روايات

رواية نفق الجحيم الفصل الثالث 3 بقلم ريناد يوسف

موقع كتابك في سطور

رواية نفق الجحيم الفصل الثالث 3 بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم البارت الثالث

رواية نفق الجحيم الجزء الثالث

نفق الجحيم
نفق الجحيم\

رواية نفق الجحيم الحلقة الثالثة

النهارده اول يوم ينزل كرار الشغل وقام الصبح بدري على صوت اخوه عزت المزعج وهو بيصحيه بفرحه واضحه فنبرة صوته:
– قوم ياحيلتها.. قوم النهارده اول يوم ليك فعالم الرجوله.
فاق كرار من نومه وهو عينفخ ويفش ورمي الغطى من فوقه، وقام وهو عيستغفر ربنا، واتلفت حواليه ومن الشباك القزاز اللي عيطل على حوش البيت شاف الدنيا لساها مغبشه، والصبح مصبحش زين! .. غمض عنيه ونفخ بغلب ودخل عالحمام، اتشطف وراح عالموطبخ وشاف امه ومرت عمه واخواته البنات التنين وبنات عمه التنين واقفين على الكوانين وعيعملوا الفطور!
صبح عليهم وجاتله امه جري، حبته على خده وفضلت توصيه يطول باله على ابوه النهارده ويتحمل رزالة اخوه عزت ويعدي يومه علي خير؛ لغاية ماربنا يعدلها. ووعدته انه مش هيطول في شغل الحفر، هما كام يوم بس على عقل ابوه؛ وبعدها هترجع الامور تاني على هواه وكيف مايحب.
هزلها كرار دماغه بموافقه مرغم عليها، وراح علي اوضته لبس خلجات يناسبوا الشغل، وطلع لقي ابوه وعمه وعيال عمه التنين، واخواته التنين، وجدته وجده كلهم قاعدين على الطبالي، والحريم عتجيب في الوكل وتحط قدامهم ويتحركوا بنشاط كيف خلية نحل فايقه الصبح نشيطه! .
وكل ديه عيحصل فوكت كرار كان فاكر ان الناس كلها فيه عتكون نايمه زي حلاته!.. اتاري يومهم عيبتدي بدرى قوي ويومه هو بالنسبالهم يتحسب نص يوم بس!
راح كرار ناحيتهم وهو باصص لعزت اخوه اللي من اول ماعيونهم اتلاقت وهو عيحاول يخفي إبتسامته عن الكل بس الشماته باينه فعنيه وكرار واعيها زين.
توفيق اول ماشاف كرار قرب ووقف جار الطبليه بص بعيد عنه بزعل وقاله:
تعالا قنبر إهنه واتريق يومك طويل وفي الموقع مفيش وكل.. مهتاكلش غير بعد ماتخلص شغل وتعاود، ومهتلقاش غير الميه تقربع فيها لما تتغمي لو شربتها على معده خاليه.
حوريه جات من الموطبخ ماسكه فيدها طبق كحروت مسلوق ومدحرجاه في السمن البلدي عاملاه مخصوص لكرار عشان عيحبه وحطته قدامه وطبطبت علي ضهره وهي عتقوله:
كل ياحبيبي واسمع حديت ابوك انت طالع على شقى وتعب.
خلصت حديتها واتعدلت من ميلانها وشافت توفيق عيبصلها بغضب، وعرفت انه هيسمعها كلمتين واعرين بسبب طبطبتها علي كرار وحنيتها عليه دوناً عن الكل، واللي توفيق عيكره يشوفها عتعمله قدامه، ورامي لوم بوظان كرار واللي فيه دا علي جلعها الزايد ليه من يوم ماولدته.
اتحركت من جارهم قوام، وبمجرد مامشيت، وقبل ماكرار يمد يده علي طبق البيض كان عزت مادد يده ومتلافي منيه اتنين، حط وحده فخشمه مره وحده ووحده قدامه.. وهو عمل اكده وكرار زعق فيه بغيظ وقاله:
-ايه الطفاسه والسَعر اللي إنت فيه ديه يابارد انت.
وقبل ماعزت يرد رد عليه ابوه:
مالك ياكرار اتنجمت ياك؟ مالوكل كتير قدامك! فيها ايه لما اخوك يتلافه من صحنك حاجه؟ مش هتبطل الانانيه والعفاشه اللي انت فيها داي ولا ايه.. اتعلم تحب اخواتك واللي فيدك متعزهوش عليهم مهما كان قليل وملوش قيمه أو كتير وغالي عليك.
وحط فبالك ان اللي النهارده فيدك ومش فى يد اخوك، بكره هيكون فى يد اخوك ومش فى يدك.. واللي هتلافيه بيدك هتتلافاه تاني وهيتردلك بالهبابه.
كرار بغلب: يابوي كل الموال ديه عشان بيضه! الطبق اهه خليه ياكله كله ياعمي اني معاوزش منيه خالص.
بس يكون فمعلومك يابوي.. ولدك عزت طول عمره عينه عاللي فيدي وعيحب ياخده حتي لو مش محتاجه.. هو عيحب يقهرني مش اكتر..وبدال ماتكلمني أني عالانانيه والعفاشه.. كلم ولدك على الحكد والاستكتار والبصه للي مع الغير.
خلص حديته وقام من ع الوكل وطلع لبره البيت.. واول ماطلع شاف ابو دراع عيجر فمكنة الميه وعيشبكها فالحمار عشان يوديها عالمسقى ويروي الارض.
كرار :صباح الخير يازفت انت كمان.
ابو دراع: واه؟!
كرار: مالك ياد؟
– ماليش.. بس هو ايه اللي هيوحصول النهارده قايم بدري؟.. ولا منمتش من عشيه ولا ايه؟
كرار: له نمت ياخوي وشبعت نوم.. انت ناسي اني هنزل معاهم الشغل من النهارده ولا ايه آني مش قايلك من عشيه!
– ههههههههه والله والفرخ هيكبر ويبقي راجل ودراعه هيجيب الخير.
كرار بعصبيه: هتعملي كيف عزت ياخي انت التاني، مش كفايه عليا تقطيمه ليا من عشيه وبصاته المليانه شماته عالصبح ولؤمه اللي سد نفسي وكدرني!
ابو دراع كشر واختفت ضحكته ورد عليه: وليه يكدرك عزت الكلب؟
هملهولي اني النهارده هخليه يحرم يقولك نص كلمه ولا عينه تترفع فعينك، وبدال ماهو اللي فرحان فيك هقلبلك اني كفة الميزان واخليه يتدس منك عشان متتمقلتش عليه.
جرجرهولي بس إنت النهارده فاخر النهار عالساحه وقوله ابو دراع هينازل النهارده وهمل الباقي عليا.
دا ماعاش اللي يكايدك واني على وش الدنيا، هو نسا اننا متخاويين بالدم واللي يزعل اخوي يبقي جنى على روحه ولا ايه؟
كرار: عزت معينساش حاجه واصل بس هو اللي مغشم حاله ومستضعفني.
أبو دراع:
ماقولنا لا عاش ولا كان.. علي العموم النهاردة نعرفوة مقامه ونوروه مين الضعيف فيكم.
اتبسم كرار وقرب من ابو دراع وحضنه وهمسله جار ودنه: كفو ياأخ مجابتهوش امي.. كفوا يا سند كرار وحامي ضهره.
قالها وبعد عن حضنه وابو دراع طبطب علي دراعه وقاله:
روح ياخوي واشتغل وبينله انك ارجل منيه واشد واقوى..ووري ابوك والكل ان كرار راجل ماهوش مدلدل ولا ني ولا بجم كيف ماالكل عينعته.. واني هوريه إنك مش هفيه ليه يتشمت فيك.. صوح هو اخوك.. بس آني اخوك اللي هبقي معاك علي اخوك، وولد عمك، وع الغريب، وكل اللي يأذيك.
قالها واتحرك من قدام كرار بعد ماضرب الحمار عشان يمشي وهو شال خرطوم المكنه علي كتفه ومشى وراه.
اتجمعوا الشباب كلهم بره البيت بعد ماخلصوا فطور وتوفيق علي راسهم وطلعوا بالعربيه الفورد بتاعتهم كلهم سوا محشورين فيها حشر.. صفوت وسلام نزلوا على الطريق عالموقع القديم اللي كانوا واخدين فيه شغل قبل سابق عشان يشوفوا تشطيباته وصلت لحد فين،
وكرار وعزت ومعروف كملوا عالموقع بتاع النفق مع أبوهم وعمهم نعيم.
بعد ساعات من الشغل..
كرار وهو عيمسح عرق أول نوبه يعرف إنه عينزل فعز الشتا:
ايه الحر ديه وايه الشمس اللي فعز الشتا داي وأيه التعب ديه؟
عزت بضحكه: عشان تشوف الرجال عتعمل ايه وانت قاعد في البيت نايم في الضل، ويوم ماتطلع من البيت تطلع تتمشي ساعة العصاري وتتشاكل مع خلق الله.. شوف الفلوس اللي عتصرفها عتاجي منين وكيف.
رد عليه كرار بغضب من كل التعب اللي حاسس بيه
:أنت تخرس خالص ومسمعش حسك ولا نَفسك حتي.. أصلاً إنت سبب كل المشاكل اللي فحياتي.. ياخي حل عني عاد وطلعني من دماغك مش فيه معاك اخ تاني غيري أسمه صفوت، سايبه وماسك فخُناقي انا ليه؟
عزت: الاخ التاني معيعملش حاجه تفور الدم ولا تخليني افتح خشمي عليه حتي.. اصلاً محدش غيرك فوِلد بيت كارم عيغلط.
اتجاهل كرار عزت وهجومه عليه ومرضيش يزود معاه في الكلام لأنه عارف ان عزت لو لقي منيه رد مش هيبطل رط خالص، وهو فالساعادي مفهوش أي طاقه لكتر الحديت أو المجادله.. لكنه واصل الشغل بقلب من نار ودراع من حديد ميتناسبوش ابداً مع واحد اول مره يندلي الشغل، ولا اول مره فحياته يسوق مُعدة تقيله!
وكل ديه تحت عيون عزت اللي قاعد ومراقب كل حركة عيعملها كرار بعيون صقر متابع فريسته ومستنيلها لحظة ضعف يهجم عليها فيها ويسمعه مالا اذن تحب السمع ولا نفسُ تطيق.
وأخيراً خُلص اليوم.. واللي اتعلم فيه كرار اساسيات السواقه كلها والحفر، وعلي آخر اليوم كان سايق الجرافه كنه سواق بقاله شهور عيتعلم مش أول نوبته في السواقه،
ودا كان انجاز بالنسباله وبالنسبه للكل ومحدش كان متوقع منيه النتيجه داي من أول يوم واصل..
لا ابوه ولا اخواته وعمه ولا حتى العمال.. لكنه داس علي روحه وجه علي نفسه واشتغل الشغل دا كله عشان يغير صورته فعيون الكل كيف ماوصاه ابو دراع ،وكمان عشان ميديش الفرصه لعزت انه يشمت فيه ويتشفي ويفرد قلوعه عليه قدام الناس بمعرفته وخبرته ويعامله كانه عيل صغير وهو وصي عليه وعيعلمه.
اتشطف كرار واستعد للرحيل مع الناس بعد أصعب يوم مر عليه فحياته، حس فيه أن حتي روحه تعبت مش بس جسمه، وركبوا العربيه اللي جم فيها وحودوا علي الباقيين في الموقع التاني خدوهم وعاودوا للبيت، ومفضلش في المواقع غير الغفيرين اللي عيبيتوا يحرسوا المعدات بالليل.
وبمجرد وصول كرار للبيت راح على خليله اللي كان قاعد علي المصطبه قدام داره واللي بمجرد ماشاف كرار ابتسم ودارى ابتسامته قوام، لكن كرار كان شافها بوضوح.
قعد جاره وملامحه اتألمت بمجرد ماقعد من التعب، وبص لابو دراع وقاله:
عتفصخ بضبك ليه ياد إنت؟ ولا متفصخش ليه! قاعد ياخوي مرتاح في السهرايه انت وغيرك طِلعت روحه النهاردة في الشغل.
رد عليه ابو دراع وهو عيرجع بضهره لورا عالحيطه ويسند دماغه على اديه اللي شبكهم فبعض وعيبص للشجر الجديد اللي قلمه كله النهاردة، والجنينه المرويه كلها، ورد عليه بهدوء:
اللي عتقول عليه قاعد مرتاح ديه عمل شغل النهاردة لا انت ولا عشره معاك تقدروا تخلصوه فيوم واحد.. بس انت معاك حق فأني صوح مرتاح. مرتاح واني شايف الشجر مروي وشبعان ميه وبالل ريقه.. مرتاح واني مقلم شجراتي ومنضفهم ومخليهم كيف العرسان عيتمايلوا بخفه مع نسايم الهوا، بعد ماخفيت حمولهم اللي ملهاش عازه، وشلت فروعهم الميته الناشفه.. مرتاح واني حاسس اني عامل اللي عليا ومواراييش ايوتها حاجه.
كرار بص علي الشجر والجنينه وشاف ان كلام أبو دراع مظبوط وانه صوح عمل شغل كتير النهاردة.. لكنها مش غريبه عليه لأنه دايماً عيشتغل شغل عشر رجاله من غير مايحس بأيوتها تعب،
ودايماً ابوه توفيق يعرض عليه انه يجيبله عيلين يساعدوه في شغل الجنينه وتقليم الشجر حتي لكنه معيرضاش ويقوله الجنينه ممحتاجاش غيري، ووكت مااقصر ولا اغلب فيها هقولك تجيبلي اللي يساعدني.
رد عليه كرار بجملته المعتادة اللي دايماً يقولهاله هو وكل شباب البلد:
يابوي انت ممسوس قلنهالك الف مره وعرفنا اللي فيك خلاص.
إبتسم أبو دراع أبتسامة رضى ورد عليه: ولا ممسوس ولا حاجه.. هذا من فضل ربي.
قالها وبص لكرار اللي وقف فجأة وهو عيقول: آاااخ اقوم ادخل اتسبح واغير خلجاتي قبل ماحيلي يحط والتعب بتاع النهاردة يحل عليا ومقدرش اقوم من موطرحي.. اوبقي تعالى اتغدى معاي بعد قيمة ساعه اكده مش هاكل معاهم وهستناك..
بس تاجي بروحك اني لا هطلعلك ولا هنادم عليك، لا فيا حيل ولا جباير.
خلص حديته واتحرك من قدام ابو دراع علي البيت اللي كانت امه واقفاله علي بابه وبمجرد وصوله ليها استقبلته بالحضن وهي عتقوله:
يعطيك الف عافيه ياغالي.. تعبت يانن عيني باين على وشك ياقلب امك.. خش اتسبح غرفتلك ميه حاميه من الاذان ودخلتهالك لحمام اوضتك ومحضرالك غيارك جوا ..
اخواتك وعيال عمك قعدوا عالوكل لقفانين من الجوع اول مادخلوا انت اتخلفت عنهم ليه ياغالي؟
رد عليها كرار وهو ماشي بعد مابعد عن حضنها: قعدت مع ابو دراع هبابه استهوى.. حضريلنا الوكل اني وهو عبال مااتسبح هموت من جوعي يام كرار.
حوريه: يخسى الجوع ياضي عيني.. حالا هحميلك الوكل انت والمخفي من عيوني.
خلصت كلامها وراحت علي الموطبخ قوام
ودخل كرار اخد حمامه وطلع لقي ابو دراع قاعد مستنيه في الحوش بتاع البيت، وكان ابوه توفيق قاعد واخوه صفوت وواد عمه سلام وعمه نعيم وعيتحاسبوا علي آخر مقاوله قبضوا تمنها.
وشوية وطلعت امه بصينية الوكل اللي شافها كرار وفرك اديه بحماس ومن اول ماتحطت قدامه نزل عالوكل بشفعه وجوع كأنه مكلش بقاله اسبوع بحاله!
ابوه بصله واتنسم خشمه بإبتسامه، وكل اللي كانوا قاعدين بصوله بإستغراب لأن كرار معروف عنه ان وكلته ضعيفه وعمره ماكل بالشكل ديه؟!
أما أبو دراع فكان الوحيد اللي شفقان على كرار من بعد امه وصعبان عليه تعبه فأول يوم شغل ليه، الا انه كان فرحان ليه عشان خلاص هيسيب طريق البلطجه والسرمحه وافتعال المشاكل ويشتغل ويبقي راجل كد المسئوليه.
.
خلصوا الرجاله حسبتهم وشربو شايهم وكل واحد راح يعمل مصلحه شكل.. اللي طلع من البيت واللي دخل اوضته يرتاح وتوفيق ففضل قاعد مع ابوه وامه هبابه يتسامر معاهم قبل مايطلع يشوط عالارض ويشق عليها.
أما كرار فبعد ماخلص غداه هو وابو دراع فطلع معاه يمشي رجليه وضهره اللي اتحنطوا من القعده علي كرسي الجرافه طول النهار،
وفضلوا يتمشوا في البلد، لغاية ماكرار جرجره بالمشي يم البحيره.. وقعدوا جار المعديه اللي عتربط البلد بالبر التاني، واللي فيه البندر، واي حد من أهل البلد محتاج حاجه من البندر لازمن يعدي عالمعديه عشان يوصل.
وديه معناته أن المكان مزحوم دايماً بالناس اللي رايحه وجايه.
ابو دراع بطبيعته معيحبش التجمعات ابداً ولا عيهوي القعده فمكان مزحوم بالخلق، لكنه ميقدرش يسيب كرار يقعد فمكان زي ديه لحاله؛
عشان هو خابر إن الهدف من جية كرار للمكان ديه هو الفرجه على بنات البلد اللي رايحه وجايه عالبندر مع اهلها..
وممكن أي حد دمه حامي علي عرضه وميرضاش ببصة كرار لعرضه يمسكه ويضربه كيف ماحوصل كتير قبل سابق..واخر مره عشيه لما اتعارك معاه واد العمدة.
وبرغم إنه خابر زين إن الغلط عيكون راكب كرار من ساسه لراسه.. وعينصحه كتير يبطل العادة العفشه اللي فيه داي..الا ان كرار فالنقطه دي بالذات معيسمعش غير كلام نفسه الأماره بالسوء.
وكالعادة أبو دراع معيقدرش يسيبه ياخد جزاة غلطه، وعيدافع عنه فكل الاحوال سواء ظالم.. او ظالم برضك.. وحاسس ان حمايته واجبه عليه.
واثناء ماأبو دراع قاعد يتحدت مع كرار شافه تاه منيه وراح لدنيا تانيه، وعيونه لمعت وهو باصص بعيد.. التفت ابو دراع موطرح ماعيبص كرار وعرف ايه اللي خد عقله لما شاف شوقيه بت العمده جايه مع امها علي المعديه من جيهة البندر ومعاهم اخوها اللي اتعارك مع كرار امبارح وأبو دراع ضربه، ولساه وشه شوارع من ضرب امبارح.
أبو دراع شاف وش واد العمدة اللي اتطعن بالغضب أول ماوعيه هو وكرار وشاف عين كرار لساها متعلقه بأخته بعد كل اللي حوصول عشيه..
فقام ومسك يد كرار وحاول يقومه وياخده بعيد ويبعده عن الموطرح كله.. لكن كرار اتسمر موطرحه ومرضيش يتزحزح شبر واحد.. واهنه ابو دراع مكانش قدامه غير أنه يقف قبال كرار وواد العمده ويوحي بملامحه الحادة وحركات جسمه أنه مستعد يخوض معركه كيف بتاعة امبارح واكتر لو فكر أنه ياجي يم كرار أو يحتك بيه.
فما كان من ولد العمده بعد اللي داقه على يد أبو دراع امبارح الا انه ينزل من هو وامه واخته ويمشيوا فطريقهم من سكات من غير شوشره؛ وخصوصاً وانهم اليومين دول عيروحو البندر يشتروا جهاز اخته اللي هتتجوز قريب من واد عمها ومعاوزش بعراكه مع كرار كل هبابه تطلع عليها كلمه تمس شرفها وتتلغي جوازتها.
لكنه ضمر لكرار علقة موت علي بصته لعرضه وعلى الكتله اللي خدها علي يد أبو دراع، وحلف لهيعطيهاله مهما كلفه الامر ومهما طال الوكت.
بس عشان ديه يوحصول لازمن يتحقق شرطين..
اولهم أن أخته تكون اتجوزت واد عمها وانتهي امر خوفه عليها، وتانيهم ان كرار يكون لحاله من غير ابو دراع.
لكن دلوك هيفضل كاظم غيظه منيه ومن أبو دراع غصب عنه، ومهما طالت الايام هتفضل نار الكتله اللي خدها امبارح قدام عيون الكل قايده بين ضلوعه وخصوصاً وهو واد العمده وكعبه كان عالي علي كل اقرانه، وإمبارح إتكسرت عينه قدام الكل، وفوق دول ودول اتضرب وهو على حق وعيدافع عن عرضه ومخدش لا حق ولا باطل.. ومش هتطفى النار غير بنار متلها تقيد فبدن كرار وقلبه لما تفحمهم.
ابو دراع بعد مامشي واد العمده:
يلا ياكرار بزياداك قوم عاود عالبيت وهاتلي عزت عالساحه، واني هقول للكل ان فيه نزال والم الشباب كلهم.
النهارده لازمن اكسر عين عزت الخبيثه اللي عيبصلك بيها بغل طول ماانت قباله، واعلمه ان اللي فى حمى ابو دراع محدش يقربله حتي بالبصه.
اتبسم كرار وبحماس رد عليه:
تصدق كنت ناسي الموضوع ديه خالص!
ابو دراع: بس اني معنساش حاجه تخصك ياكرار.. وأنت معذور ولازمن تنسي اصلك هتفتكر ايه ولا أيه.. عقلك ديه هيفكر فكام حاجه ياولداه.
فهم كرار قصد ابو دراع وضحك وهمله وراح عالبيت يجيب اخوه عشان يسلمه لابو دراع يأدبهوله ويحطله حد لغله وغيرته منيه وشماته الدايمه.
وانطلت الكدبه علي عزت اللي راح مع كرار قوام بس عرف ان ابو دراع هينازل،
وأكيد نزال لابو دراع ميتفوتش.. ووصل عزت علي الساحه،
وابو دراع كان مجمع اغلب الشباب وواقف وسط الساحه كيف اسد جعان مستني الفريسه اللي هيهجم عليها.
والكل واقف ومترقب يشوف الخصم اللي اتجراء النوبادي واتحدي ابو دراع وطلبه لنزال؛ وخصوصاً ان من فتره بعيده محدش عملها بعد ماشباب البلد كلها والبلاد اللي حواليها اتأكدوا ان ابو دراع محدش يقدر يغلبه واصل..وان لقب ابو دراع مجاش من فراغ،
واتسمى بيه عن جداره..وديه لأن دراعه عمره مااترفع علي حد الا ورجع غالب، ولا يوم ابو دراع باتله حق بره ونام الليل قبل ماياخده..وكمان عشان اتعرف عن ابو دراع انه ممسوس وإن فيه قوه مش عند حد كيف قوة شمشون الجبار.
الكل بيتلفت عشان يطلع واحد من بين الصفوف ويقول لأبو دراع اني منازل،
وكلهم شوق يعرفوا مين ديه الجاهل باللي هيجراله من ابو دراع ومخايفش من بطش يده!
مع ان الكل متوكد ان مفيش حد فالنواحي كلها ميعرفش ابو دراع وآخرة نزاله!
بس الترقب طال ومحدش ظهر.. وقطع صوت الصمت ابو دراع وهو عيبص لعزت بعيون كلها تحدي ويقول للكل بحسه العالي وعينه متعلقه بعزت:
اليوم النزال بيني وبين عزت واد عمي توفيق.. عزت بقاله مده حاسس روحه بقي عفي وعيتعافى علي خلق الله، والنهاردة جاي عشان يوريني ويوريكم كد ايه هو عفي.. وان قوته فبدنه مش بس فلسانه.. اصل قوي اللسان لازمن يكون عفي البدن.. عشان لو غلط فحد بلسانه وهو مش كده هيبقي جاب لروحه ورطه ياعالم هيطلع منها كيف.
عزت كان عيسمع حديت ابو دراع وقلبه ابتدا يغوص بين ضلوعه من الخوف، ومش مصدق اللي عيسمعه! وجوفه جف من الورطه اللي اتوكد إنه اتحط فيها.. وفهم الخطه اللي اترسمت عليه من كرار وابو دراع، واللي بيها ابو دراع هيكسره لكرار.
بص عزت حواليه بإستنجاد عشان حد يلحقه بأي طريقه من الورطه داي، لكن للأسف ملقيش.
وشاف روحه وسط الناس واتقال علي لسانه إنه طلب ينازل.. ولو انسحب يكون جاب لروحه العار وسط الكل وبقي مضحكة كل الشباب فى مجالسهم لشهور قدام
فاتقدم بخطوات مهزوزه ووقف وسط حلقة الحاوي اللي كانت معموله من الشباب، وشمر كمام الجلابيه بحركة شجاعه كدابه، وابتدا يدور حوالين أبو دراع وعيمثل الثبات لكن من جواه عيترعش من الخوف، وعيتشاهد في سره وعيسأل حاله ياتري أيه اللي هيتكسر فيا النهاردة، دراع ولا رجل ولا ريشه من رياش صدرى؟
ومفيش ثواني وكان هاجم عليه ابو دراع وكان مكومه فالارض وبارك عليه وهاتك ياضرب من اللي تحبه عين المظلوم لظَلامه.
أما كرار فكان واقف عيتفرج والضحكه شاقه حلقه وهو شايف أبو دراع عيسفف اخوه التراب وعيتمني من كل قلبه انه يزيده من الضرب لحد ما يبرد نار قلبه منيه ولا كنه اخوه ولا يعرفه.
أما فبيت عبد الصمد.
-بسيمه.. بشاير.. ادخلوا الحوش لموا الظاطه وطلعوها فوق السطوح وقرصوها جله عشان تنشف.. وانتي ياست شام تعالي اقعدي قدام الكانون واغلي خلجات ابوكي البيض دول، وزهريهم وانشريهم، واني داخله انعسلي هبابه.. بس اوعاكي الزهره تزيد ولا تبقع فالملافح وتضحكي الناس علي ابوكي.
شام بإعتراض:
له يمه مهقعدش قدام كوانين.. أني معتحملش هوج النار ولا ريحة الدخان وانتي خابره ديه زين.
دهب: ايوه ولحدت ميته يعني هتفضلي إكده؟ فهميني طيب هتقولي ايه لأهل جوزك ولا لجوزك لما حد يقولك اطبخي ولا اعملي حاجه عالكانون؟فكرك هتقدري تتجلعي وتقولي له وأيوه كيف دلوك ولا ايه؟
شام: وكتها يحلها الحلال يمه.. عارفه اني هعمل غصب عني ومهقدرش اقول له.
بس مادام وكت الغصبانيه مجاش يبقي همليني ارتاح من المكتوب لحدت ماياجي.. ولوكتها فرج ورحمه.
هزت دهب دماغها بقلة حيله وهملت شام وراحت علي الحوش ورا بناتها وقالت لبسيمه تغلي خلجات ابوها وتنشرهم بعد ماتخلص قريص الجله مع اختها..
وعاودت ولقت شام واقفه وعتتلفت شمال ويمين وعرفت انها عتدور علي طرحتها عشان تطلع.. فزعقت فيها بعلوا صوتها خلتها فطت من موطرحها برجفه:
عتدوري علي ايه انتي.. تلاقيكي عايزه تطلعي على إكده!
مايزي وانجري عبي الزيره والعلاوي من الطلمبه عشان ميتهم تروق من العكار وتصفي.. او روحي قرصي جله مع اخواتك البنات..اكنسي الحوش وتربي تحت البهايم.. اعمليلك حاجه نافعه بدال الفطفطه بتاعتك داي.. مش ابوكي قالك تتقربي علي كل حاجه وتتعلميها؟
شام:
ابوي قال اتعلمي مش اشقي.. يعني اعرف اللي معرفهوش.. واني عباية الزيار متعلماها، وكمان قريص الجله وكنس الاحواش عارفاه ومعاوزش علام..
يبقي سيبيني يادهوبه عاد اطلع وادخل كيف مايحلالي قبل مااتجوز واتحبس واتنشق علي شوفة الشوارع بتاعة البلد والمشي فيها نشوق.
خلصت كلامها وطلعت رامحه من قدام امها مدتلهاش اي فرصه انها تعترض علي كلامها ولا ادتها فرصه تتكلم من اساسه.
وأول ماطلعت من الباب ضحكت بفرحه وهي واعيه القطر جاي من بعيد وكانت هترفع اديها عشان تشاورله لكن فلحظة لقت صابر طالع من العدم وواقف قدامها ومانع عنها بجسمه شوفة القطر، ومهما حاولت انها تميل يمين وشمال عشان تشوفه كان يميل معاها ويحجب عنها الرؤيه، كيف عزول واقف بين حبيبه وحبيبها!
لكن بعملته داي هو حجب الصورة بس محجبش الصوت، ولا قدر يمنع صفارات القطر المتتالية اللي كأنها صفارات الحبيب اللي واقف تحت بيت حبيبته وعيصفرلها عشان تطلله ويشوفها.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نفق الجحيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى