رواية نيران الغجرية الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة أحمد
رواية نيران الغجرية الجزء الثالث
رواية نيران الغجرية البارت الثالث
رواية نيران الغجرية الحلقة الثالثة
عصيان لأول مرة !
____________________________
إنعقد لسان رأفت وهو يطالع إبنه بذهول لم يتوقع أن يكون عمار متذكرا تلك التفصيلة الصغيرة التي مر عليها أكثر من سنين طويلة ، في ذلك اليوم امام بوابة المدرسة امسكه عمار باكيا يقبل يده و يترجاه لكي يعيده لجدته لم يستطع هو إبعاده وفي نفس الوقت كان قلبه يتألم بشدة فبدون شعور منه رفع يده عاليا و صفعه بقسوة صارخا :
– انت هتقعد هنا و اياك اسمع انك عملت مشاكل يا ويلك مني.
افاقه من شروده صوت عمار المتهكم :
– متفاجئ من اني لسه فاكر كل حاجة صح ؟ يا راجل لو تعرف انا فاكر ايه كمان هتتكسف تبص في وشي اطلع من مكتبي الله يكرمك سيبني اشوف شغلي.
ضغط رأفت على أسنانه بخزي وود لو يحضنه و يعتذر منه لكن نظرات إبنه في تلك اللحظة كانت متألمة لدرجة لم يتحمل فيها حتى التطلع لوجهه ، استدار و انحنى بكتفين متهدلين تاركا عمار يهز قدميه بعصبية مريبة و يضغط على شعره حتى كاد يقتلعه…. أدرك أن حالته المرضية عاودته ففتح درج مكتبه يبحث بيده عن شيء ما دون تركيز حتى وجد ضالته أخرج علبة الدواء و تجرع منها قرصين و أخفاها مجددا ليهدأ بعد دقائق و تنتظم أنفاسه.
أطلق عمار سبابا لاذعا ثم أمسك هاتفه و بعث لها رسالة ” جهزي نفسك انا جايلك الليلة ديه “.
________________________
بعد مرور شهر ونصف.
جلست على الأرجوحة الموجودة داخل الشرفة الملحقة بغرفتها و أسندت ظهرها للخلف بالكامل و أخذت تهز نفسها ببطئ ، رفعت رأسها الى الأعلى ترمي بصرها الى الفراغ و عيناها متحجرتان ، قلبها محطم و روحها متعبة …
تتذكر ذلك اليوم عندما بعث لها رسالة مفادها أنه سيأتي هذه الليلة ، جملة مكونة من بضع كلمات جعلتها تطير من السعادة معتقدة أن سماعه لصوتها على الهاتف وهي تخبره بإشتياقها له قد أثر به و حرك مشاعره ولو قليلا لذلك قرر المجيء إليها ، هرهت الى المطبخ تعد ما لذ و طاب ثم أخذت حماما طويلا و ارتدت فستانا قصيرا باللون النبيتي كان قد أرسله لها سابقا مع بقية الأزياء وقفت أمام المرآة تهندم شعرها و مكياجها و ارتدت الخلخال و جلست تنتظره بشوق ….
لكن عندما جاء صدمها ، كانت عيناه حمراوتان بشدة و شعره أشعث ملامحه مظلمة لا تبشر بالخير و يصك على أسنانه بغضب لم تدرِ سببه ، وقبل ان تسأله بفزع عن حالته أمسك ذراعها دون حرف و سحبها الى غرفتها ليلقيها على الفراش و يبدأ بفتح أزرار قميصه ببرود ظاهري.
ازدردت مريم ريقها بخوف من شكله و عادت الى الوراء متلعثمة :
– ع …. عمار في ايه … انت متعصب كده ليه ايه اللي حصل.
– اسكتي !
همس بها في حدة و نزع قميصه ليبقى عاري الصدر ، انحنى عليها يجذبها من مؤخرة عنقها يقبلها بعنف و يده تزيح حمالة فستانها ، لمساته الشرسة هذه أربكتها و جعلتها تحاول دفعه وهي تبكي متذكرة التحرش الذي كانت تتعرض له سابقا فهمست بتقطع بجانب أذنه :
– عمار متعملش كده انت بتخوفني.
في تلك اللحظة تجمد جسده فوقها و هاله صوت بكائها لكنه تمتم :
– متخفيش… انا مش هأذيكي اهدي.
شهقت برعونة و أغمضت عينيها ليكمل ما يفعله ورغم إعتراضها الداخلي إلا أنها لم تظهر مقاومة بل بدت مستسلمة تماما و بدوره هو جاهد لكي لا يؤلمها او يجرحها بفعل ما و لا تعلم لِمَ سكونها و إستسلامها ضايقاه فبعدما انتهى نهض يرتدي ملابسه و يحدجها بنظرات غاضبة حد الجحيم ليغادر الشقة مسرعا ….
عادت مريم إلى أرض الواقع و بكت :
– انت فين يا عمار …. اول مرة تسيبني شهر ونص من غير ما تكلمني ايه اللي حصلك و ايه اللي عشته خلاك تبقى كده.
أفاقت من شرودها على صوت هاتفها نظرت بوهن و أجابت :
– ايوة يا هالة.
تنهدت هالة بخنق منها :
– ممكن تبطلي نكد و تفوقي لنفسك بقى انا زهقت من كتر نصايحي ليكي !
دلكت مريم جبينها مهمهمة :
– في ايه متصلة ليه ؟
ردت عليها الأخرى :
– انا موجودة في الملاهي دلوقتي و عمالة العب بس زهقت لوحدي وملقتش غيرك ما تجي نتفسح شويا ده حتى الجو حلو.
ضحكت مريم بسخرية على حالها :
– انا اطلع من البيت الساعة 5 المسا و من غير إشعار مسبق لعمار كمان ؟ ضحكتيني.
– اووف منك اوووف !!
صرخت بصبر نافذ وفجأة تعلقت كلماتها وهي تلمح زوج صديقتها يترجل من سيارته الفخمة مع إحدى الفتيات و برفقتهما شاب آخر ، فتمتمت دون شعور :
– مش ده عمار البحيري يخربيته مين البنت اللي معاه ديه.
التقطت مريم كلماتها الخافتة فقالت بترقب :
– عمار موجود مع مين ؟
– ها لالا ده اااا ….
– هالة انا سمعت كلامك بلاش كدب عمار جمبك صح مين اللي معاه ؟
صاحت وهي تنتصب واقفة و تلف حول نفسها لترد رفيقتها بخوف على مشاعرها :
– بنت شقرا وواحد تاني …. بس البنت لازقة فجوزك.
وضعت يدها على قلبها تحاول تهدئة خفقاته ثم هتفت بحزم :
– صوريهم و ابعتيلي.
بعد دقائق وصلتها عدة صور و معها وصلت دموعها لحافة مقلتيها ولم تستطع السيطرة عليها فسقطت على وجهها وهي ترى عمار يحضن فتاة من كتفها كأنها حبيبته و أخرى يبتسم لها و صور أخرى و هو يساعدها في ركوب إحدى الألعاب.
شعرت بإنقباض صدرها وكأن هناك شيء صلب يجثم عليه و سياط من اللهيب تجلدها فتكويها ، ارتجف جسدها متيقنة أن تلك الفتاة هي نفسها إبنة عمه ندى فهي رأتها سابقا في مواقع التواصل و كذلك لمحت صورا لها مع زوجها عندما رمت عينها على هاتفه مرة وهو جالس بجانبها.
وضعت مريم يدها على فمها تكتم شهقاتها المنذرة بإنفجار مخيف فهاهي محبوسة داخل الشقة اللعينة لعدة أشهر تنتظر إتصاله أما هو فيمرح مع ندى تلك الطفلة المدللة ….. أتراه يعيش معها علاقة حب !!
انتفضت بألم عند هذه الفكرة و بعد دقائق معدودة اتصلت بهالة مرددة :
– انا نازلة يا هالة قوليلي نتقابل فين بس ياريت يكون المكان بعيد عن عمار و اللي معاه مش عايزاه يشوفني.
سألتها الأخيرة بتوجس :
– هتطلعي من غير إذنه ؟ بلاش يا روما و انسي اللي قولته.
مسحت دموعها بحدة و تصميم :
– مبيهمنيش قوليلي نتقابل فين !!
________________________
بعد ثلاث ساعات.
جلس على الطاولة في ذلك المطعم الراقي قائلا بسخط :
– لو جبتوني تاني للزفت ملاهي هوديكم في داهية !
ضحك وليد بإستمتاع :
– ليه بس ما انت كنت مبسوط اينعم صحيح ندى خدعتنا وقالتلنا هنقعد ساعة واحدة و نرجع بس بردو استمتعنا.
وافقته ندى وهي تشاهد غضب عمار :
– صحيح وبعدين انت وعدتني بالفسحة ديه من كام شهر و لسه منفذ الوعد متأخر هااا خد بالك.
تأفف برعونة و أعاد ظهره للخلف مريحا جسده بعد جولته مع ابنة عمه و رفيقه ، طلب وليد قائمة الطعام و بينما هو يتحدث مع ندى شهق فجأة بإنبهار :
– بصي ع الشلة اللي هناك و تحديدا البنت السمرا الله ايه الصاروخ ده.
ندى بإستفسار وهي تطالع المجموعة المتكونة من شاب و فتاتين جالسين بمكان خلف عمار ب 3 طاولات :
– اللي شعرها كيرلي ديه ؟
انتبه عمار لكلامهما وشعر بأنهما يتحدثان عن امرأة يعرفها لكنه منع نفسه من الإلتفات محدثا نفسه :
– هي مش الوحيدة السمرا و شعرها كيرلي بلاش جنان انت كمان.
مطت ندى شفتها بإمتعاض :
– مش حلوة اوي …. تحب اكلمهالك ؟
– اتلمي يالا ايه الكلام اللي بتقوليه قدامي ده !
وبخها إبن عمها بصرامة فنفخت خديها :
– انا بهزر بس.
صمتت بحزن بينما حاول وليد تلطيف الجو فأكمل :
– بس الفستان اللي مبين كتافها ده بيجنن يا ترى هي مرتبطة لأني مش شايفها لابسة دبلة.
تمعنت ندى النظر و أكدت :
– مش لابسة دبلة بس الشاب اللي معاها ده ممكن يكون حبيبها او حبيب البنت المحجبة اللي وشها مش باين …. وبعدين هي مش حلوة للدرجة ديه يعني سمرا و شعرها مش حرير أنا احلى منها بكتير.
– و انتي ايه اللي عرفك بمقاييس الجمال عند الرجالة سيبك يا طفلة لما تكبري هتفهمي.
قلبت يديها بإنزعاج كعادتها عندما تسمع أحدهم يمدح غيرها ثم هتفت معلقة :
– تحب اطلبلك رقمها ؟
جز عمار على أسنانه بعصبية :
– ندى وبعدين معاكي !
– خلاص اسفة.
رمقها بتحذير و أعاد نظره الى الهاتف يتأمل رقمها بشرود كاد ينهض بعيدا و يتصل بها إلا أن كلام وليد المازح أوقفه :
– أم شعر كيرلي لابسة خلخال كمان بتفكرني بفيلم بطلته كانت غجرية.
بمجرد إلقاء جملته سمع عمار صوت ضحكات عالية تصدر من خلفه … ضحكات يعلمها جيدا و سمعها كثيرا و أصبح يبتسم بتلقائية كلما صدرت عنها …. أغمض عيناه يتنفس ببطئ متريث داعيا الله أن يكون تفكيره خاطئ ثم إستدار بجسده ووقعت عيناه عليها …. مريم جالسة مع فتاة ما و بجانبها شاب تكاد تكون شبه مستندة عليه بينما يريها شيئا ما على هاتفه …. و فستانها المفتوح بإتساع من الأعلى يظهر أجزاء جسدها بسخاء !!
______________________
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)