روايات

رواية نفق الجحيم الفصل الثاني 2 بقلم ريناد يوسف

موقع كتابك في سطور

رواية نفق الجحيم الفصل الثاني 2 بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم البارت الثاني

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني

نفق الجحيم
نفق الجحيم

 رواية نفق الجحيم الحلقة الثانية

فضل صابر على نفس وقفته مراقب غزالته بعيون عاشق، وقلب متيم، وعقل مغيب في عشقها كشارب الخمر.. له دا اقوي من شارب الخمر كمان، فشارب الخمر يصحوا بعد غفوته، أما العاشق فيبقي طول الوقت سكراناً.
كان يتنهد التنهيدة ورا التانيه وهو واعيها عتبعد عن عيونه وحده وحده، ومع كل خطوه تخطيها وتبعد عنه بذيادة، ويشوف النسيم يلاطف اطراف شالها الحرير، ويخليهم يطيروا في الهوا كيف جناحين فراشه عتستعد للطيران.. تزيد نار شوقه ليها مابين ضلوعه، ويتوعد ليها بينه وبين روحه.. ان بس ينقضوا الست شهور..هياخد فراشته ويحبسها فبستان قلبه ويقفل عليها جميع المنافذ ويقفل البيبان بأقفال المحبه..ويأسرها بين حجرات قلبه الاربعه ويداريها من عيون الكل.

أما شام فكانت ماشيه في طريقها ولكن عيونها متعلقة بالوحوش الصفرا الضخمه، ودب الرعب في قلبها ورجفت أوصالها لما وصلت قصادهم وبقت في مواجهتهم، واتهيألها للحظة أنهم مخلوقات حقيقية، او هما وحوش الحكايات التي كانت تحكيهالها أمها هي واخواتها وهما صغيرين قبل النوم.. وكان الوحش الاضخم بينهم ليه اسنان مدببة وطويله، والاقل منه له لسان حلزوني، والاصغر من الكبير واخد نفس شكله بس بأسنان أقل، وكانه طفله الصغير!
فمدت الخطاوي وهرولت هروله عشان تمشي من قبالهم وهي معتقده انهم هيهاجموها في أي لحظه.

وصلت الساحه وإبتسمت وهي شايفه بوضوح حنه اخت صابر صديقتها المقربه وتؤام روحها، وباقي البنات صحابهم قاعدين على جزع نخلة اعتادوا أنهم يقعدوا عليها دايماً،
وبمجرد ما رفعت شام يدها في الهوا وشاورتلهم.. الكل شاورولها بفرحه ورحبوا بيها بحفاوه كيف ماعيعملوا اول مايشوفوها فكل مره.. وديه لأن شام ليها فقلوب الكل محبه مخليهاهم يحسوا مع طلتها كأنها هلال العيد طل عليهم.. ودا لأنها عمرها مازعلت حد بكلمه ولا كان اسلوبها فظ ولا فيها خصله عفشه فطبعها تخلي حد ينفر منها.

اتقدمت شام ووصلت حدا البنات وقعدت جارهم وبدأت كلامها عن المطر اللي غرق الارض كلها وفرحتها بيه وعن الشتا وجماله وحبها ليه..وفآخر كلامها بلغتهم بخبر خطوبة صابر ليها.. وكأنه سابت الخبر للآخر عشان يكون مسك الختام.
وبس قالت شام الخبر.. كل البنات هللت بفرحه وباركولها والكل نطق فنفس واحد:
اخيرااااً ياشاااام!!
وقامت حنه اخت صابر من موطرحها وراحت على شام وحضنتها وهي عتعمل صوت ملوش اي علاقه بالزغاريت وعامله حالها عتزغرت والكل ضحك عليها.. خلصت زغروتتها المزعومه وبعدها همست لشام فودنها:
وآخيراَ بلح الشام هيتلم على عنب اليمن تحت سقف واحد ونار عشق اخوي هتنطفي وشوقه يخمد ويبطل سهر الليالي.. وحتي انتي هيرتاح قلبك المتلاع عليه ياحزينه.
ضحكت شام بخفه واحمرت خدودها واتلونت بلون الكسوف وهي عتسمع كلام حنه..وللاسف متقدرش تنكر حاجه منه ولا تكدب قدامها وقدام الكل أن قلبها متلاع بحب صابر لحفظ ماء وشها حتي..
وديه لأنها خابره إن الكل عارف باللي فقلبها لصابر وفقلب صابر ليها من زمان بدري.

****************

أما في مكان تاني.. وتحديداً في بلد تبعد عن بلد شام حوالي تلات ساعات بالعربيه في بيت كبير مبني علي مايقارب القيراطين وحواليه جنينه كبيره مزروعه على حوالي ٢٠ فدان ارض، والجنينه بالبيت عيفصلهم عن باقي البلد سور عالي ب٣ بوابات واحده رئيسيه واتنين فرعيين واللي يشوف السور وتصميمه يقول أنه اتعمل عشان يعزل البيت والجنينه عن باقي العالم.
وكأنه مملكه خاصه معزوله عن باقي البلاد.
وصاحب المملكه دي كان اسمه “توفيق”

او المقاول زي مالكل كان مسميه؛ ودا لانه عيملك معدات تقيله وعيتعامل بيها مع الحكومه في المشاريع اللى عتحتاج المعدات دي فتنفيذها ، وآخر مشروع حكومي إتعاقد عليه هو حفر نفق مشاه تحت خط السكه الحديد في قرية الملايحه، ودي تبقي قرية شام وعيلتها .

أما البيت من الداخل فكان مبنى بطريقة تقليديه علي طراز أغلب بيوت البلد في الوقت دا.
، ولكن الاختلاف كان في مساحة البيت الكبيره، فهو يعتبر اكبر بيوت القريه والقري المجاوره كمان.. حيث أنه متقسم لغرف وكل غرفة بحمام صغير خاص بيها، وعدد الغرف في الدور العلوي كانت اكتر من الدور الارضي.. وتقريباً اوض الارضي نص أوض الدور العلوي؛
ودا لان باقي المساحه بتاعة الدور الأرضى كانت متاخده في الحوش الواسع اللي فنص البيت، ومطبخ اتبنى على حوالي ٢٠ متر مربع فى آخر البيت.. وكان المطبخ نصه مسقوف ونصه من غير سقف عشان يصرف دخان الكوانين المبنيه فيه.. واللي عيتم عليها طبخ الوكل.
أما نص المطبخ التاني فكان فيه براميل بلاستيك وحديد بمختلف الاحجام ودا عشان يتشال فيها كل خزين الموطبخ من دقيق وعيش وتوابل وبقوليات؛ للحفاظ علي الخزين من التلف و الفيران والحشرات.
وكمان جار البراميل كان فيه نمليه خشب كبيره ببيبان طوليه متقسمه لأدراج وواخده تقسيمة دولاب الهدوم تقريباً.. ودي كانت مهمتها حفظ العيش المخبوز والوكل المطبوخ اللي ممكن يتعرض للسم من التعابين والحشرات السامه اللي كانوا دايماً يلاقوا منهم في البيت وفي المطبخ تحديداً، ودا بسبب الجنينه اللي حوالين البيت واللي من الطبيعي انها تكون مسكن لجميع انواع الحشرات.

وكانت تقسيمة الدور الارضي كالتالى :
غرفتين واسعين غرفه من داخل غرفه وليهم حمامهم الخاص ودول كانوا استثناء دوناً عن الغرف كلها لانهم مخدع الجد كارم والجده عديله أبو وام توفيق..وكمان الاوضتين دول يعتبروا هما الملجأ والملاذ الآمن المفتوح دايماً لكل افراد العيله، الصغير قبل الكبير وطول الوكت وكمان ديوان لفض المنازعات والمشاكل الصغيره بين الاخوات والسلايف وولاد العم كبيراً وصغيراً.

أما باقي غرف البيت والدور العلوي بالذات فساكن فأوضتين منهم كانوا قبال بعض توفيق ومرته وأخوه نعيم ومرته.
وباقي الاوض كان فيهم صفوت واد توفيق الكبير ومرته ورده بت عمه نعيم وولادهم التنين، وسَلام واد نعيم البكري ومرته نعمه بت عمه توفيق وولدهم الصغير اللي لساه مولود جديد، وبدور بت نعيم بت البنوت كانت قاعده معاهم فأوضه فنفس الدور، ..وكمان معروف واد نعيم ومرته فكريه بت عمه توفيق ودي كانت حامل لانهم متجوزين بقالهم يادوب كام شهر.

أما عزت وكرار ولاد توفيق العُذاب كانوا ساكنين في الدور الارضي،

وكان البيت أشبه بقبيله صغيره من الاولاد الصغار والكبار وقائد القبيله دي وراعيها هو توفيق؛ بما ان هو اللي عيصرف من شغله علي البيت كله باللي فيه.. وكلمته مسموعه وتمشي عالكبير قبل الصغير حريم ورجاله، اما اخوه نعيم فكان شغلته الدعبسه عالمناقصات بتاعة الحكومه والشمشمه علي المشاريع الكبيره اللي ينفع توفيق اخوه يدخل فيها فمعداته وتحصيل دفعات فلوس المشاريع من الحكومه وتقبيض العمال.

وفيوم كيف باقي الأيام الجد كارم ومرته عديله قاعدين كيف عادتهم عالدكه فوش باب البيت المفتوح عالجنينه يتسامروا، ودخل عليهم توفيق من البوابه بخطواته الغاضبه وملامحه اللي متبشرش بالخير ووصل لغاية الدكه اللي قاعدين عليها أبوه وأمه وقعد جارهم، بعد مارمى عليهم السلام وسألهم علي صحتهم،
وبعدها بص لمرته حوريه اللي كانت واقفه علي باب الموطبخ عتبصله بخوف وبعيون ماليها الغضب سألها:
ولدك المجلع فين ياحوريه؟
اتلجلجت حوريه وهي عترد عليه لانها متوكده إن كرار عمل مصيبه جديده من شكل أبوه وعصبيته:
– مما ممعرفاشي ياتوفيق، ماانت خابر إنه معيقوليش رايح وين ولا جاى منين ولا حد عيعرف موطرحه.

توفيق خد نفس جامد ونفخه وهو عيدب عكازته في الارض كذا مره ورا بعض؛ وحركته داي معناها إنه عينذر بقدوم عاصفه هوجاء من غضب عارم وطبعاً الكل عارف مين سببه.
فبصت حوريه لحماتها عديله والتنين بلعوا ريقهم بخوف ومحدش كانت حداه الجراءه يسأل توفيق فيه أيه ولا ينطق فاللحظه داي غير أبوه كارم اللي قاله:
روق ياتوفيق وكل نايبه عتبتدي كبيره وتصغر.. وقول ايه النايبه اللي هببها كرار النوبادي.
رد عليه ولده توفيق بصوت عالي ونبره عتوصف كمية القهر اللي جواه:
وآني هفضل اتحمل نوايب المكفي ديه لحدت ميته يابوي.. آني خلاص تعبت وفاض بيا.. يعني اني ربيت راجلين جوزت منهم واحد والتاني طوع يميني وماشي فى ضلى، وبتين كبرتهم وجوزتهم محسيتش بيهم،وياجي الزفت ديه علي آخر الزمن يمرمطني ويجريني وراه كيف المجذوب ارَقِع واداوى فاللي يخربه مع الناس.. الهي ربنا ياخده البعيد ويريحني منه ومن قرفه.
واهنه صرخت الام والجده سوا:
بعد الشر.. الشر بره وبعيد.. وكملت حوريه بزعل واضح.. واااه ياتوفيق.. عتدعي علي ولدك بالموت؟ حرام عليك ديه لحمك ودمك ولساه صغير ميفهمش وكل اللي عيعمله ديه طيش شباب وهيكبر ويعقل.. ديه كل عمره ٢٠ سنه ولساه مشافش من الدنيا حاجه.
توفيق: ماهو ديه اكبر سبب لدعايا عليه.. عشان من وهو عيل صغير وكل يوم يجيبلي نصيبه شكل بس يطلع الشارع.. كيف الفروج معيطلع من عشته نضيف ويعاودلها بالوسخ على رجليه،
وياريته بعد مايعمل المشكله ولا يبدأ العركه عيواجه ويعلم على اللى قباله.. الا عيتخبي كيف الفار ويخلي أبو دراع هو اللي يتصدي لمشاكله ويدافع عنه ويرفع عنيه الأذى وياخده بداله.
عقولك ايه ياحوريه غوري من قبالي وقفلي علي سيرة ولدك الني ديه وقندليلي فنجان قهوة اتسممه، حاكم راسي بقت كيف الطبل من كتر الغيظ وحاسس مخى نَمل من عمايل ولدك..غوري.
اتحركت حوريه من قباله قوام ومن غير نص كلمه وجريت علي الموطبخ عشان تنفذ الامر اللي لو إتأخرت في تنفيذه هي خابره زين إن كل غضب توفيق جوزها من ولده كرار هينصب عليها هي.

فضل توفيق ينفخ بغيظ وغلب وأمه وأبوه يهدوا فيه.. لغاية مابص للبوابه اللي إتفتحت ودخل منها أتنين ولده كرار.. والتاني (“قطب ” الشهير بأبو دراع.. شاب طويل طول ملفت قوى البنيه مفتول العضلات بشرته قمحيه ملامحه حادة عنده ٢٥ سنه ودا يكون واد أجيره وصاحبه مخلوف) واللي ساكن هو وابوه فبيت صغير مبني على اول الجنينه بتاعه البيت ورا بوابة السور طوالي،
وهو وأبوه المسئولين عن رعاية الارض والجنينه اللي حوالين البيت وقطف محصولها وبيعه وتسليم تمنه لتوفيق.
أما أمه فاتوفت من كام سنه ومن بعدها أبوه مخلوف رفض الجواز وفضل عايش مع ولده ابو دراع لحالهم..
ونظراً لإخلاص مخلوف وطيب اخلاقه وأمانته توفيق كان مآمنه علي كل حاجه أرضه ومحصوله وحراسة معداته.. وحتي علي أهل بيته في غيابه هو واخوه وعيالهم طول النهار بره البيت فأشغالهم.

كرار اول ماوعي أبوه قاعد والغضب متجلى علي ملامحه اتأكد ان أبوه عرف بعركته مع واد العمدة.. وقف موطرحه وبصله بخوف، وبص لابو دراع وبلع ريقه وهو عيترجاه بعنيه إنه ميهملهوش.. وكيف كل مره ابو دراع طمنه بحركه من عنيه إنه مهيخليش حد يأذيه.. ومسكه من دراعه واتقدم بيه علي جوه ووقفوا قبال توفيق، ورمي أبو دراع السلام ع الكل وبص لتوفيق وخصه بالكلام:
شوف ياعم الحج عشان الظاهر إنك دريت بالعركه.. كرار مغلطش وواد العمده هو اللي بدا الغلط والمجاكره.. وإحنا رجال واللي يغلط فينا منهملهوش من غير مانعرفوه غلطه حتي لو كان مين وواد مين.
بصله توفيق وبص ليده اللي لساه دم واد العمده عليها مغسلهوش وقاله :
ياابو دراع قولتلك الف مره متتدخلهوش فمشاكل وتطيح فمخاليق ربنا عشانه.. ديه واد لئيم واللي عياجي فوشك يغلط فيه مره من غير سبب.. آني متوكد إن الزفت ديه عيكون غلطان فيه الف مره وهما لحالهم، ومخلي روحه واصله لطرف مناخيره، فياجي الشقي يبظم بكلمه علي كرار من غيظه ولا يحاول يرد كرامته ويبقي رمي روحه في الهلاك معاك.
قولتلك الف مره آني وابوك واهل البلد والدنيا كلها.. متخليش دراعك سلاح للظالم لكن إنت مفيش فايده فيك.. متعافي بقوتك علي الناس ومخلي البجم ديه طايح في الخلايق علي حس دراعك، وكل يوم عداواته مع الناس عتكتر لما مبقاش حد طايقه.. ولا طايقك إنت كمان.

رد عليه أبو دراع وهو عيرفع قبضة ايده وعيبص للدم اللي عالق فيها:
واني قولتها قبل سابق ليك ولابوي ولاهل البلد وللدنيا بحالها.. إني مههملش اخوي يتهان ولا حد يمس طرف توبه طول ماني عايش وعتنفس هوا ربنا.. آني وكرار خاوينا بعض بالدم، وعاهدنا بعض علي الاخلاص ونصرة بعض على الدنيا كلها.

رد عليها توفيق بغضب:
يعنى هتفضل طول عمرك تنصرة في الظلم وتسانده حتي في الباطل يابو دراع.. يعني مفيش فايدة لاي حديت معاك؟
ياولدي إنت مش عتفيده إكده بالعكس إنت عتضره وتضر حالك معاه.. وآني بصراحه مبقتش ملاحق علي مشاكلكم.. ولازمن تكون للزفت ديه وقفه.

وفي اللحظه دي رد عليه عزت ولده الوسطاني اللي كان واقف على باب أوضته وسامع حديت ابوه:
وهو ديه اللي عقولهولك من زمان يابوي.. كرار فاع قوي وديه عشان قاعد فاضي لا شغله ولا مشغله وربايته في الشغل .

فرد عليه ابوه توفيق مأيد: الظاهر ان كلامك هو عين العقل ياعزت..كرار صوح مش متربي وحان وكت الربايه ولو ربايته في الشغل يبقي آن أوانه خلاص.. وعليا الطلاق من امه بالتلاته لو مانزل كرار الشغل من بكره لاكون راميه هو وامه اللي فسدته داي في الشارع، واخليهم يستجدوا اللقمه كيف كلاب السكك، ويبقي يخلي الجلع وقلة الحيا ينفعوه وينفعوها.. بقي آني ولدي يبص لعرض الناس ياناس.. آني أقف بسواد الوش قبال العمده واطاطي راسي اللي عمري ماطاطيتها قدام حد واني عاخد حديت فجنابي كيف عيل صغير عامل عمله!
أني العمدة يقولي أنت حابس عرضك وطالق كلابك علي عرض غيرك!
اني يتقال عليا اني مربي كلاب.. عارف لما حد يقول لحد أن ولده كلب معناها ايه ..معناها ان الكلب معيخلفهوش غير كلب ياعويل.. افرح ياكرار انت وامك بدال ماترفع راس ابوك بأدبك واخلاقك وربايتك خليته كلب وسط الخلايق.

خلص كلامه وضرب الارض بعكازه وقام واتحرك على بره ومردش على أسف كرار ولا توسلاته ليه بانه يسامحه.
طلع وسابله البيت كله عشان مش طايق يبص فوشه ولا يشوف خلقته..ونبه علي عزت بس أمه تخلص عمايل القهوة يجيبهاله على الجنينه حدا بيت مخلوف.

وبمجرد ماتوفيق طلع من البيت كرار هجم على عزت ومسكه من خلجاته وهمسله وهو صاكك على اسنانه بغضب:

اظن الفرحه مش سايعاك فاللحظه دي ياعزت. يارب تكون مبسوط دلوك ونفسيتك مرتاحه!
رد عليه عزت بإبتسامة انتصار ونظرة زهو:
مبسوط ومرتاااااح فوق ماتتصور.. يلا عاد ياخي بكفياك جلع واتفطم من باط امك وانزل اشتغل وأشقي كيف الرجال اللي أنت محسوب عليهم.
خلص جملته ونفض ادين كرار من خلجاته واتحرك من قدامه قوام ودخل الموطبخ ورا أمه بحجة فنجان القهوة اللي هياخده لأبوه؛ عشان عارف أن كرار فاللحظه دي عامل كيف بركان غضب عيفور وهيحرق أي حد قدامه..
وانه النوبادي وبعد حلفان ابوه مش هيقدر يتملص من نزوله للشغل كيف كل مره، وأنه قُضى الأمر وخلاص. وكمان هرب من نظرات ابو دراع ليه اللي هتحرقه وهو واقف فموطرحه من زعله علي كرار.

أما كرار فأتحرك قوام على أوضته فتح الباب بعنف وقفله بعنف أكبر.. وقعد على سريره يتأفف من عمايل اخوه عزت ومن حكم أبوه اللي صدر النوبادي بأثر غير رجعي.
أما أبو دراع فساب البيت وطلع يتحدت مع عمه توفيق شويه ويحاول يمتص غضبه من ناحية كرار ويقنعه أن كرار مغلطش النوبادي، وأن كل اللي حوصول مع واد العمده مجرد سوء تفاهم وسوء فهم مش أكتر.
راحله وهو حاسس أن مهمته النوبادي فإقناعه صعبه ومش هتجدي بأي نفع؛ وخصوصاً وهو رايح يقنعه بحاجه هو نفسه مش مقتنع بيها وعارف إنها كدب.. لكنه شايف أن دا حق الصاحب على صاحبه، وهو سيد من يعرف اصول الصداقه وسيد من يوفى حقوقها.

وبينما كرار كان فأوضته نايم علي سريره وحاطط اديه تحت راسه وباصص للسقف وحاسس بظلم بين وقع عليه النهاردة بحلفان ابوه عليه النوبادي عشان ينزله الشغل غصب وحاطط كل الذنب عند عزت اخوه.
باب الأوضه اتفتح بشويش ودخلت عليه أمه حوريه بخطوات بطيئه، وبمجرد ماوقفت قدامه همستله بمحبه:
كرار ياولدى.. أني خابره انك محروق من كلام ابوك وواخد على خاطرك منيه.. بس ياولدي اوعاك النوبادي تقف فوشه ولا تعارضه عشان متخسرهوش وتخسر محبته ليك للأبد.. خده علي كد عقله وانزل الشغل وشويه واتحجج بأي حجه وسيب الشغل وقوله هشتغل في الارض، وان شغل الحفر مش جاى على هواك..أبوك حلف النوبادي وانت عارف انه طول ماحلف معيرجعش فحلفانه والحلفان بتاع ابوك لا عمره عيكون لغو ولا عتكونله رجعه فيه ولا يصومله كفارة.. خلاص ياولدي النوبادي الأمر نفذ ولا اني ولا انت ولا أي حد فيده تبديله..
وبالله عليك ماتزعل روحك ياحبيبي ولا تنقهر معتحملش اشوفك في الحاله داي ياقلب امك.
زفر كرار بقلة حيله وهز دماغه لامه بالموافقه وشال يده من تحت راسه وفرك وشه بيها وهو عيحاول يتخلص من شعوره بالضيق وهمسلها بتعب:
حضريلي الوكل طيب على مااقوم اتحمم واعملي حساب ابو دراع هياكل معاى.. وهاتيلي بستلة ميه حاميه علي الحمام أو خلي وحده من خواتي البنات توديها علي مااطلعلي غيار نضيف غير ديه.

ردت عليه حورية: آني اللي هجيبلك الميه خواتك البنات مفاضيينش كفايه عليهم خدمة رجالتهم.
كرار: طيب يلا عشان الحق ابو دراع قبل مايتغدي مع ابوه نواشف.
برطمت حوريه بغضب:
– يادي ابو دراع وسيرته.
قاطعها كرار بعصبيه: أمااااه.. الا ابو دراع.. قولتلك الف مره اياكي تبينيله او تبينيلي انك مقابلاهوش؛ انتي خابره آني عحبه كد ايه، وخابره زين ان اللي عحبه معتحملش عليه الهوا.. متخلينيش ازعل منك يمه.. كله الا حبايب كرار يام كرار.. يلا روحي اعملي اللي قولتلك عليه وخلي وحده من بناتك تجيبلي شوية ميه اتندح بيهم.

كظمت حورية غيظها وهملت الأوضه وطلعت منها وهي عتبرطم فى سرها بكل عبارات السب والشتايم على أبو دراع وحتى أبوه مخلوف؛ لأن التنين دول دوناً عن غيرهم ليهم حدا جوزها وولدها منزله ومكانه ومحبه هي ذات نفسها متملكش زيهم، ولا حتي نصهم فى قلب جوزها وولدها..
فالأب مخلوف مستولي علي عقل وقلب جوزها.. وولده ماشي على نفس نهجه وواكل بعقل وقلب ولدها كرار حلاوة ومعيمشيش خطوه وحده من غير مايكون معاه ورجلهم علي رجل بعض،
وراميه ذنب سوء اخلاق كرار كله على ابو دراع، وان هو اكبر سبب في فساد اخلاق ولدها..
منين جابت الافتراض دا واستندت فيه على أيه متعرفش ولا حد يعرف.. بس هو دا اللي طول الوكت فدماغها ومقتنعه بيه تمام الاقتناع.
راحت على الموطبخ ودورت علي كانون لساه جمره موهوج وحطت عليه الوكل عشان تسخنه لكرار.
وغرفت من آذان الميه الفاير وملت بستلة (اناء المونيوم خاص بحفظ المياة) وودتها لكرار علي الحمام اللي فأوضته.

أما كرار فدخل واتحمم قوام قوام وطلع ينادي ابو دراع عشان يتغدى معاه،
وبمجرد ماطلع من بوابة البيت واتلفت حواليه شاف ابو دراع متشعلق فوق برميل وعيقلم فشجرة مانجه من الشجر اللي زارعه بيده من سنتين.
نادى عليه بعلوا حسه وقاله:
ابو دراع.. امي زمانها حضرت الوكل لو عايز تاكل انزل وتعالا قوام عشان اني مهستناكش.
خلص كلامه ولف يعاود للبيت وقبل مارجله تخطي عتبة البيت ابو دراع كان سابقه وداخل قبل منيه.
ضحك كرار وهو واعي لهفة ابو دراع عالوكل الباينه فسرعة خطاوى رجليه، ودخل وراه وراحوا على اوضة كرار وقعدوا يستنوا الوكل.
وفي الوكت دا دخل ابو دراع حمام اوضة كرار واتشطف فيه بباقي الميه السخنه اللي فاضله منيه في البستله من تراب الشجر وغسل اديه استعداداً للوكل.
وشويه ودخلت ام كرار شايله صينيه عليها كل الاصناف اللي عيحبها ولدها الغالي، وحطتها علي الطربيزه وطلعت بعد مابصت لابو دراع بنظرة كره هو عارفها زين ومتعود عليها، ومعيعملهاش اي قيمه.
وهو أول واحد بدأ بالأكل ومد يده عاللي في الصينيه قبل كرار ولدها وخد احسن واعفى حمامه كمان..كنه عيعاندها ويغيظها ويزود كرهها ليه.
طلعت حوريه وهي عتبرطم وتشتم فابو دراع وتتمني لو إنه يختفي من حياة ولدها.. متأكدة ان كل الامور وكتها هتكون تمام.

اما كرار وابو دراع اثناء اندماجهم في الوكل.. مره وحده ابو دراع رفع راسه لما لمح طيفها معدي من قدام باب الأوضه، واللي كنه طاقه واتفتحتله على الجنه.
اتوقفت كل حواسه واتسمرت عيونه عليها وهي معديه قباله ولمعت عيونه بنظرة تمني وهو واعي بدر البدور معدية من قدام باب الأوضه.. أهم واكبر أمنياته، ومحور دعواته، اللي لو إتحققت فلتذهب بعدها كل الامنيات للجحيم، فلا الحوجه للاماني من بعدها.

أما كرار فرفع وشه لما لاحظ ان ابو دراع اتوقف عن الوكل. ولما شافه باصص فين زفر بديقه وقاله بنهرة :

متحكي مع عمي ياابو دراع وتريح قلبك وعنيك اللي راحو من كتر المراقبه من بعيد لبعيد دول.. وبعدين أني ممتحملكش تبص لعرضي ياخي! ومهما كان قربنا من بعض أني عشوفها تقيله إنك تاكل بت عمي بعنيك إكده قدامي..والله لولا ماانك صاحبي واخوي كنت شبعتك كتل كل مااشوفك تتطلعلها.
ابتسم ابو دراع ورد عليه بتهكم: شوفوا مين اللي عيتحدت عاد.. ومادام عارفها عتوجع وتحرق قوي إكده هتستحلها ليه لنفسك وتاكل بنات الناس بعيونك ليه ودايما موقع روحك في المشاكل ومركب نفسك الغلط؟!
عالأقل أني غرضي شريف وعيني مش نكسه ولا قصدي بعرضك حاجه عفشه ياسي كرار.

رد عليه كرار قوام:
وهو ديه اللي مصبرني ومسكتني عليك لحد دلوك.. بس برضك لازمن تحط للوضع ديه حد وتشوفله آخر، وتخلي ابوك يخطبلك بدور من عمي وتتجوزها وتريح عنيك اللي بظوا من موطرحهم من كتر البصبصه طول السنين الفاتت.. وكمان عشان تريحني آني ياخي.
غمض ابو دراع عيونه وزفر بقلة حيله ومردش على كرار لكنه همس لنفسه:
الامر مش بالسهوله اللي انت مفكرها دي ياكرار..عمك ولا عياله عمرهم معيشوفوني ولا يشوفوا ابوي بعينك وعين ابوك ياكرار
والظاهر ان بدور هتفضل حسره فقلبي وعيوني لآخر العمر، وأمنيه مستحيل تتحقق مهما طالت سنين التمني.

وكمل وكله قوام قوام وطلع من البيت وهو عيصارع روحه المتلهفه لشى عارف زين أنها مهتطولهوش، وخصوصي بعد تلميحات سلام اخو بدور ليه قبل سابق كذا مره فكذا مناسبه إنه مش كد المقام.. وغير إكده نعيم ابوه وابو بدور اللي مش شايفه ولا عيعامله غير على اساس إنه أجير فأرضهم وكلاف لبهايمهم وبواب علي بيتهم لا أكتر ولا أقل.
ومن سنين وابو دراع عيحاول فكل يوم أنه يقنع قلبه يقطع حبال الود، لكن القلب فأمور المحبه اكبر عاصي وأشد عنيد.

عاود أبو دراع تاني للي كان عيعمله وعاود لقص فروع أشجار المانجه، اللي السنادي فرحته متتوصفش بيهم وهو شايف الشجر بانت عليه بشاير الخير، وطرحه اصبح وشيك وأبو دراع متأمل ان السنادي تظهر شماريخ طرحه.
أما كرار فأتمدد شويه ففرشته وحاول ينام، لكن صورة بت العمده اللي شافها النهارده بالصدفه وجمالها اللي زلزل كيانه مرضياش تروح من قبال عنيه.. واللي اخوها متحملش بصاته ليها وهي معديه بالكارته هي وامها، ومسك فيه، ولولا وجود ابو دراع معاه وحاشه عنه كان زمانه مسففه التراب.

قام كرار من فرشته علي صوت أخوه عزت وهو عيتجادل مع أمه وفتح الباب وطلع وسمعه بوضوح وهو عيقولها:
أيوه يمه ارتحت، والمفروض انتي كمان تكوني مرتاحه زيي.. أصل بصراحه أني واخواتي مش هنقعدوا طول عمرنا نشقوا، وولدك كرار نايم في البيت كيف الحريم، ويتصرف عليه من شقانا وتعبنا.. مش احنا نقعدوا فعز الصهج وطهابيج الحر والسموم راكبين الحديد المولع من حرارة الشمس وجسمنا يكب في العرق كب وروحنا تبقي رهقانه رهق.. ولا فعز الشتا يلفح فينا الهوا وادينا ورجلينا تكون متلجه ومقادرينش نتحكموا فأطرافها وهو نايم جارك اهنه في الضل والدفى، ووقت مايعوز ايوتها حاجه لو لبن العصفور يحضرله فالتوا واللحظه وبدون تعب ولا جهد ومتتقابلش طلباته غير بالسمع والطاعه.

عزت:كان عيتكلم بعصبيه لدرجة أن حسه كان عالي وفيه هجوم واضح على امه وعيتكلم بحرقه طالعه من نص قلبه، وكرار شاف منظره وهجم عليه ومسكه من خلجاته وبعيون حمره كيف عيون الغول قاله :
بص ياعزت..اسامحك واعديلك فأي حاجه تخصني أو تخص اي حاجه في الدنيا.. الا انك تعلي حسك على أمي وتهينها وتتعدى عليها حتي بنبرة الصوط.

أنت كيف تتجرأ وتزعق فيها بالشكل ديه.. إنت اتجنيت أياك.. وبعدين داري الكراهي بتاعتك هبابه ياخي مش اكده.. اصل المجاهره بالغل عيبه فحقك ياكبير ياعاقل.. وخلاص ريح هبابه وهدي نفسك.. اللي عتتردح عليه من زمان اهو حوصول، واديك وصلت لمبتغاك وابوي حلف عليا انزل الشغل معاك، يارب تكون مبسوط دلوك ونفسيتك مرتاحه.
عزت : اول هام أسمها أُمنا.. ماهي مش امك لحالك هي، وانا يحقلي اكلمها كيف مابدي، ومش من حقك تعترض علي طريقتي معاها.. ديه بالنسبه لأول هام.. أما ثاني هام عاد.. سكت لثواني وإتطلع لوش كرار المحقون بالغضب وهمسله بإبتسامة تشفى:

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نفق الجحيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى