روايات

رواية خطى الحب الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أسماء إيهاب

رواية خطى الحب الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أسماء إيهاب

رواية خطى الحب الجزء الثالث والعشرون

رواية خطى الحب البارت الثالث والعشرون

رواية خطى الحب الحلقة الثالثة والعشرون

يركض عزالدين اتجاه منزل السيد سعد بعد ان خرج من سيارة الاجرة لوجود ازدحام مروري التقط انفاسه اللاهثة حين وصل امام البوابة الرئيسية و اخذ يطرق بـ كلتا يديه سريعاً و ما ان فُتحت البوابة إلكترونياً حتي اندفع الي الداخل يكره كونه بكل مرة يلجأ اليه يكره كونه ضعيف دون سلطة يمكن بها ان ينقذ زوجته الآن زفر باختناق و عينه تدور بالمكان حتي يري جده و لكنه لم يكن موجوداً لـيرتفع صوته و قد ظهرت نبرة غليظة جافة تظهر عند حاجته اليها يصيح بغضب :
_ يا سعد يا مغربي اطلع شوف اخر حاجة عملها حفيدك
ظهر السيد سعد علي مقدمة الدرج يتكأ علي العصا ينزل بهدوء قائلاً بضيق من صياحه الغاضب دون الاهتمام الي احترامه حتي :
_ في اية يا عز بتزعق كدا لية
صك عزالدين علي اسنانه و عيناه الحادة تتابع الجد و هو يتقدم نحوه و استطرد بصوت في غل يملئ قلبه مما آلت اليه الامور بسبب دلاله لـمعاذ :
_ ريحان اتخطفت و السبب معاذ و انا كالعادة مفيش في ايدي حاجة اعملها و غصب عني جيتلك بردو
توقف عن الحديث بعد ان اخرج اخر جملته بغيظ انه يطلب منه المساعدة مرة اخري :
_ عايز اعرف هتحل اللي عمله حفيدك ازاي بعد ما ضيعت تربية ابوه فيه و دلعته و خليت الطمع يملي قلبه من كتر الفلوس اللي بيصرفها شمال و يمين من غير حساب
ازدادت نبرته حدة و هو يخرج ما داخل قلبه من حديث يتهم فيه السيد سعد انه المتسبب الوحيد بما اصبح عليه شقيقه و ما اصاب جنونه اكثر هي جملة الجد الهادئة و هو يُشعره انه لا يهتم لحالته المزرية :
_ اهدي و ان شاء الله هنلاقي حل
نفض عزالدين يد السيد سعد الذي يربت بها علي كتفه قائلة بحدة و جنون :
_ اهدي اية انت متخيل اني حتي مش عارف اروح ادور عليها فين بسببكم دايما بحس بضعفي و قلة حيلتي
بنبرة خافتة حزينة يملئها الحسرة ختم عزالدين حملته و لمح السيد سعد دمعة تلتمع تعلن عن وجودها في مقلتي حفيده لـيتنهد بثقل و يربت علي كتفه من جديد هاتفاً بهدوء :
_ استهدي بالله يا عز و انا هرجعلك مراتك متقلقش
ما ان انتهي الجد من جملته حتي اندفع معاذ الهلع الي الداخل يصرخ باستنجاد :
_ الحقني يا جدو
انتبه الي وجود عزالدين الغير مبشر بالخير ابداً لـيقترب بحذر منهما يقف بالقرب من الجد يهتف بخوف من هيئة اخيه :
_ اخدو ريحان و بعتولي لو مجبتش حاجتهم علي اخر النهار هيقتلوها
صرخ عزالدين بـغضب صرخة كانت اقرب الي زمجرة عنيفة يتخللها شعوره بالقهر و جلس علي الاريكة يمسح عينه بعنف يزيل عنها تلك الدمعة التي تنب عن ضعفه بتلك اللحظة و اخذ يردد بقلة حيلة :
_ حسبي الله و نعم الوكيل ، فوضت امري الي الله
اقترب منه معاذ ببطئ يخشي ردة فعله الساكنة غير مدرك انه يمر بلحظات متألمة لـعدم وجود شئ قد يفعله لاجلها ، ربت علي كتفه هاتفاً بـ اسف :
_ انا اسف يا عز انا اللي ورطتها معايا في القرف دا
نفض عزالدين يد شقيقه بـ قوة و دفعه عنه قائلاً بـ حدة و عينه ترمقه بنظرات حادة تحمل في طياتها بركان علي وشك الانفجار به :
_ و بمجرد اسف بقي هلاقي مراتي بتخبط علي الباب ! اسفك مش مقبول يا معاذ لانه متأخر انا عايز اعرف مكانها قولي اماكن الناس دي بما انك صاحبهم
ابتلع معاذ لعابه بتوتر و تحدث يفسر له عن طبيعة علاقته بهم :
_ انا عارف مكان واحد بس هو اللي كنت بقابلهم فيه و اكيد هما مش عبط عشان يحطوها في نفس المكان
هب عزالدين واقفاً يدفعه الي الخارج قائلاً بلهفة :
_ تعالي وريني المكان دا يمكن تكون هناك
اوقفه صوت السيد سعد هاتفاً بتعقل :
_ اخوك عنده حق يا عز لا يمكن تكون هناك
تقدم منه و يدفعه برفق بكتفه حتي يجلس و يهدئ قليلاً حتي يُحسن هو التصرف و اعادة زوجته اليه سالمة و استطرد بهدوء :
_ اقعد بس و صلي على النبي كدا و انا هتصرف
ما ان جلس عزالدين و هو يتنفس بقوة حتي اخرج الجد هاتفه حتي يتواصل مع احدهم لـحل الامر و بعد لحظات كان قد اجاب الطرف الاخر لـيستمع الي صوت الجد و هو يردف قائلاً :
_ ايوة يا منعم انا سعد المغربي .. الله يخليك اسمعني يا منعم مرات حفيدي اتخطفت و احنا عارفين مين خطفها و عايزين نرجعها تساعدني في الموضوع دا
استمع الي الطرف الاخر لـيتنهد بارتياح مجيباً :
_ تسلم يا منعم انا مستنيك في الفيلا متتأخرش حفيدي قلقان
اغلق الهاتف بعد ان اتم حديثه مع الضابط منعم و رأي بأعين عزالدين تساؤل عن هوية المتصل لـيجيبه عن هذا التساؤل الصامت قائلاً :
_ دا ظابط صاحبي و هيساعدنا متقلقش
اومأ اليه ينتظر ما يمكنه ان يفعله هذا الضابط لـمساعدته يتمني من قلبه ان ترجع اليه ريحان في اسرع وقت دون ان يمسها اي شر
************************************
نظرت الي ساعة الحائط مرة اخري لقد مر الليل و اتي الصباح و لم يأتي جهاد بعد و اخيراً استمعت الي صوت الصك يدور بالباب لـتلتفت بـ رأسها لـتراه و هو يدلف الي الداخل تنهد بارتياح لـوهلة ظنت ان صفوان قد فعل به شئ او اصابه بمكروه هتفت بضيق و هو يتوجه نحوها :
_ لك وينك لهلأ چهاد و الله شغلتلي بالي
ارتمي علي الاريكة الي جوارها يتنهد بارهاق يستند برأسه الي الخلف قائلاً :
_ دي كانت حتة ليلة يا براء
التفتت اليه تنظر الي هيئته المرهقة لـتمد يدها تمرر اناملها بخصلات شعره تسأل بقلق :
_ شو صار ليش اتأخرت
ابتسم علي فعلتها العفوية و مال برأسه علي كتفها حاوط خصرها بذراعه الايمن و تحدث بهدوء قائلاً :
_ الحمد لله اني روحت خالتي تعبت بليل و كان لازم تاخد جلسة اكسجين في المستشفى روحت وديتها و فضلنا في المستشفى للصبح روحتهم البيت و جيت ارتاح شوية
شهقت برقة و هي تضم رأسه اليها متسائلة :
_ و هي هلأ منيحة ؟
هز رأسه بايجاب مجيباً علي تساؤلها قائلاً :
_ الحمد لله بقت كويسة
تنهدت بارتياح و هي تقبل قمة رأسه و استطردت في هدوء :
_ الله ستر الحمد الله ، سلامة قلبا الله يعافيها يارب
ابتعد عنها قليلاً و ظل محتفظ بابتسامته المليئة بالحب حركات عفوية منها قد جعلتها تمتلك قلبه كلياً كيف لها ان تسحره بكل افعالها كيف اخذت تلك الصبية لبه منذ الوهلة الأولي لم يكن يصدق اصدقائه و لا يؤمن بنظرية الحب من اول نظرة حتي وقع هو اسير تحت رحمة نظراتها المحببة لقلبه ، قبل وجنتها بامتنان علي تلك الراحة التي بثتها له و اردف قائلاً :
_ يارب حضريلي فطار بقي علي ما اخد دوش
اشارت الي اعينها الساحرة واحدة تلو الاخري ثم هتفت بمرح :
_ علي راسي معلم تكرم عينك
امتعض وجهه الباسم و نظر اليه بـ اشمئزاز مصطنع هاتفاً بمزاح :
_ معلم في النص دي قضت علي الجملة كلها كنتي كملي الجملة بحبيبي هتبقي احلي
رفع رأسها بشموخ و هي تنظر اليه قائلة بتعالي مصطنع :
_ شو و امتي حبيتك انا استاذ چهاد
اقترب منها جهاد حتي التصق بها و مال يقبل رقبتها باغواء قائلاً بهمس جوار اذنها :
_ مش هفوت فرصتي ابداً انك تحبيني يا براء
تنحنحت و هي تحاول مقاومة اغراءه لها بالاقتراب و ما كادت ان تتحدث حتي رن جرس الباب لـتهب هي واقفاً تعتقد انها والدته قد اتت مما جعلها تشعر بالتوتر الشديد الذي اجتاح جسدها ، تأفف جهاد و هو يتوجه نحو الباب لـفتحه لـيظهر حارس العقار تحدث جهاد بتساؤل قائلاً :
_ خير يا عم فتحي اتفضل
اخرج فتحي حافظة سوداء و مد يده له قائلاً بتفسير :
_ اتفضل يا استاذ لقيت المحفظة دي تحت علي الارض تقريباً وقعت من قريب الست اللي كان هنا بليل
اخذها جهاد منه و التفت ينظر الي تلك الواقفة جوار الاريكة تنظر اليه بارتباك تضع علي كفي يدها ثم تحدث بحدة :
_ قريب الست ، صفوان !
تمتم باسم صفوان حين فتحها الحافظة و وجد الهوية الشخصية ، صك علي اسنانه يكبح غضبه من ذلك الوقح الذي اتي الي عُقر داره و تلك الحمقاء التي لم تخبره بذلك نظر جهاد الي فتحي و تحدث بامتنان :
_ شكراً يا عم فتحي
ابتسم فتحي و هو يربت علي صدره قائلاً بتساؤل :
_ يلزم اي خدمة يا استاذ جهاد
_ تسلم
نطقها جهاد و هو يري فتحي يغادر الي الاسفل ثم اغلق الباب و التفت اليه غاضباً يتحدث بحدة :
_ صفوان كان بيعمل اية هنا يا براء
تحدثت بارتباك واضح بنبرة صوتها المهتزة قائلة :
_ كنت راح قلك انو كان هون و الله ، اچي ليهددني اذا نحنا ما أطلقنا الله اعلم شو راح يصير
اقترب منها سريعاً يسأل بضيق شديد من تصرفها :
_ و مكلمتنيش لية اجيلك
مالت تأخذ الهاتف عن الطاولة و رفعته تريه اياه قائلة بتبرير :
_ ع شو راح حاكيك ما انت كسرته تكسير لتلفوني
اشار الي الاريكة يحثها علي الجلوس يردف ببعض الهدوء :
_ اقعدي قوليلي قالك اية بالظبط
تنهد بقوة و هي ترتمي علي الاريكة ثم استطردت :
_ جهاد انا بدي اطلق عنجد ما عاد اتحمل
انحني نحوها يحاوط رأسها بيده المستندة علي ظهر الاريكة يهتف من بين اسنانه المطبق بغيظ :
_ انتي لية بتستفزيني يا بنتي في مرة هرزعك قلم احولك
انكمشت علي نفسها بخوف من ان تكون أثارت استفزازه بطريقة تجعله يفقد تعقله و يقوم بصفعها حقاً او لكمة كما كان يفعل صفوان معها دائماً لـتنطق سريعاً بارتجاف :
_ بعتذر منك ما عاد قول شي
ضرب علي الاريكة بغيظ من خوفها الشديد و كأنه بالفعل سيقوم بصفعها لـيمسد علي خصلات شعرها حتي تهدئ و تنهد هو بقوة حتي يهدئ قليلاً و ما كاد ان يتحدث اليها بهدوء حتي استمع الي صوت هاتفه يصدح بجيب بنطاله ، اخرج الهاتف و عقد حاجبيه بتعجب حين وجد ان المتصل هو عزالدين و من النوادر ان يهاتفه فتح الاتصال بقلق بالغ علي صديقته متحدثاً :
_ الو ايوة يا عز ، في اية مال صوتك
ازدادت قلقه حين وجد صوت عزالدين لا يبشر بالخير ابداً و اتسعت اعينه بخوف حين سرد له عزالدين ما حدث باختصار لـيصيح بصوت قلق :
_ انت بتقول اية انت فين دلوقتي ، طيب طيب انا جايلك حالاً
زفر بخوف بعد ان اغلق الهاتف يشدد علي خصلات شعره لـ يشعر بيد براء تمر علي ذراعه متسائلة باضطراب :
_ شو فيه شو صار
زمجر بغضب لا يمكنه ان يكبحه ثم تنفس بقوة ناظراً اليها لـدقيقة دون ان ينطق حتي مررت هي يدها من جديد بلطف علي ذراعه تحثه علي التحدث لـيتحدث بضيق شديد :
_ ريحان اتخطفت و انا رايح اشوفها
شهقت براء واضعة يدها علي فمها لـيكمل هو حديثه و هو يبحث عن صك الباب قائلاً علي عجل من امره :
خلي بالك من نفسك و متفتحيش الباب لحد انا معايا مفتاح و انتي اقفلي بالمفتاح من جوا
وضع الصك بيدها في نهاية حديثه لـتخرج هي من صدمتها ناطقها بارتباك :
_ الله يستر ، طمني إذا وصلت لشي
تنهد جهاد بقلة حيلة و هو يتوجه نحو الباب ما ان فتح البا حتي نظر اليها قائلاً :
_ ادعيلها ربنا ينجيها
رفعت براء يدها الي الاعلي تتمتم بتمني ان ينجي الله تلك المسكينة التي وقعت بين ايدي خاطفين لا يعلمون ما يمكن ان يحدث بها :
_ ربي ينچيها و يرچعا بخير و سلامة يارب
************************************
صوت بكاء ضعيف هو الدليل علي وجودها وسط هذا الظلام الدامس المتواجدة به لا يوجد بصيص من الضوء حتي تري امامها لذا انكمشت علي نفسها جالسة بالارض تستند علي الحائط و دفنت وجهها بركبتيها حتي لا تري هذا الظلام الذي كان دائماً سر خوفها و تخيلاتها اللاعقلانية ابداً ، خرج منها نشيج متألم و هي تشعر بغصة بصدرها من شدة البكاء تهمس بحزن مما هي واقعة به الآن :
_ يارب طلعني من هنا انا خايفة
بكت بحرقة كالاطفال ترفع رأسه عن ركبتيها حتي تتنفس بشكل صحيح تناجي ربها برجاء :
_ يارب رجعني بيتي و انا مش هقطع فرض و هتحجب و مش هعمل اي حاجة وحشة ابداً
اشارت الي صدرها و هي تهز رأسه بايجاب مكملة حديثها قائلة معترفة بخطأها و تصرفاتها الهوجاء :
_ انا غلط و انا عارفة اني غلط لما عرفت معاذ اصلاً يارب سامحني و خرجني من اللي انا فيه دا و انا عمري ما هعمل حاجة تغضبك تاني
انتفضت فور انتهاء من جملتها علي صوت فتح ذلك الباب الحديدي اضاء شوقي الغرفة باضاءة بسيطة و ما ان رأها منكمشة علي نفسها ملتصقة بالحائط و كأنه درع حامي لها حتي انفجر بالضحك عليها ، وقف امامها ينظر اليها من اعلي بسخرية قائلاً بتهكم :
_ انتي لسة لازقة في الحيط .. خايفة يا قطة ؟
التوي جانب شفتيه في ابتسامة شامتة يكمل حديثه :
_ لازم تخافي اللي يلعب بالنار يستحمل حرقها
كادت ان تصرخ به بانفعال نافية فعلها لاي شئ عن عمد و ان هذا ما هو الا فخ اوقعها به شقيق زوجها لكنها تنهدت بصبر متحدثة بتروي رغم ارتجافة جسدها بخوف يسكن اضلاعها :
_ صدقني انا معرفش مكان الحاجة بتاعتك لو اعرف هقول و الله
رفع شوقي يده الي الاعلي ينظر اليها بغضب قائلاً بحدة :
_ عبيط انا بقي هصدقك علي طول لما تقولي الكلمتين دول
وقفت علي عقبيها تنظر اليه برجاء و تستخدم اخر محاولتها للهروب من هذا المأزق :
_ طب تمنهم كام و ادفعلك
انحني قليلاً يشملها بنظراته التي دبت الرعب في اوصالها ثم همس بخطورة :
_ تمنهم عمرك ها هتدفعي بردو
التقطت انفاسها بصعوبة بالغة و هي تنظر اليه مرتعبة متسائلة عن ما يمكنها فعله حتي تتخلص مما هي به :
_ طب اعمل اية و تسيبني انا و الله مكنت اعرف عن الحاجة بتاعتك دي حاجة أصلاً و بيتي وقع يعني ممكن حاجتك تكون تحت هدم بيتي
صفع وجنتها اليمني بيده بقوة حتي تأوهت هي بألم و انفجرت بالبكاء واضعة يدها علي وجنتها و تحدث بحدة مهدداً اياها غير مصدق كلمة مما تتفوه به :
_ و انا هسيبك لاخر النهار تفتكري قبل ما ادفنك تحت هدم البيت اللي بتقولي عليه يا حلوة
رمقها باشمئزاز ثم خرج من الغرفة غالقاً الباب خلفه صادراً عنها ضجة كبيرة لـتنظر حولها بخوف تتأفف باختناق هامسة :
_ يارب يا عزالدين تعرف مكاني
صمتت قليلاً ثم ضربت بيدها علي فخذها قائلة بضيق :
_ هيعرف ازاي بس ، حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا معاذ منك لله
انهت دعائها علي معاذ تدفن رأسها بركبتيها هاتفة بغيظ :
_ علي اليوم اللي شوفتك فيه يا اخي
***********************************
انتفض عزالدين بغضب غير قادر علي تحمل سخافة الحديث الدائر بين هذا الضابط و السيد سعد لـيقترب منهما و هو يصرخ بضيق :
_ يعني مش هنقدر نلاقيها خلاص كدا الموضوع انتهي بوجودها معاهم انتوا اية البساطة اللي شايفين الموضوع بيها دي
ربت السيد سعد علي كتفه يحاول ان يبعث الهدوء في نفسه الثائرة قائلاً :
_ اهدي يا عز نعيم مستني خبر من رجالته و انا كمان مش ساكت و منزل رجالة يتابعه طريق الناس دي
ابتعد عزالدين عنه خطوة بانفعال ناظراً اليه بضيق شديد قبل ان يردف بغضب :
_ انت مش حاسس بيا انا جوايا غضب يحرق اي حاجة و انت كل اللي عليك اهدي ، اهدي ازاي و مراتي مع عصابة و الله اعلم هيعملوا فيها اية
ثم همس بخفوت ممراً يده علي وجهه بقلة حيلة :
_ او عملوا فيها اية
ما كاد السيد سعد ان يتحدث من جديد حتي انتبهها الي دخول جهاد المندفع من الباب متخطياً عامل المنزل لـ يتقدم نحوه عزالدين الذي استمع اليه يتحدث بقلق :
_ عز اية اللي حصل عرفت حاجة عن ريحان
رمي عزالدين نظرة حانقة نحو جده و هو يهتف بغيظ :
_ تعالي يا جهاد دا انا بعتلك مخصوص عشان برود الناس دي انا حاسس هيجرالي حاجة
سأل جهاد بخوف من اجابة سؤاله :
_ مفيش خبر لحد دلوقتي
نفي عزالدين برأسه و هو يتنهد بثقل مجيباً :
_ لا ، انت ملقتش الحاجة دي
مرر جهاد يده علي وجهه و هو يزفر بقوة مفسراً ما ينوي فعله :
_ انا جاي اطمن منك و اروح اسأل امي يمكن لقيتها و خبيتها
اشار عزالدين الي جيبه و هو يردف بتعجل :
_ طب كلمها علي التليفون
ضم جهاد شفتيه باسف قبل ان يخبره ان هاتفها بالصيانة و سوف يذهب اليها لسؤالها لـ يدفعه بيده نحو الباب و اليد الاخري يشير اليه بالتقدم قائلاً :
_ انا جاي معاك
خرجا معاً من منزل السيد سعد و صعدا الي سيارة أجرة متجهين حيث تقتن والدة جهاد بمنزل خالته .. ما ان وصلا حتي ركض جهاد علي الركض و من خلفه عزالدين حتي وصل الي شقة خالته بالطابق الثالث وقف يلهث طارقاً الباب بهدوء حتي لا يزعج خالته المريضة حتي فتحت والدته الباب حاول ان يهدئ و هو يلتقط أنفاسه سائلاً :
_ خالتي عاملة اية دلوقتي يا ماما
اجابة والدته و هي تفتح الباب علي مصرعيه حتي يدلف قائلة :
_ الحمد لله بخير يا حبيبي و اخدت الدوا و نامت
تقدم جهاد من الداخل خطوة و اشار الي عزالدين قائلاً :
_ طب تعالي عايزك في حوار و معايا جوز ريحان
ابتسمت الاخري الي عزالدين بلطف مشيرة اليه الي الداخل قائلة :
_ اتفضل يا بني بيتك و مطرحك
دلف عزالدين الي الداخل يردف بهدوء :
_ تسلمي يا ست الكل
جلسا مع والدته علي الاريكة بالردهة يري استفسارات والدته التي ترمقه بتساؤل قائلاً :
_ فاكرة الكرتونة اللي كانت أمانة ريحان عندي و انا خبيتها في اوضتي ، احنا محتاجينها جداً و مش لاقيها خالص تعرفي فين يا ماما
صمتت والدته تستعين بذاكرتها حتي تتذكر ما يتحدث عنه ولدها لـ يتنهد عزالدين بارهاق متحدثاً :
_ ارجوكي افتكري ريحان في خطر
انتبهت الي ما يقول لتسأل بقلق لمعرفة ما هو الخطر الذي يحاوط ريحان :
_ مالها ريحان كفي الله الشر
زفر جهاد بضيق و هو يري امتعاض وجه عزالدين لـيجيب والدته بنفاذ صبر :
_ ريحان مخطوفة يا ماما و لازم نلاقي الكرتونة دي عشان ترجع
شهقت واضعة يدها علي صدرها بخضة و صمتت في صدمة حاوطت عقلها لـيخرجها جهاد من هذه الصدمة متسائلاً من جديد لـتصيح هي به غاضباً :
_ اصبر عليا يا جهاد متعصبنيش
ضغط عزالدين علي جفنيه متحدثاً بهدوء و صوت خافت :
_ الصبر من عندك يارب
بعد دقائق من الصمت و التفكير صاحت و هي تنظر الي وجههما الشاحب القلق قائلة :
_ اه افتكرت دا انا خبيتها هنا عند خالتك لان ايامها كنا بنجدد دهان الشقة
زفرة ارتياح اطلقها عزالدين مع ارتكاز ظهره بظهر الاريكة لـيبتسم جهاد مشيراً الي والدته ان تأتي بها علي الفور قائلاً :
_ الحمد لله ، طب هاتيها يا ماما خلينا نلحق ريحان
************************************
وقف عزالدين بردهة منزل السيد سعد و بيده ذلك الصندوق الكرتوني و اخيراً اشار بعينه الي الهاتف بيد شقيقه متحدثاً بامر غير قابل للنقاش :
_ كلم شوقي و قوله انك هتديله الحاجة مقابل ريحان
نظر معاذ بتردد اتجاه الضابط منعم الذي اومأ اليه بفعل ما يملئه عليه شقيقه و علي الفور اطاع معاذ الامر حتي يتجنب غضب عزالدين صاحب الاعصاب التالفة الذي من الممكن ان يقوم بضربه :
_ الو ، ايوة يا شوقي حاجتك معايا رجع ريحان ارجع حاجتك
اجابه شوقي من الطرف الاخر بصرامة و هو يخبره ان يأتي هو اليه :
_ تيجي لحد عندي و معاك الحاجة و لما اتأكد انها هي هتستلم الحب
سخر بأخر جملته ليتغاضي معاذ عن سخريته متسائلاً بارتباك من نظرات شقيقه المتسلطة عليه بغضب :
_ طب اجيلك فين اديني العنوان
اجابه شوقي دون الافصاح عن مكانه تحسباً ان كان يسجل له او هناك اتفاق بينه و بين الشرطة او يوقعه هذا الصغير بفخ لم يكن في الحسبان :
_ راجل من رجالتي هيجي ياخدك من قدام الفيلا و لو لعبت بديلك او لقيت حد وراك او بوليس مش هسمي عليكم انتم الاتنين يا معاذ و هبعت رأسك و راس الحلوة لاخوك يعملها ديكور
ارتجف معاذ من النبرة القاسية التي يتحدث بها شوقي محملة بالتهديد و الوعيد له لـيجيبه سريعاً و هو يطمئنه قائلاً بفزع :
_ متقلقش انا بس عايز ارجع ريحان لاخويا عشان هي ملهاش ذنب مشكلتك معايا و حقك عليا و هتاخده
صدرت ضحكة مقيتة عن شوقي قبل ان يتحدث اليه منهياً هذا الحديث قائلاً :
_ جدع يا معاذ تستني قدام الفيلا
اغلق معاذ الهاتف و وضعه بجيب بنطاله و هو ينظر اليهم منتظر اي ردة فعل و قد سمع الجميع المكالمة لـ يتنفس عزالدين بقوة غير قادر علي نطق بشئ في حين تولي هذه المهمة منعم حين هتف بهدوء :
_انت هتروح لوحدك يا معاذ
صاح السيد سعد و عزالدين بذات الوقت باعتراض خوفاً عليه حيث كانت هذه مخاطرة كبيرة قد تفقده حياته لـ يتحدث عزالدين بضيق :
_ ازاي هتخليه يروح لوحده انا لازم اروح معاه نضمن منين انهم مش هيغدره بيه
تحدث معاذ بهدوء رغم شعوره بالخوف من تلك الخطوة و اضطراب دقات قلبها بقلق :
_ متخافش يا عز انا هرجعلك ريحان
صك عز الدين علي اسنانه بغضب من هذا الاحمق و هو يبعد الصندوق عن مرمي يده هاتفاً بغيظ :
_ انت غبي انت فاكر اني هقدر اضحي بيك عشان ارجع ريحان انت و ريحان هتكونوا بخير حتي لو موتوني
نظر الضابط منعم فيما بينهم ثم هتف بجدية :
_ ممكن تهدوا انا عندي حل هيخلينا نوصل لمدام ريحان حتي لو معاذ راح لوحده
نظر اليه عزالدين بتوجس منتظر فكرته النيرة الذي توصل إليها لاعادة زوجته ليردف الاخر و هو يخرج من جيبه ساعة صغيرة معلقة بسلسال طويل ذهبي تبدو قيمة للغاية اخذ يعبث بها نعيم حتي اغلقها بابها الزجاجي الصغير و قدمها الي معاذ متحدثاً :
_ الساعة دي فيها جي بي اس باخدها دايما في الاوقات الخطر خليها معاك و اخفيها عنهم و لما توصل هناك هنعرف نوصلك
اخذها معاذ و هو يتفحصها بتعجب من كون هذه القطعة العتيقة كيف يمكن ان تكون مقرونة بجهاز تتبع لكنه تنهد واضعاً اياها بجيب صغير سري بسترته ثم نظر نحو شقيقه هاتفاً بابتسامة هادئة لعلها ترسم الطمأنينة داخل قلبه :
_ متخافش يا عز هنرجع كويسين ان شاء الله
تمتم عزالدين بتمني ذلك من كل قلبه مع تخطي شقيقه له خارجاً من المنزل منتظر رجال شوقي امام الباب حتي يأتوا لاخذه و استعد الجميع للذهاب من خلفه حيث امسك نعيم هاتفه يبلغ فريقه بسرعة الحضور امام منزل المغربي
************************************
ظل طوال الطريق مقيد اليدين و علي عينه قطعة من القماش باللون الاسود تحجب عنه الرؤية حتي وصلا الي المكان المنشود فك وثاقه ذلك الرجل الضخم المتواجد خلفه و ازاح القماش عن عينه الذي اغمضها بشدة ما ان رأي بها الضوء و لكنه فتحها من جديد ببطئ ما ان استمع الي صوت شوقي يصدح بالمكان بنبرة شامتة تملئها السخرية نظر نحوه و لكنه تجمد في محله من اثر ما رأه فقد كان يقف شوقي بغرور ممسكاً بيده شعر تلك المسكينة ريحان التي يظهر علي وجهها اثر ضرب مبرح قد تعرضت له فقد كان وجهها مليئ بالكدمات و دماء جروحها لازال ينبثق منها قست ملامح معاذ بغضب و هو يتقدم منه متحدثاً بغضب :
_ انت عملت فيها اية قولتلك ملهاش ذنب و حقك معايا انا
القي شوقي ريحان من يده بقوة لتسقط مرتطمة بالارض بقسوة قبل ان يمسك بتلابيب ملابس معاذ هادراً بعنف :
_ كدا كدا هاخد حقي منك يا ابن المغربي و علي طريقتي
تركه بحدة و اخرج من جيب بنطاله سلاح ناري مصوباً اياه بوجه معاذ و هو ينظر اليه بنظرات قاسية تحمل الجحيم ثم تشدق بجدية :
_ اية رأيك ابدأ بيك الاول
ثم اشار برأسه اتجاه ريحان المتسطحة علي الارض تلهث بقوة غير قادرة علي التنفس بشكل صحيح هامساً بخطورة :
_ و لا ابدأ بيها هي
اقترب معاذ من شوقي حتي التصقت فهوة السلاح بصدره و اجابه قائلاً بحدة :
_ ملكش دعوة بيها يا شوقي لو عايز تموت موتني انا
رمقه شوقي باستهزاء قبل ان يسحب السلاح بعيداً عن صدره و ببرود و بلامبالاه وجهه نحو ريحان و اطلق عليها عيار ناري دون حتي ان يحمل عبئ النظر اليها تزامناً مع اصدار صرخة قوية من ريحان تنب عن كم الألم التي شعرت به و لم تصدر اي صوت او حركة من بعدها فقط تسربت دماءها اتجاه قدم معاذ المصعوق من ما حدث في اقل من دقيقة ينظر الي الدماء اسفل قدمه بصدمة و اعين متسعة برعب ، جاء صوت شوقي الساخر من جديد هاتفاً بتهكم :
_ خلصنا منها ، و جيه دور نخلص حسابنا احنا مع بعض

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطى الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى