روايات

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الجزء الثامن والخمسون

رواية نيران الغجرية البارت الثامن والخمسون

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة الثامنة والخمسون

جذور …
__________________
صمتت تلتقط أنفاسها التي سحبت منها بينما يطالعها هو بذهول لكنها لم تسمح له بالتكلم لأنها هدرت بقوة سائلة إياه مباشرة :
– مين ريماس ديه يا عمار و ليه بشوفك دايما بتتصل بيها كل لما تضايق !

ثوان مرت عليه لم يستطع استوعاب ما يحدث الآن بداية من هجوم مريم عليه نهاية بسؤالها عن ريماس … هل سمعته عندما كان يحدثها ليلة البارحة بعد ان عاش كابوسا رأى فيه والدته ثم و كأنه سمع صوت صراخ و تهديد تلاه سقوطه من مكان عالٍ.
لا يعلم كيف ولكن عمار أحس بأنه يحلم بشيء عاشه من قبل ولم يستطع لملمة خيوطه فنهض من فراشه و نظر الى مريم النائمة بحواره ثم غادر الغرفة و اتصل بريماس ليخبرها بأنه يشعر أن نوبة الهلع تعاوده مجددا بعد غياب طويل و يخاف أن يقوم الآن بفعل يؤذيه أو يؤذيها..

فهدأته الأخرى و أملت عليه بعض الخطوات التي يجب عليه القيام بها كي يستكين وفعلا هذا ما حدث بعد دقائق فشكرها و أغلق الخط ذاهبا الى الشرفة من أجل شرب سجائره و انقضت عليه باقي الليلة بنفس الشكل و اعتقد بأن مريم لم تنتبه لما حدث غير أن كلامها هذا يدل على أنها قد انتبهت للكثير من الأشياء منذ وقت طويل !
أغمض عمار عيناه يلعن إهماله ثم دلك عنقه مغمغما بهدوء :
– مريم انتي عارفة طبيعتي واني مبحبش اتكلم فحاجة تخص عيلتي علاقتي مع والدي مبتهمكيش و مش مجبر احكيلك عنها مادام الموضوع مش متعلق بيكي شخصيا.
ثانيا انا كنت نايم و بحلم عادي طبيعي اهلوس و اجيب سيرة اي حد حلمت بيه مش قصة يعني.

رمقته بغير اقتناع ولكنها تغاضت عن هذا الجزء لتسأله عن الأهم :
– ماشي و ريماس ديه مين.

زفر عمار بضجر و قضب حاجباه هاتفا :
– انتي بقيتي محققة و بتعملي معايا investigation ولا ايه نسيتي نفسك بتكلمي مين معقولة لسه واقفة عند قصص الخيانة و التهم الباطلة بتاعتك يا مريم ارجعي لوعيك لاني بدأت اتعصب.

– لا منسيتش بس شكلك انت اللي نسيت المشاكل اللي حصلت بيننا زمان بسبب تجاهلك لمشاعري و ديه مش اتهامات بس اعتقد بعد علاقتنا ما اتحسنت شويا بقى عندي حق اسأل الراجل اللي كان نايم جمبي و اقوله ليه روحت تكلم واحدة بنت اول ما صحيت و مين ديه اللي دايما بشوفك بتكلمها.
هدرت مريم بحدة هوجاء و طاقة مستنزفة محدقة بهذا الرجل الذي بدأ يعود لشخصيته البليدة مجددا ولكنها أقسمت على ألا تعود هي للماضي و تصبح تلك الفتاة التي تجلس في زاوية الغرفة باكية بقهر لأنها رأت زوجها يعانق امرأة أخرى غير ممتلكة الشجاعة الكافية التي تجعلها تسأله عن الصلة التي تجمعهما.

أما عمار فجز على أسنانه بعصبية وهو يرفض بداخله رفضا قاطعا على أن يخبرها بهوية طبيبته فتشدق بنبرة هادئة :
– ريماس ديه واحدة قريبتي و صديقة ليا و احنا كنا مقربين من بعض جدا يعني زي الاخوات تماما فاهماني … ثم أضاف كاذبا :
– وهي اتصلت عليا امبارح وكانت عايزاني فشغل مهم بس انا كنسلت لاني كنت معاكي وبعد ماقلقت بليل و صحيت قلت خليني اتصل عليها و اسألها هي عاوزة ايه.

لم يكن كل حديثه كذبا فريماس حقا اتصلت به البارحة ولكن من أجل أن تخبره بأنها ستكون مسافرة لبضعة أيام لذلك ستتأجل جلستهما وهو كان مع مريم فلم يرد عليها إلا بعدما أعاد هو الإتصال.
حدقت فيه مريم بشك و عدم اطمئنان ، و في النهاية اختارت تصديقه لأن ملامحه لا توحي بشيء سيء ألا أن هذا لم يمنعها من طرح السؤال مجددا :
– طيب شغل ايه اللي كانت عاوزاك فيه انا مسمعتش عن اسمها في الشركة من قبل هي زبونة ولا…

قاطعها عمار بصبر نافذ :
– خلاص بقى انتي مالك و مالها هنفضل نتكلم في الموضوع ده كتير خلينا في المهم … مثلا …

تغيرت نظراته فجأة و انخفض بصره يحدق فيها بطريقة مريبة فتوجست هي بينما يمرر الآخر اصبعه على طول ذراعها هامسا بنبرة متثاقلة :
– مثلا نتكلم ع القميص الاحمر اللي لبستيهولي ليلة امبارح و اقولك قد ايه بحب اللون ده و بشوفه لايق عليكي.

تسارعت خفقات قلبها البلهاء و تورد وجهها تأثرا بما قاله فحاولت انتشال نفسها من هذا الوضع ريثما تردد بعدم اكتراث مصطنع :
– بس انا ملبستوش علشانك مكنتش اعرف انك هتجي اصلا يعني لما شوفته ف الدولاب عجبني شكله و لبسته بس كده.
– لا والله يعني مثلا مسمعتنيش وانا بتصل بسعاد هانم و بقولها اني مش هجي للقصر الليلة ديه.
– لا خالص انت فاكر نفسك محور الكون ولا ايه.

رفع إحدى حاجبيه و شد على خصرها يجذبها نحوه محذرا :
– لسانك طول و بدأتي تعصبيني هقصهولك.

اندهشت من قربه منها و لفت رأسها بتلقائية تتأكد من عدم وجود أحد بالجوار ثم نظرت اليه متمتمة :
– انا مقلتش حاجة غلط عشان اخاف تقصهولي وبعدين انت مقرب مني كده ليه مش هزقتني من شويا لاني مكلمتكش برسمية في الشغل رجعت في كلامك ليه.

حينها ابتسم عمار بغرور هامسا بتلك النبرة التي تطيح بصوابها :
– انا شخصيا بعمل اللي عايزه هنا لاني المدير و الكل مجبر ينفذ أوامري حتى انتي لما اقولك قربي لازم تقربي.

لم تستطع مريم كتم ضحكتها التي خرجت منها بخفوت ثم رفعت يدها تمررها على طول عنقه و بداية صدره مرددة بإغراء :
– بس ده اسمه تحرش يا حضرة المدير وانا ممكن اشتكي على حضرتك.

– مادام وصلت للشكوى هنخلي الموضوع يستاهل بقى.
أنهى جملته بمكر و انحنى عليها يقبلها فأغمضت الأخرى عينيها تستقبل اندفاعه برحابة صدر و لفت يديها حول عنقه ليتعمق في قبلته و ينسيا الدنيا من حولهما ، حتى سمعا طرق الباب فاِبتعدت مريم سريعا و دخل بعدها عادل الذي وقف يطالعهما بجمود وقد اتضح من شكلهما ما كانا يفعلانه فتنفس بضيق مغمغما :
– جاي اسألك ع الميتينج اللي عملته مع ماري ووصلتو ل ايه.

تنحنح عمار محاولا ضبط توازنه ثم أجاب :
– قدرنا نتفق شروطها كانت معقولة و هي كمان وافقت على شروطنا و هنوقع العقد اللي بيننا قريبا … انا هبعتلك التفاصيل ع الايميل.

رمق مريم بطرف عينه بإزدراء ليردف بمضض :
– هيبقى احسن متتأخرش.

غادر عادل قاعة الاجتماعات وقد تملكه الحقد عليهما لأنه بعد كل ما فعل كي يفرقهما هاهما مع بعض مجددا مما يعني أن كل خططه التي رسمها في السابق حول مريم التي أراد تسييرها ضد عمار و جعلها تشتت انتباهه عن العمل لم تنفعه بشيء لأن هذا الأخير استطاع الاستيقاظ من غفلته سريعا و عاد ينجز أعماله على أكمل وجه مثلما كان يفعل في الماضي.
و لكن هذا لا يهمه بقدر ما يهتم لموضوع وصولهم الى الطبيب و سجنه لحسن الحظ أنه ذلك الأحمق لا يعلم شيئا و كذلك سليم ترك رسالة لعمار اعتذر فيها منه و قال فيها كلاما مليئا بالهراء لا بد أنه كان يدرك جيدا مدى خطورة سيده فلم يجازف بكشف الحقائق كي لا يضر أخاه الاصغر الذي تبقى له من عائلته …

_________________
مر أسبوع آخر وسط تحقيقات وائل و عمار و هاهو اليوم موعد خطوبة وليد و هالة …
وقفت أمام المرآة للمرة الخمسين تتأكد من مظهرها ثم تأملت نفسها وهي ترتدي فستانا أنيقا باللون الزهري ضيق من الأعلى و يتسع من بداية الخصر الى الأسفل بإتساع طفيف مع طرحة بيضاء طويلة و حذاء ذو كعب عال ، و رغم أنها لم تضع سوى بعض الكحل و ملمع شفاه خفيف لكنها كانت جميلة ببساطتها و احتشامها حتى أن مريم التي كانت بجانبها رمقتها بإعجاب متمتمة :
– طالعة قمر ماشاء الله عليكي.

التفت اليها متسائلة بتوتر :
– شكلي حلو بجد انتي متأكدة.

ابتسمت بعاطفة و تقدمت منها تحضنها :
– هتسحري الكل بجمالك و اولهم وليد … انا عارفة انك بتحسي بخوف احيانا و قلق من انك تعيدي نفس التجربة مع راجل مش مناسب ليكي لكن صدقيني وليد مفيش زيه.
– يعني ده رأيك.
– ايوة سماهم على وجوههم وهو باين عليه شاب كويس اينعم انا بحسه مبيطيقنيش بس مع ذلك مشوفتش منه حاجة وحشة اتجاه حد طول فترة شغلي معاهم انتي بس اهدي و متقارنيهوش بخطيبك السابق

انسلت هالة من حضنها و تحدثت عن مخاوفها بصدق :
– مش هكدب عليكي انا فعلا بفضل اقارن مابينهم و بوقف لوليد ع الواحده بس غصب عني خايفة احبه و يطلع كداب و عديم الشخصية زي الاولاني.

هدأتها مريم و بدأت بإعطاء بعض النصائح لها حتى دلفت والدتها و زوجة أخيها و رفيقاتها فإنشغلتا معهن و مر الوقت سريعا لتبدأ مراسم الخطبة.
حضر وليد و عمار مع بعض أفراد عائلتيهما و الأصدقاء المقربون فقط ليقف العريس بذهول مطالعا الملاك الرقيق الذي تقدم على استحياء تمشي بخطوات بطيئة ناحيته بإبتسامة رقيقة على محياها فتنهد شاكرا الله لأنه أطال عمره كي يعيش هذه اللحظة ، ثم همس بدون شعور منه :
– ديه قمر مش بني ادم طبيعي.

وكزه شقيقها أحمد الذي كان واقفا بجانبه و هتف بصوت خفيض :
– لم لسانك انا واقف هنا.

قلب وليد عيناه بملل فإبتسم عمار عليه و حدق في مريم التي كانت ترتدي فستانا مخمليا باللون البنفسجي الفاتح و صففت شعرها بعناية لتسدله على كتفها الأيسر مرفقة مع ثوبها إكسسوارات ثمينة و مساحيق حددت ملامحها …
مرر عليها نظره من أعلى لأسفل بدون أن يظهر عليه تعبير يوضح لمريم رأيه في إطلالتها فأرجحت الى أنه لم ينل إعجابه و لكنها أقنعت نفسها بأن هذا لا يهمها…

بدأت مراسم الخطوبة و ألبسا الخواتم لبعضهما البعض ثم قدم لها شبكتها التي كانت عبارة عن طقم كامل من الألماس فتعالت التصفيقات و الزغاريت من نساء العائلة وسط استهجان من ندى التي استنكرت شعبيتهن أما مريم فرغم سعادتها بصديقتها لم تستطع منع شعور الحرقة من التسلل الى قلبها لأنها كانت تتمنى ككل فتاة أن تقيم خطوبة و زفافا مع الرجل الذي تحبه ولا يهمها أمواله و هداياه كانت ستكتفي ببساطة الخاتم و الشبكة المهم أن يكون هو معها فتعلنه ملكها أمام الجميع …

ترقرقت عيناها بدموع التأثر محدقة في هزليات وليد وهو يمازح هالة التي داست على قدمه عندما انحنى عليها لكي يقبلها فضحكت و تمنت لهما السعادة لتلتق عيناها بخاصة ندى فجأة …
تجهمت ملامحها فأشاحت وجهها عنها متجاهلة إياها غير أن الأخرى اقتربت منها ووقفت أمامها هاتفة :
– مبروك ديه البيست بتاعتك صح.

همهمت بإيجاب فتابعت ندى :
– غريبة صح اننا متجمعين فمكان واحد بعد اللي حصل مابيننا … سوري بقصد بعد كل اللي انتي عملتيه فيا و فعيلتي.
– بصي انا …
– Don’t worry مش جاية اعاتبك انا طويت صفحة الماضي خلاص بس حابة اسألك … انتي وعمار رجعتو لبعض صح.

نظرت اليها مريم بتفاجؤ من سؤالها الذي جاءها على حين غرة و لكنها تمالكت نفسها متشدقة بمراوغة :
– مش قلتي انك طويتي صفحة الماضي يبقى بتسألي عننا ليه.
ثم استطردت موضحة :
– بصي يا ندى انا غلطت زمان اه و بعترف بغلطي و بعتذر منك مكنش ينفع استغلك عشان احقق مصلحتي ولا كان ينفع ابوظلك فرحك بس صدقيني اللي مريت انا بيه مكنش سهل خالص شفت حاجات مبتمناهاش لعدوي و الحاجات ديه خلتني مش عارفة افكر كويس و مخدتش بالي من توابع اللي بعمله انا مش ببررلك و بقاوح بس على الاقل تعرفي اني مشيت فطريق غلط بسبب حاجات وجعتني مش عشان اي سبب تاني…
ولو حابة اعتذرلك قدام الكل معنديش مشكلة خالص بس ياريت متدخليش فعلاقتي مع عمار لان ديه حاجة بتخصنا احنا الاتنين وبس.

ضغطت ندى على يدها و اشتعلت غيظا منها ، و كم أرادت صفعها في هذه اللحظة ولكنها لم ترد أن تفسد مظهرها فتظاهرت برحابة الصدر وهي تردف :
– طيب براحتك انا مجبرتكيش ع حاجة ومش عايزة منك اعتذار كفاية انك عرفتي غلطك و الصراحة جزء مني بيحاول يعذرك لان اي واحدة بتدخل حياة عمار بتتأذى سواء خدها بالعلن زيي او في السر زيك و زي غيرك … بس انا مش متأكدة اذا كانت ثقتك اللي باينة ع وشك ديه هتفضل كده لما ترجعي تتأذي منه ولا لأ.

عضت مريم على شفتها من الداخل ثم اقتربت منها ورفعت حاجبيها هامسة :
– ديه حاجة مبتهمكيش كفاية انك تاخدي بالك من نفسك ومن خطيبك خاصة ان صعب تلاقي راجل زي المستر يوسف انتي محظوظة لانك مرتبطة بيه.

حينها أخرجت ندى كلماتها الساخرة :
– مش عارفة اذا لازم اقولك ميرسي كلك ذوق ولا اقلق من انك تحطي عنيكي عليه زي ماحطيتيه على عمار معروف انكم انتو الناس من الطبقة المتوسطة بتستهدفو اصحاب ال rich class.
– انتي …

– مريم !
جاءها صوت عمار من خلفها فاِستدارت ليتضح له مدى انفعالها و غضبها بسبب شيء لا يعلم ماهيته ، و لكن عندما رمقته بعتاب غريب و غادرت لحق بها فورا أما ندى فرأت يوسف يقترب منها متسائلا بحذر :
– خير ايه اللي حصل !
– ولا حاجة.
– ايه ولا حاجة ديه اومال مريم خرجت وهي متعصبة كده ليه.
– خير انت خايف على مشاعرها ولا ايه.

اغتاظ يوسف من أسلوب كلامها فهمس منبها اياها :
– اتكلمي معايا كويس يا ندى انا شايفكم عمال تتكلمو بقالكم كتير و هي فجأة سابت المكان و مشيت … ايه اللي حصل و كنتي بتكلميها ف ايه.

لم يكن منزعجا من إثارتها للمشاكل في خطوبة صديقه بقدر ما كان منزعجا من فكرة أن ندى واجهت مريم بسبب عمار الذي أوهمت نفسها بأنها كانت تحبه.
فهو مثل أي رجل لن يتقبل أن تظل شريكة حياته تفكر في غيره حتى لو بالسوء ، و غيرته الآن سبب في ضيقه لذلك سحبها من خصرها و أخذها لمكان منعزل فتأففت ندى بنزق و أبعدت يده قائلة :
– في ايه يا يوسف مش فاضل غيرك اللي …

تأوهت على حين غرة حينما جذبها من ذراعها نحوه و احتد وجهه بتقاسيم مختلفة عن تلك الملامح السمحة التي كانت تراها عليه دائما ولم تكد تتكلم حتى عاجلها مغمغما بصلابة :
– ندى انتي عارفة بطبيعة جوازنا من الاول و مش هجبرك تتقبلي حاجة انتي مش عايزاها بس اوعى … اوعى خيالك يصورلك انك بتقدري تتكلمي عن اي راجل غيري وانتي مخطوبة ليا انتي فاهمة … ملكيش علاقة سواء بعمار او بمراته و التصرفات الوقحة اللي كانو بيسمحولك تعمليها من دلعهم ليكي تنسيها و اوعى ترجعي تكلميني بالنبرة ديه !
___________________
اندفعت خارج القاعة تتنفس بحدة و تشبع رئتيها بالهواء فجاء عمار من خلفها و أمسكها من ذراعها مغمغما بحدة :
– ايه اللي حصل ندى قالتلك ايه.
– مفيش حاجة.
– ازاي مفيش وانا شايف وشك اتقلب فجأة و بصيتيلي ولا كأني مرتكب جريمة ؟

وضع يده أسفل دقنها رافعا وجهها نحوه و تابع :
– هي ضايقتك في حاجة ؟
– هتصدقني يعني لو قلت اه هي ضايقتني و هتكدب بنت عمك اللي بتعزها اوي.
– متلعبيش بأعصابي و انطقي

مطت مريم شفتها ممتعضة وهي ترد عليه :
– اوك هي قالت كلام ملوش لازمة زي عوايدها و مهتمتش بس سألتني اذا رجعت علاقتنا انا وانت زي الاول بس مردتش عليها بس كده.

اكتفت بقول جزء من الحقيقة و تركت الجزء الآخر يداخلها لأنها لم تود أن تظهر بشكل المراهقة التي تسأل حبيبها عن ان كان لديه حبيبات غيرها أم لا ، خاصة أنه سبق وقد تهرب من الإجابة بخصوص المدعوة ريماس كما أن حديث رأفت في السابق اتضح أنه كذب اذا لماذا ستعكر صفوهما.
حدجها عمار بشك و أدرك أخيرا بأنها لا تريد الحديث عن هذا الموضوع فغيره قائلا بينما يتأمل هيأتها :
– تصدقي انك كنتي نجمة الحفلة … البنفسجي بيجنن عليكي.

في لحظات استطاع قلب ملامح وجهها للنقيض تماما فشاهدها وهي تقلب غضبها و انفعالها لسعادة و غرور متمتمة :
– بجد عجبتك … بس انت مكنش باين عليك كده وشك بارد و مبقدرش افسره.

ضحك بخفوت و هز رأسه مؤكدا :
– ايوة بس المهم انا بفكر ف ايه و الصراحة مقدرتش اشيل عينيا من عليكي حتى اني خدت بالي من شكلك لما لبس وليد الدبلة لصاحبتك ديه.

تجهم وجه مريم مرة ثانية وهذه المرة بحزن فملس عمار على خدها هامسا :
– انتي كنتي بتتمني تتعملك خطوبة زي ديه صح … انا حرمتك من ابسط حقوقك.

لمست فيه الندم و تأنيب الضمير فسارعت بالقول :
– وانا كنت موافقة يعني مجبرتنيش على حاجة وبعدين القصص ديه مش بتهمني يعني الاهم علاقتهم هتمشي ازاي بعد ما يعيشو في بيت واحد و اه على فكرة قول لصاحبك ده ياخد باله و ميزعلش هالة لانها اختي ومش هرضى انها تزعل ماشي.

قلب عيناه متهكما :
– قال يعني هالة غلبانة ماهي مفترية و اكتر واحدة بتعمل فتنة وانا بقول اني اتعلمتي من مين.

كتمت مريم ضحكتها و تظاهرت بالجدية :
– انت طبعا مبتحبهاش لانك كنت بتسمع هي بتحكي ايه عنك ساعة ما كنت بتتجسس عليا … بس تعرف هالة اللي وقفت معايا في الحلو و الوحش و مسابتنيش لحظة يعني قبل ما التقي بخالتي وولادها كانت هي الوحيدة اللي بتساندني و تخفف عليا.
ومن وقتها وانا بقول ان علاقة الدم مش أهم حاجة يعني صحيح الانسان دايما بيدور ع جذوره في عيلته اللي اتربى وسطيها و البيت اللي عاش فيه بس كمان مش شرط الجذور ديه تبقى متينة …

تابعت كلامها غير متيقظة لعمار الذي توقف عقله عند آخر جملة نطقت بها فهمهم بتنبه :
– انتي قولتي ايه.
– ايه !
– قولتي جذور … و البيت … اللي عاش فيه …

انقلبت أساريره و اندمجت أفكاره داخل عقله ببعضها البعض متصادمة بعنف حتى بزغت من نقطة بعيدة جملة ظلت في جزء من ذاكرته ….
“حضرتك ذكي جدا و بتقدر تكشف كل حاجة مش واضحة و كنت قولتلي مرة واحنا بنزرع شجرة في الحديقة أننا عشان ننجح في الزراعة لازم نهتم بالجذور كويس لأنها الأساس ولو عملناها بطريقة غلط النتيجة مش هتعجبنا و شبهت الجذور بالبيت اللي بيتربى فيه الطفل … كان عندك حق يا عمار بيه وانا عرفت أن مسيرنا نرجع للجذور اللي ياما هربنا منها .. “

نعم آخر فقرة من رسالة سليم والتي بقيت معلقة بباله لأنه شعر بأنها ترمي لشيء آخر غير ذلك الذي بدت عليه … يتذكر عمار جيدا ذلك اليوم عندما كان يزرع شجرة ليمون و أخبر سليم بهذا المكان …
و هنا انتفض عمار بصدمة دارسا كل الإحتمالات بنفس اللحظة …شجرة ليمون … جذور … و البيت القديم الذي ترعرع سليم فيه !!
___________________
ستووب انتهى البارت
رايكم بيه
رايكم بتصرف ندى وهل هتقدر تقلب مريم ضد عمار تاني ؟
ايه توقعاتكم لآخر مشهد و ياترى عمار وصل ل ايه

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى