روايات

رواية نيران الغجرية الفصل السادس والأربعون 46 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل السادس والأربعون 46 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الجزء السادس والأربعون

رواية نيران الغجرية البارت السادس والأربعون

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة السادسة والأربعون

شريك السفر.
_________________
” الحب الحقيقي…
هو ذلك الذي لا تستطيع معه أن تتجاوز الشخص الذي أحببته … حتى لو التقيت بشخص آخر بعده …
أكثر منه جمالا … و جاهاً … و مالا … ولباقة ومعرفة !
الحب في الشتاء ( معطف ) ، و في الصيف ( مطر ) “

فتح لها السائق باب السيارة فنزلت منها بأناقة و خطت نحو المطعم الفاخر الذي اتفقا على اللقاء فيه و بمجرد أن رآها قام من مكانه و أزاح لها الكرسي بلباقة ف ابتسمت له ندى متمتمة :
– Thanks.

جلس يوسف مقابلا لها و سألها عما تريد تناوله و بعد أخذ الطلبات نظر لها و استفهم :
– اتفاجأت جدا لما طلبتي تكلميني خير يا ندى انتي كويسة ؟

تنهدت و ردت عليه بينما تزيح شعرها الى الخلف متمتمة :
– الصراحة انا كنت متضايقة اوي و ملقتش حد احكيله غيرك لان الناس اللي كنت بحكيلها مبقاش ينفع تسمع اسراري … و بما ان سبق و اتكلمنا مع بعض فكرت انك الوحيد لللي هتفهمني.

ابتسم لها الأخير مشيرا لها بالتحدث لتعبس ندى قائلة :
– أختي منال رجعت سافرت النهارده و تقريبا مش هرجع اشوفها الا بعد سنة و زيادة.

طالعها يوسف بتعاطف فأكملت :
– الصراحة انا في فترة وجودها كنت مطمنة شويا خاصة انها اكتر واحدة بتفهمني مع انها احيانا بتقسى عليا … بس هي دلوقتي مشيت و انا رجعت وحيدة تاني …

– Don’t say that … انتي مش وحيدة في كتير ناس حواليكي و مستعدة تكون معاكي و تسمعك.
هتف بلطف لتهز ندى رأسها و تشرح وجهة نظرها :
– صحيح في كتير ناس حواليا بس مش كلهم ينفع اشكيلهم همي.
انا في فترة من الفترات و بسبب اللي حصلي يوم فرحي اتعرضت لسخرية كبيرة و بقيت اشوف نظرات الشماتة في عيون الناس اللي كانت بتتمنى تعيش يوم واحد بس من حياتي ساعتها عرفت ان دول مينفعوش يبقو صحابي.
و الوحيد اللي كنت بطمنله بعد اختي هو عمار و طبعا علاقتي انا وهو مستحيل ترجع زي الأول.

ضغطت على أصابعها بحدة تعبث بها كي تتخلص من التوتر و شيئا فشيئا وجدت نفسها تبوح بما بداخلها فاِنطلقت دفعة واحدة :
– انا بحاول انساه و مفتكروش ابدا بس مش قادرة … انت فاكر المرة الي فاتت لما اتكلمنا سوا و قولتلك اني هحاول مفكرش في عمار ؟
مقدرتش اعمل كده مع الاسف لاني كل مرة بفتكر الفضيحة اللي حصلتلي و ازاي انه شغال مع مراته بعد كل عمايلها ببقى حاسة اني الوحيدة اللي بتعذب و هما مكملين حياتهم عادي يعني ولا كأن مريم غلطت في حقي.

صمت يوسف قليلا يدرس كلامها ثم هتف :
– عايزة الصراحة ؟ انا شايف ان مشاعرك اتجاه عمار مش حب.
– ايه ؟
– شايف انك متعلقة بعمار كصديق مش اكتر و الدليل انك كنتي لحد من سنة بس معتبراه ابن عمك اللي بيشاركك افكارك و يعمل اللي تحببه لغاية ما بدأت الناس تتكلم عليكم و ع قد ايه انتو لايقين ببعض ساعتها انتي بدأتي تنجذبي لفكرة ارتباطك بالشاب الوسيم و الكاريزما اللي بيعتبرك اقرب واحدة ليه.
اعتبرتيه الكارت اللي بيرفع من قيمتك اكتر في مجتمعك انا مش بقولك انك حبيتي تستغليه بس فنفس الوقت شوفتيه راجل بيليق ببنت عيلة البحيري حتى انك استخسرتيه في مريم اللي جاية من الغجر عشان هي اقل منك بكتير.

طالعته بدهشة و بدى النكران جليا على وجهها فكادت تنفي ما يقوله إلا أنه سبقها :
– خلينا نفترض انك حبيتي عمار بجد و مشاعرك ناحيته حقيقية مش مجرد تعلق و اعجاب … هل انتي كنتي مستعدة تعيشي معاه في صورة غير اللي رسمهالك لما كمتي صديقته يعني مثلا في اوقات حزنه و هدوءه و غضبه و تعبه و في الاوقات اللي ميبقاش ليه مزاج يفسحك و تتحملي معاه مسؤولية بيت وولاد و تكوني شريكة حياته.

– طبعا كنت هقف معاه في وقت حزنه و تعبه لانه ابن عمي و صديقي.
أجابته سريعا لتجده يبتسم و يسألها مجددا :
– و كزوجة ؟

علقت الحروف في حلقها و توقف تركيزها عند كلمة ” زوجة ” فلم تستطع الرد هذه المرة ، ليس لأنها توافق على كلامه او تنكره.
بل لأنها من الأساس لم تفكر بهذه الطريقة سابقا أو حتى تتخيل عمار بالصورة التي رسمها لها يوسف ، زوجة و أولاد و مسؤولية منزل ؟
حسنا هي لم تتخيل نفسها سوى كحبيبة تقضي معه وقتا ممتعا و تحضر معه الحفلات و تذهب معه في رحلات سياحية ثم تلتقط الصور لهما فتسمع كلمات الثناء من متابعيها …

و ادركت ندى في هذه اللحظة بالذات أنها لم تكن مستعدة لأن تصبح زوجة تتحمل مسؤولية علاقة بهذا الحجم بل على العكس كانت تنتظر من عمار أن يفعل هذا و تكون هي الطرف المستقبل !
فرمشت عيناها بصدمة هامسة :
– انا … انا مكنتش يعني …

هز يوسف رأسه بتفهم و أمسك كف يدها موضحا :
– انا مبقولش ان مشاعرك ناحية عمار كدبة ولا بقولك كويس انكم متجوزتوش … بس هكرر اللي قولتهولك المرة اللي فاتت.
انتي لازم تعيشي true love مع راجل قلبك نبض ليه بجد مش عشان والدتك او والدك و اختك شايفينه مناسب و بيليق بيكي ، لما تجي ترتبطي بواحد فكري لو انتي مستعدة تعيشي معاه ع الحلوة و المرة و يكون ليكي الأمان تعرفي ليه ؟

هزت رأسها بحيرة تنفي معرفتها للجواب ليرد عليها يوسف بصدق بينما يمد لها كأس العصير الذي تحبه :
– لان واحدة بطيبة قلبك رغم انها ممكن ترتكب غلطات بس تستاهل تعيش علشان نفسها مش عشان تقضي حياتها وهي بترضي غيرها على حساب نفسها.

تأملته ندى بشرود وهي تتنعم بكل كلمة يلقيها عليها و يصقل بها عاطفتها التي تشوهت ، و ابتسمت بينما تدلك عنقها و تهمس بصوتها الناعم :
– انت ازاي قادر تبقى راجل perfect للدرجة ديه محظوظة البنت اللي هترتبط بيها.

ضحك و هز كتفه ساخرا من نفسه :
– متشكر اوي بس Unfortunately ، انا قلبي اختار واحدة غلط و مستحيل يبقالي مستقبل معاها.

رفعت حاجباها ترمقه بخضراوتيها قبل ان تتكلم بهمس وكأنها على وشك قول سر خطير :
– مش قولتلك احنا اتشاركنا نفس القدر … تقريبا في glitch في قلوبنا عشان كده مش عارفين نختار صح.

غمزته مع انهاء جملتها ليقهقه الأخير بيأس من حالته الكئيبة ثم شرع يتناول طعامه برفقتها وسط ضحكات صادرة باِستمرار من كليهما حتى مر الوقت سريعا بدون أن يشعرا …
__________________
في اليوم التالي.
وقف في الشرفة الضخمة التابعة لمكتبه في الشركة وهو يتأمل الدخان الذي تكاثف بفعل سيجارته و عقله شارد في أمور عديدة…
بداية من سليم الذي بدأ يتتبعه منذ أيام ولكن لم يظهر عليه شيء يدل على قيامه بخيانته او التعاون مع أحد آخر ضده.
وهو حقا لا يعلم ان كان هذا يعني بأن سليم رجل وفي أم ان الشخص الذي يتعاون معه ذكي لدرجة تمكنه من معرفة نمط تفكيره و تصرفاته فاِتخذ التدابير الازمة من اجل ابعاد الشكوك عنه.

ثم مريم التي تتلاعب به حسب مزاجها فتبدو أحيانا لينة معه و احيانا اخرى تهاجمه بدون سبب ، لا يزال يتتبع أثرها لمعرفة دوافع هروبها و استعان بصديقه وائل الذي أخبره بأنه وصل لأشياء سيتأكد منها أولا ثم ينقلها له.
و لا يعلم عمار لماذا يشعر و كأن السبب الذي يجعلها تكرهه خاص بآخر فترة عاشاها سويا !

افاق من شروده على قدوم مساعدته سلمى وهي تتقدم منه حاملة معها بعض الأوراق لتقول :
– اسفة على ازعاجك يا عمار بيه بس في ورق محتاج امضا حضرتك.

هز رأسه وقرأ المضمون بسطحية لييردد بجدية بينما يوقع :
– بعتي الايميل للعملاء الايطاليين.

ردت عليه بعملية :
– ايوة يا فندم و وافقو عليه و حليت كمان موضوع القرض مع البنك بنقدر نبدأ بتنفيذ المشروع دلوقتي.

أماء برضا و اثنى عليه مبتسما :
– مجهوداتك عجباني اوي في اخر فترة مبسوط لان عندي Assistant secretary زيك اتمنى تستمري بنفس الطريقة.

ابتسمت سلمى باِحترام معلقة :
– العفو يا فندم ده واجبي … صحيح انا عرفت ان المتدربة مريم قدمت طلب اجازة 3 ايام عشان مناسبة عائلية بس اترفضت.

عقد عمار حاجباه باِستغراب تبدد عند تذكره بأنه علم بزواج ابن خالتها محمد عندما كان يبحث عن معلومات حوله اذا من المؤكد بأن مريم كانت تود الحضور ولكن تم رفض طلبها.
هز رأسه بعدم اهتمام و سألها :
– في حاجة تانية ؟
– لا حضرتك.
– تمام تقدري تمشي.

ظل عمار واقفا قليلا ثم عاد الى مكتبه وبعد لحظات دلف يوسف وجلس مقابلا له ليتناقشا بجدية حول امور العمل.
وبعد الانتهاء سأله الأخير :
– صحيح وليد فين انا مشوفتوش النهارده.

– خلص شغله وطلع بدري معرفش راح فين اساسا هو في اخر فترة بقى يخرج قبل ميعاد بنص ساعة … المهم هو انت عرفت ان مريم قدمت طلب اجازة ؟

همهم عمار بينما يطالع شاشة حاسوبه بتركيز :
– ايوة و اترفضت.

– احم … Honestly , انا رجعت فكرت تاني ووافقت.

توقف الأخير عما يفعله و عقد حاجباه معيدا كلامه :
– رجعت فكرت تاني ووافقت ؟ ممكن افهم انت وافقت ليه مع ان تبريرات الغياب لواحدة متدربة مش مناسبة ؟

أجابه يوسف بهدوء :
– انا فكرت ان مريم عملت مجهودات كبيرة في اخر فترة بالنسبة لواحدة متدربة و تعبت زي ماانت شوفت فقلت انها بتستحق تاخد اجازة.

ابتسم عمار بحدة وقبض على يده بينما يغمغم بنبرة حاول جعلها مناسبة قدر الإمكان :
– اولا مريم هانم بتعمل واجبها في فترة التربص بتاعتها عشان تبقى موظفة رسمية يعني ده مفيد ليها هي مش لينا احنا عشان نحس بالامتنان ناحيتها.
ثانيا هي تعبت و خدت يوم راحة اساسا يا يوسف.

شعر الأخير بأنه بالغ في اظهار الاهتمام و خاف من ان يكون عمار قد استطاع تفسير السبب فاِزدرد ريقه بينما يقول :
– يعني لما شوفتها مضايقة ..

قاطعه بثبات مزيف :
– كون مريم مضايقة او لا فديه حاجة بتخصني انا بما اني جوزها مفيش داعي تتعاطف معاها لان لو كل موظف او متدرب في الشركة اتساهلنا معاه لان عنده مشاكل شخصية مش هنخلص … انا مش عايز ادخل نفسي في شغلك بس اتمنى تاني مرة متعملش حاجة زي ديه انا عارف انك اتساهلت معاها لانها مرات صاحبك بس انا مطلبتش منك تعمل كده.
و ملكش دعوة بيها من هنا ورايح.

القى عليه آخر كلماته و رمى له ابتسامة تبدو للآخرين أنها لطيفة ، و لكن بالنسبة ليوسف الذي يعرفه منذ سنوات أدرك أنه كان يرسل له تحذيرات مشفرة !

__________________

بعد انتهاء دوام عملها كمُدرسة للغة الانجليزية في المدرسة الإعدادية غادرت بتعب ووقفت تنتظر مجيء أخيها ليقلها الى المنزل حتى لمحت تلك السيارة الرمادية الفاخرة على الجانب الثاني من الطريق.
فزفرت بحنق وهي تعلم هوية صاحبها مجددا ، ذلك المدعو وليد صديق عمار البحيري لا يكف عن ملاحقتها منذ اسبوع فبمجرد خروجها تجده واقفا بسيارته هناك في البداية شعرت بالخوف لكنه لم يقترب منها أبدا بل اكتفى بمراقبتها بنظراته الهادئة و احيانا يلقي عليها ابتسامات تجعلها تتضايق أكثر.

تمتمت هالة باِستغفار و تحركت ناحيته و عندما وجدها الآخر قادمة اليه ترجل ووقف أمامها مباشرة ، ليسمع توبيخها الذي رمته عليه بعصبية :
– يا استاذ ممكن افهم انت بتعمل ايه هنا و ليه دايما بلاقيك في وشي انت بتراقبني ولا ايه.

– لا انا …

قاطعته بحدة :
– بلاش تنكر و تكدبني انت فاكر نفسك بتعمل ايه بحركات الشوارع ديه اقسم بالله لو مبطلتش…

– اونكل وليد !
وصل لمسامعها صوت أنثوي رقيق تبعه ظهور تلميذتها في زيها المدرسي وهي تركض اليه محتضنة إياه ففتحت فاها مرددة بشرود :
– اونكل ؟

شهقت بإستوعاب ورفعت رأسها نحوه فوجدته يحتضن الطفلة الصغيرة وهو يطالعها بإستهجان أحرجها و جعل الحمرة تتسرب لوجنتيها ، ثم سمعته يقول :
– ديه لمار بنت اختي الشوفير بتاعها بقاله اسبوع تعبان فبقيت انا اللي استناها لحد ما تطلع عشان اروحها البيت.

عضت على شفتها من الداخل بخجل بالغ لتقول ” لمار ” بسعادة طفولية :
– Hello miss … حضرتك بتعرف الميس بتاعتنا يا اونكل !

رد عليها بلطف :
– ايوة يا حبيبتي كنت واقف بسألها عليكي … يلا ادخلي اقعدي جوا العربية عشان متتعبيش الجو برد هنا.

اومأت بموافقة و فعلت ما يقوله بعدما ودعت معلمتها بينما ظل وليد يحدج هالة بتطليعاته المستنكرة حتى قال :
– لحد امتى هتفضلي تهاجمي الناس كده من غير ماتفهمي ؟

أخفضت هالة عيناها و بررت بتقطع أبله :
– يعني عشان بقيت تظهرلي فجأة و تبصلي افتكرت انك …

قاطعها وليد بإحباط :
– اني بتحرش بيكي مثلا ، انتي شوفتي مني حاجة زي ديه من قبل علشان تشكي بالنوايا بتاعتي ؟ كل القصة اني كنت ببتسملك بمجاملة لاني بعرفك و سبق واتكلمنا اكتر من مرة بس مفكرتش في حاجة تانية.

مطت هالة شفتها بحنق لأنها وضعت نفسها في هذا الموقف المحرج و قررت انهاءه فهتفت باِستعجال :
– اوك انا اسفة على كلامي بس اي واحدة مكاني كانت هتفكر بنفس الطريقة و مستحيل تتوقع ان بنت اختك بتدرس هنا مثلا علشان كده انت غلطان كمان.

ضحك بيأس من تمسكها بعنادها و قال مسايرا اياها :
– عندك حق انا اسف يلا مع السلامة يا انسة هالة.
– مع السلامة.

ابتسم لها مجددا و غادر بينما ظلت هي تطالع أثره حتى زفرت بغضب وهي تتجه الى سيارة أخيها الذي وصل للتو :
– بتحطي نفسك في مواقف بايخة.

________________
في يوم الثلاثاء.
وقفت أمام مرآتها تضع اللمسات الأخيرة عليها ثم نظرت لنفسها وهي ترتدي تيشرت ابيض مع بنطال جينز باللون الأزرق و معطف أنيق بنفس اللون مع حذاء ذو كعب عال ، ربطت شعرها ذيل حصان و تركت بعض الخصلات منسدلة من الأمام ثم حملت حقيبتها متوسطة الحجم مع حقيبة يدها الصغيرة و غادرت الشقة لتركب سيارة الأجرة …

رن هاتفها فجأة وكان عمار فمطت شفتها و ردت عليه بمضض :
– ألو افندم.

– مكنتش ديه نبرة صوتك وانتي واقعة قدامي في الشركة من كام يوم.
وصلها صوته الساخر فزفرت مريم بينما يتابع :
– انتي ازاي تخرجي من الشقة من غير اذن مني نسيتي انك لسه متجوزاني و ليا حق اعرف انتي بتروحي ع فين ولا ايه.

همهمت و علقت عليه متهكمة :
– اعتقد مفيش داعي اعرفك لانك مش مقصر معايا من ناحية الحراس اللي مخليهم ورايا في كل خطوة و يا سيدي لو مش عاجبك طلقني.

ضحك عمار باِستفزاز و حاد بعينيه نحو الرسائل التي تصله من البنك مغمغما :
– اصل انا بعد ما وصلتني ميسيجات من البنك بتقولي انك سحبتي مبالغ كبيرة من حسابي افتكرت انك بتخططي تهربي من البلد ومش بعيد عليكي تعمليها.

كتمت مريم ابتسامتها الماكرة وهي تتذكر أنها تعمدت سحب اموالا ضخمة بواسطة بطاقات الائتمان التي سبق وأن اعطاها لها فاِبتاعت بها ثيابا و أحذية و اكسسوارات باهضة و كل ما اعتقدت انه سيلزمها ، و لهذا تمتمت بدهشة مصطنعة :
– معقول عمار البحيري شايف ان الفلوس اللي بيصرفها هو في اسبوع كتيرة ع الست اللي بيقول عليها مراتي مراتي طول الوقت !

تنهد باِرهاق من مراوغتها وهو يقود ليقول لها في النهاية :
– بطلي طولة اللسان ديه و اسمعيني … اول ما توصلي للاسكندرية قولي للشوفير يوقفك عند **** عشان هيجي حد من طرفي يوصلك لبيت خالتك.

تفاجأت مريم و استنكرت قوله هاتفة :
– مفيش داعي ابن خالتي انا هعرف اروح لوحدي وبعدين انا مش محتاجة ل اهتمامك المزيف اصلا لولا المستر يوسف انت كنت هترفض تديلي اجازة متجيش دلوقتي تعمل نفسك مهتم بيا.

أغمض عيناه لافظا بسُباب لم يصل لأسماعها ثم جز على أسنانه مغمغما :
– اسمعي الكلام ومتعنديش معايا يا مريم مش عيب تستخدمي عقلك شويا.

شهقت بذهول من اهانته و هاجمته على الهاتف بعصبية :
– انت بتقصد اني غبية !

لم يصل الا أذنيها سوى صوت انقطاع الخط فعضت على شفتيها بغيظ منه ورمت الهاتف داخل حقيبتها لاعنة وقاحته ، و بعد ساعات وصلت الى الموقف و نزلت منتظرة مجيء السائق الذي اخبرها عمار عنه وبعد دقائق لمحت سيارة مألوفة تقترب منها و دهشت عندما وجدته هو نفسه من يقودها !
– عمار !
تمتمت بغير تصديق فقال بعجرفة وهو ينزل زجاج نافذته :
– كنت عارف انك مش هتنزلي في المكان ده لو قولتلك هجي بنفسي ماهو عنادك بيشتغل بالعكس عشان كده انا كدبت عليكي … يلا اركبي.

رمقته وكأنها تقف أمام مريض عقلي غير مستوعبة بأنه قطع كل هذه المسافة من أجل أن يقلها لبيت خالتها ، و لكن عند التفكير بأنه قصد فعل ذلك ليتعرف على افراد عائلتها التي ساعدتها و تتسنى له الفرصة ليضرهم هلعت و رفضت بحدة :
– مش عايزة اركب معاك قولتلك هعرف اروح لوحدي !

بعناد أخرق سارت مريم تجر حقيبتها خلفها فتأفف عمار بنزق منها و تبعها بسيارته ببطء يراقبها وهي تبحث بعينيها عن تاكسي و تهمهم بكلمات لم يسمعها فضغط على بوق السيارة باِستمتاع لتنظر اليه الأخيرة بسخط وهو يبدو كالمنحرفين اللذين يلحقون بالفتيات في الشوارع الفارغة.
لتتوقف في منتصف الطريق و تردد بصوت عال :
– قولتلك انا مش هجي معاك هقف استنى تاكسي تعدي من هنا و اااه.

صرخت بهلع عندما مرت سيارة من جانبها على حين غرة و داست عجلاتها على بقعة مياه كبيرة ملوثة ليصيب بعض منها وجهها و ملابسها !
أغمضت عيناها وقد شلت الصدمة خلاياها بينما ترجل عمار ليرى ان كانت قد تأذت وعندما وجدها بخير انطلقت ضحكاته العالية تعم الوسط من شكلها و شعرها الذي تلوث ايضا فجزت على أسنانها و صاحت باِنفعال :
– انت بتضحك ليه يا قليل الادب كله بسببك.

ادمعت عيناه بفعل الضحك و تسربت كلمات من بين قهقهاته المستمرة :
– انا عمري ما فكرت … اتريق على حد في الحالة ديه بس لو تشوفي شكلك وانتي بتعندي معايا من شويا و شكلك دلوقتي … انتي جننتيني اقسم بالله.

زمت شفتيها بحنق متجاهلة نبضات قلبها التي تراقصت من رنات ضحكاته الخشنة ثم لفت وجهها للناحية الأخرى فحاول عمار السيطرة على نفسه و تنحنح يجلي صوته :
– بما انك اتبهدلتي ومحدش هيوصلك في حالتك ديه لانهم هيخافو منك … ممكن تتفضلي و تركبي في العربية لاني بجد هسيبك و امشي لو رفضتي المرة ديه.

فتحت فمها لترفض مجددا و لكنها رأت ملامحه جدية حقا هذه المرة و خافت أن يتركها و يذهب في هذا الوقت المتأخر لذلك ضربت قدمها في الأرض و اتجهت الى السيارة كي تركبها وتذهب معه لبيت خالتها ، بينما يراقب عمار حركاتها الخرقاء و يضحك بداخله لانه لم يتوقع يوما أن يستمتع بمجادلتها هكذا !!

_______________
ستوووب انتهى البارت
رايكم فيه ، تتوقعو علاقة ندى و يوسف ممكن توصل لفين ؟
يوسف هيفهم تحذيرات عمار و يبعد عن مريم ؟
ايه اللي هيحصل بعد ما يروح عمار مع مريم لبيت خالتها و يتعرف عليهم و هل ممكن يأذيهم ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى