رواية نيران الغجرية الفصل السادس 6 بقلم فاطمة أحمد
رواية نيران الغجرية الجزء السادس
رواية نيران الغجرية البارت السادس
رواية نيران الغجرية الحلقة السادسة
كشف السر.
_______________
زفر عمار بعنف غير متجاهل إرتجاف جسده و شعوره بإنسحاب الدماء منه ، ذلك الكابوس المرعب عاد له مجددا ليذكره بما عاشه في يوم من الأيام ، ذكرياته الموحشة انتهكت نومه بقسوة و جعلته عاجزا عن فعل شيء ، السر الذي أخفاه طوال هذه السنين و هو يعد من أكبر الأسباب المؤدية الى تعرضه الى نوبات ها هو قد رآه مجددا ، أمه وهي تخون والده الذي يعشقها مع رجل غامض و تستغله كوسيلة لمبتغياتها الرخيصة ثم تجبره على الصمت و تهدده بحرق لسانه اذا نطق بشيء …. صوت والدته وهي تضحك مع عشيقها تصل له و تتجسد في صورة حية يراها أمامه !!
غطى عمار أذناه فإزداد الطنين ، كما لو أن سربا من الدبابير إجتاح رأسه من الداخل كما إجتاحته تلك الخيالات الضبابية المؤقتة !
أغمض عيناه يتأوه بكتوم محاولا عدم اللجوء الى الأدوية فهو إستهلك كثيرا منها في آخر فترة و يخشى ان يصاب بأعراض جانبية إذا أخذها الآن ، انحنى على مسند الشرفة يتنفس بعنف هامسا :
– ده حلم مش حقيقة و كل حاجة عدت مبقتش موجودة …. اهدا …. اهدا … اهدا …
ظل عمار دقائق وهو منحني يضم رأسه بين يديه محاولا ضبط أنفاسه و إسترجاع ذاته التي إهتزت بشكل عظيم حتى بدأ يستعيد هدوءه شيئا فشيئا و عاد الجمود يكتسح ملامحه ، رفع رأسه يسحب الهواء لرئتيه بعمق و زفره بخنق من هذا الموضوع بأكمله …
ثم أخذ علبة سجائره الفاخرة يدخنها واحدة تلوى الأخرى بشراهة ثم يتابع الدخان الذي ينفثه وهو يسبح في الهواء بحرية.
لماذا الآن ؟ مرت أشهر لم ير فيها ذلك الحلم المزعج و اعتقد أنه نساه لكنه عاد و الواضح أنه لن يتركه ، استدار عمار خلفه يطالع مريم النائمة وهو يتذكر ما حدث ليلة البارحة عندما جاء إليها مبتسما و عاش معها لحظات جميلة ثم قرر نزع كاميرات المراقبة و عدم متابعة مكالماتها مجددا لأنه قرر الوثوق بها و نام بعدها وهو يحتضنها ….. بعد ليلة رآها أنها أكثر من مجرد رغبة …. لينام و يستيقظ على نفس الكابوس …. كابوس يرى فيه أمه وهي تخون والده !
كانت هذه إشارة واضحة تحذره من ما كاد يفعله فعاد لصوابه و أعاد كل شيء كما كان بل و زود المراقبة عليها دون أن تدري !
ابتسم بسخرية مريرة و شتم نفسه على حماقته فكيف يفكر أن يثق بها بعد ما حدث معه …. كيف يثق بإمرأة رفضت الزواج به أولا ثم وافقت عندما ضاعف المبلغ ، لا يمكن الوثوق في النساء و بالتأكيد هي كانت ستخونه أيضا لو لم يقيدها بقواعده و ربما كانت ستفعل تلك المرة عندما خرجت دون إذنه و رآها تستند على ذراع رجل مرتبط و تظهر له مفاتنها بأريحية …. سحقا.
عبث عمار بشعره و بقي يدخن حتى أنهى العلبة و ذهب يجلس على طرف سريره ، دلك عنقه بيده و عبث بهاتفه قليلا حتى شعر بها تحتضنه من الخلف واضعة يديها على صدره هامسة :
– صباح الخير.
بدى جامدا وهو يرد عليها بنبرة خالية من المشاعر :
– صباح النور.
أزاحها و نظر لشكلها وهي ترتدي قميص نوم أسود يلائم بشرتها الناعمة و شعرها الغجري المنسدل بحرية على ظهرها و عيناها السوداوتان تتطلع إليه بشغف ، كادت تقبل وجنته لكنه انتفض مبتعدا عنها :
– طولتي في النوم المرة ديه.
انحرجت مريم من تصرفه و تلعثمت لتنقذ موقفها :
– ها ااا اصل كنت تعبانة شويا و محستش على نفسي …. بس انت صاحي من بدري ليه ؟
– ايه اللي عرفك امتى صحيت ؟
ابتسمت تجيبه بثقة :
– ريحة السجاير طالعة منك اوي و عشان انت متعود تدخن ساعة الفجر عرفت انك صحيت بدري و كنت قاعد في البلكونة مع سجايرك.
همهم بشرود متجاهلا الاجابة ثم دلف للحمام و بعد ساعة كانت مريم تقفل أزرار قميصه هاتفة بحزن :
– الأسبوع ده خلص بسرعة كده ليه انا محستش بيه خالص.
رفعت رأسها له بدموع :
– انت هتمشي و يمكن مرجعش اشوفك من هنا لشهرين.
داعب عمار وجنتها و ابتسم لها بإقتضاب :
– هحاول مطولش و هتصل اطمن عليكي ولو احتجتي لأي حاجة ابعتي ميسيج بس مترنيش عليا ماشي.
– حاضر …. ممكن سؤال هو انت بجد مش زعلان مني عشان طلعت من اسبوع من غير ما اقولك.
تأفف عمار عند حضور تلك الذكرى المقيتة :
– خلاص انسي بلاش نفتكر.
اومأت مريم بلهفة ثم استطردت فجأة :
– صحيح انت رجعت خدت الجاكيت ؟
عقد حاجبيه بتساؤل :
– جاكيت ؟
عضت على شفتها بغيظ :
– جاكيت الجلد اللي انا جبتهالك هدية و لقيتك ملبسها لبنت عمك ندى.
– مفيش داعي اخده منها اساسا لما روحت ع القصر اليوم اللي بعده لقيت الجاكيت في اوضتي ندى رجعتها مباشرة بعد ما وصلتها …. يلا انا ماشي دلوقتي خدي بالك من نفسك.
تحرك ليذهب لكنها فاجأته عندما التصقت به و رفعت نفسها قليلا لتطبع قبلة صغيرة أسفل شفتيه ، اتسعت عيناه بذهول بينما ابتعدت هي بخجل فلم يجد بُدّا من تقبيل وجنتها ثم الذهاب مباشرة ، ظلت مريم تتطلع الى أثره و تبتسم وهي تتحسس مكان قبلته ثم تجهمت فجأة عند تذكرها حبوب منع الحمل و تأففت :
– يا ربي ديه تالت مرة انسى اخد من البرشام ايه اللي بيحصلي الأيام ديه بس.
________________________
في مساء نفس اليوم.
خرج عمار من حمام غرفته في القصر يجفف وجهه بعدما اغتسل و ارتدى بنطال منزلي و فانلة رياضية سوداء ، وجد ندى جالسة على سريره تنتظره و عندما رأته قفزت عليه تحتضنه :
– Oh my cousin I miss you So much.
ابتسم و بادلها العناق :
– وانتي كمان وحشتيني اوي White Cotton.
ضحكت ندى و وضعت يدها على صدره ترمش جفنيها بدلال :
– انا مش قطن أبيض بس انا فراشة كمان.
صمتت قليلا و استطردت :
– You Know انا زعلانة منك معقول تغيب عننا أسبوع و متسألش علينا و اول مرة في حياتك مبتردش على اتصالاتي انت كنت فين.
تنحنح عمار و اتجه الى المرآة يعدل شعره مغمغما :
– مش مهم تعرفي كنت فين المهم اني رجعت.
همهمت تتذكر عندما رأته يعنف تلك الفتاة و يصرخ عليها ثم قبلها لتتنهد بوجوم هل قضى أسبوعا كاملا مع حبيبته ؟ لكن ما تعرفه هي عن عمار أنه ليس من هواة إقامة العلاقات مع النساء خارج إطار الزواج كيف مالذي حدث له إذا و كيف إستطاعت المرأة ذات الشعر المموج أن تسحره بهذه الطريقة.
هزت رأسها تنفث تلك الأفكار منها و حدثت نفسها …. ربما علاقته مع حبيبته لم تتعدى القبلات و المكالمات على الهاتف ليس من الصحيح التفكير في إبن عمها بهذه الطريقة ، بللت شفتيها و نظرت له مازحة :
– صحيح انا نسيت طنط سعاد بعتتني عشان اقولك تجي تتعشا معانا و عملتلك اللي بتحبه.
توقف عمار عما كان يفعله و شرد في جملة مريم التي قالتها ذلك اليوم وهي تعد أصنافا كثيرة من الطعام ” عملتلك كل الأكل اللي بتحبه ” ، لماذا يشعر الآن بالغربة في هذا القصر و كأن مكانه الحقيقي معها في تلك الشقة الهادئة ، و لماذا يشعر لأول مرة أنه إشتاق إليها !!
التف الى ندى و قال :
– انزلي انتي وانا شويا و هلحقك …. ولا أقولك روحي لأوضة تيتا و شوفيها اذا كانت نايمة ولا صاحية لأني عايز اروحلها.
– حاضر.
غادرت تركض بينما جلس هو على سريره فتح هاتفه يتأمل رقمها و فكر بالإتصال ثم تراجع هامسا :
– انت لسه شايفها الصبح لحقت توحشك يعني مريم هتقول عليك ايه دلوقتي لما تلاقيك متصل عليها.
تأفف عمار بسخط و فجأة تذكر أنه إلتقط لها صورا وهي نائمة في صباح ليلة شجارهما ، تردد قليلا لكنه حسم أمره و دخل الى معرض الصور يتأملها …. نائمة بعمق على فراشهما تغطي نصفها العلوي بالملاءة البيضاء و شعرها الغجري يفترش الوسادة و كتفيها العاريتين.
إبتسم و بقي يقلب الصور حتى فتح باب الغرفة بقوة و ظهرت ندى وهي تصرخ بفزع :
– الحق يا عمار تيتا تعبانة اوي و مش قادرة تتنفس و انا مش لاقية الجهاز بتاع الربو بتاعها !!
انتفض بهلع و نهض ملقيا هاتفه على السرير و ركض للخارج معها و في ذلك كان افراد العائلة استمعوا لصراخها و اندفعوا يريدون معرفة ما يجري ، و عندما كانت فريال أم ندى تمر على غرفة عمار ألقت نظرة عليها و انتبهت الى وجود هاتفه.
و بفضول أخرق دخلت تنوي التطفل على خصوصياته فربما يتستطيع فتحه و معرفة ما به لكنها اندهشت عندما رأته مفتوح و كان عمار قد نسي إطفاءه في لحظة خروجه.
حملت فريال الهاتف بسرعة تضغط عليه حينما كاد ينطفئ مبتسمة بظفر و سرعان ما زالت إبتسامتها عند رؤيتها لتلك الصور الحميمية لفتاة تنام عارية إلا من ملاءة تغطيها ….
فغرت فاهها بذهول و صدمة غير مصدقة ما تراه عيناها و تطلعت الى تاريخ الصورة و كان نفس يوم غياب عمار عن القصر ….. اذا حقا هو قضي الأسبوع مع عشيقته التي رأتها ندى معه في المطعم …. عمار لديه حبيبه و يقيم علاقة من هذا النوع معها !!!!
____________________
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)