوى لتهرب من كل ذلك وترحم عقلها الذي يفكر وتغفو قليلًا لعلها تنال قدر من الراحة وتنعم بهدوء قليل.
سار عمران لا يعلم إلى أين وجهته، وجلس منفردًا بذاته يفكر في حظه اللعين السيء الذي ابتلاه بالعشقِ الخطأ جعله يهوى مَن لا تهواه وتفكر به يومًا، يرى في عينيها نظرات الكره وحبها لغيره يرى ما يجعله يعلم ويتأكد أن العشق له وجه آخر قاسي كان من نصيبه هو، لا يعلم لمتى سيظل يعاني من قسوته، كان يرى أن ابتعاده عنها قسوة لكنه وجد اقترابه منها عنوة أقسى، كل شئ يصدر منها يؤكد ذلك، رأى بعينيه لهفتها وحزنها على شقيقه، عينيها التي تفيض لغيره بالعشق، كل ذلك لأجل شقيقه ليس هو…يالك من قدر كتبت الحزن على قلب أعتى رجال نجع العمدة وحاكمها، دمعة حزينة خائنة فرت من عينيه وسط دمعاته الحبيسة بقوة…يبكي لأجلها أيعقل! هو ذلك الشامخ الذي يقف يأمر وينهي ويحكم، يبكي الآن لأجل عهد! لمَ لا فذلك هو العشق وقسوته المريرة؟!!
❈-❈-❈
في المساء..
سارت إلى الأسفل عندما علمت بوجوده ليجتمع معهم في تناول العشاء، كانت تسير عهد بخطوات متهالكة ولازالت أثر صفعه لها يعلو فوق وجنتيها بوضوح، ابتسمت نعمة شامتة ما أن رأتها ورأت نتيجة مخططها الماكر غمغمت هامسة لـفهيمة الجالسة بجانبها:
– كنه ضربها كيف ما جولتي صُح.
تطلعت تتفحصها بنظراتها الشامتة هي الأخرى وهي ترى ذاتها تثأر لابنها، فغمغمت تسألها بخبث:
– إيه اللي عليكي دِه أنت ضربتها يا عمران وشها كلياته متعلم ياولديّ.
وضعت يدها سريعًا فوق وجنتيها تتحسسهما واجتمعت الدموع داخل مقلتيها بحزن تحاول أن تمنعهم من السيل أمام أنظار الجميع حتى لا تزداد شمتاتهم، أسرعت تحرك رأسها نافية متمتمة بخفوت متلعثمة:
– لـ….لاه لاه عمران معيمدش يدّه عليا واصل.
تطلعت نحوه مسرعة بنظرات متوسلة ترجوه ألا يفضحها ويقلل من شأنها أمامهما، تعلم أن غضبه لازال مسيطر عليه لكن لا تريد أن يفصح عما فعله مفتخرًا بذاته حتى لا يجعلها تشعر بالإهانة، ستضع عينيها أرضًا شاعرة بالخجل منهما..
وجدته يتطلع نحوها ورأى عينيها المعلقة عليه برجاء لمحه بسهولة داخل عينيها، فغمغم بجدية متعقلًا يؤكد حديثها:
– لاه طبعا يمّا حديت ايه ده كيف أمد يدّي على مرتي، مرت عمران الچبالي محدش يجدر يهوب يمتها الله في سماه أكون دافنه بيدّي جبل ما يفكر في إكده.
نهض تارك المكان خلفه دون أن يستكمل طعامه وسار بخطوات متعثرة، تطلع نحو عهد الواقفة ترمقه بارتباك شاكرة ربها عما فعله وسترها أمام الحاقدين، لمح ابتسامة خفيفة تزين ثغرها وترمقه بامتنان كأنها تشكره، أومأ برأسه أمامًا عدة مرات يخبرها أنه قرأ نظرات عينيها وأدركها مثلما يفعل دومًا، وأردف بجدية هادئة:
– بعد ما تخلصي وكل اعمليلي جهوتي رايد اشربها من يدك الزينة.
ابتسمت بسعادة وقد تبدلت ملامحها الحزينة ووجها الشاحب شاعرة بلذة الإنتصار تحت أنظارهما ووجوهما الباهتة، جلست بسعادة وبدأت تتناول الطعام متمتمة بدلال زائد:
– وأنت يا عمران مهتاكلش ياحبيب جلبي لازمن تاكل.
تطلعت نعمة نحوها بنظرات يملأها الغضب وامتعضت ملامحها بعدم رضا، فهمست لفهيمة بضيق وحقد:
– بصي جليلة الحيا والرباية عتجوله إيه ومعاملاش حساب لوچودنا جدامها، حبيب جلبها جال چتها واجعة في جلبها توجفه ونرتاح منيها وش الخراب الشوم دي.
نكزتها فهيمة بخفة حتى لا يستمع إليها ابنها المتطلع نحو عمته ويبدو أنه علم مغزى حديثها فعقبت مسرعة بجدية وتعقل:
– بس بس ميصُحش إكده عمران لساته واجف.
فعلت ما تريده وصمتت وهي تمصمص بشفتيها في غضب وعدم رضا والغيرة تعميها والحقد ينبش في قلبها وعقلها ذو التفكير الشيطاني.
عاد عمران ببصره نحوها تقف تطالعه بابتسامة واسعة تزين وجهها وكأن روحها قد عادت مرة أخرى في جسدها والدماء المتجمدة عادت تسير وردت إليها من جديد، فأجابها بهدوء مبتسمًا وعينيه مثبتة نحوها:
– لاه يا عهد مرايدش الوكل دلوك هبجى اكل بعدين.
سار تارك المكان خلفة بهدوء شاعرًا بضربات قلبه تزداد كمراهق ومحبوبته ستأتي الآن للمرة الأولى، هو حقًا يشعر بمشاعر مختلفة لم يشعر بها من قبل، كل شيء معها جديد، عمران الجبالي معها شخص آخر غير ذلك الصارم الشامخ الذي اعتاد عليه الجميع، هو معها طفل صغير ينتظر تدليلها الذي يسعد قلبه ويجعل ضرباته تزداد بعنف كالطبول، أمامها عمران عاشق ولهان ينتظر القليل منها ويرضى به بجعله يشعر بالسعادة وفرحة العشق التي حُرم منها..
جلست تتناول طعامها مبتسمة عندما رأت نظرات نعمة وفهيمة المسلطة نحوها بغيظ مكتوم، تمتمت نعمة بمكر غاضبة:
– والله يا فهيمة ياخيتي في بنتة الوجت ديه يستاهلوا الجتل كيف ما كان بيحصُل فيهم جبل سابج، بجى مين يصدج أن مرت الكَبير منيهم.
أكدت حديثها ووجهت بصرها نحوها ترمقها باحتقار وازدراء مقللة من شأنها:
– مرت الكَبير عينها مكشوفة معتتكسفش، عتعمل الغلط وتجف جدام الكل كنها عملت الصُح، ربنا يبعدها عنيه ويشوفها عمران كيفي لچل ما تاخد حسابها وتتحاسب على يده وانتي خابرة حساب عمران واعر جد ايه.
كانت تحاول أن تجعلها تخاف منه ليظل هناك حاجز سام بينهما لكن عهد فقد ازدادت سعادتها بعدما فهمت ما تريده وأجابها ببرود مدللة يتنافى لما استمعت لتخبرها بفشل ما تريده:
– كنك انتي ياست فهيمة اللي مخابراش عمران، دِه مفيش أحن منيه ولا من جلبه لما يعشج أسأليني أني مچرباه.
صاحت بها بحرقة وغل أخرستها، تريد أن تخرسها ملتقطة أنفاسها بصعداء:
– اتحشمي يا به كيف عتتحدتي إكده جدامي جليلة الحيا وعينك مكشوفة كيف ما جولت.
نهضت من أمامهما تسير بدلال مغمغمة ببرود:
– أني مجولتش حاچة عفشة ولا بتحدت عن راچل غريب أني بتحدت عن عمران راچلي، هلحج اعمله الجهوة الزينة كيف ما طلبها من يدّي.
اختفت عن أنظارهم الغاضبة وبدأت تعد القهوة بعناية كما طلبها منها واضعة يدها فوق قلبها الذي يدق بعنف طالبة منه الهدوء شاعرة بالانتصار عندما رأت غضبهم وغيظهم منها علمت أنها استطاعت الثأر لحقها..
غمغمت فهيمة بغيظ والدماء تغلى داخل عقلها:
– البت ديه ميتسكتش عنيها بزياداها إكده لازمن تتأدب يا نعمة.
أيدتها نعمة مسرعة بلهفة ماكرة:
– أني جولتلك مـاللول انتي موافجتنيش هي كيف الحية لازمن نجقطعُ راسها وسمها لچل ما تبّعِد عنينا.
اومأت برأسها أمامًا مردفة بضيق:
– اعملي اللي رايداه فيها بس المهم تتأدب وتعرف زين مين هي فهيمة الچبالي واللعب معها ومع عيالها اخرته ايه.
ابتسمت نعمة منتصرة وها قد نالت الموافقة لبداية أذيتها حقًا وعودة حقها منها مقررة أن تجعلها تتمنى الموت لترحمها عما ستفعله بها، ستجعلها ترى العذاب الوانًا حتى تندم وتنسحب من تلك المعركة الضارية، بدأ عقلها يخطط وتفكر فيما ستفعله شاعرة بالسعادة تغزو قلبها..
❈-❈-❈
في الصباح…
علم عمران أن هناك سيدة تنتظره في المظلمة ذلك المكان يأتي فيه اهل النجع ليخبروا عمران عما يمرون به من ظلم وينتظرون كبيرهم للوقوف معهم، وجد سيدة تجلس في انتظاره وبجانبها ابنتها فتاة رقيقة تطالعه بخوف لهيبته والحزن يبدو فوق ملامح وجههما غمغم بهدوء:
– اتفضلوا اجعدي يا ست صباح.
جلست أمامه هي وابنتها المتمسكة في ثيابها بخوف متحاشية النظر نحو عمران المتطلع نحوهما بنظراته الحادة أردف متسائلًا بجدية:
– في إيه يا ست صباح إيه اللي عنديكي؟
أجابته السيدة بحزن وخوف مربتة فوق ابنتها تخفض بصرها ارضًا بخجل:
– ديه نورا بتي يا سي عمران وابوها رايد يچوزها وهي لساتها صغيرة معتجدرش على إكده ولا تتحمل وأني خايفة على بتي ابوس يدك ياسي عمران ماتهمله يعمل فيها إكده.
جال عمران ببصره نحو تلك الفتاة الصغيرة حقًا لم تبالغ والدتها في الحديث وغمغم متسائلًا بدهشة:
– وهي عنديها جد ايه عاد؟
أجابته بخفوت وخجل:
– عنديها ستاشر سنة يا سي عمران بس مهياش عفية لچل ما يچوزها انت شايفها بنفسك البت لساتها صغيرة عاللي رايد يعمله ورايدة العلام كُمان.
اومأ برأسه امامًا وبدا الغضب فوق قسمات وجهه، ليردف بجدية:
– بتك هتفضل في حضنك لحد ما تيجى جادرة للچواز وچوزك أني هتحدت وياه لچل ما يرچع عن اللي عيدور براسه متفكريش في حاچة غير بتك وعلامها وأي فلوس تحتاچها لعلامها عنديّ.
اومأت برأسها أمامًا وابتسمت بسعادة أقبلت مهللة تدعو له برضا وهي تشكر ربها:
– ربنا يچبر بخاطرك كيف ما چبرتني وريح بالك ياسي عمران ربنا يخليك لينا ولأهل النچع كلياته.
نهضت تسير بصحبة ابنتها بابتسامة واسعة وقلبها يدعو له برضا بعدما اطمأنت على حياة ابنتها، كان يحتاج لدعائها هو الآخر يريد أن يشعر بالإرتياح لقلبه الذي يعاني من قسوة العشق الضارية وعقله المنهمك بالتفكير في كل شئ حوله، صدر عنه تنهيدة حارقة تعكس ما بداخله من نيران متأهبة كافية لتدمير العالم، عندما يخلد بذهنه لم يجد سواها عقله يتخيل هيئتها أمامه في كل وهلة تمر عليه يحتاج لحضنها الدافئ يريد أن ينعم بحبها هي لن تكون لآخر سواه وها قد حصل عليها لكنه حصل على جسد دون روح يريد روحها وحبها لينتهي عذاب عشقه القاسي هو حقًا يريد الإرتياح لكن داخل أحضانها الواسعة..
❈-❈-❈
بعد مرور يومين..
في المساء
ولج عمران غرفته بخطوات حثيثة لكنه وقف على أعتاب الباب مندهشًا والذهول يبدو بوضوح عليه أسرع يدلف وأغلق الباب بغيرة شديدة وعينيه معلقة نحوها حيث كانت ترتدي قميص من اللون البني يصل إلى منتصف ساقيها لكنه يبرز مفاتنها بوضوح وفوقه المئزر الخاص به بنفس ذات اللون المناسب مع بشرتها البيضاء ليظهر مدى جمالها ورونقها الخاص وما جعل نيرانه تنبعث مشتعلة بجسده ذلك اللون الأحمر القاني الموضوع فوق شفتيها يبرز جمالها وملامحها الهادئة، تلك الفاتنة لم تكتفِ بذلك بل تركت خصلات شعرها السوداء تنسدل فوق ظهرها، كانت في هيئة خلابة ساحرة جميع الحديث لا يمكنه وصفها، عينيه تجول فوق كل أنش بها برهبة ملحة تدفعه للاقتراب لكن قبل أن يفعلها وجدها هي تقترب بخطوات حثيثة ذات مغزى متجهة نحوه أيعقل!! اتسعت عينيه بصدمة مندهشًا مما يراه شاعرًا أنه في حلم ولابد من الاستيقاظ منه وضعت يدها فوق صدره ونزعت قفطانه عنه كان مستسلم لما تفعله لكنه تمعن النظر لملامحها مصرحًا بإعجاب ساحر:
– ماشاء الله… تبارك الخالج كيف البدر في ليلة تمامه.
لم تنكر أن حديثه أثر بها كثيرًا وبكبريائها الأنثوى فاتسعت ابتسامتها لكنها حاولت أن تلملم شتات ذاتها وتحث ذاتها لإتمام ما فكرت فيه وذلك الحل الذي توصلت إليه، تسارعت دقات قلبها بعنف كاد أن يتوقف لكنها تحاول بأقصى جهدها الضغط عليه لاستكمال ما بدأته بعد تفكير عميق، فأردفت بدلال أثنوى ماكر بعدما وضعت يدها فوق صدره الذي يعلو ويهبط يظهر مدى تأثره بها:
– أ…أني واجفة جدامك بجولك أني موافجة تكمل چوازنا اللي كان لازمن يكمل من اول يوم.
سيطرت الصدمة عليه وبدت على ملامح وجهه هي مَن تطلب منه!؟ كيف ولماذا؟! فهي كانت تهرب دومًا من قربه والخوف يصيب قلبها يجعله يهوى ويتوقف عندما يقترب منها والآن هي مَن تطلب منه الإقتراب؟ تطلب الإقتراب وأعدت ذاتها له فمَن يستطيع الابتعاد عنها وهي بتلك الهيئة الخلابة الساحرة..
سألها متشككًا وهو يطالعها برغبة شديدة وكل ما تفعله يدفعه لفعلها حقًا:
– إنتي متوكده يا عهد من اللي عتجوليه.
لم تنكر خوفها الذي ازداد بعد حديثه شاعرة أنها ستدلف حرب بعد موافقتها، خوفها يزداد عن كل مرة لكنها تحاول تهدئة ذاتها تشبتت بجلبابه بقوة وداخلها رهبة كبيرة تدفعها للركض بعيدًا عنه تحرك رأسها نافية، كل شيء يخبره أنها ليست جاهزة عدا حديثها الذي تفوهت به مؤكدة:
– ايـ… ايوه متوكده وچاهزة كُمان لچل ما نتممُ الچوازة.
رمقها متعجبًا من هيئتها لا يعلم ما الذي يجبرها لذلك الحديث وما سبب الخوف المتواجد بداخلها لكن قبل أن يتفوه بشئ واحد وجدها تفصح هي عن السبب بجدية وهي ترمقه بنظرات يملأها الحزن:
– دلوك هنتمم چوازنا وأني وافجت بس جصاد ديه هتنفذ أنت سبب چوازي منيك وإكده يُبجى خلصنا.
أنثى ماكرة تفعل كل شئ لأجل مَن أحبت، لا يعلم ماذا فعل شقيقه ليحظى بذلك الحب، تفعل كل شيء لأجله متناسية ذاتها ومشاعرها، وافقت على تلك الزيجة لأجله والآن تتنازل عن ذاتها لأجله ايضًا، كان يتمنى أن يحظى على ذلك الحب هو أو جزء منه بدلًا من نظرتها الخاطئة له..
اندلع الغضب بداخله وظهر فوق ملامحه وجسده حيث برزت عروقه بغضب عارم لكنه لن يدع مخططها الماكر ينتصر، لأول مرة يرى مكر بنات حواء عندما تحب بصدق، كان يعلم أنها ليست ضعيفة قادرة على تحديه والوقوف أمام النيران المنبعثة لكنه لأول مرة يعلم أنها ماكرة إلى هذا الحد، ليتها تفعل ذلك لأجلها بل تفعل ذلك لأجل حسن شقيقه والذي لازالت تحمل مشاعر هاوية له..
رأت نظراته الغاضبة المتوعدة لها فهمت بالإبتعاد لكنه كان الأسرع واضعًا يده حول خصرها ضاغطًا فوقه بقوة فامتعضت ملامح وجهها متألمة وتعالت همهمتها الخافتة وهي تحاول دفعه بعيد عنها لتخبره أنها انسحبت وتراجعت في تلك الفكرة الحمقاء التي اتخذتها دون وعي متسرعة عندما ألغت عقلها وتركت لقلبها زمام الأمور فسقطت في ذلك الخطأ لكن عقلها قد عاد الآن تفكر في طريقة للتراجع والإبتعاد عنه، لكن قبل أن تفعلها وجدته يهمس داخل أذنيها بنبرة مثيرة:
– ماشي هجرب كيف مانتي رايدة يا عهد.
ارتعشت بين يديه وسارت قشعريرة في كامل جسدها بين يديه فأغمضت عينيها باستسلام تام تاركة ذاتها له ليفعل بها ما يريد، لكنها سرعان ما فتحت عينيها على وسعهما عندما شعرت بشفتيه فوق خاصتها في قبلة نهمة بث فيها جميع مشاعره المهتاجة، كانت تشعر بالإختناق بسببه تحاول الإبتعاد عنه، تضربه بقبضة يدها في صدره لكنه لم يبتعد ولم يهتز بل باءت محاولاتها بالفشل بينما هو ازدادت قبلاته قسوة كأنه يريد ان يجعلها تندم، سارت قبلاته نحو عنقها بقسوة جعلتها ترتعش في حالة يرثى لها ترجوه بنبرة خافتة:
– أحب على يدّك يا عمران بعد عني بلاش تبجى جاسي إكده.
اعتلى وجهه ابتسامة ساخرة وتوقف عن تقبيلها ليجيبها بتهكم شامتًا لضعفها وحالتها التي تحولت تمامًا وكأنها فتاة أخرى ليست مثلما وجدها:
– كنك رچعتي في حديتك إياك؟
أغمضت عينيها الباكية بقوة وتمتمت بخفوت متراجعة من تلك المعركة:
– ايوه ايوه رچعت في حديتي خلاص هملني.
رمقها بنظرات يملأها الغضب والمكر تلك المرة منه هو ثم عاد يقبلها مرة أخرى بقسوة والغضب يعميه:
– أنى بجى مموافجش أنك ترچعي هجرب منيكي واتمم چوازنا كيف ما جولتي بزيادانا إكده متجلعة على ايه وأنتي مرتي ودِه حجي.
ازداد نحيبها عاليًا لكنه لم يبالِ بل دفعها للأمام ولازالت قبلاته مستمرة لينتهي بها الحال هو يدفعها فوق الفراش ونظراته يملأها المكر والغضب كأنه سيقتلها وتلك المرة لم يرَ ذاته مخطئ مثلما فعل من قبل بل هي مَن طالبت وهو سينفذ لينال حقه منها بطريقة بشعة لم تتخيلها ولم تستطع نسيانها تحت صرخاتها التي اعتلت تشق جدران الغرفة والمنزل بالكامل لتعلم أن عمران الجبالي مثلما هو ذلك القاسي الجامد الذي لا يشعر بأحد سوى ذاته ولن يلبي سوى رغباته، هي مَن اخطأت عندما كانت تفكر أن نظرتها به غير صائبة، لكن ما يفعله بها الآن سيظل محفور في عقلها إلى نهاية عمرها شاعرة أن روحها تنسحب من جسدها وذاك القاسي لم يهتم غير عابئ سوى بتكملة ما يفعله واضعًا علامات ملكيته فوق كل أنشٍ بها لينتهي بها الحال جثة هامدة دون روح فقد سلب منها كل ما يميزها منتهزًا سلطته الجبارة..
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران نجع الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى