روايات

رواية نفق الجحيم الفصل الرابع 4 بقلم ريناد يوسف

موقع كتابك في سطور

رواية نفق الجحيم الفصل الرابع 4 بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم البارت الرابع

رواية نفق الجحيم الجزء الرابع

نفق الجحيم
نفق الجحيم\

رواية نفق الجحيم الحلقة الرابعة

بعد مامشي القطر شام بصت لصابر بزعل وقالتله بعتب:
اكده تخلي القطر يفوت ومتفرجش عليه ياصابر؟
صابر بغضب:ياشام خلي حداكي هبابة دم.. كيف يعني ابقي اني واقف قبال عنيكي اللي تندب فيهم رصاصه دول، وتهمليني وتبصي عالقطر؟ فيه ايه القطر احسن مني اني عايز أعرف؟
صابر خلص جملته وفضل باصص لشام بعتب مستني منها إجابه لسؤاله، لكن اللي لقاه من شام ضحكه طويله أولها كان حُر وآخرها كتمت صوتها بطرف طرحتها عشان الضحكة كانت طالعه من القلب وعترن بصوت عالي.
فضل صابر مستنيها تخلص ضحك وترد عليه، لكن شام كانت كل ماتنهي الضحك.. تعيد الضحكه من تانى،
لغاية ماصابر يأس أنها تخلص ضحك واتسند علي الحيطه وربع اديه وكتم ابتسامته وفضل يتطلعلها بعيون كلها محبه وفرحه ورغبه، وخصوصاً وهو شايف وشها اللي اضحي كيف حباية طماطم مستويه من كتر الضحك وخدودها يتولع منهم كعب بوص من شدة الحمار واللمعه.. وفي اللحظه داي كل اللي اتمناه أنه يضمها ويلمس خدودها اللي كيف مايكونوا عيقدحوا شرار، والشرار اتبتر علي جسمه وولع فكامل جتته نار معادش متحملها.
أما شام فبعد ماخلصت ضحكها اخيراً همستله بدلع : عتغير عليا من قطر ياصابر! عتحط روحك قبال حتتة حديده؟
رد عليها صابر وهو عيتفحص نار خدودها اللي بدت تهدا وتخمد:
ايوه ياشام عغير عليكي من حتتة حديده.. عغير عليكي من الهوا اللي عيلف حواليكي ويطير طروف ربطة راسك ويلاعبك. وايوه عقارن حالي بحتتة حديدة عشان انتي معتوعيش عيونك. عتلمع كيف وانتي عتبصي على حتتة الحديده داي بعشق معوعاهوش ليا فعنيكي وانتي عتبصيلي!
انتي معتشوفيش حالك عتبقي عامله كيف والقطر معدي قدامك ياشام؟
شام ملامحها خدت وضع الجديه وهي واعيه صابر عيتكلم جد وباين عليه انه متألم صوح من محبتها للقطر فقربت عليه وقالتله بحنان:
بس اني معحبش حد ولا حاجه في الدنيا كدك ياصابر.. ولا حتي القطر.. أنت عشقي من يوم ماوعيت عالدنيا وحب صباي ولحد شيبتي محدش هياخد موطرحك في القلب، ولا هيقربه حتي.. الظاهر أنك مخابرش اللي ليك فقلب شام كد ايه ياواد عم جلال.
اتبسم صابر ولانت ملامحه وغمض عيونه وزفر براحه ممزوجه بشوق ورد عليها وهو مغمض:
بسك ياشام من حديتك الحلو ديه قلب صابر الغلبان هيقدر على ايه ولا ايه.. هيقدر علي وشك اللي عينقط حُسن ولا علي لسانك اللي عينقط شهد ولا علي قدك اللي عينقط غوايه!
بزياداكي وروحي شوفي كنتي رايحه وين ولا جايه من وين ولا قوليلي اني كنت هعمل ايه.. طوشتيني يابت عبصمد وخليتيني لا عارف حالي رايح ولا جاي!؟
روحي ياشام واعملي حسابك اني هلم الناس واعمل قعدة واقرا فاتحتك، ويمكن اكتب عليكي بالمره واسكن داركم ليل نهار، لحدت مااخدك فبيتي بعد الست شهور اللي حاسسهم ست سنين بحالهم..روحي ياشام من قدامي دلوك اكرملك واحسنلي.
ضحكت شام وبصتله بطرف عينها بصه خلت قلبه يرجف وروحه ترفرف مشتهيه ضمه وعقله وقف عن الادراك كيف ماعيعمل كل مايشوفها.
واتحركت من قباله قبل مايفقد عقله ويتصرف قدام الناس تصرف لا يحمد عقباه.
أما هو ففضل باصصلها وهي ماشيه قدامه وكل شويه تلتفت ليه وتضحك بكسوف وتداري ضحكتها بطرف طرحتها وتدور وشها تاني.. وهمس لروحه بقلة صبر:
آه ياشوق لو تقف قبالي راجل لراجل كنت فطستك بين اديا وريحت كل القلوب من نارك.
قالها واتنهد واتحرك من موطرحه، لكنه وقف يتفكر كان طالع من بيتهم ولا كان بره وراددله قبل مايشوف سلابة عقله وقلبه!؟
أما عند أبو دراع فساحة المعركة..
ابو دراع وطي على عزت وساله بصوت خافت: هاه ياعزت عينك ولسانك هيتطاولوا علي اللي فى حما ابو دراع نوبه تانيه؟
عزت رفع يده اللي عترجف ومسح الدم اللي علي طرف خشمه وبص فيه وهز دماغه لابو دراع بنفي وغمض عنيه وهو حاسس ان كرامته اتبعترت كيف حبات عقد لولي تحت رجلين كرار دلوعة امه، واللي فرط عقد كرامته أبو دراع اللي لولاه كان عزت هيعرف يربي كرار رباية صوح.. وعلي كد الناس اللي كانت متجمعه كلها عزت مكانش واعي من بينهم غير اخوه كرار وابتسامته اللي من الودن للودن، وفرحته وشماته فيه.
وعاهد روحه أن الشماته فالأذيه دين، ورد الاذي وكسرة النفس قصاص وهياخده من كرار ولو بعد حين وبأي طريقه.
أبو دراع وعي عزت هز دماغه وقام وقف ونهي النزال، وشال عزت علي كتفه ومشي بيه يعاودة علي البيت وكرار ماشي وراهم، وواعي قطرة دم عتنقط كل كام خطوة من خشم عزت علي ضهر ابو دراع وجلابيته، وأهه عتطلع منه بين الحين والحين،
ومن وسط نشوته وفرحته بكسرة اخوع مفكرش ابداً ان قطرات الدم داي ماهي الا قطرات من خزان كراهي اتعبى جوه عزت من ناحيته لما فاض واتدلدق.
وصل أبو دراع للبيت بعزت شايله ورماه علي الدكه جار جده كارم، وجدته عديله اول ماشافته وشافت وشه اللي ملامحه مش باينه من الدم ندبت علي صدرها بفجعه وبصوت عالي قالت:
بووووه ياتوفيق عليك وعلي حظك فعيالك اللي كل يوم واحد يرجف قلبك، يامن الخوف، يامن الكيد والغيظ.. مين ضربه ديه كمان وشلفطه شلفيط إكده؟ عميلت ايه يامقندل انت قولي..كانت تتكلم وتهز بأديها التنين فعزت وف الاخر ضريته علي وشه بقلم خلته أن من الوجع بحس عالي..
وعلي حسه طلعت أمه من الموطبخ هي ومرت عمه والبنات يشوفوا فيه أيه وليه ستهم عتولول؟
وأول ماحوريه شافت ولدها وحالته رمحت عليه وهي عتصرخ بخوف:
يامرك ياحوريه المطفطف.. مالك ياعزت.. ماله اخوك ياكرار ايه اللي عيمل فيه إكده؟
رد عليها أبو دراع وهو عيعدل فقب جلابيته بزهوا:
مالهوش دا طلب ينازلني في الساحه قدام الكل واني نازلته وعطيته اللي فيه النصيب وعلمته ميناطحش اللي اعفي منيه مره تانيه.. خديه يام صفوت سبحيه وهوني عليه وقوليله متتعافاش مع حد إنت مش كده نوبه تانيه.
حوريه سمعت كلام أبو دراع وصرخت بغضب:
يعني إنت اللي عميلت فيه إكده! تتكسر اديك انشاله وتعدم عفيتك اللي اتعافيت بيها علي ولدي.
أني قلة اصل زي اللي حداك داي ياواد مخلوف عمري ماشفت ولا هشوف فحياتي.. يبقي لحم كتافك من خيرنا وتاكل من مالنا وتتعافى علينا؟!
صوح صدقوا اللي قالوا اللي اختشوا ماتوا يابوى.. اني بس ياجي توفيق وهخليه يشوفله صرفه معاك وياني ياانت وابوك فيها.
أبو دراع كان هيرد بس سبقه كرار وهو عيقول لامه بحس عالي زلزل المكان:
أمااااه.. الا أبو دراع قولتلك.. كام مره نبهت عليكي وقولتلك اوعاكي تحدتيه إكده مره تانيه كام مره؟
حوريه بحس عالي وصراخ:
امال عايزني احدته كيف ياسي كرار؟ انت مواعيش الردى عامل فأخوك ايه قبال عينك ولا ايه؟ ياولدي دا المثل عيقولك اني واخوي عالغريب.. وإنت عتعين الغريب علي أذي اخوك كيف؟ ديه بدال ماتمسك فيه وتخلص منيه كل ضربه ضربها لاخوك بغل وقلب اسود وهوعامل حاله عينازله ويلعب معاه!
كرار:ديه نزال واللي مش كد الدح ميعرعرش.
رد عليها عزت بصوت تعبان: عتعاتبي فمين يام كرار وولدك هو اللي مسلمني ليه بيده.. عتعاتبي فاللي رسم الخطه ولا اللي نفذها.. ولدك والخدام طابخينها مع بعض ووكلوهالي.
اتحركت حوريه ناحية ابو دراع وابتدت تضروب فيه باديها التنين وبكل قوتها علي ضهره وهي عتقوله:
له.. كرار مليهش صالح ديه الحنش ديه، هو اللي عيخطط وينفذ ومخلي ولدي فيده كيف الشخليله.. إنت غرضك ايه من اللي عتعمله ديه فهمني؟
امشي غور إطلع من اهنه ياقليل الاصل.. امشي غور من قدام وشي.. طول عمرك ديحلاب وداخل للمهبل ديه من حتتة الصحوبيه والاخوه ومفهمه انك حبيب وعتعمل كل حاجه لموصلحته، وانت حنش معشش فعبه، عترفع راسك تلدغ بيها كل اللي حواليه من سكات وتضمها تاني فعبه..
وعارفه ومتوكده انه هياجي اليوم اللي هتلدغه فيه هو كمان، بس بعد ماتكون خليته يصفي لحاله، لا أهل ولا حبايب ولا خلان.. هيكون مفيش غيرك انت وبس ملفوف حوالين رقابته وفي الوكت المناسب هتخنقه وتموته.. كيفك كيف ابوك بالظبط.. نسل حناشه وخد بيتنا وكر ليه.
فضلت تتكلم وتضروب فأبو دراع ومع كل ضربه تزيحه ناحية الباب خطوة لغاية مابقي عالباب واخر مره زاحته بكل قوتها بره الباب وقفلته وراه.
أما ابو دراع فمكانش همه كلامها ولا كان هيحطه فباله ولا يتأثر بيه لولا ماشافها واقفه علي باب الموطبخ وشايفه الموقف وسامعه الكلام اللي اتقال كله.
أتحرك أبو دراع بعصبيه وراح ناحية طلمبة الميه اللي قدام بيتهم وابتدا يدورها بعنف بيد وحده وياخد منها ويغسل فوشه اللي حاسس الصهج عيطلع منه من كتر الإحراج اللي حاسس بيه.
وبعد كام غرفة ميه لقي يد عتمسك معاه دراع الطلمبه وتدوره مكانه، وبص شافه كرار.. شال ايده من الطلمبه واتنهد بديق وبحركه سريعه قلع جلابيته والسديري اللي تحتها ونعله، وقعد تحت الطلمبه وخد ميتها المتلجه علي جسمه الفاير فعز طوبه والجو تلج وادين حوريه معلمين علي ضهره وكلامها معلم فروحه.
كرار : هتعيا ياحزين ويلفحك البرد!
– دور ياكرار وانت ساكت ابو دراع عفي معيعياش دور.
كرار بحنيه: حقك عليا آني متزعلش، ماانت خابر أمي وحافظها، وعارف انها معتحبكش من الباب للطاق، ومتعود علي حديتها الماسخ ومعتاخدش عليها.. صعدتها ليه للقلب النوبادي يابو اخوه؟!
-عشان النوبادي مكانش الكلام بيني وبينها وبينك بس ياكرار.. كان الكلام قدام الكل.
كرار: قصدك كان قدامها هي.
اقولك يابو دراع اني هحدت أبوي فموضوعك أنت وبدور وافاتحه فاللي عيدور فخُلجك واللي مكمور فقلبك بقاله سنين، وهو عيحبك وهيتوسطلك حدا عمي آني متوكد..
اصلي مش هينفع اشوفك كل هبابه قلبك موجوع إكده وكل ماحد يقولك كلمه قدامها نفسك تنكسر وروحك تدبل.
-له اوعاك تعملها.. عالاقل دلوك..اوعاك تقطع الشعره اللي متأمل بيها أن الظروف هتتحسن ويجد جديد من عند ربنا يقربها مني.. لكن دلوك لا الوكت ولا الظروف ولا النفوس مناسبه للكلام دلوك ياكرار.
اتنهد كرار وقفل الموضوع؛ عشان عارف ان أبو دراع عيركبه الهم كل مايفاتحه فيه، وغير الحديت بضحكه وهو عيقول لأبو دراع:
بس يد أمي تقيله والله عملت اللي مقدرش عزت يعمله وعلمت علي ضهرك كف كف وصباع صباع هههههه
أبو دراع: لولا انها امك كان زماني مبلعها كفوف اديها، بس قيمتها انت وابوك.
خلص كلامه وقام وقف ولبس نعله وراح علي بيته وهو عاري الصدر وبردان الروح وكرامته متزفزفه من القهر.
أما كرار فعاود للبيت من تاني وبص لعزت وإبتسم بشماته وهو واعي أخته فكريه عتطبب فجروحه، وأمه وسته قاعدين يولولو عليه وعاللي جراله،ودخل أوضته ونام علي سريره بتعب بعد يوم طويل اتكلل بنجاحه في الشغل، وبفرحته فعزت أخوه اللي مهيقدرش من اليوم وطالع يتشمت فيه ولا يدايقه تاني.
غمض عنيه وراح في النوم والكلام ديه كان المغربيه.. وصحي بعدها علي حس نعمه اخته وهي عتصحيه وتقوله:
كرار.. ياكرار قوم كلم أبوك عايزك بره بالعَجل قوم.
فتح كرار عنيه وفرك وشه وقام وهو مستعد للكلام اللي هيسمعه من أبوه واللي مش هيكون هين بالمره.
طلع من أوضته وبص في الحوش شاف الكل متجمع وعزت قاعد وسطهم ومدنقر راسه في الأرض بإنكسار، وابوه عامل كيف البركان المكتوم وحَمار الغضب كاسي ملامحه.. بلع ريقه واتقدم عليهم..
كرار: السلام عليكم
توفيق: لا سلام ولا رحمه تنزل عليك ياشيخ.
كرار اتطلع لكل الوشوش وشافها محقونه بالغضب ومفيش حد فيهم رافع عيونه من الارض ولا عيبصله بيهم.. فاتقدم خطوتين وبصوت يادوبك طالع قال:
أبوي اسمع مني.. وقبل مايكمل توفيق قاطعه بضربه من عكازه عالارض وقاله:
معاوزش لا اسمع منك ولا اشوف وشك قبالي، واخفى من قدامي دلوك عشان حسابي مش معاك انت.. قالها وقام وقف علي حيله وبخطوات سريعه راح على بيت مخلوف وولده.
خبط على الباب خبطتين جامدين بالعكاز وابو دراع رد عليه، وقبل مايفتحله الباب كان كرار واقف جاره قدام الباب وعيقوله:
جاي لابو دراع ليه؟ أبو دراع مليهش ذنب ولدك اللي طلب ينازله هو ماله.
توفيق بص لكرار بغضب وقاله:
أيوه صوح حديتك مظبوط.. أبو دراع محداهوش ذنب.. الذنب كله حداك إنت وإنت اللي لازمن تتأدب.. قالها ومسك عكازه بأديه التنين ورفعه في الهوا ونزل بيه علي دماغ كرار فتحهاله وكل ديه فأقل من ثانيه.
رجع كرار لورا خطوتين وهو حاطط يده علي دماغه يكتم الد. م اللي سال منها فوراً! وباصص علي ابوه ولساه مش مستوعب اللي ابوه عيمله من شويه، وانه ضربه لأول مره فحياته! وكمان وهو في السن ديه؟
ثواني فضل فيهم كرار واقف عيبص لأبوه قبل مايحس بأن الدنيا لفت بيه ويتسند عالحيط بضعف وحاسس انه مش قادر يحافظ علي توازنه.. وفي اللحظه داي ابو دراع فتح الباب وشافه وشاف حالته واتلقاه بين اديه وسنده علي جسمه وبص لتوفيق بغيظ بعد ماشاف الدم اللي غرق وش كرار وخلجاته ولسه هيتكلم لكن قاطعه توفيق:
أيه يابو دراع! هتضروبني اني كمان عليه كيف ماضربت أخوه؟
اوعاك تفكر إنك بكده خدمت صاحبك.. له بالعكس دانت خلقتله عداوة كبيره مع حد المفروض يكون معاه كيف الجسد والروح ميفترقوش ولا يتخاصموا.. إنت بيدك عملت هابيل وقابيل جداد يابو دراع، وبيت الضغينه في قلوب الاخوات، بعد ماكانت غيره خفيفه وكانت هتروح وتزول مع مواقف صغيره يظهر فيها رباط الاخوه مابينهم.
ولعلمك انت ربنا مش هيسامحك عاللي عتعمله ديه وهيحاسبك عليه؛ لانك عتأذي اللي موجهلكش أذي.. واوبقي اقف يوم القيامه قدام ربك ولما يسألك ضربت فولان ليه ولا أذيت علان ليه قوله عيملت اكده عشان خاطر كرار!
ابقي شوف كرار هينفعك بأيه (يوم يفر المرء من اخيه،وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه،لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) يعني كرار اللي عتدافع عنه وتلم سيئات فحجرك بالكوم بسببه، هو اول واحد هيفر ويتبري منك وينكر معرفته بيك وصِلته بكل اللي عميلته فدنيتك عشانه.
خلص كلامه وبص لكرار بسخط ودور وشه ولسه هيتحرك لقي مخلوف وراه شايل ربطة خشب من فروع الشجر الناشفه جامعهم لدفى الليل وواقف ومش فاهم ايه اللي عيجرا!
وبمجرد ماعينه وعيت لكرار غرقان فدمه شهق ورمي الحطب واتقدم علي كرار اللي ساند دماغه علي صدر ابو دراع وهو عيسأل بخوف:
وه وه.. ماله كرار كفاله الشر ايه اللي سيح دمه إكده!
رد عليه توفيق وهو مديله ضهره:
ولدك اللي سيح دمه يامخلوف وسيح دم اخوه قبل منه.. ومن أهنه ورايح أبو دراع مليهش صالح بكرار ولدي..لا قعدة سمر تجمعهم، ولا حتي مشوار طريق يلمهم على بعض.. بذيادة لحد اهنه عاد، صحبتهم مهيتجنيش من وراها غير الشرور.
خلص كلامه وهملهم وطلع بره مرضيش يعاود للبيت من تاني لأن دماغه ممتحملاش كلام حورية مرته؛ اللي خابر زين انها النهارده لا هتهدا ولا هتنام وفرصتها علي ابو دراع ولقيتها.. وللأسف النوبادي لا هيقدر يدافع عنيه ولا يسكتها؛ عشان هو بنفسه عارف ان ابو دراع غلط غلط كبير.. مش عشان ضرب ولده.. لا
عشان ضربه لصالح اخوه.
يمكن لو كانوا اتعاركوا لاي سبب تاني كان فوتهاله وقال طيش شباب عيتهاوشوا مع بعض.. انما الضرب يكون لخصومة اخ ضد اخوه! داي فيها عداوه واعره قوي.
ومخلوف بس مشي توفيق من قدامه بص لابو دراع بعتب وقاله:
متجيبهاش البر ياقطب غير لما تهد علي راسك وراس ابوك كل السيرة الحلوه اللي عشت طول السنين ابنيها بين الناس..
مش هتعقل غير واحنا حاملين رحالنا وماشيين من البيت اللي عشت طول عمري فيه، ومن البلد كلها، وانت خابر زين اننا ملناش متوى غير إهنه.. اعقل ياولدي وخليني قاعد فموطرحي اللي كبرت واتجوزت وخلفت وشبت فيه.
خلص كلامه ونتر اديه بزعل ودخل علي البيت وهو عيبرطم بينه وبين حاله ويهز دماغه بعدم رضى.
أما ابو دراع فسند كرار ودخله البيت وقعده علي المصطبه اللي من داخل الباب، ودخل يشوفله حاجه يوقف بيها دمه السايح.
عاود أبو دراع من جوه وفيده تلفيحه بيضه من بتوع ابوه وبرطمان البن، وقعد جار كرار وفتح البرطمان وكب منه فوق جرح كرار وكتمه بيده غير مبالي بألم كرار وبعدها مسك التلفيحه وابتدا يلفها علي الجرح بصنعه وهداوه، وكرار كل شويه يرفع عينه عليه بخجل ويقوله:
حقك علي يااخوي انت اتهزقت من أبوي وابوك واتضربت من أمي واتحرجت قدام بدور وكل ديه بسببي.. آني محقوقلك وحقك على راسي.
أبو دراع بزهق: قولتلك الف مره ياكرار متاخدش فبالك محصلش حاجه، بطل رط اني متعود علي التهزيق بسببك مهياش اول نوبه يعني.
كرار: له بس النوبادي العيار زاد عليك حبتين حقك علي متزعلش.
-يوووه مقولتلك خلاص ياخي متزهقنيش.. قالها وضرب كرار علي دماغه فوق التعويره بالظبط خلاه اتألم.
مخلوف كان جارهم عيصلي العشا وختم صلاته وبصلهم هما الاتنين واتنهد ولف وشه وابتدا يسبح علي سبحته..
وأبو دراع شافه و غمض عنيه وخد نفس عميق وزفره بتعب ومتكلمش.. فتولي المهمه كرار اللي راح قعد قصاد مخلوف وقاله:
أمانه عليك ياعم متزعل من ابو دراع ولا تزعله.. آني السبب فكل اللي جرا واني اللي خليته ضرب عزت.
مخلوف استغفر ربه ورد عليه بهدوء:
ماهي دي النصيبه ياكرار.. انك انت اللي عتكون السبب في كل حاجه وكل مره، وأبو دراع هو اللي عيتحاسب ويوبقي في الوش ويشيل الشيله بدالك.
ياولدي إنت في لاول ولآخر واد المقاول توفيق، ومهما الناس لامت عليك مهيقدروش يأذوك كرامه لابوك وقيمته ومقامه وسطهم..
إنما إحنا ياولدي فقاره والفقير ضهره عريان وسط الناس وابو مين اللي مايضربه عليه.. واديك بنفسك شوفت أول واحد أبوك لما اتحط ابو دراع وولدة فكفه.. كفة ولدة اللي طبت،
وأول حاجه عميلها إنه قال لابو دراع يبعد عنك، وهو اكتر واحد خابر إن الغلط كله عليك؛ بس شاله من على ولده ورماه عالغريب.
وآني ولدي مهما عيمل عشانك برضك في الاخر غريب، وبكلمه من أبوك ميبقالوش وجود بينكم.. انتوا رباط دم ومهتتفرقوش مهما حوصول، والداخل مابينكم خسران ياولدى،
فبالله عليك تسمع كلامي.. ابوك قال لابو دراع يبعد عنك، بس اني عارف ولدي مخه زنخ ومهيبعدش لو حطوا راسه بين شقين رحاية وطحنوه.. برضك اللي فمخه هيفضل فمخه.. فأني هطلبها منك انت.. بعد عن ابو دراع ياكرار، ومتدخلهوش فمشاكلك وعدواتك وبالذات بينك وبين اخواتك.. هملنا عايشين اني وهو إهنه لغاية مااموت واندفن جار أمه فمدافنكم، وبعدها هو حتي لو حد مشاه من إهنه العمر لساه قدامه ويقدر يبنيله معيشه فموطرح تاني.. لكن آني لا هقدر ولا هعرف.. وخلاص ياولدي العمر ماباقيش فيه كتير خليني اعيشهم براحه الله يرضي عليك.
اتنهد كرار وهز دماغه بتفهم وقام وقف علي حيله وبص لأبو دراع بصه اخيره قبل مايطلع من البيت ويخطي كام خطوه ناحية بيتهم.. لكن وقفه حس ابو دراع وراه وهو عيقوله:
بعتني بكلمتين ياردي!
لفله كرار وقاله:
هعمل ايه يعني إنت مسمعتش حديت أبوك؟
رد عليه أبو دراع وهو عيتقدم عليه:
له سمعته.. بس وأيه يعني كلمتين ابوي اللي قالهم ماهو طول عمره أبوك عيحذرني من دفاعي عنك، وامك عتحاول تخليني أبعد عنك بكل الطرق، وآني لا عسمع لديه ولا عتبع داي.. تقوم إنت من أول كلمتين تبيع ياهلس!
كرار: مبايعش والله بس صعب عليا أبوك.
أبو دراع: له وإنت الصادق دانت خفت من أبوك ولقيت ان الضرب واعر ومهتتحملوش.. مع إني ياما كلت ضرب من تحت راسك واتحملت عشانك وبدالك بس إنت سَو.
كرار اتبسم ورجع لابو دراع وقف قدامه وقاله: معاك حق يابوا الصحاب.. دا حتي عيب عالدم اللي اتخلط ببعضه.. قالها وبص للجرح اللي فبطن إيده واللي أخوه بالظبط فبطن يد أبو دراع والاتنين ابتسموا وقوام حضنوا بعض.. ومكانوش واخدين بالهم للي كان واعيهم من بيته ولا للي كان داخل من البوابه وواعيهم هو كمان، وسواء ديه أو دوكها هما التنين هزوا دماغهم بيأس علي كتلة المشاكل اللي لقت درع قوة من غير عقل تعمل عملتها وتتخبي وراه.
كرار بعد عن باط ابو دراع وقاله: هنطلعوا النهاردة نسهروا ع القهوة؟
أبو دراع: فيك نفس للسهر؟
كرار: أيوه اومال ايه.. دا بالذات النهاردة السهر هيحلوا عشان همام والسيد قالولي واني معاود من الشغل انهم اتوحشوني وعايزين يقعدوا معايا هبابه.
ابو دراع سمع ألاسمين دول وملامحه كلها اتغيرت وهمس بديق:
تاني همام والسيد ياكرار! اني مش قولتلك بلاش التنين دول معرتاحلهمش.
كرار: والله أني معارف إنت كارههم ليه ياخي دول حتي عيال جدعان وقعدتهم كلها ضحك وميتشبعش منها.
ابو دراع: بس حشاشين والكل في البلد خابر وريحتهم فايحه واللي عيمشي معاهم عيتوصم بعارهم ويطوله الكلام اللي عيتقال عليهم.. وانت واد توفيق المقاول ومينفعش حد يجيب سيرتك بالعاطل.
كرار: والله حشاشين نشاشين لحالهم.. أني عقعد جارهم هبابه عالقهوة قدام الناس كلها وعلي عينك ياتاجر.. ومتخافش عشان اني واد توفيق محدش هيقدر يجيب سيرتي واصل.. ويلا جهز حالك للسهر وتقل قلبك إحنا فحمى المقاول ياد.
يلا سلام هروح اغير خلجاتي عشان نطلعوا.
أبو دراع : له مفيش طلوع النهارده خليها بكره.. انت النهارده تعبان ومضروب وحالتك حاله.. بكره ابقي اطلع واسهر كيف ماانت عاوز، دلوك ادخل ناملك هبابه عشان وراك شغل الصبح.
كرار: ماني نايم من المغرب لدلوك ومجاينيش نوم!
ابو دراع: يوبقي روح غير وتعالى هعملك دمسه ونسهروا اني وإنت في الجنينه نشووا قناديل شامي ونتحدتوا عن خيبتنا.
كرار : خلاص ماقول بعد قولك.. حضر الدمسه والقناديل واني هغير وجايلك.. وخلي همام والسيد لبكره.
خلص كلامه وراح ناحية بيتهم وابو دراع شبك اديه ورا ضهره وراح يتمشي حوالين البيت وسط الشجرالصغير وهو عيفكر فاللي خسر كل ماء وجهه النهارده قدامها.. واللي كل مايفتكر الموقف يوبقي عايز يروح علي حوريه مرت عمه توفيق
ويخ.. نقها لحدت ماروحها تطلع بين أديه
دخل كرار البيت ومكانش فيه غير جده كارم وجدته عديله قاعدين والباقيين كلهم اتفرقوا على مخادعهم.
كرار: وين أمي ياستي؟
عديله بصتله وضربت علي صدرها لما وعيت لدماغه المربوطه والدم اللي علي وشه وخلجاته،ولسه هتسأله أيه جراله اتحرك من قدامها عالموطبخ يدور علي أمه بنفسه وفعلا لقاها في الموطبخ..
كرار:امه هاتيلي شويه ميه اتسبح عشان ها…وقبل مايكمل جملته التفتت امه اللي كانت مميله عالكانون وصرخت بعلوا حسها وهي شايفه منظره :
بوووووه ياخلق..مين اللي سيح دمك انت كمان؟
كرار: ابوي عشان ولدك عزت.
حوريه: يامرررك ياحوريه الهي ربنا ياخدك يابو دراع ياللي عيالي دمهم عيتصفي واحد ورا التاني.. مره بيدك ومره بسببك..ربنا يعَدمني شوفتك قبال عيني يابعيد.
كرار:أممممااه.. قولتلك الا ابو دراع يمممه بطلي دعا عليه عالفاضيه والمليانه، بكفايه سميتي بدنه النهارده بكلامك وخجلتيه قدام الكل وكسرتي نفسه!
حوريه: الهي يتسم بسم طريشه من إحنشة الجنينه وتطلع روحه قبل مايلقوله طب ولا دوا.
كرار بعصبيه: يووووه.. انشاله كل اللي تدعيه علي ابو دراع يجي فيا انا ياشيخه.
حوريه بخوف: واه الشر بره وبعيد عنك ياولدي.
كرار: لو عتحبي ولدك متدعيش عليه.. عشان هتدعي علي ابو دراع يبقي عتدعي عليا.. ودلوك هتدخليلي بوق ميه اتغسل بيه وغيار اتكفن بيه ولا اقعد بخلجاتي دول وزفارة الدم اللي فيهم للصبح؟
حوريه وهي عتتحرك قوام: له ياغالي هوديلك الميه اهه.. روح ياضناي علي اوضتك واني هاجي وراك طوالي.. خلصت كلامها واتلافت بستله من المكفين علي القفص الجريد وعدلتها وابتدت تصب فيها الميه الحاميه ودخلتها ورا كرار عالحمام بتاعه وطلعتله غيار وهملته يتسبح وطلعت.
في الاثناء داي كان توفيق عاود من بره وقاعد جار أمه وابوه.. شافته حوريه وسالته بزعل:
حمداله عالسلامه يامقاول.. هتتعشي اجيبلك الوكل؟ الكل اتعشى وراح ينام.
توفيق: له معاوزش طفح ولا حاجه واكل وشارب من عيالك لما صايباني تُخمه.
حوريه: والله عيالي ماليهم صالح ديه أُس النصايب اللي يعملها كل مره وعيالي يقعوا فيها..أني بس مش… وقبل ماتكمل قاطعها توفيق بضربه من عكازه في الارض مصحوبه بزعيقه:
حوريه اقفلي خاشمك واقصوفي الكلام عشان اني ممتحملش رط؛ راسي عامل كيف الطبل.. وتعملي الصالح لو تخشي تنامي وتحرميني طلتك البهيه.
حوريه بغيظ: إكده ياتوفيق؟
توفيق بتأكيد: ايوه اكده ياحوريه.
حوريه بعند: طيب عند فيك ممشياشي من إهنه ولا هحرمك من طلتي البهيه واصل.. وادي قعده اهي.. وراحت علي الدكه اللي قبالهم وقعدت عليها.
توفيق هز دماغه بقلة حيله واستغفر ربه وطلع سبحته يسبح بيها..
كارم ميل على ولده وهمسله بشفقه:
حملك تقيل ياتوفيق ياولدي وعيالك نفوسهم مش صافيه لبعض وديه مهيخليهمش يحطوا اديهم فأدين بعض زيك إنت واخوك ولا يبقوا ايد وحده واصل.
توفيق بتنهيدة: مش مهم يبقوا أيد وحده يابايه.. المهم أن كل واحد فيهم يأمن بطش ايد التاني.. الفراق سُنه ووارد، بس المهم ان الفراق متصحبهوش عداوه.. والأيد لو مش فالايد متبقاش كرباج تجلد.
كارم: والله ياولدي اني شايف إن الأم هي السبب فأن العيال تتفرق.. م

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نفق الجحيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى