روايات

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الجزء الثامن عشر

رواية نيران الغجرية البارت الثامن عشر

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة الثامنة عشر

تقارب بدافع الهلوسة.
___________________

” بئست ما إن يئستُ … أهلكتني الخيانة …
أهلَكْتني و أنت تنتظر عجزي …. ك سُمٍّ داخل خاتم سلطانة ! “

ما أكثر إيلاما من الهلاك هو معرفة الهالك بأنه كان يملك فرصة للنجاة ، فرصة سلبها أحدهم بأنانية ، أو خسرها هو بنفسه عندما لم يتمسك بها ….

قد تكون هذه المفارقات سببها أن الهالك يُعد من البشر
.. ينتظر يد العون من غيره فينصدم عند تخييب أمله و فشل فرصته و يبدأ بصب غضبه عليهم … ذلك لأن البشر يائسون … يائسون لدرجة أنهم دائما يبحثون عن شخص للومه على تعاستهم الخاصة … يائسون لدرجة البحث عن إجابة لسؤالهم ” ماذا لو ساعدوني لكي لا أخطي هذه الخطوة ” …

و الحقيقة أنه يجب قول ” كنت أستطيع النجاة لو لم أركض خلف سراب خادع “.
و هذا ما وقعت فيه مريم بالفعل ، لو تمسكت برفضها الزواج السري قبل سنتين ونصف لكانت نجت ، و لو فضحت إبن عمها المتحرش ولم تضطر للهروب من ناره للوقوع في نار أشد …
لو لم تتأثر بسحر عمار لكانت حرة الآن …. و لو لم تلهث خلف الأمان و تقع في حب قناع شهامته و تحضره ، و غزله و هداياه لكانت صانت قلبها عنه ولم يتألم بهذه القسوة !!

انتفضت مريم باكية مجددا وهي تتذكر ما حدث بينهما ليلة البارحة عندما قابل خبر حملها بالرفض و الصراخ و التهديد ، جزء منها يعاتبها لأنها لم تأخذ الإحتياطات الازمة التي تمنع حملها.
و جزء آخر يخبرها أن هذا كان مقدرا و سيحدث في كل الأحوال لذلك يجب أن تدافع عن صغيرها و تمنحه الحياة التي يستحقها بعد أن تترك حياة عمار نهائيا …

و في خضم حزنها و غضبها …. لم تنتبه مريم للحقد الذي تآكل داخل قلبها إتجاه من يسمى زوجها …. حقد أهوج و رغبة لذيذة في الإنتقام بدأت تتغلغل داخلها لكنها دفنت مؤقتا عند سيطرة الحزن على قلبها …. و ذلك الإتصال الهاتفي الذي جاءها على غفلة !!

_______________________

– و ادي نسخ الورق اللي محتاجلها اهه.
تحدث وليد وهو يضع ملفا يخص العمل على مكتب عمار ثم جلس على الكرسي الجلدي مقابلا إياه وهو يهتف ممتعضا :
– و على فكرة حضرتك نسيت تتواصل مع ال customers بتوعنا علشان تأكد الميعاد معاهم كويس اني عرفت و كلمتهم بدل منك و لميت الموضوع رغم ان في عميل منهم اشتكى.
عمار خد بالك أنك بقيت مهمل شغلك و مش مهتم بيه زي الأول.

دلك عمار صدغيه مهمهما بضيق :
– عارف بس مش هقدر أركز كتير الفترة ديه و بعدين أنا مجرد مدير تنفيذي مش صاحب الشركة يعني عشان اهتم بكل حاجة.

رفع وليد حاجببه بدهشة من صفاقته معلقا :
– مجرد مدير تنفيذي ؟ ليه محسسني انك مش عارف أهمية المنصب بتاعك و ان اعضاء مجلس الادارة كلهم بيسعو يلاقو فرصة تغلط فيها عشان ياخدو مكانك !
لا انت أكيد في حاجة مضايقاك علشان كده بتقول كلام ملوش لازمة في ايه.

كان كاهله مثقلا و طاقته لا تكفي للحديث و المناقشة الآن فأنكر حقيقة وجود ما يضايقه لكن وليد أصر عليه بجدية :
– عمار انا عارفك كويس صحيح انت أغلب الأحيان بتبقى هادي و بارد بس أنا بعرف افرق كويس بين هدوءك و زعلك من حاجة ….. و أنا مش هسكت قبل ما تحكيلي ايه اللي مضايقك وبعدين انت لسه لحد دلوقتي مقولتليش روحت فين لما لغيت رحتلك و خليتني أسافر مكانك.

أسند عمار يده على سطح المكتب و اليد الأخرى مررها على شعره مغمغما :
– مريم حامل.

– ايه ؟
قالها وليد سريعا دون إستيعاب مردفا :
– مريم مين و حام…. استنى انت بتقصد مريم مراتك ؟

شهق و إعتدل في جلسته يقول بتفاجؤ :
– ازاي ده حصل اقصد يعني لأ بص أنا مش فاهم انت عرفت ازاي و امتى و قولت ايه و هتعمل ايه !

زفر الأخير بخنق كأنه يحاول طرد الشحنات السلبية من جوفه دون أن يستطيع النجاح في ذلك ، و راح يستعيد أحداث ليلة البارحة في ذاكرته :
– لسه عارف ليلة امبارح …مريم كانت عايزة تشوفني علشان موضوع مهم و لما روحتلها قالت لي أنها حامل … انا اتصدمت و فضلت واقف متنح فيها بعدين فوقت لنفسي وو … زعقتلها و لومتها و اتهمتها انها عملت كده قصدا علشان تضغط عليا.

اندهش وليد مما يقوله رفيقه فهتف ساخرا بحدة :
– لومتها على الحمل ايه الحلاوة ديه … عمار انت اتجننت علشان تقولها الكلام ده و تجرحها المفروض البنت ديه مراتك مش واحدة انت غلطت معاها علشان تتعصب و تزعقلها لما تعرف انها حامل !

تأفف بصوت عال في ضجر :
– قولتلك كنت مصدوم و معرفتش ايه اللي بقوله غير لما سبتها مكنتش واعي و رغيت معاها كتير ولما مريم قالت أنها هتسيبني و تمشي ….. هددتها و قولت اني هؤذيها و اؤذي اللي يخصها لو اتصرفت من غيري.

– ايه اللي عملته ده مش انت يا بني ادم واخد بنت محترمة من عيلتها و متجوزها على سنة الله و رسوله و وعدتها انك تحترمها و متقللش منها ليه حاسس انك جايب واحدة من الشارع و مش متأكد اذا البيبي كان منك ولا من راجل تاني ؟

دون أن يشعر وليد أصاب وترا حساسا داخل عمار لطالما نجح في تشتيت ذهنه و إشعال نقمته على الحياة فإحتدت عيناه و تمتم من بين أسنانه :
– وليد بلاش الكلام ده.

زفر الآخر و حاول إختيار الكلمات المناسبة لتصحيح أفكار صديقه :
– بص يا عمار رغم اني لحد دلوقتي مش فاهم انت ليه اخترت تتجوز بالطريقة ديه و قولت لنفسي أنك مش عايز تظهر مراتك علشان الفرق الإجتماعي بينكو و إعجابك بيها هيزول بعد فترة و تطلقها بس أيا كان سبب ارتباطك بيها انت لازم تفهم دلوقتي أن في طرف ثالث دخل لحياتكم و لازم تاخد وجوده فعين الاعتبار .

انت هتبقى أب ولازم تتصرف على الأساس ده يعني أنا لو كنت مكانك هختار أعلن عن جوازي و أخلي إبني يعيش وسط عيلتي إلا لو انت كنت مخطط تخلي مراتك تجهضه.

تلجلج عند سماع هذه الجملة و فكر داخل نفسه … هو ليس مستعدا لأن يصبح أبا حاليا لكن أيضا لا يستطيع تخيل أنه سيتخلى عن طفله و يمنعه عن الحياة … لا يقدر على فعل هذا لا بنفسه ولا بمريم أساسا هي كرهته بما فيه الكفاية و لا يعلم ماذا ستفعل إذا أخبرها بوجوب التخلص من الجنين.
و لكن في نفس الوقت ليس جاهزا لإعلان زواجه بإمرأة من الطبقة المتوسطة تنتمي لأصول غجرية !!

دلك عمار جبينه بأصبعيه السبابة و الإبهام متمتما في إرهاق :
– انا لسه مقررتش هعمل ايه سيبنا من السيرة ديه بقى انا سمعت والدك وهو بيقول أنه ناوي يجوزك الكلام ده صح.

قهقه وليد بإستمتاع :
– ايوة و انا الصراحة فكرت مع نفسي و قولت بابا معاه حق أنا كبرت ولازم أسس عيلة بس مش لاقي البنت المناسبة.
– و ايه المواصفات اللي انت عايزها ؟

سرح وليد لثوان قبل أن يجيبه مبتسما :
– تكون بنت جميلة أو على الأقل شكلها مقبول …. طيبة و محترمة تقدر تصون بيتي و تربي ولادنا كويس و ذكية و شخصيتها رزينة وفنفس الوقت قوية علشان تقدر تحمي نفسها فغيابي …. عاقلة تقدر تخفف عليا لما اتضايق و تساعدني لما احتار في حاجة بس مش عايزها طويلة لسان و عنيدة و منشفة دماغها و قليلة إحترام يعني مش عايز يجي يوم تعلي صوتها عليا و تقلل مني لأني ساعتها هطلقها فورا.

علق عليه عمار بتهكم ساخر :
– Wow what is this manliness ( ما هذه الرجولة ) …. مش أنت كنت معجب بالبنت المحجبة اللي شوفتها اليوم اياه في المطعم ؟

حدجه الأخير بنظرات عابثة :
– ما هو انت مرضيتش تديني رقمها أو تتوسط بيننا.

لوى عمار شفته للأعلى مستنكرا :
– ليه حد قال عليا خطابة ؟ بقولك ايه متجيبش سيرتها لأني مبطيقش اسمعها البنت ديه واحدة مشكلجية و عفريتة بتفضل توز في ودان مريم علشان تتمرد عليا و هي السبب فمعظم خناقاتنا اتخيل اني كل مرة بسمعها وهي بتشتمني و تدعي عليا و بتقولها عمار ده واحد شايف نفسه و خبيث و … طاووس !!

صمت قليلا يطالع تعبيرات وليد المتفاجئة ثم أردف :
– هو الصراحة هالة صديقة كويسة و واقفة دايما جمب مريم و جدعة كده و كل لما تعرف أنها تعبانة او مضايقة تجي تزورها فورا …. بس بردو انا بكرهها.

رفع هو يديه للهواء في ذهول :
– عمار انت دلوقتي كرهتني في صنف الستات و في الجواز أنت كده علطول بتاخد مني إيجابيتي و بتوزع السلبية بتاعتك لدرجة خلاص بطلت تفكر في الارتباط …. و اساسا أنا مش هتجوز قبل ما يوسف يرجع انت عارف أن احنا التلاتة مبنعملش حاجة من غير بعض يلا عن اذنك بقى و متنساش تكمل الشغل وتحل مشكلتك مع مراتك ، see you later.

غادر وليد المكتب تاركا إياه يعبث بالقلم متمتما في سخط :
– الشغل ده مش هخلص منه بقالي سنين بشتغل علشان اوصل للمركز ده و عمري ما قصرت فيها ايه لو حبيت ارتاح شويا.

رمى عمار ما بيده بملل و أمسك هاتفه يفكر في الإتصال بمريم لكنه تراجع مجددا ، شرد قليلا و فكر في أن يتنصت على هاتفها فمن الممكن أن تكون قد كلمت صديقتها و أخبرتها بما تود فعله.

و لكن كيف كانت ستكلمها بدون علمه فهو وضع نظاما يجعل أي مكالمة يتلقاها هاتف مريم تصل إلى هاتفه أولا و كونه لم يتلق أي إشعار فهذا يعني أنها لم تحدث أي شخص.

غير أنه عندما ضغط على الزر الخاص ببث التسجيلات تفاجأ بتعطله فكتم عمار مسبة داخله و همس :
– كاميرات المراقبة بايظة و دلوقتي مش قادر اسمع هي بتكلم مين ع الموبيل ايه الحظ ده … يعني كده ممكن يكون حد اتصل بيها وانا مش واخد بالي.

توقف برهة من الزمن و أراد هذه المرة الإتصال بها حقا ليسمع صوتها بعد حادثتهما الأخيرة أو ربما لكي يُطَيب خاطرها قبل أن يتفاقم الوضع …
لكنه تراجع مجددا مفكرا أن مريم إمرأة سهلة الإرضاء و يستطيع بسهولة مصالحتها لذلك فليدعها و شأنها الآن و ليفكر في أشياء أخرى مثل ماذا سيحدث إذا تم كشف سر زواجه … و بعد دقائق تنهد واضعا القلم الذي بيده على سطح المكتب ثم همس :
– الواضح مفيش حل غير ده فعلا !

________________
في المساء.
داخل قصر البحيري.
كانت العائلة متجمعة على طاولة العشاء حين دلف عمار ملقيا عليهم التحية بآلية فتحولت أنظارهم إليه و عندما لاحظت ندى وجوده أشاحت وجهها عنه متجاهلة إياه على غير العادة و هذا ما انتبهت له سعاد و فريال ، أما عادل فقال مبتسما :
– باين عليك تعبان اوي الشغل في المكتب مأثر عليك ولا ايه.

تنحنح عمار و أجاب بإختصار شديد :
– لأ يا عمي أنا كويس … عن إذنكم.

صعد إلى غرفته و بينما كان ينزع كنزته الثقيلة طرقت سعاد الباب وولجت :
– مش عايز تجي تتعشى معانا ؟

– لأ يا سعاد هانم انا مش جعان عايز أنام بس.

أومأت بتفهم ثم هتفت بلهجة تقريرية :
– في حاجة حصلت بينك و بين ندى يا عمار انتو بقالكم فترة مبتكلموش بعض ولا بتقعدو فنفس المكان انت مزعلها ولا حاجة ؟

تنهد عمار بإرهاق و كم تمنى لو يخرجها لينام لكن إحترامه لها منعه عن فعل هذا ، فإلتفت إليها مدعيا التلقائية :
– انا معملتلهاش حاجة بس من يومين انا كنت مضايق و ندى فوق راسي بتزن على حاجات تافهة فمن غير ما اقصد عليت صوتي عليها و خوفتها ….. بس هبقى أصالحها بعدين.

همهمت بإيجاب و ردت بنبرة ذات معنى :
– أيوة يا حبيبي انت عارف ندى بتحبك قد ايه و متقصدش تضايقك و انت كمان صالحها و ارجعو زي الأول مفيش أحلى منكو لما تبقو قاعدين مع بعض … اه صحيح احنا اتعزمنا امبارح عند بثينة هانم وانا بعتلك انك تحصلنا مجتش ليه ديه زعلت منك اوي.

أغمض عينيه عند تذكره لتلك السهرة التي نضمتها سيدة من سيدات المجتمع الراقي و عزمت عليها مختلف العائلات إلا أنه نساها حتما بين كل تلك الأحداث ، فرفع كتفه بدون مبالاة هاتفا :
– كان عندي شغل و ملحقتش … عموما هبقى اكلمها بعدين انا تعبان دلوقتي.

حدجته بنظرات مشككة قبل أن تستسلم لبروده و تجيب :
– ماشي يا حبيبي … Good night

رسم على وجهه إبتسامة مقتضبة و رد عليها بتحفظ وهي تغادر ، ثم زفر و إتصل بأحد رجاله :
– روح لأفخر محلات الشوكولا و اطلب بوكس كبير فيه كل types of chocolate الغالية و خصوصا المُرة و المحشية بالبندق و خليهم يبعتوه للشقة بتاعتي بكره الصبح.
لا مفيش داعي يكون معاه كارت بس المهم البوكس يكون شكله luxurious و پيرفكت و … أيوة اديه لسالم و خليه هو يوديهولها لأنه عارف كويس انا عايز ايه بالضبط …. مش عايز أي غلط سلام.

أغلق عمار الخط ثم بعث رسالة لمريم ليخبرها بأنه سيرسل لها شيئا في صباح الغد ، وضع الهاتف على الطرف الأيمن من سريره ثم نزع كنزته و نام بعد أخذه لقرصين من المهدئات ….

****
خطى بقدميه الحافيتين على رمال الشاطئ الدافئة وهو يمسك يدها بإحكام و يغلغل أصابعه بداخل خاصتها …كانت تمشي بجانبه مطالعة أمواج البحر بسعادة مرتدية فستانا أبيض ذو تصميم غجري فضفاض من الأعلى و ينزل بإنسيابية على جسدها ليصل لأسفل ركبتيها بقليل …
و مزين بخطوط مزخرفة باللون الأزرق من جهة الصدر و أسفل ثوبها و بالطبع لم تنسَ إرتداء قلاداتها الطويلة و خلخال قدمها الرنان …

بينما هو إرتدى برمودا باللون الأبيض تصل لحد الركبة و فتح أول ثلاث أزرار من قميصه الأزرق السماوي …. و بشكل ما كانا يبدوان كثنائي متناسب جدا خاصة مع تطابق ألوان ملابسهما الصيفية و إندماجهما في السير معا ….

نظرت له فجأة من أسفل قبعتها البيضاء الكبيرة و هتفت بإبتسامة :
– أنا مش مصدقة أنك جبتني لمطروح علشان نصيف سوى الصراحة كنت فاكراك مش هتفكر تخرج معايا أصلا …. ميرسي اوي يا عمار بجد.

همهم مجيبا عليها بهدوء :
– الصراحة انا كنت متردد شويا بس قولت احنا بقالنا 7 شهور متجوزين و عمرك ما اشتكيتي من غيابي عليكي كتير و عشان بقالك فترة مطلعتيش في خروجه ففكرت أعوضك خاصة انك من شهر وقعتي في الشقة و اتأذيتي و محدش كان معاكي.

لاحت ملامح الحزن على وجهها عند تذكرها لحادثة وقوعها من الكرسي الذي صعدت فوقه لتنظف أرفف المكتبة العلوية و ظلت تبكي و تتألم حتى إستطاعت بصعوبة كبيرة الوصول للباب الخارجي و طلب المساعدة من البواب الذي اتصل بعمار سريعا و طلبوا لها الطبيب بعدما كانت قدمتها قد تضررت بشدة.

تنهدت و دست رأسها في صدره متمتمة :
– في اليوم ده انا عيطت كتير و كنت عايزة اتصل بيك بس افتكرت انك محذرني متصلش و مكنتش قادرة ابعتلك ماسيج فطلبت المساعدة من الحارس.
– بس أنا قولت متتصليش بيا إلا لموضوع طارئ جدا و حادثة وقوعك ديه كبيرة بالنسبالي و كان لازم تطلبي المساعدة مني الأول يا مريم !!

قالها عمار بضيق من نفسه التي تؤنبه من يوم الحادثة فإستطردت الأخرى بنبرة أقرب للمزاح :
– خلاص متزعلش هبقى اتصل بيك لو حصلتلي حاجة.

إبتسم عمار ثم داعب وجنتها بإصبعه الإبهام :
– ان شاء الله مفيش حاجة هتحصلك يا بنت الغجر.

ضغطت مريم على شفتها بخجل من لمساته و لقبهل الذي يطلقه عليها ثم حمحمت و همست مترددة :
– ممكن اطلب منك طلب …. ممكن ناخد صورة مع بعض.

تجهم وجهه و إمتعض فسارعت في القول :
– صدقني انا مش هوريها لأي حد ولا هنشرها هخليها معايا بس ، احنا متصورناش قبل كده غير مرة واحدة يوم كتب الكتاب و أنا عايزة اتصور معاك أرجوك يا عمار !

تنهد عمار و رضخ أمام رجائها هذا فأخذ منها هاتفها و التقط صورة “سيلفي” لهما ثم نزع نظارته الشمسية و تركها تلتقط لهما عدة مرات و أخيرا دخلت لمياه الشاطئ بقدميها الحافتين و طلبت منه تصويرها ، و لم تنتبه له و هو يدخل لحسابها ليرسل الصور لنفسه بدون أن تنتبه …

و بعدما إنتهيا بعد دقائق جلسا على الرمال فقالت مريم وهي تتأمل الصور بغبطة :
– طالعين حلوين اوي شوف.

همهم و قد لاحظ إنعدام أي صوت عند تحريكها لقدمها فسألها :
– الخلخال بتاعك فين ؟

ردت عليه ببساطة :
– شيلته و حطيته في ايدي علشان ميضيعش.

أشارت للخلخال الذي بيدها وقد كان من الفضة مزين بالخرز الأزرق و الأخضر معا ، قضب عمار حاجبيه و نزعه منها ليلفه على قدمها مغمغما :
– متشليهوش تاني غير لما يكون في ناس معانا علشان مياخدوش بالهم من رجليكي بس بما أننا قاعدين لوحدنا دلوقتي فمش عايز أشوفك من غيره فاهمة.

ارتجفت مريم بشرتها من أصابع يده لتهمس بثقل :
– حاضر.
و فجأة وضعت يدها على رأسه تمررها على شعره الفوضوي مرتبة خصلاته العابثة ثم إنتقلت إلى وجهه تداعب لحيته متمتمة بلطف و رقة :
– أنا مش هعمل أي حاجة انت مبتحبهاش هنفذلك كل اللي بتطلبه يا عمار أنا تحت أمرك بس …
– بس إيه ؟
– متجرحنيش …

شهق وهو يفتح عيناه على حين غرة و رموشه ترتجف ثم أغمضهما مجددا بعدما شعر بدوار في رأسه …. دوار مزعج إكتسح رأسه و منعه من التركيز جيدا فأدرك أنه تحت تأثير الهذيان الذي أصابه بسبب أخذه لجرعة زائدة من الدواء ، فزفر بضيق ثم سكنت أعصابه بعدما شعر بلمسة مريم على وجهه تداعبه مثلما كانت في الحلم …

لكن هذا ليس حلما ، و هذه ليست يد مريم ، و صوت الرنات التي يسمعها لم تكن من خلخالها ، من هذه التي تقبع جواره و تحرك أناملها عليه !!

فتح عمار عيناه مرة أخرى يحاول السيطرة على حركة حدقتيه فتفاجأ بوجود ندى تجلس على سريره تناديه ليستيقظ ، تنحنح يمسح حبات العرق المتناثرة على جبينه و صدره العاري ثم همس بصوت متهدج :
– انتي بتعملي ايه هنا ؟

ردت عليه ندى بهدوء :
– انطي سعاد قالت انك طولت في النوم و الساعة 10 الصبح فطلبت مني اناديلك علشان الفطار و انا خبطت ع الباب بس انت مردتش عليا علشان كده دخلت و قلقت لما لقيتك عرقان و بتتكلم وانت نايم … you look tired ( أنت تبدو متعبا ).

وضع يده على رأسه مجاهدا للإفاقة و فجأة وقع نظره على ملابسها ، كانت ترتدي كنزة قطنية بدون أكمام تصل لأسفل صدرها تاركة خصرها العاري يلفه خلخال طويل لاءم بطنها المسطحة و بنطال ضيق يجسم ساقيها و للعجب صففت شعرها بتموجات في صورة شابهت خصلات مريم … فكانت تشبهها لحد ما !!

أشاح عمار وجهه عنها سريعا بينما نهضت ندى لتغادر بضيق عندما لم يحب عليه و لكنه أوقفها :
– مري …. ندى استني ثواني.

إلتفتت له بإستفهام معاتبة :
– What is there (ماذا هناك ) ؟ انت ناوي تزعقلي تاني علشان أزعجتك.

تنهد بصبر هاتفا :
– لا أنا عايز أكلمك شويا اقعدي.

هزت رأسها بإيجاب و جلست تحاول إبعاد عينيها عن صدره العاري و خصلات شعره الفوضوية التي جذبتها له و جعلتها تريد تأمله أكثر ، لكن عندما تذكرت أنه وبخها و صرخ عليها عادت لوجهها المتخشب بلوم و إنتظرت سماع ما يود قوله.

حمحم عمار ينظف حنجرته ثم تمتم بجدية :
– انا عارف انك لسه زعلانة مني علشان عاملتك وحش … بس صدقيني انا مكنش قصدي كنت متعصب و من غير ما احس عليت صوتي عليكي و خليتك تعيطي.

إرتجفت شفتاها بحزن و إلتمعت عيناها بالدموع مجددا لتقول بغصة متألمة :
– بس انت خوفتني بعد ما كنت عايزة أشوف فيلم معاك و شديت ايدي جامد ووجعتني أنا مكنتش متوقعة ده يحصل منك أبدا.

طالعته و تابعت بحزن :
– I’m really upset with you ( أنا مستاءة منك حقا ).

ضغط عمار على شفته بضيق و كاد يسخر منها لأنها حزينة بسبب علو صوته عليها دون قصد ، بينما مريم قد سمعت منه الكثير و مع ذلك لم يحاول الإعتذار منها.

رسم إبتسامة آلية على وجهه محاولا تجاهل دوار رأسه و رنات الخلخال التي تُحدِث داخله الكثير ثم غمغم :
– قولتلك مكنتش واعي و مش قصدي اوجعك بس طلعت مني كده.

مرر حدقتيه على شعرها المموج و للحظات رأى وجه مريم فيها فهمس بخفوت :
– مبحبش أشوفك زعلانة مني و بتعيطي …. حقك عليا.

نزلت دموعها بصمت و لم ترد عليه فوضع يده على كتفها مستطردا :
– دمعتك غالية على قلبي و مبتهونش عليا تنزل … مري … ندى.

رفعت وجهها له و لاحظت تقاسيم وجهه المتعبة و على الأرجح هذا بسبب أنه لا يزال تحت تأثير النوم ، تقدمت منه قليلا و لفت ذراعيها على عنقه تهمس له :
– سامحتك.

إندهش عمار من فعلتها و صورت له نوبة الهلوسة أنه يرى مريم ملتصقة به ، فبدون إرادة منه إنتقلت أصابعه لموضع الخلخال الذي تلفه حول خصرها لكنه توقف قبل أن يلمسها ثم أبعدها عنه برفق عندما أدرك من تكون.
ظن أن ندى ستغادر الآن بعدما تصافت معه إلا أنها ظلت متمسكة بعنقه و وجهها يلتصق بوجهه …

تأملته قليلا مبتسمة وقد تأثرت مشاعرها من قربهما الجسدي هذا فبرغم أنها إحتضنته عدة مرات سابقا و لكنها الآن باتت تشعر بنبضات قلبها تكاد تخرج من صدرها و الفراشات تداعب بطنها بلذة .
ضمت وجهه بين يديه و عند عدم تمنعه اقتربت منه أكثر و في لحظة مجنونة حطت بشفتيها على خاصته تقبله بنعومة مستسلمة لرغبتها !!

_____________________
ستوووب انتهى البارت
في رأيكم ايه اللي هيحصل بعد تقرب ندى من عمار وهو هيعمل ايه ؟
مريم هتعمل ايه علشان تحمي ابنها ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى